في إطار استكمال مؤسسة حرية الفكر والتعبير لما بدأته يوم الأحد الماضي من نشر سلسلة مقالات قصيرة تناقش القرارات والإجراءات الإدارية التي اتخذتها السلطة التنفيذية وإدارات الجامعات الحكومية وجامعة الأزهر من أجل استعادة الاستقرار للمجتمع الجامعي قبل بداية العام الدراسي الحالي ٢٠١٤/٢٠١٥، تنشر المؤسسة اليوم المقال الرابع والذي يحمل عنوان «اللائحة الطلابية بين رفض الطلاب وإصرار الإدارة»
اللائحة الطلابية بين رفض الطلاب وإصرار السلطة التنفيذية
اتخذت السلطة التنفيذية والمجلس الأعلى للجامعات وإدارات الجامعات عدد من القرارات والإجراءات الإدارية قبل بدء العام الجامعي الحالي ٢٠١٤م/٢٠١٥م بزعم أنها تهدف لوقف النزاع ومنع تكرار العنف الدموي الذي كان عنوانًا للمشهد الجامعي في العام الدراسي الماضي. ولكن حقيقة الأمر أن تلك الإجراءات ما هي إلا خطوات لمحاولة غلق المجال داخل الجامعات أمام أي نشاط طلابي -وتحديداً- النشاط السياسي، وظهر ذلك بوضوح بعد مطالبة الرئيس عبد الفتاح السيسي طلاب مصر خلال مشاركته في تكريم أوائل الخريجين بجامعة القاهرة، يوم الأحد الموافق ٢٨ سبتمبر الماضي، بالابتعاد عن السياسة والتركيز في التعليم .
من بين تلك الإجراءات محاولة المجلس الأعلى للجامعات إدخال تعديلات على اللائحة الطلابية المعمول بها الآن -والمعروفة بين الأوساط الجامعية بلائحة الإخوان- والتي كانت قد أُقرت عام 2012م، باستعادتها لتلك المساحات التي استطاع الطلاب انتزاعها وعلى رأسها الاستقلال المالي للاتحادات الطلابية وحرية النشاط وتكوين الأسر بمجرد الإخطار. وهو ما نؤكد على أنه سوف يعمق من الأزمة داخل الجامعات المصرية ويزيدها تعقيدًا من خلال زيادة حدة التوتر بين قطاعات من الطلاب من جهة وإدارات الجامعات والسلطة من جهة أخرى مما سيهدد انتظام سير العملية التعليمية.
وحسب عضو اتحاد طلاب مصر، أنس سلام، فإن التعديلات المقترحة من قبل المجلس الأعلى للجامعات تعيد سيطرة إدارات الجامعات ورعاية الشباب على الاتحادات الطلابية وعلى النشاط داخل الجامعات.
كان اتحاد طلاب مصر قد شكل لجنة مكونة من 9 أعضاء من عدة اتحادات جامعية تعمل على كتابة مشروع قانون طلابي يتم إدراجه كأحد أبواب قانون تنظيم الجامعات، وقد نتج عن تلك اللجنة مسودة أولية تم تسليمها لوزير التعليم العالي -آنذاك- الدكتور، وائل الدجوي، لإرسالها إلى الجامعات لإبداء الملاحظات عليها، وقامت -بالفعل- بعض الجامعات بمناقشة اللائحة وإبداء بعض الملاحظات عليها إلا أنه لم يتسنى للجنة التسعة الإطلاع على الملاحظات حسب أنس سلام عضو اتحاد طلاب مصر.
وعلى صعيد موازي شكّل المجلس الأعلى للجامعات لجنة برئاسة نائب رئيس جامعة القاهرة لشئون التعليم والطلاب الدكتور عز الدين أبو ستيت للنظر في تعديل اللائحة الطلابية.
واجتمع أعضاء من لجنة التسعة مع الدكتور “أبو ستيت” للتوصل إلى اتفاق حول المسودة النهائية، إلا إنهم اختلفوا حول ما إذا كان سيتم تضمين التعديلات كباب منفصل بقانون تنظيم الجامعات -كما تطالب لجنة التسعة- أم تظل مجرد لائحة تنفيذية لقانون تنظيم الجامعات، ولم يتم حسم تلك النقطة.
بعدها قدّم عدد من أعضاء لجنة التسعة مذكرة لوزير التعليم العالي الجديد الدكتور، السيد عبد الخالق، طالبوه فيها بالموافقة على إقامة معسكر يضم رئيس ونائب رئيس اتحاد طلاب كل جامعة بالإضافة إلى طالبين من طلاب النشاط في كل جامعة وعدد من نواب رؤساء الجامعات ومسئولي رعاية الشباب لمناقشة مسودة القانون الطلابي التي أخرجتها لجنة الـ9 للوصول إلى صيغة نهائية يتم إقرارها.
وافق الوزير على إقامة المعسكر، إلا أنه تدخل في تغيير خريطة من له حق حضور هذا المعسكر، حيث أرسل الاتحاد الرياضي للجامعات طلب إلى إدارات الجامعات الحكومية لترشيح أربعة طلاب لحضور المعسكر المزمع إعداده للتوافق حول اللائحة الطلابية على أن يكون من بينهم اثنين من أعضاء الاتحاد واثنين من طلاب النشاط، ولم يتم دعوة أي من رؤساء أو نواب رؤساء الاتحادات الذين لم ترشحهم جامعاتهم. وهو ما يمثل افتئاتًا صارخًا على حق هؤلاء الطلاب في حضور المعسكر باعتبارهم ممثلين شرعيين تم انتخابهم من قبل الطلاب لتمثيلهم في إقرار مثل تلك الأمور.
لم يقف الأمر عند ذلك فقد فوجئ أعضاء الاتحادات الطلابية ممن حضروا معسكر الاتفاق على اللائحة الطلابية والذي عُقد في الفترة ما بين ٢٣-٢٦ أغسطس ٢٠١٤م بمدينة أبو قير بالإسكندرية، بأنه لن يتم فتح النقاش حول بنود القانون الطلابي الذي أعدته لجنة التسعة المشكلة بقرار من اتحاد طلاب مصر، وأنه سيتم النقاش حول بنود اللائحة الطلابية المعدة من قبل المجلس الأعلى للجامعات فقط، وهو الأمر الذي رفضه أعضاء الاتحادات الطلابية الذين اتخذوا بدورهم قراراً بالانسحاب من المعسكر رافضين ما أسموه محاولة المجلس الأعلى للجامعات ووزارة التعليم العالي إقرار لائحة طلابية تسهم في غلق المجال أمام حرية التعبير والتنظيم داخل الجامعات.
وتؤكد مؤسسة حرية الفكر والتعبير أن المحاولات التي يقوم بها المجلس الأعلى للجامعات لتمرير لائحة طلابية رفضها عدد كبير من ممثلي الطلاب الشرعيين يُعد انتهاكاً صريحاً لحق الطلاب في صياغة الدستور الذي ينظم شئونهم ونشاطهم داخل الجامعة ولا يعبر سوى عن استعادة روح الوصاية من جديد على كل تفاصيل المشهد الجامعي وهو الأمر الذي قد يتسبب في مزيد من التوتر بين الطلاب وإدارات الجامعات مع بداية العام الدراسي، خاصة وأنه من المفترض أن يتم إجراء انتخابات الاتحادات الطلابية لهذا العام وفقًا للائحة الجديدة بعد تأجيلها لمدة عام.