التقرير ربع السنوي الأول عن حالة حرية التعبير في مصر (من ١ يناير حتى ٣٠ مارس ٢٠٢٤)

تاريخ النشر : الثلاثاء, 4 يونيو, 2024
Facebook
Twitter

إعداد: وحدة الرصد والتوثيق بمؤسسة حرية الفكر والتعبير

 

محتوى

 مقدمة

منهجية

القسم الأول: قراءة في تطورات حرية التعبير

القسم الثاني: انتهاكات حرية التعبير

أولًا: حرية الإعلام

ثانيًا: حرية الإبداع

ثالثًا: الحقوق الرقمية

رابعًا: الحرية الأكاديمية والحقوق الطلابية

خاتمة وتوصيات

 

منهجية

‏اعتمد التقرير على عرض وتحليل السياسات العامة للسلطات المصرية وأجهزتها المختلفة تُجاه الحق في حرية الفكر والتعبير في صوره المتعددة، وتحديدًا في ملفات: حرية الصحافة والإعلام، حرية الإبداع والتعبير الفني، حرية التعبير الرقمي، والحرية الأكاديمية والحقوق الطلابية. وهي الملفات التي تعمل مؤسسة حرية الفكر والتعبير على رصد وتوثيق الانتهاكات الخاصة بها، فضلًا عن تقديم الدعم القانوني إلى ضحايا تلك الانتهاكات عبر شبكة محامي وحدة المساعدة القانونية بالمؤسسة. كذلك اعتمد التقرير على عرض وتحليل أنماط ووقائع الانتهاكات التي جرى رصدها وتوثيقها، خلال الفترة من 1 يناير 2024 إلى 30 مارس 2024 وفقًا لمنهجية الرصد والتوثيق الخاصة بمؤسسة حرية الفكر والتعبير[1].

 

 

مقدمة 

بدأ عام ٢٠٢٤ كما انتهى سابقه على حرب مستعرة تدور على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية والقدس منذ أشهر دون توقف، راح ضحيتها حتى كتابة هذه السطور أكثر من ٣٥ ألف مواطن فلسطيني، أغلبهم من الأطفال والنساء، فيما يمكن وصفه بحرب إبادة جماعية وتطهير عرقي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على شعب فلسطين في قطاع جغرافي ضيق، متخم بالبشر، ومتاخم لحدود مصر الشرقية..

 

واستمرت السلطات المصرية في ممارساتها المنتهِكة للحق في حرية التعبير بصوره المختلفة، خصوصًا إذا ما ارتبط التعبير عن رفض استمرار الحرب بانتقاد الموقف الرسمي المصري تجاه الحرب على غزة، فضلًا عن الانتهاكات في حق: حرية الإعلام، حرية الإبداع، الحرية الأكاديمية والحقوق الطلابية، الحقوق الرقمية، والحق في حرية التجمع السلمي.

 

‏يحاول هذا التقرير تقديم قراءة تحليلية بناءً على رصد موثق حول حالة حرية التعبير في مصر خلال الربع الأول من عام 2024، إذ يتضمن القسم الأول قراءة في مستجدات واقع حرية التعبير في الملفات السابق ذكرها، بينما يتناول القسم الثاني قراءة في أبرز أنماط الانتهاكات في حق حرية التعبير خلال هذا الربع.

 

 

القسم الأول: قراءة في تطورات حرية التعبير

استمرت السلطات المصرية وبشكل خاص الأجهزة الأمنية في انتهاك الحق في حرية التعبير، بصوره المختلفة، خلال الربع الأول من هذا العام. يتناول هذا القسم أبرز تلك الانتهاكات وأكثرها خطورة على حق المواطنين، باختلاف فئاتهم، في الاحتجاج والإضراب والتظاهر أو المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية.

 

شهد هذا الربع قمع الأصوات المناصرة للقضية الفلسطينية كافة، الرافضة لحرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال الصهيوني على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة على بعد كيلومترات من الحدود المصرية، ‏حيث ألقت الأجهزة الأمنية القبض على ما يزيد على 100 مواطن/ـة ‏بسبب مشاركتهم/ن ‏في وقفات احتجاجية أو تظاهرات بهدف دعم القضية الفلسطينية.

 

‏كما استمرت الملاحقات الأمنية والقضائية للمرشح الرئاسي السابق أحمد الطنطاوي وأعضاء وقيادات حملته الانتخابية، فيما يبدو أنه عقاب جماعي على ممارسة حقهم المشروع في خوض غمار الاستحقاق الانتخابي ومنافسة الرئيس السيسي.

 

‏ذلك، ولم تسلم الاحتجاجات العمالية من التدخلات والمضايقات والملاحقات الأمنية، لعدد من قيادات عمال شركة مصر للغزل والنسيج الذين دخلوا في إضراب عن العمل لمدة أسبوع، للمطالبة بزيادة بدل الوجبة والمساواة بالعاملين في الوزارات والهيئات الحكومية فيما يتعلق بالحد الأدنى للدخول الذي أقره رئيس الجمهورية.

 

 

  • ‏غزة تحت القصف والمتضامنون في السجن

مع بداية الحرب ضد قطاع غزة ارتفعت الأصوات داخل مصر تنديدًا بالحرب ومطالبة بدور محوري لمصر في العمل على وقف الحرب، وفتح معبر رفح البري لاستقبال الجرحى وتأمين دخول المساعدات الإغاثية.

 

يمكن القول إن السلطات المصرية جنحت مع بداية الحرب إلى فتح مساحة للتظاهر والتعبير عن الموقف الشعبي تجاه العدوان الصهيوني، إلا أنها انزعجت بشكل كبير من خروج الحالة الشعبية عن السيطرة، وتحديدًا بعد التظاهرات التي خرجت في أكتوبر من العام الماضي من عدة ميادين داخل القاهرة، كان أبرزها المسيرات التي خرجت من الجامع الأزهر وتمكنت من الوصول إلى قلب ميدان التحرير. لكن كان الأكثر إزعاجًا للأجهزة الأمنية هو ارتباط هتافات التضامن مع فلسطين بهتافات رفض السلطة السياسية، ورفض تلويح رئيس الجمهورية بتفويض المصريين له برفض دعاوى تهجير أهالي قطاع غزة داخل صحراء النقب. أدى ذلك إلى حملة اعتقالات موسعة طالت ما يقرب من 122 شخصًا، واستمرار حبس أغلبهم على ذمة التحقيقات حتى صدور هذا التقرير.

 

لم ترهب تلك الحملة الأمنية المناصرين للقضية الفلسطينية مع تنوع خلفياتهم السياسية، الحقوقية، النقابية والشعبية، إذ تبنت مجموعات داخل الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين، من بينها مبادرة صحفيات مصريات، دعوات إلى التظاهر على سلم نقابة الصحفيين تحت شعار “عيش وملح” للتضامن مع شعب فلسطين المحاصر تحت القصف. ومطالبة بحماية الصحافيين الفلسطينيين ووقف استهدافهم، بعد أن بلغ عدد الشهداء من الصحفيين خلال الحرب حتى الآن 143 صحفيًّا/ـة[2].

 

لم تسلم تلك الدعوات والمشاركون فيها والقائمون عليها من الملاحقات الأمنية، وتطور الأمر إلى القبض على ١٤ ناشطًا من المشاركين في الوقفة الاحتجاجية الأخيرة على سُلَّم نقابة الصحفيين في مارس الماضي، قبل أن يتم إخلاء سبيل معظمهم بعد لقاءٍ جَمَعَ قيادات من المعارضة وأحد المسؤولين النافذين في دوائر السلطة على هامش إفطار الأسرة المصرية، عقب القبض عليهم بيوم واحد. لكن منذ هذا التاريخ توقفت فعاليات “عيش وملح” التي اعتيد على تنظيمها أسبوعيًّا كل ثلاثاء أمام نقابة الصحفيين.

 

ذلك، بينما شهد هذا الربع أيضًا خروج عدد من الناشطات النسويات المصريات، من خلفيات متنوعة، في مسيرة انطلقت في الثامن من مارس الماضي من أمام مقر اتحاد النساء الفلسطينيات في وسط القاهرة، إلا أن قوات الأمن اعترضت المسيرة وحاصرت المشاركين حتى أجبرتهن على المغادرة.

 

في نفس السياق نظمت اللجنة الشعبية للتضامن مع الشعب الفلسطيني عدة فعاليات تضامنية، كان من بينها تنظيم قافلتي مساعدات إنسانية وإغاثية، كما تقدمت بعريضة شعبية موقعة من شخصيات مصرية وعربية، إلى وزارة الخارجية، من أجل الموافقة على وفد يرافق قوافل المساعدات إلى داخل قطاع غزة، ‏ورغم تحديد موعد لمناقشة الأمر من قبل أحد مسؤولي الوزارة، فإن الزيارة لم تتم، دون إبداء أسباب، ما دعا اللجنة إلى تنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر وزارة الخارجية على كورنيش النيل بالقاهرة، ‏في 18 مارس الماضي، ولكن حاصرتهم قوات الأمن حتى أجبرتهم على المغادرة، بينما تتبع عدد من المجهولين السياسي المصري حمدين صباحي محاولين افتعال مشكلة معه والاعتداء عليه وفقًا لبيان أصدره حزب الكرامة الناصري، الذي أكد على وجود قيادات أمنية كانت تقوم بتوجيه المجهولين.

 

  • ‏استمرار التنكيل بعمال شركة غزل المحلة رغم الاستجابة لمطالب الإضراب

في إطار سعي السلطة السياسية لاستيعاب الضغوطات الاقتصادية الهائلة نتيجة ارتفاع معدلات التضخم بشكل غير مسبوق، والزيادة الكبيرة في أسعار السلع الأساسية فضلًا عن تخفيض قيمة العملة المحلية خلال هذا الربع للمرة الرابعة خلال عامين فقط – أقر الرئيس عبدالفتاح السيسي حزمة من إجراءات الحماية الاجتماعية، كان أبرزها زيادة الحد الأدنى للدخول إلى 6000 جنيه، لكن هذا القرار لم يتم تطبيقه ‏على العاملين في قطاع الأعمال العام كما هو الحال مع العاملين في الوزارات والهيئات الحكومية.

 

دفع ذلك عمال شركة مصر للغزل والنسيج البالغ عددهم ١٦ ألف عامل/ـة موزعين على عدد من المصانع التابعة للشركة – إلى الدخول في إضراب عن العمل، بدأ في ٢٢ فبراير الماضي للمطالبة بالمساواة بالعاملين في الجهاز الحكومي، إلى جانب مطالب أخرى. قبل  أن يقرر العاملون تعليق إضرابهم يوم ٢٩ فبراير بعد استجابة الحكومة لمطالبهم بشكل جزئي، إذ تقرر مساواة العاملين في قطاع الأعمال العام البالغ عددهم في مختلف المصانع والشركات 200,000 عامل بالعاملين في جهاز الدولة فيما يتعلق بالحد الأدنى للدخل.

 

‏لم تتوقف المضايقات والملاحقات الأمنية للعاملين في الشركة منذ بداية الإضراب وفقًا لدار الخدمات النقابية والعمالية[3]، إذ ألقت ‏الأجهزة الأمنية القبض على ٢٥ عاملًا/ـة بعد يومين من بدء الإضراب، قبل أن تطلق سراحهم في وقت متأخر من نفس الليلة، تكرر الأمر بعدها بأيام مع 13 عاملًا آخرين ولكن أطلق سراحهم أيضًا في نفس الليلة. ومع الاستجابة الجزئية للمطالب وإعلان تعليق الإضراب، ورغم احترام العاملين لالتزامات الشركة التصديرية وعدم تعطيلها أثناء الإضراب، بالإضافة إلى الحفاظ على الأقسام المختلفة داخل الشركة وكذلك الأدوات والآلات – فإنهم فوجئوا بالقبض على تسعة من العاملين والعاملات من قيادات الإضراب بعد قرار التعليق، قبل أن يطلق سراح ٧ منهم، واستمرار التنكيل باثنين هما وائل محمد أبو زيد ومحمد محمود طلبة، اللذان ظلَّا ‏قيد الاحتجاز في مكان غير معلوم حتى مثولهما أمام نيابة أمن الدولة العليا يوم 10 مارس الماضي، متهَمَين على ذمة القضية رقم 717 لسنة 2024، ووجهت إليهما النيابة اتهامات بالانضمام إلى جماعة مشكلة على خلاف أحكام القانون ونشر أخبار وبيانات ومعلومات كاذبة، واستمر تجديد حبسهم دوريًّا منذ هذا التاريخ وإيداعهم سجن ٦ في مجمع سجون العاشر من رمضان. تم إخلاء سبيل محمد أبو زيد ومحمد طلبة في 26 مايو 2024، قبل نشر هذا التقرير.

 

 

  • ‏استمرار التنكيل بالطنطاوي وأنصاره رغم انتهاء الانتخابات

شهد الربع الأول من هذا العام مراسم حلف اليمين الدستورية من قبل الرئيس عبدالفتاح السيسي، وذلك بعد انتخابه لدورة رئاسية جديدة تنتهي عام 2030.‏ ورغم انتهاء الانتخابات وإعلان النتيجة، فإن الملاحقات الأمنية والقضائية للسياسي أحمد الطنطاوي الذي حاول الترشح لانتخابات الرئاسة قبل أن تمنعه السلطات المصرية من الترشح عبر استهدافه هو وحملته بطرق متعددة.

 

إذ قضت محكمة جنح المطرية في فبراير ٢٠٢٤ بمعاقبة المرشح الرئاسي السابق أحمد الطنطاوي ومدير حملته المحامي محمد موسى أبو ديار، بالحبس سنة مع إيقاف التنفيذ وكفالة ٢٠ ألف جنيه، بالإضافة الى حرمان الطنطاوي من الترشح للانتخابات النيابية لمدة خمس سنوات. بينما عاقبت باقي المتهمين بالحبس سنة مع النفاذ، وذلك في القضية رقم ١٦٣٣٦ لسنة ٢٠٢٣ جنح قسم المطرية والمعروفة إعلاميًّا باسم “قضية التوكيلات الشعبية”، والمتهم فيها 21 من أعضاء وقيادات حملة الطنطاوي، إلى جانب الطنطاوي نفسه ومدير حملته.

 

‏كان الطنطاوي قد دعا أنصاره في مقطع فيديو مصور بثه عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إلى طباعة نماذج تأييد مرشحي الرئاسة من موقع الهيئة العليا للانتخابات، وتحرير نماذج تأييد شعبية، وذلك في محاولة للرد على التضييقات الواسعة التي تعرض لها أنصاره أمام مكاتب توثيق الشهر العقاري في مختلف المحافظات أثناء تحرير نماذج التأييد الرسمية، قبل أن يتراجع عن دعوته ويطلب من أنصاره التوقف عن طباعة النماذج، بسبب الحملة الأمنية الشرسة التي تعرضوا لها.

 

‏كانت وزارة الداخلية قد أعلنت في بيان لها، في 9 أكتوبر الماضي، عن القبض على عدد من الأشخاص في نطاق محافظات: القاهرة، الإسكندرية، الجيزة، الفيوم والسويس، وذلك أثناء تحريرهم نماذج تأييد مزورة لأحد المرشحين المحتملين لانتخابات الرئاسة، بحسب البيان، الذي أوضح أنه تم العثور على 596 نسخة من نماذج التأييد خالية من البيانات. وأكدت الوزارة في بيانها أن المتهمين وضعوا توقيعاتهم الشخصية على النماذج للادعاء بأنها صادرة عن أحد مكاتب الشهر العقاري.

 

‏وفي اليوم التالي 10 أكتوبر 2023 قررت نيابة أمن الدولة العليا حبس ثمانية أشخاص من أعضاء حملة الطنطاوي على ذمة التحقيقات بعد أن وجهت إليهم اتهامات بمشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أغراضها، وذلك في القضية رقم ٢٢٥٥ لسنة ٢٠٢٣ حصر أمن دولة عليا. قبل أن تقرر النيابة إحالة الطنطاوي ومدير حملته و٢١ آخرين من أعضاء وقيادات حملته إلى محكمة الجنح استنادًا إلى المادة 65 من قانون مباشرة الحقوق السياسية، التي تنص على معاقبة كل من اشترك في طباعة وتداول بطاقة إبداء الرأي أو أي من الأوراق الخاصة بالعملية الانتخابية، أيًّا كانت الوسيلة، دون إذن من السلطة المختصة، ‏كما تنص المادة على معاقبة المرشح المستفيد بالجريمة بنفس العقوبة في حالة علمه وموافقته على ارتكابها، فضلًا عن حرمان المرشح من المشاركة في الانتخابات النيابية لمدة خمس سنوات.

 

يمكن القول إن الربع الأول من هذا العام قد شهد تطورًا نوعيًّا من حيث كم الانتهاكات التي مورست ضد حرية التعبير، في صوره المختلفة، وكذلك من حيث جسامة تلك الانتهاكات، إذ ارتفعت حصيلة سجناء الرأي بشكل لافت خلال هذا الربع فضلًا عن استمرار حالة تأميم المجال العام وحصار كل أشكال التعبير. وهو ما يوثقه بشكل أكثر تفصيلًا الجزء الثاني من هذا التقرير عن أبرز أنماط الانتهاكات التي شاهدها هذا الربع.

 

 

‏القسم الثاني: انتهاكات حرية التعبير

 

‏لم تتوقف الانتهاكات في حق حرية التعبير، في صوره المختلفة، خلال الربع الأول من هذا العام. ويحاول هذا القسم من التقرير تسليط الضوء على أبرز أنماط ووقائع الانتهاكات في حق حرية التعبير وبشكل خاص في ملفات حرية الصحافة والإعلام، حرية الإبداع والتعبير الفني، ‏الحقوق الرقمية والحريات الأكاديمية والحقوق الطلابية.

 

أولًا: حرية الصحافة والإعلام

 

شهد ملف الصحفيين المحبوسين نشاطًا ملحوظًا قبل عامين مع إعادة تفعيل عمل لجنة العفو الرئاسي، كان ذلك على هامش إفطار الأسرة المصرية. بينما مثَّل انتخاب خالد البلشي نقيبًا للصحفيين في العام الماضي نقلة نوعية على مستوى اهتمام النقابة بملف المحبوسين، باعتباره من بين أبرز اهتمامات البلشي خلال السنوات الأخيرة.

 

وخلال الربع الأول من هذا العام تقرر إخلاء سبيل عدد من الصحفيات والصحافيين المحبوسين احتياطيًّا لفترات طويلة على خلفية قضايا تتعلق بقيامهم بمهام عملهم الصحفي أو في قضايا تتعلق بممارسة حرية التعبير بشكل عام.

 

‏لا يمكن اعتبار هذا السلوك مؤشرًا على أي انفراجة فيما يتعلق بمشهد حرية الصحافة والإعلام، إذ استمرت الانتهاكات دون توقف خلال هذا الربع في حق الصحفيين وحرية الصحافة والإعلام، ويمكن القول إن هذا الربع شهد تطورًا على مستوى جسامة الانتهاكات. إذ قرر المجلس الأعلى لتنظيم الأعلام إحالة اثنين من رؤساء التحرير إلى التحقيق على خلفية تغطيات صحفية.

 

بينما شهد الربع الأول من 2024 إخلاء سبيل ثلاث[4] من الصحفيات المحبوسات على خلفية عملهم في مجال الصحافة والإعلام:

– الإعلامية السابقة بماسبيرو هالة فهمي، إذ قررت نيابة أمن الدولة العليا، إخلاء سبيلها، وذلك بعد حبسها احتياطيًّا ما يزيد على عام ونصف على ذمة التحقيقات في القضية رقم 441 لسنة 2022 (حصر نيابة أمن الدولة العليا). وكانت فهمي نشرت عدة مقاطع عبر صفحتها الشخصية بموقع فيسبوك، تشارك فيها آراءها الاقتصادية، وعن أزمة سد النهضة، وعقب ذلك، نشرت فهمي عدة مقاطع مباشرة، تذكر فيه تعرضها للملاحقة من قِبَل أفراد مجهولين، ليُلقى القبض عليها بعد أيام من هذه الواقعة.

 

– الصحفية منال عجرمة، بعد حبسها احتياطيًّا ما يزيد على عام على ذمة تحقيقات القضية رقم 1893 لسنة 2022 (حصر أمن دولة عليا). بعد أن ألقت قوات الأمن القبض على عجرمة في نوفمبر 2022، بسبب آرائها السياسية.

 

– الصحفية صفاء الكوربيجي، تم إخلاء سبيلها في يناير الماضي، بعد ٢١ شهرًا في الحبس الاحتياطي على ذمة القضية 441 لسنة 2022 حصر أمن دولة عليا. وكانت الصحفيات الثلاث المخلى سبيلهن متهمات بالاتهامات المعتادة، التي منها: نشر أخبار كاذبة، وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي.

 

 

  • استهداف الصحافة المستقلة انتهاك معتاد

شهد الربع الأول من العام الحالي استمرار استهداف السلطات المصرية المواقع الصحفية المستقلة وصحافييها، فقد وثقت المؤسسة خلال هذا الربع استدعاء الصحفية لينا عطاالله، رئيسة تحرير موقع مدى مصر، ‏للتحقيق أمام نيابة استئناف القاهرة التي قررت إخلاء سبيلها بكفالة 5 آلاف جنيه، وذلك على ذمة التحقيقات في القضية رقم 22 لسنة 2023 حصر نيابة الاستئناف، واتهمت النيابة عطاالله بنشر أخبار كاذبة، واستخدام موقع بدون ترخيص.

 

 

‏تعود وقائع القضية إلى نوفمبر من العام الماضي حينما تمت[5] إحالة رئيس تحرير موقع مدى مصر الصحفية “لينا عطاالله” إلى النيابة العامة، بعد بلاغ قدمه المجلس الأعلى للإعلام ضد الموقع، على خلفية نشر تقرير تناول سيناريوهات تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة. وأجلت النيابة وقتها التحقيقات مع عطاالله إلى أجل غير مسمى، قبل أن تستدعيها مجددًا، بعد نشر الموقع تقريرًا عن سيطرة رجل الأعمال إبراهيم العرجاني على تنسيقات الخروج من معبر رفح ودخول المساعدات إلى غزة.

 

وكان موقع مدى مصر قد تقدم بطلبات ترخيص الموقع مرتين في أكتوبر 2018، وفي أغسطس 2020، لكنه لم يتلقَّ ردًّا من المجلس الأعلى للإعلام، المسؤول عن إصدار التصاريح.

ورفضت محكمة القضاء الإداري في مايو الماضي طعن مدى مصر ضد قرار المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام برفض ترخيص الموقع رغم استيفائه لشروط الترخيص والتقدم بطلب الحصول عليه منذ أكثر من أربع سنوات. وأيدت الإدارية العليا القرار في ديسمبر الماضي.

 

بينما احتجزت الأجهزة الأمنية الصحفية بموقع مدى مصر رنا ممدوح بشكل تعسفي، في مارس الماضي وذلك بمدينة العلمين، وهي في طريقها إلى مدينة رأس الحكمة.

بعدما أبلغت رنا ممدوح مدى مصر باحتجازها من قبل قوات الشرطة في كمين شرطة العلمين، بعدها انقطع الاتصال بها بعد نقلها إلى قسم شرطة العلمين، لأكثر من عشر ساعات قبل ظهورها في النيابة بالقاهرة والتحقيق معها، بحسب نقيب الصحفيين خالد البلشي.

 

وعقب إخلاء نيابة أمن الدولة العليا سبيلها بكفالة، روت رنا ممدوح،[6] الصحفية بـ”مدى مصر”، وقائع احتجازها في قسم شرطة العلمين وهي في طريقها إلى منطقة رأس الحكمة في مهمة صحفية، قالت ممدوح إن قرار توقيفها عند كمين نقطة رسوم العلمين اتُّخذ بمجرد علم المسؤولين في الكمين بتوجهها إلى “رأس الحكمة” في إطار عملها كصحفية، وهي المهنة الموضحة في بطاقتها الشخصية التي اطلع عليها رجال الأمن في الكمين، مُضيفةً أن ضابط الأمن الوطني بالكمين اتهمها بـ”الذهاب لإجراء حديث دون تصريح”.

 

وبحسب ممدوح، تم اقتيادها بصحبة سائق السيارة الخاصة التي أقلتها من القاهرة، إلى قسم شرطة العلمين، وهناك طلب ضابط الأمن الوطني كلمة سر هاتفها المحمول “عشان نمشيّكي” وهو ما رفضته، وبعد ساعة من الوصول، اصطحبت قوة من شرطة القسم السائق إلى مكان غير معلوم حتى الآن.

وبعد مرور خمس ساعات من الاحتجاز بالقسم، تقول ممدوح إنه تم اقتيادها في سيارة ترحيلات إلى نيابة أمن الدولة بالقاهرة، دون إبلاغها بذلك، ودون السماح لها بالاتصال بمحاميها أو ذويها.

 

مع بدء التحقيق، انتدبت النيابة محاميًا بمعرفتها للحضور مع الزميلة، لكن ممدوح طلبت حضور محاميها الشخصي أو محامي النقابة، وهو ما رفضه رئيس النيابة، قائلًا: “التهمة مالهاش دعوة بصفتك الصحفية”، مضيفًا أن تحريات الأمن الوطني تُفيد بأن أهالي “رأس الحكمة” تقدموا بشكاوى ضدها بدعوى تحريضهم على الإرهاب، وأبلغها المحقق بأنه في حال لم تُجِب على الأسئلة سيُصدِر قرارًا بحبسها. وفي نهاية التحقيق أخبرها المحقق بأنه سيُصدر قرارًا بإخلاء سبيلها بكفالة، مفسرًا: “لأنك تعبتيني في التحقيقات، لو مكنتيش تعبتيني كنتي هتمشي من غير كفالة”.

 

تعكس هذه الانتهاكات المستمرة تزايد القمع الموجه ضد حرية الصحافة، وتظهر الحاجة الملحة إلى إلزام الأجهزة الأمنية باحترام الدستور والقانون فيما يتعلق بحماية حقوق الصحفيين وضمان سلامتهم أثناء تأدية عملهم الصحفي.

 

  • ذات مصر

في يناير الماضي قررت هيئة المكتب بالمجلس الأعلى لتنظيم[7] الإعلام استدعاء رئيس التحرير والمسؤول القانوني لموقع ذات مصر، للتحقيق في اتهامه بنشر أخبار وصفتها بالكاذبة والتحريضية، وهو الإجراء ذاته المتبع مع موقع مدى مصر، وبحسب شهادة أحد المسؤولين بالموقع فضَّل عدم ذكر اسمه[8]، قال: تم إحالة رئيس تحرير الموقع للتحقيق بتهمة نشر أخبار كاذبة، ورغم تداول موقع القاهرة ٢٤[9] أن سبب تحويل الموقع للتحقيق نشر أخبار كاذبة تتعلق بالانتخابات الرئاسية، لكن هذا الأمر غير صحيح فنحن لم نتطرق لأي خبر صحفي يتعلق بالانتخابات لتركيزنا على الحرب في غزة.

 

مؤكدًا، أن الخبر نُشر في الصحف قبل التواصل معنا بثلاثة أيام، ثم تم استدعاؤنا بمكالمة رسمية للتحقيق، كان عن خبر صحفي تم نشره على الموقع لا يحمل أي شبه، ولم يتم إبلاغ المسؤولين في الموقع بنتيجة التحقيقات حتى لحظة كتابة التقرير.

 

أثناء التحقيق تم مواجهة المسؤولين عن الموقع بخبر يتعلق بمجلس الشيوخ والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وسؤالهم عن مصدرهم، ثم بعد عدة ساعات تم اتهام المسؤولين بإدارة موقع غير مرخص رغم تقديم الأوراق للحصول على الترخيص منذ ٤ سنوات.

 

 

  • المنع من التغطية انتهاك مستمر

على مستوى آخر يُعد المنع من التغطية واحدًا من أكثر الانتهاكات المتكررة ضد حرية الصحافة خلال السنوات السابقة، وهو الانتهاك الذي يخالف بشكل مطلق مفهوم حرية الصحافة والحق في المعرفة وتداول المعلومات، فقد رصدت المؤسسة في الأول من  يناير الماضي اعتداء[10] من قبل إدارة جامعة المنيا، وأحد أفراد الأمن المصاحبين لوزير التعليم العالي، تجاه عدد من الصحفيين أثناء ممارستهم عملهم في تغطية زيارة الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، لافتتاح عددٍ من المشروعات الصحية، والتعليمية بجامعة المنيا.

 

والتي تمثلت في التعدى باليد على صحفي من قبل أفراد الأمن المرافق للوزير، وقيام موظفي الأمن الإداري في الجامعة بإغلاق قاعة كلية دار العلوم، التي كان من المقرر عقد مؤتمر صحفي بها أمام الزملاء، والتحدث معهم بصورة غير لائقة، بحسب محمود كامل عضو لجنة الحريات بنقابة الصحفيين.

 

وفي ٢٢ فبراير الماضي تعرض المصور الصحفي[11] بموقع “تليجراف مصر” أحمد النحيتي لهجوم من أحد أعضاء الشركة المنظمة لحفل زفاف شقيقه محمود كهربا، ما نتج منه إصابة الصحفي إصابة بليغة مع اشتباه في كسور أسفل العين. وهو ما دفع الصحفي إلى تحرير محضرًا حمل رقم 126 أحوال بنقطة شرطة السياحة بفندق كمبنسكي. اتهم فيه الشركة المنظمة للحفل وأحد أعضائها بالاعتداء عليه وإصابته. وطالب الصحفي بتفريغ كاميرات الفندق لإرفاقها بالبلاغ لتحديد المتهم. وتم  نقل الصحفي إلى أقرب مستشفى لتوقيع الكشف الطبي وعمل غرز تجميلية أسفل العين، وعمل أشعة لتحديد هل يوجد كسور من عدمه، بحسب بيان لجنة الحريات بنقابة الصحفيين المصرية.

 

 

ثانيًا: حرية الإبداع

رصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير ٦ وقائع اشتملت على ٦ انتهاكات في ملف حرية الإبداع خلال الربع الأول من العام الحالي، انحصرت جميعها في الانتهاكات التي مورست على هامش الدورة 55 من معرض القاهرة الدولي للكتاب، وقد تنوعت بين منع بعض الكتب من العرض أو المشاركة في المعرض، الذي انطلقت فعالياته الثقافية في 25 يناير الماضي. ويعد المعرض الموسم الثقافي الأبرز لدور النشر والمكتبات، إذ تكثف من إنتاجها الثقافي استغلالًا لحالة الرواج التي يخلقها المعرض.

 

إلا أن مؤسسة حرية الفكر والتعبير قد رصدت منع إدارة المعرض عددًا من الكتب من العرض أثناء فعاليات اليوم الثاني والسادس منه، دون إبداء أسباب، كما تم إبلاغ بعض دور النشر بتجميد مشاركتهم في هذه النسخة قبل يومين فقط من  انطلاق فعاليات المعرض، ذلك قبل أن يتم التراجع عن أغلب تلك القرارات التعسفية، دون إبداء أسباب في الحالتين.

 

 

فقبل  بداية المعرض بأيام أعلنت بعض دور النشر عن استبعادها من المشاركة  في المعرض في دورته الـ 55 رغم استيفاء تلك الدور لكافة الإجراءات المعتادة، فضلًا عن تجدد استبعاد دار تنمية للنشر للعام الثالث على التوالي. وفي كل الأحوال لم تحصل أي من دور النشر التي تم استبعادها أو الدور التي لم تتمكن من التسجيل في المراحل الأولية، على أي أسباب رسمية للمنع من المشاركة.

 

بعدما أعلنت  دار نشر “الكُتب خان” عنْ حجب مشاركتها، دونَ مبرر، في فعاليّاتِ المعرض لهذه الدورة، خلال  بيان لها على صفحتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” قالت فيه: “فوجئنا في اللحظة الأخيرة، وقبل ساعات قليلة من استلام جناحنا بمنعنا تعسفيًّا من المشاركة في هذه الدورة من قِبَل إدارة المعرض، دون إبداء أية أسباب واضحة أو إخطار رسمي مسبق. بل وبتسليم المساحة المتفق عليها لجناحنا، رغم سداد كافة المصروفات واستيفاء الأوراق المطلوبة للمشاركة في المعرض، حسب الشروط المعلنة، إلى دار نشر أخرى. ما يعني تبديد مجهودات الكُتّاب والكاتبات كذلك العاملين بالدار لشهور عديدة، تجهيزًا للمشاركة في الموسم الثقافي الأهم في كل عام”.

 

مؤسسة الدار[12]، كرم يوسف، قالت في تصريحاتها، إن الدورة الحالية كانت ستمثل المشاركة الثانية عشرة للدار في معرض القاهرة الدولي للكتاب، مؤكدة: “لم نُمنع في أي دورة سابقة للمعرض، ولم يُصادر للدار كتاب قبل ذلك”.

وبحسب يوسف سُلم الجناح الذي خُصص لهم لدار نشر أخرى، رغم “سداد المصروفات، واستيفاء الأوراق المطلوبة حسب الشروط المعلنة”، مشيرة إلى أنها لا تعرف مصير المصروفات، مضيفة: “عدد آخر من الناشرين مُنع من المشاركة”.

 

استبعاد دار “الكتب خان” قبل المشاركة بيوم في المعرض تكرر كذلك مع دار نشر “تنوير[13]” التي أعلنت في بيانها: “يؤسفنا أن نخطركم بأنه قد تم حجب مشاركتنا في معرض القاهرة الدولي للكتاب لهذا العام -رفقة عدد من الزملاء الناشرين- وقد أخطرنا بذلك قبل يوم واحد فقط من تسلم جناحنا الذي ظل محجوزًا باسمنا حتى صباح اليوم. ولم ندخر جهدًا في محاولة فهم الأسباب والدوافع التي أدت إلى ذلك، وتواصلنا مع الجهات المعنية في اتحاد الناشرين المصريين وفي الهيئة العامة للكتاب، لكننا وصلنا إلى طريق مسدود، وإلى أن هذا الإلغاء ليس إلا قرارًا تعسفيًّا لا يصب في مصلحة الناشرين، ولا في مصلحة المناخ الثقافي المصري”.

 

كذلك لحقت دار نشر “ديوان العرب” بقائمة المستبعدين من المشاركة في المعرض لهذه الدورة، لينضموا إلى مكتبه “تنميّة” التي تجدد استبعادها كما هو الحال في دوراتٍ سابقة. اتسمت الدور الثلاث التي تم إقصاؤها بالانتشار داخل الأوساط الثقافية والأدبية، لتواجدها على الساحة لسنوات طويلة وتقديمها مطبوعات مختلفة (فكرية/ فلسفية/ دينية).

 

بعد ساعات من هذا البيان أعلنت دار “ديوان العرب” عن عودتها إلى المشاركة في المعرض بعد استدراك الخطأ، لكن دون إيضاح أسباب الإقصاء أو المشاركة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى دار نشر “الكتب خان”، التي صرحت بأنه بالتواصل مع المسؤولين في معرض دار نشر “الكتب خان” أكدوا أن المسألة تم حلها وتم تجاوز المشكلة دون التعليق على ملابسات الأمر.

 

في شهادته لمؤسسة حرية الفكر والتعبير أكد أحد العاملين -فضل عدم ذكر أسمه لأسباب أمنيةـ بدار “تنوير للنشر والإعلام”  وهي دار نشر مصريَّة مستقلة ينصبُّ اهتمامُها على نشر الأعمال الفكرية والأدبية:

 

“في ٢٢ يناير ٢٠٢٤ فوجئت الدار بإخطارها قبل يوم واحد من استلامها الجناح المخصص لها في المعرض، من حجب مشاركتهم في معرض القاهرة الدولي للكتاب لهذا العام، وأنه بعد التواصل مع الجهات المعنية في اتحاد الناشرين المصريين وفي الهيئة العامة للكتاب، لم نصل إلى أسباب حول منعنا من المشاركة”، معتبرين ذلك قرارًا تعسفيًّا لا يصب في مصلحة الناشرين، ولا في مصلحة المناخ الثقافي المصري، ورغم تشابه حالة المنع لدار تنوير مع دور نشر أخرى فإنه لم يتم استئناف مشاركتهم كما حدث مع الكتب خان ودار ديوان وهو ما لم يجد مصدرنا إجابة عليه. مؤكدًا أن: “الخسائر المادية والمعنوية” لمنعهم من المشاركة ضخمة.

 

  • ‏منع متكرر من المنبع لأسباب أمنية

اختلف الأمر قليلًا مع “دار تنمية”، فبحسب شهادة مسؤول  داخل الدار -رفض أيضًا ذكر اسمه لأسباب أمنية- فإن الدار التي تم منعها من المشاركة للعام الرابع على التوالي: “لا نعلم السبب الحقيقي وراء المنع من المشاركة في معرض الكتاب هذا العام أيضًا ولا نعلم أسباب ما حدث معنا من البداية أو من يقف خلفه رغم المحاولات المتكررة من المشاركة دون فائدة”.

 

مؤكدًا أنه: “لا يتم إخطارنا بالمشاركة من عدمها، نحن  نقوم بتقديم الورق لكن لا نحصل على موافقة ولا يفتح لنا باب لحجز جناح بالمعرض ككل دور النشر، حيث يكون التقديم على مرحلتين:

 

الأولى تقديم الورق عبر المساحة المخصصة لذلك في الموقع الإلكتروني، والثانية فتح النظام الإلكتروني لحجز مساحة”، مضيفًا: “إحنا طول الوقت لا نصل إلى المرحلة الثانية”. وغير مرجح أن يكون هناك خطأ في السيستم.

 

يذكر أن  منع “دار تنمية” من المشاركة في المعرض للمرة الأولى قبل ثلاث دورات سابقة جاء بعد[14] القبض على مؤسسها الناشر خالد لطفي، ومحاكمته عسكريًّا والحكم عليه بالسجن خمس سنوات مع الشغل والنفاذ بتهمتي إفشاء أسرار عسكرية، وإذاعة أخبار وبيانات ومعلومات كاذبة، وذلك على خلفية نشره كتابًا للمؤرخ الإسرائيلي يوري بار جوزيف، والمعنون في ترجمته إلى العربية بـ”الملاك: الجاسوس المصري الذي أنقذ إسرائيل”، بالاتفاق مع الدار العربية للعلوم في لبنان، صاحبة امتياز ترجمة الكتاب إلى العربية، بطبع نسخة منه في مصر ليكون سعرها في متناول القارئ المصري، وهو ما يرجح أن يكون سبب استبعاد دار تنمية من المشاركة في المعرض لأسباب أمنية.

 

  • كتب تم منعها في المعرض

أ. ترويض الاستبداد، كتاب الديكتاتورية الجديدة

شهد المعرض في اليوم الثاني لافتتاح  فعالياته في دورته الـ 55 طلبًا لإدارة المعرض من دار نشر “روافد” برفع أربعة كتب للكاتب أنور الهواري: “في انتظار الحرية، الديمقراطية أو الاضمحلال، ترويض الاستبداد، الديكتاتورية الجديدة” بعد عدة محاولات إقناع غير مجدية من قبل الدار.

 

وبحسب شهادة الكاتب أنور الهواري لمؤسسة حرية الفكر والتعبير فهذا المنع تكرر للعام  الثاني على التوالي ما دفعه إلى عدم الحديث عن الأمر، إذ يرى: “حدث بالضبط هذا العام ما حدث العام الماضي لهذا التزمت الصمت ولم أعلق، لقيت الموضوع لا يستحق أي اهتمام”. حيث مُنع له العام الماضي كتاباه: “ترويض الاستبداد” و”الديكتاتورية الجديدة” من العرض خلال معرض الكتاب في دورته الـ٥٤.

 

بينما قال إسلام عبدالعاطي صاحب دار نشر روافد: “طلبت مني إدارة المعرض في اليوم الثاني من بدء فعاليات معرض الكتاب في دورته الـ ٥٥ من رفع الثلاث كتب السابق ذكرها الكاتب السياسي أنور الهواري، رغم حصول الكتب على رقم إيداع وذلك دون قرار رسمي وعندما تساءلت عن الأوراق الرسمية تم التعامل معي بشكل غير لائق، وهو أمر متكرر للعام التالي على التوالي رغم وجود الكتب بالمكتبات”، مؤكدًا أن إدارة المعرض ورئيس الهيئة العامة للكتاب طلبوا منه حجب الكتب من العرض بالجناح. على سياق آخر تمكنت الدار من إقامة ندوة داخل المعرض عن مجموعة قصصية بعد الاطلاع عليها من قبل الإدارة حيث أنها من تنظِّم الندوات.

 

وتتضمن شروط المشاركة في المعرض لدورته [15]55، أن تقوم دور النشر المشاركة بتعبئة ورفع نسخة من قائمة الكتب الخاصة بالدار وفقًا لنموذج ملف الإكسيل (Excel) بالمنصة، على بوابة المعرض أثناء التقديم، والتي تتضمن: اسم المؤلف، اسم الكتاب، رقم الإيداع، السعر، والتصنيف، وهو ما يدل على مرور الكتب التي تم منعها بعد العرض بدورته الطبيعية للمشاركة في المعرض دون رفضها.

 

ب. الحريم السياسي

الأمر ذاته تكرر مع كتاب “الحريم السياسي” الصادر عن “دار الفنك للنشر” وهي دار نشر مغربية، فبحسب شهادة صفاء والي، ممثلة الدار بالمعرض، لمؤسسة حرية الفكر والتعبير: “تم منع كتاب “الحريم السياسي” في معرض القاهرة الدولي في دورته 55.. في إطار مشاركة دار الفنك للنشر في جناح الناشرين المغاربة بالمعرض المذكور، تلقى جناح الدار، في اليوم السادس من انطلاق المعرض، زيارة هيئة الرقابة بالمعرض لتخبر ممثلة الدار “صفاء والي” بقرار منع بيع وعرض كتاب “الحريم السياسي” وطلبت سحب النسخ المتبقية وإزالة ملصق الإعلان عن الكتاب من  على جدار الجناح”، الشيء الذي امتثلت له الناشرة احترامًا لقرار إدارة المعرض.

 

موضحة: وكان نفس الكتاب قد منع في الدورة الأخيرة لمعرض الرياض الدولي للكتاب بنفس الطريقة.

مؤكدة أن دار الفنك للنشر تشجب كل تضييق على حرية التعبير، كتاب الحريم السياسي للكاتبة فاطمة المرنيسي ترجمه إلى العربية “الحسين سحبان” الذي يهدف إلى قراءة حداثية للتراث الإسلامي ويساهم في محاربة الفكر المتطرف الظلامي الذي يخيم على الثقافة العربية الإسلامية منذ قرون. اللافت  في الأمر أنه في 2023 سحبت لجنة من معرض الرياض الدولي للكتاب كتاب “الحريم السياسي” وبررت إدارة المعرض قرارها بسحب الكتاب ومنعه من البيع بكون بعض مقاطعه تسيء إلى الرسول وإلى نسائه وفقًا لوسائل إعلام مغربية.

يتناول كتاب فاطمة المرنيسي الذي تم منعه من المشاركة في المعرض في دورته الـ ٥٥ “الحريم السياسي” بعض الأسئلة التي توجهها الكاتبة  إلى القارئ في البداية تتعلق بوضع المرأة في الإسلام وقدرتها على القيادة وغيرها.

 

 

ثالثًا: الحقوق الرقمية

تستمر السلطات المصرية في محاولة تحجيم وتأميم المساحات المتبقية المتاحة للمواطنين للتعبير عن آرائهم من خلال مطاردة صناع المحتوى والناشرين على المنصات الرقمية المختلفة وبخاصة الفيسبوك والتيك توك. وقد بلغ عدد الحالات التي تمكنت مؤسسة حرية الفكر والتعبير من رصدها خلال الربع الأول من عام 2024 ست حالات شملت القبض على مواطنين على خلفية نشر منشورات على الفيسبوك تنتقد السلطة السياسية أو تدعو إلى التضامن مع القضية الفلسطينية أو تنتقد المؤسسات الدينية، كما شملت القبض على صانعي محتوى على التيك توك على خلفية تهديد قيم الأسرة المصرية.

وتتنوع الانتهاكات ما بين انتهاكات لأسباب سياسية واجتماعية وترفيهية طبقًا لما رصدته المؤسسة في هذا الربع، وسنتناولها بالتفصيل عبر هذا القسم.

 

  • استهداف قضائي لناشري محتوي على مواقع التواصل الاجتماعي لأسباب مختلفة 

رصدت المؤسسة استمرار الاستهداف القضائي لناشري محتوي علي الإنترنت لأسباب مختلفة، منها ما هو ديني، فقد رصدت المؤسسة في 11 يناير 2024  إحالة كيرلس رفعت المدرس المساعد بكلية الهندسة في جامعة المنوفية إلى المحاكمة في القضية 144 لسنة 2024 قسم منوف جنح اقتصادية. وقد تم التحقيق مع رفعت والتحفظ عليه في 3 يناير على خلفية تقديم الأنبا بنيامين (مطران المنوفية) بلاغًا ضده. وقد بدأت القصة عندما حدثت نقاشات دينية أدت إلى خلاف بين عدد من رجال الدين بأبرشية المنوفية وبين كيرلس رفعت، على إثرها اتهم القساوسة كيرلس بأنه بروتستانتي واتخذوا قرارًا بمنعه من الخدمة الكنسية. توجه كيرلس إلى مطران المنوفية للشكوى ولكن تم منعه من دخول الكنائس الأرثوذكسية في منوف وشبين الكوم بالقوة والاعتداء عليه بدنيًّا وطرده. وقد قام كيرلس بتحرير محاضر بهذه الوقائع. بعد ذلك قام رفعت بنشر منشورات على صفحته على الفيسبوك ينتقد فيها المطران ويصفه بانعدام الأخلاق والإنسانية.

وفي 3 يناير توجه رفعت إلى قسم شرطة منوف ليحرر محضرًا ضد اثنين مجهولين قاما بتهديده في مقر عمله. وأثناء ذلك تم التحفظ على كيرلس بحجة وجود أمر ضبط وإحضار على ذمة التحقيقات بناءً على البلاغ الذي قدمه المطران في 12 نوفمبر 2023 يتهمه فيه بالتشهير والإساءة إلى سمعته.

ووجهت النيابة العامة إلى كيرلس رفعت اتهامات بالتعدي على المبادئ والقيم الأسرية في المجتمع المصري، وانتهاك حرمة الحياة الخاصة للمجني عليه الأنبا بنيامين، واسمه بالميلاد ميخائيل يونان، والنشر بإحدى وسائل تقنية المعلومات (الفيسبوك) الصور محل الواقعة التي تنتهك خصوصيته دون رضاه. كما اتهمته بالسب والقذف وإسناد أمور إلى المطران لو صدقت لأوجبت احتقاره عند أهل وطنه، وإنشاء وإدارة حساب خاص على تطبيق التواصل الاجتماعي فيس بوك بهدف ارتكاب الجرائم محل الاتهامات السابقة. وتعمد مضايقة المجني عليه بإساءة استخدام أجهزة الاتصالات مرتكبًا الجرائم محل الاتهامات السابقة. وازدراء الديانة المسيحية بأن قام بالترويج لأفكار متطرفة وتحقير الدين المسيحي والإضرار بالسلام الاجتماعي، والترويج لذلك كتابة مستخدمًا في ذلك حسابًا خاصًّا على تطبيق فيس بوك.

وفي 6 فبراير 2024، حكمت محكمة جنح الاقتصادية بطنطا على كيرلس رفعت بالحبس ستة أشهر مع إيقاف التنفيذ وغرامة 100 ألف جنيه وتعويض مدني مؤقت 20 ألف جنيه في القضية 144 لسنة 2024 قسم منوف جنح اقتصادية. وقد قدم رفعت استئنافًا وتم تحديد جلسة في 17 مارس وتم حجز القضية للنطق في 21 إبريل 2024.[16]

 

وفي نفس السياق رصدت المؤسسة في 28 يناير 2024، حكم محكمة جنح النزهة على أحمد حجازي بالحبس 6 أشهر وكفالة 2000 جنيه. وكان ذلك بعد ظهور حجازي في مقطع مصور على وسائل التواصل يقرأ القرآن مُلحَنًا على العود. على خلفية ذلك تقدم المحامي محمود السمري ببلاغ ضد حجازي. وقد اعتذر حجازي عقب انتشار المقطع، مؤكدًا أن للقرآن قدسيته ووقاره، ومعترفًا بأنه “لا يجوز أن يلحن منه شيء على الإطلاق..”. كما أوضح أنه “ما كان يقصد المعنى الذي ظهر في المقطع المنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي”. وقد قدم محامي حجازي استئنافًا على الحكم وحددت المحكمة جلسة 17 مارس لنظر الاستئناف، وقد تم التأجيل إلى 21 إبريل للبت في الاستئناف.[17]

 

وعلي صعيد آخر رصدت المؤسسة استمرار استهداف المحتوى السياسي، ففي ١٨ يناير ٢٠٢٤ قضت[18] محكمة جنح مدينة نصر ثان، على المهندس يحيى حسين عبدالهادي، المتحدث السابق وأحد مؤسسي الحركة المدنية الديمقراطية، بالحبس سنة مع إيقاف التنفيذ، بعد اتهامه بـ”نشر أخبار كاذبة”. وذلك على خلفية نشره عددًا من مقالات رأي عبر حسابه بـ”فيسبوك”.

 

وكانت النيابة العامة قد حققت مع عبدالهادي على خلفية 3 مقالات رأي نشرها على حسابه بمواقع التواصل الاجتماعي، جاءت بعناوين: “متى يتكلمان” و”العار والحوار” و”يجب الإفراج عن الجميع بما فيهم الإخوان”. وأحالت النيابة عبدالهادي إلى المحاكمة بتهمة “نشر أخبار كاذبة في الداخل والخارج” بموجب المادتين 80 د، و102 مكررًا من قانون العقوبات.

لم تكن تلك المرة الأولى التي يتم فيها ملاحقة عبدالهادي بسبب رأيه أمنيًّا وقضائيًّا، إذ سبق أن أصدر رئيس الجمهورية في ٣١ مايو ٢٠٢٢ قرارًا بالعفو عن باقي العقوبة بحق عبدالهادي، ذلك بعد الحكم عليه بالسجن 4 سنوات في القضية رقم 558 لسنة 2021 جنايات أمن دولة طوارئ مدينة نصر ثان. قبل أقل من عام من استدعائه للتحقيق معه في القضية الجديدة.

 

  • استهداف أمني لناشري محتوى على الإنترنت لأسباب مختلفة

في 13 فبراير 2024 تم إلقاء القبض على محمد علي أحمد من منزله في كفر صقر التابعة لمحافظة الشرقية على خلفية منشورات على الفيسبوك تسخر من الرئيس السيسي. وقد تم اصطحاب محمد إلى أحد مقرات الأمن الوطني وظل محتجزًا حتى عرضه على نيابة أمن الدولة في 18 فبراير 2024. وأمرت نيابة أمن الدولة بحبسه 15 يومًا على ذمة القضية رقم 717 لسنة 2024 حصر أمن دولة عليا. محمد علي أحمد يبلغ 40 عامًا ويعمل موظفًا في جمعية رجال الأعمال في كفر صقر.

 

أما في 16 فبراير 2024 فقد تم إلقاء القبض على محمد عاطف عيد فرحات من منزله وتم اصطحابه إلى أحد مقرات الجهاز الوطني وظل هناك خمسة أيام حتى عُرض على نيابة أمن الدولة في 21 فبراير. وقد أمرت النيابة بحبسه 15 يومًا على ذمة نفس القضية السابقة (717 لسنة 2024 حصر أمن دولة عليا) على خلفية مشاركته منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي على هاشتاج “انزل يوم 16 فبراير” تحت دعوات لدعم فلسطين والمطالبة برحيل النظام. محمد عاطف يعمل (كهربائي) ويبلغ 26 عامًا.

 

وفي كلتا الحالتين وجهت النيابة تهمًا شملت الانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.[19]

 

وفي سياق مختلف تم القبض على التيك توكر مريم أيمن الشهيرة بسوزي الأردنية، في 15 فبراير على خلفية نشرها مقطعًا مصورًا تتشاجر فيه مع والدها. وقررت جهات التحقيق حبسها 4 أيام على ذمة التحقيق في التهم الموجهة إليها بانتهاك حرمة الحياة الخاصة، وسب والدها على الهواء، واستغلال شقيقتها من ذوي الهمم، لتحقيق الأرباح والمشاهدات. مريم أيمن طالبة تبلغ 18 سنة مقيمة بمنطقة المطرية بمحافظة القاهرة. وفي 18 فبراير تم إخلاء سبيل مريم بغرامة 5 آلاف جنيه.[20]

 

رابعًا: الحرية الأكاديمية والحقوق الطلابية

تستمر الجامعات والسلطات المصرية في استهداف أعضاء هيئة التدريس والطلاب بهدف التضييق وتأميم المجال المتاح للتعبير داخل الجامعات. وقد رصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير في هذا الربع استمرار المطاردة الأمنية والقضائية للطلاب والأساتذة على خلفية آرائهم السياسية ونشاطهم داخل الجامعة، بالإضافة إلى محاسبة الأساتذة والطلاب على أمور لا تخص الجامعة في شيء، مثل معاقبة أستاذة على نشاط زوجها السياسي. كما يتم تجديد حبس أحمد التهامي، أستاذ العلوم السياسية بكلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية بجامعة الإسكندرية، على ذمة القضية رقم 649 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا. حيث جددت محكمة الجنايات (الدائرة الأولى إرهاب) في 6 إبريل 2024 حبس التهامي  لمدة 45 يومًا.[21] ويعد استمرار حبس التهامي مخالفة صريحة للقانون المصري، حيث أن الحبس الاحتياطي حده الأقصى عامين فقط. وقد أثرت تلك الانتهاكات والملاحقات في الدور المنوط بالجامعة في إنتاج الكوادر والنخب المثقفة.

 

  • الحرية الأكاديمية: الإدارية العليا ترفض طعن وزارة التعليم العالي على حكم أحقية منار الطنطاوي في درجة الأستاذية

تعرضت منار الطنطاوي الأستاذ المساعد في قسم الهندسة الميكانيكية في المعهد التكنولوجي العالي بالعاشر من رمضان فرع السادس من أكتوبر لعدد من الانتهاكات من جانب المعهد وإدارته ووزارة التعليم العالي منذ 2021، وقد تضمنت تلك الانتهاكات حرمانها من الحصول على درجة الأستاذية بالرغم من استيفاء المتطلبات، كما تمنعها إدارة المعهد من العودة إلى منصب رئيس قسم الهندسة الميكانيكية.

وبالرغم من خضوع الطنطاوي للتقييم من قبل لجنة من المجلس الأعلى للجامعات في ديسمبر 2019، ومنحها الأستاذية في فبراير 2020، تتعنت وزارة التعليم العالي والمعهد التكنولوجي في اعتماد هذا القرار ويستمر التعتيم من جانب الوزارة والمعهد على قرار الاعتماد من دون إبداء أسباب.

بل إن وزارة التعليم العالي قد قدمت في نوفمبر 2023 طعنًا رقم 14728 لسنة 69 ق. ع. على الحكم الصادر عن المجلس الأعلى للجامعات بمنح الطنطاوي درجة الأستاذية. وقد قررت المحكمة الإدارية العليا الدائرة السابعة في جلسة 27 يناير 2024 رفض الطعن المقدم من وزارة التعليم العالي ضد الدكتورة منار الطنطاوي على الحكم الصادر لصالحها، بعدم الاعتداد برفض الأمن لترقيتها إلى درجة أستاذ. ومع ذلك يستمر رفض الوزارة والمعهد في رفض اعتماد منح الطنطاوي درجة الأستاذية وما يترتب عليها من امتيازات. ويرجع ذلك على الأرجح إلى كون الطنطاوي زوجة مسجون سياسي سابق.[22]

 

 

  • الحقوق الطلابية: مطاردات قضائية وأمنية مستمرة ضد معاذ الشرقاوي

تستمر الانتهاكات القضائية والأمنية ضد القيادي الطلابي السابق معاذ الشرقاوي. ففي يناير 2024 تمت إحالة معاذ الشرقاوي إلى قضية جديدة برقم 13330 لسنة 2023 جنايات المرج، وقد وجهت إليه النيابة اتهامات، من بينها: الانضمام إلى جماعة إرهابية، وتمويل الإرهاب، واستعمال تطبيق (واتسآب) لارتكاب جريمة إرهابية. وتصل عقوبة الجرائم المنسوبة إلى الشرقاوي إلى السجن المؤبد. وكان قد تم القبض على الشرقاوي في 11 مايو 2023 واختفي قسريًّا لأكثر من ثلاثة أسابيع ليظهر أمام نيابة أمن الدولة متهَمًا في القضية 540 لسنة 2023 حصر أمن دولة. وقد وجهت إليه النيابة نفس الاتهامات المتعلقة بالإرهاب.[23]

 

خاتمة وتوصيات

 

إن مؤسسة حرية الفكر والتعبير تدين استمرار السلطات المصرية في قمع حق المواطنين في التعبير بشكل حر وآمن وتدعو السلطات المصرية إلى:

  • على السلطات المصرية الإفراج الفوري عن المتضامنين مع القضية الفلسطينية والتوقف عن قمع التضامن ضد الإبادة الجماعية للفلسطينيين.
  • على السلطات المصرية إسقاط الأحكام عن أحمد الطنطاوي وأعضاء حملته.
  • على نيابة أمن الدولة إخلاء سبيل أنصار المرشح أحمد الطنطاوي ووقف ملاحقتهم.
  • على الأجهزة الأمنية وقف استهداف صانعي وناشري المحتوى على الإنترنت.

 

[1] منهجية الرصد والتوثيق في مؤسسة حرية الفكر والتعبير، https://bit.ly/3vyVIFw.

[2] 15 ألف شهيد من الأطفال في غزة و145 من الصحفيين، الجزيرة نت، ١٦ مايو ٢٠٢٤ تاريخ آخر زيارة: ١٦ مايو ٢٠٢٤، https://www.ajnet.me/news/2024/5/16/15-%D8%A3%D9%84%D9%81-%D8%B4%D9%87%D9%8A%D8%AF-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D9%88145-%D9%85%D9%86.

[3] حساب دار الخدمات النقابية والعمالية على فيسبوك، ٥ مارس ٢٠٢٤، تاريخ آخر زيارة: ١٧ إبريل ٢٠٢٤: https://www.facebook.com/photo/?fbid=716857810632454&set=pcb.716855260632709

[4] صفحة نقيب الصحفيين خالد البلشي، نقيب الصحفيين: إخلاء سبيل الصحفيات: منال عجرمة وهالة فهمي وصفاء الكوربيجي.. خالص الشكر لكل من ساعد وبذل جهدًا.. مبروووك-نقيب-الصحفيين-إخلاء-سبيل-الصح-2

[5] وحدة المساعدة القانونية في مؤسسة حرية الفكر والتعبير.. 36689-afteegypt.html

[6] مدى مصر، شهادة رنا ممدوح.. صحفية "مدى مصر" تروي وقائع 10 ساعات من الاحتجاز والاختفاء والتحقيق.. نشر في ١١ مارس ٢٠٢٤ آخر زيارة ١٧ إبريل ٢٠٢٤.. صحفية-مدى-مصر-تروي-وقائع-10-ساعات-من-ال

[7] الصفحة الرسمية للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، ٥ يناير ٢٠٢٤، تحويل موقع ذات مصر للتحقيق.. pfbid0YYguNE43DT5daKXEuPEZtYEtYDhrwozSpHAwZLQYNnoii16dWbVj4XY5ynzj4frLl

[8] شهادة لمؤسسة حرية الفكر والتعبير.

[9] موقع القاهرة ٢٤، استدعاء مسؤولي موقع ذات مصر للتحقيق بسبب نشر أخبار كاذبة، 1932189.

[10] صدى البلد، كتابة عبدالوكيل أبو القاسم،  التعدي على زميل بجامعة المنيا.. طلب عاجل من الصحفيين لـ وزير التعليم العالي، نشر في ١ يناير ٢٠٢٤.. تاريخ آخر زيارة ١٧ إبريل ٢٠٢٤..  6058517

[11] موقع تليجراف مصر، مريم الصاوي، بعد الاعتداء على صحفي "تليجراف مصر".. ماذا يقول قانون العقوبات؟ نشر في ٢٢ فبراير ٢٠٢٤.. تاريخ آخر زيارة ١٧ إبريل ٢٠٢٤… بعد-الاعتداء-على-صحفي-تليجراف-مصر-ماذا

[12] مدي مصر، الكتب خان: منعنا من المشاركة دون إبداء أسباب، نشر في ٢٤ يناير ٢٠٢٤، تاريخ آخر زيارة ١٤ مارس ٢٠٢٤.. 1750226969210331414

[13] صفحة دار نشر تنور، بيان المنع من المشاركة في المعرض، نشر في ٢٢ يناير ٢٠٢٤، تاريخ آخر زيارة ١٤ مارس ٢٠٢٤.. 865234338949737

[14] حرية الفكر والتعبير، حرية الفكر تطالب بالإفراج الفوري عن الناشر خالد لطفي وتعتبر محاكمته عسكريًّا ضربة قاسية لحرية الإبداع، 29 ديسمبر 2013، آخر زيارة 21 فبراير 2023 .. https://bit.ly/3ZkD4gR

[15] المصري اليوم، سارة رضا، تعرف على طريقة وشروط التسجيل بمعرض القاهرة الدولي للكتاب ٢٠٢٤ نشر في ٢٣ اكتوبر ٢٠٢٣، آخر زيارة ٢٥ مارس 2024  .. 3018237

[16] "الحكم على كيرلس ناشد"، المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، 6 فبراير 2024، تاريخ الاطلاع 15 إبريل 2024، https://shorturl.at/DKO45

[17] مصطفى درغام، "الحبس 6 أشهر للملحن أحمد حجازي بعد قراءة القرآن على ألحان العود"، القاهرة 24، 28 يناير 2024، تاريخ الاطلاع 15 إبريل 2024،

https://www.cairo24.com/1945549

[18] درب، بسبب مقالات رأي.. حكم بحبس المهندس يحيى حسين عبدالهادي سنة مع إيقاف التنفيذ، نشر في  يناير ٢٠٢٤.. تاريخ آخر زيارة إبريل ٢٠٢٤.. بسبب-مقالات-رأي-حكم-بحبس-المهندس-يحيى

[19] "لنشرهم الإلكتروني عن الرئيس، الأول ساخرًا منه، والآخر مطالبًا برحيله: نيابة أمن الدولة تحبس مواطنين في القضية 717 لسنة 2024"، الجبهة المصرية، 29 فبراير 2024، تاريخ الاطلاع 15 إبريل 2024،

https://shorturl.at/qrwyE

[20] أحمد الجوهري، "حبس البلوجر سوزي الأردنية"، القاهرة 24، 16 فبراير 2024، تاريخ الاطلاع 15 إبريل 2024،

https://www.cairo24.com/1957152

[21] وحدة المساعدة القانونية، مؤسسة حرية الفكر والتعبير.

[22] وحدة المساعدة القانونية، مؤسسة حرية الفكر والتعبير.

مكالمة تليفونية مع منار الطنطاوي في 15 إبريل 2024.

[23] "إحالة القيادي الطلابي معاذ الشرقاوي وآخرين لمحاكمة جديدة أمام دائرة الإرهاب"، المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، 22 يناير 2024، تاريخ الاطلاع 15 إبريل 2024،https://shorturl.at/npAK0

للإشتراك في نشرة مؤسسة حرية الفكر والتعبير الشهرية

برجاء ترك بريدك الالكتروني أدناه.