محاكمة الفنانة رانيا يوسف: اعتداء جديد على حرية الملبس وعلى نقابة المهن التمثيلية أن تتوقف عن المساءلة الأخلاقية وتدعم المبدعين

تاريخ النشر : الإثنين, 3 ديسمبر, 2018
Facebook
Twitter

 تابعت مؤسسة حرية الفكر والتعبير تطورات الأزمة التي أثارتها وسائل صحفية وإعلامية حول ظهور الفنانة رانيا يوسف في حفل ختام الدورة الأربعين لمهرجان القاهرة السينمائي بثوب رآه منتقديها أنه كاشف ويخدش الحياء العام. وتؤكد مؤسسة حرية الفكر والتعبير في البداية على أن الملبس هو حرية شخصية لأفراد المجتمع، لا يجوز بأي حال توقيع عقوبات إدارية أو جنائية تتعلق به، وعلى الدولة ومؤسساتها أن تحترم المواثيق الدولية وبنود الدستور التي تؤكد على كفالة الحقوق الشخصية ومنها حرية الملبس. تنص المادة 54 من الدستور المصري على أن ”الحرية الشخصية حقٌ طبيعي، وهي مصونة لا تُمس …”، كذلك نصت المادة 99 على أن ” كل اعتداءٍ على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور جريمة لا تسقُط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم وللمضرور إقامة الدعوى الجنائية بالطريق المباشر وتكفل الدولة تعويضًا عادلًا”. وتدين مؤسسة حرية الفكر والتعبير رد الفعل المتخاذل والذي عبر عنه بيان نقابة المهن التمثيلية، والتي وقفت فيه النقابة ضد حرية عضو من أعضائها، بل أنها هيأت الرأي العام لهجوم أخلاقي أكثر ضراوة ضد الواقعة. وكانت نقابة المهن التمثيلية برئاسة الدكتور أشرف زكي، قد أصدرت الجمعة الماضية بيانًا صحفيًا عن “الأزمة” التي سببها الفستان الذي ارتدته الفنانة رانيا يوسف، وجاء في البيان أن “المظهر الذى بدت عليه بعض ضيفات المهرجان لا يتوافق مع تقاليد المجتمع وقيمه وطبائعه الأخلاقية، الأمر الذي أساء لدور المهرجان والنقابة المسؤولة عن سلوك أعضائها”. كما أعلنت النقابة عن التحقيق في التجاوزات التي حدثت تجاه المجتمع وتوقيع الجزاءات اللازمة لضمان عدم تكرار الفعل. تحث مؤسسة حرية الفكر والتعبير نقابة المهن التمثيلية، وغيرها من النقابات الفنية، على الالتزام بالأدوار المخولة لها طبقًا لقانون إنشائها رقم 35 لسنة 1978، والمعدلة بعض أحكامه برقم 8 لسنة 2003 بشأن إنشاء نقابات واتحاد نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية. وأن لا تتخطاها بلعب أدوار معاكسة تماما لطبيعة إنشائها. وتعدد المادة الثالثة من القانون السابق ذكره الأدوار المفترض أن تلعبها النقابات المهنية، والتي تنصب أولًا وأخيرًا على دعم المهنة وأصحابها، والعمل على تطوير قدراتهم، والتشبيك والتواصل بين أعضائها وباقي الجهات، وتنص في أحد بنودها على أن تضمن النقابة “العمل على كفالة حقوق أعضاء النقابة في الأداء العلني وضمان حصولهم على هذه الحقوق في الداخل والخارج والسعي لدى الجهات المختصة لاستصدار التشريعات اللازمة لذلك”. وعلى الرغم من تراجع النقابة عن موقفها في بيانها الثاني، والتي أصدرته أمس الأحد، وأعربت خلاله عن انزعاجها من رد الفعل المبالغ تجاه الواقعة والإحالة للمحاكمة، إلا أن الإدانة الشديدة في بيان النقابة الصادر عن الواقعة، والتي استمرت في البيان الثاني، ولكن بنبرة أقل حدة هو ما ساهم بلا شك في زيادة حدة الهجوم. تجدر الإشارة هنا إلى أنه عقب صدور بيان النقابة الأول، حددت محكمة جنح الأزبكية جلسة 12 يناير القادم، لنظر جنحة مباشرة أقامها عدد من المحامين ضد الفنانة رانيا يوسف، تحمل رقم 15442، متهمين إياها بـ”الفعل العلني الفاضح والتحريض على الفسق والفجور وإغواء القصر ونشر الرذيلة بالمخالفة للأعراف والتقاليد والقوانين السائدة في المجتمع المصري”. وتجدر الإشارة هنا إلى خطورة بعض المواد التي يتضمنها قانون العقوبات، والتي تحمل مصطلحات ومعاني فضفاضة تجوز من خلالها توقيع عقوبات سالبة للحرية، والتي من المتوقع أن تحاكم وفقا لها رانيا يوسف. تنص المادة  278 من قانون العقوبات على أنه “كل من فعل علانية فعل فاضح مخل بالحياء؛ يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنة أو بغرامة لا تتجاوز 300 جنيه”. كما طالب أعضاء بالبرلمان المصري، بتدخل لجنة الثقافة والإعلام بالمجلس، ووزارة الثقافة، واتخاذ إجراءات رادعة تتضمن قرارًا بمنع دعوة رانيا يوسف للمهرجانات عام أو عامين. كما دعا إعلاميون وبرلمانيون أجهزة الأمن الوطني ووزارة الداخلية لتقديم بلاغات ضد رانيا يوسف، حفاظًا على أخلاق المصريين على حد تعبيرهم. ومن هنا ندعو نقابة المهن التمثيلية وباقي النقابات المعنية للتوقف عن المساءلة الأخلاقية التي تجريها بحق الأعضاء، وكذلك الأحكام الأخلاقية على المبدعين من غير المنتسبين للنقابة مثل التصريحات السابقة التي حذرت من التعامل مع بعض الأفراد في الوسط الفني بدعوى “تشويه صورة الفن المصري والعاملين به”. وترى مؤسسة حرية الفكر والتعبير أن هذه المواقف المتخاذلة تجاه الأعضاء تفتح أبوابًا للتدخل باسم الأخلاق والمجتمع والتضييق على الحرية الشخصية للأفراد في المجال الثقافي والفني، وكذلك تقييد حرية الإبداع. وعلى نقابة المهن التمثيلية ألا تتناسى صدور أحكام قضائية في وقت سابق بحق مبدعين في وقائع جرى توجيه انتقادات بدعوى الأخلاق فيها، حيث قضت محكمة جنح النزهة العام الماضي بحبس المطربة شيما ومخرج كليب “عندي ظروف” مدة عامين _ خففت لاحقًا إلى عام _ وتغريمهم مبلغ 10 آلاف جنيه بتهمة نشر فيديو خادش للحياء. لذا على نقابة المهن التمثيلية وكافة النقابات الفنية أن تتخلى عن الوصاية على سلوك الأعضاء المنتسبين إليها، وأن تتوقف عن الانجرار إلى حملات تقيد حرية الأعضاء الشخصية، كما ندعو النقابة إلى توخي الحذر من أن تصبح وسيلة للهجوم على المبدعين والاصطفاف ضدهم، عوضًا عن تقديم الخدمات للأعضاء ودعمهم، وضمان تمتعهم بكافة الحقوق، وتوفير السبل والآليات لضمان ذلك، وكذلك ضمان توفر بيئة حاضنة ومحفزة للإبداع. وتخشى مؤسسة حرية الفكر والتعبير من إحالة مثل هذه الوقائع إلى المحاكم لكي تفصل فيها، إذ أن تدخلات القضاء تحفز على تكرار هذه الدعاوى، خاصة في ظل الأحكام التي تصدر من آن ﻵخر بحق مبدعين وفنانين، سواء ما يتعلق منها بحرية الإبداع بشكل مباشر، أو تلك التي ترتبط بحرية التعبير أو حرية الملبس. وتدعو مؤسسة حرية الفكر والتعبير محكمة الجنح أن تحفظ الدعوى المقامة ضد الفنانة رانيا يوسف، كما تدعو المبدعين والمهتمين بالعمل الفني والثقافي إلى التضامن مع رانيا يوسف ضد الهجمة الشرسة التي تتعرض لها.

تابعونا على :

آخر التحديثات

للإشتراك في نشرة مؤسسة حرية الفكر والتعبير الشهرية

برجاء ترك بريدك الالكتروني أدناه.