“حرية الفكر والتعبير” تصدر تقريرها ربع السنوي الثالث لعام 2017 عن حالة حرية التعبير في مصر

تاريخ النشر : الأربعاء, 8 نوفمبر, 2017
Facebook
Twitter

للإطلاع على التقرير كاملا بصيغة PDF من هنا

عرض موجز

أصدرت مؤسسة حرية الفكر والتعبير تقريرها ربع السنوي الثالث لعام 2017 والذي يهتم برصد وتحليل الموضوعات المرتبطة بحرية التعبير وحرية تداول المعلومات، بهدف تقييم السياسات العامة لمؤسسات الدولة فيما يتعلق بهما، كما يهتم بعرض الانتهاكات الموثقة وفقا لمعايير المؤسسة، وتحليل أنماط الانتهاكات، بهدف بيان تأثير سياسات الدولة على الحق في حرية التعبير.

ويسلط التقرير، في القسم الأول منه، الضوء على مجموعة من الأحداث والتطورات التي توضح سياسة مؤسسات الدولة تجاه الحق في حرية التعبير، على رأسها قضية “علم قوس قزح”، التي تعود وقائعها إلى رفع مجموعة من الشباب للعلم المعبر عن التضامن مع التنوع وقبول مختلف الميول الجنسية وهويات النوع الاجتماعي، وذلك خلال حفل موسيقي أقيم في القاهرة يوم 22 سبتمبر، شاركت فيه بعض الفرق الموسيقية بينها فرقة مشروع ليلى اللبنانية.

أثارت واقعة رفع العلم أصداء واسعة وردود فعل حادة لدى مختلف الجهات والمؤسسات الحكومية والإعلامية، فيما اعتبره التقرير الملمح الأبرز للممارسات ضد حرية التعبير، حيث سرعان ما أعلنت أجهزة الأمن في 25 سبتمبر عن القبض على 7 مثليين، بسبب ما وصفته بـ “تحريضهم على الفجور ورفع أعلام المثليين التي تروج للشذوذ الجنسي”، قبل أن تتوسع الحملة وتضم عشرات الأشخاص الذين تمت إحالتهم للتحقيق أمام الجهات القضائية، فيما يعد خرقا للدستور ( المادة 65 ) وللمواثيق الدولية، كما أثنى بعض نواب البرلمان والإعلاميين على تحرك أجهزة الأمن لملاحقة المثليين، مطالبين بمحاكمتهم، وفي بعض الأحيان طالبت الدعوات بإصدار تشريعات تجرم دعم حقوق المثليين.

من جهته قرر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام حظر ظهور المِثليين في أي من أجهزة الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية إلا أن يكون للاعتراف بخطأ السلوك والتوبة عنه، كما كان لنقابة المهن الموسيقية دورها في الحملة بإصدار قرار عدم السماح لفريق مشروع ليلى بإقامة حفلات أخرى في مصر مستقبلا.

يشير التقرير كذلك إلى ممارسات حجب المواقع الإلكترونية، التي تنتهجها الحكومة المصرية بشكل متزايد منذ شهر مايو الماضي حتى صدور التقرير، حيث بلغ عدد المواقع التي تم حجبها خلال الفترة التي يرصدها التقرير ( من شهر يوليو وحتى سبتمبر ) إلى 323 موقعا، كما امتد ليشمل مواقع تابعة لمنظمات حقوقية وإعلامية دولية مثل موقع قنطرة التابع لمؤسسة دويتشه فيله الألمانية وموقع منظمة مراسلون بلا حدود الذي صرح وزير الخارجية الفرنسي أنه يسعى لمعالجة مشكلته مع الحكومة المصرية، فيما لا تزال الحكومة ممتنعة عن الإفصاح عن القرار وأسبابه والسند القانوني له، باستثناء تقرير أصدرته جهات سيادية يعرض تجارب حجب المواقع في عدد من الدول العربية والأجنبية بهدف تبرير الحجب في مصر، وقد سعت مؤسسة حرية الفكر والتعبير إلى فهم أبعاد القرار والطعن عليه في دعوى لا تزال منظورة أمام القضاء الإداري حتى وقت صدور التقرير.

وينتقد التقرير تأخر لجنة إعداد قانون تداول المعلومات في نشر مسودة القانون، رغم تصريحات سابقة لمقررة اللجنة ورئيس المجلس الأعلى للإعلام عن قرب الانتهاء منها، كما ينتقد انفراد اللجنة بوضع مسودة القانون دون إجراء حوار مجتمعي لمعرفة آراء الخبراء والأكاديميين ومنظمات المجتمع المدني والصحفيين والباحثين، وكذلك عدم إعلانها عن تطرقها لمسودات سابقة سواء قدمت من جهات حكومية، أو من منظمات المجتمع المدني أو النائب السابق بمجلس النواب أنور السادات.

وقد حاولت مؤسسة حرية الفكر والتعبير التواصل مع اللجنة المعنية حيث أرسلت خطابا بالاشتراك مع منظمة المادة 19 إلى رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، يوم 5 سبتمبر، متضمنا عدة مرفقات، أبرزها مسودة قانون تداول المعلومات التي صاغتها منظمات حقوقية مصرية ومجموعة من الخبراء والأكاديميين في فبراير 2012، والمبادئ التي أقرتها منظمة المادة 19 بخصوص حق الجمهور في المعرفة.

وينتقل التقرير، في القسم الثاني منه، إلى عرض الاحصائيات التي وثقتها مؤسسة حرية الفكر والتعبير خلال الربع الثالث من عام 2017، لانتهاكات الحقوق الرقمية والحجب وحرية الصحافة والإعلام وحرية الإبداع والحقوق والحريات الطلابية، حيث وثقت المؤسسة 13 حالة انتهاك لحرية التعبير الرقمي من بينها 11 حالة تم القبض فيها على ضحايا الانتهاك، لأسباب تنوعت ما بين التعبير عن رأي سياسي أو معتقد ديني، كما وثقت المؤسسة 323 موقعا جديدا تم حجبها خلال فترة رصد التقرير، من بينها 284 موقعا من مقدمي خدمة VPN / Proxy، و10 مواقع صحفية، و10 حقوقية.

وبلغت حالات الانتهاكات لحرية الصحافة والإعلام خلال الربع الثالث من العام الجاري 35 حالة انتهاك وقعت ضد أفراد، من بينها 6 حالات فصل من العمل، و5 حالات اعتداء بدني و4 حالات تم القبض عليها و4 أخرى صدر ضدها قرارات غيابية بالحبس، وعدد آخر من الانتهاكات، بالإضافة لـ10 حالات تم فيها منع الصحفيين من التغطية من قبل مؤسسات حكومية في 5 حالات ومن هيئات قضائية في 3 حالات ومؤسسات خاصة في حالتين.

وفي ملف حرية الإبداع وثقت المؤسسة 14 انتهاكا، من بينها 6 حالات منع من عرض العمل الإبداعي، و4 حالات للقبض على مبدعين، وجاءت السياسة في مقدمة أسباب انتهاك حرية الإبداع بعدد 10 حالات، يليها الأخلاق والآداب العامة بعدد 3 حالات، والدين بعدد حالة واحدة.

كما رصدت المؤسسة 5 انتهاكات للحقوق والحرية الطلابية، منها 3 في جامعة حلوان وحالتين في الجامعة الكندية، حيث تم توقيع عقوبة الفصل لمدة أسبوعين في حالتين من الخمسة، والإحالة للتحقيق في حالتين، والامتناع عن تسليم شهادة التخرج في حالة واحدة.

واعتبرت “حرية الفكر والتعبير” في تحليلها لأنماط الانتهاكات الواردة بالتقرير أن التزايد الكبير في عدد المواقع المحجوبة خلال الربع الثالث من عام 2017 يتماشى مع التوجه السلطوي للسلطات المصرية تجاه مستخدمي الانترنت ومحاولات منع تداول المعلومات، خاصة مع عدم إفصاح السلطات حتى الآن عن ماهية قرار الحجب أو الأسانيد القانونية لهذه الممارسات، بالإضافة لأن تواصل ملاحقة الجهات الأمنية والقضائية للأفراد والمجموعات بسبب تعبيرهم عن رأيهم، وقرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، كلها ممارسات تعكس توجهات ممنهجة لانتهاك حرية التعبير.

وخلص تحليل المؤسسة، الذي جاء في القسم الثالث من التقرير، إلى أن هناك توجها معاديا لتمكن المواطنين من تداول المعلومات والآراء المختلفة، حيث ترجع أغلبية الانتهاكات لأسباب سياسية وأخرى تتعلق بالأخلاق والآداب العامة أو الدين، ما يعني أن هناك سعي من قبل السلطات المصرية بكل الوسائل للحفاظ على صوت واحد في مجريات الشأن العام وعلى الأفكار والتوجهات السائدة اجتماعيا والتي تدعمها السلطة، دون الاكتراث بتنوع وتعدد الآراء داخل المجتمع.

واختتمت المؤسسة تقريرها بتوجيه عدة توصيات بشأن حماية حرية التعبير إلى السلطات المعنية، أبرزها توصيتان للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بعرض مسودة قانون تداول المعلومات للحوار المجتمعي، وسحب قرار حظر ظهور المثليين وضمان حرية وسائل الإعلام في مناقشة واستضافة الآراء المتنوعة، وكذلك توصية لنيابة أمن الدولة بالإفراج عن الشباب المحتجزين على خلفية رفعهم لعلم قوس قزح خلال حفل فرقة مشروع ليلى، التزاما بالمواد الدستورية ذات الصلة، بالإضافة لتوصيتين للحكومة بإعلان القرار المتعلق بحجب مواقع الوِب وبيان أسبابه، ورفع الحجب فورا عن مئات المواقع التي قامت بحجبها وضمان وصول المستخدمين للمحتوى المنشور من خلال الإنترنت.

 

للإطلاع على التقرير كاملا بصيغة PDF من هنا

 

نص التقرير

 

أعد الإحصائيات الواردة بالتقرير:  

سارة محسن، باحثة بوحدة الرصد بمؤسسة حرية الفكر والتعبير

وشارك في إعداد الإحصائيات:

وسام عطا، مدير وحدة الرصد بالمؤسسة

إعداد وتحرير:

محمد عبد السلام، مدير الوحدة البحثية بالمؤسسة

 

منهجية التقرير

اعتمد التقرير على عرض وتحليل بعض الموضوعات المرتبطة بالحق في حرية التعبير وحرية تداول المعلومات، بهدف تقييم السياسات العامة لمؤسسات الدولة تجاه الحق في حرية التعبير وحرية تداول المعلومات. كما اعتمد التقرير على عرض الانتهاكات التي تم توثيقها، وفقا لمعايير مؤسسة حرية الفكر والتعبير، وتحليل أنماط الانتهاكات، بهدف بيان تأثير سياسات الدولة على الحق في حرية التعبير.

 

مقدمة

ما يزال هناك تراجع مستمر في حالة حرية التعبير في مصر، حيث تشارك مختلف مؤسسات الدولة في تقييد حرية التعبير وملاحقة الأفراد الذين يعبرون عن آرائهم سواء من خلال الانترنت أو كجزء من عملهم كصحفيين ومصورين وكتاب ومبدعين، كما استمرت السلطات المصرية في حجب مواقع الوب وهي الممارسة التي بدأت في 24 مايو الماضي واستمرت في اتساع نطاقها حتى اﻵن.

يظهر الرصد الذي قامت به مؤسسة حرية الفكر والتعبير لانتهاكات الربع الثالث من العام 2017 مدى توسع السلطات المصرية في حجب المواقع، إضافة إلى القرارات المتنوعة للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والذي يبدو دوره في ممارسة الرقابة على العمل الإعلامي والأعمال الإبداعية في تزايد مستمر. وربما تمثل الهجمة الشرسة التي تعرض لها الشبان والشابات الذين رفعوا علم قوس قزح أثناء حفل موسيقي في القاهرة، الملمح الأبرز لهذه الممارسات. إذ كان المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام حاضرا بقوة من خلال قراره بمنع استضافة المثليين، بينما عملت المؤسسات الأمنية على ملاحقة والقبض على هؤلاء الشبان والشابات، وقامت الجهات القضائية بالتحقيق معهم. هذا السلوك الذي تنتهجه مؤسسات الدولة في انتهاك حرية التعبير ليس إلا انعكاس لممارسات مختلفة في الرقابة والتتبع والملاحقة. وحسبما يظهر هذا التقرير، على سبيل المثال، منعت مؤسسات حكومية مختلفة الصحفيين من التغطية، وقامت أخرى أمنية بملاحقة مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي. ويظهر التقرير كذلك قيام المؤسسات الأمنية بإلقاء القبض على مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك الاعتداء والملاحقة لصحفيين ومصورين.

ويستعرض التقرير هذه الممارسات بالتفصيل، إذ يتناول قسمه الأول قراءة في بعض القضايا والموضوعات التي تحتل أهمية قصوى في فهم حالة حرية التعبير خلال الربع الثالث من العام 2017، ومنها قضية علم قوس قزح وملاحقة المتضامنين مع حقوق المثليين، وكذلك التطورات المتعلقة بإعداد قانون تداول المعلومات. ثم يتناول التقرير في قسمه الثاني عرضا للإحصائيات المتعلقة بانتهاكات حرية التعبير على مستوى الحقوق الرقمية وحجب المواقع وحرية الصحافة والإعلام ومنع التغطية وحرية الإبداع والحقوق والحريات الطلابية. وفي القسم الثالث، يحاول التقرير تحليل أنماط الانتهاكات بالتركيز على أبرز الملاحظات التي يمكن استنتاجها من أداء مؤسسات الدولة، وفي النهاية يستعرض التقرير عددا من التوصيات الضرورية الموجهة إلى الجهات المعنية في الدولة.

وتأمل مؤسسة حرية الفكر والتعبير أن تقوم السلطات المصرية بمراجعة الإجراءات التي تقوم بها ضد الحق في حرية التعبير، وإيقاف الممارسات الأمنية والملاحقات القضائية، التي تجعل من تقييد حرية التعبير ممارسة ممنهجة، تمارس بغية ترهيب المواطنين ونشر الخوف من النقاش حول السياسات العامة. وفي سبيل ذلك، يحتوي التقرير على مجموعة من التوصيات، التي تم صياغتها بناء على تحليل حالة حرية التعبير في الربع الثالث من العام 2017.

 

أولا: قراءة في حالة حرية التعبير:

يتناول التقرير في قسمه الأول حالة حرية التعبير خلال الربع الثالث من العام 2017، حيث يسلط الضوء على مجموعة من الأحداث والتطورات التي توضح سياسة مؤسسات الدولة تجاه الحق في حرية التعبير. وخلال الربع الثالث، برزت عدة قضايا يمكن من خلالها، استعراض حالة حرية التعبير في مصر، على النحو التالي:

 

  • قضية علم قوس قزح: عن الحق في حرية التعبير

في الربع الثالث من العام 2017، حمل بعض الشباب أثناء حفل موسيقي علم قوس قزح، الذي يرمز إلى التضامن مع التنوع ويستخدم خلال مسيرات التضامن مع حقوق المثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي ومتحولي الهوية الجنسية في مختلف دول العالم. أقيم الحفل الموسيقي، في 22 سبتمبر 2017، بمشاركة بعض الفرق الموسيقية بينها فريق مشروع ليلى – فرقة لبنانية لموسيقى الروك البديل، تشكلت في بيروت عام 2008 -. عقب الحفل، شهدت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي جدلا كبيرا حول رفع علم قوس قزح، وارتفعت أصوات متعددة تطالب بتتبع وملاحقة الشباب الذين عبروا عن التضامن مع التنوع وقبول مختلف الميول الجنسية وهويات النوع الاجتماعي. وقد أعلنت أجهزة الأمن، في 25 سبتمبر 2017، عن “قيامها بالقبض على 7 من المثليين، عقب تحريضهم على الفسق والفجور والترويج للشذوذ الجنسى، ورفعهم أعلام المثليين والتى تروج للشذوذ الجنسى، داخل حفل فرقة مشروع ليلى”، وفق ما نشرته صحيفة اليوم السابع المقربة من مؤسسات الدولة نقلا عن مصادر مطلعة. ونقلت الصحيفة أنه تم تشكيل فريق بحث على أعلى مستوى، وتمكن رجال المباحث عقب تفريغ كاميرات المراقبة بمكان الحفل من تحديد العناصر، التي روجت لتلك الأفكار ورفع الأعلام.

اثنى بعض أعضاء مجلس النواب وبعض الإعلاميين المعروفين على تحرك أجهزة الأمن لملاحقة الشباب الذين لوحوا بعلم قوس قزح، وبينهم النائب مصطفى بكري الذي قال في تصريح صحفي “لابد من تقديمهم لمحاكمة عاجلة لأنهم تعمدوا الإساءة”، بينما احتفى مقدم البرامج أحمد موسى بإحالة قضية علم قوس قزح إلى نيابة أمن الدولة، وأعلن نجاح أجهزة الأمن في “تحديد من رفعوا علم الرينبو”، وملاحقة القائمين على المواقع والصفحات التي تدعم حقوق المثليين، متوعدا بضم مزيد من المتهمين للقضية. وجاءت هذه التصريحات ضمن حملة أوسع شاركت بها أيضا المؤسسة الدينية الرسمية، وكذلك المجلس الأعلى لتنظيم الأعلى، والذي قرر حظر ظهور المِثليين في أي من أجهزة الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية إلا أن يكون الظهور للاعتراف بخطأ السلوك والتوبة عنه.

أظهرت قضية علم قوس قزح معاداة مؤسسات الدولة وقطاعات من الإعلام لحق المواطنين في التعبير عن التضامن مع التنوع وقبول مختلف الميول الجنسية وهويات النوع الاجتماعي، ما بين دعوات لملاحقة شبان وشابات حملوا علم قوس قزح وحتى الدعوة لإصدار تشريعات تجرم دعم حقوق المثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي ومتحولي الهوية الجنسية. وتسعى مؤسسات الدولة من خلال هذه الممارسات، وبمساعدة من الإعلام والمؤسسة الدينية الرسمية وقطاعات من المواطنين إلى الهيمنة على ثقافة المجتمع وفرض نمط واحد، لتظل هذه الثقافة سائدة. ولقضية قوس قزح خصوصية كبيرة، من حيث تعرض مجتمع المثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي ومتحولي الهوية الجنسية إلى ضغوط كبيرة ناتجة عن عدة عوامل منها المعتقدات الدينية التي ترى المثلية الجنسية محرمة، إضافة إلى تقاليد المجتمع التي تحظر الحديث والنقاش حول المثلية، إلا في إطار من التحقير والسخرية، وكذلك موقف مؤسسات الدولة المختلفة الأمنية والقضائية والتشريعية التي تتبنى نظرة شديدة العداء للمثليين وهويات النوع الاجتماعي، ويظهر ذلك من خلال الممارسات التعسفية المستمرة ضد مجتمع المثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي ومتحولي الهوية الجنسية. لذلك، فإن ضمان حرية التعبير يساعد على طرح هذه الإشكاليات وإدارة النقاش حول هذه القيود الاجتماعية المفروضة على المثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي ومتحولي الهوية الجنسية، بينما تؤدي مصادرة حرية التعبير إلى تمكين مؤسسات الدولة والمؤسسات الاجتماعية من قمع الأفكار غير السائدة.

وقد خرقت مؤسسات الدولة التزامها بالدستور (المادة 65) والمواثيق الدولية، عندما شنت هذه الحملة، بدلا من حماية حقوق جميع مواطنيها في التعبير الحر عن الرأي، وضمان ألا يصيبهم أذى نتاج آرائهم ومعتقداتهم. وتوجه مؤسسات الدولة المصرية في منع التعبير عن  التنوع وقبول مختلف الميول الجنسية وهويات النوع الاجتماعي يطابق سلوك دول تنتهك الحق في التعبير عن الميل الجنسي والهوية الجنسانية، والذي تناولته تقارير متعددة للمقررين المعنيين بالحق في حرية الرأي والتعبير والمدافعين عن حقوق الإنسان، وقد أكدت هذه التقارير  أن الحق في حرية التعبير هو حق لكل إنسان بغض النظر عن الميل الجنسي أو الهوية الجنسانية.

ولا تزال الاتهامات الموجهة لعدد من المواطنين بشأن رفع علم قوس قزح مستمرة حتى وقت صدور التقرير، وكذلك قرار المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بشأن منع ظهور المثليين جنسيا في وسائل الإعلام. بينما يعاني عشرات من المواطنين من اتهامات بممارسة الفجور، عقب قيام أجهزة الأمن بملاحقتهم، كنتاج للهجوم الواسع الذي صدر من جهات وأفراد عقب رفع علم قوس قزح، بينما قررت نقابة المهن الموسيقية قررت نقابة المهن الموسيقية عدم السماح لفريق مشروع ليلى بإقامة حفلات أخرى في مصر مستقبلا.

 

  • حجب المواقع: الدولة تخفي قرار الحجب

 

منذ مايو 2017 وهناك تزايد كبير في عدد مواقع الوب المحجوبة، فباستثناء موقع العربي الجديد الذي تم حجبه في مصر في نهاية 2015، تعرضت مئات المواقع الأخرى للحجب، والتي وصل عددها خلال الفترة التي يغطيها التقرير (من يوليو إلى سبتمبر) إلى 323 موقعا. وسيتم توضيح نوعية المواقع المحجوبة في القسم التالي من التقرير. ورغم مرور عدة أشهر على بروز ظاهرة حجب مواقع الوب، إلا أن الحكومة المصرية لا تزال تمتنع عن اﻹفصاح عن قرارها بحجب هذه المواقع، ولم تفلح الاستفسارات التي قدمتها مواقع صحفية لنقابة الصحفيين والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في الحصول على معلومات من الحكومة المصرية. وبالطبع كانت هناك تقارير منشورة تتحدث عن وجود تقرير من جهة سيادية يعرض تجارب حجب المواقع في دول عربية وأجنبية، وذلك بهدف تبرير الحجب في مصر والذي يعترف بحجب 21 موقعا، في مايو 2017.

ورغم هذه التقارير الإعلامية، لم تصدر الحكومة المصرية بيانا رسميا حول ظاهرة حجب مواقع الوب، سواء لعرض قرارها أو تفسير ما تعرضت له مئات المواقع. وهذا ما سعت إليه مؤسسة حرية الفكر والتعبير من خلال إقامة دعوى قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري طعنا على حجب الحكومة المصرية لمئات المواقع الإلكترونية، أغلبها ذات طابع إخباري، دون قرار مسبق أو توضيح للجهة التي أصدرته والسند القانوني للحجب. وقالت المؤسسة في دعواها أن هذا المسلك من جانب الدولة سوف يحصر الأخبار والمعلومات في الجهات التي ترضى عنها الحكومة المصرية، وهو ما يجعل قرارها مشوبا بعيب إساءة استخدام السلطة. ولا تزال الدعوى منظورة أمام القضاء الإداري حتى وقت صدور هذا التقرير.

وقد امتدت أزمة حجب المواقع إلى عدد من مواقع المنظمات الحقوقية الدولية والمواقع الإعلامية، حيث أشارت هذه الهيئات إلى مسئولية الحكومة المصرية عن حجب مواقعها، ومطالبتها برفع الحجب عن المواقع، بحسب تصريحات للمتحدث باسم مؤسسة دويتشه فيله الألمانية بعد حجب موقع قنطرة التابع لها. وكذلك الأمر في حالة موقع منظمة مراسلون بلا حدود، إذ قال وزير الخارجية الفرنسي، إنه يسعى لمعالجة هذه المسألة انطلاقا من علاقة الثقة مع السلطات المصرية، وفق بيان صادر عن سفارة فرنسا بالقاهرة في 21 سبتمبر 2017. ولم تصدر عن الحكومة المصرية أية ردود تجاه هذه الانتقادات الموجهة لتدخلها في حجب المواقع.

 

 

  • قانون تداول المعلومات: نقاش مجتمعي لم يجر

 

شكل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام لجنة لإعداد مشروع قانون حرية تداول المعلومات، في 5 يوليو 2017، بحيث تدرس اللجنة مجموعة من النماذج لقوانين تداول المعلومات في دول مختلفة، وبناء على ذلك تنتهي من مهمتها خلال شهر. وضمت اللجنة المشكلة ﻹعداد قانون تداول المعلومات في عضويتها 10 أعضاء، وفق موقع المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، بينهم 5 من ضمن أعضاء المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وعلى رأسهم مقررة اللجنة الدكتورة هدى زكريا، إضافة إلى 5 أعضاء آخرين وهم 3 أعضاء يمثلون الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ومركز المعلومات بمجلس الوزراء والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، واثنين من وزراء الثقافة السابقين وهما الدكتور صابر عرب والدكتور عماد أبو غازي.

عقدت اللجنة عدد من الاجتماعات لمناقشة صياغة مشروع قانون تداول المعلومات، وأعلنت مقررة اللجنة عن الاستعانة بمجموعة من الوثائق في هذه المناقشات، وهي: دراسة مقارنة لقوانين حرية تداول المعلومات في عدد من الدول الإفريقية والآسيوية والأوروبية، بالإضافة إلى قانون الولايات المتحدة الأمريكية، وأيضا دراسة قانونية لمؤسسة حرية الفكر والتعبير، وتتضمن بنود أساسية لمشروع القانون المقترح وتفاصيلها، والمعايير التي وضعها الخبير الدولي توبي مندل. ورغم تصريحات مقررة اللجنة ورئيس المجلس الأعلى للإعلام عن اقتراب الانتهاء من مسودة القانون، إلا أن مسودة القانون لم تنشر خلال الفترة التي يغطيها التقرير. وقد حاولت مؤسسة حرية الفكر والتعبير بالتعاون مع منظمة المادة 19 مساعدة اللجنة المشكلة ﻹعداد قانون تداول المعلومات، فقد أرسلت المنظمتان خطابا إلى رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، عبر الفاكس والبريد الإلكتروني، في 5 سبتمبر 2017، وتضمن الخطاب عدة مرفقات، أبرزها مسودة قانون تداول المعلومات التي صاغتها منظمات حقوقية مصرية ومجموعة من الخبراء والأكاديميين في فبراير 2012، والمبادئ التي أقرتها منظمة المادة 19 بخصوص حق الجمهور في المعرفة والتي تتضمن مبادئ التشريعات المتعلقة بالحق في المعلومات.

وقامت مؤسسة حرية الفكر والتعبير بهذه الخطوة كمحاولة للتواصل مع اللجنة المعنية، وإمدادها بوثائق تساعد على تعزيز الحق في تداول المعلومات. إلا أن هناك قصور كبير في إجراء نقاش مجتمعي حول هذا القانون، فاللجنة لم تدعو لعقد جلسات استماع لمعرفة آراء خبراء وأكاديميين ومنظمات المجتمع المدني والصحفيين والباحثين، وكذا لم تعلن عن تطرقها لمسودات سابقة سواء قدمت سواء من جهات حكومية مثل مركز المعلومات بمجلس الوزراء أو وزارة العدل، أو تلك التي قدمتها منظمات المجتمع المدني أو النائب السابق بمجلس النواب أنور السادات. ويعد ذلك انعكاسا لخط عام في إعداد مشروعات القوانين التي حاولت فيها الجهات الحكومية على مدار سنوات منذ عام 2011 الانفراد بوضع مسودة قانون تداول المعلومات. فقط كانت الظروف ما قبل يونيو 2013، تسمح بالاستماع لبعض الخبراء والمنظمات، ولكن دون إحراز تقدم حقيقي على مستوى قانون يضمن الحق في حرية تداول المعلومات. وهذا ما يجب أن تنتبه إليه اللجنة الحالية في طريقة عملها على إعداد مشروع القانون.

 

 

  • المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام: بلا لائحة تنفيذية  

 

ظل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام يمارس عمله في غياب اللائحة التنفيذية لقانون التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام، خلال الربع الثالث من العام 2017، وينظم قانون التنظيم المؤسسي  عمل المجلس اﻷعلى للإعلام إضافة إلى الهيئة الوطنية للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة. ونص القانون رقم 92 لسنة 2016 بشأن التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام على أن تصدر اللائحة التنفيذية للقانون خلال ثلاثة أشهر من العمل به، وقد بدأ العمل بالقانون منذ 25 ديسمبر 2016. ويعني ذلك أن هناك تجاوز لنص القانون، فقد مر ما يزيد عن 9 أشهر بعد صدور القانون دون إصدار اللائحة التنفيذية. وخلال الربع الثالث من العام 2017، أعلن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، عن موافقته على اللائحة التنفيذية للقانون، وبحسب جمال شوقي أحد أعضاء المجلس الأعلى للإعلام، فإن اللائحة التي وافق عليها المجلس تركت مساحة كبيرة للمجلس في سلطة إصدار القواعد والمعايير المنظمة لعمله. ويلزم قانون التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام أن يكون صدور اللائحة التنفيذية بعد أخذ رأي المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والهيئة الوطنية للإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة. وقد نشرت تقارير صحفية مسودة اللائحة التنفيذية، إلا أن المسودة لم تعلن بشكل رسمي سواء من قبل مجلس الوزراء أو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، خلال الفنرة التي يغطيها التقرير.

أفاد المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام من غياب اللائحة التنفيذية في توسيع سلطاته واختصاصاته، فالمجلس ومن خلال الانتهاكات الموثقة على مدار التقارير ربع السنوية التي تصدرها مؤسسة حرية الفكر والتعبير، تجاوز دوره كهيئة تعنى بتنظيم ومتابعة الإعلام إلى العمل كسلطة رقابية، تقوم بالمنع والحذف وتوقيع العقوبات. فعلى سبيل المثال، أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام قرارا في الربع الثالث من العام 2017 بحظر ظهور المثليين، كما سبق الإشارة في هذا التقرير. وهذا قرار يتنافى ومهنية وسائل الإعلام، إذ من المفترض أن تناقش وتعرض وسائل الإعلام كافة القضايا دون وجود محظورات، ومن المفترض أن تمنح وسائل الإعلام المساحة الكافية للمواطنين للتعبير عن أنفسهم، دون وجود تمييز بسبب الميول الجنسية.

ثانيا: انتهاكات الحق في حرية التعبير:

يتناول التقرير في هذا القسم الإحصائيات المتعلقة بانتهاكات الحقوق الرقمية والحجب وحرية الصحافة والإعلام وحرية الإبداع والحقوق والحريات الطلابية على الترتيب، والتي وثقتها مؤسسة حرية الفكر والتعبير في الربع الثالث من العام 2017. وفيما يلي عرض الانتهاكات:

 

 

  • الحقوق الرقمية

 

بلغت حالات الانتهاكات للحقوق الرقمية خلال الربع الثالث من العام 2017 (13) حالة، وجاءت محافظة القاهرة كأعلى محافظة في انتهاك الحقوق الرقمية بعدد 6 حالات، يليها محافظتي المنيا ومطروح بحالتين لكل منهما، كما يظهر الرسم البياني التالي:

 

وجاءت حالات القبض في مقدمة أنواع انتهاكات الحقوق الرقمية بعدد (11) حالة، كما يبين الرسم البياني التالي:

وتوزعت الانتهاكات على أفراد يديرون صفحة على موقع فيسبوك، وبلغت 10 حالات، وأفراد عبروا عن آرائهم من خلال حساباتهم الشخصية على موقع فيسبوك، وبلغت 3 حالات، كما يلي:

 

وقامت الشرطة بارتكاب العدد الأكبر من انتهاكات الحقوق الرقمية بواقع 10 حالات، كما يظهر الرسم البياني التالي:

 

وكان التعبير عن رأي سياسي السبب الأبرز في انتهاكات الحقوق الرقمية بعدد 10 حالات، أما الحالات الثلاثة الأخرى فكان الدافع وراءها التعبير عن معتقد ديني، كما يلي:

 

 

  • الحجب:

بلغ عدد المواقع المحجوبة خلال الربع الثالث من العام 2017 (323) موقعا، غالبيتهم من مواقع مقدمي خدمات VPN / Proxy بعدد 284 موقعا، يليها المواقع الحقوقية، والتي بلغت 10 مواقع، والمواقع الصحفية، التي بلغت 10 مواقع أيضا، كما يلي:

 

  • حرية الصحافة والإعلام:

بلغت حالات الانتهاكات لحرية الصحافة والإعلام خلال الربع الثالث من العام 2017 (35)، وهي انتهاكات وقعت ضد أفراد، بينما سيتم عرض انتهاكات منع التغطية بشكل منفرد، نظرا لأنها تشمل عدد غير محدد من الأفراد والجهات الإعلامية. وجاءت محافظة القاهرة كأعلى محافظة في انتهاك حرية الصحافة والإعلام بعدد 27 حالة، يليها كلا من محافظتي الاسكندرية والجيزة بعدد 3 حالات لكل منهما، كما يلي:

 

وتعرض الصحفيون/ات إلى الجانب الأكبر الأكبر من انتهاكات حرية الصحافة والإعلام بعدد 23 حالة، يليهم المصورون/ات بعدد 5 حالات، وكذلك المذيعون/ات بعدد 5 حالات، كما يلي:

 

ومن حيث جهة عمل ضحايا الانتهاكات، جاءت الجرائد الخاصة في المقدمة بعدد 13 حالة، يليها المواقع الصحفية الخاصة بعدد 12 حالة، كما يلي:

 

وكان الفصل من العمل هو الانتهاك الأكثر تكررا في حرية الصحافة والإعلام بعدد 6 حالات، يليه الاعتداء البدني بعدد 5 حالات، كما يوضح الرسم البياني التالي:

 

وجاءت محكمة جنايات الجيزة على رأس الجهات التي مارست انتهاكات ضد حرية الصحافة والإعلام بعدد 5 انتهاكات، يليها صحيفة اليوم السابع بعدد 4 انتهاكات، بينما كان نصيب المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام 3 انتهاكات، كما يلي:

 

وبشكل أكثر إجمالا، فإن الهيئات القضائية مارست 15 انتهاكا، يليها الصحف الخاصة بعدد 7 انتهاكات، كما يظهر الرسم البياني التالي:

 

  • أما حالات منع التغطية فقد بلغت 10 حالات، جاءت محافظة القاهرة أعلى محافظة في انتهاكات منع التغطية بعدد 6 حالات، بينما جاءت المؤسسات الحكومية في مقدمة الجهات التي قامت بانتهاكات منع التغطية، كما يظهر الرسمين التاليين:

 

 

  • حرية الإبداع

بلغ عدد انتهاكات حرية الإبداع خلال الربع الثالث من العام (14) حالة، حيث جاءت 8 انتهاكات منها ضد مصنفات فنية، و5 انتهاكات ضد أفراد، كما يوضح الرسم البياني التالي:

 

وجاءت الفنون البصرية في مقدمة الأعمال الإبداعية التي وقع ضدها انتهاكات بعدد 4 حالات، يليها الأفلام السينمائية والمسرحيات بعدد 3 حالات لكل منهما، كما يلي:

 

ومن حيث نوع الانتهاك الواقع ضد حرية الإبداع، جاء منع العرض في مقدمتها بعدد 6 حالات، يليها القبض على مبدعين بعدد 4 حالات، كما يلي:

 

وجاءت الشرطة وجهاز الرقابة على المصنفات الفنية في مقدمة الجهات التي تنتهك حرية الإبداع بعدد 4 انتهاكات لكل منهما، كما يلي:

 

وبشكل أكثر إجمالا، جاءت المؤسسات الحكومية في مقدمة الجهات التي تنتهك حرية الإبداع بعدد 5 حالات، يليها الجهات الأمنية والجهات الرقابية بعدد 4 انتهاكات لكل منها، كما يلي:

 

وجاءت السياسة في مقدمة أسباب انتهاك حرية الإبداع بعدد 10 حالات، يليها الأخلاق والآداب العامة بعدد 3 حالات، كما يلي:

 

  • الحقوق والحريات الطلابية

بلغت انتهاكات الحقوق والحريات الطلابية خلال الربع الثالث من العام 2017 (5) انتهاكات، 3 منها في جامعة حلوان، و2 في الجامعة الكندية، كما يلي:

 

وجاء اثنين من الانتهاكات كعقوبة فصل لمدة اسبوعين، واثنين كتحقيق، كما يلي:

 

 

وقعت ثلاثة من الانتهاكات في جامعات حكومية، بينما وقع اثنان منها في جامعات خاصة كما يلي:

 

ثالثا: تحليل أنماط الانتهاكات:

يظهر الربع الثالث من العام 2017 التزايد الكبير في عدد المواقع المحجوبة، والذي شهد حجب 323 موقعا، وظاهرة حجب المواقع تعد ظاهرة حديثة في مصر باستثناء حجب موقع العربي الجديد، تخضع الغالبية العظمى من المواقع للحجب منذ مايو 2017، ما يعني أن ثمة قرار اتخذ في الحكومة المصرية، بتقييد الوصول إلى مواقع الوب، ويتماشى ذلك مع التوجه السلطوي للسلطات المصرية تجاه مستخدمي الانترنت، ما بين ملاحقات أمنية وقضائية، وحتى حجب المواقع، في محاولة لمنع الوصول وتداول المعلومات. ورغم ارتفاع عدد المواقع المحجوبة وامتدادها لتصل إلى مواقع منظمات حقوقية معروفة ومواقع تابعة لهيئات إعلامية أوروبية، إلا أن السلطات المصرية إلى الآن لم تعلن عن ماهية قرار حجب المواقع، ولم توضح الأسانيد القانونية لمثل هذه الممارسات. وقد تزايدت الانتقادات الموجهة إلى الحكومة المصرية من قبل جهات ومؤسسات دولية في هذا الصدد، ولكن مازالت الحكومة المصرية تواصل تجاهل الإفصاح عن المعلومات.

وواصلت الجهات الأمنية من خلال عمليات القبض والملاحقة انتهاك حرية التعبير، وذلك من خلال 11 حالة لانتهاك حرية التعبير الرقمي، إضافة إلى 3 حالات في حرية الصحافة والإعلام و4 حالات في حرية الإبداع، وهذا يشير إلى استمرار الأجهزة الأمنية في تجاوز دورها القانوني في حماية المواطنين، والعمل بدلا من ذلك على الرقابة والملاحقة للحريات العامة.

وقد واصلت الهيئات القضائية إصدار الأحكام والتحقيق مع أفراد ينتمون إلى الفئات التي تمارس حرية التعبير الرقمي وحرية الصحافة والإعلام وحرية الإبداع، ويرتبط ذلك بالتوجه المحافظ للهيئات القضائية في تعاملها مع قضايا حرية الفكر والتعبير، بحيث تفرض من خلال مجموعة من التشريعات المناهضة للحقوق والحريات رقابة على العمل الصحفي والإبداعي والتعبير الرقمي عن الرأي. فالنيابة جنبا إلى جنب مع الشرطة تقوم بملاحقة مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، كما تنظر الهيئات القضائية وتصدر قرارات في 15 حالة في حرية الصحافة والإعلام.

ويظهر من خلال انتهاكات الربع الثالث من العام 2017 السعي المستمر من قبل مؤسسات الدولة إلى تقييد الحق في حرية التعبير، وهو الاتجاه الذي ظهر من خلال التقارير الدورية لمؤسسة حرية الفكر والتعبير، وتأتي هذه الممارسات استكمالا لما تقوم به السلطات المصرية من قمع للحريات العامة وانتهاك لحقوق المواطنين بشكل عام. ورغم أن الرصد الذي تقوم به مؤسسة حرية الفكر والتعبير لا يشمل بالضرورة كافة الانتهاكات تجاه الحق في حرية التعبير، إلا أنه معبر عن توجه مؤسسات الدولة، ويظهر مختلف ممارساتها لتقييد حق المواطنين فى التعبير الحر عن الرأي.

وباستعراض الانتهاكات المختلفة التي يشملها التقرير، يتضح لنا أن هناك معاداة لتمكن المواطنين المصريين من تداول المعلومات والآراء المختلفة، فبين أسباب سياسية وأخرى تتعلق بالأخلاق والآداب العامة أو الدين، تقع غالبية هذه الانتهاكات، ما يعني أن هناك سعي للحفاظ على الأفكار والتوجهات السائدة اجتماعيا والتي تدعمها السلطة، دون الاكتراث بتنوع وتعدد الآراء داخل المجتمع.

ويمكن القول إجمالا أن السلطات المصرية تبذل جهودا كبيرة للحفاظ على صوت واحد لتناول مجريات الشأن العام في المجتمع، وتستخدم كل الوسائل الممكنة في سبيل ذلك من حجب المواقع إلى قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام مرورا بملاحقات الشرطة والقضاء للمواطنين والفئات التي تعمل على التعبير عن الرأي. وينذر ذلك بمزيد من تكريس مناخ الخوف والرقابة الذاتية من قبل الصحفيين والإعلاميين ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي وغيرهم. لذا من الضروري للمجتمع المدني والأحزاب السياسية ومختلف الفئات التي تنتهك حقوقها العمل معا على جذب الانتباه إلى تلك الانتهاكات الممنهجة للحق في حرية التعبير.

 

رابعا: توصيات بشأن حماية حرية التعبير:

تسعى مؤسسة حرية الفكر والتعبير من خلال تقاريرها الدورية إلى لفت الانتباه إلى الممارسات والانتهاكات التي تحرم المواطنين من حقوقهم المكفولة دستوريا، وتتوجه المؤسسة بمجموعة من التوصيات إلى السلطات المعنية، في محاولة للتأثير على صنع السياسات العامة، وتحفيز المشرعين وصناع القرار للعمل من أجل تحقيق هذه التوصيات. وترى مؤسسة حرية الفكر والتعبير من خلال متابعتها لحالة حرية التعبير وحرية تداول المعلومات خلال الربع الثالث من العام 2017، ضرورة التقدم بالتوصيات التالية:

  • على المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام عرض مسودة قانون تداول المعلومات التي أعدتها لجنة مشكلة من قبل المجلس على جلسات نقاش عامة يشارك بها منظمات المجتمع المدني والصحفيين والأكاديميين والخبراء المعنيين.
  • على المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام سحب قرار حظر ظهور المثليين وضمان حرية وسائل الإعلام في مناقشة واستضافة آراء متنوعة حول الميول والهوية الجنسانية دون قيود إدارية.
  • على الحكومة المصرية إعلان القرار المتعلق بحجب مواقع الوب وبيان أسباب حجب المواقع.
  • على الحكومة المصرية رفع الحجب فورا عن مئات المواقع التي قامت بحجبها وضمان وصول المستخدمين للمحتوى المنشور من خلال الإنترنت.
  • على نيابة أمن الدولة الإفراج عن الشباب المحتجزين على خلفية تعبيرهم عن الرأي من خلال رفع علم قوس قزح خلال حفل مشروع ليلى، التزاما بالمواد الدستورية ذات الصلة.

 

خاتمة:

تؤمن مؤسسة حرية الفكر والتعبير بالعمل المشترك من أجل حماية حرية الفكر والتعبير في مصر، وتسعى من خلال هذه التقارير الدورية إلى تحفيز وتشجيع الجهود المتنوعة، لكي نوفر الضمانات اللازمة للمواطنين المصريين للتعبير الحر عن الرأي. وتدعو المؤسسة كافة المهتمين إلى مواصلة الضغوط على السلطات المصرية لكي تلتزم بالمعايير الدولية والمكفولة دستوريا لحماية وتعزيز حرية التعبير. وأخيرا، تجدد المؤسسة التأكيد على ضرورة التزام مؤسسات الدولة بحماية الحق في حرية التعبير والتوقف عن الممارسات الممنهجة التي تنتهك حرية التعبير.

للإشتراك في نشرة مؤسسة حرية الفكر والتعبير الشهرية

برجاء ترك بريدك الالكتروني أدناه.