نشرة الحرية الأكاديمية واستقلال الجامعة العدد (3) ديسمبر 2015

تاريخ النشر : الأحد, 10 يناير, 2016
Facebook
Twitter

نشرة شهرية تصدر عن مؤسسة حرية الفكر والتعبير لتسليط الضوء على أبرز قضايا الحرية الأكاديمية واستقلال الجامعة

تنويه: يشتمل هذا العدد على شهري نوفمبر وديسمبر 2015.

الافتتاحية:2015.. انتهاكات مستمرة للحرية الأكاديمية

كان لزامًا في هذا اﻹصدار من نشرة الحرية اﻷكاديمية واستقلال الجامعة أن يتم التطرق إلى التغيرات التي طرأت خلال عام مضى في الجامعات المصرية، فهناك تصاعدً واضح للانتهاكات التي تقوم بها إدارات الجامعات على وجه الخصوص للحرية الأكاديمية للباحثين وأعضاء هيئة التدريس في جامعات مختلفة، وكذلك لا تتوقف الجهات الأمنية والتنفيذية عن التدخل في شئون الجامعات والعمل الأكاديمي. فما أبرز الملاحظات التي يمكن أن تفيد المتابعين في قراءة المشهد في الجامعات وزيادة جهودهم للدفاع عن الحرية اﻷكاديمية ؟

للمزيد..

الحرية الأكاديمية

جامعة قناة السويس تلغي رسالتي دكتوراة وماجيستير في العلوم السياسية

أعلنت جامعة قناة السويس عن إتخاذها قرارا بمنع رسائل علمية في مجال العلوم السياسية، في 29 ديسمبر 2015، ونشرت عديد من المواقع الصحفية تصريحات مختلفة لرئيس الجامعة ونائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث، تبرر القرار بتعارض الرسالتين مع “النظام العام للدولة” و”أحكام القضاء”.

ووفقا لما نشرته بوابة الوفد، فإن الدكتورة ناهد مصطفى، نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث، قالت أن “الرسالة الأولى كانت مقدمة من باحث فلسطيني لنيل درجة الدكتوراه من قسم العلوم السياسية بكلية التجارة، وكان موضوعها “الديمقراطية بين الفكر والممارسة لدى الإخوان المسلمين والسلفيين.. دراسة تحليلية لدى حزبي الحرية والعدالة والنور”، وتم إلغاء الرسالة بالكامل من مجلس الجامعة بعد توصية اللجنة الثلاثية التي تقتضي بأن موضوع البحث يتعارض مع النظام العام للدولة.  وأشارت مصطفى، في تصريحات صحفية، إلى ان الرسالة تم تسجيلها في فبراير سنة 2012، وأن الباحث كان أتمها بالكامل وكانت على وشك المناقشة إلا ان الجامعة ألغت مناقشتها.  وأضافت نائب رئيس الجامعة، أن الرسالة الثانية قدمتها باحثة مصرية لنيل درجة الماجستير بعنوان “الإخوان المسلمون وانتخابات مجلس الشعب المصري 2005″، وتم إلغاء الرسالة لأنها غير موضوعية وسياسية وتمس الدولة المصرية، وتم إحالة الأمر للشئون القانونية.  وقالت إن حيثيات إلغاء الرسالة جاء لاعتبار أن موضوعها يتعارض مع الأحكام القضائية النهائية بشأن اعتبار جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، فضلًا عن تعارض ما كتب بالرسالة عن النظام العام للدولة الذي يقتضي احترام الأحكام القضائية وسيادة القانون.  وأشارت إلى أن قرار مجلس الجامعة تضمن إيقاف المشرف الرئيسي عن الرسالتين عن التدريس بالدراسات العليا والبكالريوس ورفع اسمه وإحالته للتحقيق فيما ورد بالمذكرة المقدمة من مجلس الكلية”.

تعليق المؤسسة:

ترى مؤسسة حرية الفكر والتعبير أن قرار إلغاء رسالتي الدكتوراة والماجستير الذي اتخذه مجلس جامعة قناة السويس ينتهك الحرية اﻷكاديمية بشكل واضح. إذ يتمتع أفراد المجتمع الأكاديمي سواء بصورة فردية أو جماعية بالحرية في متابعة وتطوير ونقل المعارف واﻷفكار عن طريق الأبحاث أو التعليم أو الدراسة أو المناقشة أو التوثيق أو اﻹبداع أو الكتابة ، وفقا للتعليق العام رقم (13) للجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على المادة رقم (13) المتعلقة بالحق في التعليم من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وينبغي التأكيد على أهمية اقتران الحرية الأكاديمية بالالتزام بمعايير البحث العلمي،  ويوضح إعلان الحرية اﻷكاديمية 2005 أنه “على الرغم من أن كل واقع وطني يشكل بلا شك رؤيته الخاصة لمعنى وممارسة الحرية الأكاديمية، إلا أنه كحد أدنى يجب أن يخضع أداء أعضاء هيئة التدريس وتعبيرهم داخل قاعات الدرس وفي السياقات التعليمية اﻷخرى للتقدير المهني لزملاؤهم العلماء وحدهم”، فلا يجوز أن يترك تقييم الأعمال البحثية لجهة اﻹدارة غير المتخصصة في الحقل المعرفي محل البحث، ومن ناحية أخرى يشير نفس اﻹعلان إلى ضرورة أن يكون الأساتذة والطلاب في مأمن من “التدخل السياسي”، وذلك ما يبدو واضحا في التصريحات الرسمية التي صدرت عن جامعة قناة السويس، لتصادر على حق الباحثين في دراسة إحدى حركات الإسلام السياسي، بزعم أن الدولة قد حظرتها واعتبرتها جماعة إرهابية. وتلك حجة خارجة تماما عن أي إطار أكاديمي أو علمي، فالجامعات ومراكز الأبحاث في كافة الدول تهتم بدراسة التغيرات والتجارب التي تفرزها الحركات الإسلامية وعلى رأسها تنظيم داعش الذي يواجهه الجميع.

أما على المستوى القانوني، يخالف قرار جامعة قناة السويس نصوص القانون  رقم 49  لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات ولائحته التنفيذية، وإن كانت المادة (175) من قانون تنظيم الجامعات تنص على “مع مراعاة حكم المادة (36) يكون تسجيل رسائل الماجستير والدكتوراة وإلغاء التسجيل بموافقة مجلس الدراسات العليا والبحوث بناء على طلب مجلس الكلية أو المعهد بعد أخذ رأي مجلس القسم المختص “، إلا أن هذه السلطة مقيدة بمجموعة من الإجراءات التي تبينها نصوص القانون، أولها موافقة الجامعة على تسجيل الطلاب بمرحلة الماجستير والدكتوراة، ثم توضح نصوص اللائحة التنفيذية للقانون المراحل اللاحقة، مثل: تعيين المشرف على الرسالة، وتقديم المشرف على الرسالة تقريرا سنويا عن تقدم الطالب في دراسته إلى مجلس القسم، ويعقب الانتهاء من الرسالة تقديم تقرير آخر مشفوعا باقتراح تشكيل لجنة الحكم على الرسالة، ثم تشكيل اللجنة لمناقشة الرسالة  وفق معايير واضحة، ثم تصوغ اللجنة في تقارير علمية رأيها بقبول أو رفض الرسالة. والحالة الوحيدة التي يمكن فيها لمجلس الدراسات العليا والبحوث إلغاء قيد الطالب تكون باقتراح من مجلس الكلية بناء على تقارير المشرف على الرسالة، وفق المادة (102) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات، ما يعني أن للمشرف على الرسالة حق تقدير مدى التزام الطالب بخطة البحث والمعايير العلمية، ولا يمكن أن يتخذ مجلس الدراسات العليا والبحوث قرارا بإلغاء رسائل علمية، دون سند علمي متخصص يتمثل في توصية المشرف على الرسالة بذلك. ولكن جامعة قناة السويس قررت تجاوز كل هذه الإجراءات وإلغاء الرسائل عل نحو يخالف القانون، ويخالف أيضا المنطق، إذ أن طالب رسالة الدكتوراة مسجل منذ ثلاثة أعوام ويتم متابعة موضوع رسالته أكاديميا، وفجأة تقرر الجامعة إلغاء الرسالة والتحقيق مع المشرف، وفي حالة طالبة الماجستير، فقد عملت أيضا على رسالتها لعامين، وتم إهدار جهدها البحثي فجأة بقرار من إدارة الجامعة.

للمزيد: بوابة الوفد ، قانون تنظيم الجامعات

استقلال الجامعة

استمرار اعتراضات أساتذة الجامعة على طريقة احتساب رواتبهم

تواصل الجدل في المجتمع الأكاديمي حول طريقة احتساب رواتب أعضاء هيئة التدريس التي حددتها وزارة المالية بدءا من العام المالي الحالي، واتهمت النقابة المستقلة لأساتذة الجامعات، في 31 ديسمبر الجاري، وزارتي التعليم العالي والمالية بالتلاعب لتجميد رواتب أعضاء هيئة التدريس، على حد وصفها. ويتم احتساب الرواتب للعام المالي الحالي وفقا لقانون الخدمة المدنية الصادر بالقرار بقانون رقم 18 لسنة 2015، إذ تنص المادة (71) من القانون على “يستمر العمل بالأحكام والقواعد الخاصة بتحديد المخصصات المالية للعاملين بالوظائف والجهات الصادر بتنظيم مخصصاتهم قوانين ولوائح خاصة طبقا لجدول الأجور المقرر بها . ويستمر صرف الحوافز والمكافآت والجهود غير العادية واﻷعمال الإضافية، والبدلات وكافة المزايا النقدية والعينية وغيرها بخلاف المزايا التأمينية التي يحصل عليها الموظف، بذات القواعد والشروط المقررة قبل العمل بأحكام هذا القانون بعد تحويلها من نسب مئوية مرتبطة باﻷجر الوظيفي إلى فئات مالية مقطوعة في 30 / 6 / 2015 ”.

وجاء القرار بالقانون قم 32 لسنة 2015 بشأن ربط الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2015/2016، مستندا إلى قانون الخدمة المدنية، من حيث تحديد طريقة حساب البدلات والمكافآت، إذ تنص المادة (15) من قانون ربط الموازنة على ” تلتزم كافة الجهات الداخلة في الموازنة العامة للدولة والهيئات العامة الاقتصادية بصرف الحوافز والمكافآت والجهود غير العادية واﻷعمال اﻹضافية والبدلات وكافة المزايا النقدية والعينية وغيرها – بخلاف المزايا التأمينية – التي يحصل عليها الموظف بعد تحويلها من نسب مئوية مرتبطة باﻷجر الأساسي في 30 / 6 / 2015 إلى فئات مالية مقطوعة وبذات القواعد والشروط المقررة في ذات التاريخ ويلغى كل نص يخالف ذلك”. وبالتالي بدءا من يوليو الماضي لم تنعكس زيادة الأجر اﻷساسي لأعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة على المكافآت والبدلات التي يحصلون عليها وتشكل نسبة كبيرة من رواتبهم، مما أثار اعتراضات كبيرة من قبل الأساتذة وإدارات بعض الجامعات، خاصة أن وزارة المالية ألزمت كل الجامعات بتطبيق هذه القواعد في احتساب الأجور، ما حدا ببعض الجامعات إلى خصم الزيادات التي لا تتوافق مع القواعد الحسابية من أعضاء هيئة التدريس بأثر رجعي.

وبشأن رواتب اﻷساتذة المتفرغين تواصلت الاعتراضات أيضا، حيث يتم خصم ضرائب على رواتب الأساتذة المتفرغين باعتبار بد الجامعة الذي يحصلون عليه “مكافأة” وليس راتبا أساسيا، ما يخلف نسبة خصم من الراتب تصل إلى 20 % كضريبة على المكافأة. وقدم أساتذة متفرغون عدة شكاوى لإدارات الجامعات المختلفة اعتراضًا على استمرار الخصم، على الرغم من تكرار وزير التعليم العالي التأكيد على وقف كافة الخصومات، وهذا ما تنفيه إدارات الجامعات التي لم تتلقى ما يفيد ذلك من وزارة المالية أو وزارة التعليم العالي.

تعليق المؤسسة: يتعارض تدخل وزارة المالية في رواتب أعضاء هيئة التدريس والشئون المالية للجامعة مع مبادىء استقلال الجامعة. إذ تعرف توصية اليونيسكو بشأن أعضاء هيئات التدريس (عام 1997) استقلال الجامعة أنه “ذلك القدر من التمييز الذاتي اللازم لتمكين مؤسسات التعليم العالي من اتخاذ قرارات فعالة فيما يخص نشاطها الأكاديمي ومعايير عملها وإدارتها والأنشطة ذات الصلة بما يتفق مع نظم المحاسبة العامة، وخاصة فيما يتعلق باﻷموال التي توفرها الدولة..”. فالأصل هنا أن يتاح للجامعات تحديد أوجه اﻹنفاق والرواتب وغيرها من الشئون المالية، بشكل يضمن الشفافية والمحاسبة.  ومن ناحية أخرى، وفقا للفقرة رقم (60) من التوصية المشار إليها “ينبغي أن تدفع ﻷعضاء هيئات التدريس في التعليم العالي أجورهم على أساس جداول المرتبات التي توضع بالاتفاق مع المنظمات التي تمثل أعضاء هيئات التدريس في التعليم العالي”، وهذا ما تتغاضى عنه الحكومة المصرية وإدارات الجامعات، التي لا توفر فرصة لأعضاء هيئات التدريس للتفاوض والحوار حول رواتبهم ومستحقاتهم. ولما كان الدستور المصري ينص في مادته رقم (21) على أن “تكفل الدولة استقلال الجامعات…”، بات من الضروري الدفاع عن توفير رواتب أعضاء هيئة التدريس باعتبارهم يعملون في مؤسسات تعليم عالي مستقلة، لا ينبغي أن تنطبق عليها القواعد العامة التي يخضغ لها العاملون في مؤسسات الدولة.

للمزيد: توصية اليونيسكو بشأن أعضاء هيئات التدريس، المصري اليوم، الشروق، قانون الموازنة العامة، قانون الخدمة المدنية

المجتمع الأكاديمي

جامعة قناة السويس تمنع أعضاء هيئة التدريس من الظهور باﻹعلام دون إذن مسبق

حصلت مؤسسة حرية الفكر والتعبير على صورة ضوئية لقرار صادر عن رئيس جامعة قناة السويس، بتاريخ 17 نوفمبر 2015، بالتنبيه على أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة على عدم إصدار أو نشر أي مقالات أو موضوعات أو الظهور بأي من وسائل الإعلام إلا بعد الموافقة المسبقة من رئيس الجامعة. وأرجع رئيس الجامعة قراره إلى نص المادة (104) من القانون رقم 49 لسنة 1972، بشأن تنظيم الجامعات، ويشير نص القرار إلى تطبيق القانون على من يخالف هذه التعليمات، دون توضيح المخالفات التأديبية التي يستلزمها عدم الانصياع لقرار رئيس الجامعة.

تعليق المؤسسة: يخالف قرار رئيس جامعة قناة السويس مبادىء حرية التعبير المنصوص عليها في الدستور المصري والمواثيق الدولية، فالمادة (65) من الدستور المصري تكفل لكل إنسان الحق في التعبير عن رأيه بالقول، أو الكتابة، أو التصوير، أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر. كما تكفل المادة (19) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الحق في حرية التعبير، والتماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود. وأعضاء هيئة التدريس يتمتعون بكافة حقوق الإنسان المنصوص عليها دستوريا وعلى مستوى المواثيق الدولية، ومنها حرية التعبير.

يخالف القرار كذلك قانون تنظيم الجامعات، ولا محل هنا من الاستناد إلى المادة (104) من القانون لتقييد حرية التعبير، إذ تنص المادة على أنه ” لا يجوز لأعضاء هيئة التدريس أن يشتغلوا بالتجارة أو أن يشتركوا في إدارة عمل تجاري أو مالي أو صناعي أو أن يجمعوا بين وظيفتهم وأي عمل لا يتفق وكرامة هذه الوظيفة ولرئيس الجامعة منع عضو هيئة التدريس من مباشرة أي عمل يرى أن القيام به يتعارض مع واجبات الوظيفة وحسن أدائها”. وهذا النص ينصرف بشكل واضح إلى ممارسة عمل آخر، ولا يشتمل النص على تقييد حرية التعبير عن الرأي، ولا يتماشى تفسير رئيس جامعة قناة السويس لهذه المادة مع صحيح القانون والدستور،كما أنه يتجاهل الواقع، حيث يعبر عديد من أعضاء هيئة التدريس عن آرائهم يوميا في مقالات ومقابلات مع الصحف والمواقع والقنوات التليفزيونية.

للمزيد: الدستور المصري، العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية

(صورة ضوئية لقرار جامعة قناة السويس)

H

تابعونا على :

آخر التحديثات

للإشتراك في نشرة مؤسسة حرية الفكر والتعبير الشهرية

برجاء ترك بريدك الالكتروني أدناه.