رسالة مشتركة من “حرية الفكر والتعبير” وهيومان رايتس ووتش إلى شيخ الأزهر: نطالبكم بحماية طلبة الإيغور

تاريخ النشر : السبت, 8 يوليو, 2017
Facebook
Twitter

7 يوليو/تموز 2017

فضيلة الشيخ أحمد الطيب

الإمام الأكبر للأزهر الشريف

1 شارع يوسف عباس

مدينة نصر، القاهرة

مصر.

 

الموضوع: مخاوف من الترحيل القسري للإيغور إلى الصين

فضيلة الشيخ،

نكتب إليكم باسم “هيومن رايتس ووتش” و “مؤسسة حرية الفكر والتعبير” لنلتمس منكم دعوة السلطات المصرية إلى التوقف فورا عن الاعتقالات الجماعية للإيغور – الكثير منهم طلاب في جامعة الأزهر – وأفرادا من أسرهم. علمنا أنّ السلطات المصرية اعتقلت منذ 2 يوليو/تموز نحو 62 فردا من الإيغور، على ما يبدو بطلب من الحكومة الصينية. لم تكشف السلطات عن أسباب اعتقالهم أو مكان احتجازهم أو سلامتهم، ولكننا نخشى أنّ العديد منهم قد يُرحَّلون فورا إلى الصين حيث يواجهون خطر الاحتجاز التعسفي والتعذيب.

بحسب “نيويورك تايمز”، نقلا عن مسؤولين في الطيران المصري، أعادت مصر في 6 يوليو/تموز 12 فردا من الإيغور على الأقل بالطائرة إلى الصين، واحتجزت 22 آخرين في انتظار ترحيلهم في أي لحظة. قال المسؤولون لـ “التايمز” إن الشرطة أمرتهم بترحيل الإيغور دون شرح الأسباب.

هيومن رايتس ووتش منظمة غير حكومية مستقلة ترصد وتنشر تقارير حول الالتزام بالقانون الدولي لحقوق الإنسان وقوانين اللجوء في أكثر من 90 بلدا حول العالم، بما في ذلك الصين ومصر. مؤسسة حرية الفكر والتعبير هي مجموعة من المحامين والباحثين، أُسست ككيان قانوني مصري، يعمل على الدفاع عن حرية التعبير وتعزيز حرية تداول المعلومات. وتُركّز المؤسسة في عملها على قضايا حرية الإعلام وحرية الإبداع والحقوق الطلابية والحرية الأكاديمية والحقوق الرقمية.

نطلب منكم أن تحثوا السلطات المصرية على الإفراج عن المحتجزين تعسفا وضمان عدم ترحيلهم القسري إلى الصين. كما تعلمون، الإيغور مسلمون يتكلمون التركية، ويعيش أغلبهم في مقاطعة شينغيانغ ذات الحكم الذاتي في أقصى غرب الصين، حيث تقوم الحكومة الصينية، بحجة مكافحة الإرهاب، بقمع حقهم في ممارساتهم الدينية والتمتع بحقوق أخرى بحريّة.

نعلم أنكم عبّرتم عن استنكاركم للاضطهاد الحاصل في شينغيانغ، وصرحتم في يونيو/حزيران 2015 أنكم ترفضون “كافة أشكال الاضطهاد الذي يمارس بحق مسلمي الإيغور بالصين، ومصادرة حقوقهم الدينية وحرياتهم الشخصية”.

قالت مصادر لـ هيومن رايتس ووتش إن الشرطة المصرية أوقفت 4 طلاب من الإيغور في القاهرة في 2 يوليو/تموز؛ وداهمت مطعمين ومتجرا في القاهرة واعتقلت 38 شخصا في 3 يوليو/تموز، أغلبهم من الطلاب؛ وأوقفت 20 طالبا آخرين في الإسكندرية في 5 يوليو/تموز. قالت المصادر أيضا إنّ الشرطة المصرية اعتقلت أفرادا من الإيغور في منازلهم. هناك تقارير عن احتجاز أفراد من الإيغور في مطار القاهرة الدولي لدى محاولتهم مغادرة البلاد إلى تركيا، لكن هيومن رايتس ووتش لم تتمكن من التأكد من الأمر. كما قالت المصادر لـ هيومن رايتس ووتش إن العديد من الموقوفين يملكون تصاريح إقامة سارية المفعول في مصر. هناك امرأة واحدة على الأقل بين الموقوفين. الكثير من الإيغور غير الموقوفين هربوا من منازلهم خوفا.

ليس واضحا ما الذي دفع الحكومة إلى اعتقال هؤلاء الطلاب وأقاربهم بشكل جماعي. في الأشهر الأخيرة أمرت الحكومة الصينية الطلاب الإيغور الذين يدرسون خارج البلاد، بما في ذلك في مصر، بالعودة إلى بلادهم. وفي 19 يونيو/حزيران، التقى وزير الداخلية المصري مجدي عبد الغفار مع نائب وزير الأمن العام الصيني تشن زيمين في القاهرة، وأكد تشن على رغبة الصين في تبادل المعلومات حول “المنظمات المتطرفة”. هناك تقارير عن احتجاز السلطات الصينية لأفراد من أُسر هؤلاء الطلاب لإجبارهم على العودة. في سبتمبر/أيلول 2016 وقّعت وزارة الداخلية المصرية ووزارة الأمن العام الصينية وثيقة تعاون فني تعهدتا فيها ببذل مزيد من الجهود لمكافحة الإرهاب ومشاركة الخبرات الصينية.

سجل الصين الحافل بالاحتجازات التعسفية للإيغور وتعذيبهم وإخفائهم قسرا، بالإضافة إلى طبيعة الإجراءات القانونية المسيّسة في قضايا الترحيل السابقة، يثير كل ذلك مخاوف من تعرّض هؤلاء الأشخاص إلى التعذيب وسوء المعاملة إذا ما رُحِّلوا.

يجب على مصر، بموجب القانون الدولي العرفي وبصفتها عضوا في “اتفاقية مناهضة التعذيب، أن تضمن عدم ترحيل أي من المحتجزين قسرا إلى مكان قد يواجهون فيه الاضطهاد أو التعذيب أو انتهاكات خطيرة أخرى لحقوق الإنسان.

في السنوات الأخيرة سُجلت حالات عديدة رُحِّل فيها الإيغور إلى الصين في انتهاك للقانون الدولي. في أغسطس/آب 2015 رحّلت تايلاند 220 شخصا من الإيغور إلى الصين، وفي ديسمبر/كانون الأول 2012 رحّلت ماليزيا 6 أشخاص من الإيغور إلى الصين. في كلتا الحالتين، لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من الحصول على مزيد من المعلومات من مصادر حكومية تايلاندية أو ماليزية أو صينية حول أماكن المرحّلين أو سلامتهم.

للسلطات الصينية تاريخ حافل بإخفاء الإيغور قسرا والحكم عليهم بقسوة وإعدامهم بعد عودتهم قسرا من البلدان المجاورة. من الحالات الأخرى:

  • في ديسمبر/كانون الأول 2009، رحّلت كمبوديا 20 شخصا من الإيغور على الرغم من إصدار مكتب المفوض السامي لشؤون اللاجئين رسائل بشأن “أشخاص محلّ اهتمام” لجميع أعضاء المفوضية. أفادت تقارير إعلامية لاحقة، لا يمكن التحقق منها بشكل مستقل، أن بعض أعضاء تلك المجموعة حُكِم عليهم بالإعدام بينما حكم على آخرين بالسجن.
  • في فبراير/شباط 2007 أُعدِم إسماعيل صمد، وهو من الإيغور، بتهم الانفصال والإرهاب، بعد أن رُحِّل قسرا من باكستان.
  • في أكتوبر/تشرين الأول 2003، أُعدِم شاهير علي، المعروف أيضا باسم شيرعلي، بتهم إرهاب أيضا، بعد أن رحّلته السلطات النيبالية في يناير/كانون الثاني 2002. ترك شهادة مفصلة عن التعذيب الذي تعرّض له خلال احتجازه في 2001.
  • في يونيو/حزيران 2006، رحّلت أوزبكستان حسين (هوسينكان) سيليل، من الإيغور، وحاصل على الجنسية الكندية، بطلب من الصين. كانت هناك مزاعم موثوقة بتعرّضه للتعذيب عند عودته. رفضت السلطات الصينية الاعتراف بجنسيته الكندية ومنعت الدبلوماسيين الكنديين من زيارته أو حضور محاكمته. حُكم عليه في أبريل/نيسان 2007 بالسجن بسبب تهم إرهاب بعد إجباره على توقيع اعتراف، حسب أسرته.

القيود التي تفرضها الصين على الإسلام في شينغيانغ هي من أقسى القيود حول العالم. السلطات تتحكم بكافة النشاطات الدينية في المنطقة – بما في ذلك تعيين الموظفين وأماكن العبادة – وتراقب المشاركين فيها عن قرب. الكثير من هذه القيود تتدخل في أكثر الجوانب خصوصية في الحياة الشخصية. مثلا، منع مرسوم صدر مؤخرا الأهل من إعطاء أولادهم عشرات الأسماء ذات المدلول الديني، مثل صدام ومدينة، بحجة أنها قد “تفاقم الحماسة الدينية”. لن يتمكن الأولاد ذوو الأسماء الممنوعة من الحصول على “هوكو”، أو تسجيل أسري، الضروري لدخول المدرسة الرسمية والحصول على خدمات اجتماعية أخرى. كما منعت الرجال من إطلاق اللحى التي تعتبرها السلطات “غريبة”، والنساء من ارتداء الملابس الدينية التي تعتبرها “متطرفة”. عدم التقيد بأي من هذه القواعد قد يؤدي إلى عقاب، بما في ذلك السجن. كما تقيّد الحكومة كثيرا من الحقوق الأخرى لسكان المنطقة، منها حرية التعبير والتجمع.

في السنوات الأخيرة، شدّدت الحكومة الصينية من رقابتها على شينغيانغ بحجة مكافحة “الانفصاليين” و”الإرهاب” و”التطرف الديني”. في 2015 أدانت المحاكم الصينية 1419 شخصا – الكثير منهم من الإيغور – بتهم تهديد أمن الدولة والتحريض على “الانفصال” والمشاركة في الإرهاب. لكن تفاصيل الاحتجاجات والعنف وعمليات مكافحة الإرهاب قليلة بسبب قلة المصادر المستقلة.

نلتمس منكم أن تطالبوا السلطات المصرية فورا بـ:

  • الإفراج الفوري عن الإيغور المحتجزين تعسفيا، وضمان عدم ترحيلهم قسرا إلى الصين.
  • السماح للإيغور خلال احتجازهم بالاتصال بمحامين وبأسرهم وبمسؤولي المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.

نشكركم على اهتمامكم بهذا الأمر ونأمل أن تبقوا على موقفكم الداعم لهذه الأقلية المضطهدة. الرجاء الاتصال بنا إن كنا نستطيع أن نقدم المزيد من المساعدة.

 

مع فائق الاحترام والتقدير،

سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش

صوفي ريتشاردسون، مديرة الصين في هيومن رايتس ووتش

مؤسسة حرية الفكر والتعبير

تابعونا على :

آخر التحديثات

للإشتراك في نشرة مؤسسة حرية الفكر والتعبير الشهرية

برجاء ترك بريدك الالكتروني أدناه.