• Home
  • >
  • >
  • انتخاب عميد كلية الآداب بجامعة القاهرة – خطوة .. على طريق استقلال الجامعات

انتخاب عميد كلية الآداب بجامعة القاهرة – خطوة .. على طريق استقلال الجامعات

تاريخ النشر : الإثنين, 20 يونيو, 2011
آخر تحديث : الأحد, 23 مارس, 2014
Facebook
Twitter

axsdفريق عمل التقرير، نفيسة دسوقي مدير برنامج الحرية الأكاديمية، خلود صابر المدير المساعد، رؤى غريب الباحثة بالمؤسسة، عماد نعيم مسئول الإعلام الاليكتروني، مراجعة التقرير عماد مبارك المدير التنفيذي

 

مقدمة:

 

في أعقاب ثورة 25 يناير، ومع بداية الفصل الدراسي الثاني، شهدت جامعة القاهرة، مثلها في ذلك، مثل غيرها من الجامعات المصرية، حالة من الزخم الثوري، على كافة الأوضاع الجامعية، بدأت بحل اتحاد طلاب، وخوض الطلاب، لتجربة الاتحادات الطلابية، للمرة الثانية في العام الدراسي، 2010/ 2011، واجتياح الجامعات المصرية، العديد من التظاهرات المطالبة، بإقالة القيادات الجامعية، والعمل على جعل الانتخاب الحر، الآلية المتبعة، لاختيار تلك القيادات، ابتداء من منصب رئيس القسم، وصولا لمنصب رئيس الجامعة، ومرورا بمنصب وكلاء الكليات، والعمداء، ونواب رئيس الجامعة، في ذلك السياق، شهدت كلية الآداب، جامعة القاهرة، حالة من النشاط النوعي، الذي نجم عنه، تأسيس أعضاء هيئة التدريس بالكلية، للجنة الديمقراطية، لكلية الآداب، ولجنة المبادرة الجامعية، لكلية الآداب، إضافة إلى محاولة، الهيئة المعاونة، من معيدين ومدرسين مساعدين، تنظيم أنفسهم، فيما يشبه الائتلاف. الأمر الذي توج في نهاية الأمر، فيما شهدته الكلية، في يوم السبت الموافق، 12/6/2011، من إجراء تجربة انتخاب عميد الكلية، بعد أن ظلت الكلية، وعلى مدى أكثر من عقدين، تعتمد على نظام تعيين العمداء، والوكلاء، على حدٍ سواء.

ويعتمد هذا التقرير، في إعداده على المقابلات المفتوحة، مع بعض أعضاء هيئة التدريس، بكلية الآداب، إضافة إلى بعض أعضاء الهيئة المعاونة لهم، من معيدين ومدرسين مساعدين، وذلك بهدف عرض تجربتهم فيما يتعلق بتشكيل اللجان المختلفة النشطة في الكلية، وتجربة انتخابات عميد الكلية، وما يحيط بها من تفاصيل، كما أعتمد إعداد التقرير، على بعض محاضر الاجتماعات، الموسعة التي عقدت بالكلية، إضافة إلى برامج مختلف المرشحين لتلك العملية الانتخابية. وعلى هذا النحو فأننا سنتناول عرض تلك التجربة، في إطار ثلاثة محاور، يستعرض المحور الأول، آلية إجراء العملية الانتخابية، ويستعرض المحور الثاني، برامج مختلف المرشحين، أما المحور الثالث، فيستعرض نتائج الانتخابات، وموقف إدارة الجامعة من تلك التجربة الانتخابية .

 

المحور الأول

 

آلية إجراء العملية الانتخابية

 

قبل أن نتطرق لعرض آلية إجراء العملية الانتخابية، لعله من المفيد أن نستعرض، بعضا من الملامح العام، للمجموعات النشطة التي لعبت دورا حاسما في التعجيل بتلك العملية الانتخابية.

و كما سبق أن أشرنا، فقد شهدت كلية الآداب، مثلها، مثل غيرها من كليات جامعة القاهرة، نشاط نوعى، نجم عنه، تأسيس أعضاء هيئة التدريس بالكلية، للجنة الديمقراطية لكلية الآداب، ولجنة المبادرة الجامعية لكلية الآداب، إضافة إلى محاولة، الهيئة المعاونة، من معيدين ومدرسين مساعدين، تنظيم أنفسهم فيما يشبه الائتلاف. وحول تأسيس، تلك اللجان النشطة، تحدثنا أحدى عضوات لجنة الديمقراطية بكلية الآداب، ومدرس بقسم اللغة الإنجليزية بالكلية بقولها:

\”الناس إللى مشيوا من الجامعة، يوم 7 فبراير، و11 فبراير لينضموا لمظاهرات التحرير، رجعوا الجامعة، ومعاهم روح التحرير، وإحنا على مستوى الجامعة، عندنا مجموعتين نشيطتين، مجموعة 9 مارس لاستقلال الجامعات، وده مجموعة قديمة من 2003، شغالة على قضية استقلال الجامعة، وفي مجموعة، جامعيون من أجل الإصلاح، بدأت بعد الثورة، ودول بعضهم أخوان مسلمين، وبعضهم مستقلين، أما على مستوى الكلية، ففي لجنة الديمقراطية، لكلية الآداب، ولجنة المبادرة الجامعية، لكلية الآداب، واللجنتين، بيشتغلوا على فكرة دعم الديمقراطية، في الكلية، من خلال انتخاب القيادات\”

 

وحول تشكيل، لجنة المبادرة الجامعية، لكلية الآداب، يحدثنا أحد أعضائها، وهو مدرس بقسم فلسفة، بقوله:

 

\”إحنا كمجموعة، بدأنا في شهر فبراير، كلنا شاركنا في الثورة، وأتجمعنا على هدف تطوير، وإصلاح كلية الآداب، من خلال مجموعة من الأهداف المرحلية، وأهداف على المدى البعيد، وكان هدفنا في المرحلة الأولى، يقوم على أنه يكون هناك اختيار للقيادات الجامعية، ابتداء من العمداء ورؤساء الأقسام، من خلال الانتخاب، وجمعنا توقيعات، من داخل الكلية، أن يكون العميد القادم للكلية بالانتخاب، جمعنا أكتر 300 توقيع، وإحنا هدفنا نعمل حالة من حالات الديمقراطية، في الكلية، ومكنش هدفنا أننا نرشح مرشح معين\”

 

هذا وقد شهدت الكلية عقد عدد من الاجتماعات الموسعة، بدأ أولها في 21 مارس حين أجتمع عدد من أعضاء هيئة التدريس بالكلية من الأقسام المختلفة بدعوة من اللجنة الديموقراطية لكلية الآداب من أجل الاتفاق على رؤية مبدأية لاختيار القيادات الجامعية، كما حضر الاجتماع ممثلين عن لجنة المبادرة الجامعية، وتم الاتفاق بشكل عام على الدفع نحو أن يكون اختيار القيادات الجامعية من خلال الانتخاب المباشر، وذلك لجميع المناصب بالكلية ابتداءً من العميد وحتى رؤساء الأقسام.

تلي ذلك اجتماع موسع دعت له إدارة الكلية في 23 مارس، حيث جاءت دعوة الكلية تحت عنوان \” ورشة عمل حول قانون تنظيم الجامعات الجديد\”، إلا أن أغلب الحاضرين اتفقوا على أهمية تركيز الاجتماع على حسم موقف أعضاء هيئة التدريس بالكلية من اختيار القيادات الجامعية، والذي جاء في صالح الانتخاب الحر المباشر لكل القيادات الجامعية وعلى رأسها منصب العميد، – وجدير بالذكر في ذلك السياق أن عميد كلية الآداب الحالي زين العابدين ابو خضرة تنتهي مدة عمادته وإحالته للتقاعد مع بداية شهر يوليو القادم، وقد تم التوافق على انه سيقوم بمهام عمله حتى نهاية مدة عمادته في يوليو الجاري- ، كما تم فتح نقاش حول وضع آليات واضحة للانتخابات، وتحديد من له حق الترشح ومن له حق التصويت، وتم التوافق على الرجوع لعموم أعضاء هيئة التدريس لحسم تلك القضايا من خلال استبيان تعده الكلية ويوزع على جميع أعضاء هيئة التدريس وجميع أعضاء الهيئة المعاونة من معيدين ومدرسين مساعدين.

 

وقد جاء الاستبيان، تحت عنوان، \”حول تنظيم العملية الانتخابية، للقيادات الجامعية\” وتضمن جزأين: الأول عن اختيار قيادات الكلية ( عميد الكلية، والوكلاء، ورؤساء الأقسام) ، والثاني عن اختيار القيادات الجامعية، كما تتضمن كل جزء منهم أسئلة عن شروط الترشيح، من له حق الترشيح؟ ، من له حق الانتخاب؟، مدة الاستمرار بالمنصب؟، تشكيل لجنة الأشراف على العملية الانتخابية متضمنة تشكيلها وصلاحياتها، وموعد إجراء الانتخابات.

 

كما تضمن الجزء الثاني شروط الترشيح للمناصب الإدارية على مستوي الجامعة ( رئيس الجامعة، نواب رئيس الجامعة وأمين الجامعة) ، كما تناول أيضا أسئلة حول شروط الترشيح والانتخاب ومدة البقاء بالمنصب.

تم توزيع الاستبيان على جميع أقسام الكلية، وتم تحليل نتائجه بكل قسم على حدا من لجنة مستقلة من أعضاء هيئة التدريس، وعكست النتائج التالي فيما يتعلق بمنصب العميد:

• حق الترشيح: كل أستاذ عامل له حق الترشيح دون التقييد بحد أدني لفترة الأستاذية.

• حق الانتخاب: كل أعضاء هيئة التدريس لهم حق الانتخاب، ( العاملون وغير العاملون ) دون أن يعطي الحق لأعضاء الهيئة المعاونة من معيدين ومدرسين مساعدين.

• مدة العمادة : لم يتم التوافق عليها وتنوعت الآراء بين ثلاث سنوات لمدة واحدة، في حين جاء البعض الآخر مطالبا بأن تكون ثلاث سنوات تجدد لمرة واحدة فقط.

• وفيما يتعلق بلجنة الأشراف على العملية الانتخابية فقد اتفقت النتائج على أن تتم اختيارها من خلال أن يرشح كل قسم من أقسام الكلية من يمثله من الأساتذة المتفرغين وغير المتفرغين من غير ذوي المصلحة في الانتخابات، ويجري التصويت على أسمائهم في اللجنة الموسعة للكلية، وتكون مهمة اللجنة الأشراف على عملية التصويت وفرز الأصوات دون أن يكون لها حق التدخل في اختيار المرشحين.

• كما تم الاتفاق على أن يكون موعد إجراء الانتخابات بعد انتهاء محاضرات الفصل الدراسي الثاني ( يونيو 2011).

• وقد تم عرض نتائج الاستبيان في اجتماع عام بتاريخ 5 مايو، وفي يوم ذاته تم فتح باب الترشيح لمنصب العمادة، وفيه جاء إعلان كلا من أ.د راندا أبو بكر الأستاذ بقسم اللغة الإنجليزية، و أ.د سعيد توفيق رئيس قسم الفلسفة عن نيتهما للترشح

ليكونا أولي المرشحين.

 

وتعليقا على الاستبيان، وآلية إعداده ونتائجه تحدثنا أحدى عضوات هيئة التدريس، بالكلية، بقولها:

 

\”انطرحت في اجتماع 23 مارس، فكرة عمل استبيان، ووكيل الكلية هو إللى صاغ الاستبيان، وخد حوالي أسبوعين، في إعداده وتطبيقة، واشترطنا في الاجتماع، أنه يكون في أعضاء من اللجنة الديمقراطية، والمبادرة الجامعية، للإشراف على تفريغ الاستبيان، وأعلنت نتيجة الاستبيان في اجتماع عام، يوم 5 مايو، وكانت نتائج الاستبيان، بتقوم على وجود إجماع على انتخاب العميد، وحق المدرسين والأساتذة المساعدين، مع الأساتذة في التصويت، وده يعد إنجاز… ومن له حق الترشح، بناء على الاستبيان، هو كل أستاذ عامل، بدون أي شروط، مثل الخبرة الإدارية، … وشرط الترشح التانى، كان التقدم ببرنامج انتخابي مكتوب\”

هذا وقد طرح البعض قضية حق المشاركة في التصويت، في العملية الانتخابية الخاصة بعميد الكلية، للمعيدين والمدرسين المساعدين، غير أن نتائج الاستبيان، قد جاءت مخالفة لذلك، على الرغم من مشاركة المعيدين والمدرسين المساعدين

 

أنفسهم في الاستبيان، وحول تلك النقطة تحدثنا أحدى عضوات هيئة التدريس بالكلية:

 

\”المعيدين والمدرسين المساعدين، حاول ينظموا نفسهم فيما يشبه الائتلاف، للمعيدين والمدرسين المساعدين، بيحاولوا يصيغوا فيه مطالبهم، لكن هما حركتهم لسة مش قوية، ومشاركتهم في الاستبيان أعتقد مكنتش قوية\” وحول ذات النقطة يحدثنا، أستاذ بقسم اللغة العربية بقوله \”العلاقة في الجامعة، بين المعيدين، والمدرسين المساعدين، علاقة مركبة شوية، وفيها من الأخوة والصداقة، والإشراف، ففيها حاجات، إيجابية، وحاجات سلبية، ممكن ده خلى بعض الناس، ماترجحش مشاركة المعيدين، والمدرسين المساعدين، على أساس أن بعضهم قد يخضع لضغوط الأساتذة إذا كانوا مرشحين\”

 

وفي السياق ذاته تعلق أحد المدرسات المساعدات في الكلية على استبعاد الهيئة المعونة من التصويت بالرد:

 

\”يتحجج البعض اختيار المعيدين والمدرسين المساعدين قد يكون خاطئ وهذا ليس مبررا، و إلا فسيكون هذا مبرر لإقصاء ما يقرب من نصف المجتمع بحجة تدني مستوياتهم التعليمية مثلا.

وإذا كان استبعادهم بحجة أن آراءهم ليست حرة وستخضع للتأثير من مشرفيهم فيقتضي هذا بالتبعية إقصاء جميع المرؤوسين من أي انتخاب لأن آراءهم ستتأثر بآراء رؤسائهم ، وكذلك يُمنع الأبناء الذين تجاوزوا الثامنة عشر من عمرهم ولكنهم لا يزالون تحت ولاية آبائهم المادية فيجب أيضا استبعادهم، وهكذا حتى لا يبقى سوى الرؤساء أنفسهم لانتخاب أنفسهم، إننا إذا بحثنا عن حجة لاستبعاد أي شخص من الانتخاب سنجد عشرات الحجج.

 

إن التفكير بهذه الطريقة يعني أن المسئولين لا يزالون ينظرون إلينا من منطلق تسفيه العقول وعدم قدرتنا على الاختيار، مما يفتح الباب لمنظور الوصاية، وكأن كل ما حدث في المجتمع لم يحدث ولم يتغير شيء\”

وردا على أن هذا ما عكسته نتيجة الاستبيان تقول احد المعيدات بالكلية عن أن أحد بنود الاستبيان، وطريقة الإعلان عنه، \”لم يتم الإعلان عنه بصورة كبيرة على مستوى جميع الأقسام، وترك الإعلان ليكون بصفة شخصية، بين أعضاء هيئة التدريس، وتم إقصاء اختيار الهيئة المعاونة في التصويت، لمناصب الوكلاء والعميد ورئيس الجامعة, وعدم توضيح المقصود ب (جميع أعضاء هيئة التدريس) فالكثير منا يعتبر نفسه عضو هيئة تدريس\” . وهنا تلفت انتباهنا تلك المعيدة، إلى إحدى الثغرات التي شابها تصميم، الاستبيان ذاته، حيث أن بنود الاستبيان، الخاصة باستطلاع رأى من لهم حق التصويت، فيما يتعلق بالعميد والوكلاء، قد استبعدت، فئة المعيدين والمدرسين المساعدين، واكتفت بالإشارة إلى \”أعضاء هيئة التدريس\” فأختلط الأمر على البعض، وأعتقد أن اختياره لفئة \”أعضاء هيئة التدريس\” تتضمن ضمنا، المعيدين والمدرسين المساعدين.

 

وتلي هذه المرحلة التي انتهت بالوصول إلي الإطار التنظيمي للعملية الانتخابية، اجتماع عام لأعضاء هيئة التدريس يوم 26 مايو من أجل الإعلان عن البرامج الانتخابية للمرشحين المختلفين والذين وصلوا إلي سبعة مرشحين، كما ناقش الاجتماع بعض التفصيلات النهائية المتعلقة بالعملية الانتخابية وعلى رأسها شرط النصاب القانوني وشرط الأغلبية، حيث أتفق الحضور على تحديد النصاب القانوني ب 40 % ممن لهم حق التصويت، أن لم يكتمل في اليوم الأول تعاد الانتخابات في الأسبوع التالي، مع عدم التقييد بتسجيل أسماء الجميع العمومية قبل بدء التصويت، وفتح باب التصويت من الساعة التاسعة صباحا وحتى الخامسة مساءا، كما اتفقوا على أن الفائز هو من يحصل على أكبر عدد من الأصوات بصرف النظر عن النسبة المئوية من إجمالي عدد المصوتين أو عن الفرق بينه بين من يليه في الترتيب، كما تم الاتفاق أن يكون موعد الانتخابات السبت 11 يونيو.

 

 

المحور الثاني

 

قراءة في البرامج الانتخابية للمرشحين

 

مع إعلان نتائج الاستبيان في الاجتماع العام الذي عقد في 5 مايو، تم فتح باب الترشيح، وأعلن سبعة مرشحين خوضهم الانتخابات :-

 

1- أ.د راندا أبو بكر ( الأستاذ بقسم اللغة الإنجليزية(.

2- أ.د عصام حمزة ( وكيل الكلية والأستاذ بقسم اللغة اليابانية (.

3- أ.د محمد نجيب الصبوه ( الأستاذ بقسم علم النفس(.

4- أ.د مصطفى النشار ( الأستاذ بقسم الفلسفة وعميد كلية رياض الأطفال جامعة القاهرة(

5- أ.د شريف شاهين ( الأستاذ ورئيس قسم الوثائق والمكتبات(:

6- أ.د محمد عفيفي ( الأستاذ ورئيس قسم التاريخ (

7- سعيد توفيق( الأستاذ ورئيس قسم الفلسفة(

 

جاءت البرامج الانتخابية للمرشحين لتعكس عدد من القضايا التي تخص مختلف الفئات، التي تشكل في مجموعها المجتمع الأكاديمي لكلية الآداب، جامعة القاهرة، من أعضاء هيئة التدريس، وأعضاء الهيئة المعاونة من معيدين ومدرسين مساعدين، كما عكست رؤية المرشحين لعدد من القضايا الطلابية، إلى جانب العاملين والموظفين بالكلية، غير أن التفاصيل الخاصة، بطرح طبيعة المشكلات التي تعانى منها كل فئة، إلى جانب آلية العمل، الخاصة بكيفية مواجهة تلك المشكلات، قد اختلفت من مرشح إلى أخر.

 

وبقراءة ملخصة للبرامج الانتخابية للمرشحين لمنصب العمادة وجدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير أن معظم البرامج اعتمدت – رغم تأكيدها على اختلاف المرحلة وأفق الطموح – على أفكار شديدة الإجرائية والآنية في كثير من أهدافها ولا تعكس بنفس الدرجة من الوضوح فلسفة أو آليات جديدة جذرية تحقق مستوي التطوير والتغيير المأمول، فعلى مستوي مشكلات أعضاء هيئة التدريس -على سبيل المثال- كان التركيز على إجراءات خاصة بتحسين الأوضاع المادية والأدبية والامتيازات الاجتماعية في بعض البرامج الانتخابية، دون ذكر آليات وخطط تنفيذ وتمويل تلك الإجراءات. وفيما يتعلق بقضية الأجور، والمرتبات – على وجه التحديد – وطالبوا بضرورة العمل على زيادتها، مثال البرنامج الانتخابي للدكتور سعيد توفيق، الذي طالب بضرورة \”مضاعفة الأجور، مع عدم ربط الأجور بنظام الجودة، بالطريقة المعمول بها حاليا\”، إلا أن أي ممن أشار إلى تلك المشكلة، لم يشر إلى الطريقة العملية، لحل تلك المشكلة، فقد أكتفوا بطرح المشكلة، دون طرح تصور عن كيفية حلها، هذا وقد غابت تلك المشكلة، تماما عن بعض البرامج، وربما يرجع هذا الغياب لتلك القضية لدى بعض المرشحين رغم أهميتها، لإدراك المرشحين، أن قضية الأجور والمرتبات، تعد أحد القضايا التي تتجاوز حدود عميد الكلية، وتتخطاها إلى عموم أعضاء هيئة التدريس، وإدارة الجامعة، وصولا إلى وزارة التعليم العالي والمجلس الأعلى للجامعات .

 

هذا وقد تناولت بعض البرامج الانتخابية، مشكلات أخرى تتعلق بأعضاء هيئة التدريس، مثل مشكلة التأمين الصحي، لأسر أعضاء هيئة التدريس، ودعم وإتاحة فرص السفر، للمشاركة في المؤتمرات العلمية، وتنظيم دورات تدريبية، لأعضاء هيئة التدريس، والهيئة المعاونة ، تهدف إلى تطوير مهارتهم، في مجالي البحث والتدريس.

 

وفيما يخص إشكاليات العملية التعليمية تطرقت بعض تلك البرامج إلى أهمية مواجهة تدني مستوى الكتاب الجامعي وبنية الخدمات الأساسية من مباني وقاعات وأدوات تعليمية ، وتعهد البعض بالعمل على تطوير تلك الخدمات.

وفيما يتعلق بالقضايا الطلابية ، فقد اهتمت بعض البرامج الانتخابية، بقضايا الطلاب، وغاب الطلاب تماما عن بعض البرامج، وطرح في هذا السياق، قضية ضرورة العمل على دعم الأنشطة الطلابية، ودعم الأسر، وتفعيل لجان إتحاد الطلاب، وصرح أحد البرامج، بعدم التدخل في الانتخابات الطلابية. كما طرحت بعض البرامج، بعض المشكلات التي يعانى منها الطلاب، خلال العملية التعليمية، وطرح البعض، ضرورة العمل على حل تلك المشكلات المتعلقة بالكتاب الجامعي، والمناهج الدراسية، وقد أشار أحد البرامج إلى ضرورة، فتح حوار موسع حول المناهج واللوائح الدراسية .

 

وشهدت بعض البرامج اهتماما بقضايا العاملين والموظفين، وغابت عن البعض، وفي هذا السياق، طرح البعض ضرورة الاهتمام بمشكلات الجهاز الإداري، دون أن يطرح طبيعة تلك المشكلات. وطرح أحد البرامج، قضية إعادة هيكلة إدارة الكلية، مع الوعد بوضع نظام ثابت لحوافز والمكافآت .

 

وعن البرنامج الانتخابي للمرشحة الفائزة فقد عكس البرنامج مضمون المرحلة ومتطلباتها، فلم يهتم بالإجراءات التحسينية، بقدر ما اهتم بإرساء فلسفة إدارة جديدة .

ويتضح ذلك بداية من شعار البرنامج \”معا\”، وعنوانه \” على طريق نهضة جديدة للكلية قوامها الاستقلال والمشاركة الجمعية \”، واهتم البرنامج من خلال ما طرحه من أهداف وآليات بتأكيد الفلسفية اللامركزية في الإدارة واتخاذ القرار سواء كان ذلك على مستوى علاقة الكلية بإدارة الجامعة حيث أكد على أهمية استقلال الكلية عن القرار السياسي والأمني في نشاطها التعليمي والبحثي وفي حرية طلابها وأساتذتها في البحث والتحرك، أو على مستوى علاقة إدارة الكلية بأقسامها المختلفة حيث \”يقوم القرار على الحوار والتوافق، وهذا يتطلب توسيع قاعدة اتخاذ القرار والبعد عن شخصنة المناصب \”ويصبح العميد هو مجرد\” منسق بين جماعات اتخاذ القرار\” و \”مسئول عن تنفيذ ما يُتفق عليه بصفته \”مديرا لفريق عمل\” على حد نصوص البرنامج.

 

ويُحسب أيضا للبرنامج رؤيته المتكاملة التي غطت محاور ثلاثة تُكوّن الحياة الأكاديمية للكلية (المجال الأكاديمي-الإداري-العملية التعليمية والطلاب)، والمُدركة أيضا لأهمية تداخل وتساند التطوير على مستوى كل محور بالتوازي.

ويدعم البرنامج – أخيرا- كل ما يطرحه من آليات وأهداف – برؤية أعمق للتعامل مع الميزانية، حيث لم تقتصر فقط على بحث إمكانيات تنمية مواردها ولكن أيضا تدعيم استقلاليتها، إلى جانب ترشيد الصناديق الخاصة، وتوفير ميزانيات مستقلة لكل قسم، ومراعاة قيم المحاسبية والشفافية بالتأكيد على أهمية \”إعلان ميزانية الكلية وميزانيات الأقسام والصناديق الخاصة ومرتبات ومكافآت القيادات\” .

 

وبالرغم مما سبق لا نستطيع القول بأن تلك القراءة كانت العامل الحاسم لفوز أ. د راندا أبو بكر ويؤكد ذلك تقارب نسب الأصوات بينها وبين التالين لها بفروق بسيطة، بقدر ما كان هناك قراءات أخرى يجب أخذها في الاعتبار، فهي أصغر المرشحين سنا، والسيدة الوحيدة بين المرشحين، وهي لم تنتسب يوما للهيكل الإداري ولم تتقلد أي مناصب إدارية بالكلية في السابق، ولهذا يمكن لنا القول بأن هذا الفوز أيضا يحمل دلالات رمزية هامة توضح ميل بين عدد من أعضاء هيئة التدريس نحو البعد عن النموذج التقليدي لعميد الكلية، نحو نموذج جديد اختار البعض أن يختبره للمرة الأولي.

 

المحور الثالث

 

نتائج العملية الانتخابية، وموقف إدارة الجامعة منها

هذا وقد فازت الدكتورة راندا أبو بكر، الأستاذ بقسم اللغة الإنجليزية، في انتخابات، عميد كلية الآداب، جامعة القاهرة، وفي حال اعتماد نتيجة تلك الانتخابات، من قبل إدارة الجامعة، ستعد الدكتورة راندا، أول عميدة سيدة، تشغل منصب عميد كلية الآداب، جامعة القاهرة. هذا وقد حظيت تلك الانتخابات بنسبة مشاركة جيدة، حيث بلغ إجمالي عدد من أدلوا بصوتهم، 316 عضو من أعضاء هيئة التدريس، بنسبة مشاركة 88% ، ممن لهم حق التصويت، وعددهم 376 عضو من أعضاء هيئة

 

التدريس بالكلية. وفيما يلي عرض لعدد الأصوات التي حصل عليها كل مرشح :

 

أ.د راندا أبو بكر: 73 صوت .

أ.د عصام حمزة: 69 صوت .

أ.د محمد نجيب الصبوه: 58 صوت .

أ.د مصطفى النشار: 52 صوت .

أ.د شريف شاهين: 28 صوت .

أ.د محمد عفيفي: 23 صوت .

أ.د سعيد توفيق : 13 صوت .

 

أما موقف إدارة الجامعة، من نتيجة تلك العملية الانتخابية، فقد تجسد من خلال ما أعلنه، الدكتور حسام كامل، رئيس جامعة القاهرة، والخاص بأن \”الجامعة في انتظار ما ستتوصل إليه اللجنة المشكلة من قبل وزارة التعليم العالي، لافتا إلى أنه لا يستطيع اعتماد النتيجة قبل اعتماد الوزير الصيغة التي سيتم الاتفاق عليها، مؤكدا أن الانتخابات التي جرت في كلية الآداب لا تتوافق مع قانون تنظيم الجامعات الحالي، الذي ينص على تعيين العمداء. وأكد كامل في بيان صحفي له، أن لجنة اختيار القيادات، ستطرح على الوسط الجامعي، خيارين لاختيار الأفضل من بينهما، الأول يتمثل في الاختيار عن طريق الانتخابات المباشرة، والثاني يجمع ما بين التعيين والانتخاب، موضحًا أنه في حال اتفاق أعضاء هيئة التدريس، على الآلية الأولى سيتم اعتماد نتيجة انتخابات كلية الآداب، أما في حال الاتفاق على الخيار الثاني، فستتم إعادة أسلوب الاختيار، في كلية الآداب، مرة أخرى.

 

وفي هذا السياق يمكننا أن نشير إلى ما أشار إليه، الدكتور عادل عبد الجواد، أستاذ بكلية الهندسة جامعة القاهرة وأحد أعضاء اللجنة المشكلة من قبل وزارة التعليم العالي، بشأن قضية القيادات الجامعية، ذلك أن الاقتراح الأول، المطروح أمام اللجنة، يتضمن انتخاب رئيس القسم من بين أقدم ثلاثة أساتذة عاملين بالقسم، بمشاركة جميع أعضاء هيئة التدريس، ونسبة 10% للمعيدين والمدرسين المساعدين، وبالنسبة لاختيار العمداء ورؤساء الجامعات، فيتم من خلال مرحلتين، الأولى عن طريق الإعلان في الصحف قبل موعد شغل الوظيفة بمدة لا تقل عن أربعة أشهر، يعقبها مرحلة ثانية لعرض الأسماء المختارة على أعضاء هيئة التدريس للانتخاب فيما بينهم، وتشكيل «لجنة اختيار القيادات» على مستوى الجامعة، تختار من بين الثلاثة متقدمين.

 

أما المقترح الثاني فيعتمد على فكرة الانتخاب الحر المباشر للقيادات، حيث سيتم إدارة وتنظيم الانتخابات من خلال لجنة إدارة وتنظيم الانتخابات، لانتخاب رئيس القسم، عميد الكلية، وأعضاء المجمع الانتخابي، لرئاسة الجامعة، دون التدخل في تقييم أى من المرشحين.

 

)الشروق، 14 /6/2011(

وهنا نعود إلى أعضاء هيئة التدريس، بكلية الآداب ذاتها لمعرفة موقفهم في حال ما إذا أعترضت الإدارة الجامعية على تلك النتائج، وهنا تحدثنا مدرس بالكلية، قائلة:

\”القانون بيقول، يقوم رئيس الجامعة، بتعيين، عميد الكلية، وإحنا عملنا انتخابات، ورئيس الجامعة، عليه يعتمد النتيجة، ولو حصل ورفض النتيجة، ده هتبقى معركة أخرى\”.

وفي ذات السياق يشير مدرس أخر بقسم فلسفة، إلى أحقيتهم باعتراف إدارة الجامعة، بنتائج تلك العملية الانتخابية، بقوله:

\”إحنا معانا توقيعات، أكثر من 300 عضو هيئة تدريس بالكلية، بما فيهم عميد الكلية نفسه، وإحنا مش بنتكلم عن الخروج عن الشرعية، إحنا بنقول أن إذا كان على عميد الكلية، أنه يقترح على رئيس الجامعة تلت أسماء، إحنا بنقول لعميد الكلية، أنت مش هتقوم بالمهمة، ده، وإحنا هنقوم بيها كأعضاء هيئة التدريس، وهنختار العميد، إللى إحنا عايزينه، وأرفعلنا الطلب، ده لرئيس الجامعة، ولو الأمور مشيت بالطريقة ده خلاص، ولو مامشيتش كده، إحنا في إيدينا أن إحنا ندافع عن حقنا في الاختيار\” .

 

ويؤكد أستاذ بقسم اللغة العربية، على مشروعية تلك العملية الانتخابية بقوله:

\”ده مش أول انتخابات، لمنصب عميد الكلية، في الجامعات المصرية، ده رابع انتخابات، سبقتنا في ده، كلية الآداب جامعة عين شمس، وتم اعتماد نتيجة الانتخابات، ونفس الشيء، حصل في جامعة بني سويف، وجامعة أسيوط\” . أى أن تلك التجربة الانتخابية، لم تكن الأولى من نوعها، في اختيار عمداء الكليات، ومن ثم فأن هناك سابقة، يمكن الاستناد إليها، في المطالبة، بحق أعضاء هيئة التدريس، بكلية الآداب، جامعة القاهرة، بإقرار ما قد توصلت إليه العملية الانتخابية من نتائج\” .

هذا وتؤكد مؤسسة حرية الفكر والتعبير، على أن تلك التجربة الانتخابية، لمنصب عميد الكلية، إنما تمثل حجر الزاوية، نحو استقلال الجامعات المصرية، ذلك أن آلية انتخاب القيادات الجامعية، بمختلف مستوياتها، ابتداء من رئيس قسم، وصولا إلى رئيس الجامعة، يعد أحد أهم الآليات، التي ترسخ لمبدأ استقلالية المؤسسات الجامعية. تلك الاستقلالية التي من شأنها أن تنعكس إيجابيا على عملية التدريس، والبحث العلمي، بالجامعات المصرية، وهو ما من شأنه أن يخلق لنا جيلا متميزا من الدارسين والباحثين، في مختلف علوم المعرفة .

 

 

توصية لازمة :-

 

ترى مؤسسة حرية الفكر والتعبير من خلال رصدها وتحليلها لتجربة انتخابات كلية الآداب جامعة القاهرة، بأنها تطرح أفقا مختلفا لآليات التشريع ووضع السياسات الخاصة بإدارة المؤسسات الجامعية في مصر بشكل عام.

ففي الوقت الذي يؤكد د/حسام كامل رئيس جامعة القاهرة أن \”الجامعة في انتظار ما ستتوصل إليه اللجنة المشكلة من قبل وزارة التعليم العالي\”، لافتا إلى أنه لا يستطيع اعتماد النتيجة قبل اعتماد الوزير الصيغة التي سيتم الاتفاق عليها، وهو ما يؤكد إصرار المؤسسات المسئولة على اتخاذ القرار ممثلة في وزارة التعليم العالي وإدارات الجامعات على التعديل والتطوير التشريعي من أعلى وهي آلية إصلاحية يضيق أفقها بمتطلبات المرحلة التي تحتاج إلى مساحات أوسع من المشاركة الجمعية في رسم السياسات والتشريعات التي تحقق التطوير والتغيير الحقيقي.

 

لذا ..ترى المؤسسة أهمية فتح المجال لتجارب مماثلة يتم من خلالها استخلاص التعديلات التشريعية الملائمة لمتطلبات وأهداف المرحلة، لتصبح تلك التعديلات –وللمرة الأولى- نتاج حوار عملي حقيقي نابع من واقع الحياة الجامعية ومرتكز على مشاركة حقيقية من كافة فئات وشرائح الوسط الجامعي .

 

وتؤكد مؤسسة حرية الفكر والتعبير على أن التوافق على سياسات وآليات اختيار القيادات الجامعية بين جمهور أعضاء هيئة التدريس يُعزز من التحقيق العملي لمبدأ استقلالية الجامعة ابتداءً من القسم ومرورا بالكلية وانتهاءً بالجامعة، ويمثل حجر الزاوية، نحو استقلال الجامعات المصرية. تلك الاستقلالية التي من شأنها أن تنعكس إيجابيا على عملية التدريس، والبحث العلمي، بالجامعات المصرية، وهو ما من شأنه أن يخلق لنا جيلا متميزا من الدارسين والباحثين، في مختلف علوم المعرفة

 

 

 

تابعونا على :

آخر التحديثات

للإشتراك في نشرة مؤسسة حرية الفكر والتعبير الشهرية

برجاء ترك بريدك الالكتروني أدناه.