للإطلاع على التقرير كاملًا من هنا
المقدمة
عمدت الدولة المصرية، منذ صيف عام 2013، إلى القضاء على كل أشكال التعبير الحر عن الرأي في كافة المجالات، حيث شنت حملات واسعة على حق المواطنين في التظاهر والتنظيم وحرية الصحافة والإعلام وعلى المجتمع الجامعي طلابًا وأعضاء هيئة تدريس وكذا على الأشكال المختلفة للتعبير الرقمي وحرية الإبداع. عملت الدولة خلال حملاتها تلك على غلق كافة المساحات التي كانت قد انفتحت، بشكل أو بآخر، عقب ثورة يناير. مستخدمة مسارات مختلفة في التعاطي مع حركة الناس وتنظيماتهم المختلفة، منها مسارات أمنية وتشريعية وقانونية وإدارية. كان المسار الأمني هو الطاغي خلالها بالطبع فلم تأبه إذا ما كانت اجراءاتها تلك قانونية أم لا، واستمرت حملات القمع مخالفة للدستور أو القوانين القائمة فضلًا عن عدائها الواضح لمبادئ حقوق الإنسان المتعارف عليها.
السمة الجديدة في هذا العام هي أن الدولة تعمل بجدية على تقنين إجراءاتها القمعية المشار إليها وإرساء خارطة جديدة للنظام الناشئ. فما بين تعديلات تشريعية في مجالات مختلفة منها ما يتعلق بتعديلات في قوانين الإجراءات الجنائية وغيرها مما ينشئ مجالس جديدة كنقابة الإعلاميين والمجلس الأعلى للإعلام وبين فرض لقانون الطوارئ في أبريل على كافة أنحاء البلاد بعد أن كان مفروضًا داخل سيناء فقط وتجديده لثلاثة شهور أخرى ثم التلاعب بالدستور في تجديده للمرة الثالثة. كان واضحًا من كل هذا أن النظام يؤسس خارطة جديدة ربما تمتد لسنوات ويقنن الإجراءات الأمنية التي اتخذت في سنوات ما بعد يوليو 2013.
السمة الأخرى البارزة هذا العام تتمثل في تغير نوعي في طبيعة الانتهاكات، أو بمعنى آخر، تخلل القمع في تفاصيل الحياة اليومية بعد أن كان منصبًا على الأفعال التي يمكن أن نطلق عليها أنشطة سياسية. فأصبحت الانتهاكات الموجهة ضد حرية التعبير نافذة في تفاصيل المجتمع بشكل أكبر، كما أن هذا النفاذ في التفاصيل اتخذ في معظمه منحى أخلاقي وقيمي يعبر عن طبيعة هذا النظام المحافظة؛ والأمثلة في هذا الشأن كثيرة، لم تبدأ مع قضية رفع قوس قزح وما تبعه من هجوم على مجتمع المثليين ولم ينته عند توقيع عقوبات على طلاب جامعيين بسبب تبادل الأحضان داخل الجامعة أو تنظيم حفلات أو ارتداء ملابس معينة، وكذا إحالة أعضاء هيئة تدريس للتحقيق بتهم تتعلق بحرية المعتقد بسبب كتاباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي أو تلك القرارات المتعلقة بحذف مشاهد معينة من أعمال تليفزيونية لأسباب أخلاقية.
أما السمة الثالثة، فتتعلق بالمعركة الكبيرة التي تخوضها الدولة على ملكية وتداول المعلومات خلال العام المنصرم، معركة من أجل تسييد صوتها وخطابها دون السماح لأي أصوات أخرى بالنفاذ للجمهور. لهذه المعركة محاور متعددة؛ الحجب، بالطبع يمكن قراءة حجب مئات المواقع داخل مصر في سياقات متعددة إلا أن أحدًا لا ينكر أن سببًا محوريًا لهذا الحجب هو أن الدولة لا تريد لهذه الأصوات أن تخرج للعلن، لا تريد نشر وتداول المعلومات إلا تلك التي تريد لها أن تنتشر. ومن ناحية أخرى، فإن الدولة عملت في هذا العام على إعادة هيكلة الهيئة العامة للاستعلامات وأسندت رئاستها لنقيب الصحفيين الأسبق، ضياء رشوان. من الواضح أن الدولة تريد أن تلعب الهيئة دورًا محوريًا في توجيه وتغذية الإعلام العالمي بمعلومات موجهة في ظل غياب معلومات بديلة. هذا كله إضافة إلى المواد المتعلقة بنشر المعلومات في قانون الإرهاب والتي تمثل تحديًا كبيرًا أمام المؤسسات الصحفية لخوفهم من سيف العقوبات المسلط عليهم إذا ما نشروا أي معلومات تتعلق بـ”الحرب على الإرهاب”. جنبًا إلى جنب، عمدت الدولة إلى الشروع في وضع قانون لتداول المعلومات، فهي من ناحية مضطرة لتنظيم الإفصاح عن المعلومات بشكل ما في مقابل التضييق الذي أشرنا إليه عاليه، ومن ناحية أخرى فهي –أي الدولة- تريد من خلال هذا القانون أن تبني أسس تداول المعلومات حسب قواعد النظام الجديد.
في هذا التقرير وتحديدًا في القسم الثاني منه نسعى إلى عرض السمات الثلاث المشار إليها آنفًا عن طريق التحليل وعرض الأمثلة فيما يتعلق بالملفات التي تعمل عليها المؤسسة، ثم ذيلناه بملحق يتناول بشكل مختصر أدوار الفاعلين. أما في قسم التقرير الأول نعرض الانتهاكات التي عملت وحدة الرصد والتوثيق على رصدها والتحقق منها، وأضفنا لها ملحقًا يعرض إحصائيات ورسوم بيانية لهذه الانتهاكات. ثم نختم التقرير بعدد من التوصيات لبعض الفاعلين.
للإطلاع على التقرير كاملًا من هنا