في يوم 9 مارس: تضييق شديد على أعضاء هيئة التدريس وتدهور حالة الحرية الأكاديمية واستقلال الجامعة

تاريخ النشر : الإثنين, 9 مارس, 2015
Facebook
Twitter

في ذكرى 9 مارس يوم استقلال الجامعة المصرية، لا يزال هناك جدل كبير حول مدى الالتزام بمعايير الحرية الأكاديمية واستقلال الجامعة في الجامعات المصرية، ومن الضروري أن يتم إلقاء الضوء على تعريف استقلال الجامعة والحرية الأكاديمية، وفقًا للمواثيق الدولية ذات الصلة، التي تأخذ بها الجامعات في مختلف دول العالم.

ويقصد بالحرية الأكاديمية “حرية أعضاء المجتمع الأكاديمي، فرديًا أو جماعيًا، في متابعة المعرفة وتطويرها وتحويلها، من خلال البحث والدراسة والمناقشة والتوثيق والإنتاج والتدريس وإلقاء المحاضرات والكتابة”، بينما يقصد باستقلال الجامعة “استقلال الجامعات عن الدولة وغيرها من قوى المجتمع، وصنع القرارات المتعلقة بسير العمل الداخلي فيها وبماليتها وإدارتها، وإقرار سياساتها للتعليم والبحث والإرشاد وغيرها من الأنشطة ذات الصلة”، وذلك وفقًا لإعلان ليما بشأن الحرية الأكاديمية واستقلال مؤسسات التعليم العالي (1988م).

وفي إطار التأكيد على حقوق أعضاء هيئة التدريس داخل المجتمع الأكاديمي، نص إعلان ليما كذلك على “تمتع جميع أعضاء المجتمع الأكاديمي الذين يضطلعون بمهام بحثية بالحق في إجراء بحوثهم دون تدخل رهنًا بالمبادئ والمناهج البحثية، والحق في نشر وإعلان نتائج أبحاثهم دون رقابة أو تدخل”، وعلى “تمتع جميع أعضاء المجتمع الأكاديمي العاملين بوظائف التدريس بالحق في التدريس والنقاش دون تدخل أو رقابة”.

وفي هذا الإطار، تعرب مؤسسة حرية الفكر والتعبير عن قلقها البالغ من التضييق الشديد الذي يتعرض له أعضاء هيئة التدريس، وتزايد وتيرة التهديدات والتحويل للتحقيق واتخاذ الإجراءات التأديبية ضد أعضاء هيئة التدريس، والتدخل في عملهم وأبحاثهم الأكاديمية، من قبل إدارات الجامعات الحكومية وجامعة الأزهر. ويأتي ذلك في ظل مناخ عام يسوده تدهور حالة الحرية الأكاديمية واستقلال الجامعة، وتزايد تدخلات السلطة التنفيذية من خلال تعديل التشريعات المتعلقة باختيار القيادات الجامعية والنظام التأديبي لأعضاء هيئة التدريس، وإقالة القيادات الجامعية.

إن إدارات الجامعات الحكومية وجامعة الأزهر خضعت خلال العام الأكاديمي الجاري 2014م/2015م لضغوط سياسية من قبل السلطة التنفيذية ووسائل الإعلام، فيما يتعلق بعمل أعضاء هيئة التدريس. وفرضت إدارات الجامعات قيود على البحث الأكاديمي والتدريس بتدخلها في الرسائل العلمية المقدمة في مرحلتي الماجستير والدكتوراه، وعمل أعضاء هيئة التدريس سواء في التدريس أو مناقشة الرسائل العلمية، في ظل مناخ سياسي عام مقيد للحريات.
وقد رصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير خلال هذا العام الأكاديمي 4 حالات مؤكدة لانتهاك الحرية الأكاديمية على الأقل، من الأهمية أن يتم تسليط الضوء عليها، أبرزها إحالة الدكتور عادل بدر، أستاذ الفلسفة بجامعة المنصورة، للتأديب، بعد خضوعه لتحقيق بواسطة إدارة الجامعة في 28 فبراير الماضي، بتهم تحريض الطلاب على العنف، والتحريض على قلب نظام الحكم وسب نظام الحكم، بسبب نقاش جرى بين الدكتور عادل بدر والدكتور إبراهيم طلبة خلال مناقشة رسالة ماجستير في الفلسفة، بكلية الآداب بجامعة المنصورة، في 19 فبراير الماضي، حيث أبدى الدكتور عادل بدر انتقاده للنظام السياسي القائم، في إطار عرض الآراء المختلفة، وفي سياق النقاش والرد على زميله الدكتور إبراهيم طلبة، عضو لجنة المناقشة، الذي قال أن النظام القائم يخطو برؤية واضحة نحو المستقبل. وقررت جامعة المنصورة إيقاف الدكتور عادل بدر عن العمل لمدة 6 شهور ومنعه من دخول منشآت الجامعة إلا لحضور التحقيقات ووقف صرف ربع راتبه الشهري، وفقًا لما أدلى به الدكتور عادل بدر لمؤسسة حرية الفكر والتعبير، في7 مارس الجاري.

وتتعلق الحالة الثانية بالدكتورة مديحة السايح، أستاذة بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة، والتي أحالتها إدارة جامعة القاهرة للتحقيق ووقفتها عن العمل لمدة 3 شهور، في 22 يناير الماضي، لقيامها بتدريس مادة علمية من كتابات سيد قطب عن بلاغة القرآن الكريم.

والحالة الثالثة لمجموعة باحثين بجامعة الأزهر مسجلين بالماجستير والدكتوراه، قررت جامعة الأزهر، تعديل عناوين رسائلهم العلمية، لما وصفته بمخالفة العناوين لفكر الأزهر الوسطي وتهديدها للوحدة الوطنية، وهو ما أكده الدكتور توفيق نور الدين، نائب رئيس جامعة الأزهر لمؤسسة حرية الفكر والتعبير، في 28 ديسمبر 2014م.

أما الحالة الرابعة، فهي تتعلق بوقف منح درجة الدكتوراه للباحث محمد إبراهيم أبو عطية، بكلية الدعوة الإسلامية بالأزهر، لوصفه 30 يونيو بالانقلاب العسكري، في 21 سبتمبر 2014م. بالإضافة إلى إحالة أعضاء لجنة مناقشة رسالة الدكتوراه إلى التحقيق وهم الدكتور عمر عبد العزيز، رئيس قسم الأديان والمذاهب بالكلية، والدكتور محمود مزروعة، أستاذ العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين بالمنوفية، والدكتور ماجد عبد السلام، أستاذ بكلية الدعوة الإسلامية، ومراجعة كافة الرسائل العلمية بكلية الدعوة الإسلامية.

كما رصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير حالتين لانتهاك استقلال الجامعة بإقالة والتضييق على القيادات الجامعية، حيث قام المجلس الأعلى للجامعات، في الحالة الأولى، بإعفاء الدكتور حامد عطية، نائب رئيس جامعة الزقازيق من منصبه، نظرًا لتعرضه لمحاكمة جنائية وبقاؤه قيد الحبس الاحتياطي منذ 11 يونيو 2014م، وفقًا لما أعلن عنه رئيس جامعة الزقازيق أشرف الشيحي، في 26 يناير الماضي.
وفي الحالة الثانية تقدم رئيس جامعة الإسكندرية أسامة إبراهيم باستقالته، في 20 أكتوبر 2014م، لاعتراضه على قيام محافظ الإسكندرية ووزير الشباب والرياضة بزيارة كلية التجارة وتفقد الملاعب الرياضية بها، دون إبلاغ رئيس الجامعة، كما تعرض الدكتور أسامة إبراهيم لضغوط سابقة، حيث شنت وسائل الإعلام حملة للمطالبة بإقالته مدعية “انتمائه للإخوان المسلمين”، وتم منعه من السفر لحضور مؤتمر علمي في قطر من مطار القاهرة، في 6 ديسمبر 2013م، إلى أن قدم استقالته من حزب الحرية والعدالة في شكل خطاب رسمي إلى وزير العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية في 5 يناير 2014م.

وترفض مؤسسة حرية الفكر والتعبير ممارسة الضغوط والتدخلات على القيادات الجامعية، من قبل السلطة التنفيذية ووسائل الإعلام، إذ يقود ذلك إلى جعل إدارات الجامعات والمسئولين عنها، بمثابة أداة لتقييد الحرية الأكاديمية، وهو ما يبدو واضحًا من تدخل إدارات الجامعات في العمل الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس والباحثين، وفرض قيود على حرية البحث والنقاش، مما يؤثر بالسلب على التعليم العالي في الجامعات المصرية، فهناك ضرورة لتوفير المناخ المناسب للبحث والنقاش والتدريب داخل الجامعات، لضمان حفظ المعرفة ونقلها، وتربية مواطنين قادرين على التطور في مناخ حر ومنفتح.

إن هذه الحالات التي تهتم مؤسسة حرية الفكر والتعبير بإبرازها في يوم استقلال الجامعة المصرية 9 مارس، تعد مؤشرًا واضحًا على تدهور حالة الحرية الأكاديمية واستقلال الجامعة، وتنذر بتزايد المخاطر التي تعتري عمل أعضاء هيئة التدريس والباحثين بحرية داخل المجتمع الأكاديمي. لذا تشدد مؤسسة حرية الفكر والتعبير أنه على إدارات الجامعات تحمل مسئوليتها في حماية أعضاء هيئة التدريس من الضغط عليهم سياسيًا أو ثقافيًا أو أيديولوجيًا، وضمان حرية الاستفسار والنقاش والتعليم والبحث والنشر لجميع أعضاء هيئة التدريس، وحمايتهم من التأثيرات الخارجية سواء من الدولة أو الإعلام أو المجتمع ومن التأثيرات الداخلية سواء من مسئولين جامعيين أو أعضاء بالمجتمع الأكاديمي، بحيث تتحرر الجامعات من التأثر بالمجموعات الخارجية والإعلام والقادة الذين من المحتمل أن يسعوا لقمع وجهات النظر المخالفة لهم التي يعبر عنها أعضاء هيئة التدريس بشكل أكاديمي.

وتدعو مؤسسة حرية الفكر والتعبير إلى وقف كافة التدخلات والضغوط على أعضاء هيئة التدريس والمجتمع الأكاديمي، كما تدعو كافة أعضاء هيئة التدريس والباحثين الذين تعرضوا لانتهاكات بشأن الحرية الأكاديمية إلى التواصل مع المؤسسة وإبلاغها بهذه الانتهاكات عن طريق البريد الاليكتروني: [email protected]

للإشتراك في نشرة مؤسسة حرية الفكر والتعبير الشهرية

برجاء ترك بريدك الالكتروني أدناه.