سلسلة الإنترنت والقانون في مصر (الجزء الثاني: الإعلام الرقمي)

تاريخ النشر : الخميس, 19 أغسطس, 2021
Facebook
Twitter

 

للإطلاع بصيغة PDF إضغط هنا

 

إعداد: وحدة الأبحاث بمؤسسة حرية الفكر والتعبير

 

المحتوى

  •  منهجية
  • مقدمة
    • القسم الأول: صعوبات تأسيس الصحف الرقمية
    • القسم الثاني: حجب الصحف الرقمية
    • القسم الثالث: الملاحقة الجنائية في الإعلام الرقمي
  • خاتمة

 منهجية

استند الجزء الثاني من “سلسلة الإنترنت والقانون” على قراءة تحليلية للقوانين المشتبكة مع حرية الإعلام الرقمي، وهي: قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، وقانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم 180 لسنة 2018، فضلًا عن قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003. كما اعتمدت الورقة على قراءة التقارير والتصريحات الصادرة عن المجلس الأعلى للإعلام.

 مقدمة

صدر عن مؤسسة حرية الفكر والتعبير، الجزء الأول من سلسلة “الإنترنت والقانون: مركزية الاتصالات” والذي تناول خلفية عن بدايات دخول الإنترنت في مصر، والقوانين الحاكمة لمنظومة الاتصالات، فضلًا عن الأجهزة المنبثقة من تلك القوانين والتي تسيطر بشكل أساسي على إدارة الاتصالات والإنترنت في مصر – الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات.

في الجزء الثاني من هذه السلسلة تتناول المؤسسة القوانين المنظِّمة للإعلام الرقمي، وتأثيراتها من حيث إنشاء وسائل الإعلام الرقمي، وإمكانية تعرض هذه المواقع للرقابة على الإنترنت من قِبَل السلطات المصرية، والملاحقات الجنائية التي تطال المسؤولين عن وسائل الإعلام الرقمي، ويشكل ذلك في مجمله حزمة من العوائق أمام حرية الإعلام الرقمي.

وتزداد أهمية هذه القراءة في القوانين ذات الصلة باﻹعلام الرقمي، في ظل استمرار حجب العديد من المواقع الصحفية، حيث يمثل عدد المواقع الصحفية المحجوبة 125 موقعًا على الأقل من إجمالي عدد 554 موقعًا محجوبًا، وما يترتب على ذلك من إشكاليات في تحقيق عوائد اقتصادية لمواقع محجوبة، وكذا في وصول القارئ إلى المحتوى المنشور عبر هذه المواقع الصحفية.

وتأمل مؤسسة حرية الفكر والتعبير أن يسهم هذا الجزء في رفع وعي العاملين بالإعلام الرقمي بشأن القوانين التي تتقاطع مع عملهم، والعقوبات التي قد يتعرضون لها، ما يشكل ضمانة أساسية للتعامل مع القيود المفروضة قانونيًّا.

القسم الأول: صعوبات تأسيس الصحف الرقمية:

 قبل التطرق إلى الصعوبات التي تواجه تأسيس الصحف الرقمية، هناك حاجة إلى معرفة الجهة التي تنظِّم شؤون الصحافة والإعلام في مصر، ومدى تمتعها بالاستقلالية عن السلطة التنفيذية. ففي إطار سعي الدولة إلى السيطرة على وسائل الإعلام، صدر خلال عام 2018 قانونا تنظيم الصحافة والإعلام، ومكافحة جرائم تقنية المعلومات.

واعتبرت الدولة أن القانونين شديدي الأهمية، سواء في تنظيم عمل المؤسسات الصحفية، أو حماية مستخدمي الإنترنت. ولكن كانت هناك آثار سلبية لهذين القانونين على صعيد حرية التعبير وتداول المعلومات بشكل عام، وعلى حرية الإعلام الرقمي بشكل خاص. وتم وضع قيود على إنشاء مواقع إلكترونية، والسماح بحجب تلك المواقع لأسباب غير واضحة، ومن قبل جهات متعددة.

“يقوم المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بجهود مواجهة الإعلام المعادي، موضحًا أنه عقد مؤتمرًا ناقش خلاله دور الإعلام فى مساندة الدولة المصرية، ودعم مواقفها القومية، وبحث مقترحات مواجهة وسائل الإعلام المعادية التي تبث أكاذيب وشائعات تتناول الشأن المصري، وطرق مواجهتها وإعلاء الحقائق، فى ضوء الشفافية والدفاع عن ثوابت الدولة المصرية”.

التقرير السنوي الثالث للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام

ويُعدُّ المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام الجهة الأبرز في وضع العراقيل أمام الإعلام الرقمي، والذي نص قانون تنظيم الصحافة والإعلام على تشكيله. وتنظم المادة (73) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم 180 لسنة 2018 تشكيل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، ويصدر رئيس الجمهورية قرارًا بتعيين أعضاء المجلس التسعة، ويختار من بينهم عضوين بشكل مباشر[1]، بالإضافة إلى اختياره أعضاء من بين مرشحي جهات (المجلس الأعلى للجامعات، مكتب مجلس النواب، نقابة الصحفيين، نقابة الإعلاميين). ويُلزم القانون هذه الجهات بترشيح ضعف العدد المقرر لهم في القانون، وإخطار رئيس الجمهورية، لكي يختار من بينهم العدد المطلوب.

 وتعصف صلاحيات رئيس الجمهورية في تشكيل الأعلى للإعلام باستقلالية المجلس عن السلطة التنفيذية، فمن ناحيةٍ، رئيس الجمهورية هو رأس السلطة التنفيذية، كما أن أغلبية أعضاء الأعلى للإعلام يمثلون جهات تنفيذية[2].

تواجه الصحف الرقمية صعوبات كبيرة في التأسيس، بسبب هذه القوانين المنظِّمة للإعلام الرقمي، كما يلي:

  1. الحصول على التراخيص:

“لا يجوز تأسيس مواقع إلكترونية فى جمهورية مصر العربية، أو إدارتها، أو إدارة مكاتب أو فروع لمواقع إلكترونية تعمل من خارج الجمهورية، إلا بعد الحصول على ترخيصٍ بذلك من المجلس الأعلى وفق الضوابط والشروط التي يضعها فى هذا الشأن. ومع عدم الإخلال بالعقوبات الجنائية المقررة، للمجلس الأعلى فى حالة مخالفة أحكام الفقرة السابقة اتخاذ الإجراءت اللازمة بما في ذلك إلغاء الترخيص، أو وقف نشاط الموقع أو حجبه فى حالة عدم الحصول على ترخيص سارٍ. ولذوي الشأن الطعن على القرار الصادر بذلك أمام محكمة القضاء الإداري”.

مادة 6 من قانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم 180 لسنة 2018

بالتزامن مع صدور قانون تنظيم الصحافة والإعلام، أصبح من الضروري الحصول على ترخيص لإنشاء موقع إلكتروني، إذ نصَّت المادة (6) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم 180 لسنة 2018، على وضع عدد من الشروط للمواقع الإلكترونية للحصول على ترخيص من قبل المجلس الأعلى للإعلام[3].

ولم تكن تلك الشروط واضحة عند صدور القانون، إلى أن أصدر المجلس الأعلى للإعلام قرارًا رقم 26 لسنة 2020 في شأن “تنظيم التراخيص بالمجلس الأعلى للإعلام”، والتي جاء بها عدد من الإجراءات/ الاشتراطات/ الالتزامات، أبرزها المبالغ المالية، حيث تشترط اللائحة للحصول على ترخيص الموقع الإلكتروني، أن يأخذ طالب الترخيص شكل شركة برأس مال لا يقل عن مئة ألف جنيه، بالإضافة إلى دفع رسوم للحصول على رخصة مزاولة العمل 50 ألف جنيه. 

  1. أكواد أخلاقية:

يتحمل الموقع الإلكتروني المُرخص له المسؤولية القانونية عن أي خطأ في ممارسة نشاطه، أو مُخالفة القيم أو المعايير أو الأعراف المكتوبة (الأكواد) الصادرة عن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، تحت مسمى “لائحة الضوابط والمعايير اللازمة لضمان التزام المؤسسات الصحافية والمؤسسات الإعلامية أصول المهنة وأخلاقياتها والحفاظ على حقوق الملكية الفكرية المتعلقة بمحتواها، والقواعد والمعايير المهنية الضابطة للأداء الصحافي والإعلامي والإعلاني، والأعراف المكتوبة”. سبعة أكواد أخلاقية[4]، تدور تلك الأكواد حول مصطلحات مبهمة للآداب العامة والنظام العام، فضلًا عن الحفاظ على الأعراف والتقاليد المجتمعية، والتي لا بد من تنفيذها من قبل المواقع الإلكترونية، حتى تتمكن من ممارسة عملها وتتجنب سحب الترخيص.

يُمكِّن كل ذلك المجلس الأعلى للإعلام من استخدام  سلطاته التقديرية الواسعة في رفض منح تراخيص لمواقع بعينها، أو تأخير ذلك لأجل غير مسمًّى، إذ تواجه الصحف الإلكترونية عقبات لتوفيق أوضاعها وفقًا للقانون الجديد. فعلى سبيل المثال أعلن موقع “مصر العربية” عن الاحتجاب، بسبب صعوبة الحصول على ترخيص[5].

إذ توجد العديد من المواقع التي لم تحصل على ترخيص بسبب تعنت المجلس الأعلى للإعلام، يقدر عددهم بالعشرات، فقد أعلن المجلس الأعلى للإعلام عن تقدم 150 موقعًا بطلب للحصول على ترخيص وذلك في عام 2019، حصل 40 موقعًا صحفيًّا من بينهم على الترخيص.

وقد فرقت المادة (70) من الدستور المصري بين الصحف الورقية والصحف الرقمية، حيث أن إنشاء الصحف الورقية يكون عن طريق الإخطار، بينما تُرك إنشاء الصحف الورقية للقانون المنظم.

 القسم الثاني: حجب المواقع الصحفية:

وإلى جانب تلك الشروط التي تنظم الحصول على ترخيص عمل الصحف الرقمية، يأتي التوسع في تقنين حجب المواقع كسببٍ رئيسي في تقييد حرية الإعلام الرقمي. وينص قانون تنظيم الاتصالات في المادة 67 منه، على إمكانية إخضاع شبكات الاتصالات لصالح السلطات المختصة في الدولة، وبالتالي إمكانية مطالبتها بحجب المواقع، دون أي قيد.

ويعد نص المادة (49) من قانون مكافحة الإرهاب أول سند قانوني واضح وموجه تجاه حجب المواقع، حيث جاء فيه: “وللنيابة العامة أو سلطة التحقيق المختصة وقف المواقع المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 29 من هذا القانون أو حجبها أو حجب ما يتضمنه أي وجه من أوجه الاستخدام المنصوص عليها في هذه المادة والتحفظ على الأجهزة والمعدات المستخدمة في الجريمة”. وينقص هذا النص توضيح الخطوات الإجرائية المتبعة فيما يتعلق بحجب المواقع. ولكن على أي حال، تم الاستناد إلى هذه المادة في قرار قاضي التنفيذ ولجنة حصر أموال جماعة الإخوان المسلمين بحجب ما يزيد على 16 موقعًا تابعين للجماعة، في عام 2016[6]. وهي المواقع التي تم الاعتراف رسميًّا من قبل السلطات المصرية بحجبها.

ومع صدور قانون  مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، بات هناك نص قانوني يوضح حلقة الإجراءات المطلوبة لحجب المواقع، إذ تنص المادة (7) من هذا القانون على إمكانية حجب المواقع الإلكترونية، التي قد تشكل تهديدًا للأمن القومي من قبل النيابة العامة/ جهة التحقيق المختصة، هذا بالإضافة إلى منح جهات التحري والضبط (الشرطة) سلطة إقرار الحجب في حالة الاستعجال _دون تحديد حالات الاستعجال_ عن طريق إبلاغ الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات. مع إضافة إجراء قضائي لاحق على الحجب، من خلال عرض أمر الحجب على محكمة مختصة خلال 24 ساعة.

تباعًا صدر قانون تنظيم الصحافة والإعلام، الذي نص في المادة (6) منه على إعطاء سلطة حجب المواقع للمجلس الأعلى للإعلام.[7] والذي لم تقتصر سلطاته على المواقع الإلكترونية الصحفية/ الإخبارية، بل امتدت لتشمل حجب الحسابات الشخصية التي يزيد عدد متابعيها على 5000 متابع، بحسب المادة (19) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام[8].

وقد جاء في التقرير السنوي الثالث للمجلس الأعلى للإعلام قرار بحجب 212 حسابًا على فيس بوك، و10 حسابات على تويتر و5 حسابات على إنستجرام[9]، وهو ما يجعل من المجلس الأعلى للإعلام جهة مسؤولة عن فرض رقابة جماعية على الإنترنت.

لكل ذلك دلالات على اتساع صلاحيات فرض الرقابة على الإنترنت في إطار توزيع حجب المواقع على العديد من الجهات بين النيابة العامة/ جهة التحقيق المختصة، وجهات التحري والضبط (الشرطة)، فضلًا عن المجلس الأعلى للإعلام مع الوجود الدائم للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات كحلقة وصل بين الجهات السابق ذكرها وشركات الاتصالات لإبلاغهم بحجب المواقع.

وما له من تأثير سلبي على حرية الإعلام الرقمي، وإمكانية العمل، ففي خلال السنوات الأخيرة أغلقت خمسة مواقع صحفية على الأقل[10].

القسم الثالث: الملاحقة الجنائية في الإعلام الرقمي:

 “مع عدم الإخلال بالحق في التعويض المناسب، يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمس مئة جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من: 1- استخدام أو ساعد على استخدام وسائل غير مشروعة لإجراء اتصالات .
2 – تعمد إزعاج أو مضايقة غيره بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات”.

مادة 76 من قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003

في البدء كان يُحاكم المتهمون في قضايا تخص التعبير الرقمي، بموجب قانون العقوبات، وقانون تنظيم الاتصالات، إلا أنه في ظل التوجه العام للدولة بفرض تقييد على المحتوى الإلكتروني، سواء من خلال الحد من الوصول أو حجب المحتوى، في سياق مكافحة الإرهاب، ومن خلال مبررات مثل حماية الأمن القومي، والمصالح العليا للبلاد. وقد صدر قانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015، الذي قنن فرض تقييدات على حرية التعبير الرقمية، من خلال تجريم وفرض عقوبات مشددة على مستخدمي الفضاء الإلكتروني، بالإضافة إلى النص على إمكانية حجب المواقع الإلكترونية. وتلاه قوانين كمكافحة جرائم تقنية المعلومات وتنظيم الإعلام والصحافة، وهي كلها قوانين مقيِّدة للحقوق الرقمية، الموجهة بالأساس إلى الجرائم التي تتم عن طريق وسيط محدد: الإنترنت.

تنقسم العقوبات المنصوص عليها داخل القوانين سالفة الذكر إلى عقوبات وغرامات مالية تقع على المستخدمين، وعقوبات تقع على مقدمي خدمات الاتصالات والإنترنت، بالإضافة إلى المنع من السفر كإجراء احترازي.

إلى جانب التضييقات المتمثلة في حجب المواقع، أو تقييد عمل المواقع بوضع شروط للحصول على تراخيص، يأتي فرض عقوبات مشددة أحد أهم عوامل تقييد عمل الإعلام الرقمي، ورادع حقيقي لتحقق حرية النفاذ إلى الإنترنت. إذ تطبق العديد من العقوبات التي تتراوح بين سلب الحرية وفرض الغرامات على المستخدمين، في حال مخالفة بعض مواد تلك القوانين السالف ذكرها. تتشابك العقوبات داخل القوانين محل الدراسة لتقييد حرية التعبير الرقمي بشكل عام وحرية الإعلام الرقمي بشكل خاص.

مع صعوبة الإجراءات والتعنت الذي تواجهه المواقع الصحفية بشكل خاص في توفيق أوضاعها وفقًا لقانون تنظيم الصحافة والإعلام، ولائحة التراخيص الصادرة عن المجلس الأعلى للإعلام، تواجه الصحف الرقمية ومديريها العديد من العقوبات، التي تهدد بالضرورة وجود وعمل الإعلام الرقمي بشكل عام.

إذ ينص قانون مكافحة الإرهاب في المادة (29)[11] منه على عقوبة خمس سنوات سجن مشدد _كحد أدنى_ لمنشئي ومستخدمي المواقع الإلكترونية في الترويج لارتكاب أعمال إرهابية[12]، وهو اتهام يتسم بالضبابية ويمكِّن السلطات من تأويله بشكل يتسع ليشمل أي مستخدم للإنترنت، خاصة مع صعوبة تعريف ما هو “الإرهاب” ومن هو “الإرهابي” داخل قانوني مكافحة الإرهاب، والكيانات الإرهابية، وهو ما تستخدمه جهات الضبط والتحري في توسيع دوائر الاشتباه والاتهام، معتمدين على الصلاحيات التقديرية الواسعة الممنوحة لهم من قبل القانون.

كما تنص المادة (35)[13] من نفس القانون على غرامة لا تقل عن مئتي ألف جنيه، ولا تجاوز 500 ألف جنيه، على كل من تعمَّد نشر أخبار غير حقيقية عن أعمال إرهابية، بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الدفاع. وتجدر الإشارة هنا، أن تداعيات تلك المادة لا تقتصر فقط على حصر رواية الدولة/ وزارة الدفاع على اعتبارها الرواية الوحيدة للأحداث، وإنما تمتد لتشمل إمكانية غلق الصحف الإلكترونية المحدودة الموارد، نظرًا إلى الغرامة المالية الكبيرة التي ينص عليها القانون، بالإضافة إلى توقيع العقوبة بالتبعية على مديري المواقع أيضًا، وهو ما يؤثر بشكل سلبي بالضرورة على الصحف الإلكترونية، وعلى إمكانية قدرتها على الاستمرار، ويأتي ذلك في سياق تقاطع كل من  قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات مع قانون الإرهاب وقانون تنظيم الإعلام والصحافة في تخصيص جزء كامل _حصرًا_ لفرض عقوبات على مديري المواقع:

وتنص المادة 11 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات على: “يعاقب بالحبس الذي لا تقل مدته عن 3 سنوات وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه كل من أنشأ موقعًا على شبكة معلوماتية يهدف إلى الترويج لارتكاب أية جريمة من المنصوص عليها في قانون العقوبات أو أيٍّ من القوانين الخاصة”. كما تنص المادة (27) من نفس القانون، وفى غير الأحوال المنصوص عليها فى هذا القانون، أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على 300 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أنشا أو أدار أو استخدم موقعًا أو حسابًا خاصًّا على شبكة معلوماتية يهدف إلى ارتكاب أو تسهيل ارتكاب جريمة معاقب عليها قانونيًّا.

وتنص المادة (28) على: “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 20 ألف ولا تجاوز 200 ألف أو إحدى هاتين العقوبتين، كل مسؤول عن إدارة موقع أو حساب خاص أو بريد إلكتروني أو نظام معلوماتي، إذا أخفى أو عبث بالأدلة الرقمية لإحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون والتي وقعت على موقع أو حساب أو بريد إلكتروني بقصد إعاقة عمل الجهات الرسمية المختصة.”

بينما تنص المادة (29) على: “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن 20 ألفًا ولا تجاوز 200 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل مسؤول عن إدارة الموقع أو الحساب الخاص أو البريد الإليكتروني أو النظام المعلوماتى عرض أيٌّ منهم لإحدى الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون”.

 ويعاقب القانون مديري المواقع على قصور معرفتهم التقنية، إذ تنص الفقرة (2) من المادة (29 ) ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تجاوز 100 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل مسؤول عن إدارة الموقع أو الحساب الخاص أو البريد الإلكتروني أو النظام المعلوماتي، تسبب بإهماله فى تعرض أي منهم لإحدى الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون، وكان ذلك بعدم اتخاذه التدابير والاحتياطات التأمينية الواردة في اللائحة التنفيذية.

 وتنص المادة (101) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم 180 لسنة 2018 على: “يُعاقب بغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد على مئة ألف جنيه كل رئيس تحرير أو مدير مسؤول عن صحيفة أو وسيلة إعلامية أو موقع إلكتروني خالف أحكام المادتين (21) و(22) من هذا القانون”.

كما تنص المادة (105) من قانون رقم 180 لسنة 2018، في شأن تنظيم الصحافة والإعلام:

“يُعاقب بغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تزيد على ثلاثة ملايين جنيه كل من خالف أحكام المواد (59) من هذا القانون التي تنص على ضرورة الحصول على ترخيص من المجلس الأعلى للإعلام، وتقضي المحكمة فضلًا عن ذلك بالغلق ومصادرة المعدات والأجهزة ومكوناتها التى استُعملت فى ارتكاب الجريمة”.

من جانب آخر، تنص المادة (24)[14] من قانون الجريمة الإلكترونية على عقوبة الحبس لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، و/ أو غرامة مالية تتراوح بين 10 آلاف وثلاثين ألف جنيه، “لكل من اصطنع بريدًا إلكترونيًّا أو موقعًا أو حسابًا ونسبه زورًا إلى شخص طبيعي/ اعتباري”، وفي حال وقوع ضرر تزداد العقوبة إلى الحبس الذي لا يقل عن سنة، وغرامة ما بين 50 إلى 100 ألف جنيه. وفي حال وقع الضرر على شخص اعتباري عام تشدد العقوبة لتصل إلى السجن _أي سلب الحرية إلى ما يزيد على ثلاث سنوات_ وغرامة ما بين مئة ألف جنيه، وثلاث مئة ألف جنيه. وهو ما يمكن أن ينطبق على أصحاب الحسابات والصفحات الساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي[15]، ويقنن تتبع تلك الحسابات للوصول إلى أصحابها، وملاحقتهم جنائيًّا.

“يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن خمس مئة ألف جنيه ولا تجاوز مليون جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين كل مقدم خدمة امتنع عن تنفيذ القرار الصادر عن المحكمة الجنائية المختصة بحجب أحد المواقع أو الروابط أو المحتوى المُشار إليه فى الفقرة الأولى من المادة 7 من هذا القانون”.

المادة (30) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018

وهنا تكتمل حلقة القيود المفروضة على حرية الإعلام الرقمي مع فرض عقوبات على مقدمي خدمات الاتصالات/ الإنترنت، من المادة (30) التي تجرِّم امتناعهم عن حجب المواقع أو الروابط بالحبس سنة _كحد أدنى_ وغرامة تتراوح بين 5000 جنيه، إلى مليون جنيه، وتؤكد على ما ذكرنا سابقًا من إحكام السيطرة ومركزية الإدارة من قبل سلطات الدولة.

 خاتمة

إجمالًا يمكننا القول إن اشتراط حصول المواقع الإلكترونية على تراخيص من قبل المجلس الأعلى للإعلام، والتفرقة ما بين الإخطار للصحف الورقية والمواقع التابعة لها، ما هو إلا مؤشر يضاف إلى العديد من المؤشرات الصادرة عن الدولة في توجهها لإحكام السيطرة على كل ما يخص حرية النفاذ/ استخدام الإنترنت، خاصة مع التوسع في منح عديد من الجهات سلطة حجب المواقع الإلكترونية/ الحسابات الشخصية.

بالإضافة إلى أن فرض عقوبات وغرامات مالية على المستخدمين من جهة، وعلى شركات الاتصالات من الجهة الأخرى يحكم الخناق على المستخدمين في إمكانية التعبير عن آرائهم في المنفذ الوحيد المتبقي لهم. كما يؤثر ذلك على إمكانية وجود واستمرارية إعلام رقمي مستقل وقادر على العمل في مناخ يسمح بالتعددية وحرية التعبير. كما تجدر الإشارة هنا إلى أن العقوبات المنصوص عليها داخل القوانين السابق ذكرها _قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات بشكل خاص_ تنص على عقوبات حسب الآلية المستخدمة لارتكاب الجريمة، فالمعيار هنا هو الوسيط المستخدم _الإنترنت_ وليس الجريمة نفسها[16].

[1] المادة 73 من قانون تنظيم الإعلام والصحافة رقم 180 لسنة 2018: "يُشكَّل المجلس الأعلى بقرار من رئيس الجمهورية من تسعة أعضاء، يختارون على الوجه الآتى:

1- رئيس المجلس، يختاره رئيس الجمهورية.

2- نائب لرئيس مجلس الدولة، يختاره المجلس الخاص للشؤون الإدارية بمجلس الدولة.

3- رئيس جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية.

4- ممثل للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، يختاره رئيس مجلس إدارة الجهاز.

5- عضو من الشخصيات العامة من ذوي الخبرة، يختاره رئيس الجمهورية.

6- عضو من الصحفيين، بناءً على ترشيح مجلس إدارة نقابة الصحفيين من غير أعضائه.

7- عضو من الإعلاميين بناءً على ترشيح مجلس إدارة نقابة الإعلاميين من غير أعضائه.

8- عضو من الشخصيات العامة وذوي الخبرة، بناءً على ترشيح مكتب مجلس النواب من غير أعضاء مجلس النواب.

9- ممثل للمجلس الأعلى للجامعات، من أساتذة الصحافة والإعلام العاملين بالجامعات المصرية، بناءً على ترشيح المجلس الأعلى للجامعات.

وتلتزم الجهات المشار إليها فى البنود أرقام ( 6، 7، 8، 9) خلال الثلاثة أشهر السابقة على انتهاء مدة عمل المجلس، بترشيح ضعف العدد المطلوب من كل منها لعضوية المجلس الأعلى، وإخطار رئيس الجمهورية بأسمائهم، ليختار من بينهم العدد المطلوب، كما تلتزم بإخطار المجلس بأي تعديل يطرأ على صفاتهم".

[2] مؤسسة حرية الفكر والتعبير، "قراءة في صلاحيات المجلس الأعلى للإعلام"، 2018، تاريخ آخر زيارة في يونيو 2021، الرابط: https://afteegypt.org/media_freedom/2019/04/22/17424-afteegypt.html
[3] قانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم 180 لسنة 2018.
[4] قرار رقم 62 لسنة 2019، "لائحة الضوابط والمعايير اللازمة لضمان التزام المؤسسات الصحافية والمؤسسات الإعلامية أصول المهنة وأخلاقياتها والحفاظ على حقوق الملكية الفكرية المتعلقة بمحتواها، والقواعد والمعايير المهنية الضابطة للأداء الصحافي والإعلامي والإعلاني، والأعراف المكتوبة"، سبتمبر 2019،  تاريخ آخر زيارة في أغسطس 2021، الرابط: http://www.alamiria.com/ar-eg/archiving-service/Pages/decision-details.aspx?decisionID=150086
[5] موقع مصر العربية، " مصر العربية تستأذن قراءها في الاحتجاب"، إبريل 2021، آخر زيارة أغسطس 2021، الرابط:https://www.facebook.com/masralarabiaofficial/posts/1595907120602370?__cft__[0]=AZUgo1zb4rwAV2HXYZTe62PXy-1FwD1lNBcj60Ggku7VwlKYv89QhS6jwW06XrWjXTdEivbchH_PngtQBjHTG4uncmY4SmZWVuPtehF78MLOuHt0a3Q13zZky6KBC_1WO8vuWyZDLgSip-OiwTvoDZZZ&__tn__=%2CO%2CP-R
[6] مؤسسة حرية الفكر والتعبير، "بقرار أحيانًا.. عن حجب مواقع الوب"، 2018، تاريخ آخر زيارة في يونيو2021،  الرابط : https://afteegypt.org/digital_freedoms/2017/12/05/13645-afteegypt.html
[7] مادة( 6) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم 180 لسمة 2018 "لا يجوز تأسيس مواقع إلكترونية في جمهورية مصر العربية، أو إدارتها، أو إدارة مكاتب أو فروع لمواقع إلكترونية تعمل من خارج الجمهورية، إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من المجلس الأعلى وفق الضوابط والشروط التي يضعها في هذا الشأن. ومع عدم الإخلال بالعقوبات الجنائية المقررة، للمجلس الأعلى في حالة مخالفة أحكام الفقرة السابقة اتخاذ الإجراءات اللازمة بما في ذلك إلغاء الترخيص، أو وقف نشاط الموقع أو حجبه، في حالة عدم الحصول على ترخيص سار.ولذوي الشأن الطعن على القرار الصادر بذلك أمام محكمة القضاء الإداري.
[8] "يحظر على الصحيفة أو الوسيلة الإعلاميـة أو الموقع الإلكترونى، نشر أو بث أخبارًا  كاذبة أو ما يدعـــو أو يحرض على مخالفة القانون أو إلى العنف أو الكراهية، أو ينطوى على تمييز بين المواطنين أو يدعو إلى العنصرية أو التعصب أو يتضمن طعنًا فى أعراض الأفراد أو سبًّا أو قذفًا لهم أو امتهانًا للأديان السماوية أو للعقائد الدينية. واستثناء من حكم المادة الأولى من مواد إصدار هذا القانون، يلتزم بأحكام هذه المادة كل موقع إلكترونى شخصي أو مدونة إلكترونية شخصية أو حساب إلكتروني شخصي يبلغ عدد متابعيه خمسة آلاف متابع أو أكثر. ومع عدم الإخلال بالمسؤولية القانونية المترتبة على مخالفة أحكام هذه المادة يجب على المجلس الأعلى اتخاذ الإجراء المناسب حيال المخالفة وله فى سبيل ذلك، وقف أو حجب الموقع أو المدونة أو الحساب المشار إليه بقرارٍ منه".
[9] اليوم السابع، "الأعلى للإعلام في تقريره السنوي"، مارس2021، تاريخ آخر زيارة في يونيو2021، الرابط: https://www.youm7.com/story/2021/3/27/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%84%D9%84%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85-%D9%81%D9%89-%D8%AA%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%B1%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%86%D9%88%D9%89-213-%D8%B4%D9%83%D9%88%D9%89-%D9%81%D9%89-6-%D8%A3%D8%B4%D9%87%D8%B1/5259000
[10] مؤسسة حرية الفكر والتعبير، "ما لم يُرَ"، يونيو 2020، تاريخ آخر زيارة في أغسطس 2021، الرابط: https://afteegypt.org/digital_freedoms/publications_digital_freedoms/2020/06/24/19520-afteegypt.html
[11]  "يُعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنين، كل من أنشأ أو استخدم موقعًا على شبكات الاتصالات أو شبكة المعلومات الدولية أو غيرها، بغرض الترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية، أو لبث ما يهدف إلى تضليل السلطات الأمنية، أو التأثير على سير العدالة في شأن أية جريمة إرهابية، أو لتبادل الرسائل وإصدار التكليفات بين الجماعات الإرهابية أو المنتمين إليها، أو المعلومات المتعلقة بأعمال أو تحركات الإرهابيين أو الجماعات الإرهابية في الداخل والخارج".
[12] مادة 29 من قانون مكافحة الإرهاب رقم 95 لسنة 2015 "يُعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنين، كل من أنشأ أو استخدم موقعًأ على شبكات الاتصالات أو شبكة المعلومات الدولية أو غيرها، بغرض الترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية، أو لبث ما يهدف إلى تضليل السلطات الأمنية، أو التأثير على سير العدالة في شأن أية جريمة إرهابية، أو لتبادل الرسائل وإصدار التكليفات بين الجماعات الإرهابية أو المنتمين إليها، أو المعلومات المتعلقة بأعمال أو تحركات الإرهابيين أو الجماعات الإرهابية في الداخل والخارج. ويُعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن عشر سنين، كل من دخل بغير حق أو بطريقة غير مشروعة موقعًا إلكترونيًّا تابعًا لأية جهة حكومية، بقصد الحصول على البيانات أو المعلومات الموجودة عليها أو الاطلاع عليها أو تغييرها أو محوها أو إتلافها أو تزوير محتواها الموجود بها، وذلك كله بغرض ارتكاب جريمة من الجرائم المشار إليها بالفقرة الأولى من هذه المادة أو الإعداد لها".
[13] مادة 35 من قانون الإرهاب: "وفي الأحوال التي ترتكب فيها الجريمة بواسطة شخص اعتباري، يُعاقب المسؤول عن الإدارة الفعلية لهذا الشخص بذات العقوبة المقررة في الفقرة الأولى من هذه المادة ما دامت الجريمة قد ارتكبت لحسابه أو لمصلحته، ويكون الشخص الاعتباري مسؤولًا بالتضامن عمَّا يحكم به من غرامات وتعويضات. وفي جميع الأحوال، للمحكمة أن تقضي بمنع المحكوم عليه من مزاولة المهنة لمدة لا تزيد على سنة، إذا وقعت الجريمة إخلالًا بأصول مهنته".
[14] "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر, وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز ثلاثين ألف جنيه أو بإحدى العقوبتين كل من اصطنع بريدًا إلكترونيًّا أو موقعًا أو حسابًا خاصًّا ونسبه زورًا إلى شخص طبيعي أو اعتباري.
فإذا استخدم الجاني البريد أو الموقع أو الحساب الخاص المصطنع فى أمر يسيء إلى من نُسب إليه، تكون العقوبة الحبس الذي لا تقل مدته عن سنة والغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مئتي ألف جنيه, أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وإذا وقعت الجريمة على أحد الأشخاص الاعتبارية العامة, تكون العقوبة السجن, والغرامة التي لا تقل عن مئة ألف جنيه, ولا تزيد على ثلاث مئة ألف جنيه".

[15] مؤسسة حرية الفكر والتعبير، "قوانين جديدة..عصا الدولة الغليظة"، 2018، تاريخ آخر زيارة في يونيو 2021، الرابط:
[16] المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، "معاداة التقنية"، يونيو 2016، متاح على الرابط التالي: https://eipr.org/sites/default/files/reports/pdf/cybercrime.pdf

للإشتراك في نشرة مؤسسة حرية الفكر والتعبير الشهرية

برجاء ترك بريدك الالكتروني أدناه.