بيان مشترك: الإيغور يواجهون خطر الإعادة القسرية للصين

تاريخ النشر : الخميس, 20 يوليو, 2017
Facebook
Twitter

تستمر السلطات المصرية في تكثيف حملتها الأمنية للقبض على أشخاص الإيغور، وفي 6 يوليو قام  الأمن المصري بإعادة 12 طالباً إيغورياً قسراً إلى الصين.

وتطالب مؤسسة حرية الفكر والتعبير والمفوضية المصرية للحقوق والحريات ومنظمة العفو الدولية بعدم إعادة ” الإيغور” قسرأ إلي الصين، وإتاحة فرص فعَّالة لجميع الأشخاص ” الإيغور” المقبوض عليهم لطلب اللجوء، والسماح لهم بالتواصل مع محاميهم وأسرهم.

بدأ تصعيد الحملة الأمنية بداية من الأربعاء 5 يوليو/تموز الجاري، حيث قامت قوات الأمن بإلقاء القبض على 37 من الطلاب الإيغور من أماكن سكنهم في الحي السابع بمدينة نصر ومطعم تركستاني تابع لهم واحتجازهم في قسم أول مدينة نصر. ثم تم نقلهم مؤخراً إلى قسم الخليفة وتم منع الطعام عنهم لمدة يومين، وتؤكد المصادر التي تواصلت معها المنظمات أن مسؤولين صينيين قاموا بإجراء تحقيقات معهم وتصويرهم داخل أماكن احتجازهم. وفي مساء نفس اليوم قامت قوات الأمن بمنع سفر 24 طالباً إيغورياً عبر مطار برج العرب واحتجزتهم.

وفي 7 يوليو قامت قوات الأمن بمنع سفر طالب وزوجته من مطار القاهرة و3 طلاب من مطار الغردقة واحتجزتهم. ومازال هناك 3 طلاب إيغور على الأقل محتجزين في قسم النزهة، و4 طلاب على الأقل محتجزين بمدينة المنصورة. وأكدت مصادر قريبة من الطلاب الإيغور في مصر أن هناك عشرات الطلاب من أقلية الإيغور مطاردين من قبل الأمن المصري هم وأسرهم وبعضهم يعاني من نقص في الطعام والأدوية.

ويخيم الغموض علي أوضاع ومستقبل الإيغور في مصر، حيث أن وزارة الداخلية ترفض الإفصاح عن أماكن احتجازهم، أو عن التهم الموجهة لهم، أو مصيرهم. كما تمنع السلطات المصرية التواصل بين الإيغور المحتجزين و محاميهم. ولم تصدر وزارة الداخلية أي تصريحات رسمية خاصة بالقبض علي الإيغور، بينما صرح مصدر من وزارة الداخلية لجريدة المصري اليوم رفض الإفصاح عن اسمه أن القبض علي الإيغور جاء في إطار حملات أمنية لفحص أوراق الأجانب في البلاد، وأن السلطات المصرية قد تقوم بإعادة من يثبت إقامته في مصر بطريقة غير شرعية قسراً.

في حين شهد موقف الأزهر الشريف تجاه أزمة طلاب الإيغور تطوراً ملحوظاً. حيث صرح  المركز الإعلامي للأزهر في 7 يوليو أن الأخبار المتداولة حول القبض على طلاب الإيغور هي افتراء وتضليل ووجهت الاتهام لمؤسسات إعلامية بالإساءة لمصر والأزهر الشريف. وتبدل موقف الأزهر في اليوم التالي،  8 يوليو، حيث صرح مستشار شيخ الأزهر، إن المعلومات المتوفرة عن القبض على الطلاب الدارسين بالأزهر الايغوريين، أنه تم القبض على 43 شخصا من بينهم 3 فقط يدرسون بالأزهر.  في نفس اليوم جاءت تصريحات المسؤولين بمشيخة الأزهر وجامعة الأزهر بنفي القبض علي طلاب إيغورين من داخل الحرم الجامعي لجامعة الأزهر، وكذلك من داخل معاهد الأزهر أو مدينة البعوث الإسلامية، أو أي جهة تابعة للأزهر الشريف، وأن شيخ الأزهر يتابع الموقف مع السلطات الأمنية. و في  9 يوليو، صرح مصدر رفض الإفصاح عن هويته للمصري اليوم أنه  يجري التنسيق مع الجهات الأمنية للإفراج عن عدد من الطلاب الإيغور ممن ثبت انتسابهم للأزهر وانتظامهم في الدراسة. و كان شيخ الأزهر في يونيو 2015 قد رفض “كافة أشكال الاضطهاد الذي يمارس بحق مسلمي الإيغور بالصين، ومصادرة حقوقهم الدينية وحرياتهم الشخصية”.

بدأت أزمة الطلاب الإيغور منذ ثلاثة أشهر حيث طالبت حكومة الصين الشعبية الطلاب الإيغورين بجامعة الأزهر بقطع دراستهم والعودة إلى الصين، وتم استخدام أسر الطلاب في الصين كرهائن للضغط على الطلاب للعودة للصين. وبعض الذين انصاعوا لضغوطات الحكومة الصينية وعادوا إلى إقليم شينجيانغ تم سجنهم لمدة تصل إلى 15 عاماً بعد إدانتهم “بنشر التطرف” حسب بعض المصادر الإيغورية بمصر.

و”الإيغور” هم أقلية عرقية مسلمة تتركز بالأساس في منطقة شينجيانغ ذاتية الحكم في غربي  الصين. ومنذ عقد الثمانينيات من القرن العشرين، أصبح أبناء ” الإيغور ” هدفاً لانتهاكات منظَّمة ومكثَّفة لحقوق الإنسان، من بينها الاحتجاز والسجن بصورة تعسفية، والاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، والقيود المشددة على الحرية الدينية وكذلك على الحقوق الثقافية والاجتماعية. وتفرض السلطات المحلية قيوداً مشددة على ممارسة الشعائر الدينية، بما في ذلك منع جميع الموظفين الحكوميين والأطفال دون سن الثامنة عشرة من أداء الشعائر الدينية في المساجد. وتحد سياسات الحكومة الصينية من استعمال اللغة الإيغورية، كما تفرض قيوداً مشددة على حرية العقيدة، وتشجع على تدفق المهاجرين من   أصل “هان” العرقية إلى المنطقة بشكل مستمر.

وفي مايو/أيار 2014، بدأت السلطات حملة “الضرب بشدة” في منطقة شينجيانغ ذاتية الحكم، وذلك لمدة عام، وبموجبها أعطى المسؤولون الأولوية لحملات القبض السريعة، وللمحاكمات العاجلة، والأحكام الجماعية. ودعت الحكومة إلى مزيد من “التعاون” بين سلطات الادعاء والمحاكم، مما أثار مخاوف إضافية من أن الأشخاص المتهمين لن يحصلوا على محاكمات عادلة. وتم تمديد حملة “الضرب بشدة” على مدى الأعوام التالية، وزادت السلطات بشكل كبير من الإنفاق على الشرطة و”قوات الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي.” وفي ظل هذه الظروف، قرر كثيرون من أبناء ” الإيغور ” الفرار من البلاد. وردَّت السلطات بمضايقة أقارب أولئك الذين فروا في محاولة للضغط عليهم وإجبارهم على العودة، كما زادت من مساعيها للحد من الأنشطة السياسية وأنشطة حقوق الإنسان للنشطاء ” الإيغور” في البلدان الأخرى. وأدى هذا كله إلى تزايد المخاوف في أوساط ” الإيغور ” المقيمين في الخارج، بما في ذلك طالبو اللجوء واللاجئون، من إعادتهم قسراً إلى الصين. وفي غضون السنوات الأخيرة، أُعيد قسراً عشراتٌ من طالبي اللجوء ” الإيغور” من دول في جنوب شرق آسيا ووسط آسيا إلى الصين.

ففي ديسمبر/كانون الأول 2009، على سبيل المثال، أعادت السلطات الكمبودية قسراً 20 من طالبي اللجوء ” الإيغور”. وأفادت الأنباء أنه حُكم على خمسة من هؤلاء بالسجن مدى الحياة، بينما حُكم على ثمانية آخرين بالسجن لمدد تتراوح بين 16 و20 سنة، وذلك إثر محاكمات في جلسات مغلقة. وفي ديسمبر/كانون الأول 2012، أعادت السلطات الماليزية قسراً ستة من ” الإيغور” كانت طلباتهم للجوء لا تزال منظورة أمام “المفوضية السامية لشؤون اللاجئين” التابعة للأمم المتحدة. وكان من الصعب التأكد من المعلومات عن وضع الأشخاص الذين أُعيدوا. وفي يوليو/تموز 2015، أعادت تايلند 109 من ” الإيغور ” إلى الصين في أعقاب ضغوط دبلوماسية من الصين.

وتعد السلطات المصرية شريكاً رئيسياً في أي انتهاكات قد تحدث للطلاب الإيغورين الذين تقوم مصر بعملية إعادتهم قسرأ للصين من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، أو الاحتجاز التعسفي، أو الاضطهاد، أو المحاكمات الجائرة التي قد تؤدي إلى أحكام بالإعدام. كما يجب على مصر أن تلتزم بمبدأ عدم الإعادة القسرية بغض النظر عن امتلاك الأفراد المهددين لتصاريح إقامة أم لا. وجدير بالذكر أن مبدأ عدم الإعادة القسرية لا يشترط الاعتراف الرسمي من قبل الدولة بالأشخاص كلاجئين لتوفير هذه الحماية.

ويجب على السلطات المصرية أن توقف أفعالها التي تتعدى على الدستور المصري والعهود والاتفاقيات الدولية في هذا الشأن. حيث ينص الدستور المصري في المادة 59 على أن” الحياة الآمنة حق لكل إنسان، وتلتزم الدولة بتوفير الأمن والطمأنينة لمواطنيها ولكل مقيم على أراضيها “.

كما نص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966 في المادة 13 على أنه: “لا يجوز إبعاد الأجنبي المقيم بصفة قانونية في إقليم دولة طرف في هذا العهد إلا تنفيذا لقرار اتخذ وفقا للقانون، وبعد تمكينه، ما لم تحتم دواعي الأمن القومي خلاف ذلك، من عرض الأسباب المؤيدة لعدم إبعاده ومن عرض قضيته على السلطة المختصة أو على من تعينه أو تعينهم خصيصا لذلك، ومن توكيل من يمثله أمامها أو أمامهم”.

كما تنص المادة 33 من الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين لسنة  1951 والبروتوكول المكمل لها لسنة  1967  على أنه :  ” 1. لا يجوز لأية دولة متعاقدة أن تطرد لاجئا أو ترده بأية صورة من الصور إلى حدود الأقاليم التي تكون حياته أو حريته مهددتين فيها بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو بسبب آرائه السياسية”.

وتنص المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لسنة 1984 على أنه “1-لا يجوز لأية دولة طرف أن تطرد أي شخص أو تعيده (“ان ترده”) أو أن تسلمه إلى دولة أخرى، إذا توافرت لديها أسباب حقيقة تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب”.

بالإضافة إلي المادة 2 فقرة 3 من الاتفاقية التي تحكم الجوانب المختلفة لمشاكل اللاجئين في إفريقيا لسنة ١٩٦٩ فتنص على أنه ” لا تقوم أي دولة عضو بإخضاع شخص لإجراءات مثل رفضه على الحدود أو العودة أو الطرد، مما يجبره على العودة أو البقاء في إقليم حيث تتهدد حياته أو سلامته البدنية أو حريته.”

والجدير بالذكر أن مصر قد صادقت على هذه الاتفاقيات فهي بموجب ذلك ملزمة قانونياً بتطبيق بنودها.

في ضوء ما تم تجدد المنظمات الموقعة مطالبها بعدم إعادة أشخاص” الإيغور”  في مصر قسرأ إلي الصين حيث يمكن أن يصبحوا عرضة لمخاطر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، والاحتجاز التعسفي، والاضطهاد، والمحاكمات الجائرة، وضمان إتاحة فرص فعَّالة لجميع الأشخاص “الإيغور” المقبوض عليهم لطلب اللجوء، ولمراجعة حالة كل منهم على حدة، وللإشراف القضائي على احتجازهم وإبعادهم التعسفي المُزمع. و تطالب أيضاً المنظمات الموقعة أدناه الحكومة المصرية بالسماح لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين بالتواصل مع الإيغور

الذين أبدوا رغبتهم لطلب الحماية الدولية و اللجوء و ذلك طبقأ لشروط مذكرة التفاهم التي أُبرمت بين الحكومة المصرية و المفوضية في ١٩٥٤ و التي فوضت فيها السلطات المصرية المفوضية بإجراء مقابلات مع طالبي اللجوء و والبت في طلباتهم.

 

الموقعون:

مؤسسة حرية الفكر والتعبير

منظمة العفو الدولية

المفوضية المصرية للحقوق و الحريات

تابعونا على :

آخر التحديثات

للإشتراك في نشرة مؤسسة حرية الفكر والتعبير الشهرية

برجاء ترك بريدك الالكتروني أدناه.