ممنوع… عن الاستهداف الأمني لصانعي المحتوى الإبداعي على مواقع التواصل الاجتماعي

تاريخ النشر : الخميس, 28 ديسمبر, 2023
Facebook
Twitter

إعداد: رحمة سامي، باحثة بوحدة الرصد والتوثيق

منهجية

مقدمة

أولًا: ما هو الإبداع وهل المحتوى المستهدف إبداع؟

ثانيًا: أبرز أنماط الاستهدافات لصانعي محتوى إبداعي على مواقع التواصل الاجتماعي:

الاستهداف الأمني لصانعي محتوى إبداعي على خلفية أعمال تمثيلية تظهر فيها رموز شرطية

الاستهداف الأمني  لصانعي محتوى إبداعي على خلفية أعمال تتناول أوضاع اقتصادية وسياسية

استهدافات أخرى لأعمال إبداعية على خلفيات مختلفة

خاتمة وتوصيات

 

منهجية

اعتمدت الورقة على رصد وتوثيق عدد من الحالات لمواطنين وصناع محتوى على مواقع التواصل الاجتماعي، تم القبض عليهم على خلفية تقديم محتوى مرئي رأت السلطة بشكل أو بآخر أنها تتعرض لبعض القضايا غير المرحَّب بتناولها، كما اعتمدت الورقة على تقارير سابقة، أصدرتها المؤسسة عن وضع الدراما والتليفزيون وملكية وسائل الإعلام، وكذلك رصد وتحليل الأخبار والتصريحات الرسمية، إلى جانب البيانات الواردة من وحدة المساعدة القانونية بمؤسسة حرية الفكر والتعبير.

 

مقدمة

اتسمت السنوات العشر الأخيرة بانسداد كامل في مختلف شرايين الحياة في المجتمع المصري: اقتصاديًّا، وسياسيًّا، واجتماعيًّا، وفكريًّا، وثقافيًّا، وأُغلقت كافة منافذ المجال العام، إلى جانب قمع واسع النطاق، بالرغم من تركز التوقعات بعد ثورة 25 يناير في زيادة الضمانات للحريات في الدستور بشكل أكثر تفصيلًا وإحكامًا، إلى جانب حماية حرية الإبداع خاصة مع إصرار أعضاء  لجنة الخمسين، واضعي الدستور المصري الصادر عام 2014، على إضافة فقرات جديدة لحماية حرية الإبداع.

 

إذ نصت المادة 67 من الدستور المصري على حماية وكفالة ورعاية حرية الإبداع، وقيدت التحرك ضد الإبداع على النيابة العامة، حيث نصت المادة 67 على: “لا يجوز رفع أو تحريك الدعاوى لوقف أو مصادرة الأعمال الفنية والأدبية والفكرية أو ضد مبدعيها إلا عن طريق النيابة العامة”، و”لا توقع عقوبة سالبة للحرية للجرائم التي ترتكب بسبب علانية المنتج الفني أو الأدبي أو الفكري في غير الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو التمييز”.

وعلى الرغم من وجود مادة تمثل أساسًا جيدًا لحماية قانونية لحرية الإبداع فإن الممارسات التي وثقتها مؤسسة حرية الفكر والتعبير خلال الفترات الماضية تنم عن سياسة حكومية معادية للإبداع، خاصة تلك التي تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي كنافذة لها تمكنها من وصول محتواها الإبداعي إلى عشرات الملايين من المصريين.

إن ما حدث منذ 2014 هو عملية متكاملة، سعت إلى السيطرة على المحتوى الإبداعي عبر نوافذه التقليدية، بدأت أولى تلك السياسات باحتكار شبه كامل للقنوات التليفزيونية وشركات الإنتاج والتوزيع والإعلام عبر الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، التي تعود ملكيتها إلى جهاز المخابرات العامة، أحد الأجهزة الرئيسية الضالعة في إدارة المشهد المصري في مختلف المستويات، وما نتج منه من وضع قيود على المحتوى الإبداعي، بما يتناسب مع الرؤية الحكومية لمختلف القضايا. كما شكل قانون تنظيم الإعلام عددًا من المجالس، على رأسها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، الذي لعب دورًا خلال السنوات الماضية في إحكام السيطرة على المحتوى الإبداعي المعروض على القنوات المصرية. ولعبت أجهزة الأمن المصرية دورًا رئيسيًّا في استهداف المبدعين والأعمال الإبداعية، خارج التوجهات العامة للحكومة. وساقت كل تلك الأجهزة والمجالس انتهاكاتها ضد المبدعين تحت دعاوى: سياسية وأمنية، ودينية. أدى ذلك في النهاية إلى ضعف المحتوى الإبداعي.

وبالتوازي زاد استخدام المصريين لمواقع التواصل الاجتماعي لنشر محتوى ثقافي وفني، خاصة خلال الثلاث سنوات الماضية، حيث مكنت الإجراءات التي اتخذت خلال انتشار وباء كوفيد-19 وعلى رأسها إجراءات التباعد الاجتماعي من زيادة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة التي تعتمد على المحتوى المرئي، مثل: يوتيوب و تيك توك، وبدأت تظهر منذ ذلك الوقت مقاطع مصورة لمواطنين يقومون بتقليد بعض الشخصيات أو المشاهد الفنية أو القيام بتمثيل مشاهد فنية أو الغناء، بل إن بعض الفنانين العاملين من خلال نوافذ تقليدية أصبحوا شغوفين باستخدام تلك النوافذ الجديدة لانتشارها الواسع، وحظيت تلك المقاطع بمشاهدات بالملايين جعلها تدر أموالًا على صانعيها، وبالتالي تحولت إلى مصدر دخل لكثيريين ذهبوا إلى صناعة محتوى إبداعي بأشكال مختلفة.

انتشرت تلك النوافذ الجديدة بما تسمح به من معايير أكثر حرية، وبقيود أقل حدة بكثير من تلك التي أوجدتها أجهزة ومؤسسات الدولة على النوافذ التقليدية، ففي الوقت الذي لا ترى أي عمل إبداعي ينتقد سياسات حكومية أو يظهر أيًّا من المؤسسات الأمنية بشكل سلبي، تجد ذلك متاحًا في مقاطع فنية كثيرة منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما أثار بالطبع انتباه الأجهزة الأمنية، التي عملت على استهداف عدد من صانعي المحتوى الإبداعي على تلك المواقع وإحالتهم إلى نيابة أمن الدولة العليا، كما تتعامل مع المحتوى السياسي، وهي التي سنستعرضها من خلال هذا التقرير.

وتركزت هذه الهجمات في صُناع المحتوى الذين يقتربون من قضايا بعينها كالقضايا: السياسية، الاقتصادية، الدينية، وتلك التي تمس المزاج الأخلاقي للمجتمع وسلطاته، فضلًا عن المحتوى الإبداعي الذي يتناول الرموز الأمنية حتى وإن كان على سبيل الفكاهة.

 

أولًا: ما هو الإبداع وهل المحتوى المستهدف إبداع؟

عرَّف حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في يناير 1997 فى الدعوى رقم 2 لسنة 15 دستورية والمرفوعة  للحكم بعدم دستورية المادة (5) من القانون رقم 35 لسنة 1978 فى شأن إنشاء نقابات واتحاد نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية، وذلك فيما تضمنته من قَصْر إخراج العمل المسرحي على المخرج المسرحى دون السينمائي، نقول إن الحكم عرَّف الإبداع سواء كان علميًّا أو أدبيًّا، فنيًّا أو ثقافيًّا على أنه: “موقف حر واعٍ يتناول ألوانًا من الفنون والعلوم تتعدد أشكالها، وتتباين طرائق التعبير عنها” و”يتخذ كذلك ثوبًا ماديًّا -ولو كان رسمًا أو صوتًا أو صورة أو اعملًا حركيًّا- فلا ينغلق على المبدع استئثارًا، بل يتعداه إلى آخرين انتشارًا، ليكون مؤثرًا فيهم”.

وزاد الحكم في أهمية الإبداع وضرورة إطلاقه دون قيود حيث اعتبره إثراءً للأمم وليس ترفًا، يساعدها على تعميق رسالتها في تغيير أنماط الحياة بها، كافلًا تقدمها من خلال اتصال العلوم والفنون بعضها ببعض، ليكون بنيانها أكثر تكاملًا. وأضاف الحكم أن الإبداع يقوم من الأساس على استقلال المبدع حيث أن “الإبداع فى العلوم والفنون -أيًّا كان لونها- ليس تسليمًا بما هو قائم من ملامحها، بل تغييرًا فيها وتعديلًا لبنيانها، أو تطويرًا لها، ليؤكد المبدع بذلك انفراده بإحداثها، فلا يمكن نسبتها إلى غيره، إذ هو صانعها، ولأن العناصر التى يضيفها لا ينقلها بتمامها عن سواه، إنما تعود أصالتها إلى احتوائها على حد أدنى من عناصر الخلق التى تقارب الابتكار، فلا ينفصل عنها  بما يؤكد دلالتها على استقلال مبدعها بها.

ودعا الحكم إلى: “أن يكون الإبداع محل تقدير الأمم على تباين مذاهبها وتوجهاتها، وأن تيسر الطريق إليه بكل الوسائل التى تملكها، فلا ينعزل حبيسًا أو يتمحض لهوًا أو ترفًا”.

وبالرجوع إلى المحتوى المستهدف نجده متسقًا مع ما أطلقته المحكمة الدستورية في حيثيات حكمها بما يمكن تسميته إبداعًا، حيث جميعها يتناول لونًا من ألوان الفنون وبأشكال مختلفة للتعبير، فمنها: الغنائي والتمثيلي الساخر.

 

ثانيًا: أنماط الاستهدافات لصانعي المحتوى الإبداعي على مواقع التواصل الاجتماعي

الاستهداف الأمني لصانعي محتوى إبداعي على خلفية أعمال تمثيلية تظهر فيها رموز شرطية:

 

  • فيديو الزيارة

 

تسبب مقطع فيديو ساخر تحت اسم “الزيارة” في القبض على أربعة من صناع المحتوى المصريين على “تيك توك”، بعد اشتراكهم في تصوير مقطع قصير ظهرت فيه وردة في مشهد  كوميدي، تمثل دور فتاة ترتدي عباءة سوداء، تصطحب الفتاة صديقًا “بسة” وهو أحمد طارق الشهير بـ”شوكولاته” لزيارة خطيبها في قسم شرطة، بعد أن ألقي القبض عليه من الشارع بواسطة “ميكروباص” شرطة. تنصرف الفتاة بعد الزيارة، تاركة خطيبها يتغزل فيها بعبارات أثارت إعجاب من شاهدوا الفيديو.

 

في 25 يناير 2023 بعد ما يقرب من أسبوعين من نشر الفيديو، ألقت أجهزة الأمن القبض على: محمد حسام الدين، بسمة حجازي، أحمد علي الخولي، وأحمد طارق، على خلفية نشرهم فيديو “الزيارة”،  وفي 29 و30 يناير 2023 قررت نيابة أمن دولة حبس المتهمين 15 يومًا على ذمة القضية 184 لسنة 2023 حصر أمن دولة عليا.

ووجهت إليهم النيابة اتهامات، من بينها: الانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي.

 

اللافت للانتباه في هذه القضية أنه تم الاعتياد أخيرًا على أن الاتهامات التي توجه إلى صانعي المحتوى في مصر هي تهم أخلاقية، تتأرجح بين الاتجار بالبشر أو نشر محتوى يحض على الفسق والفجور، لكن في قضية بسة ووردة كانت التهم الموجهة إليهما هي نشر أخبار كاذبة والانضمام إلى جماعة محظورة -رغم المحتوى الفكاهي الذي يقدمانه- وهي تهم جرت العادة على أن توجه إلى سجناء الرأي في مصر.

 

واشتهر بطل الفيديو حسام “بسة” بنشر محتوى كوميدي على منصات السوشيال ميديا بلهجة شعبية، حققت مشاهدات بالملايين، بينما الفتاة وردة التي ظهرت معه بدأت على “تيك توك” بمقاطع عن الموضة والملابس ومستحضرات التجميل.

 

وبتصفح حساب بسة لم نجد أي محتوى يتصل بالسياسة بشكل مباشر، إذ دأب صانع المحتوى الشاب على نشر عشرات من مقاطع الفيديو ذات طابع فكاهي عن كأس العالم إلى جانب مقاطع أخرى تكشف يوميات “بسة” وهو يشاهد مباراة على المقهى أو وهو يشتري شيئًا ما من السوق.

 

إلَّا أنه نشر قبل شهرين من القبض عليه  مقطع فيديو مضى عليه ثلاثة أشهر تحت عنوان: “المدعى العام” تحدث كلاهما فى جزء بسيط من الفيديو عن أثر أزمة الدولار في رفع أسعار المخدرات، في نفس التوقيت ظهر محمد حسام الدين في فيديو آخر يمثل شابًّا قرر فسخ خطبته بعد أزمة الدولار. بحسب الوحدة القانونية لمؤسسة حرية الفكر والتعبير.

 

  • فيديو الكمين

تتشابه التهم الموجهة إلى بسة ووردة بعد فيديو “الزيارة” مع التهم التي وجهت إلى البلوجر أحمد الدسوقي الذي ألقي القبض عليه في أغسطس 2022، بعد مقطع فيديو تقمص فيه دور ضابط شرطة يقوم بضبط شاب وفتاة مشتركين معه في التمثيل في إحدى الكمائن المرورية، وقد وجهت إليهما تهم: “سوء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، والإساءة إلى الشرطة المصرية، ونشر أخبار كاذبة”. رغم أن أحمد الدسوقي، هو ممثل وصانع محتوى مصري، شارك في أكثر من عمل تليفزيوني خلال الفترة الماضية، إلى جانب اهتمامه بإنشاء مقاطع الفيديو عبر موقع يوتيوب، كما اعتاد الدسوقي، التمثيل على موقع التواصل الاجتماعي “تيك توك”، وتصوير أفلام قصيرة  يتقمص فيها رفاق آخرون أدوارًا لرجال الشرطة، بغرض تحقيق عائد مادي من خلال زيادة نسبة المشاهدة، حيث قام بتصوير أكثر من فيديو وهو يتقمص دور “رجل مباحث”، رغم كل هذا فإن السلطات المصرية اعتبرت بعض فيديوهاته تسيء إلى وزارة الداخلية.

 

الاستهداف الأمني  لصانعي محتوى إبداعي على خلفية أعمال تتناول أوضاعًا اقتصادية وسياسية:

في سياق توسع دائرة القبض على مستخدمي تيك توك على خلفية محتوى متنوع، مثل: نشر مقاطع غنائية أو تمثيلية أو ساخرة على خلفية انتقادهم للأوضاع المعيشية والسياسية،  تم القبض على المغني الأمير فهيم  في 28 يونيو 2022 بعد نشر مقاطع مصورة له عبر تيك توك، تظهر ارتداءه زيًّا عسكريًّا، وهو يقوم بأداء أغنية “مسارح وسينما”، التي ظهرت بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، وتتضمن إسقاطات سياسية على أوضاع البلاد، إلا أنه لم يظهر إلا في 6 يوليو من نفس العام متهَمًا على ذمة القضية رقم 440 لسنة 2022 حصر نيابة أمن الدولة العليا، بالانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة واستعمال وسائل التواصل الاجتماعي لارتكاب جريمة، وفي 24 أكتوبر 2022 قررت نيابة أمن الدولة العليا، إخلاء سبيل المطرب، بضمان محل إقامته.

 

وبتاريخ 8 سبتمبر 2021 ألقي القبض على  ناجي فوزي علي معوض (53 عامًا، فني تشغيل ماكينة نجارة بالمقاولين العرب) وابن شقيقه طه حمدي فوزي علي معوض (26 عامًا، فني تبريد وتكييف) في محافظة المنيا، وتم اصطحابهم إلى مقر الأمن الوطني هناك، والتحقيق معهم عن مضمون فيديو قاموا بنشره أخيرًا على موقع الفيس بوك، عبَّرا فيه بشكل كوميدي عن ضيق الحال فى مصر وارتفاع الأسعار.

 

قال ناجى أثناء التحقيق معه أمام النيابة إنه نشر هذا الفيديو بسبب الظروف التي يمر بها وضيق الحال ورغبته فى كسر ما يعانيه من هموم. كما أنكر المتهمون علاقتهم بأي جماعة إرهابية أو أحزاب، وأكد على أنه لا يمتلك هاتفًا محمولًا ولا حسابًا على أيٍّ من مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كان أحد الأشخاص يقوم بتصويره، ومن ثم تم نشر هذه الفيديوهات. وبناءً عليه تم حبسهما خمسة عشر يومًا احتياطيًّا على ذمة القضية 910 لسنة 2021 حصر أمن دولة عليا، ووجهت النيابة إليهم اتهامات بالانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة وإساءة استخدام حساب على موقع التواصل الاجتماعي.

 

وعلى مستوى استهداف الأعمال ذات الطابع الساخر تم استدعاء كلٍّ من: عطية محمد عبدالعزيز رشوان، عنتر فهمي رشوان محمد، حمادة محمود سيد عيد، المعروفين بـ”ظرفاء الغلابة”، في 31 مارس 2022 إلى قسم شرطة منفلوط بمحافظة أسيوط، على خلفية نشرهم فيديو ساخرًا يعيدون فيه تمثيل وأداء أغنية قدمها الفنان أكرم حسني من قبل، في برنامجه الساخر “أسعد الله مساؤكم” يتناول قضية غلاء الأسعار بشكل ساخر.

 

لم يعرض ظرفاء الغلابة على أية جهة تحقيق حتى تم عرضهم في 18 و19 إبريل 2022 على نيابة أمن الدولة العليا، متهمين على ذمة التحقيقات في القضية رقم 440 لسنة 2022 حصر أمن دولة. وجهت إلى المتهمين اتهامات: الانضمام إلى جماعة إرهابية أسست على خلاف أحكام الدستور والقانون، ونشر أخبار كاذبة. في 7 مايو 2022 قررت نيابة أمن الدولة العليا إخلاء سبيل ظرفاء الغلابة.

 

وفي نفس السياق جرى استدعاء جمال محمد سلامة، من قِبَل جهاز الأمن الوطني ببلبيس، عن طريق شيخ الغفر الخاص بقريته قرملة، مركز بلبيس، في محافظة الشرقية، في 26 إبريل 2022، حيث طلب منه الذهاب معه إلى مركز الشرطة، وهو ما وافق عليه سلامة. بمجرد وصول سلامة إلى المركز تم اصطحابه إلى مكان غير معلوم حيث جرى استجوابه بشكل غير قانوني حول حسابه على تطبيق تيك توك وخاصة أحد الفيديوهات التي قام بنشرها، التي تتضمن محاكاة لإحدى الأغنيات التي أصدرها الفنان أكرم حسني، ضمن شخصية أبو حفيظة والتي ينتقد من خلالها غلاء الأسعار.

 

خلال استجوابه بمقر الأمن الوطني، أجاب سلامة بأن الهدف من وراء إنشاء حساب على تيك توك هو نشر فيديوهات بهدف “التسلية” وجمع المشاهدات.

 

في 17 مايو 2022 عرض سلامة على نيابة أمن الدولة العليا بالتجمع الخامس لأول مرة، متهَمًا على ذمة التحقيقات في القضية رقم 440 لسنة 2022 حصر نيابة أمن الدولة العليا، باتهامات من بينها: الانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تقرر حبسه 15 يومًا على ذمة التحقيقات. يعمل جمال محمد محمد سلامة، البالغ من العمر ثلاثة وأربعين عامًا (ترزي)، لديه حساب على موقع تيك توك يقوم من خلاله بنشر فيديوهات ترفيهية.

 

استهدافات أخرى لأعمال إبداعية على خلفيات مختلفة:

وفي 21 يونيو 2022 ألقت قوات الأمن القبض على كلٍّ من: أشرف عشري، أحمد عشري، محمد سامي قطب، حسني محمود عثمان، أسامة كمال، ومحمد رجب عبدالمجيد (من الإسكندرية) على خلفية مشاركتهم في مقطع فيديو على تيك توك تجاوز عدد مشاهداته 6 ملايين مشاهدة. يحاكي ذلك المقطع أحد مشاهد مسلسل “رحيم” بطولة الممثل المصري ياسر جلال الذي قام بتجسيد دور الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في مسلسل الاختيار3،  وتعرَّض المتهمون للاختفاء القسري لأكثر من 3 أسابيع قبل أن يظهروا في نيابة أمن الدولة في 7 يوليو 2022 على ذمة القضية 440 لسنة 2022. وقد وجهت النيابة إليهم تهمًا، من بينها: الانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة، وقررت حبسهم احتياطيًّا وإيداعهم سجن أبي زعبل. بحسب الوحدة القانونية للمؤسسة.

 

وفي سياق منفصل قامت قوات الشرطة بالقبض على شاب بتهمة تسجيل مقاطع فيديو عبر تطبيق التيك توك، حيث ظهرت خلاله مجموعة من الشباب يقومون بأداء مشهد تمثيلي ساخر، يظهر خلاله أحد الأشخاص يقوم بأداء الصلاة ، ويأتي من خلفه شخصان يقومان بمحاولة سرقة متعلقاته الشخصية وتعطيله عن الصلاة، وظهور إحدى الفتيات لمنعهما. وبعد تحديد هوية صاحب الصفحة وهو طالب مقيم بمحافظة الإسكندرية، تبين أنه الذي كان يقوم بأداء دور القائم بالصلاة فى مقطع الفيديو المشار إليه. وبعد القبض عليه اعترف بقيامه بالتمثيل صحبة آخرين بقصد تحقيق أكبر عدد من المشاهدات.

 

خاتمة 

 

بالنظر في الوقائع السابقة ترى حرية الفكر والتعبير أن مثل هذه الممارسات من قبل أجهزة إنفاذ القانون المتورطة في وقائع القبضِ على هؤلاء المستخدمين والمستخدمات تشكل انتهاكًا صارخًا لحرية الرأي والتعبير، وتقيد حرية استخدام الإنترنت، وحرية التعبير والحق في الخصوصية، كما تفرض قيودًا على حرية الإبداع ترهب المواطنين والمبدعين في الحق في التعبير عن أنفسهم وآرائهم بطرق متنوعة، وعليه تطالب مؤسسة حرية الفكر والتعبير:

  • على الأجهزة الأمنية وقف استهداف صانعي المحتوى الإبداعي على مواقع التواصل الاجتماعي.
  • على النائب العام الإفراج الفوري عن صانعي المحتوى الإبداعي.

 

[1]الدستور المصري، المادة 67، حرية الإبداع..  https://urlis.net/ov2jibco

[2] المفكرة القانونية٬ الحكم بعدم دستورية ما نصت عليه الفقرة الرابعة من المادة الخامسة من القانون رقم 35 لسنة 1978 فى شأن إنشاء نقابات واتحاد نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية٬ نشر في ٢١/٥/٢٠٢٢ تاريخ اخر زيارة ١٨/١٢/٢٠٢٣.. https://urlis.net/ofuv1run

[3] المنصة، النشر الإخبارية، حبس ثلاثة من صانعي المحتوى الكوميدي بتهمة الانضمام لجماعة إرهابية، نشر في 30 يناير 2023، تاريخ أخر زيارة 9/9/2023، والوحدة القانوينة لمؤسسة حرية الفكر والتعبير.. https://urlis.net/x4ceioyy

[4] حساب بسة على التيك توك، https://www.tiktok.com/@mohamedhossam1993?lang=ar

[5] الوحدة القانونية لمؤسسة حرية الفكر والتعبير، الأخبار القانونية، https://urlis.net/zsnygiwb

[6] الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، 21/9/2021، لنشره فيديو يعبر فيه عن غلاء الأسعار: حبس ناجي فوزي وطه حمدي على ذمة القضية 910 لسنة 2021 أمن دولة بتهم الانضمام لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة وإساءة استخدام حساب على موقع التواصل الاجتماعى، تاريخ اخر زيارة 18/9/2023.. https://rb.gy/dik5c

[7] وحدة المساعدة القانونية بالمؤسسة

[8] صدى البلد، رمضان أحمد، القبض على باقي المتهمين في واقعة فيديو تمثيلي للصلاة على تيك توك، تاريخ النشر 17/10/2021، تارخ أخر زيارة 18/9/2023.. https://rb.gy/huj9r

 

تابعونا على :

آخر التحديثات

للإشتراك في نشرة مؤسسة حرية الفكر والتعبير الشهرية

برجاء ترك بريدك الالكتروني أدناه.