إعداد: رحمة سامي، الباحثة بوحدة الرصد والتوثيق بمؤسسة حرية الفكر والتعبير
يتعرض المدوِّن والصحفي محمد إبراهيم رضوان الشهير بـ”محمد أكسجين” الذي يواجه حكمًا بالحبس أربع سنوات، صادرًا عن محكمة أمن الدولة طوارئ، على ذمة القضية رقم 1228 لسنة 2021، جنح أمن الدولة طوارئ، التجمع الخامس – للتنكيل المستمر منذ القبض عليه في ٢٠١٨ حتى دخوله في إضراب عن الطعام منذ ١٣ إبريل ٢٠٢٤ اعتراضًا على سوء المعاملة والتنكيل الذي يتعرض له، بالإضافة إلى احتجازه في مكان غير آدمي تملؤه الحشرات. خلال هذا الإصدار نحاول تتبع مسار الانتهاكات والاستهدافات التي يتعرض لها على خلفية عمله الصحفي.
أول قبض وأول اختفاء قسري
- في الثالثة من فجر يوم 6 إبريل 2018 ألقت قوة من جهاز الأمن الوطني القبض على المدون والصحفي محمد أكسجين، في منزله في حي البساتين بمحافظة القاهرة، وتم اقتياده إلى مكان غير معلوم وحرمانه من التواصل مع أهله أو محاميه.
- في 17 إبريل 2018، ظهر أكسجين في نيابة أمن الدولة العليا في التجمع الخامس، متهمًا على ذمة القضية رقم 621 لسنة 2018 حصر نيابة أمن الدولة العليا. حيث واجه أكسجين اتهامات من بينها: نشر أخبار وبيانات كاذبة، والانضمام إلى جماعة إرهابية.
- خلال فترة احتجازه تعرض أكسجين للتعذيب البدني في مقر الأمن الوطني بالعباسية، وهو ما أثبته خلال جلسات التحقيق، وظل أكسجين رهن الحبس الاحتياطي قرابة ١٥ شهرًا، وكانت أغلب فترات الحبس انفرادية.
- في مايو ٢٠١٨ الماضي دخل أكسجين في إضراب عن الطعام نتيجة التعنت وسوء المعاملة التي تنوعت بين منعه من الزيارة ومنع دخول الزيارات إليه بالإضافة إلى تعرضه للتعذيب.
- في جلسة 22 يوليو 2019 أصدرت دائرة الإرهاب بمحكمة الجنايات قرارًا بالاستعاضة عن الحبس الاحتياطي بتدبير احترازي، كان يضطر بموجبه أكسجين إلى التوجه إلى قسم شرطة البساتين مرتين في الأسبوع.
إعادة إخفاء أكسجين قسريًّا
- في 21 سبتمبر 2019، أبلغ أكسجين مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، المحامي جمال عيد، تليفونيًّا، أثناء تنفيذه التدابير الاحترازية بقسم شرطة البساتين، بأن ضابطًا من الأمن الوطني جاء لاصطحابه إلى مقر الأمن الوطني في المعادي، قبل أن يغلق هاتفه. ورغم إرسال ثلاثة تلغرافات إلى النائب العام ووزير الداخلية ووزير العدل، فإن تحقيقًا لم يُجرَ في هذا الشأن، وظل أكسجين قيد الإخفاء القسري إلى ما يقرب من 18 يومًا.
“جاء القبض على أكسجين ضمن حملة أمنية عنيفة شنتها الأجهزة الأمنية في مصر على خلفية ما اشتهر حينها بـ”احتجاجات 20 سبتمبر 2019″ التي دعا إليها المقاول المصري المقيم خارج البلاد محمد علي، وكان أكسجين ضمن الصحفيين الذين قاموا بتغطية تلك الاحتجاجات في أكثر من محافظة، وقد طالت هذه الحملة صحفيين وناشطين ومحامين وحقوقيين”.
الظهور في نيابة أمن الدولة العليا
- في 8 أكتوبر 2019 ظهر أكسجين في نيابة أمن الدولة العليا للتحقيق معه على ذمة قضية جديدة حملت رقم 1356 لسنة 2019 حصر نيابة أمن الدولة العليا، واجه خلالها نفس الاتهامات في القضية السابقة. وظل قيد الحبس الاحتياطي لمدة 14 شهرًا.
- الاستعاضة عن الحبس بالتدابير الاحترازية دون تنفيذ القرار
- في ٣ نوفمبر ٢٠٢٠ أصدرت محكمة جنايات إرهاب قرارها بالاستعاضة عن الحبس الاحتياطي بتدبير احترازي للمدون الصحفي.
- في ٢٠٢٠ امتنعت وزارة الداخلية عن تنفيذ قرار إخلاء السبيل، وتم احتجاز أكسجين بالمخالفة للقانون.
الإخفاء والتدوير للمرة الثالثة
- في 10 نوفمبر 2020، فوجئ محاموه بإحالة موكلهم للمرة الثالثة إلى نيابة أمن الدولة العليا متهمًا على ذمة القضية رقم 855 لسنة 2020 حصر نيابة أمن الدولة العليا. جرت تحريات تلك القضية بينما كان “أكسجين” قابعًا في زنزانته في سجن شديد الحراسة/2 (العقرب)، فيما اصطلح على تسميته حقوقيًّا (تدوير من الداخل) وضمت القضية إلى جانب أكسجين المحامي الحقوقي محمد الباقر، وقد واجهوا اتهامات بنشر أخبار وبيانات كاذبة من شأنها إلحاق الضرر بالبلاد.
الحرمان من الزيارة دون أسباب
- منذ فبراير ٢٠٢٠ تعرض المدون الصحفي محمد أكسجين للحرمان من الزيارة بشكل نهائي دون إبداء أسباب أو الرد على طلبات الأسرة والمحامي. في نفس الوقت رفضت إدارة سجن شديد الحراسة ٢، بمنطقة سجون طرة إيداع أسرة أكسجين أي مبالغ مالية في حسابه فيما يعرف بـ”الكانتين” كما امتنعت عن إدخال الأدوية “الطبية” حتى 15 يوليو ٢٠٢٠ حيث تمكنت أسرته من إدخال طعام له لأول مرة منذ فبراير 2020، دون رؤيته حينها.
“تعددت وسائل التنكيل بأكسجين داخل محبسه خلال سنوات الحبس الاحتياطي، ومثلت جميعها انتهاكات جسيمة لحقوق المساجين المكفولة بنصوص قانون تنظيم السجون ولائحته التنفيذية وكذلك المنصوص عليها في المعاهدات الدولية الملزِمة لمصر في مجال حماية حقوق المسجونين. وبسبب ما يتعرض له أكسجين من تنكيل داخل محبسه بزنزانة (3/2 عنبر ب) شديد الحراسة 2 في أغسطس ٢٠٢٠، سواء بمنع الزيارات أو بحرمانه من “الوجبات الساخنة/ الطبلية” والاكتفاء بـ”التعيين” فقط دون باقي المساجين، بالإضافة إلى التفتيش المستمر للزنزانة، وحرمانه من التريض – أصيب أكسجين باكتئاب حاد وامتنع عن الكلام إلى ما يقرب من شهر ونصف خلال عام ٢٠٢٢، وأصبح في عزلة تامة داخل الحبس رغم وجوده في غرفة بها اثنان آخران معه. بحسب شهادة أحد المحبوسين السابقين الذي رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية”.
محاولة الانتحار
- في أغسطس ٢٠٢١ أقدم أكسجين على الانتحار مستخدمًا العقاقير الطبية داخل جدران سجن طرة شديد الحراسة 2، لكن تم إنقاذ حياته في اللحظات اﻷخيرة، وذلك بعد تدهور صحته النفسية بشدة بعد فترة وجيزة من اعتقاله الثاني، ورجح محاموه أن هذا التدهور جاء بعد تعرضه لانتهاكات أفقدته الرغبة في الحياة داخل السجن. في أغسطس 2021 رفضت إدارة سجن شديد الحراسة 2 طرة، تنفيذ قرار النيابة بالتصريح لمحامي الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان بزيارة الصحفي “محمد أكسجين” بعد محاولته الانتحار، بل تم الاستيلاء على التصريح مع رفض إعادته للمحامين، من قبل إدارة السجن.
تدوير للمرة الثالثة ومحاكمة جائرة
- في أكتوبر ٢٠٢١ أخبرت إدارة سجن طرة 2 شديد الحراسة المعروف بـ”العقرب”، الناشطينِ والمدونينِ علاء عبدالفتاح ومحمد إبراهيم المعروف بـ”أكسجين” إلى جانب المحامي محمد الباقر بإحالتهم إلى محكمة جنح أمن الدولة طوارئ بالتجمع الخامس، وبدء جلسات محاكمتهم، على ذمة قضية جديدة تم استنساخها من القضية رقم 1356 لسنة 2019 (جنايات) حسبما ذكر فريق الدفاع.
- في 20 ديسمبر 2021 قضت محكمة جنح أمن الدولة طوارئ بمعاقبة “أكسجين” بالحبس 4 سنوات، وبغرامة مالية قدرها 200 ألف جنيه، في القضية 1228 لسنة 2021 حصر أمن دولة طوارئ. وتم التصديق عليه، ويعد هذا الحكم نهائيًّا وغير قابل للطعن عليه في أيٍّ من درجات التقاضي، إذ تعد محكمة أمن الدولة العليا طوارئ إحدى مؤسسات القضاء الاستثنائية التي لا يمكن الطعن أو الاستئناف على أحكامها بموجب قانون الطوارئ. كما لا يزال إبراهيم رهن الحبس الاحتياطي على ذمة القضية رقم 855 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا.
- اتسمت محاكمة أكسجين بتسارع كبير وغير مبرر. إذ لم تستغرق المحاكمة سوى شهرين اثنين فقط ما بين جلستين إجرائيتين وأخرى ثالثة للمرافعات حتى النطق بالحكم. وعلى الرغم من أن أحكام محكمة أمن الدولة العليا طوارئ هي أحكام نهائية لا يمكن الطعن عليها أو استئناف أحكامها، فإن من حق رئيس الجمهورية إلغاء الحكم أو تعديله، أو الأمر بإعادة المحاكمة. سرعة المحاكمة كانت أحد مشاهد انتهاك الحق في المحاكمة العادلة، فلم تسمح هيئة المحكمة على مدار ثلاث جلسات بالاستماع إلى دفاع المتهم أو الاستجابة لطلباته، كذلك رفضت السماح للمحتجزين بالتشاور مع محاميهم، والحيلولة دون حصول المحامين على صورة ضوئية من ملف القضية. فضلًا عن عدم مواجهة المتهمين الثلاثة بأي أدلة أو أحراز تثبت ما نسب إليهم من اتهامات، ولم تسمح المحكمة للمراقبين الدوليين بحضور الجلسات رغم كونها جلسات علنية وفقًا للدستور.
وفاة والدته ورفضه المشاركة في العزاء
- في فبراير 2022 تُوفيت والدة المدون محمد أكسجين، وأطلق محامون وكتاب ومدونون هاشتاج “خرجوا_أكسجين_يدفن_أمه”، مطالبين بالسماح له بوداع والدته وتقبل العزاء فيها، لكنه رفض الخروج من محبسه للمشاركة في عزاء والدته التي رحلت خلال تواجده بالسجن، ما يعبر عن حالة اليأس الشديد التي وصل إليها أكسجين بعد العزلة المفروضة عليه ووفاة والدته اللاحقة لمحاولة انتحاره.
التماس للعفو الرئاسي
- في نوفمبر ٢٠٢٢ تقدم شقيق محمد أكسجين، بطلب التماس إلى رئاسة الجمهورية، عن طريق مؤسسة حرية الفكر والتعبير -التي تتولى الدفاع القانوني عن أكسجين- للحصول على عفو رئاسي عن شقيقه الذي يواجه حكمًا بالحبس أربع سنوات، صادرًا عن محكمة أمن الدولة طوارئ، على ذمة القضية رقم 1228 لسنة 2021، جنح أمن الدولة طوارئ، التجمع الخامس، المتهم فيها أيضًا الناشط علاء عبدالفتاح، والمحامي الحقوقي محمد الباقر (قبل أن يخلى سبيله في يوليو ٢٠٢٣) – لكن لم يلقَ استجابة.
الاعتداء بالضرب في سجن بدر ١
- في ١٧ إبريل ٢٠٢٣ تم الاعتداء بالضرب على أكسجين في سجن بدر1 مع مجموعة أخرى من المسجونين السياسيين، على يد مأمور سجن بدر 1 وطالبت عدة منظمات حقوقية بفتح تحقيق رسمي سريع ومستقل في هذه الوقائع والاعتداءات والتحقيق مع مأمور سجن بدر.
- منذ مايو ٢٠٢٣ يقبع محمد إبراهيم رضوان قيد الحبس الانفرادي في سجن بدر بالقاهرة وقد اتُّخذ هذا الإجراء العقابي ضد مؤسس مدونة أكسجين مصر، بعد أن تدخل لحماية أحد زملائه في الزنزانة، الذي تعرض لاعتداء من قبل أحد حراس السجن.
- في ١٣ إبريل ٢٠٢٤ دخل أكسجين في إضراب عن الطعام للمرة الثانية منذ حبسه بحسب ما أبلغه لأسرته احتجاجًا على ظروف حبسه المطول، وعلى سوء المعاملة والتنكيل الذي يتعرض له، بالإضافة إلى احتجازه في مكان غير آدمي تملؤه الحشرات، التي ظهر أثر لدغاتها على كل جسده مع تدهور حالته الصحية، فضلًا عن حبسه انفراديًّا منذ شهر مايو وحرمانه من دخول الأدوية والمتعلقات في أغلب الأوقات، وإجباره على حضور الزيارات بحضور ضابط الأمن الوطني. بحسب الأسرة.
- في ٢ مايو الجاري أبلغ أكسجين أسرته عن فك الإضراب، وتمت كتابة منشورة على موقع “فيسبوك” مع توضيح من الأسرة بسوء حالته الصحية والنفسية أثناء الزيارة.
- في 5 يونيو 2024، تقدم نقيب الصحفيين بطلبات للعفو عن الصحفيين المحبوسين وبينهم محمد أكسجين إلى لجنة العفو الرئاسي ومجلس أمناء الحوار الوطني.