“كسر الطوق” .. كيف استطاع طلاب معارضون الفوز في الانتخابات الطلابية؟

تاريخ النشر : الإثنين, 4 أبريل, 2016
Facebook
Twitter

للاطلاع على التقرير بصيغة PDF

 

كتب التقرير:

محمد ناجي

الباحث ومسئول ملف الحقوق والحريات الطلابية

شارك في جمع المعلومات ورصد النتائج وعمل الاحصائيات

وسام عطا

الباحث بوحدة الرصد والتوثيق

أحمد نور الدين

الباحث المساعد ببرنامج الحرية الأكاديمية والحقوق الطلابية

وشارك في رصد العملية الانتخابية مراسلو “المرصد الطلابي” بالجامعات المصرية

 

محتوى التقرير

مقدمة

الفصل الأول

الإطار القانوني المنظم للانتخابات وأثره على العملية

الفصل الثاني

انتهاكات عديدة أثرت على العملية الانتخابية

الفصل الثالث

اتحاد طلاب مصر .. كيف تعنتت الدولة؟

الفصل الرابع

الفوز بالتزكية يسيطر على الانتخابات والمعارضون يكتسحون

 

مقدمة

جاءت انتخابات الاتحادات الطلابية الأخيرة لتقطع فترة من الركود الذي عانت منه الحركة الطلابية بشقيها؛ سواء الرسمي حيث عُطلت انتخابات الاتحادات الطلابية عامين متتالين بقرار من وزارة التعليم العالي رغم مطالبات طلابية وحقوقية عديدة بسرعة إجراءها. أو بشقها غير الرسمي المتمثل في الحركة على الأرض من فعاليات احتجاجية ومعارض تتعاطى مع موضوعات شتى حيث انخفض رتم هذا الشكل هو الآخر نتيجة للتضييق الذي فرضته الدولة وإدارات الجامعات عليه قانونيًا وإجرائيًا.

هذا التضييق يأتي كحلقة ضمن حزمة من السياسات انتهجتها الدولة ممثلة في وزارة التعليم العالي وجارتها إدارات الجامعات المختلفة بلا استثناء بداية من العام الدراسي اللاحق لأحداث 3 يوليو، وذلك في محاولة لخنق الحركة الطلابية التي تصاعدت بعد ثورة يناير وأخذت منحى أكثر راديكالية بدءًا من العام الدراسي 2013/ 2014 والذي تلى عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي. وهي المحاولات التي نجحت فيما رمت إليه إلى حد كبير.

لذا تأتي أهمية الانتخابات الطلابية الأخيرة كمحاولة لكسر الطوق الذي فرضته الدولة على حركة الطلاب في الجامعات خلال الأعوام الثلاثة الماضية. ففي الوقت الذي ظنت الدولة –وكذلك المتابعين للشأن الجامعي- أن الأمور استتبت لها في الجامعة وأنها فرضت سيطرتها الكاملة على ما يدور داخل الأسوار العالية لثلاثة وعشرين جامعة حكومية، فاجئها تيار طلابي جديد يتبنى الدفاع عن الحقوق والحريات الطلابية واستقلال الجامعة ويعادي سياساتها تجاه الجامعة وأعضاء مجتمعها الأكاديمي بوضوح، واستطاع هذا التيار اكتساح الانتخابات الطلابية في مستوياتها المختلفة بدءًا من الكليات وحتى اتحاد طلاب مصر؛ ما جعل الوزارة ترفض الاعتراف به إلى الآن مستندة إلى حجج قانونية متهافتة.

من هنا تأتي أهمية دراسة هذه التجربة. وفيها يحاول الباحث الإجابة على سؤال: كيف استطاع تيارًا من الطلاب المستقلين/ المعارضين أن يفوز في هذه الانتخابات رغم كل تلك القيود القانونية والإجرائية التي فرضتها الدولة؟

وفي محاولة الإجابة على هذا السؤال، اعتمد الباحث على تحليل وعرض التشريعات القانونية المنظمة للانتخابات وكذلك الانتهاكات التي ارتكبت خلال العملية سواء من قبل إدارات الجامعات أو الوزارة والنتائج التي استطاع رصدها في هذه الانتخابات. وأخيرًا أجرى الباحث 4 مقابلات مع نائب رئيس اتحاد طلاب مصر المنتخب، ورئيس اتحاد طلاب جامعة طنطا السابق، ومنسق عام حركة مصر القوية الحالي، وطالب بجامعة أسيوط، وجميعهم ممن كانوا يعملون على التنسيق للقوائم الفائزة في هذه الانتخابات.

ويأتي التقرير في 4 فصول؛ الأول منها يتناول الإطار القانوني المنظم للانتخابات الطلابية والذي يتمثل في اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات والتي أصدرها هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء الأسبق في يناير 2013، وكذلك التعديلات التي أدخلها وزيري التعليم العالي السابق والحالي على اللائحة المالية والإدارية للاتحادات الطلابية في نوفمبر 2014 وأكتوبر 2015. تلك التعديلات التي شكلت قيودًا كبيرة على حق الطلاب في الترشح للانتخابات.

بينما يتعرض الفصل الثاني للانتهاكات الإجرائية التي وقعت خلال الانتخابات من قبل وزارة التعليم العالي وإدارات شئون الطلاب في الجامعات، وهي الجهة التي كانت مسئولة بشكل كبير عن إدارة العملية الانتخابية. تلك الانتهاكات التي قُسمت إلى عدة عناصر منها؛ عدم إجراء الانتخابات من الأصل أو إجراءها في غير موعدها المحدد من قبل الوزارة وكذلك استبعاد وشطب المئات من المرشحين على خلفية نشاطهم السياسي، وأخيرًا تواطؤ الجهة الإدارية مع قوائم طلابية بعينها.

ويحتوي الفصل الثالث على رواية ما حدث في انتخابات اتحاد طلاب مصر وما شابها من انتهاكات من قبل وزارة التعليم العالي وصلت إلى حد عدم اعتماد نتيجة انتخاب مكتبه التنفيذي حتى اللحظة.

أما الفصل الرابع فنعمل في إطاره على تحليل النتائج التي توصلنا إليها خلال رصدنا لعملية الانتخابات في 15 جامعة حكومية من خلال شبكة من مراسلينا العاملين في تلك الجامعات.

ويحتوي الملحق الأول على التعديل الذي أدخله وزير التعليم العالي أشرف الشيحي على اللائحة المالية والإدارية للاتحادات الطلابية قبيل إجراء الانتخابات بأيام، وكذلك الرسوم البيانية الموضحة لنتائج الانتخابات. بينما يشتمل الملحق الثاني على مرفقات أخرى متعلقة بالعملية الانتخابية.

 

ويبقى أن نؤكد أننا عملنا على تحري الدقة إلى أبعد الحدود في التحقق من الأرقام التي يستعرضها التقرير في فصوله المختلفة، ونؤكد أننا مسئولين فقط على النطاق الذي عملت المؤسسة على رصده من خلال مراسليها. ويجدر الإشارة إلى أنه من المحتمل أن تحمل الأرقام نسبة أخطاء بشرية ضئيلة في عمليات الرصد والتجميع.

 

الفصل الأول

الإطار القانوني المنظم للانتخابات الطلابية وأثره على العملية

جرت هذه الانتخابات وفقًا للائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات التي أصدرها الدكتور هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء الأسبق في 10 يناير 2013[1]، واللائحة المالية والإدارية للاتحادات الطلابية التي أصدرها الدكتور سيد عبد الخالق وزير التعليم العالي السابق في 27 نوفمبر 2014[2]، بتعديلاتها التي أدخلها الدكتور أشرف محمد الشيحي وزير التعليم العالي،  في 18 أكتوبر 2015[3].

إلا أن اللائحة المالية بتعديلاتها جائت مخالفة في كثير من بنودها للائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات وذلك بسبب محاولات وزيري التعليم العالي الأخيرين فرض سيطرتهم على الاتحادات الطلابية وتضييق المساحات التي كانت قد منحتها لائحة هشام قنديل الصادرة في مطلع العام 2013 للطلاب؛ حيث عمدوا إلى إدخال تعديلات على شروط الترشح للانتخابات الطلابية بغرض التضييق على الطلاب الناشطين داخل الجامعات ومنعهم من التقدم لتمثيل زملائهم، كما أدخلوا تعديلات على الهيكل الإداري للاتحاد تهدف إلى سحب كافة الامتيازات التي كانت الاتحادات الطلابية قد اكتسبتها في فترة ما بعد ثورة يناير.

المشكلة في تعديلات الدكتور أشرف الشيحي على اللائحة المالية والإدارية ليست فقط في تناقضها مع اللائحة التنفيذية وإنما في توقيت إصدارها أيضًا، حيث أُقرت قبل ميعاد الانتخابات بأسبوعين فقط ما أربك حسابات القوائم الطلابية المختلفة حيث كانوا قد رسموا خططهم ووضعوا تشكيلاتهم على أساس بنود اللائحة السابقة التي كانت تتبنى نظامًا انتخابيًا مختلفًا.

في هذا الجزء من التقرير سوف نتناول الإطار القانوني المنظم للانتخابات الطلابية الذي سعت الوزارة من خلالها إلى التضييق على الطلاب الذين يمارسون نشاطًا داخل الجامعة، وكذا التناقض الصارخ بين اللائحتين المنظمتين لهذه الانتخابات.

شروط مقيدة للترشح للانتخابات

نصت المادة الأولى المعدلة من اللائحة المالية والإدارية والتي تنظم شروط الترشح في بندها الأول على “أن يكون الطالب مستجدًا ومصري الجنسية ومسددًا للرسوم”[4]. وتركت اللائحة هنا لفظ “الرسوم” مفتوحًا وقابلًا للتأويل، حيث لم تبين هل المقصود هو المصاريف الدراسية كاملة أم رسوم الاتحاد فقط. على عكس هذا جاء البند في اللائحة التنفيذية –وهي اللائحة ذات المرتبة القانوية الأعلى- واضحًا حيث نصت المادة 319 على “أن يكون الطالب مسددًا لرسوم الاتحاد (3%) بحد أقصى 10 جنية”[5].

فتح هذا البند بابًا واسعًا للتأويل من قبل موظفي رعاية الشباب المسئولين عن تلقي طلبات الترشح للانتخابات الطلابية، حيث اكتفى بعضهم بأن يكون المترشح مسددًا لرسوم الاتحادات الطلابية بينما أصر البعض الآخر على أن يكون المتقدم مسددًا للرسوم الدراسية كاملة.

كما نصت اللائحة الإدارية في بندها الثاني لشروط الترشح “أن يكون الطالب له نشاط طلابي ملحوظ في ما عدا طلاب الفرقة الأولى”[6]. فتح هذا البند هو الآخر بابًا لرفض عدد كبير من الطلاب من قبل الموظفين، فالفئة الأخيرة هي المنوط بها تحديد وتقييم ما إذا كان الطالب المتقدم له نشاط ملحوظ سابق من عدمه. وهو ما اسُتخدم في الانتخابات الأخيرة كمدخل لاستبعاد المئات من الطلاب، وفقًا لبيانات اللجنة العليا للانتخابات الطلابية المشكلة من قبل وزارة التعليم العالي.

إلا أن المفارقة هنا أن العديد من أولائك الطلاب الذين تم رفض طلبات ترشحهم للانتخابات كانوا أعضاءًا في الاتحادات الطلابية السابقة، ما يؤكد وجود نشاط طلابي ملحوظ سابق لهم. الأدهى أن بعض رعايات الشباب افتئتت على اللائحة نفسها وطالبت المتقدمين للترشح عن الفرقة الأولى ما يثبت نشاطهم الملحوظ في مدارسهم الثانوية.

وجاء البند الثالث لينص على “ألا يكون قد وقع على الطالب المتقدم جزاء تأديبي”[7] إلا أن هذا البند يحمل إشكالية قانونية كبيرة تتمثل في أنه يخالف بنود نظام التأديب في قانون تنظيم الجامعات الذي لم يقرن الحرمان من الترشح للانتخابات الطلابية بالعقوبات التأديبية المنصوص عليها به والتي تبدأ من التنبيه الشفهي وحتى الفصل النهائي من الجامعة. تزيّْد المشرع في هذا البند واعتبر الحرمان من الترشح للانتخابات الطلابية عقوبة إضافية أو مكملة وهو ما يتنافي مع القاعدة القانونية التي تقول أنه لا عقوبة أو جزاء إلا بنص صريح.

أما البند الخامس، وهو البند الذي أثار جدلًا واسعًا، فقد نص على “ألا يكون الطالب منتميًا إلى أي تنظيم أو جماعة إرهابية يجرمها القانون”[8]. الظاهر من صياغة البند أنه وضع خصيصًا لمنع طلاب الإخوان المسلمين من الترشح. إلا أن الإشكالية الرئيسية التي يثيرها البند تتعلق بالجهة التي تحدد انتماء الطلاب فمن المنطقي ألا تكون إدارة الجامعة فهي كمؤسسة أكاديمية لا تملك صلاحية تحديد هذا الأمر، إلا إذا لجأت لتقارير أمنية حول انتماءات الطلاب المتقدمين للترشح وهو أمر يتسم بعدم القانونية هو الآخر حيث أن تحديد ما إذا كان الشخص منتميًا لتنظيم إرهابي من عدمه لابد وأن يستند إلى حكم قضائي نهائي وبات وهو الأمر شبه المستحيل تحقيقه فيما يخص تحديد انتماءات الطلاب المتقدمين للترشح، والذين تقدر أعدادهم بالآلاف.

في هذا الشأن قال وكيل كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، عبد الراضي عبد المحسن، إن “آلية تنفيذ الشرط الخاص بعدم انتماء الطالب لجماعة إرهابية متاح، مشيراً إلى أن الجامعة لديها الكثير من الوسائل والمعلومات حول هؤلاء الطلاب المنتمين لهذه الجماعات والمعرفين بالاسم، من خلال مشاركتهم في التظاهرات وأعمال العنف”[9].

رأي الدكتور عبد الراضي، رغم أنه غير معبر بشكل كامل، إلا أنه يبرز الطريقة التي تتعامل بها إدارات الجامعات مع هذا البند. حيث يرى أن أي طالب شارك في تظاهرات أو أعمال عنف يعتبر عضوًا في تنظيم أو جماعة إرهابية.

جائت هذه البنود الأربعة المشار إليها عاليه كتقنين لرؤية وزارة التعليم العالي للحركة الطلابية التي سعت منذ تصاعد الحركة بعد أحداث 3 يوليو إلى تحجيمها وتضييق المساحات المتاحة لها. فعمدت من خلال هذه البنود منع أكبر عدد ممكن من الطلاب الناشطين سياسيًا والذين يتبنون مواقف مناوئة للنظام الحاكم من حقهم في الترشح للانتخابات الطلابية.

طريقة جديدة لإجراء الانتخابات الطلابية

كانت اللائحة المالية والإدارية التي أصدرها الدكتور سيد الخالق، وزير التعليم العالي السابق قد أدخلت تعديلات جديدة جيدة إلى حد كبير على الطريقة التي تجرى بها الانتخابات الطلابية حيث جعلت الانتخابات مباشرة وقاعدية بشكل أكبر؛ حيث ينتخب مجلس اتحاد طلاب الكلية (يضم رئيس اتحاد طلاب الكلية ونائبه وأمناء اللجان ومساعديهم، 16 عضوًا) انتخابًا مباشرًا من قبل جميع طلاب الكلية. على عكس الطريقة التي كانت متبعة قديمًا والتي تعتمد على التصعيد أكثر من الانتخابات المباشرة.

إلا أن الدكتور أشرف الشيحي، وزير التعليم العالي الحالي، ألغى هذه التعديلات وأعاد الانتخابات مرة أخرى بطريقة التصعيد مع بعض التعديلات الطفيفة عن الطريقة التي كانت متبعة في اللوائح الأقدم[10].

فضلًا عن التراجع الذي أحدثته تعديلات الدكتور أشرف الشيحي في لائحة الدكتور السيد عبد الخالق والتي كانت تحوي بعض النقاط الإيجابية فيما يخص طريقة الانتخابات والهيكل التنظيمي لاتحاد الطلاب إلا أن الأمر الأهم هنا أن اللائحة المالية والإدارية بعد إدخال هذه التعديلات أصبحت متناقضة في غير مادة مع اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات التي كان قد أصدرها الدكتور هشام قنديل في يناير 2013، سواء فيما يخص شروط الترشح أو هيكل الاتحاد أو طريقة انتخابه.

وهو الأمر الذي يبدو أن وزارة التعليم العالي كانت واعية إليه منذ البداية، حيث يضرب هذا التناقض في شرعية الاتحادات الطلابية المنتخبة ويجعل أمر حلها أو عدم اعتماد نتائجها –وهو ما حدث بالفعل- أمرًا سهلًا حيث سيكون من السهل أن ترفض اعتماد نتيجة الاتحادات الطلابية وفقًا لأسباب قانونية؛ وهو ما أصبح أمرًا واقعًا بالفعل حيث يرفض الوزير إلى الآن اعتماد نتيجة اتحاد طلاب مصر متعللًا بأسباب قانونية وأخطاء إجرائية في عملية الانتخابات.

 

الفصل الثاني

انتهاكات جسيمة أثرت على العملية الانتخابية

جاءت الانتهاكات التي تعرض لها الطلاب المتقدمين للترشح للانتخابات الطلابية كنتيجة للقيود التي وضعتها الوزارة في اللوائح التنفيذية المنظمة للانتخابات، بل وفي كثير من الأحيان كان بعضًا من إدارات الجامعات وموظفي رعايات الشباب يفتأتون على اللائحة نفسها ويزايدون على بعض القيود التي احتوتها موادها وبنودها المختلفة.

سنعمل في هذا القسم على الإشارة إلى جانبًا من هذه الانتهاكات التي وقعت في حق عددًا من الطلاب الذين كانوا ينتوون خوض الانتخابات إلا أن قيودًا قانونية أو إدارية أعاقتهم أو أولائك الذين خاضوها بالفعل.

أولًا: عدم إجراء الانتخابات أو إجراءها في غير موعدها بمخالفة اللائحة

لم تجري بعض الكليات والجامعات الانتخابات الطلابية من الأصل في مخالفة واضحة للوائح الطلابية والقرار الوزاري الخاص بإجراء الانتخابات الأخيرة. فقد قررت جامعة الأزهر ألا تجري الانتخابات الطلابية هذا العام ما يُعد اعتداءًا على حق طلابها في المشاركة في انتخابات كفلها لهم قانون المنظم للأزهر. ومع أن جامعة الأزهر لا تلتزم قانونًا بقانون تنظيم الجامعات واللوائح المرتبطة به إلا أن العادة جرت على أن تجرى انتخابات الجامعة بالتزامن مع انتخابات الجامعات الحكومية. كما أنه ووفقًا للائحة الطلابية فإن رئيس اتحاد طلاب جامعة الأزهر يكتسب عضوية المكتب التنفيذي لاتحاد طلاب مصر بصفته ما يعني أن عدم اجراء انتخابات الجامعة يؤثر مباشرة على اتحاد طلاب مصر ككل.

وفي جامعة أسوان، وضعت الجامعة شرطًا لم يرد في اللائحة وينص على عدم اجراء انتخابات في الكلية التي لا يتجاوز عدد المرشحون فيها نصف عدد مقاعد الاتحاد.

وأجرت كلية التربية بجامعة كفر الشيخ الانتخابات قبل موعدها الرسمي المحدد بيوم واحد وأعلنت فوز إحدى القوائم.

ثانيًا: الاستبعاد من الترشح  لعدم توفر الشروط المنصوص عليها في اللائحة

وفقًا للبيانات الرسمية[11] الصادرة من اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات الطلابية والمشكلة من قبل وزير التعليم العالي فإنه تم استبعاد 2273 طالبًا من كافة الجامعات الحكومية من الترشح في الانتخابات حيث تم شطب 1537 طالبًا من الكشوف المبدئية بينما استُبعد 736 بعد أن قدم فيهم آخرون طعونًا. في الوقت الذي تنازل فيه 252 طالبًا عن الترشح بعد أن تم قبول أوراقهم حيث تعرض عدد منهم للضغوط أو تضامنًا مع زملاء آخرين شُطبت أسمائهم من الكشوف الانتخابية.

ورغم ضخامة تلك الأعداد التي أعلنتها اللجنة العليا للانتخابات إلا أنها أتت أقل من الواقع في بعض الأحيان. على سبيل المثال، ووفقًا للجنة فإن عدد الطلاب المستبعدين سواء من الكشوف المبدأية أو بعد تقديم طعون فيهم في جامعة كفر الشيخ بلغ 76 طالبًا إلا أنه وفقًا لمراسل المرصد الطلابي[12] في الجامعة فإن عدد الطلاب المستبعدين في كليتي الهندسة والتجارة وحدهما بلغ 177 طالبًا. وفي جامعة المنوفية، وفقًا للبيانات الرسمية للجنة فإنه تم استبعاد 94 طالبًا إلا أن مراسل المرصد رصد استبعاد كليات الهندسة وهندسة شبين والعلوم والحاسبات والآداب وحدهم 114 مرشحًا تحت بند عدم وجود نشاط سابق بالرغم من أن عددًا منهم مقيدين بالفرقة الأولى ومعفيين من هذا البند، وفقًا للائحة المطبقة، كما أن عددًا منهم كانوا أعضاءًا في الاتحادات الطلابية السابقة ما يعتبر دليلًا على وجود نشاط سابق، كما رفع إسم طالبتين بكلية الحاسبات من الكشوف النهائية بعد أنا كانتا موجودتين بهم دون ذكر أي أسباب.

وتراوحت أسباب الاستبعاد بين عدم وجود نشاط سابق، وكان هذا البند يطبق وفقًا لتقدير موظفي رعايات الشباب المسئولين عن الأمور الإجرائية الخاصة بالترشح. وظهر جليًا استخدام هذا البند كذريعة لاستبعاد طلاب ناشطين سياسيًا كان مؤكدًا قيامهم بأنشطة سابقة نظرًا لعضويتهم في اتحادات سابقة أو لممارستهم الأنشطة في أسر وحركات طلابية مختلفة. كما جاء الاستبعاد أحيانًا وفقًا “لأسباب أمنية” دون أن يتم توضيح ما هي تلك الأسباب أو من المسئول عنها.

وكما أسلفنا فإن إدارات رعايات الشباب في بعض الكليات تعسفت في استخدام بنود الترشح الواردة باللائحة؛ حيث اشترطت هذه الإدارات سداد الرسوم الدراسية كاملة مستغلة عدم وضوح البند الخاص بسداد هذه الرسوم فلم يوضح البند هل المقصود بالرسوم، هنا، المصاريف الدراسية الكاملة أم رسوم الاتحاد فقط، رغم أن اللائحة التنفيذية، وهي اللائحة ذات المرتبة القانونية الأعلى من اللائحة الإدارية والمالية- تنص صراحة على أن المقصود هو رسوم الاتحاد فقط.

أدى تعمد إدارات الكليات استبعاد أعداد كبيرة من الطلاب المتقدمين للترشح إلى انسحاب كثير من المرشحين تضامنًا مع زملائهم. وفقًا لبيانات اللجنة العليا للانتخابات فإن هناك 252 طالبًا انسحب من السباق، وبالرغم من عدم ذكر أسباب لهذا الانسحاب في بيان اللجنة إلا أن معظم المنسحبين، وفقًا لمراسلي المرصد الطلابي، أبدوا أسبابًا متعلقة بنزاهة العملية الانتخابية وعدم حيادية القائمين عليها.

واتخذت إدارة كلية التجارة بجامعة المنصورة موقفًا أشد قسوة مع بعض الطلاب المتضامنين مع 36 طالبًا استبعدتهم إدارة الكلية حيث أحالت 4 طلاب للتحقيق لشروعهم في تقديم طعن في استبعاد زملائهم. كما حذرت كلية العلوم بجامعة بورسعيد طلابًا مستبعدين من تقديم طعون “حفاظًا على مستقبلهم الدراسي”.

ثالثًا: تواطؤ مع بعض القوائم الطلابية

تدخلت بعض إدارات رعايات الشباب لدعم بعض القوائم الطلابية بعينها في بعض الأحيان؛ ففي كلية الحقوق بجامعة بني سويف استثنى موظف رعاية الشباب استمارات ثلاث طلاب مرشحين على قائمة “صوت طلاب مصر” من الموعد النهائي للتقديم، وسمح بقبولها رغم إغلاق باب الترشيح رسميًا والتنبيه على عدم قبول أي استمارات بعد الساعة الثالثة مساءًا.

واعترض بعض الطلاب المستقلين المرشحين للانتخابات على هذه الواقعة، وتجمهروا أمام مكتب رعاية الشباب ومكتب المسئول الأمني بالكلية، احتجاجا على استقبال استمارات مرشحي “صوت طلاب مصر” بعد إغلاق الباب.

كان أحد أعضاء اللجنة المشرفة على انتخابات اتحاد الطلاب بجامعة بني سويف قد اجتمع مع بعض ممثلي قائمة “صوت طلاب مصر” المرشحين للانتخابات بكلية الحقوق. مما أقلق المرشحين المستقلين الآخرين وأثار لديهم تساؤلات حول حيدة اللجنة. وعبر أحد هؤلاء الطلاب لمراسل المرصد الطلابي عن قلقه من هذه الجلسة، موضحا أن لقاء عضو اللجنة المشرفة على الانتخابات مع ممثلي “طلاب مصر” فقط دون باقي المرشحين يثير لديهم الشكوك حول نزاهة العملية الانتخابية وحيادية اللجنة.

وفي كلية العلوم بجامعة المنوفية قررت إدارة رعاية الشباب قبول طلب الترشح الذي تقدم به أحد الطلاب المنتمين لقائمة “صوت طلاب مصر” مع علمهم برسوبه الدراسي، بينما تشترط اللائحة أن يكون الطالب مستجدًا في فرقته لقبول طلب ترشحه.

ووفقًا لمراسل المرصد الطلابي بجامعة كفر الشيخ، فإن عددًا من طلاب كلية الهندسة تقدموا بطلبات للانسحاب من الانتخابات نتيجة لدعم إدارة رعاية الطلاب لقائمة انتخابية بعينها.

ووزع طلاب تابعون لقائمة “صوت طلاب مصر” بجامعة المنوفية استمارة عضوية[13] للقائمة على طلاب الجامعة تحمل شعار وزارة التعليم العالي وموقعة باسم لمدير التنفيذي للأنشطة الطلابية بوزارة التعليم العالي ورئيس لجنة التواصل الاجتماعي، حسام الدين مصطفى. ووفقًا لمراسل المرصد فإن طلاب القائمة قدموا أنفسهم على أنهم مشروع طلابي تابع للوزارة. وبالرغم من عدم تحقق المؤسسة من صحة الأمر إلا أن الوزارة لم تنفي الأمر أو تؤكده.

وكان طلابًا قد أذاعو تسجيلًا لمكاملة بين الدكتور حسام الدين مصطفى وأحد رؤساء اتحادات طلاب إحدى الجامعات يحاول إقناعه خلالها بالتصويت لمرشحين بعينهم في انتخابات المكتب التنفيذي لاتحاد طلاب مصر، إلا أن المؤسسة لم يتسنى لها التحقق من صحة هذا التسجيل.

رابعًا: انتهاكات أخرى

وقعت بعض الانتهاكات الأخرى تتمثل في التضييق على الدعاية الانتخابية؛ ففي جامعة الأسكندرية أصدرت إدارة الكلية إعلانًا بضوابط الدعاية الانتخابية للمرشحين منعت فيه استخدام أي شعارات دينية أو حزبية أو سياسية ما يعد تضييقًا على حق المرشحين في التعبير عن أفكارهم[14].

كما احتجز الأمن الإداري طالبين بالجامعة بسبب توزيعهما بيانًا يدعو الطلاب لمقاطعة الانتخابات بسبب القيود التي تفرضها اللائحة على الترشح وكذلك بسبب الانتهاكات التي شابت العملية الانتخابية، قبل أن تصرفهما لاحقًا.

كما وقعت بعض الانتهاكات الإجرائية الأخرى كتأخير إعلان الكشوف الابتدائية أو النهائية أو فتح مكتب الترشح في وقت متأخر عن ميعاده الرسمي وغلقه في موعد قبل موعده الرسمي؛ وهو ما حدث في بعض كليات الطب بكفر الشيخ والهندسة بالمنوفية والسياحة والفنادق بالأسكندرية وبعض كليات جامعتي الفيوم والمنصورة.

 

الفصل الثالث

اتحاد طلاب مصر .. كيف تعنتت الدولة؟

وفقًا للتعديلات الأخيرة في اللائحة المالية والإدارية التي أدخلها وزير التعليم العالي أشرف الشيحي، فإن المجلس العام لاتحاد طلاب مصر يتشكل من رئيس اتحاد طلاب مصر (رئيسًا للمجلس) ونائبه (نائبًا) ورئيس اتحاد طلاب الجامعات الحكومية ونوابهم. بينما يتشكل المكتب التنفيذي للاتحاد من رئيس الاتحاد ونائبه وأمناء اللجان العليا السبع ورئيس اتحاد طلاب جامعة الأزهر ورئيس اتحاد طلاب المعاهد العليا وممثل عن الجامعات الخاصة[15].

وأُجريت انتخابات هذا الاتحاد بدءًا من 29 نوفمبر 2015، بانتخاب أمناء وأمناء مساعدي اللجان الرياضية والثقافية والاجتماعية والأسر، بينما أجريت انتخابات باقي اللجان في 1 ديسمبر 2015، واختتمت الانتخابات بانتخاب رئيس اتحاد طلاب مصر ونائبه يوم 3 ديسمبر ثم إعادتها في العاشر من نفس الشهر.

حصد طلابًا مستقلون 12 من أصل 14 مقعدًا من مقاعد اللجان العليا السبع[16]. بينما استطاع الطالب عمرو الحلو، رئيس اتحاد طلاب جامعة طنطا، الفوز بمنصب نائب رئيس الاتحاد بعد أن حصد 23 صوتًا مقابل 19 صوت للطالب محمود رشدي، رئيس اتحاد جامعة جنوب الوادي، وذلك في مرحلة الإعادة بعد أن تفوقا على أقرانهما في المرحلة الأولى من الانتخابات[17].

كما فاز الطالب عبد الله أنور، رئيس اتحاد طلاب جامعة القاهرة، بمقعد رئيس اتحاد طلاب مصر بعد حصوله على 25 صوتًا مقابل 15 صوت حصلها عليها منافسه هشام عبد الله، رئيس اتحاد جامعة الأسكندرية، في مرحلة الإعادة الثانية بعد أنا كانا قد تساوا في الأصوات في المرة الأولى[18].

جاءت نتائج انتخابات اتحاد طلاب مصرمخيبة لآمال وزارة التعليم العالي التي كانت، من الواضح، أنها ترغب في فائزين آخرين أقل صدامية مع الدولة وإدارات جامعاتهم بديلًا عن طلاب يتبنون خطًا معارضًا لسياسات النظام الحالي تجاه الجامعة. وهوما فسر عدم اعتماد وزير التعليم العالي، الدكتور أشرف الشيحي، لنتيجة الانتخابات حتى الآن، بعد أكثر من أربعة شهور من إعلانت نتيجة الانتخابات، وعدم إعلان فوز أنور والحلو ومكتبهما التنفيذي المنتخب بشكل رسمي.

في البداية، أرجعت وزارة التعليم العالي هذا التأخر في إعلان واعتماد نتائج الانتخابات إلى تأخر اللجنة العليا المشكلة من قبلها للإشراف على الانتخابات  في نظر طعون تقدم بها بعض أعضاء مجلس اتحاد طلاب يشككون فيها في صحة العملية الانتخابية. إلا أن المتابع للعملية الانتخابية منذ البداية يدرك أن هذا التأخير أبعد بكثير من الاجراءات القانونية الشكلية التي تطرحها الوزارة وإنما يرجع إلى مضمون النتيجة نفسها حيث استطاع طلابٌ ليسوا على هوى قيادات الوزارة أو الأجهزة الأمنية المعنية أن يسيطروا على أعلى مستويات الاتحاد.

ثم بعد ذلك طرح الوزير حجة أخرى متعلقة بعدم قانونية “اتحاد طلاب مصر”، حيث قال الوزير في تصريح صحفي إنه لا وجود لكيان يدعى اتحاد طلاب مصر في اللائحة الطلابية الصادرة في العام  2007 بقرار جمهوري مضيفًا أن ما يشرع لهذا الكيان هي لوائح صادرة بقرارات وزارية. وبالتالي فإن القرار الجمهوري يجب اللوائح الوزارية، وفقًا للوزير[19].

يفتح هذا التصريح بابًا واسعًا من التساؤلات حول تلاعُب وتجاهل والتفاف وزير التعليم العالي على القانون في أسوأ التقديرات أو الجهل به في أقل التقديرات وأبأسها.

أسقط الوزير، في تصريحاته، اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات الصادرة في 10 يناير 2013 بقرار من رئيس مجلس الوزراء الأسبق الدكتور هشام قنديل[20] والتي بمقتضاها تم إلغاء اللائحة التنفيذية الصادرة بقرار من رئيس الجمهورية الأسبق حسني مبارك والتي أشار وزير التعليم العالي إليها في تصريحه الصحفي.

صدرت لائحة هشام قنديل بمقتضى المادة 162 من الدستور المصري الساري وقتئذ[21] والتي كانت تعطي رئيس الوزراء صلاحية إصدار اللوائح التنفيذية للقوانين[22]. إلا أن إصدار قنديل لللائحة شابه –بالفعل- شبهة بطلان حيث تستثني نفس المادة المشار إليها من حكمها القوانين التي تحدد من يصدر اللوائح اللازمة لتنفيذها[23] وهو الموجود بقانون تنظيم الجامعات حيث نص في مادته رقم 196 على أن المنوط به إصدار اللائحة التنفيذية لهذا القانون رئيس الجمهورية[24].

إلا أن شبهة البطلان تلك لا تعني -بمجرد اكتشافنا لها- إلغاء اللائحة التي أصدرها رئيس مجلس الوزراء الأسبق؛ بمعنى أوضح إن لم يقترن اكتشاف الخطأ هذا بقرار جديد من الجهة المختصة بسحب القرار القائم وإصدار قرار بلائحة جديدة أو بإصدار القضاء الإداري حكمًا ببطلان هذا القرار فإنه سيظل ساري المفعول ولا يجوز التحجج ببطلانه.

إذن فإن اللائحة السارية والمنظمة للانتخابات الطلابية هي اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات الصادرة بقرار رئيس الوزراء الأسبق هشام قنديل في يناير 2013، ولا يجوز التحجج بغير ذلك.

من جهة أخرى، فإن هناك لائحة أخرى تنظم هذه الانتخابات هي اللائحة المالية والإدارية للاتحادات الطلابية الصادرة الصادرة بقرار من وزير التعليم العالي السابق الدكتور سيد عبد الخالق في 27 نوفمبر 2014[25]، بتعديلاتها التي أدخلها الدكتور أشرف محمد الشيحي وزير التعليم العالي،  في 18 أكتوبر 2015[26]. كلتا اللائحتان التنفيذية والمالية والإدارية تخلقان كيانًا يدعى اتحاد طلاب مصر وتنظمان اجراءات انتخابه وأموره المالية والإدارية.

هنا يأتي وقت أسئلة الاستغراب؛ فإن كان للوزير –وهو ليس له قانونًا- أن يتجاهل اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات الصادرة في يناير 2013 ويستبدلها باللائحة المنقضية قانونًا والصادرة في 2007، فكيف له أن يتجاهل اللائحة المالية والإدارية -التي أدخل هو بنفسه تعديلات علي بعض موادها- والتي تعترف باتحاد طلاب مصر وتنظم شئونه من خلال بنودها؟، وكيف له أن يشكل بنفسه لجنة أشرفت على إجراء انتخابات كيان ليس له وجود قانوني؟

تخلت الوزارة عن هذه الحجة لاحقًا، حيث قررت اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات الطلابية، بعد فحصها للطعون المقدمة من بعض أعضاء مجلس اتحاد طلاب مصر، بطلان إجراءات انتخابات نائب رئيس اتحاد طلاب جامعة الزقازيق وإلغاء ما ترتب عليها من آثار وهو ما يعني بطلان انتخابات رئيس اتحاد طلاب مصر ونائبه فقط والتي شارك فيها نائب رئيس اتحاد طلاب جامعة الزقازيق المطعون في صحة انتخابه حيث تجرى انتخابات الرئيس ونائبه من قبل رئيس ونائب رئيس اتحاد طلاب كل جامعة.

أما فيما يخص باقي أعضاء المكتب التنفيذي لاتحاد طلاب مصر المنتخبين (أمناء اللجان العليا السبعة للاتحاد) فلا علاقة لهم بهذا القرار ولا يؤثر علي موقفهم القانوني في شئ فلم يشارك نائب الزقازيق في انتخابهم حيث تجرى انتخابات أمناء وأمناء مساعدي اللجان العليا في اتحاد طلاب مصر من بين أمناء وأمناء مساعدي اللجان المناظرة بالجامعات. إذن فالقرار يعني بطلان انتخابات نائب رئيس اتحاد طلاب جامعة الزقازيق وإلغاء نتيجة انتخابات رئيس اتحاد طلاب مصر، عبد الله أنور، ونائبه عمرو الحلو، وإعادتها في الوقت الذي يحدده وزير التعليم العالي.

هنا نأتي للسؤال الثاني والأهم، هل الأساس الذي بنت اللجنة عليه قرارها بإلغاء نتيجة انتخابات رئيس اتحاد طلاب مصر ونائبه صحيح؟

في البداية، الطعن الذي قبلته اللجنة استند إلى أن تصويت نائب رئيس اتحاد طلاب جامعة الزقازيق، أحمد حسن العزازي، باطل لأنه ليس نفس الشخص المدون إسمه في الكشوف الانتخابية كنائب لاتحاد الجامعة. بالفعل فإن إسم حسن لم يكن مدونًا في الكشوف حيث كان محمد السبكي مدونًا كنائب لرئيس اتحاد طلاب الجامعة، إلا أن السبكي كان قد تقدم باستقالته من نيابة الاتحاد لنائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب والقائم بأعمال رئيس الجامعة، عبد الحكيم نور الدين. وعليه قبل مجلس اتحاد الجامعة بكامل أعضاءه الاستقالة التي عرضت عليه في أول اجتماع له بحضور نائب رئيس الجامعة والقائم بأعمال رئيسها والدكتور هاني وفا منسق عام الأنشطة بالجامعة ومحمد سمير مدير عام الاتحادات الطلابية.

وفُتح باب الترشيح للمنصب الفارغ في حضور كل من لهم الحق في الترشح (رؤساء ونواب رؤساء اتحادات الكليات) إلا أنه لم يترشح أحد سوى أحمد حسن العزازي، ناب رئيس اتحاد طلاب كلية التمريض وبالتالي اعتمده نائب رئيس الجامعة نائبًا لرئيس اتحاد طلابها بالتزكية دون أن يدعو المجمع الانتخابي لأنه لا جدوى من دعوة مجمع انتخابي دون أن تكون هناك حاجة لانتخابات[27].

نقطة أخرى في هذا الصدد، لم تحدد اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات أو اللائحة المالية والإدارية بتعديلاتها طريقة محددة أصلًا لشغل المقعد الذي يخلو بسبب الاستقالة ولكننا حتى لو عدنا للمادة التي تنظم عملية شغل المنصب من البداية فإن الإجراءات التي تمت في شغل حسن للمنصب سليمة.

الغريب في الأمر أن اللجنة العليا المشرفة على انتخابات اتحاد طلاب مصر لم تسمح لنائب الزقازيق بالتصويت إلا بعد أن تأكدت من صحة اجراءات انتخابه (لم يصوت حسن إلا في الربع ساعة الأخيرة من فترة الانتخابات والتي استمرت ساعتين بعد قرار اللجنة بالسماح له بالتصويت).

وتأكدت اللجنة من صحة اجراءات انتخابه من خلال تواصلها مع إدارة جامعة الزقازيق التي أرسلت في البداية “فاكس” به تشكيل كامل لمجلس اتحاد الجامعة ذكر فيه أن أحمد حسن العزازي نائبًا لرئيس اتحاد الجامعة إلا أن اللجنة المشرفة على الانتخابات طلبت نسخة من استقالة السبكي بخط يده فأرسلت الجامعة “فاكس” آخر بالاستقالة معتمدة من القائم بأعمال رئيس الجامعة و”فاكس” أخير باعتماد حسن نائبًا مكانه.

وبحثت اللجنة مع مستشارها القانوني لأكثر من ساعة ونصف موقف حسن القانوني إلى أن تأكدت من صحته وسمحت له بالتصويت في النهاية.

هنا يأتي وقت السؤال الأهم، كيف للجنة أن تبطل الانتخابات بسبب الطعن في بطلان انتخاب نائب رئيس اتحاد طلاب جامعة الزقازيق وهي التي تأكدت خلال إجراء عملية الانتخابات من صحتها بأوراق رسمية راجعتها مع مستشارها القانوني؟

الإجابة على هذا السؤال تدفعنا إلى التفكير في أن السبب وراء هذا القرار سياسي بالأساس وإنما اتخذت اللجنة مسوغات إجرائية كتكأة للالتفاف على إرادة الطلاب التي لم تأت على هوى اللجنة ومن قبلها الوزارة نفسها.

بعد ذلك وكي تخرج الوزارة من الحرج الذي تسببت فيه قرار اللجنة، قررت في 26 ديسمبر 2015، إحالة الأمر برُمته إلى لجنة الفتوى والتشريع بمجلس الدولة كي تصدر فتواها في الأمر أعلنت الوزارة أنها ستلتزم بها[28].

أجلت لجنة الفتوى قرارها بخصوص الطلب المقدم من وزارة التعليم العالي أكثر من مرة إلى أن قررت، في 17 فبراير 2016، أن تحفظ الطلب نهائيًا حيث ارتأت عدم جواز إصدار فتوى في الأمر بعد اكتشافها أن هناك دعوى متعلقة بهذا الشأن تنظرها محكمة القضاء الإداري[29].

استطاعت وزارة التعليم العالي، بهذه الخطوات، تجميد اتحاد طلاب مصر الثاني بعد الثورة بعد أن انتظره الطلاب أكثر من عامين متتالين أُلغيت فيهم الانتخابات الطلابية.

 

الفصل الرابع

الفوز بالتزكية يسيطر على الانتخابات والمعارضون يكتسحون

مثلت نتائج الانتخابات الطلابية الأخيرة مفاجأة كبيرة وغير متوقعة بالنسبة لكل متابعي الشأن الطلابي، فرغم القيود التي فرضتها وزارة التعليم العالي؛ سواء كانت قيود قانونية أو إدارية أو اجرائية على عملية الانتخابات برُمتها –ذكرناها تفصيلًا في الفصول السابقة في هذا التقرير- مما جعل البعض يتوقع فوزًا سهلًا للقوائم التي تدعمها –بشكل خفي في معظم الأحيان وبشكل فج في أحايين أخرى- الوزارة.

إلا أن النتائج جاءت مخالفة لهذه التوقعات حيث استطاع تيارًا واسعًا من الطلاب المستقلين الذين يتبنون مطالبًا واضحة في طريق الدفاع عن الحقوق والحريات الأساسية للطلاب واستقلال الجامعة عن أي تدخل إداري أو أمني كما ينظر لهم على أساس أنهم يتبنون موقفًا معارضًا تجاه سياسات الحكومة، استطاع تيار الطلاب المستقلين هذا الحصول على أغلبية مقاعد الاتحادات الطلابية بالجامعات الحكومية المختلفة، ما مكنهم من الفوز بأغلبية مقاعد المكتب التنفيذي لاتحاد طلاب مصر التي من بينها الرئيس ونائبه.

في هذا الفصل سوف نسعى للعمل على إبراز أهم الملامح التي أظهرتها نتائج الانتخابات.

أولًا: شغل نسبة كبيرة من مقاعد الاتحادات بالتزكية

ساهمت عدة عوامل في شُغل نسبة كبيرة من مقاعد الاتحادات الطلابية في الجامعات التي عملت المؤسسة على تغطية فعاليات الانتخابات بها (15 من أصل 23 جامعة حكومية) بالتزكية والتعيين لترشح طالب واحد فقط على هذه المقاعد في الحالة الأولى أو عدم ترشح أحد على الإطلاق في الحالة الثانية.

ويعتبر السياق السياسي العام أحد أهم هذه العوامل، فقد أدرك قطاع كبير من الطلاب أن الدولة وبالتالي الإدارات الجامعية لا تشجع، بل لا ترغب، في اجراء انتخابات جدية تعبر نتائجها عن إرادة الطلاب في اختيار ممثليهم. وفي نقطة غير منفصلة كليًا عن النقطة الأولى، جاءت القيود القانونية التي أدخلها وزير التعليم العالي في تعديلاته للائحة المالية والإدارية والتي استتبعتها إجراءات إدارية ضيقت على حق الطلاب في الترشح كعامل أساسي آخر ساهم في حسم أغلبية المقاعد بالتزكية أو بالتعيين.

كما يعتبر إعلان طلاب الاخوان المسلمين في كافة الجامعات مقاطعتهم للانتخابات الطلابية، سواء لأسباب سياسية لها علاقة بعداءهم الواضح لنظام الحكم الحالي أو لأسباب تتعلق بالقيود التي تفرضها اللوائح المنظمة كعامل مؤثر في الإقبال على الترشح، في ضوء القوة التنظيمية والعدد الكبير الذي تتمتلكه الجماعة في مختلف الجامعات.

وفي ضوء رصد المؤسسة للعملية الانتخابية رصدت نتائج انتخابات عددًا كبيرًا من كليات الجامعات الخمسة عشر التي عملت على تغطيتهم؛ ففي جامعة القاهرة والتي رصدت فيها المؤسسة نتائج 19 كلية، حُسمت نتائج 464 مقعدًا بالتزكية وظل 253 مقعدًا فارغًا (عينوا لاحقًا) بينما جرت الانتخابات على 445 مقعدًا فقط، أي أن نسبتي التزكية والمقاعد الفارغة بلغت 04% و22% على التوالي.

وفي جامعة عين شمس والتي رصدت فيها المؤسسة نتائج 13 كلية، حُسمت نتائج 362 مقعدًا بالتزكية وظل 150 مقعدًا فارغًا (عينوا لاحقًا) بينما جرت الانتخابات على 244 مقعدًا فقط، أي أن نسبتي التزكية والمقاعد الفارغة بلغت 48% و20% على التوالي.

وحُسمت نتائج 316 مقعدًا بالتزكية في جامعة حلوان التي رصدت فيها المؤسسة 9 كليات، بينما ظل 74 مقعدًا فارغًا وجرت الانتخابات على 62 مقعدًا فقط، أي أن نسبتي التزكية والمقاعد الفارغة بلغت 70% و16% على التوالي.

وفي جامعة الاسكندرية والتي رصدت فيها المؤسسة نتائج 13 كلية، حُسمت نتائج 443 مقعدًا بالتزكية وظل 138 مقعدًا فارغًا (عينوا لاحقًا) بينما جرت الانتخابات على 203 مقعدًا فقط، أي أن نسبتي التزكية والمقاعد الفارغة بلغت 56% و18% على التوالي.

أما في جامعة طنطا والتي رصدت فيها المؤسسة نتائج 12 كلية، حُسمت نتائج 272 مقعدًا بالتزكية وظل 58 مقعدًا فارغًا (عينوا لاحقًا) بينما جرت الانتخابات على 300 مقعدًا فقط، أي أن نسبتي التزكية والمقاعد الفارغة بلغت 43% و9% على التوالي.

وحُسمت نتائج 274 مقعدًا بالتزكية في جامعة المنصورة التي رصدت فيها المؤسسة 12 كلية، بينما ظل 241 مقعدًا فارغًا وجرت الانتخابات على 241 مقعدًا فقط، أي أن نسبتي التزكية والمقاعد الفارغة بلغت 36% و32% على التوالي.

أما في جامعة الزقازيق والتي رصدت فيها المؤسسة نتائج 10 كلية، حُسمت نتائج 363 مقعدًا بالتزكية وظل 140 مقعدًا فارغًا (عينوا لاحقًا) بينما جرت الانتخابات على 167 مقعدًا فقط، أي أن نسبتي التزكية والمقاعد الفارغة بلغت 54% و21% على التوالي.

في حين حُسمت نتائج 456 مقعدًا بالتزكية في جامعة كفر الشيخ التي رصدت فيها المؤسسة 13 كلية، بينما ظل 55 مقعدًا فارغًا وجرت الانتخابات على 147 مقعدًا فقط، أي أن نسبتي التزكية والمقاعد الفارغة بلغت 69% و9% على التوالي.

أما في جامعة المنوفية والتي رصدت فيها المؤسسة نتائج 13 كلية، حُسمت نتائج 331 مقعدًا بالتزكية وظل 138 مقعدًا فارغًا (عينوا لاحقًا) بينما جرت الانتخابات على 231 مقعدًا فقط، أي أن نسبتي التزكية والمقاعد الفارغة بلغت 47% و20% على التوالي.

وفي جامعة بورسعيد والتي رصدت فيها المؤسسة نتائج 9 كليات، حُسمت نتائج 320 مقعدًا بالتزكية وظل 23 مقعدًا فارغًا (عينوا لاحقًا) بينما جرت الانتخابات على 127 مقعدًا فقط، أي أن نسبتي التزكية والمقاعد الفارغة بلغت 68% و5% على التوالي.

أما في جامعة الفيوم والتي رصدت فيها المؤسسة نتائج 13 كلية، حُسمت نتائج 424 مقعدًا بالتزكية وظل 87 مقعدًا فارغًا (عينوا لاحقًا) بينما جرت الانتخابات على 185 مقعدًا فقط، أي أن نسبتي التزكية والمقاعد الفارغة بلغت 61% و12% على التوالي.

وحُسمت نتائج 318 مقعدًا بالتزكية في جامعة أسيوط التي رصدت فيها المؤسسة 11 كلية، بينما ظل 262 مقعدًا فارغًا وجرت الانتخابات على 106 مقعدًا فقط، أي أن نسبتي التزكية والمقاعد الفارغة بلغت 46% 38% على التوالي.

أما في جامعة سوهاج والتي رصدت فيها المؤسسة نتائج 5 كليات، حُسمت نتائج 150 مقعدًا بالتزكية وظل 16 مقعدًا فارغًا (عينوا لاحقًا) بينما جرت الانتخابات على 72 مقعدًا فقط، أي أن نسبتي التزكية والمقاعد الفارغة بلغت 63% و7% على التوالي.

وفي جامعة بني سويف والتي رصدت فيها المؤسسة نتائج 13 كلية، حُسمت نتائج 503 مقعدًا بالتزكية وظل 49 مقعدًا فارغًا (عينوا لاحقًا) بينما جرت الانتخابات على 218 مقعدًا فقط، أي أن نسبتي التزكية والمقاعد الفارغة بلغت 65% و7% على التوالي.

وأخيرًا، في جامعة أسوان والتي رصدت فيها المؤسسة نتائج 12 كلية، حُسمت نتائج 404 مقعدًا بالتزكية وظل 248 مقعدًا فارغًا (عينوا لاحقًا) بينما جرت الانتخابات على 34 مقعدًا فقط، أي أن نسبتي التزكية والمقاعد الفارغة بلغت 59% و36% على التوالي.

ثانيًا: كيف فاز معارضون في ظل تعنت الدولة؟

لم يكن يتوقع أحد أن يفوز طلاب مستقلون أو معارضون –إن جاز التعبير- في هذه الانتخابات في ظل السياسة التي اتبعتها وزارة التعليم العالي في التعامل مع الحركة الطلابية منذ العام الدراسي اللاحق لخلع الرئيس الأسبق محمد مرسي والتي استهدفت العمل على تجفيف منابع الحركة الطلابية سواء الرسمية ممثلة في الاتحادات والأسر الطلابية عن طريق حلها أو تعطيل عملها أو تجميد انتخاباتها لمدة عامين متتاليين مستهدفة إفراغ العمل الرسمي المنظم والممثل للطلاب من مضمونه. أو كانت هذه الحركات غير رسمية والتي اسُتخدمت معها العقوبات الإدارية والتدخل الأمني العنيف كسيفين مسلطين على رقاب أعضاءها الذين يمارسون عملًا سياسيًا داخل الجامعة.

إلا أن عواملًا أخرى، ربما كانت غائبة عن البعض، ساهمت في خروج النتائج بهذا الشكل كان أبرزها الحملة المناهضة لقرار وزارة التعليم العالي بعدم إجراء الانتخابات الطلابية لعامين متتاليين، تلك الحملة التي تبناها عدد من قيادات وأعضاء الاتحادات الطلابية السابقة. كانت أهم فعالياتها  مؤتمرًا صحفيًا عقده عدد من ممثلي الاتحادات الطلابية بالجامعات، في 19 فبراير 2015، وألقوا فيه بيانًا ممهور بتوقيع 12 جامعة حكومية يطالبون فيه الوزارة بسرعة إجراء الانتخابات الطلابية  متهمينها بمحاولة القضاء على الاتحادات الطلابية[30]. المفارقة أن من ألقى بيان اتحادات الجامعات في هذا المؤتمر كان عبد الله أنور، رئيس اتحاد طلاب مصر الحالي والذي كان يشغل وقتها منصب المتحدث الإعلامي باسم اتحاد جامعة القاهرة.

إضافة إلى الدور الهام الذي لعبته الحملة في فضح ممارسات وزارة التعليم العالي تجاه الاتحادات الطلابية ما شكل وعيًا طلابيًا واسعًا حول دور الوزارة، إلا أن حملة كهذه لعبت دورًا أهم يتمثل في أنها كانت وسيلة ناجحة للتواصل الدائم بين هؤلاء الأعضاء المهتمين بإجراء الانتخابات في مختلف الجامعات من ناحية وبينهم وبين عموم الطلاب من ناحية أخرى، هذا التواصل خلق قيادات طبيعية جديدة في الجامعات استطاعت أن تكمل مسيرة الاتحادات القديمة وفازت في الانتخابات الطلابية الجديدة.

حسام فهمي، رئيس اتحاد طلاب جامعة طنطا السابق، قال مشيرًا إلى أهمية تلك الحملة “عبد الله أنور وعمرو الحلو، رئيس اتحاد طلاب مصر المنتخب ونائبه التقوا خلال فعاليات الحملة، ولم يكونا قد شغلا مناصب رسمية في مجالس اتحادات جامعاتهم في هذا الوقت بعد، وبدءا التنسيق للمستقبل من يومها” ويضيف “لولا حملة كتلك كان من المحتمل ألا يكونا في منصبيهما الآن”[31].

التنظيم والتنسيق قبل الانتخابات بفترة كبيرة وكذلك الانخراط مع الطلاب في أنشطة شبه يومية كان عاملًا آخر ساهم في نجاح الطلاب المستقلين عن الدولة في الفوز بهذه الانتخابات، على عكس القوائم التي دعمتها الدولة والتي لم يكن لها أي وجود سابق في الأنشطة الطلابية، وكذلك تشتتها في أكثر من جبهة (كانت جبهتين رئيسيتين يشار إليهما بأنهما يمثلان قوائم الوزارة “طلاب تحيا مصر” و “صوت طلاب مصر”).

قال عمرو الحلو، نائب رئيس اتحاد طلاب مصر المنتخب، كان تيار المستقلون منخرطًا في مشاكل الطلاب ومعبرًا عنهم دائمًا بينما كان ممثلي القوائم الأخرى يعيشون في عالم موازي بعيدًا عن عالم الطلاب الحقيقي ويجتمعون في مكاتب الوزارة وغير قادرين على التواصل مع زملائهم لذلك “فشلوا فشلًا ذريعًا فى أغلب الجامعات المصرية بينما النجاح الذي حققوه في بعض الجامعات القليلة جاء بفضل شطب مئات الطلاب المرشحين في هذه الجامعات والذين كانوا قادرين على الإطاحة بهم حال استمرارهم في السباق”[32].

يتفق حسام فهمي مع هذا الطرح “الوزارة اعتمدت على طلاب ليس لهم أنشطة حقيقية سابقة، حتى أنها لم تفعل مثلما كانت الإدارات الجامعية تفعل قبل ذلك بالاعتماد على طلاب الأنشطة الطلابية والجوالة”[33].

أما مؤمن عصام، طالب بجامعة أسيوط وأحد المشاركين في التنسيق للقوائم الفائزة، يرى أن قوائم المستقلين والقوائم التي دعمتها الوزارة افتقدتا لعنصر التنظيم على حد سواء. أما العنصر الحاسم في فوز المستقلين فقد كان –كما يرى عصام- الوعي الذي خلقته ثورة يناير في طلاب الجامعات ولا يزال إلى الآن بينما على الجانب الآخر افتقدت القوائم المدعومة من الدولة أي رؤية توحدهم وساعد في ذلك تشتتهم في جبهتين[34].

عامل آخر يشير إليه محمود شلبي، المنسق العام لحركة طلاب مصر القوية، يتمثل في تركيز إدارات الجامعات مع الأسماء المعارضة التقليدية بين طلاب الجامعات وشطبهم من القوائم بينما أغفلت المئات من الطلاب المستقلين الذين لا يمارسون عملًا سياسيًا مباشرًا إلا أنهم يحملون خطابًا مدافعًا عن الحقوق والحريات الطلابية[35].

يضيف شلبي “عدم رفع رايات سياسية ساعد أيضًا في الأمر، حيث طرح مرشحينا خطابًا يتمحور حول حقوق الطلاب واستقلال الجامعات بعيدًا عن السياسة”.

يتفق مؤمن عصام مع ما يطرحه شلبي فيقول “قدرة قوائمنا علي طرح خطاب يمكن أن نعتبره طلابي/نقابي في العموم أكثر منه سياسي خاص بحزب أو حركة أو تيار بعينه، كان عاملًا أساسيًا”. ويضيف مؤمن “ما ساعد في تبلور هذا الخطاب كان غياب طلاب الإخوان المسلمين من على الساحة الأمر الذي أنهى فكرة الاستقطاب السياسي التي شهدناها في الانتخابات الماضية وجعل الصراع حول الحقوق والحريات الطلابية بالأساس”.

أخيرًا، استطاع تيار من الطلاب الذين يتبنون خطابًا معارضًا للدولة ومدافعًا عن حقوق وحريات الطلاب الذي اضطلعوا بدور تمثيلهم في الفوز بأغلبية مقاعد الانتخابات الطلابية في مستوياتها المختلفة رغم التضييقات التي فرضتها وزارة التعليم العالي وإدارة الجامعات المختلفة على العملية الانتخابية منذ بدايتها إلى النهاية. استند هؤلاء الطلاب على عمل دؤوب استمر عامين كاملين، جمدت فيهما الدولة الاتحادات الطلابية من أجل تفريغها من مضمونها. كما استفادوا من حالة التشتت التي كان عليها منافسوهم.

 

للاطلاع على التقرير بصيغة PDF

__________________________________________

المرفقات

 

الملحق الأول

3 1 2

Untitled

0

مرفق 1

استمارة

مرفق 2

12239890_1493731710930617_4774666638483081778_n 12239679_1493731697597285_8656385368108728994_n

 

 

مرفق 3

قواعد الدعاية

[1]  راجع الجريدة الرسمية، القرار رئيس مجلس الوزراء رقم 23 لسنة 2013، العدد 2 (تابع) الصادر في 10 يناير 2013، السنة السادسة والخمسون.

[2]  راجع الوقائع المصرية، قرار رقم 4951 لسنة 2014، العدد 268 (تابع) الصادر في 27 نوفمبر 2014، السنة 188ه.

[3]  راجع الوقائع المصرية، قرار وزاري رقم 4307 لسنة 2015، العدد 234 (تابع) الصادر في 18 أكتوبر 2015، السنة 189ه.

[4]  مرجع سابق.

[5]  مرجع سابق.

[6]  مرجع سابق.

[7]  مرجع سابق.

[8]  مرجع سابق.

[9]  موقع جريدة الوفد، محظورات الترشح لانتخابات الاتحادات الطلابية بالجامعات، 6 نوفمبر 2015

[10]  راجع الوقائع المصرية، قرار وزاري رقم 4307 لسنة 2015، العدد 234 (تابع) الصادر في 18 أكتوبر 2015، السنة 189ه، المواد 9 و13.

[11]  مرفق 1، صورة من بيانات اللجنة الرسمية المتعلقة بأعداد المرشحين في الانتخابات الطلابية والمستبعدين منها والمنسحبين.

[12]  المرصد الطلابي عبارة عن شبكة من المراسلين الذين يعملون لصالح مؤسسة حرية الفكر والتعبير في 17 جامعة حكومية، ومن ضمن مهام عملهم رصد عملية الانتخابات الطلابية.

[13]  مرفق 2، الاستمارة التي وزعتها قائمة “صوت طلاب مصر”.

[14]  مرفق 3، ضوابط الدعاية الانتخابية التي أصدرتها جامعة الأسكندرية.

[15]  مرجع سابق، قرار وزير التعليم العالي 4307 لسنة 2015، المادة التاسعة والخمسون (مستحدثة).

[16]  المرصد الطلابي، انفوجراف| نائج انتخابات لجان اتحاد طلاب مصر، 10 ديسمبر 2015

[17]  المرصد الطلابي، الحلو يحسم مقعد نائب رئيس اتحاد طلاب مصر، 10 ديسمبر 2015

[18]  لأهرام اليومي، عبد الله أنور رئيسًا لاتحاد طلاب مصر

[19]  اليوم السابع، وزير التعليم العالي: لا نية لالغاء اتحاد طلاب مصر وننظر الطعون، 14 ديسمبر 2015

[20]  راجع الجريدة الرسمية، القرار رئيس مجلس الوزراء رقم 23 لسنة 2013، العدد 2 (تابع) الصادر في 10 يناير 2013، السنة السادسة والخمسون.

[21]  أُعلن في 3 يوليو 2013 عن تعطيل هذا الدستور كجزء من خارطة الطريق الجديدة التي أعلنها الرئيس عبد الفتاح السيسي والذي كان يشغل منصب وزير الدفاع حينذاك بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي.

[22]  تنص المادة 162 من دستور 2012 على “يصدر رئيس مجلس الوزراء اللوائح التنفيذية اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعطيل أو تعدي أو إعفاء من تنفيذها، وله أن يفوض غيره في إصدارها، إلا إذا حدد القانون من يصدر اللوائح اللازمة لتنفيذه”.

[23]  المصدر السابق.

[24]  تنص المادة 196 من قانون تنظيم الجامعات “تصدر اللائحة التنفيذية لهذا القانون بقرار من رئيس الجمهورية بناء على عرض من وزير التعليم العالي…..”

[25]  راجع الوقائع المصرية، قرار رقم 4951 لسنة 2014، العدد 268 (تابع) الصادر في 27 نوفمبر 2014، السنة 188ه.

[26]  راجع الوقائع المصرية، قرار وزاري رقم 4307 لسنة 2015، العدد 234 (تابع) الصادر في 18 أكتوبر 2015، السنة 189ه.

[27]  راجع بيان رئيس اتحاد طلاب جامعة الزقازيق بعد إلغاء نتيجة انتخابات رئيس اتحاد طلاب مصر ونائبه

[28]  دوت مصر، التعليم العالي تحول بطلان انتخابات الطلاب إلى مجلس الدولة، 26 ديسمبر 2015

[29]  الشروق، «الفتوى والتشريع» تقرر حفظ الطلب الخاص بمدى قانونية انتخاب اتحاد طلاب مصر، 17 فبراير 2016

[30]  قناة مؤسسة حرية الفكر والتعبير عبر موقع “يوتيوب”، اتحادات طلاب 12 جامعة حكومية ترفض تأجيل الانتخابات الطلابية، 22 فبراير 2015

[31]  مقابلة الباحث مع حسام فهمي، أجراها عبر الهاتف، في مارس 2016.

[32]  مقابلة الباحث مع عمرو الحلو، أجراها في مارس 2016.

[33]  مقابلة حسام فهمي.

[34]  مقابلة الباحث مع مؤمن عصام، أجراها في مارس 2016.

[35]  مقابلة الباحث مع محمود شلبي، أجراها في مارس 2016.

تابعونا على :

آخر التحديثات

للإشتراك في نشرة مؤسسة حرية الفكر والتعبير الشهرية

برجاء ترك بريدك الالكتروني أدناه.