• Home
  • >
  • >
  • بعد تمكن حرية الفكر والتعبير من إرساء سابقة في الطعن على قرارات البرلمان.. دعوى بث جلسات البرلمان إلى اﻹدارية العليا

بعد تمكن حرية الفكر والتعبير من إرساء سابقة في الطعن على قرارات البرلمان.. دعوى بث جلسات البرلمان إلى اﻹدارية العليا

تاريخ النشر : الأربعاء, 9 مايو, 2018
آخر تحديث : الأحد, 20 مايو, 2018
Facebook
Twitter

أقامت مؤسسة حرية الفكر والتعبير، خلال الأسبوع الجاري، طعنا على حكم القضاء الإداري برفض دعوى المؤسسة ﻹلزام مجلس النواب ببث جلساته. وتعرض مؤسسة حرية الفكر والتعبير من خلال هذا الملخص تطورات الدعوى التي بدأتها في ديسمبر 2015، نظرا ﻷهميتها الكبيرة في دعم حق المواطنين في الوصول للمعلومات المتعلقة بعمل مجلس النواب.

عن الدعوى:

أقامت مؤسسة حرية الفكر والتعبير دعواها في نهاية عام 2015، والتي نظرتها الدائرة الأولى حقوق وحريات بمحكمة القضاء الإداري، ضد رئيس الجمهورية ووزير الشئون القانونية والبرلمانية وأمين عام مجلس النواب، ثم اخُتصم رئيس مجلس النواب في الدعوى لاحقا.

طالبت مؤسسة حرية الفكر والتعبير في الدعوى بإلزام مجلس النواب بإذاعة الجلسات العامة للبرلمان المصري، وإنشاء موقع متخصص على شبكة المعلومات الدولية “الإنترنت”، لنشر وأرشفة جلسات ومضابط البرلمان بشكل دوري، بما يسمح بالوصول إليها.

أولت المؤسسة اهتمامها بهذه القضية بعد ما تم تداوله في عدد من الصحف المصرية، في نهاية العام 2015، أن هناك توجهًا داخل مجلس النواب بعدم إذاعة جلسات مجلس النواب بشكل مباشر، أو أن يتم بث أجزاء ممنتجة (مقتطفات) من الجلسات بنهاية كل يوم، أو إذاعة ملخص للجلسات، وأرجعت التقارير الصحفية ذلك إلى الحفاظ على هيبة المجلس باعتبارها الأساس في منع البث المباشر خلال هذه المرحلة.

عقب تداول هذه اﻷخبار، صدر قرار من رئيس مجلس النواب، بتاريخ 11 يناير 2016، بوقف البث التلفزيوني المُباشر لجلسات مجلس النواب .

تقرير المفوضين: قرار منع بث الجلسات “إداري”

انتهت هيئة المفوضين، في يناير 2017، من إعداد تقريرها عن الدعوى، والذي يحمل رأيا قانونيا وبحثا في موضوع الدعوى تسترشد به محكمة القضاء الإداري في عملها. وجاء تقرير هيئة المفوضين متفقا مع مضمون عريضة الدعوى والمذكرات التي قدمتها مؤسسة حرية الفكر والتعبير، من حيث اعتبار القرار المطعون فيه قرارا إداريا، ما يعني أنه ضمن “ما يصدر عن البرلمان في غير الأعمال التشريعية والبرلمانية ”.

“وبتطبيق ما تقدم ولما كانت طبيعة القرار المطعون فيه لا يُعد من قبيل الأعمال التي تمارسها السلطة التشريعية المحضة وفقاً لاختصاصتها الأساسية المنصوص عليها في الدستور وهي إصدار التشريعات وتعديلها وإلغاءها كما لا تعد من قبيل الأعمال البرلمانية البحتة علي الوجه السالف بيانه، وإنما تعد من قبيل الأعمال التنظيمية في علاقة مجلس النواب بجموع المواطنين وحقهم في المعرفة فيما يدور من مناقشات داخل المجلس علي النحو سالف الذكر، ومن ثم فانه يدخل في إطار الأعمال الإدارية التي يتولاها رئيس مجلس النواب باعتباره من يمثل المجلس في علاقته بالغير وامام القضاء وتأخذ شكل القرارات الإدارية مما يُبسط القضاء رقابته عليها لبيان مدى مُطابقتها للدستور وأحكام القانون، الأمر الذي تنتفي معه صفة العمل البرلماني عن هذا القرار ”

تقرير هيئة المفوضين بشأن دعوى بث جلسات البرلمان، مارس 2017

ولكن اختلف تقرير هيئة المفوضين مع دعوى المؤسسة في تكييف الحق الوارد بنصوص الدستور المصري في المادة ( 68) المتعلقة بالحق في تداول المعلومات، والمادة (120) التي نصت على علنية الجلسات، حيث انطلق التقرير من افتراضات وتفسيرات مغلوطة لنصوص الدستور ما انتهى إلى استنتاجات خاطئة، بحسب الوحدة القانونية بمؤسسة حرية الفكر والتعبير.

“ولما كان الأمر وفقاً لما سلف بيانه أن القانون أعطى الحق لمجلس النواب أن تكون جلساته في بعض الأحيان سرية وهو الأمر الذي يدل دلالة قاطعة أن مجلس النواب هو الذي يُقدّر تلك الحالة في ظل ظروفاً وأوقاتاً معينة، فضلاً عن ذلك ما يُتخذ من إجراءات وقرارات داخل مجلس النواب يتم نشرها في الصحف اليومية وتعرض في وسائل الإعلام المختلفة وبالتالي يكون أفصح عنا بشكل علني للكافة وهذا ما يهم الرأي العام في هذا الخصوص، وأيضاً يتم عرض بعض المقتطفات من الجلسات مما يدعم أن فكرة علانية الجلسات ليست في عرضها بل في عرض نتائجها التي تعود علي جموع المواطنين، كما ان مبدأ العلانية يعد من المبادئ التي تتمتع بقدر كبير من النسبية والمرونة ، والتي قد تنحصر للبعض في الصحافة وما يُنشر بالجرائد اليومية ، وتنحصر للبعض الآخر فيما يُعرض علي شاشات التلفزيون أو يُذاع على الراديو أو يتداول على صفحات الإنترنت”

تقرير هيئة المفوضين بشأن دعوى بث جلسات البرلمان، مارس 2017

حكم القضاء الإداري: رفض الطلبات وقبول الدعوى شكلا

جاء حكم القضاء الإداري متماشيا مع تقرير هيئة المفوضين ودعوى مؤسسة حرية الفكر والتعبير، حيث أرسى الحكم سابقة تتعلق بتكييف بعض الأعمال والتصرفات الصادرة عن البرلمان، وعدم حصر أعمال مجلس النواب في الأعمال البرلمانية والأعمال التشريعية فقط. وذهب الحكم إلى أبعد من ذلك حيث وصف بعض التصرفات والأفعال الصادرة عن المجلس أنها قرارات إدارية يجوز الطعن عليها أمام القضاء الإداري، حيث انتهى إلى:

” وحيث عن الدفع المُبدي من الحاضر عن الجهة الإدارية بعدم إختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى لتعلق الطلبات فيها بعمل من أعمال السلطة التشريعية، فمردود على ذلك بأن النزاع الماثل لا ينصب على أحد الأعمال التشريعية الصادرة عن مجلس النواب وهو بصدد مباشرته لاختصاصه الأساسي وسلطته الأصيلة في التشريع وسن القوانين طبقاً للمادة (101) من الدستور، كما وأنه لا يتصل بأي من التصرفات أو الإجراءات التي يتخذها المجلس في شأن من شئون أعضائه أو فيما يتعلق بممارسة نشاطه الداخلي، وإنما يندرج القرار المطعون فيه ضمن الأعمال ذات الطبيعة الإدارية التي يقوم بها مجلس النواب بوصفه سلطة عامة تتولى تنظيم الإجراءات الخاصة بإذاعة والبث التلفزيوني لجلسات المجلس العلنية، ومن ثم فإنه يدخل في نطاق الأعمال الإدارية التي يقوم علي ولاية الفصل فيها القاضي الإداري دون سواه ”

حيثيات حكم القضاء الإداري في دعوى بث جلسات البرلمان، مارس 2018

وفي إطار توضيح حيثيات الحكم لكون قرار منع بث الجلسات قرارا إداريا، جاء ما يلي:

” فإنه فضلاً عما أوردته المحكمة في الرد علي الدفع السابق بما يُظهر عدم صحة هذا الدفع ويكفي للرد عليه ، فإن جهة الإدارة ضمنت حافظة مستنداتها المقدمة بجلسة 12 ديسمبر 2017 أن رئيس مجلس النواب أصدر قراره المؤرخ 11 يناير 2016 بوقف البث التلفزيوني المُباشر لجلسات مجلس النواب، مما يشكل قراراً إدارياً مكتمل الأركان أفصح بموجبه مجلس النواب عن سلطته المُلزمة بقصد إحداث أثر قانوني مُعين هو وقف البث التلفزيوني المباشر لجلساته العلنية، الأمر الذي يتعين معه القضاء برفض هذا الدفع ”

حيثيات حكم القضاء الإداري في دعوى بث جلسات البرلمان، مارس 2018

من جانب آخر، أظهرت حيثيات الحكم أن المحكمة انتهجت نهجاً مغايراً في تفسير وإعمال النصوص الدستورية المنظمة لحق المواطنين في الحصول على المعلومات، وكذلك من حيث تفسيرها لمفهوم العلانية المنصوص عليه في الدستور، حيث انتهت الحيثيات إلى:

“ومن حيث أن وفاء مجلس النواب بالالتزام الدستوري الأصل المُلقي على عاتقه بمقتضى المادة (120) من الدستور الحالي بعلانية جلساته، لا يقتضي منه – على سبيل الحتم والإلزام- السماح بالبث التلفزيوني الحي والمباشر لهذه الجلسات، لعدم وجود نص دستوري أو قانوني يوجب عليه اتخاذ مثل هذا الإجراء ، أو يجعل من هذا الإجراء -دون غيره – الوسيلة الوحيدة لتحقيق شرط علانية جلسات مجلس النواب، والتي يكفي لتحققها السماح للمثلي الصحف ووسائل الإعلام الإذاعية والتلفيزيونية القومية والحزبية والمستقلة بحضور جلسات مجلس النواب لمشاهدتها وتغطيتها – بحرية دون قيود – ونقل محتواها وأحداثها عبر تلك الوسائل الإعلامية إلي جموع المواطنين في نطاق من الشفافية والحيادية، ومن ثم فإذا أرتأى مجلس النواب – في ضوء تقديره لمتطلبات المرحلة الراهنة وللظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية الدقيقة التي يمر بها الوطن – أنه من الملائم وقف البث التلفزيوني المُباشر لجلسات مجلس النواب بصفة مؤقتة فإن هذا القرار يبقى محمولاً على الصحة”

حيثيات حكم القضاء الإداري في دعوى بث جلسات البرلمان، مارس 2018

طعن أمام الإدارية العليا.. كيف نفسر نصوص الدستور

طعنت مؤسسة حرية الفكر والتعبير على حكم دعوى بث جلسات البرلمان، أمام المحكمة الإدارية العليا، وحمل الطعن رقم 57516 لسنة لسنة 64، استنادا على ما شاب الحكم من عيوب مثل: الخطأ في تفسير وتطبيق القانون، والفساد فى الاستدلال، والقصور في التسبيب. فقد فسر الحكم نصوص المواد (68) و(120) من الدستور المصري تفسيراًً ضيقًا، يصادر على معناها ويفرغها من مضمونها، فالتفسير الضيق و المجتزأ لنصوص الدستور المصري جعل المحكمة تفرق في تفسير طلبات الطاعن بين نص المادة (120) ونص المادة (68)، على خلاف المسلك الذي اتخذه الطاعن منذ البداية فيما يتعلق بارتباط نصوص المادتين وتكاملها.

أوضح طعن مؤسسة حرية الفكر والتعبير أن تفسير المحكمة للنص الدستوري يتعارض مع المبادئ التي أرستها المحكمة الدستورية العليا، من أن الأصل في النصوص الدستورية أنها تعمل في إطار وحدة عضوية تجعل من أحكامها نسيجا متآلفا متماسكا. ولم تنظر المحكمة في طلبات الطاعن بشكل مجمل في ضوء نصوص الدستور، وهو ما أدى في نهاية الأمر إلى الحكم بقبول الطلب الأول المتعلق بإلزام مجلس النواب بإذاعة الجلسات العامة للبرلمان المصري، من حيث الشكل، بينما تم رفض الطلب الثاني بإنشاء موقع متخصص على شبكة المعلومات الدولية “الإنترنت”، لنشر وأرشفة جلسات ومضابط البرلمان بشكل دوري، من حيث الشكل والموضوع.

كما أشار الطعن إلى أن الحكم قد عطل نص المادة (68)من الدستور نتيجة لتقاعس المُشرّع والحكومة عن إقرار قانون ينظم حق المواطنين في الحصول على المعلومات، حيث انتهى الحكم إلى:

“وإذا كانت البيانات والمعلومات والإحصاءات الواردة بمضابط جلسات مجلس النواب تُهد ملكاً للشعب وينطبق عليها نص المادة (68) من الدستور، والتي تكفُل إتاحة المعلومات والوثائق الرسمية للمواطنين، وأسندت إلى المُشرع تنظيم ضوابط الحصول عليها وإتاحتها، إلا أنه لم يصدر – بعد- قانون لتنفيذ الأحكام الواردة بتلك المادة بما يجيز للمدعي طلب إلزام الجهة الإدارية بإنشاء موقع إلكتروني على شبكة المعلومات الدولية لبث جلسات وضابط البرلمان“

وبذلك، فإن حكم القضاء الإداري قد خالف أحكام سابقة لمحكمة القضاء الإداري بشأن الوصول إلى المعلومات، حيث انطلقت هذه الأحكام من ضرورة إعمال النص الدستوري، دون التقيد بإصدار قانون منظم للحق. ويعد سلوك المحكمة متناقضا مع دورها في سد الفراغ التشريعي، الذي تسبب فيه المشرع بعدم إقرار قانون تداول المعلومات.

للإطلاع على حكم القضاء الإداري إضغط هنا

للإشتراك في نشرة مؤسسة حرية الفكر والتعبير الشهرية

برجاء ترك بريدك الالكتروني أدناه.