تعبير مُحاصر من الشارع إلى الإنترنت.. التقرير السنوي عن حالة حرية التعبير في مصر للعام 2019

تاريخ النشر : الإثنين, 17 فبراير, 2020
Facebook
Twitter

القسم الأول: قراءة في انتهاكات حرية التعبير:

حرية الإعلام

شهد العام المنقضي استمرار الحكومة المصرية في انتهاج السياسات والممارسات المعادية لحرية الصحافة والإعلام. على المستوى القانوني؛ أصدر المجلس الأعلى للإعلام، في 18 مارس 2019، القرار رقم (16) لسنة [1]2019، بشأن إصدار لائحة الجزاءات والتدابير التي يجوز توقيعها على الجهات الخاضعة لأحكام قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 180 لسنة 2018. ويُعمل بأحكام هذه اللائحة في شأن المخالفات التي تقع من الوسائل والمؤسسات الصحفية والإعلامية الخاصة والمملوكة للدولة، سواء أكانت مطبوعة، مرئية أم رقمية، بحسب نص المادة الأولى من اللائحة.

رغم التأخر _غير القانوني أو المبرر_ في إصدار اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى للإعلام رقم 180 لسنة 2018، والتي نصَّ القانون على ضرورة إصدارها خلال ثلاثة أشهر من بدء العمل بالقانون، فإن “المجلس الأعلى” قرر تجاوز اللائحة التنفيذية، وإصدار لائحة الجزاءات والتدابير التي يجوز توقيعها في شأن المخالفات التي تقع من الوسائل والمؤسسات الصحفية والإعلامية الخاصة والمملوكة للدولة، سواء أكانت مطبوعة، مرئية أم رقمية.

تضمنت الجزاءات التي يجوز للمجلس توقيعها على المؤسسات الصحفية أو الإعلامية، في حال ارتكابها المخالفات المذكورة باللائحة، توقيع غرامة مالية تصل في إحدى الحالات إلى 5 ملايين جنيه وتتراوح بين 50 ألف و250 ألف جنيه في أغلب الحالات. كما يحق للمجلس حجب مواد صحفية أو الوسيلة بشكل مؤقت أو دائم، بالإضافة إلى سلطة المجلس الأعلى في إلغاء ترخيص الوسيلة الصحفية أو الإعلامية بشكل نهائي.

وافتقدت “لائحة الجزاءات” بشكل عام في أغلب موادها مبدأ التناسب بين المخالفات المرتكبة والعقوبات المقررة عليها. حيث فرضت عقوبات رادعة على أفعال يقوم بها الصحفي أو الإعلامي خلال عمله اليومي. كما احتوت اللائحة على مفردات ونصوص تتسم بالعمومية والغموض. وأعطت رئيس المجلس صلاحيات استثنائية فيما يتعلق بتوقيع العقوبات[2].

وعلى مستوى ملكية وسائل الإعلام، كذلك شهد العام استمرار السياسات الاحتكارية في سوق الصحافة والإعلام، حيث تمكنت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية المالكة لمجموعة إعلام المصريين، والتي يُشارك في ملكيتها جهاز المخابرات العامة، من إتمام عدد من صفقات الاستحواذ على شركات مالكة لوسائل إعلام وشركات إنتاج ووكالات إعلانية، وبات عدد من رجال الأعمال شركاء في ملكية المجموعة، وهم تامر مرسي، رئيس مجلس إدارة المجموعة، بالإضافة إلى كامل أبو علي ومحمد الأمين. وتعد مجموعة إعلام المصريين اﻷداة الرئيسية التي تستخدمها أجهزة أمنية ﻹحكام السيطرة على ملكية وسائل الإعلام، وهو ما نتج عنه السيطرة على شبكاتONTV ، CBC، والحياة. إلى جانب السيطرة المباشرة على الملكية، تدير مجموعة إعلام المصريين شبكة راديو النيل المملوكة للهيئة الوطنية للإعلام، كما وقعت بروتوكولًا مع الهيئة الوطنية للإعلام، لكي تضع خطة لتطوير التليفزيون المملوك للدولة[3].

وعلى صعيد الانتهاكات المباشرة تجاه الجماعة الصحفية، رصد فريق عمل المؤسسة ما لا يقل عن 48 واقعة تخللها 59 انتهاكًا مختلفًا خلال الفترة من 11 ديسمبر 2018 إلى 10 ديسمبر 2019.

حالات القبض والاستيقاف

في الأول من يناير ألقت قوات الأمن القبض على الصحفيين محمد مصباح جبريل وعبد الرحمن عوض عبد السلام على خلفية إجرائهما مقابلة مع البرلماني السابق ورئيس حزب الإصلاح والتنمية، محمد أنور السادات. أودع الصحفيان السجن على ذمة القضية رقم 1365 لسنة 2018. ووجهت إليهم نيابة أمن الدولة اتهامات: الانضمام لجماعة إرهابية مع العلم بغرضها، استخدام حساب على شبكة المعلومات الدولية لغرض إرهابي، ونشر أخبار كاذبة عمدًا ترويجًا لغرض إرهابي.

وفي 29 من الشهر نفسه، ألقت سلطات أمن مطار القاهرة القبض على الصحفي أحمد جمال زيادة أثناء عودته من العاصمة التونسية بصحبة زوجته، حسب محاميه[4]. وذكر مختار منير، المحامي بمؤسسة حرية الفكر والتعبير ومحامي الصحفي:

“تم التحفظ على زيادة من قبل ضابط الأمن الوطني بالمطار بعد توقيفه من قبل ضابط الجوازات، وانقطع التواصل بينه وبين زوجته، بينما رفضت سلطات أمن المطار الإفصاح عمَّا إذا كان محتجزًا لديهم من عدمه. وظل زيادة محتجزًا حسب منير، في مكان غير معلوم لذويه أو محاميه حتى تاريخ عرضه على نيابة العمرانية يوم 13 فبراير بعد علم المحامين بالصدفة بتواجده بنيابة العمرانية متهمًا على ذمة القضية رقم 67 لسنة 2019 جنح العمرانية أمن دولة طوارئ. ووجهت إليه النيابة اتهام نشر وإذاعة أخبار كاذبة عبر شبكات مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”[5].

وأوضح منير بأنه علم أثناء التحقيقات بأن النيابة قد أصدرت إذن ضبط وإحضار قبل يومين فقط من عرضه عليها في 13 فبراير بالرغم من إلقاء القبض عليه في 29 يناير بمطار القاهرة واحتجازه في جهة غير معلومة. وفي 2 مارس أصدرت نيابة العمرانية قرارًا بإخلاء سبيل الصحفي بكفالة 10 آلاف جنيه.

في 20 سبتمبر، ألقت قوات الأمن القبض على الصحفية بجريدة المصري اليوم، إنجي عبد الوهاب، أثناء تغطيتها تظاهرات وقعت في هذا اليوم. ظهرت عبد الوهاب بنيابة أمن الدولة على ذمة القضية رقم 1338 لسنة 2019 أمن دولة، في 26 سبتمبر، بتهم مشاركة جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها ونشر أخبار كاذبة. في 10 أكتوبر أمرت نيابة أمن الدولة بإخلاء سبيلها.

وفي 21 سبتمبر، ألقت قوات الأمن القبض على الصحفي والمدون محمد إبراهيم الشهير بـ”أكسجين”، أثناء تنفيذه التدابير الاحترازية داخل قسم البساتين والخاصة بالقضية رقم 621 لسنة 2018 حصر أمن دولة. وكان ضابطًا بالأمن الوطني قد اصطحبه من القسم إلى أحد مقار الأمن الوطني، وفقًا لما أعلنته الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان[6]. ظهر أكسجين، بعد 18 يومًا من إنكار السلطات الأمنية القبض عليه، أمام نيابة امن الدولة متهمًا على ذمة القضية رقم 1356 سنة 2018 حصر أمن دولة، ووجهت إليه النيابة اتهامات بإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ونشر أخبار كاذبة. أمرت نيابة أمن الدولة بحبسه على ذمة تلك الاتهامات ولا زالت النيابة تقوم بتجديد حبسه إلى الآن.

وفي 25 من الشهر نفسه، ألقت قوات من الشرطة القبض على المصور الصحفي إسلام مصدق من منزله، ونفت السلطات تواجده لديها. في 1 أكتوبر، أمرت نيابة أمن الدولة بحبس مصدق على ذمة القضية رقم 488 لسنة 2019 أمن دولة، دون إعلام أي من ذويه أو حضور محامٍ. ووجهت إليه النيابة اتهامات مشاركة جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، نشر أخبار كاذبة، واستخدام حساب على مواقع التواصل الاجتماعي لنشر الشائعات. ونقل “مدى مصر” عن مصادر بقناة سي بي سي، والتي كان مصدق يعمل لصالحها، بأن إدارة القناة أصدرت قرارًا بفصله عن العمل بعد قرار النيابة بحبسه[7].

وفي 2 أكتوبر، أطلقت قوات الأمن سراح الصحفي بموقع مصراوي عمر هشام، دون تحرير أية محاضر أو توجيه أية اتهامات بعد احتجاز غير قانوني بدأ مع القبض عليه في 20 سبتمبر من محيط وسط البلد أثناء تغطيته احتفالات جماهير النادي الأهلي بالفوز ببطولة السوبر المصري، كما ذكر موقع مصراوي[8].

وفي التوقيت نفسه أطلقت قوات الأمن سراح الصحفي بموقع المنصة عبد الله غنيم دون تحرير أي محاضر أو توجيه أي اتهامات بعد احتجاز غير قانوني بدأ من 25 سبتمبر إلى 2 أكتوبر. وكانت قوات الأمن قد ألقت القبض على غنيم أثناء عودته من بلدته بالمحلة إلى القاهرة. وأنكرت وزارة الداخلية القبض على غنيم طوال تلك الفترة.

وألقت قوات الأمن القبض على المترجم بوكالة “أسوشيتد برس”، مصطفى الخطيب، من منزله في 13 أكتوبر[9]. ظهر الخطيب في اليوم التالي أمام نيابة أمن الدولة على ذمة القضية رقم 488 لسنة 2019 أمن دولة. وجهت إليه النيابة اتهامات بالانضمام إلى جماعة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة. يرجح القبض على مصطفى على خلفية تقرير نشرته وكالة الأنباء عن القبض على طلاب إنجليز متواجدين في مصر لأغراض أكاديمية.

كما ألقت قوات الأمن القبض على الصحفي بجريدة روزاليوسف، أحمد شاكر، من منزله فجر 28 نوفمبر الماضي. وعرض شاكر على نيابة أمن الدولة على ذمة القضية رقم 488 لسنة 2019 أمن دولة متهمًا بمشاركة جماعة إرهابية على علم بأغراضها.

وألقت قوات الأمن القبض على المحرر بموقع مدى مصر، شادي زلط، من منزله فجر 2 نوفمبر، حيث اقتادته قوة أمنية مسلحة إلى جهة غير معلومة بعد تفتيش منزله والاستيلاء على جهازي كمبيوتر وهاتفين محمولين له ولزوجته. لم تفصح القوة المسلحة عن هويتهم ولم يبرزوا إذنًا من النيابة بتفتيش المنزل أو القبض علي زلط. أخبر رجال الأمن الذين اصطحبوا زلط زوجته بأنهم ذاهبون إلى مديرية أمن الجيزة إلا أن المديرية نفت وجوده وظل مخطوفًا إلى ما يقرب اليومين حتى تم الإفراج عنه بتركه على الطريق الدائري عصر الأحد 24 نوفمبر.

كما ألقت قوات الأمن القبض على ثلاثة آخرين من صحفيي “مدى مصر” وهم رئيسة التحرير لينا عطا الله، والمحرران رنا ممدوح ومحمد حمامة، بعد أن اقتحمت هذه القوة مقر الموقع بمنطقة الدقي دون الإفصاح عن هويتهم أو إبراز أي إذن قضائي يسمح لهم بتفتيش المكان. صادرت القوة الأمنية المقتحمة الهواتف المحمولة وقاموا بجمع هويات كل المتواجدين بالموقع وحجزهم بإحدى غرف المقر. خلال عملية تفتيش الموقع وأجهزة الكمبيوتر الخاصة بالصحفيين وعلى مدار 3 ساعات قام أفراد من القوة الأمنية بعملية استجواب لرئيسة التحرير والصحفيين بالموقع: محمد حمامة ورنا ممدوح، بالإضافة إلى الصحفيين الأجنبيين في النسخة الإنجليزية للموقع إيان لوي وإيما سكولدنج. كما حقق أفراد الأمن مع صحفيي فرانس 24 والذين كانوا متواجدين بالمقر لإجراء مقابلة صحفية عن واقعة القبض على المصور الصحفي بالموقع شادي زلط والذي تم القبض عليه قبل واقعة الاقتحام بيوم واحد.

اصطحبت القوة الأمنية الصحفيين الثلاثة إلى قسم الدقي ثم إلى جهة غير معلومة، إلا أن السيارة التي اصطحبتهم عادت مرة أخرى إلى القسم حيث أطلق سراحهم دون تحرير أية محاضر. وفي واقعة لاحقة لعملية اقتحام الموقع، حضر بعض أفراد الأمن إلى منزلي الصحفيين بالنسخة الإنجليزية للموقع إيما سكولدنج وإيان لوي، في 30 نوفمبر، وأخذوا جوازات سفرهم وطلبوا منهما الحضور إلى مصلحة الجوازات والهجرة بالعباسية حيث اضطروا إلى التوقيع على إقرار بمغادرة مصر خلال سبعة أيام، حسب محمود عثمان محامي المؤسسة الذي اصطحبهما إلى هناك.[10]

 هذة الحملة الأمنية التي استهدفت موقع مدى مصر جاءت بعد نشر الموقع تقريرًا صحفيًّا تحت عنوان “مهمة عمل طويلة.. إبعاد محمود السيسي إلى روسيا” ، تناول التقرير عبر مصادر بجهاز المخابرات العامة وسياسيين بارزين قريبين من دائرة السلطة _بحسب التقرير_ موافقة الرئيس السيسي على إبعاد نجله عن جهاز المخابرات العامة بعد ما أسماه التقرير سلسلة إخفاقات وأزمات داخلية هددت “استقرار النظام”.

وكانت رنا ممدوح قد ذكرت في مقال نشره موقع مدى مصر أن السلطات بمطار القاهرة منعتها من السفر لحضور مؤتمر عن “الصحافة الاستقصائية في زمن التطرف”. وقالت ممدوح في مقالها:

أخبرني ضابط الأمن الوطني بالمطار أني مسجلة على قوائمهم ولن يسمح لي بالسفر إلا بعد الرجوع إلى الضابط المسئول عني بالجهاز التابع لوزارة الداخلية.. سألت الضابط هل ذلك يعني أن هناك قرارًا بمنعي من السفر فرد بهدوء واتزان ليس من النائب العام ولكن من الضابط المسؤول في الأمن الوطني، سألته عن السبب فأجاب بأن “ملفي ليس أمامه، وإنت صحفية وأكيد عملتي حاجة “ونصحني بالذهاب لمقر الأمن الوطني لتسوية الأمر مع الضابط المسئول”[11].

 حالات الاعتداء البدني

 لا زال الصحفيون يتعرضون لانتهاكات بدنية جسيمة أثناء تأديتهم عملهم الصحفي، دون أن تتخذ السلطات المعنية أي خطوة لحماية الصحفيين. في 23 إبريل، عقب مباراة الزمالك وبيراميدز بالدوري المصري اعتدى عدد من لاعبي وإداريي نادي الزمالك على المصور الصحفي بجريدة المصري اليوم عبد الرحمن جمال أثناء تغطيته لأحداث المباراة.  يروي جمال في شهادة تليفزيونية نشرها موقع المصري اليوم تفاصيل الاعتداء:

“أول ما الحكم صفر بعد الماتش اتجهت للقيام بعملي بتصوير سعادة لاعبي بيراميدز بالفوز وتصوير لاعبي الزمالك، ولاحظت وجود كردون أمني في منتصف الملعب وأن بعض لاعبي الزمالك يعتدون على ضابط شرطة مكلف بالتأمين فذهبت لتصوير الواقعة..  فوجئت بلاعب الزمالك محمد إبراهيم يتجه نحوي ويطلب تليفوني الذي أقوم بالتصوير من خلاله بأسلوب هادئ.. تدخل أحد أعضاء الجهاز الطبي يدعى محمد عيد محاولًا خطف التليفون الخاص بي إلا أنه فشل وسقط أرضًا، بعدها جاء محمود جنش وقام بضربي بالبوكس على وجهي، واشترك معه عامل غرفة الملابس واللاعب محمد عبد الغني.. طلب مني محمد عيد القدوم لغرفة خلع الملابس لإعطائي التليفون، رفضت ثم توجهت لقسم مدينة نصر لتحرير محضر بالواقعة”[12].

وفي 7 مايو، اقتحم المنتج الفني أحمد السبكي وبصحبته حوالي 10 أشخاص موقع صدى البلد بمنطقة المهندسين على إثر خلاف بين المنتج وقناة صدى البلد حول أحد المسلسلات التليفزيونية المعروضة على القناة. يروي الصحفي بالموقع إسلام مقلد تفاصيل ما حدث:

“بدأت الواقعة بدخول السبكي وعدد من الأشخاص مقر الموقع بالسباب والانفعال الشديد يسألون عن شخص يدعى أحمد سامي وهو مدير التعاقدات والتسويق الإعلاني لقناة صدى البلد ولا يوجد علاقة بينه وبين الموقع.. خرج رئيس تحرير الموقع أحمد صبري من مكتبه وحاول تهدئة السبكي محاولًا فهم ماذا يحدث حيث أننا لم نكن نعلم أو نفهم سبب ما يحدث وأثناء ذلك حاول عدد من الصحفيين، من بينهم رئيس قسم “أصل الحكاية” أحمد سالم، تصوير ما يحدث بأجهزتهم المحمولة فخطفه منه أحد الأشخاص المصاحبين للسبكي _تم استرجاع التليفون فيما بعد_.. دخل رئيس التحرير بصحبة السبكي إلى مكتبه، وتعالت الأصوات مرة أخرى.. لاحظت أن أحد المصاحبين للسبكي يحاول غلق باب مكتب رئيس التحرير بعد أن تعالت الأصوات ما دفعني أن أحاول الدخول إلى المكتب ومنعه من إغلاقه، فتوجه ناحيتي أحمد السبكي محاولًا الاعتداء عليَّ فسبقه في ذلك عدد ممن كانوا معه وقاموا بالاعتداء عليَّ، وتكسير بعض محتويات المكتب.. قمنا بالاتصال بالنجدة وانصرف السبكي ومن معه وذهبنا إلى قسم الدقي لتحرير محضر بالواقعة وفوجئنا بوجود أحمد السبكي بالقسم يحرر محضرًا ضدنا، قمنا بتحرير المحضر وتم احتجاز رئيس التحرير أحمد صبري والصحفي إسلام مقلد، ورئيس قسم أصل الحكاية، أحمد سالم لباكر للعرض على النيابة في المحضر الذي حرره ضدهم أحمد السبكي.. في اليوم التالي أخلت النيابة سبيل الصحفيين بضمان محل الإقامة، كما أخلت سبيل أحمد السبكي بكفالة 1000 جنيه على ذمة القضية”.[13]

وفي 18 ديسمبر، تعرض الصحفيون محمد شكري وعاطف بدر من المصري اليوم، وإسراء سليمان من الوطن، وآية دعبس من اليوم السابع، لاعتداءات بدنية من قبل أفراد من الحراسة الخاصة لنقابة الصيادلة والتي عينها نقيب الصيادلة محيي عبيد أثناء تغطيتهم لانتخابات النقابة. قال محمد شكري، أحد الصحفيين المعتدى عليهم:

“فوجئنا أثناء إجراء مقابلة مع المرشح على منصب النقيب، كرم كردي، بمدير عام النقابة وبعض أفراد الحراسة الخاصة بالنقابة يسحبون تليفون الصحفية باليوم السابع آية دعبس ويحطمونه، بعدها أخذوا تليفون الزميلة بجريدة الوطن إسراء سليمان، والذي كانت تستخدمه للتسجيل مع كردي، وتم سحب الزميل عاطف بدر من قبل الأمن بغرض إخراجه وانهالوا عليه بالضرب.. حاولت التدخل لمنعهم من الاعتداء على عاطف إلا أن أحد أفراد الأمن أمسكني من الخلف وحاول آخر أخذ الكاميرا مني واستطاع أخذها فعلا بعد أن ضربوني في وجهي.. بعد ذلك حجزوني وإسراء وآيه في غرفة في الدور الثاني، استمر الاحتجاز لما يقارب الساعة، حتى تواصلنا مع زملائنا وحضروا لمقر النقابة وأخرجونا”[14].

حالات المنع من التغطية

في 15 يناير، طرد محافظ الإسماعيلية مراسلي المصري اليوم والوفد هاني عبد الرحمن ومحمد جمعة على الترتيب من المؤتمر الصحفي الذي كان يعقده وزير القوى العاملة بصحبة محافظ الإسماعيلية. وقال عبد الرحمن:

“فوجئنا أثناء تواجدنا بالقاعة المخصصة لإطلاق المؤتمر الصحفي دخول المحافظ الذي بادر على الفور بطردنا وسط جموع الصحفيين ومراسلي القنوات التليفزيونية، وسط دهشة الجميع بمن فيهم وزير القوى العاملة.. حاولنا مطالبة المحافظ باحترام المهنة، وأن ما يفعله مخالف لقواعد العمل الصحفي، وإهانة للصحفيين، فقام بدفعنا بنفسه وطردنا وسط ذهول الجميع، بمن فيهم قيادات الأجهزة التنفيذية، فهي الواقعة الأولى في تاريخ المحافظة، بل محافظات قناة السويس، التي يقوم فيها مسؤول بإهانة الصحفيين، كما أنها لم تحدث خلال عملنا الصحفي الممتد على مدار عشرين عاما”[15].

وحرم الصحفيون العاملون بجريدة المشهد من تغطية الاستفتاء على بعض مواد الدستور، بناءً على قرار من الهيئة الوطنية للانتخابات لم تسمِّ أسبابه. في 20 إبريل، نشر رئيس تحرير جريدة المشهد، مجدي شندي، بيانًا، أعلن فيه رفض الهيئة الوطنية للانتخابات إعطاء تصاريح لصحفيي جريد المشهد دون إبداء أية أسباب. قال شندي:

“لم يقدم المسؤولون في الهيئة أي سبب لمنع صحيفة مصرية من تغطية الاستفتاء، رغم تقديمها كل الأوراق المطلوبة في مواعيدها الرسمية ومن بينها خطاب من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام. ويعاني محررو المشهد من تعنت عدد من الجهات الرسمية في منحهم حقهم القانوني في التغطية.. وقد أبلغت المشهد الأستاذ مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بواقعة منع المشهد من التغطية، ووعد بالتدخل، لكن جهوده في تمكين صحيفة من القيام بدورها لم تكن لها أي نتيجة حتى مساء اليوم الأول للاستفتاء”[16].

كما منعت وسائل الإعلام المختلفة من تغطية عمليات فرز الأصوات من داخل اللجان، حيث أعلن المتحدث باسم الهيئة الوطنية للإعلام عدم تغطية وسائل الإعلام المختلفة لعمليات الفرز داخل اللجان الفرعية كما كان متبعًا في كافة الانتخابات والاستفتاءات التي نظمت بعد يناير 2011. وذكرت الهيئة خلال مؤتمر صحفي نشرت وقائعه قناة موقع “دوت مصر” على موقع “يوتيوب” أنه ليس من حق وسائل الإعلام إذاعة أرقام الاستفتاء، وأن الجهة الوحيدة المنوط بها إعلان نتيجة الاستفتاء وفقًا للقانون هي الهيئة الوطنية للانتخابات[17].

حالات الرقابة على الصحف

في 28 مايو، تلقت الصحفية ورئيسة تحرير جريدة الأهالي، أمينة النقاش، اتصالًا هاتفيًّا في وقت متأخر من أحد أعضاء الأمانة العامة للمجلس الأعلى للإعلام، يخبرها باعتراض الرقيب على تحقيق صحفي احتواه عدد الجريدة التي كانت تحت الطبع وقتذاك. اِنصبَّ اعتراض الرقيب على تحقيق، يحتل صفحتين كاملتين من العدد، يتناول حصول بعض المُدانين في قضايا وصفتها النقاش في مكالمة هاتفية بـ”قضايا عنف” على عفو رئاسي. طالب عضو الأمانة العامة النقاشَ بحذف التحقيق واستبداله حتى يتسنى طبع الجريدة.

قال حزب التجمع في بيان بخصوص الواقعة إن النقاش، بعد التشاور مع مجلس التحرير وقيادة الحزب، رفضت طلب الحذف أو التعديل ما أدى إلى وقف الطبع. قالت النقاش:

“رفضت حذف الموضوع لعدة أسباب: أولها أن الموضوع عبارة عن تحقيق يحتل صفحتين، أي أنه لا يمكن استبداله في هذا الوقت القصير، كما أنه كان مبنيًّا على معلومات من أوراق القضايا، ولا مساحة فيه للرأي، وثالثًا فإن تكرار التدخلات في عملنا يمثل تضييقًا على حرية اﻹعلام ما يفتح اﻷبواب أمام الفاسدين. وأخيرًا، لا يوجد أي مسوغ قانوني أو دستوري للرقابة على الصحافة، وبالتالي كل هذه التدخلات خارجة عن القانون”[18].

ولم تكن تلك الواقعة هي الأولى من نوعها التي تتعرض لها جريدة الأهالي فقد تدخل الرقيب لتعديل وحذف بعض المواضيع الصحفية في عددي يومي 15 و22 من نفس الشهر، وقتها استجاب مجلس التحرير وحذف الأخبار التي اعترض عليها الرقيب من النسخ الورقية _بعد نشرهما على الموقع الإلكتروني للجريدة_ كي يتم السماح بنشر العددين[19].

وفي 5 أغسطس، قال الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، مصطفى كامل السيد، إن جريدة الشروق امتنعت عن نشر مقاله نصف الشهري في ميعاده، وأنه عندما راجع إدارة الجريدة اكتشف أن الأمر خارج عن إرادتها. وقال السيد إن المقال يتناول الوجوه المتعددة للفقر في مصر مشيرًا إلى أنه معتمد على بيانات بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك الذي أصدره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إبَّان هذه الفترة[20].

إحصائيات الإعلام

 

تابعونا على :

آخر التحديثات

للإشتراك في نشرة مؤسسة حرية الفكر والتعبير الشهرية

برجاء ترك بريدك الالكتروني أدناه.