أوضاع حرية الإعلام في مصر تنذر بديكتاتورية أخرى

تاريخ النشر : الثلاثاء, 4 ديسمبر, 2012
Facebook
Twitter

logo

تدين مؤسسة حرية الفكر والتعبير الهجمة الشرسة التي تقوم بها أجهزة الدولة تجاه وسائل الإعلام المختلفة من صحف قومية وقنوات تابعة لتليفزيون الدولة وقنوات مستقلة، حيث أنه منذ صدور الإعلان الدستوري تعددت أشكال الانتهاك تجاه وسائل الإعلام ما بين منع مقالات وإقالة وقطع البث المباشر والوقف عن العمل.

 

فمنذ صدور الإعلان الدستوري الذي يخول سلطات إلهية للرئيس مرسي، يبدو أن هناك عداءاً تجاه كل من له موقف مخالف لهذا الإعلان أو حتى يظهر أن تفكيره ضد جماعة الإخوان المسلمين التي تتحكم الآن في مجريات الأمور في مصر، ففي يوم الأحد الماضي تم إحالة المذيعة \”بثينة كامل\” للتحقيق ومنعها من الظهور على شاشة التليفزيون المصري لحين انتهاء التحقيقات، وذلك بسبب تفوهها بجملة \” نواليكم بتقديم نشرة الأخبار الإخوانية\” أثناء تقديمها لنشرة أخبار التاسعة مساءاً على الفضائية المصرية يوم السبت الماضي، واستمراراً لانتهاك التليفزيون المصري لحرية الإعلام قامت القناة الثانية بالتليفزيون المصري بقطع البث المباشر عن برنامج الضمير للمذيعة هالة فهمي بسبب أنها أخرجت كفنًا ووضعته أمامها ووجهت حديثها إلى المشاهدين قائلة: «يجب على كل منا أن يقول الحقيقةمهماكان الثمن،على أن يحمل كفنه في يده»، وأشارت فهمي في حديث للمصري اليوم أنها فوجئت بمعد البرنامج يخبرها بانقطاع البث المباشر عن الحلقة وباستفسارها من المخرج قال لها إن الحلقة سيتم استكمالها مسجلة وهو ما رفضت معه استكمال الحلقة وغادرت الاستوديو.

 

واستكمالا للانتهاكات الموجهة للإعلام المرئي، قامت رئاسة الجمهورية بتقديم بلاغ للنيابة العامة ضد قناة النهار والإعلامي محمود سعد مقدم برنامج آخر النهار والدكتورة منال عمر بتهمة سب رئيس الجمهورية وإهانته، حيث جاء هذا البلاغ بعد حلقة من البرنامج تضمنت تحليلا نفسيا وصفت فيه الدكتورة منال الرئيس مرسي بأنه يعاني من مرض نفسي وطالبته بالتنحي، وهو ما اعتبرته مؤسسة الرئاسة إهانة للرئيس.

 

أما على مستوى الصحف القومية، فقد فوجيء الكتاب \”عبلة الرويني، جمال الغيطاني، ومحمد بركات\” بمنع مقالاتاهم الأسبوعية في جريدة الأخبار بحجة ضيق المساحة، في حين أكدت عبلة الرويني في اتصال هاتفي مع مؤسسة حرية الفكر والتعبير أنها فوجئت مثل باقي القراء بحادثة المنع، وأن أحداً من إدارة تحرير الأخبار لم يخبرها،مشيرة إلا أن مقالاتها في الفترة الأخيرة أصبح يتم اقتطاع أجزاء كبيرة منها دون الرجوع إليها، وفي نفس الإطار تم عزل الصحفي \”علاء العطار\” من منصبه كرئيس تحرير لبوابة الأهرام الإلكترونية دون إبداء الأسباب.

 

وفي رد فعل من وسائل الإعلام المختلفة على حالات الانتهاك المستمرة التي توجه إليهم وكاعتراض منهم على الإعلان الدستوري الديكتاتوري، قررت 11 جريدة حزبية ومستقلة الاحتجاب اليوم، وغدا سوف يتم تسويد شاشات 5 قنوات مستقلة، كوسيلة احتجاجية على تردي أوضاع حرية الرأي والتعبير في الوضع الراهن وفي الدستور الجديد .

 

وبالنظر للحالة العامة لحرية الإعلام في مصر، نجد أن هناك تردي ملحوظ وتضييق متعمد على كافة المنابر الإعلامية التي تخالف جماعة الإخوان، فهذه الحوادث والانتهاكات المتكررة للإعلاميين هذه الأيام ليست جديدة العهد في الجمهورية الثانية ففي شهر سبتمبر الماضي وبعد مرور مائة يوم على حكم الرئيس مرسي، أصدرت مؤسسة حرية الفكر والتعبير تقريرا ترصد فيه وضع حرية الإعلام في مصر في عهد الجمهورية الثانية، ووجدنا أنها تتلخص في ثلاث كلمات وهي الحبس والمنع والمصادرة، ففي المائة اليوم الأولى تم استدعاء إعلاميين لتحقيقات النيابة وتم مصادرة صحف بل وتم إغلاق قنوات،وفي معظم الأحيان هيمنت تهمة إهانة الرئيس وإشاعة أخبار كاذبة على حالات الانتهاك تلك، أما الآن فمن خلال رصد حالات جديدة وجدنا أن الانتهاك أصبح يتم توجيهه ليشمل كل معارضي جماعة الإخوان المسلمين أو كل من يتعرض لهم بالنقد لكونهم السلطة الحاكمة، وهو ما يعني الرجوع بالزمن للوراء حتى عام 2010 عندما كان الحزب الوطني يكمم أفواه كل منتقديه.

 

إن مؤسسة حرية الفكر والتعبير ترى في الأحداث الأخيرة تعدياً سافراً على حرية الإعلام ومخالفة واضحة لكافة المواثيق والقوانين التي تضمن حرية الإعلاميين والصحافيين وتكفل لهم التعبير عن رأيهم بحرية،فحرية الإعلام تحديداً تعد مقياساً رئيسياً يعتد به في تقييم الدول الديموقراطية في العالم الحديث وتعتبر البلاد الأقل ديموقراطية هي أكثر البلاد التي يعاني فيها الإعلاميون، وهو ما يعني ببساطة أن مصر أصبحت في تعداد الدول الديكتاتورية التي تمارس قمعاً مستمراً تجاه وسائل الإعلام على عكس ما كان يأمله الجميع عقب ثورة يناير، لذا فأن المؤسسة تطالب جميع جهات الدولة المسئولة برفع أيديها عن جميع وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة، لأن الإعلاميين من حقهم الإدلاء بآرائهم بمنتهى الحرية والجمهور من حقه الإطلاع على كافة الأراء وأن يختار منها ما يناسبه بحرية، ولكن ليس للسلطة أي حق في لعب دور الوصي على الجمهور أو مصادرة آراء لمجرد أنها تختلف معها.

 

 

للإشتراك في نشرة مؤسسة حرية الفكر والتعبير الشهرية

برجاء ترك بريدك الالكتروني أدناه.