التقرير ربع السنوي الثالت لحالة حرية التعبير في مصر (يوليو-سبتمبر2018)

تاريخ النشر : الثلاثاء, 16 أكتوبر, 2018
Facebook
Twitter

 

للإطلاع على التقرير كاملا بصيغة PDF أضغط هنا 

للإطلاع على منهجية الرصد والتوثيق أضغط هنا 

التقرير ربع السنوي الثالث لحالة حرية التعبير في مصر

الربع الثالث( يوليو – سبتمبر 2018 )

قام بإعداد وتحليل الانتهاكات الواردة في التقرير:

سارة محسن، باحثة بوحدة الرصد والتوثيق

وسام عطا، مدير وحدة الرصد والتوثيق

تحرير:

محمد عبد السلام، مدير الوحدة البحثية

المحتوى:

– منهجية التقرير

-مقدمة 

– أولًا: قراءة في حالة حرية التعبير

  • محاولات تعديل الدستور: دافع إضافي لتقييد حرية التعبير
  • الرئيس يصدق على قوانين الإعلام والجرائم الإلكترونية: عقوبات متنوعة في انتظار المعارضين
  • صفقات الاستحواذ على وسائل الإعلام: الشبهات تعود مجددًا حول ملكية وسائل الإعلام

– ثانيًا: عرض وتحليل أنماط انتهاكات حرية التعبير

  • حرية الصحافة والإعلام
  • الحقوق الرقمية
  • حرية الإبداع

– ثالثًا: توصيات بشأن حماية حرية التعبير

– خاتمة

 

منهجية التقرير

اعتمد التقرير على عرض وتحليل بعض الموضوعات المرتبطة بالحق في حرية التعبير وحرية تداول المعلومات، بهدف تقييم السياسات العامة لمؤسسات الدولة، ومنها المؤسسة التشريعية، تجاه الحق في حرية التعبير وحرية تداول المعلومات. كما اعتمد التقرير على عرض الانتهاكات التي تم توثيقها، وفقًا لمنهجية الرصد والتوثيق الخاصة بمؤسسة حرية الفكر والتعبير. تم توثيق الانتهاكات في الفترة من 26 يونيو وحتى 25 سبتمبر 2018. كما يقوم التقرير بتحليل أنماط الانتهاكات، بهدف بيان تأثير السياسات العامة على الحق في حرية التعبير.

 

مقدمة

يتناول التقرير بالعرض والتحليل فترة الربع الثالث من العام 2018، وتبدأ من أول يوليو وتنتهي في نهاية سبتمبر، وشهدت هذه الفترة تجدد الجدل حول تعديل مواد الدستور، للسماح باستمرار الرئيس السيسي في الحكم، لمدة أطول من فترته الرئاسية الثانية، والتي من المفترض أن تنتهي في عام 2022.

ينطلق التقرير من محاولة استعراض التطورات التي لحقت بمسألة تعديل الدستور، ويحاول التقرير أن يوضح تأثير ذلك على ملفات حرية التعبير، وممارسات السلطة تجاه الأصوات الناقدة والمعارضة. ويستكمل التقرير في قسمه الأول قراءة حالة حرية التعبير، من خلال التطرق إلى تصديق الرئيس على قوانين الإعلام ومكافحة جرائم تقنية المعلومات، وما تحمله هذه القوانين من مواد ونصوص، أعدها البرلمان لتقييد حرية الإعلام والحقوق الرقمية، وملاحقة الصحفيين والناشطين بعدد كبير من العقوبات والعوائق.

وباﻹضافة إلى ذلك، يفرد التقرير مساحة لإبراز تطور نشاط الأجهزة الأمنية في مجال الإعلام، من خلال متابعة صفقات الاستحواذ الجديدة، التي تقوم بها مجموعة إعلام المصريين، والتي كان آخرها الاستحواذ على شبكة قنوات سي بي سي، خلال الفترة التي يغطيها التقرير.

بينما يستعرض التقرير في قسمه الثاني أنماط انتهاكات ثلاثة ملفات وهي حرية الإعلام، الحقوق الرقمية، وحرية الإبداع، للوصول إلى استنتاجات، يمكن من خلالها أن يقف القارىء على دوافع الجهات الرسمية في انتهاك حرية التعبير. كما تحظى الانتهاكات التي وثقتها وحدة الرصد والتوثيق بمؤسسة حرية الفكر والتعبير بأهمية كبرى في هذا التقرير، ولذلك يتيح التقرير ضمن المواد المرفقة المادةَ الكاملة لهذه الانتهاكات.

يخلص التقرير إلى عدد من التوصيات، التي توجهها مؤسسة حرية الفكر والتعبير إلى الجهات المعنية في الدولة، وكذلك إلى الفئات المستهدفة والمجموعات، التي تخوض نقاشات مع السلطات المصرية، من أجل حماية وتعزيز حرية التعبير وحرية تداول المعلومات.

وتجدر الإشارة إلى أن هذا التقرير هو الأخير ضمن التقارير ربع السنوية للعام 2018، والتقرير القادم سيكون التقرير السنوي للعام 2018، والذي ستصدره مؤسسة حرية الفكر والتعبير في بداية العام 2019.

 

أولًا: قراءة في حالة حرية التعبير:

يسلط التقرير في قسمه الأول الضوء على عدد من القضايا الملحة، خلال الربع الثالث من العام 2018، بحيث يمكن من خلالها فهم التطورات على مستوى السياسات العامة والتوجهات التشريعية، التي ترتبط بملفات حرية التعبير. وينطلق التقرير من المطالبات بتعديل مواد الدستور، حتى يمكن زيادة مدة ولاية الرئيس السيسي، لتصبح فترة الرئاسة 6 سنوات بدلًا من 4 سنوات.

وبشكل عام، فإن ضمان بقاء الرئيس السيسي في السلطة لمدة أطول يعد هدفًا رئيسيًّا للسلطة في الفترة الحالية، وتضع من أجله عوائق وقيود كبيرة على حرية التعبير، حتى لا يكون هناك فرصة أمام المعارضين والنشطاء المدافعين عن الديمقراطية لحشد المواطنين ضد هذه التعديلات.

محاولات تعديل الدستور: دافع إضافي لتقييد حرية التعبير

لا يمكن النظر إلى المطالبات بتعديل فترة الرئاسة كحدث جديد في الحياة السياسية في مصر، لقد كانت تلك المطالبات تسبق إجراء الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وكانت تهدف حينها إلى ضمان بقاء الرئيس السيسي في الحكم على الأقل حتى عام 2026، بمعنى أن تكون مدة الفترة الرئاسية 6 سنوات، ويتم تحديدها بفترتين على الأكثر. وقد طالب علاء عابد، رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، بتعديل الدستور، في عام 2017، بحيث يتم زيادة سنوات الفترة الرئاسية إلى 6 سنوات، وهو نفس ما دعا إليه حينها النائب إسماعيل نصر الدين.[1]

وربما لم تتمكن السلطة الحالية من تعديل الدستور قبل إجراء الانتخابات الرئاسية، لذلك فقد عاد الحديث من جديد إلى هذه التعديلات، بعد أن اطمئن الرئيس السيسي إلى فوزه بالانتخابات الرئاسية، وإزاحة أبرز منافسيه، حيث لا يزال رئيس أركان حرب القوات المسلحة السابق سامي عنان، قيد الاحتجاز ويخضع لتحقيقات عسكرية. بينما لم يظهر رئيس الوزراء السابق أحمد شفيق في أي فعاليات سياسية، منذ أن تم إقصاؤه عن خوض سباق الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

وقد أشار رئيس لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب أسامة هيكل، في 5 أغسطس 2018، إلى أن فترة الرئاسة المحددة بأربع سنوات هي فترة قصيرة، ويجب تغييرها، مع ضرورة عدم التنازل عن مسألة الدورتين الرئاسيتين كحد أقصى.[2] وفي تصريح آخر، أكد هيكل أنه عاجلًا أم آجلًا لا بد من تعديل الدستور، لأن هناك بعض المواد يستحيل تنفيذها.[3]

بينما كتب الصحفي المقرب من الرئاسة ياسر رزق في مقال رأي: “رهان الإخوان هو على مرحلة ما بعد السيسي، سواء انتهت فترته الثانية في 2022، أو امتدت بإرادة الشعب إلى 2024”. ويُظهر ذلك أن هناك توجهًا داخل أروقة السلطة الحالية إلى إجراء تعديل دستوري يسمح باستمرار الرئيس السيسي في الحكم.[4]

ومن المتوقع أن يتطرق مجلس النواب إلى تعديل مواد فترة الرئاسة خلال دور الانعقاد الذي بدأ في أكتوبر 2018، بحسب تقرير نشره موقع مدى مصر.[5]

ورغم تعدد الأصوات المنادية بتعديل الدستور، كان هناك أيضًا مواقف رافضة لذلك، حيث أصدر مساعد رئيس حزب المحافظين للشئون السياسية بيانًا،[6] جاء فيه أن “تعديل نصوص الدستور في تلك الفترة يعد إلتواء على الإرادة الشعبية، فالحديث عن تعديل مدة الرئيس يلوي إرادة الناخب الذي وافق على أن تكون مدة الرئيس مدتين رئاسيتين، ووافق على انتخاب الرئيس في الانتخابات الرئاسية الماضية لولاية ثانية لمدة 4 سنوات، مؤكدًا أن المساس بالنصوص الدستورية هو مساس بالدولة”. ويملك حزب المحافظين 6 مقاعد في مجلس النواب من إجمالي 594 مقعدًا.

على الأرجح، فإن المحاولات المستمرة لتعديل مواد الدستور قد أثرت على حالة حرية التعبير في مصر، خلال الفترة التي يغطيها التقرير، والتي شهدت القبض على المعارض البارز معصوم مرزوق وعدد آخر من النشطاء، في 23 أغسطس 2018[7] بعد أن أعلن مرزوق عن دعوته إلى إجراء استفتاء على بقاء الرئيس السيسي في الحكم. ولا تزال هذه المجموعة، التي تضم كذلك الأكاديمي يحيى القزاز، قيد الحبس الاحتياطي، حيث وُجهت إليهم اتهامات من قبل نيابة أمن الدولة العليا بمشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أهدافها، وتلقي تمويل أجنبي لهذا الغرض، على ذمة القضية 1305 لسنة 2018 حصر أمن دولة عليا.[8]

وتظهر هذه الاتهامات امتداد حملة القمع إلى معارضين محسوبين على التيار الناصري، والذي لم يتعرض خلال فترة حكم الرئيس السيسي إلى هذه الاتهامات بدعم الإرهاب من قبل. ويبدو أن دعوات معصوم مرزوق سببت انزعاجًا كبيرًا لدوائر الحكم، والتي تعمل على بقاء الرئيس السيسي في السلطة إلى ما بعد انتهاء فترته الرئاسية الثانية في 2022.

ويمكن القول إن الرغبة في قمع الأصوات المعارضة تنعكس على كافة ملفات حرية التعبير، وهذا ما يتطرق إليه التقرير في مواضع لاحقة بالتفصيل. فلا زال النشطاء، الذين يستخدمون الإنترنت كوسيلة للتعبير عن آرائهم تجاه السلطة الحالية، يعانون تحت وطأة الحبس الاحتياطي. ويعد المدون وائل عباس من أبرز هؤلاء النشطاء، وكذلك الناشطة أمل فتحي، والتي أصدرت محكمة جنح المعادي حكمًا بحبسها سنتين وغرامة 10 آلاف جنيه وكفالة 20 ألف جنيه لوقف تنفيذ الحكم إلى حين الإقرار بالاستئناف، في 29 سبتمبر 2018، على ذمة قضية تتعلق بفيديو نشرته أمل فتحي ووجهت فيه انتقادات إلى السلطة الحالية.[9]

ومن جانب آخر، صدَّق الرئيس السيسي على أربعة قوانين جديدة، بهدف السيطرة على الإعلام والإنترنت. بينما تستمر أجهزة الاستخبارات في الاستحواذ على قنوات تلفزيونية مملوكة لرجال أعمال، من خلال شركات تم إنشاؤها بتمويل وإدارة من قبل الأجهزة الأمنية. وهكذا، لم تعد ممارسات السلطة الحالية قاصرة على مخاوفها من نشوب الاحتجاجات ضدها، بقدر ما تركز على منع أي معارضة لتعديل الدستور، من أجل ضمان استمرار الرئيس السيسي في السلطة.

الرئيس يصدق على قوانين الإعلام والجرائم الإلكترونية: عقوبات متنوعة في انتظار المعارضين

تستمر السلطة الحالية في استخدام التشريعات بغرض تقييد حرية التعبير، إذ يعمل البرلمان على اقتراح وبلورة التشريعات، ويقوم الرئيس بالتصديق عليها، دون اكتراث بالاعتراضات المحلية والدولية على هذه القوانين القمعية. وخلال الفترة التي يغطيها التقرير، صدَّق الرئيس السيسي على أربعة قوانين لقمع حرية التعبير، ونشرتها الجريدة الرسمية:

  • قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، رقم 175 لسنة 2018، والصادر في الجريدة الرسمية، بتاريخ 14 أغسطس 2018.
  • قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، رقم 180 لسنة 2018، والصادر في الجريدة الرسمية، بتاريخ 27 أغسطس 2018.
  • قانون الهيئة الوطنية للصحافة، رقم 179 لسنة 2018، والصادر في الجريدة الرسمية، بتاريخ 27 أغسطس 2018.
  • قانون الهيئة الوطنية للإعلام، رقم 178 لسنة 2018، والصادر في الجريدة الرسمية، بتاريخ 27 أغسطس 2018.

أصبحت هذه القوانين سارية منذ تواريخ إصدارها في الجريدة الرسمية، وتتوقع مؤسسة حرية الفكر والتعبير أن تؤثر هذه القوانين بشدة على حرية الإعلام والحقوق الرقمية[10] ويمكن التطرق إلى مجموعة من المواد، التي ستؤثر بشدة على هذه الحقوق، كالتالي:

  • طبقًا للمادة (7) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، تملك جهات التحقيق صلاحية الأمر بحجب المواقع، ويُعرض الأمر على المحكمة المختصة خلال 24 ساعة، وتصدر المحكمة قرارها بالقبول أو الرفض خلال 72 ساعة. كما يُمكن للشرطة طلب حجب المواقع من الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، وعليه فيقوم الجهاز بإخطار مقدمي الخدمة بالحجب على الفور، وذلك في حالة الاستعجال لوجود خطر حالٍّ أو ضرر وشيك الوقوع من ارتكاب الجريمة، وعلى جهة التحري والضبط (الشرطة) أن تحرر محضرًا تثبت فيه هذا الإجراء، ويعرض المحضر على جهات التحقيق خلال 48 ساعة، والتي تعرضه بدورها على المحكمة المختصة، وفقًا لنفس الإجراء الموضح أعلاه.
  • تُلزم المادة (2) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات شركات الاتصالات بحفظ وتخزين بيانات استخدام العملاء، لمدة 180 يومًا. ويشمل ذلك البيانات التي تُمكِّن من التعرُّف على المستخدم، والبيانات المتعلقة بمحتوى ومضمون النظام المعلوماتي، وتلك المتعلقة بحركة الاستخدام وبالأجهزة المُستخدمة. ويعني ذلك أن مقدمي خدمة الاتصالات سيكون بإمكانهم معرفة الممارسات التي يقوم بها المستخدم، ومنها المكالمات الهاتفية والرسائل النصية، والمواقع التي يزورها، والتطبيقات المستخدمة.

وتفرض المادة كذلك على مقدمي الخدمة الالتزام بحفظ “بيانات أخرى”، في حال صدور قرار بتحديدها من قبل مجلس إدارة الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات. ما يعني أنه يمكن إلزام مقدمي خدمات الاتصالات بحفظ بيانات غير منصوص عليها في القانون. وتمنح نفس المادة لجهات الأمن القومي صلاحية الاطلاع على هذه البيانات، وتُلزم مقدمي الخدمة بتوفير الإمكانيات الفنية لذلك. وقد حدد القانون جهات الأمن القومي في رئاسة الجمهورية، القوات المسلحة، وزارة الداخلية، المخابرات العامة، وهيئة الرقابة الإدارية.

  • تتيح المادة (24) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات تتبع الصفحات والحسابات الساخرة، والتي تُوَصِّفها المادة كجريمة “اصطناع المواقع والحسابات الخاصة والبريد الإلكتروني”، بحيث تكون العقوبة في حالة اصطناع بريد أو حساب أو موقع ونسبه زورًا إلى شخص طبيعي أو اعتباري (فرد أو كيان قانوني خاص)، يتعرض القائم بذلك لعقوبة تصل إلى الحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر، وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه، ولا تجاوز 30 ألف جنيه أو بإحدى العقوبتين. حتى لو لم يترتب على ذلك ضرر. بينما في حالة حدوث ضرر على ذلك، تكون العقوبة الحبس الذي لا تقل مدته عن سنة، وغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه، ولا تجاوز 200 ألف جنيه، أو بإحدى العقوبتين، إذا ما استخدم الجانى البريد أو الموقع أو الحساب الخاص المصطنع فى أمر يسيء إلى من نسب إليه. وفي حالة اصطناع بريد أو حساب أو موقع إلكتروني ونسبه زورًا إلى أحد الأشخاص الاعتبارية العامة، مثل: الوزارات والهيئات والشركات الحكومية، فتكون العقوبة السجن والغرامة التي لا تقل عن 100 ألف جنيه، ولا تزيد على 300 ألف جنيه، حتى لو لم يترتب على ذلك ضرر.
  • وفقًا للمادة (19) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام يتم حجب موقع الوِب في حالة نشر أو بث أخبار كاذبة أو ما يدعو أو يحرض على مخالفة القانون، أو على العنف أو الكراهية، أو ينطوي على تمييز بين المواطنين، أو يدعو إلى العنصرية أو التعصب، أو يتضمن طعنًا فى أعراض الأفراد أو سبًّا أو قذفًا لهم، أو إهانة للأديان السماوية أو للعقائد الدينية. وهذه الاتهامات جميعها فضفاضة وغير محددة، ما يجعلها وسيلة للتوسع في حجب المواقع. وتمنح المادة (19) كذلك المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام صلاحية حجب الحساب الشخصي الذي  يبلغ عدد متابعيه خمسة آلاف متابع أو أكثر، وكذلك المدونات، وفق نفس الاتهامات الموجهة للمواقع.
  • أقرت المادة (7) من قانون الهيئة الوطنية للإعلام أن يختار رئيس الجمهورية ثلاثة أشخاص بشكل مباشر لعضوية الهيئة، من بينهم رئيس الهيئة الوطنية للإعلام وذلك من إجمالي 9 أعضاء. ما يعني أن رئيس الجمهورية يعين بشكل مباشر ثلث أعضاء الهيئة الوطنية للإعلام. وتمنح المادة (7) لكلٍّ من وزارة المالية ومجلس الدولة وجهاز تنظيم الاتصالات صلاحية اختيار عضو لكل جهة منها على حدة. بينما يكون لكل من نقابة الإعلاميين ونقابة العاملين بالصحافة والطباعة والإعلام وهيئة مكتب مجلس النواب ترشيح عضو واحد لكلٍّ منها على حدة، شريطة أن ترشح كل جهة من تلك الجهات ضعف العدد المطلوب منها، على أن يختار رئيس الجمهورية من بينهم العدد المطلوب. كما يشترط أن تُرسل الترشيحات خلال ثلاثة أشهر من طلبها، وفي حالة عدم إرسالها يتولى رئيس الجمهورية استكمال الأسماء مع مراعاة الفئة التي يمثلونها، بناءً على ترشيح مكتب مجلس النواب. ويعني ذلك أن السلطة التنفيذية تسيطر بشكل مباشر من خلال رئيس الجمهورية على صلاحية تشكيل الهيئة الوطنية للإعلام، وهو ما يطعن في استقلاليتها.
  • تتناول المادة (7) من قانون الهيئة الوطنية للصحافة تشكيل الهيئة، بحيث تشمل في عضويتها 9 أعضاء يختار منهم رئيس الجمهورية بشكل مباشر ثلاثة أعضاء، وهم رئيس الهيئة واثنين من ذوي الخبرة والشخصيات العامة، بينما يكون لمجلس نقابة الصحفيين ترشيح عضوين ولكلٍّ من مكتب مجلس النواب ومجلس النقابة العامة للعاملين بالصحافة والطباعة والإعلام ترشيح عضو لكلٍّ منهما، وعلى هذه الجهات في الثلاثة شهور الأخيرة من مدة عمل الهيئة أن ترشح ضعف العدد المطلوب ليقوم رئيس الجمهورية بالاختيار من بينهم، وفي حال عدم وجود ترشيحات من هذه الجهات، يختار رئيس الجمهورية الأعضاء بشكل مباشر. بينما يختار وزير المالية عضوًا في الهيئة كممثل لوزارة المالية، ويختار المجلس الأعلى للشئون الإدارية بمجلس الدولة نائبًا لرئيس مجلس الدولة لعضوية الهيئة. وبذلك يكون لرئيس الجمهورية اليد العليا في تشكيل الهيئة الوطنية للصحافة، ما يعصف باستقلاليتها عن السلطة التنفيذية.

يُظهر الاستعراض السابق لبعض مواد القوانين القمعية لحرية التعبير بعضًا من الإشكاليات التي سوف تترك آثارًا كبرى على عمل المؤسسات الصحفية والإعلامية، وكذلك على استخدام الإنترنت في السنوات المقبلة.

صفقات الاستحواذ على وسائل الإعلام: الشبهات تعود مجددًا حول ملكية وسائل الإعلام  

وبالتوازي مع إصدار التشريعات المقيِّدة لحرية الإعلام، واصلت الأجهزة الأمنية نشاطها في صفقات وسائل الإعلام. فقد أعلنت مجموعة إعلام المصريين عن تمكنها، في 10 سبتمبر 2018، من شراء الحصة الحاكمة بنسبة 51% من أسهم مجموعة المستقبل القابضة للإعلام والاتصالات. وجاء في البيان الصادر عن إعلام المصريين أن “هذه الشراكة تهدف إلى توحيد الجهود المبذولة من أجل تقديم خدمات إعلامية مميزة في السوق المصري والعربي، وهو الأمر الذي جاء التحضير له على عدة مراحل من المجموعتين في إطار هيكلة جديدة لينتج عنها كيان أكبر يستفيد منه المصريون وكافة متلقي الخدمات الإعلامية في المنطقة العربية”.[11]

نتج عن هذه الصفقة انضمام رجل الأعمال محمد الأمين إلى عضوية مجلس إدارة مجموعة إعلام المصريين. وكان محمد الأمين رئيسًا لمجلس إدارة مجموعة المستقبل، والتي يملك الأمين النسبة الأكبر من أسهمها. وتملك مجموعة المستقبل شبكة قنوات cbc، وبذلك أصبحت إعلام المصريين تملك قنوات cbc، بالإضافة إلى شبكة قنوات أون وشبكة قنوات الحياة، كما أن إعلام المصريين تدير شبكة راديو النيل.

وتعد الإشارة إلى التحضير للصفقة على عدة مراحل هي النقطة الأبرز في بيان إعلام المصريين، فهناك ضغوط مستمرة على رجال الأعمال، كي يتم تقليص ملكيتهم لوسائل الإعلام وخاصة القنوات التلفزيونية. وربما ساهمت تصريحات رجل الأعمال أحمد بهجت، مالك قناة دريم، بشأن دخوله في شراكة مع أحد الجهات في الدولة، في تعزيز هذه الفرضية. فقد صرح بهجت، في 11 سبتمبر 2018، أنه “واضح أن الدولة وجهة نظرها في موضوع الإعلام ألا يكون هناك شيء خارج السرب، وحاليًّا يحدث نوع من الشراكة مع القطاع الخاص”.

وقد كشف تقرير لموقع مدى مصر[12] والذي تم حجبه منذ مايو 2017، أن “إيجل كابيتال للاستثمارات المالية ش.م.م.” التي ترأسها داليا خورشيد، وزيرة الاستثمار السابقة، تعد صندوق استثمار مباشر Private Equity Fund مملوكًا لجهاز المخابرات العامة المصرية، جرى تأسيسه ليتولى إدارة جميع الاستثمارات المدنية للجهازPortfolio Management في عدد كبير من الشركات المملوكة للمخابرات جزئيًّا أو كليًّا. واستحوذت إيجل كابيتال على مجموعة إعلام المصريين، في ديسمبر 2017، ولم يحقق المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصادر تمويل هذه الصفقة، بحسب تقرير سابق نشرته مؤسسة حرية الفكر والتعبير.[13]

وبالعودة إلى تصريحات رجل الأعمال أحمد بهجت، مالك قناة دريم، فقد جاء بها أن قناة دريم بصدد الدخول في شراكة مع أحد الجهات في الدولة.[14] وعلى الأرجح، يقصد بهجت جهاز المخابرات العامة الذي يملك مجموعة إيجل كابيتال، والتي تملك مجموعة إعلام المصريين. ويبدو أن إعلام المصريين أصبحت أداة رئيسية في الاستحواذ على القنوات التلفزيونية وغيرها من وسائل الإعلام خلال الآونة الأخيرة.

وتتخوف مؤسسة حرية الفكر والتعبير من سعي الأجهزة الأمنية عبر شركات مملوكة لها إلى السيطرة على سوق الإعلام في مصر، خاصة مع إصدار قوانين الإعلام الجديدة، والتي تضع شروطًا معقدة لإنشاء وسائل إعلام جديدة.

للإشتراك في نشرة مؤسسة حرية الفكر والتعبير الشهرية

برجاء ترك بريدك الالكتروني أدناه.