ورقة موقف حول اقرار اللائحة الطلابية الجديدة بين شرعية إقرارها وأشكالياتها القانونية

تاريخ النشر : الأحد, 26 فبراير, 2012
Facebook
Twitter

ورقة موقف حول اقرار اللائحة الطلابية الجديدة بين شرعية إقرارها وأشكالياتها القانونية

 

مقدمة:

شهدت الفترة السابقة جدل بين صفوف الطلاب بسبب إصدار وزير التعليم العالي القرار رقم 451 بتاريخ 18 فبراير الحالي، والذي نص في مادته الأولى على: \”يعمل –بصفة مؤقتة- باللائحة المرفقة في شأن الاتحادات الطلابية بالجامعات الخاضعة لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1971 بشأن تنظيم الجامعات\”.

وتمثل الجدل حول طريقة إصدار اللائحة في ظل غياب مشاركة واسعة من الطلاب في مناقشة بنود التعديل المقترح، واقتصار الموضوع على عدد من الطلاب الممثلين للاتحادات الطلابية، رغم تحفظ الكثير من طلابي القوى السياسية على نتيجة الانتخابات السابقة واعتبارها غير معبرة عن جموع الطلاب.

ومؤسسة حرية الفكر والتعبير تحاول عبر هذه الورقة تقديم رؤية ومحاولة لفهم الإجراءات التي تمت قبل إقرار اللائحة ومدى قانونيتها من جانب، ومن جانب آخر تتناول أبرز وأهم السلبيات التي جاءت ضمن بنود هذه اللائحة.

 

خلفية إنشاء  إتحاد طلاب مصر و صياغته لمشروع اللائحة 

 

يتم الترويج إلى اللائحة الطلابية الحالية إعلاميا باعتبارها اللائحة التي قام الطلاب بصياغتها بأنفسهم، والتي تعبر عن إرادتهم الحرة، وهو ما يعد صحيح بشكل جزئي إلا أن الصورة الكاملة لا يمكن فهمها دون فهم خلفية إنشاء الاتحاد العام لطلاب مصر – الذي قام بصياغة مشروع اللائحة -، وطريقة عمله الفترة السابقة لإصدار اللائحة، وعلاقته بجمهور الطلاب العام، وبطلاب القوى السياسية – غير الممثلين في الاتحاد – ، هذا بالإضافة إلى الظروف التي أحاطت بإصدار اللائحة، وردود الفعل الطلابية عليها.

 

ويمكن لنا إجمال المشكلات المرتبطة بصياغة الاتحاد العام لطلاب مصر للائحة الطلابية في النقاط التالية:

 

– تكون الاتحاد العام لطلاب مصر من الاتحادات الطلابية التي تشكلت في النصف الدراسي من العام السابق- عقب عودة الدراسة مباشرة بعد الثورة – وسط جدل واسع بين الطلاب، ما بين دعوات بالمقاطعة لعدم رغبة الطلاب في خوض الانتخابات في ظل لائحة 2007 المعيبة، والدعوة لتغيير اللائحة أولا، وما بين انشغال بعض  الطلاب – خاصا من طلاب القوى السياسية – في معركة إقالة القيادات الجامعية وتطهير الجامعات، واختيارهم لها كأولية، وكانت النتيجة النهائية هي عدم وضوح الرؤية أو توحدها بين الجامعات المختلفة، وخاصا فيما يتعلق باللائحة التي أجريت اللائحة في ظلها، والتي سمح بعض عمداء الكليات بتخطيها وتوسيع مساحة الحرية في الجامعات كمحاولة لامتصاص بعض الغصب الطلابي، وكاستجابة للضغط الطلابي المطالب بتغيير اللائحة، في حين رفضت إدارات بعض الكليات الأخرى وأصرت على إجراء الانتخابات في ظل لائحة 2007 كما هي، وكانت النتيجة النهائية اتحادات طلاب تشكلت في عُجالة وعبر جدل واسع حول شرعيتها وتمثيلها لجموع الطلاب.

 

وبالرغم من تفاؤل الجميع بالمبادرة التي تولد عنها الاتحاد العام لطلاب مصر، إلا أن عدم الرضا  بدأ يصيب العديد من الطلاب خاصة مع تصاعد الانتقادات التي وجهت للاتحاد حول أساليب الإدارة وآلية اتخاذ القرارات ، والاستقطاب الذي حدث، واستبعاد وتهميش عدد كبير من الطلاب سواء من طلاب الحركات السياسية، أو طلاب الجامعات الخاصة، أو حتى بعض من طلاب الاتحادات الرسمية المخالفين في الرأي مثل اتحاد طلاب جامعة القاهرة، كما استشعر الطلاب المنخرطين في التجربة – بناءً على شهادات حصلت عليها المؤسسة – عدم استقلالية الكاملة عن وزارة التعليم العالي، وأحيانا عن المجلس العسكري، وهو ما أكدت عليه أيضا عدد من المؤشرات التي رصدتها المؤسسة .

 

أما عن خلفية إنشاء الاتحاد العام لطلاب مصر نفسه فكانت كالتالي :

 

بعد انتهاء تشكيل مجالس الاتحادات الطلابية بكل الجامعات المصرية خرجت مبادرة من مجموعة الطلاب بإعادة تشكيل الاتحاد العام لطلاب مصر بعد 27 عاماً من إلغاؤه مع إقرار لائحة 1979. و اتفق 64 طالب هم رؤساء اتحادات جامعات مصر ونوابهم ممثلين 20 جامعة حكومية و12 جامعات خاصة على صيغة مشتركة لكيفية إنشاء اتحاد موحد لطلاب مصر بهدف «إقامة تحالف لتوحيد جهود الطلاب في جميع أنحاء مصر والتعبير عن آرائهم والدفاع عن حقوقهم وإشراكهم في عملية صنع القرار .[1]

 

ومن ثم تم توجيه دعوات لكل طلاب مصر بحضور المؤتمر التأسيسي للاتحاد و الذي استضافته الجامعة الأمريكية بالقاهرة وساهمت في تنظيمه في الفترة من 18 إلى 20 أغسطس 2011

وحدد رؤية الاتحاد وأهدافه في عدة نقاط جاءت كالتالي:

· إنشاء الاتحاد العام لطلاب مصر

· إقالة جميع رؤساء وعمداء الجامعات المعينين من أمن الدولة

· تغيير اللائحة الطلابية بحيث تعبر عن قيم حرية الرأي والتعبير

· خلق تمثيل حقيقي للطلاب في مجلس الوزراء والبرلمان

· مساعدة وتدريب الجامعات التي لم تشكل اتحادات طلابية أو التي تعاني من قصور في شكل الحياة الطلابية بـتشكيل قوائم الحياة الطلابية الحرة المتمثلة في اتحاد طلبة و مجلس نواب و هيئة قضائية ، وأن تقوم كل جامعة بتشكيل لائحتها الخاصة.

· تشكيل مكتب تنفيذي من هذا الاتحاد يكون من اختصاصه الإشراف على جميع الانتخابات في الجامعات في جميع أنحاء البلاد لضمان حرياتها ونزاهتها.

· دمج جميع المنظمات الطلابية داخل الجامعات ببـعضها البعض، سواء في الجامعات الحكومية أو الخاصة [2]

 

ومن ذلك يتضح أن الاتحاد كان على قمة أهدافه أن يكون كيان ممثل ومعبر عن جميع الطلاب ، ليتمكن من إقرار لائحة طلابية تعبر عن قيم حرية الرأي والتعبير و تسمح بممارسة العمل الطلابي بحرية  تليق بثورة 25 يناير .

ومن واقع شهادات من طلاب الاتحادات حصلت عليها مؤسسة حرية الفكر والتعبير ، فالاتحاد العام لطلاب مصر لم يحافظ على أهدافه وأساس كيانه القائم على التنوع و تمثيل كافة التيارات الطلابية .

فقد سار المؤتمر كما كان مخططا ً له بغض النظر عن بعض الانقسامات والخلافات الداخلية بين الجامعات الخاصة والحكومية والتي بدأها اثنين من اتحادات الجامعات الحكومية المعروفين و المعينين من قبل النظام السابق، وتم الاتفاق على تكوين مجلسين داخليين للجامعات الخاصة و الحكومية كلا على حدة ، ويجتمعون فقط في الأمور التي تخص الوطن و يمثلهم مكتب تنفيذي،تم اختيار أعضاؤه السبعة في آخر أيام المؤتمر.[3] و تم الإعلان عن تكوين اتحاد طلاب مصر .

 

وكان له دور في التنظيم لمظاهرات إقالة القيادات الجامعية في سبتمبر 2011 و ما بعده وشارك في عدة أنشطة طلابية، وبدأ العمل على إقرار لائحة طلابية تمثل المبادئ التي قام على أساسها الاتحاد .[4]

 

نظّم الاتحاد مؤتمرا في دار الدفاع الجوي برعاية وزارة التعليم العالي يوم 17 أكتوبر 2011 حضره عضو من مؤسسة حرية الفكر و التعبير، لمناقشة مقترح لائحة طلابية جديدة أثارت جدلاً واسعاً [5] فقد شبهها أغلب طلاب التيارات السياسية بأنها إعادة إنتاج للائحة 79 مع الترويج لها على أنها لائحة الثورة، علما بأن ظهور اللائحة نفسها شابه الغموض حيث لم يكن أحد يعلم على وجه الدقة من أين أتت المسودة الأولى للائحة ، حتى بين طلاب اتحاد طلاب مصر أنفسهم . وشهدت طريقة إدارة الاجتماعات رفضاً شديداً من طلاب الجامعات الخاصة ، حيث قال الطالب مصطفي شمعة رئيس اتحاد طلاب جامعة النيل في شهادته :\” وجدنا نحن كاتحادات جامعات خاصة وأهلية إقصاء تام لنا ولآراء طلابنا عندما اعترضنا على مقترح مقدم من الاتحاد أقل ما يوصف به هو الديكتاتورية، فقد كانت هناك مواد في اللائحة تمنع تكوين أي أسر أو جماعات على أساس فكر أو تيار سياسي معين، ومادة تمنع العمل السياسي في الجامعة صراحة، وتمت دعوتنا إلى مؤتمر جامعة القاهرة في 18 أكتوبر تحت ضغطنا على طلبة الاتحاد، وعند حضورنا فوجئنا باستبعادنا من التصويت وتهميش دورنا تماماً فاتفقنا على الانسحاب من المؤتمر، وقد كان وانسحب معنا اتحاد طلاب جامعة القاهرة ، وكان الاتفاق مع معظم التيارات السياسية على القيام بمظاهرة أمام القبة لدعم هذا القرار.\”[6]

 

و كان مقررا لهذا المؤتمر أن يقر اللائحة الطلابية التي لم يوافق عليها جميع طلاب الحركات السياسية وطلاب اتحاد جامعة القاهرة ، وطلاب اتحادات الجامعات الخاصة ، وأصدر طلاب ينتمون إلى حركات وأحزاب سياسية مختلفة بيانا يرفضون فيه تعديل اللائحة التنفيذية الطلابية لقانون تنظيم الجامعات «في الغرف المغلقة»، واستنكر الطلاب تكتم الممثلين المختارين عن الطلاب ومعهم وزارة التعليم العالي، على نصوص اللائحة الجديدة.

وقال البيان الذي صدر باسم «بيان القوى الطلابية الموحد» إن الحركات الطلابية بالقوى السياسية الموقعة عليه، تستنكر وترفض بشدة كل ما يتم الآن من اجتماعات وحوارات «خفية تتم بالغرف المغلقة بعيدا عن أعين طلاب مصر»، بشأن تعديلات اللائحة الطلابية ووقع على البيان طلاب حركة 6 أبريل، وطلاب أحزاب التحالف الشعبي الاشتراكي، وحزب العمال الديمقراطي، والحزب الديمقراطي الاجتماعي، وطلاب الإخوان المسلمين، والاشتراكيين الثوريين، وأندية الفكر الناصري، وحزب العمل الإسلامي، وطلاب حركة شباب من أجل العدالة والحرية، ومجموعات طلابية أخرى بجامعات مصر المختلفة.[7]

 

على إثر هذه الفعاليات، تراجع لاتحاد عن طرح اللائحة التي أعدها والتي كان يريد إقرارها في مؤتمر جامعة القاهرة، ودعا ممثلي القوى الطلابية بالجامعات لاجتماع لمناقشة اللائحة الجديدة،و لكن ظهر في الاجتماع ميول طلاب الاتحاد الإقصائية وإرادتهم للانفراد بوضع اللائحة بعيداً عن أعين الطلاب ، ولذلك قرر طلاب الحركات الانسحاب من الاجتماع .[8]

 

وخفت وتيرة العمل على اللائحة الطلابية والاهتمام بها نظراً للأحداث التي شهدتها البلاد ،ثم خرج علينا بيان صحفي من وزارة التعليم العالي يفاجئنا إنه تم الاتفاق على لائحة مقدمة من \”الطلاب أنفسهم\” على هامش اجتماع الوزير حسين خالد بالمجلس الأعلى للجامعات بتاريخ 7 فبراير 2012![9]

 

بلا أي إعلان عن مضامين هذه الاجتماعات أو مواعيدها، و بلا نشر أي محاضر لما تم الاتفاق فيه عليها ودون تحديد من هم الطلاب الذين اجتمعوا بالوزير و قدموا – أو وافقوا – على اللائحة الطلابية التي تنتظر إعادة النظر في قانونيّتها لإقرارها!

 

و بعدها بأسبوع تقريباً ، خرج علينا بيان صحفي آخر للوزارة، بتاريخ 20 فبراير 2011 ، بأن \”اللائحة الطلابية الجديدة قد انتهى إعدادها ومراجعتها قانونياً، وقد تم إرسالها إلى جميع الجامعات للاسترشاد بها عند إجراء الانتخابات الطلابية وفقاً للقرار الوزاري الذي صدر بهذا الشأن.

وأضاف الوزير نحن حريصون على دعم الممارسة الديمقراطية داخل المجتمع الجامعي وضرورة اختيار الطلاب لممثليهم في الاتحادات الطلابية حتى يمكنهم ممارسة أنشطتهم المختلفة في مختلف الكليات.

وأعلن الوزير أنه من المنتظر الإعلان عن بدء الانتخابات الطلابية مع نهاية الشهر الجاري.

جدير بالذكر أن اللائحة الطلابية قام بإعدادها الطلاب بأنفسهم .\”![10]

 

جدير بالذكر أيضاً – وفقا لكل ما سبق من وقائع – أن اتحاد طلاب مصر ، كيان غير ممثل لعموم الطلاب، سواء على مستوى الاتحادات الطلابية بانسحاب طلاب اتحاد جامعة القاهرة منه، أو على مستوى توافق وتمثيل التنوع السياسي والفكري بانسحاب كل طلاب القوى السياسية تقريباً من اجتماعات الاتحاد، و اعتراضهم على اللائحة التي صاغها ، وحتى إذا افترضنا حسن النية في هذا الكيان، فلماذا لم يتم الإعلان عن اجتماعاتهم الغامضة مع الوزير؟ ولماذا لم يتم نشر محاضر هذه الاجتماعات أو أهم ما توصلت إليه؟ ولماذا لم يتم نشر اللائحة المقترحة ؟ أو السعي للحصول على توافق من المجتمع الطلابي عليها؟

كل هذه الأسئلة وإجاباتها المحتملة، توضح موقف مؤسسة حرية الفكر والتعبير من هذا الكيان ، و أننا نعتبره – و كذلك أغلب القوى الطلابية – كيان غير ممثل للطلاب ليلتقي مع وزيرهم و يقر معه لائحة بهذه الأهمية، فهي اللائحة الطلابية الأولى بعد ثورة 25 يناير 2011 ، وهي اللائحة الأولى التي تأتي بإرادة طلابية حقيقية في المشاركة وإحداث تغيير حقيقي في البيئة الأكاديمية الراكدة التي عانوا منها منذ لائحة 79 ، و تأتي بعد معارك حقيقية مع قيادات جامعية من نظام قديم وفاسد أدى إلى تخلف الجامعة وتأخرها ، والسيطرة عليها أمنياً و انتهاك استقلالها العلمي و السياسي .

كما أن طريقة إقرار اللائحة نفسها، تناقض القانون الذي لا يعطي لوزير التعليم العالي سلطة إصدارها و إنما يعطي هذا الحق بوضوح لمجلس الشعب.

 

وبناءً عليه فقد قامت مؤسسة حرية الفكر و التعبير برفع دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة تحمل رقم 24428 لسنة 66 ق، ضد كلا من وزير التعليم العالي، ورئيس جامعة عين شمس، وذلك للطعن على القرار الصادر من وزير التعليم العالي بإقرار اللائحة الطلابية وإرسالها إلى جميع الجامعات للاسترشاد بها عند إجراء الانتخابات الطلابية وذلك قبل التصديق عليها من السلطة.

 

وقد جاء هذا القرار المطعون فيه بإجراء الانتخابات الطلابية قبل عرض هذه التعديلات على السلطة التشريعية بالمخالفة للقانون ولدستور 1971 الذي صدرت في ظله اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات والتعديلات التي أدخلت عليها ، حيث لا يملك وزير التعليم العالي السلطة لإجراء مثل هذه التعديلات التي تخص السلطة التشريعية وحدها دون غيرها ، ومن ثم فإن ذلك يعتبر تعدي صارخ على سلطة مجلس الشعب مما يجعل من قرار وزير التعليم بتعديل هذه اللائحة وبدء إجراءات انتخابات الاتحادات الطلابية قراراً يشوبه عدم المشروعية.[11]

 

اللائحة الطلابية الجديدة بين قانونية إصدارها

وإعادة إنتاج بعض إشكاليات اللائحة القديمة

 

عدم اختصاص وزير التعليم العالي بتعديل اللائحة الطلابية وتعديه على اختصاصات السلطة التشريعية:

 

صدر بيان بتاريخ 20 فبراير 2012 عن وزارة التعليم العالي , يتضمن تصريح للوزير بأن اللائحة الطلابية قد انتهى إعدادها ومراجعتها قانونياً , وأنه قد تم إرسالها إلى جميع الجامعات للاسترشاد بها عند إجراء الانتخابات الطلابية وفقاً للقرار الوزاري الصادر بهذا الشأن.[12]

ووفقاً للتصريح السابق فإن وزير التعليم العالي يكون قد اعتدى على اختصاصات السلطة التشريعية المخولة بإصدار القوانين وتعديلاتها حيث إن قانون تنظيم الجامعات نص في مادته (196) , على تحديد سلطة إصدار اللائحة التنفيذية للقانون, التي تنص على:-

\” تصدر اللائحة التنفيذية لهذا القانون بقرار من رئيس الجمهورية بناءً على عرض وزير التعليم العالي وبعد أخذ رأي مجلس الجامعات وموافقة المجلس الأعلى للجامعات. وتتولى هذه اللائحة بصفة عامة وضع الأطر العامة لتنفيذ أحكام هذا القانون, وبيان النظم والأحكام العامة المشتركة بين الجامعات وتلك المشتركة بين بعض كلياتها ومعاهدها وتنظم هذه اللائحة، علاوة على المسائل المحددة في القانون…….\”.

وتتحدد سلطة رئيس الجمهورية في إصدار اللائحة التنفيذية في وضع الأطر العامة بتنفيذ أحكام قانون تنظيم الجامعات، فلا يحق لرئيس الجمهورية إجراء تعديل أو إضافة في اللائحة التنفيذية يخالف بها قانون تنظيم الجامعات، وبالنظر للقانون لا نجد أي نص يشير إلى الانتخابات الطلابية أو الاتحادات، وبالتالي يُعد إصدار قرار من رئيس الجمهورية بدمج اللائحة الطلابية ضمن اللائحة التنفيذية للقانون، تعديل بالإضافة وهو ما يخالف المبادئ القانونية في هذا الشأن.

ومؤسسة حرية الفكر والتعبير ترى أن السلطة الأصلية في إصدار التشريعات هي سلطة مجلس الشعب المنتخب، حيث نص الإعلان الدستوري الحالي على تحديد سلطة إصدار التشريعات وتعديل القوانين في المادة 33 التي تنص على:

\”يتولى مجلس الشعب فور انتخابه سلطة التشريع ، ويقرر السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، كما يمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية \”.

فضلا عن اغتصاب وزير التعليم العالي لاختصاصات لا يملكها, وعلى الرغم أيضاً من أن قرار الوزير تضمن اتخاذ الإجراءات التشريعية اللازمة لإصدار اللائحة , إلا أنه في ذات الوقت قد قرر إعمال اللائحة بصفة مؤقتة ، وهو ما لا يجوز قانوناً ، بل أن مخالفة قرار الوزير للقانون وللدستور لا تجد مبرر لها في الواقع ، حيث لا يوجد فراغ في المؤسسة التشريعية ، فمجلس الشعب منعقد ، ومن الضروري أن يتم عرض اللائحة عليه لإقرارها قبل العمل بها حتى ولو كان قرار الوزير قد وصف تفعيل اللائحة بأنه بصفة مؤقتة .

في سياق سابق كانت مؤسسة حرية الفكر والتعبير قد أقامت دعوى أمام المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية اللائحة الطلابية الأخيرة , وذلك لمخالفة اللائحة لقانون تنظيم الجامعات ونصوص مواد دستور سنة 1971 من حيث الشكل , حيث قام رئيس الجمهورية بإصدار القرار رقم 340 لسنة 2007 بتعديل أحكام اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات[13]منفردا دون رجوع لمجلس الشعب أو وزير التعليم العالي, ضارباً عرض الحائط بجميع نصوص مواد قانون تنظيم الجامعات ونصوص مواد الدستور الصادر عام 1971 , وترجع وقائع الدعوى الدستورية المشار إليها إلى دعوى أخرى أقامتها المؤسسة أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة آنذاك, طعناً على قرار رفض ترشيح أحد الطلاب في انتخابات الاتحاد الطلابي , استناداً لمخالفة رئيس الجمهورية حال تعديله للائحة الطلابية لقانون تنظيم الجامعات ونصوص الدستور الصادر في عام 1971 خاصة المواد (86) التي نصّت على أن السلطة التشريعية لمجلس الشعب , والمادة (144) التي نصت على سلطات رئيس الجمهورية في إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين , وهي المادة التي خالفها الرئيس في إصدار اللائحة السابقة مخالفة صريحة من حيث الشكل, وكانت تنص على أن \”يصدر رئيس الجمهورية اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها , وله أن يفوض غيره في إصدارها, ويجوز أن يعين القانون من يصدر القرارات اللازمة لتنفيذه \”

وهو الحال بالنسبة للائحة الجديدة التي أصدرها وزير التعليم العالي بموجب قرار إداري , فقد أعاد المخالفات السابقة جميعها, وهو ما رأت معه المؤسسة ضرورة الطعن على هذا القرار الوزاري , استناداً للأسباب سالفة البيان .

إيجابيات وسلبيات التعديل اللائحي الجديد من حيث المضمون 

 

أهم الإيجابيات في التعديل المقترح للائحة

 

نتناول هنا أبرز وأهم التعديلات الإيجابية ضمن مقترح اللائحة الطلابية الجديدة وهي كالتالي:

  1. عودة لجنة النشاط السياسي بعد إلغائها لسنوات طويلة :

أعادت المادة رقم (322) لجنة النشاط السياسي داخل الجامعات المصرية ضمن لجان الاتحاديات الطلابية , تلك اللجنة التي شكل إلغائها بموجب لائحة 1979 اعتداء صارخاً على حق الطلاب في التعبير عن آرائهم وحقهم في تنظيم أنفسهم ، وهو ما تراه المؤسسة تطوراً إيجابياً في دعم حقوق الطلاب وحرياتهم .

  1. حق الطلاب في اتحاد طلابي منتخب :-

كانت اللائحة الصادرة عام 2007  تعطي الحق لعميد الكلية في تعيين الاتحاد في حالة عدم وصول نسبة الأصوات لـ 20% في جولة الإعادة[14], وهو ما كان ينتج عنه تعيين الطلاب المقربين من إدارة الكلية في الاتحاد, ومعبرين عن مواقفها وليس عن الطلاب ، وهو ما تداركته التعديلات على المادة (321) التي ألغت نسبة ال 20 % .

3. عودة اتحاد طلاب مصر بعد غياب :

نصت المادة (328) على عودة اتحاد طلاب مصر وهو ما يعبر عن رغبة جموع الطلاب , في تشكيل كيان موحد يعبر عن مواقف الاتحادات الطلابية بالجامعات المصرية, وإعطائه صلاحيات باتخاذ القرارات المعبرة عنه, والتي تضمن تمثيل أكبر قدر من اتحادات الجامعات , بما فيها اتحادات الجامعات الخاصة, وفروع جامعة الأزهر,

4. المراقبة علي انتخابات الاتحادات الطلابية :-

من أهم المميزات أيضا نص المادة (4) من اللائحة الإدارية من وجود لجان للإشراف على انتخابات الكليات والجامعة علي النحو التالي :

1. خمسة من أعضاء هيئة التدريس أو معاونيهم .

2. عشرة طلاب كحد أدنى وبحد أقصى عشرين طالباً .

وتنص المواد من المادة (5) حتى المادة (14) على اختصاصات تلك اللجنة, وقواعد فرز الأصوات , والانتخابات التي سوف تعقد تحت إشرافها .

وتعتبر تلك المواد من أهم الضمانات التي جاءت بها المواد المضافة بمقترح اللائحة الطلابية الجديدة, لضمانة نزاهة انتخابات الاتحادات الطلابية , وإرساء لقواعد الشفافية والمراقبة الطلابية داخل الجامعات المصرية التي كانت تفتقدها على مدار سنوات طوال .

 

  1. مواد مفصله للائحة المالية للاتحادات الطلابية :

اللائحة المالية جاءت مفصله تفصيلاً شاملاً حيث تضمنت ستة فصولاً بدءًا من المادة (29) حتى المادة (69) , الفصل الأول الموازنة المالية للاتحادات الطلابية ,الفصل الثاني التحصيل والصرف والقيد , الفصل الثالث الأجور والمكافآت والبدلات, التي تصرف للموظفين أو أعضاء هيئة التدريس أو طلاب بخصوص أعمال الاتحادات , الفصل الرابع استضافة الوفود , الفصل الخامس الرحلات والمعسكرات , الفصل الأخير السلف والتوريدات , وهو ما تراه المؤسسة تطوراً إيجابياً في اتجاه إخراج الاتحادات من تحت سيطرة رعاية الشباب التي ظلت محتكرة صندوق مجلس الاتحاد , وتمنع حق الطلاب في إدارة أموالهم التي يدفعونها لممارسة أنشطتهم الطلابية , أو الإطلاع على موازنة الاتحاد , ومعرفة أوجه صرف تلك الأموال طوال مدة انتخابه .

 

أبرز وأهم السلبيات في التعديل اللائحي الجديد:

 

1. الأنشطة الطلابية بين الأخطار والموافقة :

عدل مقترح اللائحة الطلابية الجديدة شرط إقامة أي نشاط طلابي , من الموافقة إلى وجوب إخطار مجلس اتحاد الطلاب, قبل إقامته بمده لا تقل عن 5 أيام للتنسيق مع الأنشطة الأخرى .

وأعطى رخصة لمجلس الاتحاد بأغلبية الثلثين رفض إقامة أي نشاط , في حاله مخالفته التقاليد والأعراف الجامعية , ويتم إبلاغ وكيل الكلية ,أو المعهد, أو نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب (بحسب الأحوال ), لاتخاذ ما يلزم لإيقاف النشاط , وفقاً للمادة (331) من مقترح اللائحة .

وتعتبر المؤسسة أن هذا التعديل يتضمن إعاقة لحق الطلاب في ممارسة حرية الرأي والتعبير داخل الحرم الجامعي , بعدما ألغي شرط الموافقة لإقامة أي نشاط من قِبل وكيل الكلية أو نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب , يتم إعادة نفس الجهة الرقابية على إقامة أي أنشطة طلابية , ولكن بأن تكون الجهة الرقابية طلابية , كما أن هذه المادة لم تضع أية معايير لرفض الأنشطة الطلابية , غير أنها استخدمت نفس العبارات المطاطة مثل \” التقاليد والأعراف الجامعية. التي لم يتسنَ حتى الآن وضع تعريف واضح وصريح لها.

2. حق الطلاب في تنظيم أنفسهم وحقهم في الترشيح والانتخاب:

تحتوي نصوص المواد في مقترح اللائحة الطلابية الجديدة على مادتين تعيدان نفس إشكاليات اللائحة القديمة . المادة الخاصة بتعريف الاتحادات الطلابية , والثانية بخصوص تشكيل الاتحادات وتنص المادة الأولى من اللائحة (318) \” الاتحادات الطلابية بالجامعات المصرية هي التنظيمات الشرعية الممثلة لطلاب الكليات والمعاهد والجامعات المصرية ويمارسون من خلالها كافة الأنشطة الطلابية , ……………..وهي ممثلهم الوحيد أمام الجهات المعنية \”

عبارة الممثل الوحيد أمام الجهات المعنية تعني تضيق مشاركة الطلاب في تمثيل أنفسهم , ووضع قيود على حقهم في التنظيم , داخل كيانات تعبر عنهم , خارج أطر الاتحادات الطلابية , فأي كيان طلابي آخر ليس له حق تمثيل الطلاب أمام أيا من الجهات المعنية سواء الوزارة أو مجلس الشعب أو…..الخ .

أما المادة الثانية الأكثر خطورة في ظل العمل بتلك اللائحة هي المادة (319) \”تشكل الاتحادات الطلابية من طلاب الكليات والمعاهد الجامعية المقيدين بها لنيل درجة البكالوريوس أو الليسانس , ويشترط فيمن يتقدم لعضوية لجان ……………,

لطلاب التعليم المفتوح والدراسات العليا والوافدين المسددين لرسوم الاتحاد الحق في ممارسة كافة أنشطة الاتحاد دون أن يكون لهم حق الانتخاب أو الترشيح\”، أعادت تلك المادة حرمان المجموعات التي تشكل النسبة الأكبر بين الطلاب , من حقهم في الترشيح والانتخاب , كما تجاهلت تلك المادة طلاب الانتساب على الرغم من إلغاء نظام الانتساب الموجه , إلا أن هناك مجموعات من الطلاب ما زلوا مقيدين بذلك النظام وقد أسقطهم ذلك المقترح من حسبانه.

وإجمالا فعلى الرغم من كون الهيكل العام اللائحة الطلابية الجديدة يعطي انطباعا عاما بأفضليتها على اللوائح السابقة، خاصة مع مقارنتها بلائحة 2007 أو لائحة 1979 – والتي لا يفترض المقارنة بهما في الأساس في ظل ثورة توقع الجميع اختلاف الأمور كليا بعدها- ، إلا أنه بعد القراءة المتأنية للائحة وخلفية إصدارها نجد أن المشكلات المتعلقة باللائحة هي في الحقيقة مختلفة عن تلك المرتبطة باللوائح السابقة، فهي أوجدت مساحات أوسع من حرية الحركة للاتحادات الطلابية بالفعل ولكنها في الوقت ذاته ضيقت النطاق تماما عن أية إشكال أخرى للعمل الطلابي أو التنظيم داخل الجامعات، بل يزيد على ذلك أنها أعطت لاتحاد الطلاب سلطة مراقبة جميع أشكال العمل الطلابي داخل الجامعة، وسلطة الاعتراض أو الموافقة والتدخل بالمنع لأي عمل طلابي يراه أعضاء الاتحاد يتعارض مع الأعراف والقيم الجامعية، والتي لازالت بدون تعريف واضح حتى الآن، وهو ما يتعارض تماما مع مبدأ إطلاق حرية العمل الطلابي وحرية التعبير والتنظيم للطلاب، ويفرض شكلا جديدا من السلطة والرقابة من مجموعة طلابية على المجموعات الأخرى، وهو أمر بالغ الخطورة ينبغي الانتباه له حتى لا نقع في دائرة جديدة من القيود على النشاط الطلابي.

 


[1]http://www.gucinsider.com/index.php/666/the-student-union-of-the-egyptian-universities-creation-ar مقال عن فعاليات المؤتمر من موقع الجامعة الأمريكية التي استضافت مؤتمر الاتحاد العام لطلاب مصر الأول.

[2]– صفحة الجامعة الأمريكية للدعوة للمؤتمر على فيس بوك http://www.facebook.com/events/131160703645670/

[3]– من نص شهادة الطالب مصطفي شمعة،رئيس اتحاد طلاب جامعة النيل ،عن تكوين اتحاد طلاب مصر ،موثقة لدى مؤسسة حرية الفكر و التعبير

[4]– من نص شهادة الطالب هانئ شريف عضو اتحاد طلاب جامعة القاهرة،عن تكوين اتحاد طلاب مصر،موثقة لدى مؤسسة حرية الفكر و التعبير

[5]– النسخة التي وصلت إليها مؤسسة حرية الفكر و التعبير في اليوم التالي للمؤتمر http://www.afteegypt.org/academic_freedom/2011/10/18/427-afteegypt.html

[6]– الشهادة السابقة للطالب مصطفي شمعة.

[7]– جريدة المصري اليوم،  http://www.almasryalyoum.com/node/506261طلاب حركات سياسية يدعون لوقفة ضد «اللائحة الطلابية» غدًا

[8]– من نص شهادة الطالب محمد ناجي،عن انتخابات الاتحادات الطلابية و إتحاد طلاب مصر ، موثقة لدى مؤسسة حرية الفكر و التعبير

[9] – موقع وزارة التعليم العالي ،قسم البيانات الصحفية http://www.egy-mhe.gov.eg/detail_feb12.asp#e8

[10]– المرجع السابق ، بيان إعلامي

[11]–  للاطلاع علي عريضة الدعوى القضائية علي موقع مؤسسة حرية الفكر و التعبير http://www.afteegypt.org/academic_freedom/2012/02/21/517-afteegypt.html

[12]– البيان منشور في موقع وزارة التعليم العالي  http://www.egy-mhe.gov.eg/detail_feb12.asp#e8

[13]– العدد 41 مكرر في 17أكتوبر سنة 2007 من الجريدة الرسمية .

[14] – المادة 321 من اللائحة الطلابية وفقاً لأخر التعديلات التي طرأت عليه سنة 2007

 

 

للتحميل pdf

 

للإطلاع علي اللائحة اضغط هنا

 

للإطلاع علي القرار الوزاري الخاص بإصدار اللائحة

 

تابعونا على :

آخر التحديثات

للإشتراك في نشرة مؤسسة حرية الفكر والتعبير الشهرية

برجاء ترك بريدك الالكتروني أدناه.