2 يناير 2025
تدين مؤسسة حرية الفكر والتعبير قرار الهيئة العامة للكتاب منعَ دار المرايا للثقافة والفنون من المشاركة في دورة معرض القاهرة الدولي للكتاب لعام 2025، دون إبداء أي أسباب، في استمرار لاستهداف الدار أمنيًّا ورقابيًّا بشكل مكثف خلال السنوات الأخيرة بهدف إعاقتها عن ممارسة دورها الثقافي. وتعتبر المؤسسة قرار استبعاد المرايا تعديًا صارخًا على الحق في حرية الإبداع والتعبير الفني التي كفلها الدستور وضمنتها المواثيق الدولية. وتطالب المؤسسة الهيئة بإلغاء القرار وتمكين المرايا من المشاركة في المعرض دون أي عوائق والتوقف الفوري عن ملاحقتها.
بحسب بيان المرايا فقد فوجئت الإدارة بإغلاق حساب الدار على موقع المعرض، وبالتالي عدم تلقيهم إذنًا بدفع الرسوم المخصصة لإيجار جناحهم بالمعرض، كما هو الحال مع باقي دور النشر. ذلك رغم تسجيل الاشتراك في الموعد المقرر وتسديد كافّة الالتزامات المالية تجاه المعرض طوال سنوات مشاركة المرايا منذ عام ٢٠١٧. وهو القرار الذي سيكون له آثار مادية وتسويقية تضر بمستقبل الدار وقدرته على الاستمرار.
وتشير سلسلة الانتهاكات التي لاحقت المرايا خلال السنوات الأخيرة إلى الاستهداف السياسي الذي تتعرض له بهدف تصفيتها وحصارها، إذ تعرضت الدار خلال العامين الأخيرين فقط لواقعتي اقتحام لمقر الدار ومصادرة عديد من الكتب والأجهزة والأوراق والملفات المالية والقبض على عاملين بالدار وتحرير المحاضر ضدهم، ومن قبل قامت بمثل هذا جهات متعددة مثل مباحث المصنفات الفنية، ومباحث التهرب الضريبي، وغيرها من الجهات، التي تحاول من خلالها السلطات المصرية إبعاد الشبهات حول الاستهداف السياسي لتلك المؤسسات.
كانت آخر تلك الوقائع اقتحام قوة أمنية كبيرة تضم مباحث قسم عابدين، ومباحث المصنفات الفنية، ومباحث التهرب الضريبي مقر المرايا مساء السبت ٢٧ يوليو الماضي عقب الانتهاء من ندوة كانت تنظمها المرايا، وانصراف جميع المتواجدين باستثناء أحد المساعدين الإداريين الذي ألقت القوة القبض عليه بعد تفتيش استمر ما لا يقل عن خمس ساعات، حرَّزت خلالها القوة ٢١٧ كتابًا، وجهاز حاسب آلي، بالإضافة إلى أربع كراتين من الملفات المالية والقبض على أحد العاملين الإداريين قبل أن يتم الإفراج عنه بعد ساعات من القبض عليه.
تأتي التحركات الأخيرة ضد المرايا خلال عام ٢٠٢٤ كعقاب على محاولتها إصدار الطبعة الثانية لديوان “كيرلي” للشاعر والمُعارض أحمد دومة والإعلان عن تنظيمها ندوة وحفل توقيع الديوان بحضور دومة وهي الندوة التي أعلنت المرايا بعد وقت قليل من إعلان موعد انعقادها عن إلغائها وسحب الديوان بعد حملة تكفير قادها عدد من رجال الدين المقربين من النظام المصري، بينما سببت الشركة الإلغاء بظروف خارجة عن إرادتها.
وتؤكد مؤسسة حرية الفكر والتعبير أن انتهاك المنع من المشاركة في معرض القاهرة الدولي للكتاب لا يمكن اعتباره انتهاكًا مستحدثًا، بل هو انتهاك منهجي اعتادت عليه إدارة المعرض خلال السنوات الأخيرة، دون إبداء أسباب، بينما تُرجِع المؤسسة المنع إلى أسباب سياسية وأمنية من الأساس، وهو ما يؤكده تتبع المؤسسة لحالات المنع خلال الدورتين الأخيرتين لمعرض الكتاب في تقريرين أصدرتهما المؤسسة في هذا الشأن، اللذين يوثقان استبعاد دور نشر واسعة الانتشار من المشاركة في المعرض من بين أبرزها دار تنمية التي أعلنت في وقت سابق على نشر البيان عن مشاركتها في معرض الكتاب للعام الحالي بعد عدة سنوات من المنع.
ويتم المنع بأكثر من وسيلة أبرزها رفض النظام الإلكتروني فتح مساحة حجز جناح بالمعرض لدار النشر، وهي المرحلة الثانية في التسجيل الإلكتروني عبر موقع المعرض بعد استيفاء الأوراق المطلوبة للمشاركة ودفع الرسوم المحددة عبر المساحة المخصصة لذلك في موقع المعرض على الإنترنت.
إن استهداف دار المرايا وغيرها من المؤسسات الثقافية يأتي في سياق عام تقمع فيه السلطات المصرية، بمختلف أجهزتها، كل أشكال الحق في حرية التعبير بوجه عام، وحرية الإبداع والتعبير الفني بشكل خاص، وهي السياسات التي كان لها كبير الأثر في تراجع وتردي المناخ الثقافي في مصر خلال السنوات الأخيرة، الذي يبدو، أنه لن يتوقف دون مواجهة لمثل تلك الممارسات والتصدي لها، الأمر الذي يحتاج إلى إرادة سياسية ترى مؤسسة حرية الفكر والتعبير أنها لا زالت غائبة.