تعرب المنظمات الحقوقية الموقعة على هذا البيان، عن بالغ قلقها من أن النسخة الأخيرة من مشروع وزارة التضامن الاجتماعي لقانون الجمعيات الأهلية تشكل انتهاكًا صارخًا للدستور ولالتزامات مصر الدولية وستؤدي –حال إقرارها–لتجريم عمل تلك المنظمات، وجعلها خاضعة لسيطرة الحكومة والمؤسسات الأمنية ويكمل إغلاق المجال العام في البلاد، ويجعله مقتصرًا على مؤيدي النظام القائم. وتطالب المنظمات رئيس الجمهورية ألا يعتمد هذا المشروع، أو أي مشروع قانون آخر يتعارض مع الدستور والتزامات مصر الدولية.
لقد سبق وأن أدى تمرير قانون التظاهر في نوفمبر 2013 إلى سجن عدد من أبرز النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان لمدد تصل إلى 15 عامًا، وفي حال اعتماد مشروع قانون الجمعيات الأهلية فإنه سيؤدي إلى حبس الحقوقيين المستقلين في مصر لفترات تصل إلى 15 عامًا أيضًا.
كان عدد من المنظمات الموقعة على هذا البيان قد تلقت دعوة من الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية تحت رعاية وزيرة التضامن الاجتماعي لحضور ما يسمى بالحوار المجتمعي حول مشروع قانون جديد للجمعيات والمؤسسات الأهلية، يوم الخميس الموافق 26 يونيو 2014، بمقر الوزارة. على الرغم من أن وزارة التضامن الاجتماعي كانت قد شكلت في يوليو 2013 لجنة شارك فيها عدد من المنظمات الموقعة، أعدت مشروع قانون هو الأفضل نسبيًا مقارنةً بكل مشروعات القوانين التي طرحتها الحكومة من قبل للجمعيات الأهلية، وكان يمكن البناء عليه بغرض تحسينه وليكون أكثر اتساقًا مع المعايير الدولية؛ إلا أنه يبدو أن إعداد الحكومة لهذا المشروع لم يكن بغرض إصداره، وإنما فقط لتحسين صورتها لدى المجتمع الدولي، حيث قام الوزير السابق د. أحمد البرعي وزير التضامن الاجتماعي بعرضه على المفوضة السامية لحقوق الإنسان؛ كدليل على نية الحكومة التي تشكلت بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي، للتحول الديمقراطي وتعزيز دور المجتمع المدني. إلا أنه يبدو من مشروع قانون الوزارة الأخير لعام 2014 أن الحكومة قد قررت أن مهمة المشروع السابق قد انتهت، فأخرجت من أدراجها أكثر قوانين الجمعيات الأهلية قمعًا منذ نصف قرن (القانون 32 لعام 1964).
بعد المثابرة والعمل المضني الذي قامت به المنظمات الأهلية خلال السنوات الثلاث الماضية، من أجل الوصول إلى قانون جديد للجمعيات الأهلية يحرر العمل الأهلي ويتوافق مع المعايير الدولية والدستور. تقول المنظمات أنها قدمت العديد من المقترحات بما في ذلك مشروع قانون بديل للقانون الحالي 84 لسنة 2002، فضلًا عن تقديمها مقترحات قانونية وتحليلات لعدد من مسودات القوانين التي طرحت بعد 25 يناير 2011، من أجل لفت انتباه المُشرِّعين وجهة الإدارة (وهي وزارة التضامن الاجتماعي) إلى المعايير الدولية وأفضل الممارسات الدولية والعربية في هذا المجال.
بات من الواضح للمنظمات الحقوقية الموقعة –بعد قراءة مدققة لمشروع الوزارة لعام 2014– مدي رغبة الحكومة في السيطرة التامة على المنظمات الأهلية، وتحويلها من منظمات غير حكومية إلى كيانات شبه حكومية خاضعة للأجهزة الأمنية والإدارية، وتجعل الحكومة هي المدير الفعلي لها، حيث تعاقب على مخالفة بعض أحكام القانون بعقوبات الحبس لمدد تصل إلى 15 عامًا، والغرامة التي لا تقل عن 100.000 جنيه؛ مما يدل على أن المشكلة ليست في عدم معرفة كيفية صياغة قانون حر للجمعيات، بل في انعدام الإرادة السياسية لدى الحكومة والجهات الأمنية لتحرير العمل الأهلي المستقل، والرغبة في تقويضه في الوقت ذاته.
إن مشروع القانون الجديد يسعى لوضع المنظمات الأهلية تحت المراقبة اللصيقة والتحكم في نشاطها، ضاربًا عرض الحائط بنص المادة 75 من دستور 2014، والتي تقضي بأن تعمل الجمعيات الأهلية “بحرية”. ويعكس هذا التفكير نظرة الحكومة إلى الجمعيات الأهلية على أنها مكاتب يجب أن تعمل تحت سيطرة الحكومة، بل ويجب أيضًا أن تديرها بشكل غير مباشر. وتقول المنظمات أن الحكومة على مدار عقود طويلة فشلت في تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين كالتعليم والصحة، وفشلت في أنشأ آليات تراقب أداء الأجهزة الحكومية بحيادية واستقلال، واتسمت خدماتها بالرداءة والفشل وتفشي الفساد وإهدار المال العام. وبالرغم من ذلك فإنها لا تريد فتح المجال للمبادرات المجتمعية لتقديم مستوى أفضل من تلك الخدمات، أو تلقي نصائح حول السياسات الفضلى الواجب اتباعها، أو خلق حوار مجتمعي ديمقراطي يفتح الباب أمام حلول أفضل تخرج بنا من مسلسل الفشل المتواصل الناتج عن حرمان المجال العام من قوة فاعلة صارت جزءً أصيلًا من العمل الاجتماعي في بلدان العالم المستقرة والناجحة في مجال التنمية، وفي الوقت نفسه خلق صوت مستقل ينتقد بشكل بناء فشل السياسات الحكومية وفسادها في مجالات عدة ويقترح سياسات بديلة تحافظ على الحد الأدنى من حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية.
من المقرر أن تخضع مصر لآلية الاستعراض الدوري الشامل بالأمم المتحدة في شهري أكتوبر ونوفمبر القادمين، في الوقت ذاته الذي تسعى خلاله لإقرار مشروع قانون الجمعيات الأهلية الجديد، الذي يتعارض تمامًا مع التعهدات الدولية التي بادرت بها مصر وقطعتها على نفسها، أو التوصيات التي قبلتها مصر في الدورة الأولى من الاستعراض في 2010؛ حيث كانت الحكومة قد تعهدت من تلقاء نفسها بتنقيح قانون المنظمات غير الحكومية بما يقلل من دور الإدارة ويمنح تلك المنظمات استقلاليتها، وقد قبلت الحكومة توصيات بأن تضمن الدولة حرية تكوين الجمعيات وتعدل القانون 84 لسنة 2002 (قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية)، ووضع إجراءات بسيطة وسريعة وغير تمييزية ولا تخضع لتقدير السلطة الإدارية عند إنشاء المنظمات غير الحكومية، وأن تكون متفقة مع معايير حقوق الإنسان.
إن مشروع القانون –حال تمريره– سيضم مصر إلى قائمة الدول التي تعاني من أسوأ تشريعات للمجتمع المدني في العالم مثل أثيوبيا وإسرائيل والصين وبيلاروسيا، وينفي كافة مزاعم التحول الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان التي تدعيها الحكومة المصرية.
وأهم اعتراضاتنا على مشروع القانون:
- المشروع يسير في نفس خطى المقترحات التي كان قد تقدم بها الرئيس المعزول محمدمرسيفيمايو2013
–قبل شهر من الإطاحة به– حيث نص من جديد على وجود ما يسمى باللجنة التنسيقية، والتي كانت مثار انتقادات المنظمات المصريةوالمفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة. ويمنح مشروع القانون لهذه اللجنة صلاحيات واسعة في التحكم في نشاط الجمعيات الأهلية عن طريق التحكم في تمويلها (رفضًا وقبولًا) وتوافق أو ترفض إعطاء المنظمات الدولية تصاريح للعمل في مصر. وقد جاء تشكيل اللجنة التنسيقية وفقًا لمشروع القانون من 8 جهات حكومية، من بينهم ممثل عن وزارة الداخلية وممثل عن هيئة الأمن القومي. وتقول المنظمات أن وجود مثل هذه اللجنة هو أمر مرفوض تمامًا من حيث المبدأ، حيث أن وجودها يضع الجمعيات الحقوقية تحت رحمة الأجهزة الأمنية، بدلًا من أن تكون الجمعيات هي من يراقب أداء تلك الأجهزة. كانت الأجهزة الأمنية ولازالت حتى الآن تمارس دورها في الخفاء في عرقلة وخنق نشاط الجمعيات الأهلية، دون نص قانوني، وهو ما كان يساعد الجمعيات في تحدي تلك الأجهزة أمام القضاء الإداري لعدم نص القانون على ذلك، إلا أن إصدار القانون بصورته الحالية، سيقنن تدخل الأجهزة الأمنية في نشاط الجمعيات، مما يصعب من مهمة الجمعيات. ولا تمانع الجمعيات، بل أنها تشجع، الرقابة المستقلة على التمويل والشفافية في نشر المصادر وأوجه الإنفاق. - في اعتداء فج على الدستور –الذي لم يجف المداد الذي كتب به بعد– تحايل مشروع القانون على المادة 75 والتي تضمن للمواطنين حرية تكوين الجمعيات واكتسابها الشخصية الاعتبارية بمجرد الإخطار، وهو ما عارضه مشروع القانون، فبدلاً من أن ينص على اكتساب الشخصية الاعتبارية بمجرد الإخطار تماشيًا مع الدستور، جعل اكتسابها خلال 60 يوم من تاريخ الإخطار، وأعطى للجهة الإدارية الحق في الاعتراض على إنشاء الجمعية خلال تلك الفترة، إذا كان من بين أنشطتها إحدى المحظورات التي نص عليها القانون، وهي المحظورات الفضفاضة التي تبيح لجهة الإدارة الاعتراض على أنشأ أي جمعية.
- سار مشروع القانون على درب القانون الحالي سيئ السمعة –القانون 84 لسنة 2002– ونص على عدد من المحظورات الفضفاضة التي تستعصى على الضبط أو معرفة ماهية تلك المحظورات على وجه الدقة، فنص المشروع على أنه يحظر أن يكون من بين أغراض الجمعيات ممارسة نشاط “يهدد الوحدة الوطنية أو يخالف النظام العام أو الآداب” وهي المصطلحات التي طالما انتقدتها المنظمات المصرية في القانون الحالي للجمعيات الأهلية، كما أنها كانت سببًا في رفض الإدارة تأسيس بعض من الجمعيات الموقعة على هذا البيان، والتي أسست بعد ذلك بحكم قضائي. كما حظر مشروع القانون على الجمعيات ممارسة نشاط سياسي، دون أن يحدد ما هو المقصود بالنشاط السياسي، وهل المقصود به دعم أحزاب أو مرشحين في الانتخابات –وهو ما توافق عليها المنظمات– أم أن هذا القيد يمتد ليشمل مجرد إبداء المنظمات رأيها في قضايا الشأن العام؟، وكذلك حظر المشروع قيام الجمعيات بعمل النقابات، وهو ما يعيق الجمعيات، لاسيما الحقوقية من الدفاع عن حقوق العمال في تحسين بيئة العمل، ويشكل دعم لهؤلاء العمال في مواجهة أي تعسف من قبل صاحب العمل. وتقول المنظمات أن المحظورات جاءت مطلقة وغير محددة بشكل يسمح بالتدخل في نشاط الجمعية، أو الاعتراض على تأسيس جمعية، في أي وقت وتحت مسميات فضفاضة. والأخطر من ذلك أن مشروع القانون رتب عقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 100.000 أو إحدى هاتين العقوبتين لكل من أنشأ جمعية أو كيان يكون غرضها ممارسة إحدى تلك الأنشطة.
- في عدم دراية واضحة لطبيعة عمل الجمعيات، حظر مشروع القانون على الجمعيات القيام بإجراء بحوث ميدانية أو استطلاعات رأي دون أخذ موافقة الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، وتستغرب المنظمات الموقعة من هذا القيد، حيث أن جزء من قيام الجمعية بنشاطها بشكل احترافي، هي أن تقوم بتقييم أثر المشروع أو عملها وتأثيره على المجتمع، ولا يتثنى للجمعية القيام بذلك إلا بشكل علمي عن طريق إجراء استطلاعات الرأي بهدف تحسين خدماتها للجمهور. ولم يقف الأمر عند هذا الحد فرتب مشروع القانون عقوبة الحبس لمدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 100.000 أو إحدى هاتين العقوبتين لمخالفة هذا البند.
- على خلاف ما قررته محكمة النقض المصرية اعتبر مشروع القانون أموال الجمعيات والمؤسسات الأهلية
–التي تتلقاها في شكل تبرع أو إعانة أو تمويل أو تجمعه من الجمهور– في حكم الأموال العامة عند تطبيق قانون العقوبات، وهو الأمر الذي يغلظ من العقوبة فتصبح (الاستيلاء أو تسهيل الاستيلاء، على المال العام، الاختلاس، الإضرار بالمال العام). ومن ثم تكون العقوبة السجن المشدد الذي تتراوح مدته من ثلاث سنوات إلى خمسة عشر سنة، بدلًا من عقوبة الحبس التي تتراوح من 24 ساعة إلى ثلاث سنوات هذا من جانب. وهو الأمر الذي يعد نوعًا من الترهيب للقائمين على الجمعية أو من يرغب في تأسيس جمعية جديدة. - إهدار حق منظمات المجتمع المدني في أن تختار بحرية الشكل القانوني الذي يتناسب مع طبيعة نشاطها، حيث حظرت المادة الثانية من مواد الإصدار أنشأ أو التصريح لأي كيان (كالشركات) والتي ترى الجهة الإدارية أنها تقوم بعمل الجمعيات دون الخضوع لأحكام هذا القانون. واعتبر مشروع القانون أن أي ترخيص يصدر لتلك الكيانات من أي جهة حكومية أخرى منعدم منذ صدوره ولا يرتب أثره! وقد رتب مشروع القانون عقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 100.000 أو إحدى هاتين العقوبتين لكل من أنشأ هذا الكيان دون الخضوع لأحكام هذا القانون حتى ولو كان الإنشاء قانوني وبترخيص من جهة حكومية أخرى غير وزارة التضامن الاجتماعي، كما نص المشروع كذلك في باب العقوبات بمصادرة أموال هذا الكيان وأيلولته لصندوق دعم الجمعيات والمؤسسات الأهلية.
- بالرغم من كل توصيات المنظمات الحقوقية بالأخذ بنظام الرقابة اللاحقة على التمويل الأجنبي وأن يكون الاعتراض مبني على أسس قانونية، سار مشروع القانون في الاتجاه المعاكس تمامًا، فمن ناحية حظر مشروع القانون بشكل قاطع الحصول على تمويل أجنبي من شخص مصري أو أجنبي أو من جهة أجنبية أو من يمثلها في الداخل أو أن ترسل أموالًا أيًا كانت طبيعتها إلا بعد الحصول على تصريح من اللجنة التنسيقية، أو مرور 60 يوم دون اعتراض تلك اللجنة. ولم توضح المادة أي أساس قانوني يمكن للجنة أن تعترض عليه. وتقول المنظمات أن استلزام الحصول على تصريح من اللجنة –التي تضم في عضويتها جهات أمنية كما وضحنا– يعد بابًا خلفيًا للتدخل في نشاط الجمعيات. لطالما نادت المنظمات الموقعة بأن يكون الحصول على تمويل يكون بمجرد الإخطار، مع إعطاء للجهة الإدارية حق الاعتراض عن طريق المحكمة، إذا كان التمويل بهدف تنفيذ أنشطة مخالفة لمواد في القانون. وبخلاف التمويل أو الهبات من الخارج زاد مشروع القانون في تعنته ضد حق الجمعية في جمع تبرعات من الداخل بأن جعله مرهونًا بتصريح وزارة التضامن الاجتماعي. وقد رتب القانون على مخالفة حظر تلقي التمويل أو جمع التبرعات دون ترخيص عقوبة الحبس لمدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 100.000 أو إحدى هاتين العقوبتين إن خالف أحد أعضاء الجمعية هذا الحظر، كما جعله من الأسباب التي تجيز للجهة الإدارية طلب حل الجمعية قضائيًا.
- ناصب مشروع القانون العداء الواضح للمنظمات الأجنبية غير الحكومية، ووضع عليها من القيود والعراقيل ما يجعل وجودها وعملها في مصر أمر أشبه للمستحيل، وإن نجحت المنظمة الأجنبية في الحصول على ترخيص، يكون عملها في مصر مرهون بموافقة اللجنة التنسيقية في كل خطوة من خطواتها. فمن ناحية ترك مشروع القانون متعمدًا للائحة التنفيذية الأوراق المطلوبة في طلب الترخيص للمنظمة الأجنبية، وقد عانت عدد من المنظمات الدولية التي حاولت الحصول على ترخيص للعمل في مصر من هذا الأمر، واشتكت من تغيير الأوراق المطلوبة من فترة إلى أخرى بهدف تعقيد عملية حصولهم على ترخيص، كما رهن حصول تلك المنظمات على ترخيص عمل أن تكون الأنشطة التي ستمارسها متفقة مع احتياجات المجتمع المصري وأولويات خطة التنمية ومراعيةً للنظام العام والآداب. لم يكتف المشروع بتصريح اللجنة التنسيقية للمنظمة الدولية بالعمل في مصر، بل إنه وإمعانًا في وضع العراقيل فقد اشترط أن تأخذ المنظمة تصريح اللجنة التنسيقية قبل استئجارها لأي عقار أو مبنى لمزاولة نشاطها.
- عرقل مشروع القانون حق الجمعية في التعاون أو الانتساب إلى جمعية أو منظمة أو هيئة أجنبية دون إخطار وزارة التضامن الاجتماعي وعدم اعتراض الأخيرة على هذا الانتساب أو الانضمام خلال مدة 60 يوم، ويعاقب من يخالف هذه المادة بالحبس لمدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 100.000 أو إحدى هاتين العقوبتين. وتعتقد المنظمات الموقعة، أن هذه المادة ستواجه أي جمعية حقوقية ترغب في الحصول على الصفة الاستشارية بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة، أو أي منظمة تتعاون مع آلية المقررين الخواص بالأمم المتحدة.
- سمح مشروع القانون للجهة الإدارية بالتدخل في شئون الجمعيات بشكل فج؛ ضارباً عرض الحائط باستقلالية الجمعية، فقد سمح مشروع القانون للجهة الإدارية بالاعتراض على قرارات الجمعية، وإلغائها، كما سمح لها الاعتراض على أحد المتقدمين/المتقدمات لعضوية مجلس الإدارة، واستبعاده من الترشيح، بل زاد مشروع القانون عن ذلك وأعطى للجهة الإدارية مصوغ في وقف أحد أنشطة الجمعية أو نشاط الجمعية ككل بقرار إداري حتى يتم الفصل في المحكمة.
- صحيح أن مشروع القانون قد استبعد الحل الإداري للجمعيات، وجعل حل الجمعية إراديًا بإرادة أعضائها أو قضائيًا إن ارتكبت أحد المخالفات، إلا أن المشروع قد توسع في الأسباب التي تجيز حل الجمعية قضائيًا، فأعطى القانون للجهة الإدارية الحق في طلب حل الجمعية إن عجزت الجمعية عن تحقيق أغراضها! كما يجوز طلب حل الجمعية قضائيًا إن حصلت على تمويل دون تصريح من اللجنة التنسيقية. كما يجوز حل الجمعية إن انضمت أو تعاونت أو انتسبت مع جمعية أو هيئة أجنبية بالمخالفة لأحكام القانون. أو إذا انتقلت الجمعية إلى مقر جديد دون أن تخطر الجهة الإدارية!!
- نص مشروع القانون على عقوبات سالبة للحرية وغرامات مالية عالية على من يخالف أحكامه، فنص مشروع القانون على عقوبة الحبس لمدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 100.000 جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين على طيف واسع من الأفعال التي لا تمثل غالبيتها جريمة في حد ذاتها. فحصول الجمعية على تمويل دون اتباع الإجراءات القانونية أو لإهمال أحد العاملين القائمين على هذه الإجراءات لا يستوجب توقيع عقوبة سالبة للحرية في حد ذاته، طالما كان هذا التمويل ليس بهدف ارتكاب جريمة جنائية. كما أنه من المثير للدهشة أن يعاقب القانون بالحبس على كل من أنشأ كيانًا يقوم بعمل الجمعيات دون أن يتخذ الشكل القانوني للجمعيات، فتلك المادة تقر أن هذا الكيان قد يكون منشأ قانونًا وفقًا لقانون أخر، وأنشأ بترخيص من جهة حكومية أخرى، أي أن الكيان في نظر القانون كيان قانوني، إلا أن وزارة التضامن الاجتماعي قررت في مشروعها معاقبة منشئ هذا الكيان القانوني بالحبس لقيامة بعمل قانوني!!
وترى المنظمات الموقعة على هذا البيان، أن قائمة وحدة المشكلات الموجودة في مشروع القانون –التي لم يتسن لها سوى أن تسرد بعض منها في هذا البيان– كبيرة للغاية، الأمر الذي يجعلها على قناعة تامة، إن مثل هذا المشروع لا يحتاج إلى تعديلات هنا وهناك، بل يحتاج إلى إعادة كتابة له من جديد وفقًا لفلسفة جديدة تعتمد تحرير المجتمع المدني للقيام بدوره، والتخلي عن فلسفة الاستعلاء والقمع ومقاومة رغبات العودة إلى قانون مماثل للقانون 32 لسنة 1964، وعلى رئيس الجمهورية أن لا يعتمده نظراً لما يحتويه من انتهاك للدستور ولأحكام المحاكم العليا المصرية.
وتؤكد المنظمات أن مشروع القانون المطروح من وزارة التضامن، مشروع قمعي يهدف إلى إسكات صوت الجمعيات الأهلية والمنظمات الحقوقية، ولا يختلف عن قانون التظاهر الذي أقره الرئيس المؤقت في نوفمبر 2013 والهدف منه هو خنق المجال العام، وخنق الأصوات الناقدة لأوضاع حالة حقوق الإنسان وللأوضاع الاجتماعية في البلاد، وإن التجربة العملية –مثلما حدث بعد إقرار قانون التظاهر– أثبتت أن مثل تلك القوانين لا تحقق الاستقرار.
وتؤمن المنظمات الموقعة أن إغلاق المجال المدني أمام المنظمات المستقلة، وتحويل من يبقى إلى كيانات خاضعة لسيطرة النظام القائم تمامًا يفرع العمل الأهلي من مفهومه ومعناه بالكامل، ويحرم مصر من طاقات خلَّاقة، ويساهم في زيادة الاضطراب في البلاد كونه يغلق قنوات مشروعة للعمل العام.
المنظمات الموقعة:
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- الاتحاد النسائي المصري
- الائتلاف المصري لحقوق الطفل
- الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون
- الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية
- جمعية بنت الأرض
- جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء
- الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان
- شبكة المحروسة
- الشبكة المصرية للمشاركة العامة
- المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
- مركز الأرض لحقوق الإنسان
- مركز الحقانية للمحاماة والقانون
- المركز المصري لدراسات السياسات العامة
- المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
- مركز النديم للتأهيل النفسي لضحايا العنف
- مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف
- مركز حابى للحقوق البيئية
- مركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية (أكت)
- مصريون ضد التمييز الديني
- المفوضية المصرية للحقوق والحريات
- المنظمة العربية للإصلاح الجنائي
- مؤسسة المرأة الجديدة
- مؤسسة المرأة والذاكرة
- المؤسسة المصرية الديمقراطية
- المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة
- مؤسسة حرية الفكر والتعبير
- مؤسسة قضايا المرأة المصرية
نظرة للدراسات النسوية