مقدمة
تهتم مؤسسة حرية الفكر والتعبير بقضايا الحرية الأكاديمية والحقوق الطلابية من خلال برنامج الحرية الأكاديمية بالمؤسسة، وفي ظل ما تشهده الجامعات المصرية من تدهور في كافة جوانبها، وتمثل ذلك فى اختناق الحياة الأكاديمية وإهدر حرية البحث العلمي وحرية الرأي والتعبير، ومما أدي إلي جانب أسباب أخرى إلى خروج الجامعات المصرية من قائمة أفضل خمسمائة جامعة على مستوي العالم.
ومن خلال متابعتنا لأحوال الجامعات المصرية، وجدنا الكثير مما يعيق ويهدر استقلال الجامعات بدءاً من القيود التشريعية ومن أبرزها قانون تنظيم الجامعات الذي يخالف في الكثير من مواده ما تضمنه الدستور المصري في مادته رقم 18 على ضمان استقلال الجامعات، كما خالف ما نصت عليه الاتفاقيات والمعاهدات الدولية بشأن الحرية الأكاديمية والجامعية. هذا بخلاف القوانين والتشريعات التي تقيد حرية إجراء البحوث الميدانية.
كما تتعرض للعديد من القيود والانتهاكات أبرزها التدخلات الأمنية وممارستها الغير مقبولة، سواء من خلال الدور السياسي للأمن، المتمثل في، اضطهاد الطلاب وأعضاء هيئة التدريس المعارضين للحكومة، هذا بالإضافة للتدخل في عدد من الجوانب المتعلقة بالبحث العلمي، مثل رفض الأمن للعديد من الندوات والمؤتمرات، وهناك العديد من الأمثلة على تلك الممارسات، كما استفحل دور التدخل الأمني في كافة جوانب العمل الجامعي مثل عدم الموافقة على تكليف المعيدين إلا بعد الحصول على موافقة من الأمن.
ويعتبر هذا الكتيب أول مطبوعة صادرة عن برنامج الحرية الأكاديمية بمؤسسة حرية الفكر والتعبير، وهو يستعرض عدداً من العلامات البارزة على طريق الاهتمام بمسألة الحرية الأكاديمية واستقلال الجامعات. ويتضمن الكتيب ما يأتى:
أولاً: الاتفاقية الخاصة بمكافحة التمييز في مجال التعليم التى اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة في 14 ديسمبر 1960، في دورته الحادية عشرة.
وتؤكد هذه الاتفاقية على أن التمييز، يمثل انتهاكا للحقوق التي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وإن منظمة اليونسكو، تؤكد أن احترامها للتنوع في النظم التعليمية الوطنية، لا يجوز أن يخل بالتزامها – ليس بتحريم أشكال التمييز في نطاق التعليم على اختلافها فحسب – بل كذلك بالعمل على إرساء التكافؤ في الفرص والمعاملة المتساوية على صعيد التعليم، ليكون حقا مكفولا لكل إنسان. ذلك أن أشكال التمييز – على تباينها – تكتنفها مخاطر بعيدة آثارها. وكان لازما بالتالي أن يتناولها تنظيم دولي، ينهى كافة صورها غير المبررة.
ثانيا: إعلان ليما بشأن الحرية الأكاديمية واستقلال مؤسسات التعليم العالي صدر هذا الإعلان في ديسمبر من عام 1988 وقد نشأت الفكرة الأصلية للإعلان عن حلقة تدريبية عقدتها \”الخدمة الجامعية العالمية\” في نانتس في عام 1984، وهي الحلقة التي استحدثت برنامجاً جديدا هو: – \”التضامن والتعاون بين الجامعات\”– برعاية لجنة شكلت لهذا الغرض. والتى طالبت – بعد تنظيم حلقة تدريبية في مدريد في سبتمبر 1986- بتقديم اقتراح مشروع إعلان.
وقد نبعت فكرة الإعلان من إدراك أنه على الرغم من وجود صكوك وتوجيهات شاملة في مجال حقوق الإنسان بوجه عام، إلا أنها كانت تفتقد الصكوك والتوجيهات في ميدان التعليم العالي وحرية الجامعات واستقلالها بوجه خاص.
وقد كتب مشروع الإعلان في يناير 1987، بالتشاور مع الشبكة الدولية للجان الوطنية التابعة \” للخدمة الجامعية العالمية\”، سواء على المستوى الوطني أو الإقليمي. كما أرسل المشروع إلى أكثر من خمسين منظمة متخصصة لتقديم ملاحظاتها عليه.
ثالثاً: إعلان كامبالا بشأن الحرية الفكرية والمسؤولية الاجتماعية 1990صدر هذا الإعلان نتاج التهديدات التي تواجهها الحرية الفكرية في إفريقيا، والأزمة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تمر بها، ومستمرة في إضعاف التطور في كافة المجالات، يصاحب ذلك قمع سياسي متزايد ونشر الفقر والمعاناة الإنسانية على نطاق واسع.
ويشير الإعلان إلي أن النضال من أجل الحرية الفكرية هو جزء لا يتجزأ من كفاح الشعوب من أجل حقوق الإنسان، ومن أجل الديمقراطية.
وقد تناول هذا الإعلان مجموعة من الحقوق والضمانات مقسمة ضمن أربع فصول، تناول الفصل الأول الحقوق والحريات الأساسية، حيث تضمن:
(أ) الحقوق والحريات الفكرية، (ب) الحق في إنشاء التنظيمات المستقلة، (ج) الحكم الذاتي للمؤسسات.
أما الفصل الثاني من الإعلان فقد تناول التزامات الدولة، ومن أبرز المواد التي تضمنها هذا الفصل هو المادة رقم 14 التي تضمنت عدم جواز قيام الدولة بنشر أى قوات عسكرية أو قوات الدفاع المدني أو قوات الأمن أو المخابرات أو أي قوات مشابهة داخل مباني وأراضي المؤسسات التعليمية.
وتناول الفصل الثالث من هذا الإعلان المسئولية الاجتماعية التي تقع على عاتق المفكرين والباحثين والأكاديميين (ما يطلق الإعلان بالمجتمع الفكرى)، وتناول في الفصل الرابع تحت عنوان التنفيذ الدور الذي يمكن أن يلعبه المجتمع الفكري في تنفيذ هذا الإعلان وتطويره.
وأخيراً أكد هذا الإعلان على مجموعة من التوصيات منها ما يتعلق بالدولة والحرية الأكاديمية، ومنها ما يتعلق بحرية أهل الفكر والحرية الفكرية.
رابعاً: التعليق العام رقم 13الحق في التعليم (المادة 13) صدر التعليق رقم 13 عن اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الدورة الحادية والعشرون عام 1999. ويعد هذا التعليق التفسير القانوني الرسمي لنص المادة رقم 13 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، المتعلقة بالحق في التعليم، حيث تتكون اللجنة المعنية سالفة الإشارة من الخبراء والمستقلين المسئولين عن تفسير ومتابعة تنفيذ أحكام العهد.
هذا وقد تناولت اللجنة مجموعة من الحقوق والضمانات أهمها أهداف التعليم وأغراضه، والحق في التعليم العالي، والحق في حرية التعليم، وعدم التمييز وتحقيق المساواة في المعاملة، والحرية الأكاديمية واستقلال المؤسسات.
خامساً: إعلان عمان للحريات الأكاديمية واستقلال مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي والذى صدر عن مؤتمر الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية، الذي انعقد بدعوة من مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان في عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية يومي 15 و 16 كانون الأول 2004، بمشاركة نخبة من المفكرين ورؤساء وأساتذة الجامعات وباحثين من مختلف الجامعات العربية.
وقد تضمن الإعلان مجموعة من المبادئ التي يجب توافرها وحمايتها في مجال الحرية الأكاديمية.
سادساً: ترجمة للمؤتمر العالمي الأول لرؤساء الجامعات الذي أنعقد في جامعة كولومبيا يومي 18- 19 يناير 2005، كحلقة في سلسلة من الملتقيات السنوية لتكوين شبكة عمل دولية للجامعات. وقد حضر المؤتمر أكثر من 40 من رؤساء وأساتذة الجامعات.
وقد ركز المؤتمر على قضيتين أساسيتين هما الهجرة الدولية كعامل أساسى من عوامل العولمة، والحرية الأكاديمية كدعامة أساسية لأى جامعة، واجتمع المشاركون فى جلسات متزامنة لمناقشة كلا القضيتين قبل اجتماعهم مرة أخرى فى جلسات عامة برئاسة كوفى عنان.
وتهدف المؤسسة من ترجمة هذه الوثيقة التعرف على ما تم الاتفاق عليه فى هذا المؤتمر من خلق شبكة من رؤساء الجامعات والمؤسسات الأكاديمية، لتجتمع بشكل دوري ومنتظم بغرض مناقشة أهم القضايا التي تواجه المجتمع الدولي.
ونتج عن هذا المؤتمر إعلان الحرية الأكاديمية في 26 مايو 2005 وقد تضمن الإعلان الغرض من الجامعات، ومبادئ الجامعة، معني وتعريف وأهمية الحرية الأكاديمية، وحق الأساتذة والطلاب، ومسئوليات الأكاديميين، وحقوق الجامعات.
وأخيراً
ويمثل صدور هذا الكتيب خطوة في إطار دعم المطالب الديمقراطية المتصاعدة داخل الجامعات المصرية التي تنادي باستقلال المؤسسات التعليمية إدارياً وسياسياً عن الدولة التي دأبت على استخدام التدخلات الأمنية في الشئون الجامعية سواء المتعلقة بأعضاء هيئة التدريس أو الطلاب.
وإعاقة إجراء البحوث الجادة وخاصة الجانب الميداني منها بوضع العراقيل أمامها.
يهدف برنامج الحرية الأكاديمية بالمؤسسة بإصدار هذا الكتيب إتاحة أداة معرفية بنتائج نضالات الجامعات بالخارج لتنير الطريق أمام المجهودات النابضة داخل الجامعات المصرية الطامحة إلي السير في ذات الطريق، آملين أن تكون هذه المجهودات حلقة من حلقات النضالات على المستوي العالمي نحو الاستقلال والحرية الأكاديمية للجامعات.
كما يهدف البرنامج من هذا الكتيب أن يساهم في توسيع الدائرة المعرفية الحقوقية المتعلقة بمجال الحرية الأكاديمية لتكون تحت تصرف المعنيين والمهتمين بهذا المجال.
عماد مبارك
وثائق حول الحرية الأكاديمية
واستقلال الجامعات
2006
المؤتمر العالمي الأول
لرؤساء الجامعات
جامعة كولومبيا *
<!–[if !vml]–><!–[endif]–>*ترجمة مؤسسة حرية الفكر والتعبير.
18-19 يناير 2005
كحلقة في سلسلة من الملتقيات السنوية لتكوين شبكة عمل دولية لجامعات البحث. انعقد المؤتمر العالمي الأول لرؤساء الجامعات بجامعة كولومبيا في 18- 19 يناير 2005. وقد تشرفت الجلسة الافتتاحية بحضور أكثر من 40 من رؤساء وأساتذة الجامعات.
واستجابة لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة لمزيد من المشاركة من قبل المجتمع الأكاديمي الدولي في البحث في قضايا السياسة الدولية العامة، أطلقت خمس جامعات من نيويورك الدعوة للمؤتمر العالمي الأول لرؤساء الجامعات. وقد قام هذا العام 15 من رؤساء الجامعات بالتحاور في موضوع الحرية الأكاديمية في التعليم العالي، بينما اجتمع الخبراء من ممثلي الجامعات لمناقشة القضايا الملحة الخاصة بالتعاون في مجال الهجرة الدولية.
وفي استهلال الجلسة الافتتاحية العامة للمؤتمر قام رئيس جامعة كولومبيا لي سي بولينجر Lee C. Bollinger بالترحيب بزملائه من جامعات أوروبا وآسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية وأستراليا، ثم أكد على الأهمية الملحة للتعاون بين الجامعات قائلاً: \”في أيام تتسم بالإيقاع السريع للعولمة، وفي عالم يزداد اتصال أجزاؤه على نحو متسارع، تقع على عاتقنا مسئوليات جمة لتوجيه خبراتنا البحثية والمعرفية المشتركة صوب إيجاد حلول للتحديات في جميع أنحاء العالم\”.
وسوف يعني المؤتمر العالمي الأول لرؤساء الجامعات بخلق شبكة من رؤساء الجامعات والمؤسسات الأكاديمية لتجتمع بشكل دوري ومنتظم بغرض مناقشة أهم القضايا التي تواجه المجتمع الدولي.
وسيجتمع رؤساء الجامعات كل عام للتركيز على قضايا مباشرة تخص المجتمع الأكاديمي ، بينما يناقش الخبراء من أعضاء هيئات التدريس بالجامعات التحديات الرئيسية في السياسة الدولية- التي وقع عليها الاختيار بناء على توصية من الأمين العام للأمم المتحدة. وسوف تتناوب الجامعات الخمس الرئيسية المنظمة للمؤتمر استضافته كل عام وهم: جامعة كولومبيا، جامعة نيويورك، جامعة برنستون، جامعة بنسلفانيا وجامعة يال. ولا ننسي تقديم جزيل الشكر \”لمؤسسة ويليام آند فلور هيوليت\” الراعي الرئيسي للمؤتمر
وقد ترأس الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان الجلسة الافتتاحية لمناقشة كلا من القضيتين: \”الحرية الأكاديمية\” و\”الهجرة الدولية\”، كما ألقي خطاب على الحضور في العشاء الافتتاحي مؤكدا على توقعاته وآماله من المؤتمر العالمي، مشيرا كذلك إلى نتائج تقريريه عن الإصلاح الصادرين مؤخراً (مذكور أدناه)
استهل كوفي عنان خطابه قائلا: \” من أوائل الخطب التي ألقيتها بعد تولي منصبي كانت أمام مجموعة متميزة من رؤساء الجامعات من جميع أنحاء العالم. ومنذ البداية، كنت متيقنا أن الجامعات هم شركاء بالغي الأهمية لمنظمة الأمم المتحدة- وهو ما ثبت صحته – وانتم كمعلمين، وجامعين للعلوم ومنتجين للمعرفة، وكأناس منخرطين بعمق في إعانة العالم على مواجهة قضاياه المعاصرة، قد أضحى دوركم غاية في الأهمية.
وليس هذا المؤتمر العالمي إلا مثال آخر على الروابط المثمرة التي قمنا على تقويتها خلال السنوات الماضية، وآمل أن يصبح تقليداً من تقاليد العالم.\”
وأضاف عنان: \”في مستهل عام من شأنه أن يأتي بتغييرات جذرية ليس فقط بالنسبة للأمم المتحدة، وإنما أيضا بالنسبة للعالم والطريقة التي ينتهجها في تناول التحديات والتهديدات التي يواجهها، قررت الدول الأعضاء عقد قمة في سبتمبر لمراجعة التقدم المحرز في تنفيذ إعلان الألفية، والذي، كما تعلمون، اعتمدته قمة الألفية قبل خمس سنوات مضت. وأني لآمل أن يستغل قادة العالم الشهور التالية لعقد مناقشات جادة، ليصلوا في سبتمبر المقبل مستعدين لطرح رؤى جريئة حول مستقبلنا المشترك.\”
وفي توصياته الخاصة للقمة المقبلة، سيقوم كوفي عنان بوضع تقريرين أساسيين: تقرير المجموعة رفيعة المستوى حول التهديدات والتحديات تحت عنوان \”عالم أكثر أمنا\”، وتقرير مشروع الألفية. وقد أشاد كوفي عنان بعمل المجموعة رفيعة المستوى في وضع تعريف للإرهاب، آملا – على وجه الخصوص – في قبول هذا التعريف قبولا جماعيا من قبل المجتمع الدولي، حيث اتفق على هذا التعريف خبراء من جميع أنحاء العالم.
وفيما يتعلق بالتهديدات التي يواجهها العالم اليوم، أكد عنان على أن حكومات العالم لم يعد في إمكانها تحمل نتائج تجاهلها لأزمات المواطنين في الأمم الأخرى، وأعرب كذلك عن آماله في استمرار مجلس الأمن في أداء دوره في حماية المواطنين حين تعجز حكوماتهم عن أداء هذا الدور أو تأبى ذلك. كما أشار بجهد \”لجنة إيفانز ساهنون\” Evans-Sahnoun Commission في إيجاد معيار عالمي واعد لما يسمي \”واجب الحماية\”.
بالإضافة إلى مناقشته لتغييرات أخرى من شأنها أن تحرك المجتمع الدولي صوب نظام أمن جماعي أقوى، ذاكرا إمكانية إصلاح مجلس الأمن ليعكس على نحو أفضل الموقف الدولي لعالم اليوم.
وفيما يتعلق بتقرير مشروع الألفية، أكد عنان على الصلة بين الأمن والتنمية، وكذلك رحب بما جاء به التقرير من \”أفكار لمساعدة هؤلاء الذين سقطوا خلفا.\” “Ideas to help those who have fallen behind.” ورداً على سؤال بخصوص مدى نطاق الأجندة المطروحة في التقريرين، أكد الأمين العام على يقينه من إمكانية تحقيق أهداف كلا التقريرين.
وقد صرح بنيته في إصدار تقرير في مارس لعرض أولويات العمل صوب تحقيق الأهداف التنموية للألفية، مشيرا على وجه الخصوص إلى الحاجة الشديدة لمضاعفة المبلغ المقرر حاليا لإعانات التنمية من 50 بليون دولار ليصل إلى 100 بليون دولار.
وقد رحب عنان ترحيبا خاصا بمشاركة المجتمع الأكاديمي في مساعدة الأمم المتحدة في عملها، قائلاً: \”يتضمن العام القادم الكثير والكثير مما يمكن أن يساهم به رؤساء الجامعات، وآمل أن تستمروا فيما أنتم بالفعل تقومون به على أكمل وجه وهو: حفز وتشجيع الطلبة وأعضاء هيئة التدريس والمجتمعات التي تعملون بها على الانخراط والعمل معا من أجل مصلحة البشرية جمعاء\”
وختم الأمين العام ملحوظاته بمناقشة مختصرة حول زيارته لآسيا إثر كارثة تسونامي. معربا عن إعجابه العميق بالتعاون الذي أبداه ضحايا الكارثة على المستويين المحلي والحكومي لإعادة بناء مجتمعاتهم، وخاصة ما كان في قمة الحكومات الآسيوية المنعقدة في جاكرتا والجهود اللاحقة لتنمية المصادر المالية. مؤكداً على الحقيقة القائلة \”بأن الأفقر هم الأكثر صلابة غالبا\”. مؤكداً كذلك على الحاجة إلى المزيد من مساعدات المجتمع الدولي.
ركز المؤتمر على قضيتين أساسيتين: الهجرة الدولية كعامل أساسي من عوامل العولمة، والحرية الأكاديمية كدعامة أساسية لأى جامعة بحث وتعليم. وأجتمع المشاركون في جلسات متزامنة لمناقشة كلا القضيتين قبل اجتماعهم مرة أخرى في جلسة عامة برئاسة كوفي عنان.
وقد تولت الجلستان العامتان مسئولية صياغة إعلانين لإلقاء الضوء على نتائج مناقشاتهم. كما وجهوا الدعوة لرؤساء الجامعات الأخرى والخبراء في مجال الهجرة الدولية للانضمام ودعم الإعلانين.
إعلان الحرية الأكاديمية
26 مايو 2005
I.
مجال الحرية الأكاديمية
الغرض من الجامعات
يدرك المجتمع الدولي الدور الهام الذي تلعبه الجامعات ومؤسسات البحث والتعليم العالي في المجتمع. لذلك فمن المتوقع حقا من كافة الدول توفير التعليم العالي كإنجاز لالتزاماتها بموجب المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948)، والمادة 13 فقرة 2 (ج) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (1966).
تعتمد المجتمعات الحديثة في الوقت الراهن على الجامعات التي أضحت تتحمل مسئوليات أعظم مما تحملته في أى وقت مضى.
فيناط بالجامعات مسئولية حفظ معارف الماضي ونقلها للجيل التالي، وتعليم مواطني ومدرسي وقادة المستقبل، وتربية السعي وراء اكتشاف معارف جديدة التي من شأنها إما أن تدعم أو أن تدحض ما هو موجود بالفعل من أفكار ومعايير. وهذا كله بغرض تعميق الفهم الإنساني وتحسين حالة البشرية.
كذلك فإن الجامعة تقوم بوظيفة المحرك الأساسي للتنمية الاقتصادية، ودعم الاختراع التكنولوجي والعلمي، وحفز الإبداع في الفنون والآداب، ومخاطبة القضايا العالمية الطارئة مثل الفقر، والمرض، والصراع السياسي العرقي والتدهور البيئي.
مبادئ الجامعة
في المؤتمر الدولي الذي عقدته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة \”اليونسكو\” عام 1950 بمدينة نيس، أعلنت جامعات العالم عن ثلاثة مبادئ رئيسية على جامعات العالم أجمع الالتزام بها وهي:
– الحق في السعى للمعرفة من أجل المعرفة والوصول في البحث عن الحقيقة حيثما يؤدي هذا البحث.
– التسامح مع الاختلاف في الآراء وتحريره من التدخل السياسي.
– الالتزام كمؤسسة اجتماعية، عن طريق التعليم والبحث، بتعزيز مبادئ الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية والتضامن الإنساني ووجوب تطوير مادة متبادلة ومساعدة معنوية على المستوى الدولي.
وتدل تلك المبادئ على الدور المركزي الذي يلعبه البحث والتعليم الجامعي في التنمية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات. وتنطبق المبادئ على كافة الجامعات سواء الحكومية أو التي تشرف عليها الحكومات أو المؤسسات الخاصة.
II.
معني الحرية الأكاديمية
إرساء الحرية الأكاديمية
إن المبادئ التي تقوم عليها وتلتزم بها الجامعات والأنشطة الأكاديمية معترف بها على نطاق واسع. وهى محددة معنويا وقانونيا وسياسيا بالقيم التي يمثلها دور العلماء في كافة العلوم الأكاديمية (بما يشمل العلوم الإنسانية والطبيعية والبيولوجية والاجتماعية، والفنون، والهندسة، والقانون والطب، الخ) كأساتذة، وكذلك الجامعات التي يعملون بها دارسين ومعلمين؛ فهم بمثابة مؤسسات اجتماعية هامة منوط بها تمكين ودعم وحماية الأنشطة المهنية للعلماء.
تتطلب أنشطة حفظ المعارف والسعى نحوها ونشرها وخلقها وفهمها مجتمعات تؤمن باحترام استقلال الجامعات والعلماء الذين يبحثون ويدرسون في تلك الجامعات، وكذلك باحترام الطلاب الذين يأتون إليهم بغرض الإعداد لمستقبلهم كمواطنين يحملون المعارف وقادة متمكنين. إن استقلال الجامعات هو الضامن الأساسي للحرية الأكاديمية في أداء العلماء لوجباتهم التعليمية.
ولذلك فإن الحرية الأكاديمية تتميز عن – كما أنها ليست مجرد امتداد لـ – حرية الفكر والرأى والتجمع والتنظيم المعترف بهم لجميع الأشخاص بموجب المواد 18 و19 و20 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهود الدولية الأخرى.
تعريف الحرية الأكاديمية
أبسط ما يمكن به تعريف الحرية الأكاديمية بأنها حرية البحث والتدريس والتحدث والنشر مع الالتزام بمعايير وقواعد البحث العلمي دون تدخل أو فرض عقوبات، ودون تقويض لما يمكن أن يقود إليه هذا البحث أو الفهم.
أهمية الحرية الأكاديمية
ترتبط قيمة الحرية الأكاديمية ارتباطا وثيقا بالأغراض والمهام الأساسية للجامعة الحديثة. ولم يثبت للدور الممتد الذي تلعبه الجامعات في عصر المعلومات إلا تزايد أهميته. حيث أوجب ظهور معارف الاقتصاد العالمي، وتيار المعلومات والأفكار العالمي الفريد من نوعه، وكذا الأعداد المتزايدة من الديمقراطيات الصغيرة، مراجعة متواصلة لطبيعة وأهمية الحرية الأكاديمية وكذا تأكيدا مستمرا عليهما. وبالفعل، يظل الدفاع عن الحرية الأكاديمية في جميع أنحاء العالم في قلب المعارك السياسية والاقتصادية المستمرة من أجل التأكيد على دور الجامعات واستقلالها.
وتعود الحرية الأكاديمية بفائدة على المجتمع بطريقة مباشرة وغير مباشرة، أما بخصوص الطريقة المباشرة والتي غالبا ما تعود بفائدة فورية فتتحقق من خلال المعرفة التطبيقية وتأثيراتها ومنافعها، وتدريب الأساتذة ذوى المهارات، وتعليم قادة ومواطني المستقبل. وأما الطريقة غير المباشرة والتي غالبا ما تتحقق فوائدها على المدى الطويل فمن خلال خلق المعرفة والفهم وحفظهما ونقلهما، دونما اعتبارات للتطبيق الفوري.
لهذا فإن للحرية الأكاديمية قيمة طبيعية وقيمة عملية. والأهم من هذا كله، فإن الحرية الأكاديمية ومن خلال تيسيرها للتفكير الحر وتسهيلها لإقامة الحوارات المفتوحة توفر وجودا متواصلا للقيم الفكرية والاجتماعية للجامعة كحرم للجدل الحر والتبادل غير المحدود للأفكار. ومن ثم فإن الحرية الأكاديمية تمكن الجامعات من تربية مواطنين قادرين على التطور والحفاظ على عالم حر ومجتمعات متفتحة.
III.
ممارسة الحرية الأكاديمية
تنطبق الحرية الأكاديمية على تلك الأنشطة التي يقوم بها لا من هيئات التدريس والطلاب التي ترتبط ارتباطا وثيقا بأغراض الجامعات التعليمية والعلمية والبحثية أو تؤثر فيهم.
لذا فإنها لا تنطبق على جميع الأنشطة، ولا تتسم بانعدام المحاسبية، حيث يمكن بذلك للحرية الأكاديمية أن تضحى عقيمة وغير منتجة. إن \”الحرية\” في \”الحرية الأكاديمية\” محددة ومشترطة بما يمكن أن يعد بموضوعية \”أكاديمي\”. وعلى المستوى العملي، ويعني هذا عمليا قدرة أفضل للجامعات على قياس حدود الحرية الأكاديمية ومن ثم وجوب تحملها مسئولية درجة معقولة من الرقابة الذاتية. وعلى كل الفاعلين الأفراد، والهيئات التنظيمية والتجمعات العامة من العاملين في سياق الجامعة استخدام حريتهم ليس فقط من أجل دعم الأغراض والخدمات التعليمية والبحثية للجامعة، بل أيضا للمساهمة على نحو إيجابي في خلق مناخ من الحرية الأكاديمية، للدفاع عن امتيازتها وتأدية التزاماتها.
ومثل الامتيازات التعليمية الأخرى، للحرية الأكاديمية وجه الحق المعترف به للجامعات والعلماء كأفراد والطلاب، وكذلك وجه المسئوليات التي تقع على عاتقهم.
حق الأساتذة والطلاب
للحرية الأكاديمية أهمية مركزية لإرساء القيم وتحقيق الأغراض المنوطة بها الجامعات، والتي يجب بدورها حماية حرية الاستفسار والبحث، واللذان دونهما لا يتمكن أعضاء هيئة التدريس ولا الطلبة من الازدهار وتحقيق الأغراض التي من أجل خدمتها أسست الحرية الأكاديمية. وللأساتذة والطلاب أن يكونوا قادرين على الدراسة والتعلم والنقاش والتدريس والبحث والنشر دون تخوفات من العواقب أو الترهيب، وأن يأمنوا من التدخل السياسي، في مناخ من التسامح مع الآراء المخالفة والتعاطي معها. وللأساتذة حرية مناقشة موادهم البحثية داخل قاعات الدرس، وكذلك عند التحدث أو الكتابة خارج قاعات الدرس، للأستاذ أن يكون حرا من القيود المؤسساتية أو التأديبية.
مسئوليات الأكاديميين
تحمل الحرية الأكاديمية في طياتها مسئولية ناجمة عنها بالضرورة يتحملها الأكاديمين وهى مسئولية مقاومة التأثيرات المشوهة لأبحاثهم ومناهجهم، وتجاوز الشراكة والتحامل، والدعم الفكري للنقاش الإيجابي المفتوح داخل قاعات الدرس، والالتزام بأعلى المعايير والمستويات الممكنة للاستفسار والتدريس العلمي. ومن الواجبات الأكاديمية لهيئة التدريس توسيع تعليم الطلاب وتجنب القيام بأية أفعال أو التصريح بأية أقوال من شأنها الحد من حرية الطلاب في الاستفسار والتعبير. ومن ثم الوصول بالقيم الأساسية للجامعة إلى نقطة التوازن.
حقوق الجامعات
على المؤسسات الأكاديمية مسئولية حماية الأساتذة والطلاب العاملون بها من الضغط غير المقبول، سواء السياسي أو الثقافي أو الاقتصادي أو الأيديولوجي. وعلى الجامعات كذلك أن تكفل وتحفز حرية الاستفسار و النقاش والتعليم والبحث والنشر، وعليهم كذلك حماية جميع أعضاء الطاقم الأكاديمي والطلاب من التأثيرات الداخلية والخارجية التي من شأنها الحد من ممارسة تلك الحرية.
المعني التنفيذي للحرية الأكاديمية
على الرغم من أن كل واقع وطني يشكل بلاشك رؤيته الخاصة لمعني وممارسة الحرية الأكاديمية، إلا أنه كحد أدني يجب أن يخضع أداء أعضاء هيئة التدريس وتعبيرهم داخل قاعات الدرس وفي السياقات التعليمية الأخرى للتقدير المهني لزملاؤهم العلماء وحدهم.
على الجامعة أن تدافع دائما عن حرية الرأى والتعبير داخل وخارج قاعات الدرس دونما اعتبار لزيوع أو الموافقة التي تحظى بها الآراء المعبر عنها. من الأهمية بمكان أن تقوم كل جامعة بوضع الإرشادات العامة والإجراءات التي تخاطب وتكفل الحرية الأكاديمية. ويجب أن تتسم العلاقات والمسئوليات ووسائل المحاسبة داخل كيانات المؤسسات (الطلاب، وهيئة التدريس، والإداريين والأمناء والمجلس التنظيمي) بما يضمن تسهيل التنفيذ الكامل لتلك الإرشادات العامة والإجراءات وكذلك بما يضمن احترامها.
ورغم وجود إمكانية تهديد الحرية الأكاديمية من قبل العديد من المصادر من خارج وداخل المجتمع الأكاديمي، إلا أنه ثبت تاريخيا، أن مثل تلك التهديدات تأتي من الدولة التي غالبا ما تتعارض قوتها السياسية ومواقفها التنظيمية مع حاجة الجامعة للاستقلال المؤسسي.
وكذلك فإنه من شأن الممارسات العامة ومؤسسات المجتمع المدني إن يكونوا مصدر تهديد لتأسيس الحرية الأكاديمية. على سبيل المثال، الضغوط والمصالح الناجمة عن المبادرات والاتحادات المالية، أو الهجوم من قبل مجموعات خارجية على حرية الأكاديمية (وخاصة، وليس على سبيل الحصر، أثناء الأزمات الوطنية) من شأنها أن تهدد جديا استقلال الجامعات والحرية الأكاديمية لهيئات تدريسهم وطلابهم. لذا يجب أن تتحرر الجامعات من الالتزام تجاه المجموعات الخارجية، ونوادي الخريجين، والقادة المحليين، والإعلام أو أى عناصر أخرى من عناصر المجتمع المدني الذين من المحتمل أن يسعوا نحو قمع وجهات النظر المعبر عنها في المؤسسات الأكاديمية أو أن يكونوا موضوع وجهات النظر التي يعبر عنها أعضاء هيئة التدريس والطلبة والمتحدثون العموميون و آخرون ممن يشاركون في الأنشطة الأكاديمية والتعليمية للجامعات.
ومن شأن سلطات الجامعة نفسها، من خلال الخضوع للضغط السياسي أو الإرادة العامة، أن يضعفوا من مناخ الحرية الأكاديمية داخل الجامعة بالتضييق على المعارضة الطلابية أو الأراء غير الزائعة ذات الطابع الأكاديمي المثير للجدل. بالإضافة إلى التهديد الذي تشكله النظم التأديبية في بعض المجالات الأكاديمية على المناخ الجامعي للحوار الحر عن طريق إخضاع الأساتذة أو العلماء للالتزام بحدود معينة في الفكر. ومن بين أهم الآليات التي تقوم بضمان الالتزام بالمعايير العلمية وحماية الحرية الأكاديمية \”أنظمة مراجعة الأقران\” peer-review systems والتي تحدد كيفية تمويل الأبحاث وكيفية الإضطلاع بها وكيفية نشر نتائجها. إلا أن أنظمة مراجعة الأقران لا يجب في جميع الأحوال أن يسمح لها بالتحول إلى وسائل لفرض الخنوع لتسييد وجهات نظر أو للتعتيم حول الرؤي التي تجنح عن الأفكار الراسخة والمتفق عليها.
ونحن نأمل أن تسهم المبادئ المذكورة في تلك الوثيقة في إيضاح طبيعة الحرية الأكاديمية، وأن تكرر التأكيد على قيمتها،وتقوي من ممارستها وأن تسهم في مقاومة التهديدات التي تواجهها الحرية الأكاديمية للعلماء والجامعات في جميع أنحاء العالم.
Kwadwo ASENSO-OKYERE, جامعة غانا
Lee C. BOLLINGER, جامعة كوومبيا
Gavin BROWN, جامعة سيدني
G.K. CHADHA, جامعة جاواهارليل نهرو
Bernard COULIE, الجامعة الكاثولوكية بلوفان
Richard DESCOINGS, Institut d’Etudes Politiques de Paris
Ali DOĞRAMACI, جامعة بيلكنت
Amy GUTMANN, جامعة بنسلفانيا
John HOOD, جامعة أوكسفورد
Guillermo JAIM-ETECHEVERRY, جامعة بوينس أيريس
Richard LEVIN, جامعة ييل
Njabulo NDEBELE, جامعة كيب تاون
Neil RUDENSTINE, الرئيس الشرفي لجامعة هارفارد
John SEXTON, جامعة نيويورك
Shirley TILGHMAN, جامعة برنستون
27 يوليو 2005
الاتفاقية الخاصة بمكافحة التمييز في مجال التعليم
اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة
في 14 كانون الأول/ديسمبر 1960، في دورته الحادية عشرة
تاريخ بدء النفاذ: 22 أيار/مايو 1962، وفقا لأحكام