التقرير ربع السنوي الأول عن حالة حرية التعبير في مصر (١يناير – ٣١ مارس 2023(

تاريخ النشر : الإثنين, 15 مايو, 2023
Facebook
Twitter

 

منهجية

مقدمة

القسم الأول: حرية الإعلام

  • استمرار استهداف المواقع الصحفية المستقلة العاملة من مصر
  • المنع من التغطية: انتهاك اعتيادي مستمر
  • الوقف عن العمل والتحويل إلى التحقيق بناء على طلب الجماهير

 

القسم الثاني: الحقوق الرقمية

  • استهداف مواطنين على خلفية مشاركة منشورات على مواقع التواصل
  • استهداف مواطنين على خلفية نشر فيديوهات على الفيسبوك
  • استهداف مواطنين على خلفية نشر محتوى على تيك توك
  • استهداف مواطنين بسبب نشر فيديو على يوتيوب
  • أحكام مشددة على خلفية فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي
  • استمرار حجب المواقع الحقوقية

القسم الثالث: حرية الإبداع

  • منع كتب من العرض داخل معرض الكتاب
  • منع مشاركة دور النشر الليبية في معرض الكتاب

 

القسم الرابع: الحرية الأكاديمية والحقوق الطلابية

  • ملاحقة طالبة جامعية على خلفية تدوينات دينية نسبت إليها
  • استهداف مستمر للأكاديمية منار الطنطاوي، لمطالبتها بحقوقها
  • إيقاف راتب أكاديمية بدعوى سفرها خلال إجازتها بدون إذن الجامعة

خاتمة وتوصيات

 

منهجية

 

اعتمد التقرير على عرض وتحليل السياسات العامة للسلطات المصرية وأجهزتها المختلفة تُجاه الحق في حرية الفكر والتعبير في صوره المتعددة. وتحديدًا ملفات: حرية الصحافة والإعلام، حرية الإبداع والتعبير الفني، حرية التعبير الرقمي، والحريات الأكاديمية والحقوق الطلابية. وهي الملفات التي تعمل مؤسسة حرية الفكر والتعبير على رصد وتوثيق الانتهاكات الخاصة بها، فضلًا عن تقديم الدعم القانوني إلى ضحايا تلك الانتهاكات عبر شبكة محامي وحدة المساعدة القانونية بالمؤسسة. كذلك اعتمد التقرير على عرض وتحليل أنماط ووقائع الانتهاكات التي جرى رصدها وتوثيقها، خلال الفترة من 1 يناير 2023 إلى 31 مارس 2023، وفقًا لمنهجية الرصد والتوثيق الخاصة بمؤسسة حرية الفكر والتعبير[1].

 

مقدمة

 

‏انتهى الربع الأول من العام 2023 من دون تحديد موعد انطلاق فعاليات الحوار الوطني التي دعا إليها رئيس الجمهورية في إفطار الأسرة المصرية في 26 إبريل 2022. ويبدو أن عملية التفاوض بين أطراف المعارضة والجهة الداعية إلى الحوار تزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم، خاصة في ظل استمرار تجاهل السلطة السياسية الضمانات التي طرحتها الحركة المدنية الديمقراطية للمشاركة في الحوار. ويأتي على رأسها تصفية ملف سجناء الرأي بشكل قاطع ونهائي، ووقف الاستباحة الأمنية للمواطنين بسبب تعبيرهم عن آرائهم. وقبل نشر التقرير، انعقدت الجلسة الافتتاحية للحوار الوطني في 3 مايو 2023، بمشاركة المعارضة الديمقراطية والمجتمع المدني.

 

‏ورغم استمرار عمل لجنة العفو الرئاسي، والإعلان عن إخلاء سبيل أعداد متتالية من قوائم المحبوسين، فإن خطواتها ما زالت بطيئة وانتقائية، ويقتصر دورها على ترشيح القوائم، بينما تحتكر الأجهزة الأمنية القرار كاملًا. وفي هذا السياق رصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير انخفاضًا ملحوظًا في قرارات إخلاء السبيل سواء أمام نيابة أمن الدولة العليا أو أمام غرفة المشورة محكمة الجنايات. فضلًا عن استمرار عمليات القبض والملاحقة لأصحاب الرأي، بأعداد تفوق مَن يتم إخلاء سبيلهم عبر قوائم لجنة العفو، بحسب رصد مؤسسة حرية الفكر والتعبير.

 

‏على جانب آخر، شهد الربع الأول من هذا العام حراكًا ملموسًا على مستوى المشهد الصحفي في مصر، بلغ ذروته مع انتخابات مجلس نقابة الصحفيين في مارس الماضي، والتي شهدت فوز الصحفي والنقابي المعارض خالد البلشي بمقعد نقيب الصحفيين على حساب ما يمكن تسميته مرشحًا مؤيدًا للسلطة السياسية الحالية، هو الصحفي والنقابي خالد ميري، فضلًا عن نجاح تيار الاستقلال في حصد أغلب مقاعد مجلس النقابة. في تطور وصفه كثير من المراقبين بأنه انتصار للمهنة ولحرية الصحافة.

 

‏كما شهد الربع الأول من هذا العام استمرار انتهاك السلطات المصرية الحقَّ في حرية التعبير بصوره المختلفة، إذ رصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير 31 انتهاكًا خلال الربع الأول من هذا العام مقارنة بـ38 انتهاكًا خلال الربع الأخير من العام الماضي. وهو ما يشير إلى استمرار غياب الإرادة السياسية للتصدي للانتهاكات الممنهجة تجاه حقوق الإنسان بشكل عام والحق في حرية الرأي والتعبير بشكل خاص، وهي الممارسات التي تزيد من شكوكٍ حول مدى جدية السلطة في إجراء حوار سياسي حقيقي وخلق انفراجة سياسية بفتح المجال العام.

 

‏ويحاول هذا التقرير تقديم قراءة لحالة حرية التعبير في مصر خلال الربع الأول من عام 2023، وكذلك تقديم قراءة لوقائع انتهاك الحق في حرية التعبير بصوره المختلفة.

 

القسم الأول:  حرية الإعلام

شهد الربع الأول من عام 2023 استمرار الانتهاكات ضد حرية الصحافة والإعلام ولكن بانخفاض نسبي عن نفس الفترة في العام السابق حيث سجلت المؤسسة ستة انتهاكات خلال هذا الربع مقابل 11 انتهاكًا، خلال الربع الماضي في العام السابق.

تنوعت الانتهاكات بين منع الصحفيين من القيام بعملهم، ووقف إعلاميين بشكل مؤقت، إلا أن أبرز تلك الوقائع كانت واقعة استهداف السلطات القضائية أربع صحفيات في موقع “مدى مصر” المستقل، على خلفية بلاغات تقدم بها أعضاء حزب مستقبل وطن -صاحب الأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ- يتهمون فيها الصحفيات بنشر أخبار كاذبة في تقرير نُشر على الموقع الإلكتروني.

 

وشهد شهر مارس إخلاء سبيل اثنين من الصحفيين المحبوسين على خلفية عملهم الصحفي، وهم  الصحفي[2] أحمد علام، المحبوس احتياطيًّا على ذمة القضية رقم 558 لسنة 2020 حصر نيابة أمن الدولة العليا، منذ 21 إبريل 2020، والصحفي أحمد فايز[3]، المحبوس احتياطيًّا على ذمة القضية رقم 2070 لسنة 2022 أمن دولة عليا، منذ 10 نوفمبر 2022. وكان الصحفيان الاثنان المخلي سبيلهم متهمينِ بالاتهامات المعتادة، التي منها: نشر أخبار كاذبة، وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي.

كما شهد الربع الأول من العام الحالي انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحفيين وهو الحدث الأبرز على الساحة الإعلامية خاصة بعد فوز الكاتب الصحفي خالد البلشي بمقعد النقيب، لتكون المفارقة أن يتولى منصب النقيب أحد رؤساء تحرير إحدى المواقع الصحفية المحجوبة “درب”.

 

سبق الانتخابات أجواء تنافسية سيطر عليها جانب من التهميش الذي  يمكن اعتباره متعمدًا من قبل القنوات الإعلامية المختلفة للبلشي، في مقابل المنافس الأول أمامه: رئيس تحرير جريدة الأخبار الحكومية، خالد ميري.

 

أبرز أنماط الانتهاكات في ملف حرية الإعلام:

 

  • استمرار استهداف المواقع الصحفية المستقلة العاملة من مصر

شهد الربع الأول من العام الحالي استمرار استهداف السلطات المصرية المواقع الصحفية المستقلة وصحافييها، فقد وثقت المؤسسة إحالة ثلاث[4] صحفيات من موقع مدى مصر، هن بيسان كساب، ورنا ممدوح، وسارة سيف الدين، إلى المحكمة الاقتصادية في المنصورة بمحافظة الدقهلية، في اتهامهن بالإساءة إلى نواب حزب مستقبل وطن وإساءة استخدام وسائل الاتصال.

فوجئت صحفيات مدى مصر بإعلانهن خلال أيام مختلفة في فبراير 2023 بإحالتهن إلى المحكمة الاقتصادية في مدينة المنصورة التابعة لمحافظة الدقهلية، على إثر بلاغ محول من نيابة كفر صقر، وهو بلاغ لم يسبق التحقيق مع الصحفيات بشأنه أو حتى إخطارهن به. حيث تقدم أحد المواطنين بهذا البلاغ إلى مركز شرطة كفر صقر، التابع لمحافظة الشرقية، اتهم فيه الصحفيات بالإساءة إلى قيادات حزب مستقبل وطن وفِعل ما من شأنه الإساءة إلى قيادات وطنية، ما قد يهدد الاستقرار الداخلي ويؤثر في السلام الداخلي للوطن.

 

وتعود خلفية الاستهداف إلى نشر الموقع خبرًا في 31 أغسطس الماضي، نقل عن مصادر داخل الحزب، برصد أجهزة رقابية في الدولة تورط قياديين في الحزب في “مخالفات مالية جسيمة” قد تؤدي إلى إبعادهم عن مناصبهم. اتهم مقدمو البلاغات تلك الأسماء، لورود أسمائهن كمساهمات في كتابة عدد اﻷربعاء، قبل البلاغ، من نشرة “مدى” الإخبارية، الذي احتوى على خبر عن القصة الصحفية، وذلك على الرغم من أن أيًّا من الصحفيات لم تساهم في كتابة الخبر.

 

كان “مدى مصر” قد علم باستدعاء واحدة من الصحفيات الثلاث، للتحقيق أمام نيابة الأقصر، إثر بلاغ مقدم هناك، ما أوضح وجود بلاغات في أماكن مختلفة، وهو يُعد “آلية قديمة” تستهدف الإنهاك والتشتيت، عبر زيادة صعوبات وضغوط الحضور أمام جهات التحقيق المختلفة، قبل أن يقوم فريق الدفاع بتقديم طلب إلى النيابة العامة بحصر التحقيق في كل البلاغات على مكان واحد فقط.

 

ويعاني موقع مدى مصر تضييقًا حادًّا على نشاطه من قبل مختلف الجهات، بالإضافة إلى الاستهداف الأمني لصحفيات/يي الموقع، يرفض المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام البت في طلبات الموقع للحصول على ترخيص منذ أغسطس 2020 حيث استجابت مدى لدعوة المجلس المواقع التي سبق أن تقدمت بطلب الترخيص لكي تعيد تقديم الطلبات باستخدام صيغة جديدة بعد صدور اللائحة التنفيذية للقانون. ورغم ذلك، لم تتلقَّ أي رد.

 

واختصم موقعُ مدى مصر، المجلسَ الأعلى لتنظيم الإعلام أمام محكمة القضاء الإداري في دعوى رفعتها الشركة في أكتوبر الماضي، مطالبة بالحصول على الترخيص والتعويض عن الضرر بسبب امتناع المجلس عن إخطارها برفض طلب ترخيص الموقع.

 

 

  • المنع من التغطية انتهاك اعتيادي مستمر

على مستوًى آخر يُعد المنع من التغطية واحدًا من أكثر الانتهاكات الاعتيادية ضد حرية الصحافة خلال السنوات السبع السابقة، وهو الانتهاك الذي يخالف بشكل مطلق مفهوم حرية الصحافة والحق في المعرفة وتداول المعلومات، فقد رصدت المؤسسة في فبراير الماضي منع الصحفي محمد صلاح من تأدية مهام عمله داخل نادي الزمالك، والذي أكد في شهادته للمؤسسة: “أنه توجه في يوم الجمعة الموافق 3 فبراير 2023، إلى مقر نادي الزمالك بميت عقبة لتأدية مهام عمله كصحفي رياضي يغطي أخبار الزمالك، إلا أن فرد أمن بوابة 3 منعه من دخول مقر النادي بدعوى أن المستشار مرتضى منصور منصور رئيس مجلس إدارة نادي الزمالك، أصدر تعليمات بمنع دخول أي شخص “شعره طويل”، أيًّا كانت صفته. وكشف محمد صلاح، أن عضو مجلس إدارة النادي تواصل معه، واعتذر له عما بدر من أمن النادي، موضحًا أن ما حدث هو خطأ فردي ارتكبه فرد الأمن، مؤكدًا أن هذا القرار ﻻ ينطبق على الصحفيين، وإنما على أعضاء النادي، وأنه كصحفي مُرحَّب به في أي وقت.

 

 

  • الوقف عن العمل والتحويل إلى التحقيق بناء على طلب الجماهير

 

في 14 يناير 2023 أعلنت قناة النهار في بيانٍ لها، وقف برنامج الجمهورية الجديدة وكذلك[5] وقف مقدمة البرنامج المذيعة “منى العمدة” وإحالتها وفريق العمل والمسؤولين عن البرنامج إلى التحقيق الفوري. وذكرت القناة في بيانٍ لها، أنه تم رصد بعض الأخطاء والتجاوز في إحدى حلقات البرنامج الأخيرة، وقررت وقفه إلى حين إعادته إلى المسار الصحيح أو إلغائه بشكل نهائي، وفقًا لمَا تقره أخلاقيات العمل المهني والأكواد المنظِّمة للعمل الإعلامي.

 

وأوضحت الإعلامية خلال ماجريات التحقيقات التي أجرتها القناة معها، على خلفية الفيديو المتداول، أنها أجرت جراحة في الأذن خلال الفترة الأخيرة، وهو الأمر الذي تسبب في تغيير صوتها في آخر حلقتين، نتيجة بعض المسكنات والأدوية، التي تناولتها عقب الجراحة. ومن ثم أعلنت منى العمدة مغادرتها القناة، مشيرة إلى أن عقدها مع القناة قد انتهى.

 

وفي 13 يناير أيضًا أصدر طارق سعدة نقيب الإعلاميين، قرارًا بإحالة ياسمين عز مقدمة برنامج “كلام الناس” على قناة mbc مصر[6] إلى التحقيق فيما هو منسوب إليها من مخالفات مهنية وقانونية. وقال نقيب الإعلاميين، في تصريحاتٍ إنّ القرار جاء بناء على توصيات المرصد الإعلامي التابع للنقابة، إضافة إلى الشكاوى العديدة التي وردت إلى النقابة من جهات كثيرة.

 

 

 

القسم الثاني : الحقوق الرقمية

استمرت السلطات المصرية خلال الربع الأول من عام 2023 فى انتهاك الحقوق الرقمية للمواطنين، وتقييد المساحات المتاحة للتعبير الحر على الإنترنت وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي. وقد رصدت المؤسسة خلال هذا الربع 9 وقائع انتهاك اشتملت على 15 انتهاكًا.

‏تنوعت الانتهاكات بين: استهداف مواطنين في سياق مشاركة منشورات على مواقع التواصل تنتقد السياسات الاقتصادية للدولة، مشاركة فيديوهات ترفيهية على فيسبوك ويوتيوب وتيك توك، إصدار السلطات القضائية أحكامًا على 37 شخصًا في قضية الجوكر، وأخيرًا حجب موقع القاهرة.

أبرز أنماط الانتهاكات:

  • استهداف مواطنين على خلفية مشاركة منشورات على مواقع التواصل

‏استمرت السلطات المصرية خلال الربع الأول من هذا العام في استهداف وملاحقة الأفراد على خلفية تعبيرهم عن آرائهم على الفيسبوك، من خلال مشاركة منشورات تنتقد السياسات الاقتصادية للدولة، وذلك على ضوء الأزمة الراهنة التي يمر بها الاقتصاد المصري.

وقد سجلت المؤسسة في 4 يناير 2023 إلقاء القبض على أحمد عبدالله محمد الموجي، الذي يبلغ 25 عامًا ويعمل سائق توك توك، من منزله حوالي الساعة الثالثة صباحًا على خلفية قيامه بمشاركة عدة منشورات تتناول غلاء الأسعار بعد انخفاض قيمة الجنيه المصري، على الفيسبوك. وتم اصطحابه بعد ذلك إلى مقر الأمن الوطني بالمنصورة حيث ظل محتجزًا لمدة 10 أيام. وفي 15 يناير مَثَلَ أمام نيابة أمن الدولة العليا التي أمرت بحبسه 15 يومًا على ذمة القضية رقم 95 لسنة 2023 حصر أمن دولة عليا. ووجهت إليه النيابة تهمًا، من بينها: الانضمام إلى جماعة إرهابية، إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ونشر بيانات كاذبة.[7]

كما ألقت قوات الأمن القبض على محمد إبراهيم فريد جبر في 13 فبراير 2023 من منزله في الإسكندرية بواسطة ستة أشخاص يرتدون الملابس المدنية. وتم اقتياده إلى جهة غير معلومة قبل ظهوره أمام النيابة في اليوم التالي (14 فبراير) على ذمة القضية رقم 549 لسنة 2023 إداري الجمرك وقضت النيابة بحبسه 4 أيام استمرار، وذلك على خلفية كتابته عددًا من البوستات ينتقد فيها الأوضاع الاقتصادية للدولة. وقد واجهته النيابة بـ12 منشورًا على صفحته الشخصية على الفيسبوك كما تم سؤاله عن بعض أعماله الشعرية، حيث أنه شاعر. وجهت إليه النيابة تهمًا، من بينها: الانضمام إلى جماعة إرهابية وإنشاء واستخدام موقع على شبكة التواصل الاجتماعي بغرض الترويج لأعمال إرهابية. وفي 18 فبراير جدد قاضي المعارضات بنيابة الجمارك حبس جبر 15 يومًا على ذمة التحقيق. محمد إبراهيم فريد جبر، هو مدير شؤون العاملين بوزارة الري. ولا ينتمي إلى أي تيار سياسي. كما أنه شاعر، وكانت آخر أعماله أغنية “الخير جُوَّانا”، التي قدمت ضمن احتفالية عيد الشرطة على مسرح دار الأوبرا في الإسكندرية، كما أنه يعاني تليفًا في الكبد وضعفًا في المناعة وتمزقًا في أربطة الظهر.[8]

  • استهداف مواطنين على خلفية نشر فيديوهات على الفيسبوك

ألقت الأجهزة الأمنية القبض على: محمد حسام الدين، بسمة حجازي، وأحمد علي الخولي وأحمد طارق، فى 25 يناير 2023 على خلفية نشرهم فيديو ساخرًا على فيسبوك تحت عنوان: “الزيارة” يتحدث عن زيارة لـ محتجز داخل قسم شرطة. وفي 29 و30 يناير 2023 قررت نيابة أمن دولة حبس المتهمين 15 يومًا على ذمة القضية رقم 184 لسنة 2023 حصر أمن دولة عليا. ووجهت إليهم النيابة تهمًا، من بينها: الانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي. وبالإضافة إلى فيديو الزيارة، فقد نشر محمد حسام الدين وأحمد علي الخولي مقطع فيديو من عدة أشهر تحت عنوان: “المدعي العام”. تحدث كلاهما فى جزء بسيط من الفيديو عن أثر أزمة الدولار في رفع أسعار المخدِّرات. في نفس التوقيت ظهر محمد حسام الدين في فيديو آخر يمثل شابًّا قرر فسخ خطوبته بعد أزمة الدولار.[9]

  • استهداف مواطنين على خلفية نشر محتوى على تيك توك

ألقت قوات الأمن في 2 يناير 2023 القبض على وائل محمد أحمد رضوان الذي يبلغ 49 عامًا ويعمل عامل كاوتش من محيط الشارع الذي يسكن فيه في فيصل. وتم أخذه إلى أحد مقار الأمن الوطني في الجيزة وظل هناك حتى تم عرضه على النيابة فى 4 فبراير 2023، وذلك على خلفية مشاركته فيديوهات على تيك توك عن غلاء الأسعار بعد انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار. وأمرت النيابة بحبسه 15 يومًا على ذمة التحقيق فى القضية 184 لسنة 2023 حصر أمن دولة عليا ووجهت إليه تهمًا، من بينها: الانضمام إلى جماعة إرهابية وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي.[10]

كما ألقت قوات الأمن القبض على نبيل جورج (عضو الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي) من منزله في الزاوية الحمراء في القاهرة يوم 15 فبراير ويبلغ نبيل 39 عامًا. وتم استجوابه في القضية رقم 325 لسنة 2023 حصر أمن دولة عليا بخصوص فيديوهات على يوتيوب وتيك توك تتناول الشأن السياسي في الدولة. ووجهت إليه النيابة تهمًا: من بينها: الانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة. وفي الأحد 12 مارس 2023 جددت نيابة أمن الدولة العليا حبس نبيل. وقد أجرى نبيل قُبَيل القبض عليه جراحة في القلب وبالتالي كان يحتاج إلى الرعاية الطبية.[11] تم إخلاء سبيل نبيل جورج في 1 مايو 2023، قبل نشر هذا التقرير.

  • استهداف مواطنين بسبب نشر فيديو على يوتيوب

في 14 فبراير 2023 ألقت قوات الأمن القبض على محمد الفتلة، على خلفية نشره فيديو ساخرًا على يوتيوب عن فتح محل جزارة لبيع اللحمة بالتقسيط، من قرية شطا في دمياط كرد فعل على ارتفاع أسعار اللحوم فى الفترة الأخيرة وتباين أسعارها بين محلات الجزارة المختلفة. وذلك بالرغم من خروج الفتلة، في فيديو في اليوم التالي يوضح أن فيديو بيع اللحمة بالتقسيط يهدف إلى المزاح فقط. ويشير إلى أنه تلقَّى تعليقات على الفيديو. وكانت وزارة الداخلية قد نشرت على صفحتها بيانًا بإلقاء القبض على مواطن في دمياط بسبب ادعائه خلال مقطع فيديو تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعى، بيعَ اللحوم للمواطنين بالتقسيط، وبمواجهته اعترف بإعداده المقطع المشار إليه لزيادة نسب المشاهدة، لتحقيق أرباح مالية.[12]

  • المجلس الأعلى للإعلام يستمر فى حجب المواقع

نشر المجلس الأعلى للإعلام على صفحته على الفيسبوك بتاريخ 1 مارس 2023 أنه قام بإحالة ثلاث صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي إلى النيابة العامة. وتتعلق تلك الصفحات بأحد الإعلاميين الرياضيين. وكانت لجنة الشكاوى بالمجلس قد استمعت إلى أقواله فيما تم رصده على صفحات فيس بوك وتويتر ويوتيوب، وانتهت اللجنة إلى وجود العديد من المنشورات والفيديوهات التي من شأنها الإخلال بأحكام القانون، والدعوة إلى التعصب الرياضي، والتمييز بين المواطنين، والعنصرية الرياضية، فضلًا عن سب وقذف المسؤولين والأشخاص. وقرر المجلس إحالة مديري صفحتين من الصفحات الإلكترونية إلى النيابة العامة، وذلك بعد استعراض تقارير الرصد والشكاوى المقدمة ضدهما، نظرًا إلى ما تضمنته من محتوًى به العديد من المنشورات والفيديوهات التي من شأنها الإخلال بأحكام القانون، والدعوة إلى التعصب الرياضي، والتمييز بين المواطنين، والعنصرية الرياضية، فضلًا عن سب وقذف المسؤولين والأشخاص.[13] ولا يوضح منشور المجلس أسماء المواقع أو الإعلاميين، كما لا يوضح ما تم اتخاذه من إجراءات وما أسفرت عنه الإجراءات والتحقيقات.

  • أحكام مشددة على خلفية فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي

في 15 يناير 2023 حكمت الدائرة الخامسة ارهاب، بالسجن المؤبد على المقاول محمد علي و37 آخرين، في القضية رقم 653 لسنة 2021 جنايات أمن الدولة طوارئ التجمع الأول، والمقيدة برقم 195 لسنة 2021 على القاهرة الجديدة و1357 لسنة 2019 حصر أمن الدولة العليا، المعروفة إعلاميًّا باسم “الجوكر”. وتضمن الحكم معاقبة 5 متهمين بالسجن المشدد 10 سنوات، ومعاقبة 16 متهمًا بالسجن المشدد 5 سنوات، ومعاقبة 11 متهمًا بالسجن 15 سنة، ومعاقبة 4 متهمين بالسجن 10 سنوات، ومعاقبة 8 متهمين بالسجن 5 سنوات. وقد تم توجيه تهم إلى المتهمين، من بينها: تعريض السِّلم العام للخطر، والاعتداء على رجال السلطة، استعمال القوة والعنف ضد رجال الشرطة. وكانت القضية قد بدأت في أكتوبر 2019 وبالتزامن مع دعوات المقاول محمد علي إلى التظاهر، انتشر فيديو لأطفال يرتدون قناع الجوكر ويدعون المواطنين إلى التظاهر فى ذكرى يناير. وقد تم القبض على 103 شخص، من بينهم سيدة و23 طفلًا وإحالتهم إلى محكمة جنايات أمن دولة طوارئ في القضية رقم 653 لسنة 2021 جنايات أمن الدولة طوارئ التجمع الأول، والمقيدة برقم 195 لسنة 2021 على القاهرة الجديدة و1357 لسنة 2019 حصر أمن الدولة العليا. وعلى الرغم من أن عدد الأطفال لم يتجاوز الأربعة في الفيديو، فإن أجهزة الأمن أحالت 103 شخص إلى محكمة الجنايات. لم يحصل المتهمون على محاكمات عادلة، بل تعرض بعضهم للتعذيب. وتم إلقاء القبض بشكل عشوائي على المتهمين. كما تم إجراء التحريات بعد القبض على المتهمين بسنة. وتم تلفيق أحراز حيث لم يكن مع المتهمين أحراز. ومثَّلت الأحكام الصادرة أحكامًا متباينة وعشوائية جزافية لا تخضع لأي منطق.[14]

  • استمرار حجب المواقع الحقوقية

فى 26 يناير 2023 تم حجب مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان للمرة الأولى، طبقًا لمحمد زارع مدير برنامج مصر في المركز. وذلك بعد نشر بيان حقوقي تقدم به عدد من المنظمات إلى الأمم المتحدة بالتزامن مع ذكرى يناير. وقد ناقش البيان أوضاع حقوق الإنسان في مصر في الفترة ما بين نوفمبر 2019 ونوفمبر 2022 أي على مدار 3 سنوات. ومركز القاهرة هو منظمة مستقلة تأسست في 1993 للدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وكان المركز ضمن المراكز الحقوقية التي تمت مداهمتها في العام 2011، بتهمة تلقي تمويل أجنبي، وتم غلق مكتبه في القاهرة منذ ذلك الحين.[15]

 

 

 

القسم الثالث: حرية الإبداع

رصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير 5 وقائع اشتملت على 6 انتهاكات في ملف حرية الإبداع خلال الربع الأول من العام الحالي، اشتملت جميعها على منع بعض الكتب من العرض أو الإصدار للمشاركة في معرض القاهرة الدولي للكتاب، الذي انطلقت النسخة الرابعة والخمسون منه،  في 25 يناير الماضي. ويعد المعرض موسمًا لدور النشر والمكتبات حيث تكثف من إنتاجها الثقافي استغلالًا لحالة الرواج التي يخلقها المعرض، إلا أن مؤسسة حرية الفكر والتعبير قد رصدت منع الأجهزة الأمنية عددًا من الكتب من العرض بالمعرض أثناء فعاليات اليوم الأول، كما تم منع أحد الكتاب من الحصول على رقم إيداع الكتاب الخاص به كي يتمكن من المشاركة في المعرض فضلًا عن منع دور النشر الليبية من المشاركة في معرض القاهرة الدولي للكتاب لوجود خلافات سياسية.

 

 

أبرز أنماط الانتهاكات:

 

  • منع كتب من العرض داخل مكتبات معرض القاهرة الدولي للكتاب

خلال الأسبوع الأول في المعرض أعلن المؤلف الدكتور محمد مدحت مصطفى، عبر صفحته على الفيسبوك[16] رفع كتابه الصادر عن دار المنتدى، والذي حمل اسم: “تاريخ الحركة الصهيونية وتنظيماتها” من جناحها في معرض القاهرة الدولي للكتاب دون أسباب واضحة، الأمر الذي علَّقت عليه الدار في بيان لها، بأن جهات أمنية طالبت برفع الكتاب دون أن تتلقَّ إخطارًا رسميًّا بالمنع، كما لم يقم من سمتهم بـ”الجهات الرسمية” بمصادرة كتاب “تاريخ الحركة الصهيونية وتنظيماتها”، لكن الدار “تعرضت لمضايقات أمنية خلقت أجواء غير مريحة حولها، ولا نعرف السبب في ذلك خاصة أن الكتاب أكاديمي يؤرِّخ لتاريخ الجمعيات الصهيونية في مصر، وبدايتها وأدوارها في فترة ما قبل ثورة يوليو، من وجهة نظر حيادية تمامًا”، حسب قولها.

ووصف سيد صابر، مدير النشر في دار المنتدى التي صدر عنها الكتاب، في شهادته ما حدث بمضايقات أمنية دفعت الدار إلى رفع الكتاب من العرض. وبعد عدة أيام أعلن مؤلف الكتاب مرة أخرى على صفحته عن عودة الكتاب إلى العرض في جناح الدار بالمعرض دون معرفة حقيقة ما جرى بالضبط، وكان مصطفى قد وجّه الشكر على صفحته الشخصية في “فيسبوك” إلى “من تضامنوا مع حرية التعبير حتى عودة الكتاب”، في إشارة إلى أنّ عودته إلى أرفف جناح الدار بالمعرض جاءت بفضل حالة التضامن على مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي نفس السياق وتحت عنوان: “فرحة لم تكتمل” علَّق الكاتب[17] السياسي أنور الهواري، على منع كتابيه: “ترويض الاستبداد” و”الديكتاتورية الجديدة” من العرض خلال معرض الكتاب، فبعدما كانا موجودين في معرض القاهرة للكتاب في نسخته الـ54، والذي اعتبره “مؤشرًا طيبًا على قدرٍ من التسامح تبديه السلطة الحاكمة تجاه الرأي المختلف”، كون الكتابين يحملان نقدًا صريحًا إلى السلطة، إلا أن فرحته لم تكتمل. بحسب تعليق الهواري تم إنزال الكتابين عن الأرفف بقرار من جهة غير معلومة، لا سند له من القانون، فانتقلت الكتب من الأرفف المفتوحة إلى الكراتين المغلقة.

رغم اتخاذ الكتابين دورهما في الإجراءات المعتادة لصدور أيِّ كتاب وعرضه بالمعرض، من مراجعة ليحصلا على رقمي إيداع بعد إرسال دار النشر كل التفاصيل، لم يُمنع خلال هذه الخطوات إلا أن أحد المعلقين بالدار (فضَّل عدم ذكر اسمه) قال: “ربما هناك شخص ما، لم يعجبه الكتاب من إحدى الجهات الأمنية، وأن يكون متصدرًا ضمن كتب الدار فطلب من صاحبها حمل الكتب من الأرفف إلى الكراتين مرة أخرى وعدم عرضها، لافتًا إلى أن هذا الطلب لم يأتِ بشكل رسمي”، مضيفًا أن الكُتب ظلت موجودة في المكتبات ودور النشر لمن يسأل عنها ولكن لا تُعرض ضمن باقي الكُتب، مثلما حدث مع دار المنتدى.

في السياق نفسه، تواصلنا مع الدكتور[18] خالد عبدالرحمن، أحد أعضاء حركة “أطباء بلا حقوق” سابقًا، حول ما صرَّح به من منع كتابٍ له من المشاركة في معرض القاهرة للكتاب هذا العام،  وقال: “بعدما اتفقنا مع الناشر وانتهينا من الكتابة وأصبح الأمر متوقف على رقم الإيداع ودخول المطبعة، إلا أن الناشر أبلغني منع الكتاب من الحصول على رقم إيداع دون إبداء أسباب من الرقابة، وهو ما كنا نتحسب حدوثه”، مرجحًا أن يكون سبب الأوامر برفع الكتاب عن الأرفف هو موضوع الكتاب أو اسم الكاتب والذي ينشط على مواقع التواصل الاجتماعي بتدوينات تحمل معارضة، له نشاط معارض على السوشيال ميديا”، ويعد منح رقم للإيداع إجراء اعتياديًّا يصاحب إصدار أي كتاب جديد، حيث أن دار الكتب هي المسؤولة عن منح تراخيص الكتب من خلال ما يعرف بأرقام الإيداع.

ويتناول الكتاب الذي حمل عنوان: “42 شارع القصر العيني”، نشأة نقابة الأطباء المصرية وتطورها وطريقة تفاعلها مع أنظمة الحكم المختلفة، بداية من المَلَكية مرورًا بعصر الرئيس جمال عبدالناصر، ثم الرئيس أنور السادات، وصعود جماعة الإخوان المسلمين إلى مجلس النقابة، فضلًا عن نشأة حركة أطباء بلا حقوق ثم ثورة يناير والأثر السياسي في النقابة، ومن ثم  تراجع دور النقابة بعد ٣٠ يونيو ٢٠١٣ ومحاولات إعادة إحيائها ونشأة رابطة العاملين بالصحة. كما يشير الكتاب إلى إضراب الأطباء في أعوام ٢٠١١ و٢٠١٢ و٢٠١٤ وينتهي الكتاب بأحداث الجمعية العمومية الحاشدة لنقابة الأطباء والتي عرفت بـ”يوم الكرامة” في ٢٠١٦، التي انتهت قراراتها إلى لا شيء، ما أدى إلى فقدان الأطباء الأمل في الخلاص الجماعي وسيادة منطق الخلاص الفردي فارتفعت معدلات استقالة الأطباء من وزارة الصحة والهجرة إلى الخارج بداية من هذا العام.

لم تكتفِ السلطات المصرية بمنع الكتب الصادرة عن دور نشر مصرية أو عن كُتاب مصريين بل تخطتها إلى منع كتب غير مصرية تتعلق بآراء مختلفة عن آراء مصر في أمور عدة، على سبيل المثال، كشف الكاتب السوداني[19] إيهاب عدلان في شهادته للمؤسسة، عن أنه تمت مصادرة كتابه “الهوميثولوجيا: جدل الهوية والأسطورة”، من معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ54، في اليوم الثاني للمعرض، وقال إن السبب الذي تم إخباره به هو نسبة الكاتب الحضارة المصرية إلى السودان واعتبار المصريين الحاليين بقايا احتلال استمر إلى أكثر من ثلاثة آلاف سنة، وأن السودان هي أصل الحضارة والبشرية.

موضحًا أنه ربما أزعج هذا الأمر السلطات المصرية، فما كان منها سوى مصادرة كل نسخ الكتاب من المعرض خاصة مع ارتفاع الإقبال على شراء الكتاب، مضيفًا أن أفرادًا من جهات أمنية، اقتحموا جناحًا يعرض كتابه، حيث طالبوا دور النشر بإنزاله من الأرفف. ما خلق حالة من الضجة في وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام في السودان.

كان عدلان قد كتب على الصفحة الرسمية على الفيسبوك أن المخابرات المصرية صادرت كتابه: “الهوميثولوجيا.. جدل الهوية والأسطورة”، من معرض القاهرة.

 

  • منع مشاركة دُور النشر الليبية

ساهمت  الخلافات السياسية في منع مشاركة دُور النشر الليبية في معرض القاهرة الدولي في نسخته لعام 2023، فقد كشف[20] رئيس اتحاد الناشرين الليبيين، علي عوين في بيان تناقلته مواقع صحفية عدة، حقيقة ما تردد عن “وقف مشاركة ليبيا في معرض القاهرة الدولي للكتاب”، في نسخته الـ54 خلال الفترة من 25 يناير وحتى 6 فبراير.

وبحسب البيان: “قرار المنع صدر من وزارة الخارجية المصرية، بعد تقديم وزارة الثقافة بالحكومة الموازية، طلب المشاركة بدلًا من وزارة الثقافة بحكومة الوحدة الوطنية”، لكن مسؤولين في وزارة الثقافة التابعة لحكومة الدبيبة، قالوا في المقابل، إن مراسلة وزارة الثقافة في حكومة الاستقرار (الغريمة)، برئاسة فتحي باشاغا، طلبت منع مشاركة حكومة الدبيبة في هذا الحدث الثقافي.

وبحسب تصريحات علي عوين، رئيس اتحاد الناشرين الليبيين، فقد أصدرت وزارة الخارجية المصرية قرارًا بمنع مشاركة حكومتي الدبيبة التي تمارس عملها من العاصمة طرابلس، وحكومة الاستقرار الموازية برئاسة فتحي باشاغا، والتي تعمل من وسط البلاد وشرقها، بعدما تعذّر عليها دخول العاصمة طرابلس منذ العام الماضي.

وانتقدت وسائل إعلام ليبية محلية غياب ليبيا رسميًّا عن المعرض، وأرجعته إلى ما وصفته بتنافس الحكومتين العقيم على السلطة. لكن مصادر الخارجية المصرية أكدت على أن هذا الغياب ليس سياسيًّا، إنما يعود الى مشكلة إجرائية، من دون الخوض في مزيد من التفاصيل.

 

القسم الرابع: الحرية الأكاديمية والحقوق الطلابية

تستمر السلطات المصرية وإدارة الجامعات والمعاهد في انتهاك حقوق الأكاديميين والطلاب. لا يقتصر تعسف الجامعة والسلطات داخل الجامعة، بل يمتد ليشمل مراقبة سلوك الطلاب والأساتذة خارج الحرم الجامعي والحياة الجامعية. حيث تراقب الجامعة الحياة الشخصية للطلاب والأكاديميين وتُنصِّب نفسها جهة محاسَبة وعقاب.

ظهرت تلك السياسة بشكل واضح من خلال قضية التحقيق مع الطالبة مي عبدالله، والتى يسلط التقرير الضوء عليها. لا يعتبر نهج الجامعة فى التعامل مع الحياة الشخصية للطلاب والأكاديميين سياسة جديدة، فقد شهد عام 2022 عدة وقائع قامت الجامعة فيها بتحويل طلاب إلى التحقيق على خلفية منشورات أو تعليقات على الفيسبوك لا تخص الجامعة والحياة الأكاديمية من قريب أو بعيد. ويتضح ذلك فى فصل الطالب مينا عطاالله، الطالب في كلية الطب بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، بسبب نشره بوست على صفحته الشخصية عن الأديان. كما فصلت جامعة بنها أحد الطلاب بسبب مشاجرة مع أحد زملائه على “فيسبوك”.

أبرز أنماط الانتهاكات:

  • ملاحقة طالبة جامعية على خلفية تدوينات دينية نسبت إليها

أحالت جامعة سيناء الخاصة الطالبة مي عبدالله سويدان، الطالبة في الفرقة الأولى بكلية طب الأسنان، إلى التحقيق فى 13 فبراير 2023. تعود الواقعة وفقًا لوالدة الضحية إلى يوم الأحد 12 فبراير 2023 حيث تمت مشاركة تعليق منسوب إلى الطالبة تعبر فيه عن عدم إيمانها بالرسول والدين الإسلامي، من قبل زميل لها في الجامعة، تبع ذلك مشاركة المنشور من جانب عدد من الأشخاص. وقد تضمنت مشاركات الأشخاص بيانات شخصية عن الطالبة تحتوي على حسابها على الفيسبوك ورقم هاتفها وبيانات وحسابات أفراد عائلتها. وتضمنت المشاركات تحريضًا ضدها ومناشدات للجامعة بفصلها نهائيًّا.

على خلفية ذلك حولت جامعة سيناء الطالبة إلى التحقيق يوم الاثنين 13 فبراير. وفي نفس اليوم اتجهت الطالبة إلى قسم القنطرة شرق التابع لمحافظة الإسماعيلية خوفًا على حياتها وشعورًا منها بالتهديد الموجه إليها. وقد رافقها أستاذ من الجامعة إلى قسم الشرطة. وأرسلت الجامعة مندوبًا عنها للتحقيق مع مي فى قسم الشرطة.

ووفقًا لوالدتها فقد حققت الجامعة مع الطالبة داخل قسم شرطة القنطرة شرق بشكل ودي وفي حضور عدد من رجال الدين. وذكرت والدة الضحية، أن التحقيق معها أكد عملية اختراق حساب ابنتها على موقع فيسبوك وعدم مسؤوليتها عمَّا تم نشره. وأثبت التحقيق براءة ابنتها من تهمة الإلحاد وأن حساب مي على الفيسبوك تم اختراقه. حيث استمر النشر على الحساب أثناء التحقيق معها.[21]

في هذا السياق أصدرت مؤسسة حرية الفكر والتعبير بيانًا تدين فيه إحالة مي عبدالله إلى التحقيق، وطالبت بوقف التحقيقات الإدارية كما طالبت وزارة الداخلية بتوفير الحماية للطالبة.[22]

 

  • استهداف مستمر للأكاديمية منار الطنطاوي، لمطالبتها بحقوقها

في 22 يناير 2023 تم إخطار منار الطنطاوي، الأستاذ المساعد بقسم الهندسة الميكانيكية بالمعهد التكنولوجي العالي بالعاشر من رمضان، فرع أكتوبر، بإحالتها إلى التحقيق مرة ثانية بناءً على شكوى تقدم بها مشرف المعهد، وبأنه عليها الحضور فى 28 يناير 2023.

وتتعرض الطنطاوي للعديد من الاستهدافات الإدارية على خلفية مطالبتها بحقها في الدرجة الأكاديمية التي استوفت كافة شروطها الفنية والقانونية، وكذلك مطالبتها برئاسة قسم الهندسة الميكانيكية في المعهد باعتبارها أقدم أستاذ مساعد في المعهد. ففي 27 يوليو 2022 اتخذ مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بالمعهد قرارًا غير قانوني بمعاقبة الطنطاوي بخصم 15 يومًا من راتبها على خلفية الدعوى التأديبية المقامة ضدها برقم 18 لسنة 2021. واتهمت الدعوى الطنطاوي بالإساءة إلى المعهد وعميده من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وبعض القنوات الفضائية المعادية للوطن.[23]

  • إيقاف راتب أكاديمية بدعوى سفرها خلال إجازتها بدون إذن الجامعة

في نهاية شهر فبراير 2023 قررت الجامعة إيقاف مرتب الدكتورة ليلى سويف، الأستاذ في كلية العلوم بجامعة القاهرة. فوجئت سويف بذلك عندما ذهبت لاستلام راتبها ولكنها لم تجده، وعندما سألت إدارة الجامعة تم إخبارها بأن المرتب تم إيقافه بقرار من العميد. كانت ليلى سويف قد سافرت إلى لندن خلال إجازة منتصف العام بعد الانتهاء من مهامها المتعلقة بالتصحيح وأعمال الكنترول لقضاء إجازة قصيرة بعد أن أرسلت رسالة إلى رئيس القسم تفيد بسفرها، وبأنها أنهت مهام التصحيح والكنترول، وتمت إحالة الرسالة إلى العميد. عادت سويف من الإجازة لتجد رسالة من العميد تفيد بأنها سافرت من غير إذن ويجب أن تعود فورًا. ردت سويف على الرسالة بأنها قد عادت، واستأنفت عملها. ثم تفاجأت بمنع راتبها فى نهاية فبراير. وطبقًا لقانون تنظيم الجامعات، تنص المادة 92 على أن إجازة أعضاء هيئة التدريس تبدأ مع نهاية أعمال العام الجامعي وتنتهي قبل بدء الدراسة في العام الدراسي الجديد وفقًا لما يقرره مجلس الجامعة. بينما تنص المادة 93 على أنه مع مراعاة مصالح العمل، يجوز الموافقة لعضو هيئة التدريس على إجازة خاصة بمرتب أو بدون مرتب أثناء الدراسة ولمدة محددة لا تتجاوز الثلاثة شهور. ويكون ذلك بقرار من رئيس الجامعة بعد أخذ رأي عميد الكلية ورئيس القسم.[24]

وبالتالي فمن حق ليلى سويف الحصول على إجازة في منتصف العام بعد موافقة العميد. وبالفعل أرسلت ليلى سويف رسالة إلى رئيس القسم وتمت إحالتها إلى العميد، إلا أنها سافرت قبل تلقي الموافقة. وتزعم ليلى سويف أنها لم تتلقَّ الموافقة بسبب انتظار الموافقة الأمنية. حيث لا يستطيع العميد الموافقة على سفر أعضاء هيئة التدريس قبل الحصول على الموافقة الأمنية أولًا. ويتناقض ذلك بالفعل مع استقلالية الجامعات وشؤونها الداخلية. وترفض سويف ذلك، حيث كانت من مؤسسي حركة 9 مارس التي تنادي باستقلال الجامعة.

ولكن حتى في حالة أن ليلى لم تنتظر موافقة العميد، لا يمكن للعميد وقف أو تأجيل مرتبها. حيث لا تشير أيٌّ من مواد التأديب في قانون تنظيم الجامعات إلى إمكانية عميد الجامعة وقف راتب أحد أعضاء هيئة التدريس بدون الخضوع لتحقيق. (39: 42). [25]

يمثل ذلك تعديًا من العميد على اختصاصاته كما يمثل انتهاكًا للحقوق الأكاديمية لأعضاء هيئة التدريس. كما يرسِّخ فكرة أن سلطة العقاب والحساب هي سلطة فضفاضة يمكن ممارستها من دون اتباع الإجراءات القانونية التي ينص عليها قانون الجامعات ويمكن استخدامها بشكل غير محايد ضد كل من تريد السلطات الأمنية والجامعة إبعاده والتضييق عليه.

 

خاتمة وتوصيات

ترى مؤسسة حرية الفكر والتعبير عدم مطابقة خطاب الدولة الجديد لواقع السياسات التي تنفذ على الأرض. ففي الوقت الذي يبدأ فيه حوار وطني دعا إليه رئيس الجمهورية منذ أكثر من عام بهدف الانخراط في عمليةٍ تسمح بإجراء إصلاح سياسي ومعالجة القضايا الحقوقية، تستمر الأجهزة والسلطات الرسمية المختلفة في سياساتها القمعية تجاه مختلف القضايا وعلى رأسها حرية التعبير وهو ما يعطي تأكيدًا على عدم جدية السلطات فيما تدعو إليه، وأن ما يحدث هو مجرد مراوغات لإسكات الأصوات التي تتعالى يومًا بعد يوم ناقدة الأوضاع الحقوقية القاسية التي وصلت إليها مصر خلال العشر سنوات الماضية وإلى الآن.

وعليه، تدعو مؤسسة حرية الفكر والتعبير إلى:

  • يجب على الأجهزة الأمنية التوقف عن استهداف المواطنين على خلفية تعبيرهم عن آرائهم بشتى الصور.
  • ندعو رئيس الجمهورية إلى العفو عن جميع من صدرت عليهم أحكام من قبل محكمة أمن الدولة العليا طوارئ على خلفية تعبيرهم عن آرائهم.
  • يجب على السلطات المصرية التوقف عن حجب المواقع الصحفية ووقف الانتهاكات التي تمارس ضد المواقع المستقلة.
  • ندعو النائب العام إلى الأمر فورًا بإخلاء سبيل جميع المحبوسين احتياطيًّا على ذمة قضايا الرأي والتوقف عن استهدافهم قضائيًّا.

 

 للاطلاع بصيغة PDF

 

[1] منهجية الرصد والتوثيق في مؤسسة حرية الفكر والتعبير، https://bit.ly/3vyVIFw.

[2] المرصد المصري للصحافة والإعلام، إخلاء سبيل الصحفي أحمد علام، نشر 1 مارس 2023، آخر زيارة 5 إبريل 2023 https://bit.ly/3nVxd48




[3] المرصد المصري للصحافة والإعلام، إخلاء سبيل الصحفي أحمد فايز، 16 مارس 2023، آخر زيارة 6 إبريل 2023  https://bit.ly/3ZGcoXX

[4] مدى مصر، إحالة صحفيات "مدى مصر" للمحاكمة بتهمة الإساءة لـ"مستقبل وطن"، 28 فبراير 2023، أخر زيارة 5/4/2023 https://bit.ly/40WCKWC




[5] مصطفى القصيبي، المصري اليوم،  قناة النهار تعلن وقف المذيعة منى العمدة وإحالتها للتحقيق بعد رصد أخطاء وتجاوزات، 14 يناير 2013، آخر زيارة 6 إبريل 2013 https://bit.ly/3Mgr398




[6] خالد مصطفى، المصري اليوم، ياسمين عز في أول ظهور بعد تحويلها للتحقيق: الرجالة غلابة وبينضحك عليهم بكلمة، تارخ النشر 13 يناير 2023، آخر زيارة 6 إبريل 2023 https://bit.ly/3ZRmXHr




[7] "حبس أحمد عبدالله محمد الموجي"، الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، 20 يناير 2023، تاريخ الاطلاع 4 إبريل 2023، https://bit.ly/3CXWAHd

[8] "تجديد حبس محمد إبراهيم فريد"، المفوضية المصرية لحقوق الإنسان، 16 فبراير 2023، تاريخ الاطلاع 4 إبريل 2023، https://bit.ly/3KAc1d5

[9] "نيابة امن الدولة تقرر حبس صانعي محتوى"، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، وحدة المساعدة القانونية، 1 فبراير 2023، تاريخ الاطلاع 4 إبريل 2023، https://bit.ly/3KEob4s

[10] "حبس وائل محمد رضوان"، المفوضية المصرية لحقوق الإنسان، 7 فبراير 2023، تاريخ الاطلاع 4 إبريل 2023، https://bit.ly/3RHtsu3

[11] "استمرار حبس نبيل جورج"، صفحة الحزب المصري الديمقراطي على الفيسبوك، 13 مارس 2023، تاريخ الاطلاع 4 إبريل 2023، https://bit.ly/3GlAkc1

[12] "القبض على المواطن محمد فتلة"، مدى مصر، 16 فبراير 2023، تاريخ الاطلاع 4 إبريل 2023،https://bit.ly/40L8n5P

[13] "إحالة ثلاث صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي إلى النيابة العامة"، صفحة المجلس الأعلى للإعلام على الفيسبوك، 28 فبراير 2023، تاريخ الاطلاع 4 إبريل 2023، https://bit.ly/3UghpVZ

[14] "قضية الجوكر في مصر تعود إلى الواجهة"، العربي، 16 يناير 2023، تاريخ الاطلاع 4 إبريل 2023،https://bit.ly/40R43Sv

“أحكام بالمؤبد والسجن على المقاول الهارب محمد علي وآخرين"، الشروق، 15 يناير 2023، تاريخ الاطلاع 4 إبريل 2023، https://bit.ly/3MlWkHR

"الحكم فى قضية الجوكر"، الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، 15 يناير 2023، تاريخ الاطلاع 4 إبريل 2023، https://bit.ly/3Xx8UpX  

[15] "حجب موقع القاهرة اليوم بعد نشره بيانًا عن انتهاكات حقوق الإنسان" المنصة، 28 يناير 2023، تاريخ الاطلاع 4 إبريل 2023،

https://bit.ly/3KffvAm




[16] آلاء عثمان، المنصة، منع كتابين من المشاركة بمعرض القاهرة للكتاب، تاريخ النشر 30 يناير 2023، تاريخ آخر زيارة 6 إبريل 2023 https://bit.ly/3ZGdrXT




[17] شهادة الكاتب لمؤسسة حرية الفكر والتعبير.

[18] شهادة من الدكتور خالد عبدالرحمن لمؤسسة حرية الفكر والتعبير.

[19] شهادة من الكاتب إيهاب عدلان لمؤسسة حرية الفكر والتعبير.




[20] محمد إبراهيم، الشاهد، ليبيا خارج معرض القاهرة الدولي للكتاب لعام 2023، 14 يناير 2023، تاريخ آخر زيارة 6 إبريل 2023 https://bit.ly/3zAbNfB

[21] تم توثيق شهادة مع والدة الطالبة في 22 فبراير 2023.

[22] "بيان: حرية الفكر والتعبير تدين التحقيق مع الطالبة مي عبدالله"، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، 22 فبراير 2023، تاريخ الاطلاع 4 إبريل 2023، https://bit.ly/3GnBx2y

[23] وحدة المساعدة القانونية، مؤسسة حرية الفكر والتعبير.

[24] "المادة 92 و93"،  قانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات، ص37، تاريخ الاطلاع 4 إبريل 2023، https://bit.ly/30Hd4OB

[25] "المواد من 105 حتى 112" ،  قانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات، ص 39:42، تاريخ الاطلاع 4 إبريل 2023، https://bit.ly/30Hd4OB

للإشتراك في نشرة مؤسسة حرية الفكر والتعبير الشهرية

برجاء ترك بريدك الالكتروني أدناه.