تصفية حسابات … (بروفايل تفصيلي عن استهداف الصيدلي المحبوس عمر محمود الحوت)

تاريخ النشر : الإثنين, 26 سبتمبر, 2022
Facebook
Twitter

إصدارات وحدة الرصد والتوثيق

 

منهجية

 

اعتمد البروفايل على شهادة عبر الإنترنت مع والد عمر محمود الحوت، الدكتور محمود الحوت، بالإضافة إلى شهادة تليفونية للمحامي أحمد معوض، وهو واحد من المحامين الذين قدموا الدعم القانوني  إلى الحوت في وقت مبكر من استهدافه، فضلًا عن المعلومات المتوفرة من وحدة المساعدة القانونية بمؤسسة حرية الفكر والتعبير والتي تقدم الدعم القانوني إليه حاليًّا.

خلفية

 

عمر محمود أحمد الحوت، 32 عامًا، كان طالبًا بالفرقة الرابعة بكلية الصيدلة جامعة الزقازيق وقت القبض عليه عام 2014،  ولكنه رسب ولم يستطيع دخول الامتحانات في تلك السنة، لكنه أتم دراسته الجامعية بعد ذلك في السجن وحصل على بكالوريوس في الصيدلة.

استهدفت السلطات الأمنية عمر الحوت، على خلفية نشاطه الطلابي في الجامعة، فقد كان عمر عضوًا في اتحاد الطلاب في جامعة الزقازيق. ولم يمنع توقفُه عن المشاركة في الأنشطة الطلابية منذ نوفمبر 2013 السلطات من ملاحقته والقبض عليه في 2014. قبض على عمر في مدينة نصر وخضع للتحقيق من قبل الأمن الوطني وفى قسم ثاني القاهرة الجديدة، وأخلت النيابة  سبيله بكفالة ورحل إلى الزقازيق لتنفيذ إخلاء السبيل، لتبدأ سلسلة من الاستهدافات القضائية تم اكتشافها أثناء تنفيذ إجراءات إخلاء سبيله بأنه مقيد على ذمة 5 قضايا، كان من بينها قضية التظاهر رقم 3557 لسنة 2013 كلي جنوب الشرقية  لعام 2013، والتي حصل فيها على 5 سنوات حبس و5 سنوات مراقبة. وبعد قضائه مدة العقوبة في سجن وادي النطرون في 5 يناير 2020، بدأت سلسلة من التدويرات استمرت إلى وقت كتابة هذه السطور على ذمة 6 قضايا، ليصل عدد القضايا التي حقق معه فيها إلى ما يقارب 12 قضية مختلفة، تشابهت فيها الاتهامات بشكل كبير.

جدير بالذكر أن والد عمر،  الدكتور محمود الحوت ألقي القبض عليه في 29 أكتوبر 2014، أي قبل القبض على عمر بشهر ولمدة سنة ونصف حتى 24 مايو 2015، بتهم التظاهر والمنشورات والانتماء إلى جماعة إرهابية. بينما حصل على البراءة فيما وُجِّه إليه من اتهامات في تلك القضية.

في هذا التقرير تحاول مؤسسة حرية الفكر والتعبير تسليط الضوء على الاستهداف الأمني والقضائي المطوَّل والمستمر لطالبٍ على خلفية نشاطه الطلابي داخل الجامعة، حتى بالرغم من تركه العمل العام قبل القبض عليه.

 

 

واقعة القبض على الحوت

 

ألقت قوة من الشرطة  القبض على عمر محمود الحوت، في 23 نوفمبر 2014  في صيدلية كان يعمل بها في حي مدينة نصر في الساعة الثامنة مساءً. بعد القبض عليه اصطحبته الشرطة إلى مسكنه في التجمع الثالث، وقاموا بتفتيشه والعثور على مذكرة تابعة لمركز النديم لمناهضة العنف والتعذيب. بعد ذلك أُخذ الحوت إلى قسم ثاني القاهرة الجديدة وتم استجوابه أولًا من قبل رئيس مباحث القسم في المحضر رقم 5736 لسنة 2014 إداري أول القاهرة الجديدة. كان التحقيق عن نشاطه السياسي منذ سنة 2009 وتاريخ انضمامه إلى الجمعية الوطنية للتغيير وثورة 25 يناير ودوره فيها داخل محافظة الشرقية بشكل خاص. وذلك بالرغم من انقطاع عمر عن أى نشاط  سياسي وطلابي وعن التظاهرات في 2013 حتى تم القبض عليه في نوفمبر 2014.

في اليوم التالي 24 نوفمبر عُرِض عمر على النيابة التي أمرت بحبسه 4 أيام على ذمة التحقيقات في القضية. وفي اليوم الرابع فوجئ عمر بأخذه إلى مكتب الأمن الوطني في التجمع الخامس بجوار قسم ثاني القاهرة الجديدة. تم التحقيق معه لمدة ساعتين. بدأ التحقيق بسؤاله عن صلته بجماعة الإخوان المسلمين، وانضمامه إلى الجمعية الوطنية للتغيير بالإضافة إلى موقفه من 30 يونيو ومشاركته في اعتصام أنصار الرئيس الأسبق محمد مرسي بميدان رابعة العدوية شرق القاهرة.

أخبر ضابطُ الاستجواب عمرَ بأنه على علمٍ بتركه التنظيمَ والعملَ السياسي والطلابي منذ عام ونصف ولكن “دي حاجات قديمة وبتتحاسب عليها”، وفقًا لرسالة بعث بها عمر إلى والده حينذاك.

تم إخلاء سبيل الحوت بكفالة مالية قدرها عشرة آلاف جنيه في الثاني من يناير 2015 وتم ترحيله إلى قسم ثاني الزقازيق يوم 5 يناير لتنفيذ الإخلاء. تفاجأ عمر بأنه  مقيد على ذمة 5 قضايا. حكم عليه في اثنتين من هذه القضايا بأحكام غيابية بالحبس، وتحمل هذه القضايا أرقام 3389 لسنة 2013 جنايات كلي جنوب الزقازيق، ورقم 2685 لسنة 2013 جنايات جزئي جنوب الزقازيق، وفيما بعد قدم عمر إعادة إجراءات وحصل على البراءة في القضيتين. كما حصل على البراءة في قضيتين بأرقام 3560 لسنة 2013 جنايات كلي  جنوب الزقازيق، 3670 جنايات كلي جنوب الزقازيق، وفقًا للمحامي أحمد معوض، والذي كان واحدًا من فريق الدفاع عن الحوت في تلك المرحلة.

 

 

الحكم على الحوت بـ 5 سنوات

 

في القضية الخامسة والتي حملت رقم 3557 لسنة 2013 كلي جنوب الشرقية  لعام 2013، وجهت النيابة إلى الحوت بالاضافة إلى 54 شخصًا اتهامات، من بينها التجمهر وقطع طريق واستعراض القوة والتلويح بالعنف وإتلاف ممتلكات عامة وخاصة ومقاومة السلطات. أحيلت القضية إلى محكمة جنايات الزقازيق في 4 فبراير 2014. وتم الحكم عليه في 26 مايو 2015 بـ 5 سنوات سجنًا و5 سنوات مراقبة.  قضى عقوبته في سجن وادي النطرون. واستكمل دراسته في كلية الصيدلة أثناء سجنه.

 

سلسلة من التدوير اللانهائي

 

  • بعد قضائه عقوبة الحبس 5 سنوات التي انتهت في 5 يناير 2020، رُحِّل الحوت من سجن وادي النطرون إلى قسم شرطة أبو كبير لتنفيذ إجراءات إطلاق سراحه، ولكن رفض القسم تنفيذ إطلاق السراح واحتجزه بشكل غير قانوني. وفي 28 فبراير 2020 أي بعد حوالي 50 يومًا من ترحيله إلى القسم وانتهاء فترة حبسه، عرض على المحضر رقم 1607 لسنة 2020 جنح أمن الدولة، أبو كبير. ووجهت النيابة إليه تهمًا بالانضمام إلى جماعة إرهابية والترويج لأفكارها وحيازة مطبوعات. وفي 27 يوليو 2020 حكمت المحكمة عليه بالسجن لمدة شهرين وغرامة 500 جنيه.
  • استمر حجزه في مركز شرطة أبو كبير، بالرغم من إرسال والده الدكتور محمود الحوت تلغرافات استغاثة إلى النائب العام للإفراج عن عمر وخوفًا من تدويره. ومع ذلك تم عرضه على ذمة القضية رقم 3139 لسنة 202 جنح أمن الدولة طوارئ أبو كبير، والتي حكمت عليه في 28 نوفمبر 2020 بالحبس شهرين وغرامة 50 جنيهًا على ذمة اتهامه بالانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أفكارها.
  • في 28 ديسمبر 2020 عرض الحوت على محضر رقم 4071 لسنة 2020 جنح أمن الدولة طوارئ أبو كبير، بتهمة الانضمام إلى جماعة إرهابية والترويج لأفكارها. وقررت النيابة حبسه 15 يومًا على ذمة التحقيقات قبل أن تُحال القضية إلى محكمة جنح أمن الدولة طوارئ أبو كبير، والتي حكمت في 30 يناير 2021 عليه بالحبس شهرين وغرامة 500 جنيه.
  • للمرة الرابعة بعد قضائه مدة حبسه الخمس سنوات، يتم تدوير عمر الحوت وذلك من خلال عرضه على المحضر رقم 1144 لسنة 2021 جنح أمن دولة طوارئ أبو كبير يوم 24 مارس 2021، وحكمت عليه محكمة أمن دولة طوارئ أبو كبير في 26 مايو 2021 بالسجن ثلاثة شهور بتهم الانضمام إلى جماعة إرهابية والترويج لأفكارها من خلال مطبوعات لتعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة وسلطاتها العامة من ممارسة أعمالها، وتمت مصادرة تلك المطبوعات أثناء القبض عليه من منزله.
  • استمر احتجاز الحوت غير القانوني في مركز شرطة أبو كبير بدلًا من إطلاق سراحه بعد قضائه حكم الحبس ثلاثة شهور، حتى عرض على نيابة مركز أبو كبير في 13 يوليو 2021 والتي أمرت بحبسه 15 يومًا على ذمة التحقيقات في المحضر رقم 1873 جنح أمن دولة طوارئ مركز أبو كبير، قبل أن تُحال القضية إلى محكمة جنح أمن دولة طوارئ أبو كبير، التي حكمت في 11 سبتمبر 2021 عليه بالسجن شهرين وغرامة 500 جنيه.
  • في 24 نوفمبر 2021 وبعد إنهاء عقوبته في المحضر 1873 لسنة 2021 جنح أمن دولة طوارئ أبو كبير، تم إدراجه في محضر جديد برقم 24978 لسنة 2021 جنح أبو حماد باتهامات مكررة (الانضمام إلى جماعة إرهابية) ثم رُحِّل إلى مركز شرطة أبو حماد وقررت نيابة جنوب الزقازيق حبسه 15 يومًا على ذمة التحقيقات.

 

القضية المحبوس الآن على ذمة التحقيقات فيها 

 

 لم تتوقف الانتهاكات عند هذا الحد ضد عمر الحوت، فمع حلول 8 ديسمبر 2021، بدأت سلسلة من التجديدات المستمرة للحوت، 15 يومًا في كل يوم عرض. كان آخرها في 16 مارس 2022 عندما قررت نيابة جنوب الزقازيق تجديد حبس عمر 15 يومًا وإحالته إلى غرفة المشورة. وفي 13 إبريل 2022 قررت محكمة جنايات الزقازيق (غرفة المشورة) تجديد حبس عمر 45 يومًا على ذمة المحضر رقم 24978 لسنة 2021 جنح أبو حماد.

وأثناء هذه التجديدات ونظرًا إلى معاناته من آلامٍ أسفل الظهر وصعوبة الحركة على قدميه، طالب المحامون بعرضه على الأطباء ووافقت النيابة على عمل أشعة رنين مغناطيسي على عموده الفقري التي أثبت تقريرُها إصابته بانزلاق غضروفي قطني. ورغم ذلك جددت غرفة المشورة حبسه 45 يومًا.

في 25 مايو 2022 قررت محكمة جنايات الزقازيق (غرفة المشورة) إخلاء سبيل عمر محمود الحوت، بضمان محل إقامته، على ذمة تحقيقات القضية رقم 24978 لسنة 2021 جنح أبو حماد. ولكن في نفس اليوم استأنفت النيابة قرار إخلاء السبيل. وفي اليوم التالي قبلت محكمة الجنايات الاستئناف وتم إلغاء قرار إخلاء سبيل الحوت وتَجدَّد حبسه لمدة 45 يومًا على ذمة تحقيقات في القضية.

استمرارًا لاستخدام التدوير كوسيلة للتنكيل والانتقام ولإبقاء الحوت داخل أسوار السجون، جددت محكمة الجنايات بالزقازيق (الدائرة الرابعة) في 4 يوليو 2022 حبس الحوت لمدة 45 يومًا على ذمة نفس القضية. والتي هي سادس قضية يتم إدراج اسمه فيها بعد الحكم عليه بخمس سنوات. وتستمر المحكمة في التجديد لعمر 45 يومًا على ذمة نفس القضية حتى كتابة سطور هذا التقرير.

 

وبذلك تم تدوير عمر بعد قضائه عقوبة الخمس سنوات على ذمة ست قضايا كالتالي: 

  1.  قضية رقم 1607 لسنة 2020 جنح أمن الدولة، أبو كبير. وحكمت المحكمة عليه بشهرين مع غرامة 500 جنيه في 27 يوليو 2020.
  2. قضية رقم 3139 لسنة 2020 جنح أمن دولة طوارئ أبو كبير. وحكمت المحكمة بالسجن شهرين وغرامة 50 جنيهًا في 28 نوفمبر 2020.
  3. قضية رقم 4071 لسنة 2020 جنح أمن دولة طوارئ أبو كبير: حكمت المحكمة بالحبس شهرين وغرامة 500 جنيه في 30 يناير 2021.
  4. قضية رقم 1144 لسنة 2021 جنح أمن دولة طوارئ أبو كبير: حكمت المحكمة بالسجن ثلاثة شهور يوم 26 مايو 2021.
  5. قضية رقم 1873 جنح أمن دولة طوارئ أبو كبير: حكمت المحكمة بالسجن شهرين وغرامة 500 جنيه في 11 سبتمبر 2021.
  6. محضر رقم 24978 لسنة 2021 جنح أبو حماد: سلسلة من التجديدات آخرها تجديد 45 يومًا من جانب محكمة جنايات الزقازيق (الدائرة الرابعة) في 4 يوليو 2022.

 

خاتمة وتوصيات

 

دأبت الأجهزة الأمنية والسلطات القضائية على ضمان استمرار تقييد حرية الصيدلي عمر محمود الحوت، على مدار 8 سنوات متصلة، عبر استمرار تدويره على ذمة قضايا مختلفة بعد انتهائه من تنفيذ الأحكام التي يتعرض لها من قبل محاكم أمن الدولة العليا طوارئ، بدأها منذ أن كان طالبًا في السنة الرابعة في كلية الصيدلة، التي تخرج فيها وهو محبوس. وحسب ما قيل للحوت في أول استجواب تعرض له في مكتب الأمن الوطني بالقاهرة الجديدة، فإن نشاط الحوت الطلابي وبخاصة ما كان متعلقًا بتمثيله طلاب جامعته عبر انتخابه عضوًا في اتحاد طلاب جامعة الزقازيق كان السبب الرئيسي في هذا الاستهداف.

إن مؤسسة حرية الفكر والتعبير تدين استخدام المحاكم الاستثنائية وقرارات الحبس الاحتياطي في عقاب طالب على خلفية تعبيره عن رأيه ونشاطه السلمي المشروع داخل جامعته، وتطالب النائب العام بسرعة وقف التنكيل بالحوت والإفراج الفوري عنه.

 

للإشتراك في نشرة مؤسسة حرية الفكر والتعبير الشهرية

برجاء ترك بريدك الالكتروني أدناه.