قررت الدائرة الثالثة عشر بمحكمة القضاء الإداري إحالة الدعوى رقم 18906 لسنة 70 قضائية، والتي أقامتها مؤسسة حرية الفكر والتعبير، طعنًا علي قرار مجلس جامعة القاهرة بفرض تبرعات على أعضاء هيئة التدريس لهيئة المفوضين.
آخر تحديث بتاريخ 1 مارس 2016م.
أقامت مؤسسة حرية الفكر والتعبير دعوى قضائية، تحمل رقم 18906 لسنة 70 قضائية، اليوم الاثنين، أمام محكمة القضاء الإداري، طعنًا علي قرار مجلس جامعة القاهرة بفرض تبرعات على أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة بالجامعة مقابل السماح لهم بالسفر.
حيث طالبت الدعوى المُقامة من عضو هيئة تدريس
، وضد وزير التعليم العالي ورئيس جامعة القاهرة، بوقف تنفيذ وإلغاء قرار مجلس جامعة القاهرة، والإفصاح عن السند القانوني لتحصيل هذه المبالغ وأوجه إنفاقها، وايضًا استرداد المبالغ التي دفعها الطاعن سابقًا للسماح له بالسفر وقيمتها 25 ألف جنية.
وكانت جامعة القاهرة قد أصدرت قرارًا إداريًا في 29 يوليو الماضي يقضي بتحصيل مبلغ عشرة آلاف جنيهًا كتبرع من كل عضو هيئة تدريس أو أستاذ متفرغ أو عضو هيئة معاونة يرغب في السفر للخارج تحت أي مسمى سواء الندب أو الإجازة أو الإعارة من السنة الأولى حتى السنة العاشرة، وتحصيل مبلغ عشرين ألف جنيهًا لنفس السبب من السنة الحادية عشر فأكثر.
وبحسب شهادة العضو بهيئة التدريس أنه قدم التماسًا لرئيس جامعة القاهرة لرد المبالغ التي اضطر لدفعها خلال طلبه لتجديد الإجازة لظروف سفره، والتي بدونها اعتُبر منقطعًا عن العمل، إلا انه لم يتلق رد.
واستندت المؤسسة في دعواها إلى أن قرار فرض التبرعات الإلزامي من شأنه تكبيل الحقوق والحريات الأكاديمية كونه يعيق أعضاء هيئة التدريس عن القيام بالمهام الأكاديمية والعلمية في الخارج أو الداخل، كما يتعارض مع الحقوق والحريات الدستورية الأصيلة مثل الحق في العمل والتنقل، وأن الإدارة بقرارها قد أساءت استخدام السلطة التقديرية الممنوحة لها بالصيغة الإلزامية للقرار والتي تتنافى مع كونها “تبرعات” تُعطى اختياريًا وبشكل تطوعي للمساعدة دون إجبار.
فيما يللي نص العريضة
السيد المستشار نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس محكمة القضاء الإداري
تــحــيــة طــيــبــة وبــعــد…
مقدمه لسيادتكم/ عضو هيئة تدريس والكائن بـ / ……
ومحله المختار / مكتب الأستاذ عماد مبارك الكائن بالعقار رقم / 5 شارع إبراهيم نجيب – جاردن سيتي – القاهرة
ضــــــــــــــــد
الأستاذ الدكتور/ وزير التعليم العالي بصفته.
الأستاذ الدكتور/ رئيس جامعة القاهرة بصفته.
(الموضوع )
تحصيل مقابل السفر والإجازة تحت مسمى التبرع
*بتاريخ 26/5/2015 قدم طلبًا لرئيس القسم للموافقة على تجديد إجازته الخاصة دون مرتب لمرافقة الزوجة لمدة عام اعتبارًا من 1/9/2015.
*بتاريخ 1/6/2015:- وافق رئيس القسم على طلبه .
*بتاريخ 15/6/2015 :- وافق المجلس على طلبه .
*بتاريخ 28/7/2015 :- رفع السيد عميد المعهد مذكرة للعرض على رئيس الجامعة بشأن الموافقة على إجازة للطاعن .
*بتاريخ 26/8/2015 :- قدم الطاعن التماسًا لرئيس الجامعة لإعفاءه من مبالغ التبرعات المطلوبة منه مقابل الموافقة على سفره تطبيقًا لقرار رئيس الجامعة بفرض تبرع مقابل الموافقة على سفر أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة بالجامعة .
*بتاريخ 1/9/2015 :-صدرت موافقة رئيس الجامعة على طلب تجديد الإجازة بعد دفع الطاعن للمبالغ المطلوبة نظرًا لضيق الوقت المتبقي –أربعة أيام– على انتهاء إعارته وحتى لا يقع تحت مسئولية التأديب لانقطاعه عن العمل .
*وبتاريخ 1/12/2015 :- قدم الطاعن التماسًا لرد المبالغ المدفوعة منه ولم يرد عليه حتى الآن .
*حيث وافق مجلس جامعة القاهرة بجلسته المنعقدة بتاريخ 27 يوليو لعام 2015 على المذكرة المعروضة عليه والخاصة بإلزام أعضاء هيئة التدريس بدفع تبرعات إجبارية عند الرغبة في السفر تحت أي مسمى(مرافقة زوج، عمل، ندب ….. الخ )، ونظرًا لما شاب قرار مجلس الجامعة– بفرض تبرعات إلزامية– العديد من أوجه العوار والمخالفات القانونية التي تستوجب تصويبها وتصحيحها بما يتفق مع صحيح وروح القانون والدستور وخاصة أن القرار الطعين يتماس مع جوانب تتعلق بالسلطات والوسائل التي يجب أن تستخدمها الجهة الإدارية لتسيير المرفق العام وهو حسن سير العملية التعليمية والأكاديمية والبحثية بالجامعة إلى أن أصبحت الجامعة (جهة الإدارة) جهة تحصيل وجباية لصالح الدولة لتثقل أعباء أعضاء هيئة التدريس بأموال ونفقات نظير الموافقة على مرافقة الزوج أو الإعارة أو إجازة بدون راتب أو ندب كامل ….، وهو ما يتعارض مع الحقوق والحريات الأكاديمية والبحثية ومجموعة من الحقوق الدستورية المتصلة مثل الحق في العمل والحق في التنقل.
وحيث أن الطاعن يعد ربًا لأسرة تتكون من خمسة أفراد عبارة عن زوجة وثلاثة من الأبناء يتلقون تعليمهم في مراحل دراسية مختلفة وفي محاولة من زوجة الطاعن لإعانة زوجها التحقت بإحدى جهات العمل بالخارج، و أمام أعباء المعيشة وصعوبتها وحفاظًا على الترابط الأسري تقدم الطاعن بطلب الإجازة الالتحاق بوظيفة في الخارج لذلك يلجأ الطاعن لعدلكم ضد القرار الطعين والمشوب بــ :-
عيب اﻻنحراف بالسلطة
السلطة التي تتمتع بها الإدارة ليست غاية في ذاتها أنما هي وسيلة لتحقق الغاية المتمثلة بالمصلحة العامة للمجتمع، فإذا انحرفت الإدارة في استعمال هذه السلطة بإصدار القرارات لتحقق أهداف تتعارض مع المصلحة العامة فأن قرارها يكون مشوبًا بعيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها ويعد هذا العيب من أسباب الطعن بالإلغاء التي ترد على القرار الإداري يكون القرار الإداري معيبًا بعيب إساءة استعمال السلطة إذا استعمل رجل الإدارة صلاحياته لتحقق غاية غير تلك التي حددها القانون ويتصل هذا العيب بنية مصدر القرار وبواعثه، لذلك يقترن هذا العيب بالسلطة التقديرية للإدارة ولا يثار إذا كانت سلطة الإدارة مقيدة بحدود معينة. وهذا ما استقرت عليه محكمة القضاء الإداري في العديد من أحكامها التي وصمت قرار الإدارة بأنه قد شابه انحراف في استعمال السلطة وتتجلى أوجه الانحراف في استخدام سلطة الإدارة في التالي :-
أولًا: الصبغة الإلزامية لقرار التبرع وغياب الحق في اﻻختيار
يعرف التبرُّع [مفرد]: ج تبرُّعات (لغير المصدر): مصدر تبرَّعَ بـ … وهو ما يُعطى تطوُّعًا للمساعدة “معجم اللغة العربية المعاصرة ”
ويستخلص من هذا المعنى أن السمة الأساسية للتبرع هي الطوع واﻻختيار دون إلزام أو جبر، وأن من حق عضو هيئة التدريس أن يكون لديه الحق في الاختيار للتبرع من عدمه، ويتضح طابع الإلزامية بشكل صارخ في ربط موافقة جهة الإدارة على الموافقة بالسفر أو الإجازة أو غيره بضرورة أداء التبرع وأن لم ينص القرار صراحة على هذا الربط إلا أن الصياغة التي أتي بها القرار تتسم بالعمومية الشديدة ولم توضح جزاء التخلف عن أداء هذه المبالغ وهو ما يعني أن أمر التبرع الذي أتى بصيغة “يتم دفع” كان بصيغة آمرة، حتمية ﻻ تقبل اﻻختيار، كما أن الممارسات التطبيقية لهذا القرار توضح أن جهة الإدارة تعلق موافقتها تحت ما يسمى (باستكمال الأوراق ) لطلبات أعضاء هيئة التدريس في حالة عدم دفع المبالغ المحددة كما حدث مع الطاعن حيث تم تعطيل قرار الموافقة على سفره لحين دفعه المبالغ المطلوبة منه كتبرع لصالح صندوق تطوير الدراسات العليا ودعم البحوث العلمية، وفي واقعة مثيلة ذهبت المحكمة الإدارية العليا إلى كون مبلغ التبرع نظيرًا للموافقة على الإجازة يعد جبرًا يكره عليه طالب الإجازة وهو ما يجعل رضاؤه معيبًا .
“وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت أن محافظ البحيرة وافق بتاريخ 20/11/1989 على مذكرة مديرية التنظيم والإدارة بالبحيرة في شأن ضوابط التبرع الاختياري لمن يرغب من قبل العاملين بالمحافظة المصرح لهم بإجازة خاصة للعمل خارج الجمهورية، وحددت المذكرة الفئات المالية بالدولار الأمريكي قرين كل سنة من سنوات الإجازة الخاصة التي يطلبها العاملين للعمل بالخارج من مختلف المجموعات الوظيفية في نطاق المحافظة والجهات التابعة لها. وإن كانت عبارات المذكرة تفرض بأن سداد هذه التبرعات متروكة لرغبة العامل في ذلك مساهمة منه في حل مشاكل المحافظة، إلا أن المستفاد أن الجهات الإدارية ربطت بين الموافقة على إجابة العامل إلى طلبه–الحصول على إجازة خاصة دون أجر–وبين تبرعه لحساب المحافظة بذات الفئات المحددة في المذكرة المشار إليها ومن ثم يعد التبرع بمبلغ مالي شرطًا لمنحه الإجازة الخاصة دون مرتب، وهو مما يعد معه تبرعًا إجباريًا يكره عليه الأمر الذي يجعل رضاؤه في سداد هذا التبرع رضاءً معيبًا مشوبًا “
(الإدارية العليا–الطعن رقم409-لسنة46قضائية)
ثانيًا: تحديد مبالغ التبرعات وربطها بعدد سنين الإجازة
يشير القرار محل الطعن إلى أن يطبق قرار مجلس الجامعة بدءًا من الأول من أغسطس لعام 2015 على النحو التالي :-
1 – يتم دفع مبلغ 10000 جنيه (عشرة الآف جنيه ) كتبرع من كل عضو هيئة تدريس والأستاذ المتفرغ وأعضاء الهيئة المعاونة يرغب في السفر تحت أي مسمى ( إعارة / مرافقة زوج / إجازة بدون مرتب / ندب كامل …..الخ من السنة الأولى للسنة العاشرة .
2- يتم دفع مبلغ 20000 جنيه (عشرون ألف جنيه ) كتبرع من كل عضو هيئة تدريس والأستاذ المتفرغ وأعضاء الهيئة المعاونة يرغب في السفر تحت أي مسمى (إعارات / مرافقة للزوج / إجازة دون مرتب /ندب كامل … الخ) من السنة الحادية عشر فأكثر .
ويتضح أن مسلك الإدارة يذهب إلى الإلزامية في دفع التبرعات بل وتحديد قيمتها وهو أمر يجافي طبيعة ومجريات الأمور فكيف لجهة إدارية أن تقوم بوضع وتحديد “تسعيرة” للتبرعات بل وربط هذه المبالغ بمدد الإجازة أو الإعارة وهنا يصعب الحديث عن أن مجلس الجامعة قد استهدف الصالح العام عند إصدار هذا القرار وخاصة أن من شأن هذا القرار أن يعيق أعضاء هيئة التدريس عن القيام بمهاهم الأكاديمية والعلمية في الخارج أو الداخل وهو ما أكدت عليه المحكمة الإدارية العليا في حكم سابق لها والذي نصت فيه على
“قرار مجلس جامعة حلوان رقم 136 لسنة 1990 أشتراط تسديد تبرع للجامعة بالدولار الأمريكي يعادل مرتب شهر بالنسبة للعام الخامس أو السادس لا يجد له سندًا في قانون تنظيم الجامعات الذي لم يشترط لتجديد الإعارة لعام خامس وسادس سوى توافر المصلحة القومية التي تقتضي ذلك“.
(المحكمة الإدارية العليا – الطعن رقم 5382 – لسنة 42 قضائية –2001 – مكتب فني 46 – رقم الجزء 3 – رقم الصفحة 2183 )
ثالثًا: الحماية القانونية للرسوم المحصلة لصالح الدولة
غياب الحق في الاختيار وإلزامية التبرعات يجعلنا أمام مسمى آخر لتحصيل هذه الأموال لتصبح رسومًا يجب أدائها لكي توافق الجهة الإدارية على طلب الإجازة والسفر فيعرف الرسم على أنه ” مقابل نقدي(من 10000 الآف إلى 20000 ألف جنيه) يدفعه الفرد مقابل خدمة (الموافقة على طلب الإجازة أو مرافقة الزوج ) تؤديها له هيئة عامة أو نفع خاص يستفيد منه، وهو مبلغ نقدي يدفعه جبرًا للدولة من طرف بعض الأشخاص الذين يحصلون على خدمة.
ومن هنا يتضح أن التبرعات الإلزامية هي أقرب أن لم تكن متطابقة في توصيفها القانوني إلى الرسوم وخاصة في ظل غياب الإرادة الحرة من طرف المتبرع في اﻻختيار، ولو سلمنا أيضًا بصحة هذا الأمر نجد أن الدستور المصري قد وضع قيدًا وشرطًا على تحصيل هذا النوع من الرسوم المادة (38) ضوابط لفرض الرسوم فتنص على:
“يهدف النظام الضريبي وغيره من التكاليف العامة إلى تنمية موارد الدولة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والتنمية الاقتصادية لا يكون إنشاء الضرائب العامة، أو تعديلها، أو إلغاؤها، إلا بقانون، ولا يجوز الإعفاء منها إلا في الأحوال المبينة في القانون ولا يجوز تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب، أو الرسوم، إلا في حدود القانون….. “.
وهنا وضع الدستور قيدًا على تحصيل الرسوم وهو أن ينظم تشريعيًا هذا الأمر أي ضرورة أن ينص قانون تنظيم الجامعات على فرض رسوم مقابل الحصول على إجازة أو إعارة أو ندب وهو ما لم نجده عند مراجعة القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات وهو ما يعني أن القرار الصادر من مجلس الجامعة – رغم سلطتها التقديرية – في إصداره وتنظيمه – إلا أنه والعدم سواء بل يحتمل أن يوصف تحت جرائم أخرى نظمها قانون العقوبات المصري مثل جرائم الغدر .
– وفي هذا الأمر انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوي والتشريع إلى عدم جواز تحصيل – الكليات الجامعية مبالغ مالية من الطلاب تحت مسمى تبرعات بمناسبة التحويل إلى هذه الكليات، ورد هذه المبالغ – حال طلبها – إلى من حصلت منه بجلسة 1 من مارس 1992
في الملف رقم 37//2//442 ردًا على الكتاب الوارد من السيد / وزير التعليم ورئيس المجلس الأعلى للجامعات رقم 6202 المؤرخ في 2/11/1991 في شأن مدى جواز قيام بعض الكليات بتحصيل مبالغ مالية من الطلاب تحت مسمى ” تبرعات ” بمناسبة التحويل إلى هذه الكليات .
“وتخلص وقائع الموضوع – حسمًا يبين من ذلك الكتاب – في أنه وردت شكاوى عديدة يتضرر فيها مقدموها من قيام بعض الكليات الجامعية بجمع مبالغ مالية من طلبة في مناسبة تحويلهم إليها تصل – أحيانًا – إلى خمسة الأف جنيه للطالب الواحد تحت مسمى ” تبرعات “ بينما هي في الواقع إجبارية، وتنفق حصيلتها على أغراض ﻻ تكون – بالضرورة – تعليمية – وتستطلعون الرأي في مدى جواز جمع هذه الأموال قسرًا من الطلاب في ضوء أحكام الدستور و قانون تنظيم الجامعات وﻻئحته التنفيذية و الإجراءات الواجب اتباعها في التصرف في المبالغ التي تم جمعها فعلًا في الفترة السابقة.
– ونفيد بأن الموضوع عرض على الجمعية العمومية لقسمي الفتوي والتشريع بجلستها المنعقدة في 1/3/1992 فاستبان لها أن المادة 119 من الدستور تنص على أن إنشاء الضرائب العامة وتعديلها أو إلغائها ﻻ يكون إلا بقانون، وﻻ يعفى أحد من أدائها إلا في الأحوال المبينة في القانون “.
وﻻ يجوز تكليف احد أداء غير ذلك من الضرائب أو الرسوم إلا في حدود القانون وأن المادة 7 من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972 – تنص على أنه ” الجامعات هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي … ” ولها أن تقبل ما يوجه إليها من تبرعات ﻻ يتعارض مع الغرض الأصلي الذي أنشئت له الجامعة “.
كما تنص المادة 22 من القانون ذاته على أنه ” يختص مجلس الجامعة بالنظر في المسائل الآتية : أولًا ….. ثانيًا : المسائل التنفيذية : )23( قبول التبرعات في حدود ما تنص عليه المادة السابعة ” وتنص المادة 41 على أن ” يختص مجلس الكلية أو المعهد التابع للجامعة بالنظر في المسائل الآتية : )28( اقتراح قبول التبرعات مع مراعاة حكم المادة السابعة“.
وتنص المادة 169 على أن ” التعليم مجاني لأبناء الجمهورية في مختلف المراحل الجامعية …. ويؤدي جميع الطلاب الرسوم التي تحددها اللائحة التنفيذية مقابل الخدمات الطلابية المختلفة، على أن تخصص حصيلة كل رسم منها للخدمة المؤدى عنها “.
وقد بينت اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات المشار إليها الصادرة – بقرار رئيس الجمهورية رقم 809 لسنة 1975 وتعديلاته في المواد 64، 271، 333 الحاﻻت التي يؤدي فيها الطلاب هذه الرسوم بالفئة المعينة لها وهي القيد بالكلية بعد استيفاء الأوراق ورسوم المكتبة والاتحاد والخدمات الطبية والتأمين ضد الحوادث وصندوق مساعدة الطلاب والمختبرات وتأمين الأدوية ورسم انتساب بالنسبة إلى الطالب المنتسب ورسم دخول الامتحان ورسم خاص يُحصل من طلاب كليات الصيدلة مقابل مكافأة للصيدلية التي يقضون فيها التمرين .
واستظهرت الجمعية العمومية من مجموع النصوص المتقدمة أن المشرع الدستوري وضع أصلًا عامًا من مقتضاه عدم تكليف أحد أداء ضريبة إلا إذا صدر بها قانون، أما الرسم – وهو مبلغ من المال يجيبه أحد الأشخاص العامة كرهًا من الفرد نظير خدمة معينة تؤديها الدولة إليه – فلا يجوز فرضه إلا بناءً على قانون يكتفي فيه بتقرير مبدأ الرسم، تاركًا شروط دفعه وتحديد سعره إلى سلطة أخرى، وبالرجوع إلى قانون تنظيم الجامعات، المشار إليه، يبين أن المشرع – من ناحية – أجاز للجامعات قبول تبرعات ﻻ تتعارض مع الغرض الأصلي الذي أنشئت من أجله، وهو خدمة المجتمع والارتقاء به حضاريًا متوخية في ذلك رقي الفكر وتقدم العلم وتزويد البلاد بالمتخصصين في مختلف المجاﻻت وإعداد الإنسان المزود بأصول المعرفة وطرائق البحث المتقدمة والقيم الرفيعة ليُسهم في بناء ودعم مجتمعه وصنع مستقبل الوطن وخدمة الإنسانية، وناط المشرع قبول هذه التبرعات بمجلس الجامعة وحده دون غيره بينما لم يعقد لمجلس الكلية من اختصاص في هذا الشأن سوى اقتراح قبول هذه التبرعات، ومن ناحية أخرى – وإيمانًا من المشرع بمجانية التعليم الجامعي لأبناء الجمهورية في مختلف مراحله حرص على عدم إلزامهم أداء مبالغ مالية مقابل العملية التعليمية ذاتها سوى ما ناط باللائحة التنفيذية تعيينه كرسوم مقابل الخدمات الطبية المختلفة على أن تخصص حصيلتها للخدمة التي ستؤدى عنها، وقد عينت اللائحة التنفيذية هذه الرسوم على النحو المشار إليه أنفًا ومن ثم ﻻ يجوز اقتضاء أية مبالغ أخرى لم يفرضها المشرع تحت مسمى تبرع أو خلافه، أخذًا بعين الاعتبار أن التبرع يجب أن يكون واضح الدلالة في نية التبرع ومقصده، وإلا تحيد فيه هذا المضمار ونظرًا إلى أن نصوص اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات خلت تمامًا مما يجيز تقرير رسم مقابل ما تقوم به الكليات من تحويل بعض الطلاب إليها وﻻ يتوافر من نصوص القانون ما يوسد لتلك الكليات أدنى اختصاص من هذا القبيل فقد تعين ومن ثم القول بعدم جواز تحصيل بعض الكليات الجامعية مبالغ مالية من الطلاب تحت مسمى تبرعات في مناسبة التحويل إليها لمجافاة ذلك أحكام الدستور وعدم استقامته على صحيح سند من القانون مقترنًا في ذلك كله بالواقع المائل في إنفاق تلك المبالغ والتصرف فيها على خلاف الأوضاع المالية المقررة والتي ﻻ غنى عن ضرورة اتباعها، الأمر الذي ﻻ مندوحة معه تبعًا – إزاء تنكب هذه المبالغ جمعًا وإنفاقًا لصحيح حكم القانون – من ردها – حال طلبها إلى من حصلت منه دون إخلال بقواعد التقادم المقررة قانونًا في هذا الشأن – هذا وﻻ يفوت الجمعية العمومية – بمناسبة نظر هذا الموضوع – التنويه إلى أن التزام الجامعات التزامًا قانونيًا بإتاحة التعليم المجاني لطلابها إنما يقابله التزام أدبي من القادرين ممن أتيحت لهم ولأبنائهم فرصة التعليم العالي وذوي الأريحية من المواطنين والهيئات والمشروعات العامة والخاصة بالتبرع – عن طواعية – لهذه الصروح العلمية الشامخة تمكينًا لها من النهوض بجليل رسالتها خدمة للوطن والمواطنين“.
رابعًا :الطبيعة القانونية للصناديق الخاصة:
– نظم قانون تنظيم الجامعات الصناديق الخاصة التي تحصل رسوم مخصصة لأغراض حددتها نص المادة 267 في البنود من أولًا حتى رابعًا.
مادة 267- ينشأ بكل جامعة صناديق خاصة للأغراض الآتية:
أولًا – صندوق الخدمات التعليمية للرسوم والمصروفات التي يؤديها الطلاب طبقًا لهذه اللائحة مقابل الخدمات الطلابية والتعليمية وتتكون موارده من:
(أ) رسم المكتبة.
(ب) رسم المختبرات.
(ج) رسم الانتساب ورسم الاستماع والتدريب.
(د) رسم القيد والمصروفات الدراسية للطلاب الوافدين.
(ه) رسم دخول الامتحان المشار إليه في المادة (271/ سادسًا) من هذه اللائحة.
(و) رسم استخراج الشهادات.
ثانيًا – صندوق حصيلة بيع المباني والأراضي المخصصة لأغراض الجامعات والأجهزة والمعدات التي يثبت عدم صلاحيتها.
ثالثًا – صندوق حصيلة رسوم الصيانة، واستهلاك الأدوات، والنشاط الرياضي والاجتماعي المحصلة من طلاب المدن الجامعية، ومقابل الإقامة للوفود الزائرة.
رابعًا – صندوق الخدمات الطيبة:
وتتكون موارده من:
(أ) رسوم الخدمات المنصوص عليها من هذه اللائحة.
(ب) سائر الموارد الأخرى التي ترد لأغراض هذا النصوص
خامسًا – يجوز بقرار من المجلس الأعلى للجامعات، بناء على اقتراح مجلس الجامعة وبموافقة وزارة المالية إنشاء صناديق خاصة أخرى لأية رسوم تفرض مستقبلًا.
– ويتضح أن الصناديق الخاصة قد تم تحديدها على سبيل الحصر في البنود من أولًا حتى رابعًا، وخصص المشرع البند خامسًا ﻻستحداث صناديق جديدة قد يتم الحاجة إلى إنشاءها مستقبلًا إلا أن نص المادة 267 في البند خامسًا قد حدد إنشاء هذه الصناديق ” لأية رسوم تفرض مستقبلًا ” وهو ما يعني أن الصناديق تنشأ لتحصيل رسوم وليس تبرعات وﻻ يجوز اﻻحتجاج أيضًا بنص ﻻئحي يخالف ما نصت عليه المادة أو التوسع في تفسيره، ولو سلمنا بصحة هذا الأمر يتضح أن جهة الإدارة قد أدخلت الغش على أعضاء هيئة التدريس في إضفاء طابع الإلزامية لهذه التبرعات واعتبارها رسمًا .
– كما أن مناط الخلل التشريعي ينصرف أيضًا إلى المادة 268 والتي أعطت الحق لجهة الإدارة “مجلس الجامعة ” في أن يكون للصناديق الخاصة موازنة تقديرية وتودع حصيلتها في البنك الذي يختاره مجلس الجامعة وهو ما يعني أن حسابات الصناديق سوف يتم إيداعها في بنوك تجارية وﻻ تقع عليها رقابة البنك المركزي وﻻ قواعد الإيداع والسحب والرقابة كما أعطت نص المادة الحق في أن يرحل الفائض من سنة لأخرى وهو ما يعني أن حسابات هذه الصناديق تنطبق عليها معايير تختلف عن معايير الحسابات الحكومية التي يجب أن ترحل فائضها السنوي ويخصم من مخصصاتها في السنة المالية التالية وهذا يعني أن حصيلة هذه الصناديق التي ﻻ نعلم مخصصاتها أو أوجه إنفاقها خارج الرقابة بشكل كبير بالإضافة إلى تضخمها نتيجة لتراكم الأموال المحصلة وهو ما يتعارض مع مبدأ تخصيص الأهداف ويكون القرار الإداري مشوبًا بالانحراف في السلطة في هذه الحالة، كلما كان الباعث على اتخاذه هو تحقيق هدف غير الذي أراده المشرع حين منح الإدارة السلطة في اتخاذ هذا القرار تحديدًا و لا يهم بعد ذلك أن يثبت أن الإدارة كانت تهدف من القرار الذي اتخذته تحقيق مصلحة عامة، ما دامت هذه المصلحة غير المصلحة التي حددها المشرع، والتخصيص قد يستفاد من صراحة النص وقد يستخلص الهدف المخصص من روح التشريع أو طبيعة الاختصاص وعلة تطبيق قاعدة تخصيص الأهداف أن الجهاز الإداري بمختلف فروعه وتعدد أطرافه وتكاثر مسئولياته لا يمكن أن يتيح لأي فرد من أعضاء هذه النظام الضخم أن يأخذ على عاتقه تحقيق طائفة خاصة من المصالح العامة دون الطوائف الأخرى حيث إن التنظيم الهيكلي للإدارة الذي يترتب عليه أن السلطة الممنوحة للموظف يقابلها مجال معين من المصلحة العامة يتعين عليه تحقيقه وعدم خلطه مع مجالات المصلحة العامة الأخرى وذلك بالنظر إلى الآثار المترتبة عليها من اعتداء على حقوق الأفراد، وهو ما حدث بالفعل من مجلس جامعة القاهرة الذي توسع في تحصيل الأموال للصناديق الخاصة ما بين تبرعات ورسوم حيث أن الأصل هو تحصيل الرسوم والثاني في إساءة استخدام السلطة التي منحها المشرع لهم للموافقة على الإجازة أو الإعارة.
تعارض القرار الطعين مع القواعد الدستورية والمبادئ التي أقرتها المواثيق الدولية
إن البين من أحكام الدستور أنه يجب العمل بما يحقق تكاملها ويكفل عدم انعزال بعضها عن بعض في إطار الوحدة العضوية التي تجمعها وتصون ترابطها، أنه في مجال حق العمل والتأمين الاجتماعي، يكفل الدستور :
أن العمل، ليس ترفًا يمكن النزول عنه، ولا هو منحة من الدولة تبسطها أو تقبضها وفق مشيئتها لتحدد على ضوئها من يتمتعون بها أو يمنعون عنها. ولا هو إكراه للعامل على عمل لا يقبل عليه باختياره، أو يقع التمييز فيه بينه وبين غيره لاعتبار لا يتعلق بقيمة العمل أو غير ذلك من الشروط الموضوعية التي تتصل بالأوضاع التي يجب أن يمارس فيها، وسواء انعكس هذا التمييز في شكل آثار اقتصادية أم كان مرهقًا لبيئة العمل ذاتها مثيرًا لنوازع عدائية فيما بين العاملين فيهاobjectively hostile to work environment.ذلك أن الفقرة الأولى من المادة 13 من الدستور تنظم العمل بوصفه حقًا لكل مواطن لا يجوز إهداره أو تقييده بما يعطل جوهره، وواجبًا يلتزم بمسئولية كمال أدائه، وشرفًا يرنو إليه أملًا. وهو باعتباره كذلك، ولأهميته في تقدُم الجماعة وإشباع احتياجاتها، ولصلته الوثيقة كذلك بالحق في التنمية بمختلف جوانبها، ولضمان تحقيق الإنسان لذاته ولحرياته الأساسية، ويؤكد على هذا المعنى العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في الماد 6:-
1. تعترف الدول الأطراف في هذا العهد بالحق في العمل، الذي يشمل ما لكل شخص من حق في أن تتاح له إمكانية كسب رزقه بعمل يختاره أو يقبله بحرية، وتقوم باتخاذ تدابير مناسبة لصون هذا الحق.
2. يجب أن تشمل التدابير التي تتخذها كل من الدول الأطراف في هذا العهد لتأمين الممارسة الكاملة لهذا الحق، توفير برامج التوجيه والتدريب التقنيين والمهنيين، والأخذ في هذا المجال بسياسات وتقنيات من شأنها تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية مطردة وعمالة كاملة ومنتجة في ظل شروط تضمن للفرد الحريات السياسية والاقتصادية الأساسية1
، ولإعمال هذه النصوص بما يتكامل معها من الحقوق، يجب أن توليه الدولة اهتمامها وتزيل العوائق من طريقه وفقًا لإمكاناتها، وبوجه خاص إذا امتاز العامل في أدائه وقام بتطويره فنص الدستور المصري في المادة (12) على “العمل حق، وواجب، وشرف تكفله الدولة. ولا يجوز إلزام أي مواطن بالعمل جبرًا، إلا بمقتضى قانون، ولأداء خدمة عامة، لمدة محددة، وبمقابل عادل، ودون إخلال بالحقوق الأساسية للمكلفين بالعمل“
لا يجوز بالتالي أن يتدخل المشرع أو جهة الإدارة ليعطل حق العمل، ولا أن يتذرع اعتسافًا بضرورة صون أخلاق العامل أو سلامته أو صحته للتعديل في الشروط التي يقوم عليها، بل يتعين أن يكون تنظيم هذا الحق غير مناقض لفحواه، وفي الحدود التي يكون فيها هذا التنظيم منصفًا ومبررًا2– ونظرًا للطبيعة الخاصة لعمل أعضاء ومعاوني أعضاء هيئة التدريس فإن الحق في العمل يمتد ليشمل مجموعة من الحقوق الأخرى التي تؤثر بشكل رئيسي في حسن سيره وكفالة استمراره وتطويره لذا يجب الإشارة إلى هذه الحقوق وتأثير القرار الطعين عليها وتقيدها بشكل أو بآخر ويمكن إجمال هذه الحقوق فيما يلي :-
أ–الحماية الدستورية للعمل الأكاديمي وحرية البحث العلمي
تزعم الحكومة المصرية أنها تعمل على النهوض بالتعليم الجامعي وتبحث أسباب تراجع مستوى التعليم الجامعي وتراجع ترتيب الجامعات المصرية قاريًا وعالميًا، بدليل وجود ممثلين للجامعات في لجنة صياغة الدستور (لجنة الخمسين) وقد وقفت هذه اللجنة على بعض النقاط الهامة التي تعتبر من الركائز الأساسية للنهوض بالتعليم وكان من أهم هذه النقاط العمل على دعم استقلال الجامعات. وأعضاء هيئة التدريس فانتهت اللجنة إلى كونهم الركيزة الأساسية للتعليم مما دفع اللجنة ﻻقتراح
المادة22 “المعلمون، وأعضاء هيئة التدريس ومعاونوهم، الركيزة الأساسية للتعليم، تكفل الدولة تنمية كفاءاتهم العلمية، ومهاراتهم المهنية، ورعاية حقوقهم المادية والأدبية، بما يضمن جودة التعليم وتحقيق أهدافه“.
وفي هذا السياق يبرز اﻻهتمام بشريحة العلماء والباحثين والأكـاديميين والمـشتغلين بالعلم كشريحة متميزة وذات أهمية قصوى من حيث دورها الإنتاجي ونشاطها فـي البحث العلمي، والذي يتطلب رعاية وحماية خاصـة، ومجموعـة مـن الحقـوق والحريات والضمانات تساهم في عملية الارتقاء بالمؤسسات الجامعية والبحثية لتنفرد هذه الشريحة دون غيرها بأنها وهبت حياتها للبحث وبالتـالي أصـبح مـن حقهـا الحصول على بعض الأمن والأمان المرتبط بطبيعة المهمة الحياتية للمشتغلين بالعلم والبحث العلمي، إن دور هؤلاء في تطور الحياة البشرية يتعاظم يومًا بعد يوم لدرجة أن أصبحت الاكتشافات العلمية والثورات المعرفية والتقنية الراهنة على رأس القوى الكبرى الفاعلة والدافعة في اتجاه خلق عالم جديد وبناء حضارة إنسانية ربما كانـت مختلفة شكلًا ومضمونًا عن كل ما هو سائد اليوم.3
–إن البحوث تحتاج إلى وسائل كثيرة معقدة وتغطي أكثر من مجال علمي وتتطلب الأموال الطائلة، إلا أن الدول المدركة لقيمة البحث العلمي تسهل كل العقبات وتذلل كل الصعاب، لأنها تعتبر البحوث العلمية دعائم أساسية لنموها وتطورها لذا أفرد الدستور المصري نصًا خاصًا بحرية البحث العلمي ونص على المادة(23):
” تكفل الدولة حرية البحث العلمي وتشجيع مؤسساته، باعتباره وسيلة لتحقيق السيادة الوطنية، وبناء اقتصاد المعرفة، وترعى الباحثين والمخترعين، وتخصص له نسبة من الإنفاق الحكومي لا تقل عن1% من الناتج القومي الإجمالي تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية.
كما تكفل الدولة سبل المساهمة الفعالة للقطاعين الخاص والأهلي والمصريين في الخارج في نهضة البحث العلمي”.
*كما حدد إعلان ليما بشأن الحريات الأكاديمية واستقلال مؤسسات التعليم العالي :-
5- يتمتع جميع أعضاء المجتمع على قدم المساواة بإمكانية الوصول إلى المجتمع الأكاديمي دون تمييز. ولكل شخص، على أساس المقدرة، الحق دون تمييز من أي نوع في أن يصبح جزءًا من المجتمع الأكاديمي، كطالب أو معلم أو باحث أو عامل أو مدير. والتدابير المؤقتة التي ترمي إلى التعجيل بالمساواة الحقيقية لأعضاء المجتمع الأكاديمي المحرومين لا تعتبر تدابير تمييزية، شريطة أن توقف تلك التدابير عندما تكون مقاصد التكافؤ في الفرصة والمعاملة قد أنجزت. وتضمن الدولة ومؤسسات التعليم العالي نظامًا للاستخدام الثابت والمضمون للمعلمين والباحثين. ولا يفصل أي عضو من المجتمع الأكاديمي دون تحقيق عادل أمام هيئة من المجتمع الأكاديمي منتخبة ديمقراطيًا.
6- ………….
7-………
8- يتمتع جميع أعضاء المجتمع الأكاديمي بالحرية في إقامة اتصالات مع نظرائهم في أي جزء من العالم، وكذلك بالحرية في مواصلة تنمية قدراتهم التعليمية.
– يعد ضمان حق الحصول على المعلومات المملوكة للدولة واتخاذ تدابير الشفافية من سمات الحكومات الديمقراطية في العالم، وقد أخذت العديد من الدول على عاتقها إتاحة ضمان حق الحصول على المعلومات المملوكة للدولة وإتاحتها للشعب في الدساتير والقوانين أو في شكل مراسيم ومعاهدات.وتعود أهمية الحق في الحصول على المعلومات كونه شرط مسبق(prerequisite)لممارسة حقوق أساسية أخرى كحرية التعبير وحرية النشر واﻻتصال وارتباطه بمفاهيم الشفافية والمساءلة وهو ما نص عليه أيضًا الدستور المصري في المادة (68):
“المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة، حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية، وينظم القانون ضوابط الحصول عليها وإتاحتها وسريتها، وقواعد إيداعها وحفظها، والتظلم من رفض إعطائها، كما يحدد عقوبة حجب المعلومات وإعطاء معلومات مغلوطة عمدًا.
وتلتزم مؤسسات الدولة بإيداع الوثائق الرسمية بعد الانتهاء من فترة العمل بها بدار الوثائق القومية، وحمايتها وتأمينها من الضياع أو التلف، وترميمها ورقمنتها، بجميع الوسائل والأدوات الحديثة، وفقًا للقانون”.
فالنص الدستوري يأصل لحق أعضاء هيئة التدريس في معرفة حجم الصناديق الخاصة التي تقتطع من أموالهم ومرتباتهم وكذلك حقهم في معرفة أوجه إنفاق هذه الأموال والعائد منها وجدواها .
ب– الأثر السلبي للقرار الطعين على حرية التنقل والترابط الأسري
إن قرار الطعين من شأنه إعاقة سفر الطاعن لمرافقة الزوج وهو ما ينعكس بشكل مباشر على حقين أولهما :- الأثر السلبي على التماسك الأسري الذي كفله الدستور والقانون بدليل النصوص التي كفلها قانون الخدمة المدنية وقانون تنظيم الجامعات وكذلك ما نص عليه الدستور المصري في تشريعات المادة(10)على أن “الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية، وتحرص الدولة على تماسكها واستقرارها وترسيخ قيمها“.
كما أصلت المعاهدات واﻻتفاقات الدولية لهذا الحق حيث نص العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في المادة (10) :
تقر الدول الأطراف في هذا العهد بما يلي:
1. وجوب منح الأسرة، التي تشكل الوحدة الجماعية الطبيعية والأساسية في المجتمع، أكبر قدر ممكن من الحماية والمساعدة، وخصوصًا لتكوين هذه الأسرة وطوال نهوضها بمسئولية تعهد وتربية الأولاد الذين تعيلهم. ويجب أن ينعقد الزواج برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاء لا إكراه فيه.
وقد قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص المادة (89) المشار إليها على أساس أن ترخيص الجهة الإدارية وفقًا لهذه المادة في منح الإجازة الخاصة التي يطلبها عضو هيئة التدريس لمرافقة الزوج الذي أذن له بالسفر إلى الخارج، إخلال بوحدة الأسرة التي لم يقصد الدستور صونها لذاتها، بل بوصفها طريقًا وحيدًا لإرساء مقوماتها على قواعد محددة لا يستقيم أمرها بغيرها – كما قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص المادة (91) من القانون المشار إليه فيما تضمنه من قيد زمني على منح عضو هيئة التدريس بالجامعات إجازة خاصة لمرافقة الزوج المرخص له بالعمل في الخارج، على أساس أن النص الطعين يحول بين عضو هيئة التدريس وبين الحصول على إجازة لمرافقة الزوج إذا تجاوز مجموع ما حصل عليه من إجازات مماثلة مدة عشر سنوات طوال حياته الوظيفية – مؤدى ذلك: أصبحت الموافقة على منح الإجازة لمرافقة الزوج وجوبية دون التقيد بمدة العشر السنوات المنصوص عليها في هذه المادة – استمرار عضو هيئة التدريس في هذه الإجازة لا يجيز اعتباره منقطعًا عن العمل – تطبيق.4
ثانيهما :-
الحق في التنقل:-
فالقرار الطعين بهذا اﻻشتراطات “التبرعات” التي وضعها مجلس جامعة القاهرة أصبحت تشكل قيدًا على الحرية في التنقل فأصبح ﻻزمًا على عضو هيئة التدريس أن يحصل على موافقة مجلس الجامعة المرهونة بالتبرع وهو ما يخالف بشكل صريح نص المادة مادة 62.
“حرية التنقل، والإقامة، والهجرة مكفولة. ولا يجوز إبعاد أي مواطن عن إقليم الدولة، ولا منعه من العودة إليه”.
ولا يكون منعه من مغادرة إقليم الدولة، أو فرض الإقامة الجبرية عليه، أو حظر الإقامة في جهة معينة عليه، إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة، وفي الأحوال المبينة في القانون.
ويتضح أن نص المادة جاء عامًا مطلقًا للحق في التنقل دون قيد أو شرط إلا إذا كان مسببًا بحكم قضائي وهو ما أكدت عليه أيضًا المحكمة الدستورية في حكم لها حيث ذهبت إلى :-
“ وحيث أن الدستور قد احتفى – كذلك – بالحقوق المتصلة بالحق في التنقل فنص في المادة 50 منه على حظر إلزام المواطن بالإقامة في مكان معين أو منعه من الإقامة في جهة معينة إلا في الأحوال التي يبينها القانون، وتبعتها المادة 51 لتمنع إبعاد المواطن عن البلاد أو حرمانه من العودة إليها، وجاءت المادة 52 لتؤكد حق المواطن في الهجرة الدائمة أو الموقوتة على أن ينظم القانون هذا الحق وإجراءات وشروط الهجرة ومغادرة البلاد؛ ومقتضى هذا أن الدستور لم يعقد للسلطة التنفيذية اختصاصًا ما بتنظيم شيء مما يمس الحقوق التي كفلها الدستور فيما تقدم، وأن هذا التنظيم يتعين أن تتولاه السلطة التشريعية بما تصدره من قوانين. متى كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه إذا ما أسند الدستور تنظيم حق من الحقوق إلى السلطة التشريعية فلا يجوز لها أن تسلب من اختصاصها، وتحيل الأمر برمته إلى السلطة التنفيذية دون أن تقيدها في ذلك بضوابط عامة وأسس رئيسية تلتزم بالعمل في إطارها، فإذا ما خرج المشرع على ذلك وناط بالسلطة التنفيذية، تنظيم الحق من أساسه، كان متخليًا عن اختصاصه الأصيل المقرر بالمادة 86 من الدستور، ساقطًا – بالتالي – في هوة المخالفة الدستورية”.
قضية رقم 243 لسنة 21 قضائية المحكمة الدستورية العليا
ولذلك يلتمس الطاعن من سيادتكم القضاء بــ
أولًا :- وقف تنفيذ قرار مجلس جامعة القاهرة الصادر بتاريخ 27 يوليو 2015 بفرض تبرعات مقابل السفر تحت أي بند .
ثانيًا:- وفي الموضوع بإلغاء القرار محل الطعن .
ثالثًا:- استرداد المبالغ المدفوعة من قبل الطاعن مقابل الموافقة على سفره وهى 25 الف جنيها.
رابعًا (وعلى سبيل الاحتياط): الإفصاح عن السند القانوني لتحصيل هذه المبالغ إن وجد، والإفصاح عن أوجه أنفاق حصيلة مبالغ التبرعات “صندوق تطوير الدراسات العليا” .
وكيل الطاعــن
________________________________________________________________________
1 وقعت مصر على العهد بتاريخ 4/8/1967 وصدقت عليه بتاريخ 14 يناير 1982 بالقرار الجمهوري رقم 536 سنة 1981
2يراجع في هذا المعنى حكم المحكمة الدستورية في القضية رقم 3 لسنة 16 ق
3 تقرير التنمية البشرية لعام ١٩٩٢، منشور بموقع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
4يراجع في هذا المعنى حكم المحكمة الدستورية في القضية رقم 33 لسنة 15 ق