ملتقى منظمات حقوق الإنسان المستقلة : الانتفاضة التونسية.. دروس في مواجهة الاستبداد

تاريخ النشر : الإثنين, 24 يناير, 2011
Facebook
Twitter

يثمن ملتقي المنظمات المصرية المستقلة لحقوق الإنسان غاليا الانتفاضة الشعبية التونسية التي أطاحت مسيرتها الكفاحية المتواصلة علي مدي الأسابيع الخمس المنصرمة بواحد من اعتي النظم التسلطية والبوليسية في عالمنا العربي وقادت رئيسه المخلوع إلى الفرار من البلاد، وتواصل ضغوطها لإقصاء الرموز الباقية من الحزب الحاكم، وللحيلولة دون أن تكون رموز هذا الحزب هي المهيمنة علي مقاليد الحكم خلال الفترة الانتقالية التي يفترض أن تتهيأ فيها البلاد لأجراء الانتخابات العامة وإعادة النظر في الدستور وحزمة من التشريعات جري تفصيلها خصيصا من اجل تأييد الحكم المطلق للرئيس بن علي وحزبه.

 

وتكتسب النجاحات التي أنجزتها الانتفاضة الشعبية في تونس حتى الآن قيمة اكبر أخذا في الاعتبار الطابع العفوي والتلقائي للتظاهرات التي أطلقت شرارة هذه الانتفاضة وهشاشة القوي السياسية والمجتمع المدني التي أعياها لسنوات طويلة ممارسات القمع الوحشي والإبعاد القسري والمراقبة اللصيقة التي فرضتها الدولة البوليسية علي كافة تحركات ووسائل الاتصال لكافة النشطاء السياسيين والحقوقيين والنقابيين والأصوات الإعلامية المستقلة، فضلا عن سد منافذ التغيير السلمي بصورة مطلقة، وسياسات الاختراق والتدجين التي دأب نظام بن علي على انتهاجها لتقويض التنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني من داخلها.

 

ولهذا فإن الطريق مازال صعبا وطويلا أمام الإجهاز علي مرتكزات النظام الاستبدادي التونسي وإقصاء كافة رموزه وإخضاعهم للمحاسبة علي قائمة طويلة من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ولجرائم النهب المنظم لثروات البلاد. كما يشارك الكثيرين مخاوفهم من محاولة بقايا نظام بن علي وحزبه الالتفاف علي مطالب وتطلعات وتضحيات الشعب التونسي من اجل استعادة الكرامة والحرية.

 

غير أن الملتقى يراهن علي أن تضحيات الشعب التونسي ويقظة قواه الحية قد فتحت الباب علي مصراعيه لانفراج سياسي من المأمول أن يشكل قوة للدفع باتجاه الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي.

 

وفي هذا السياق يتعين النظر بعين التقدير إلى أن الحكومة الانتقالية –رغما عن احتفاظ تشكيلها بعدد غير قليل من الوزراء المنتمين للحزب الحاكم- قد استهلت عملها بجملة من التعهدات المعلنة تمهد عمليا لإعادة الاعتبار لحريات التعبير والإعلام والتنظيم التي كانت هدفا للمصادرة المطلقة من نظام بن علي. ويأتي علي رأس هذه التعهدات الاعتراف بالأحزاب والمنظمات التي تم حظرها في سنوات حكم بن علي، ورفع الحصار والقيود علي الرابطة التونسية لحقوق الإنسان وجمعية القضاة وضمان حق مؤسسات المجتمع المدني في ممارسة نشاطها بحرية، وضمان حرية الصحافة والإعلام وإلغاء وزارة الاتصال التي شكلت أداة فعالة في تطويق وسائط الإعلام والهيمنة عليها، وإطلاق سراح السجناء والمعتقلين السياسيين والتمهيد لإصدار عفو تشريعي عام.

 

لقد دفعت تضحيات الشعب التونسي عجلة الإصلاح للدوران، ويعتقد ملتقي منظمات حقوق الإنسان المستقلة أن الطريق بات ممهدا عن ذي قبل لأن تتحمل التيارات السياسية المستقلة والأطر النقابية والحقوقية وسائر مؤسسات المجتمع المدني مسئولياتها في الدفاع عن المكتسبات التي أنجزتها الانتفاضة الشعبية التونسية وتعميقها بالدفع بمسار إصلاحات دستورية وتشريعية عميقة، وقطع الطريق علي محاولات فلول النظام الحاكم لتحويل الانفراج السياسي الراهن إلى ربيع مؤقت.

 

 

ويعتبر الملتقي أن انتفاضة الشعب التونسي قد قدمت نموذجا فريدا في العالم العربي يمنح الثقة في قدرات الشعوب علي الخلاص من مستبديها وناهبي ثرواتها من دون انتظار انقلاب عسكري أو حتى تدخل خارجي.

 

ويتطلع الملتقي لأن تتعاطي النظم التسلطية العربية بمسئولية تجاه الدروس والدلالات التي كشفت عنها التطورات علي الساحة التونسية، ويتعين علي هذه النظم أن تدرك أن درء خطر \”العدوى التونسية\” لن يتأتي عبر محاصرة المقدمون علي الانتحار علي الطريقة التونسية! أو عبر تقديم بعض الرشاوى المالية أو العينية، أو تأجيل قرارات لرفع أسعار السلع الأساسية، مثلما لن يتأتي عبر تشديد وتائر القمع وإحكام القبضة الحديدية علي الحريات العامة أو عبر التلاعب بالدستور والقانون لتأمين البقاء الأبدي في السلطة أو لضمان توريث الحكم بل يتطلب صياغة عقد اجتماعي جديد بين الدولة ومواطنيها يتأسس علي احترام الكرامة الإنسانية للمواطنين، والاعتراف بحق الشعوب في العالم العربي في التمتع بذات الحقوق التي يتمتع بها أقرانهم في المجتمعات المتحضرة، ويضمن خضوع مؤسسات الدولة وأجهزتها الأمنية للقانون، ويؤمن آليات فعالة لتجفيف منابع الفساد وللمساءلة والمحاسبة علي إهدار أو نهب أموال الشعب، ومنع الإفلات من العقاب علي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

 

 

المنظمات الموقعة

 

1. جمعية المساعدة القانونية لحقوق الإنسان

2. الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية

3. جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء

4. دار الخدمات النقابية والعمالية

5. الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان

6. مؤسسة المرأة الجديدة

7. مؤسسة حرية الفكر والتعبير

8. المبادرة المصرية للحقوق الشخصية

9. مجموعة المساعدة القانونية لحقوق الإنسان

10. مركز الأرض لحقوق الإنسان

11. المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية

12. مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف

13. مركز أندلس لدراسات التسامح ونبذ العنف

14. مركز هشام مبارك للقانون

15. المنظمة العربية للإصلاح الجنائي

16. مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان

 

 

للإشتراك في نشرة مؤسسة حرية الفكر والتعبير الشهرية

برجاء ترك بريدك الالكتروني أدناه.