حالة الرقابة على الإنترنت في مصر

تاريخ النشر : الإثنين, 2 يوليو, 2018
Facebook
Twitter

حالات الرقابة على الإنترنت التي تم الإبلاغ عنها

على عكس دول أخرى في المنطقة، تم الإبلاغ عن عدد قليل من أحداث الرقابة على الإنترنت في مصر في السنوات التي أعقبت ثورة 2011. ومع ذلك، تغيرت الأمور في أواخر عام 2015. وإلى جانب المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ورد أن مصر حجبت الوصول إلى موقع “العربي الجديد”، وهو موقع إخباري مملوك لقطر. وقد تم تبرير هذا الحجب على أساس أن الموقع “يستخدم كبوق للإخوان المسلمين” في ضوء تصاعد التوتر في المنطقة.

لم تؤكد بيانات قياس الشبكة التي تم جمعها من خلال استخدام برمجية OONIProbe على حجب موقع العربي فحسب، بل أظهرت أيضًا أنه تم حجب مجال بديل (alarabyaljadeed.co.uk) الذي تم وضعه للتحايل على الرقابة. ذكر  المرصد المفتوح لاعتراض الشبكات(OONI) أن حجب موقع العربي أدى إلى أضرار جانبية، حيث نتج عن ذلك حجب المواقع الأخرى المستضافة على نفس شبكة توصيل المحتوى (CDN) أيضا.

بعد ذلك بوقت قصير، بدأت مصر في حجب مجموعة متنوعة من مواقع الإعلام. في 24 مايو 2017، أمرت الحكومة المصرية مقدمي خدمات الإنترنت بحجب 21 موقعًا إخباريًا بحجة دعم الإرهاب ونشر الأخبار الكاذبة.و من خلال جمع وتحليل قياسات الشبكة، تأكد  المرصد المفتوح لاعتراض الشبكات (OONI) من حجب عشرة مواقع إخبارية – بما في ذلك الأخبار المحلية والدولية، مثل مدى مصر والجزيرة. كما وجد  المرصد   أن مصر حجبت أيضا شبكة المجهولية تور (Tor)، ونطاق  Tor، وجسور  Tor، وموقع الويب الخاص بالمرصد المفتوح لاعتراض الشبكات(OONI) نفسه – وهو نطاق فرعي من نطاق مشروع تور.

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي لاحظ فيها المرصد التلاعب في الدخول إلى شبكة تور  في مصر. في عام 2016، أبلغ المرصد عن محاولات مقدمي خدمات الإنترنت المصريين منع الوصول إلى شبكة تور.

في محاولة لتحديد جميع المواقع الإخبارية الـ21 المحجوبة ولمزيد من البحث، جمعت AFTE المزيد من قياسات الشبكة من خلال استخدام برمجية OONIProbe عبر عدة مقدمي خدمات الإنترنت في مصر. ثم قاموا بنشر تقريرين بحثيين حول حجب 496 موقعًا على الأقل، مما يشير إلى أن الرقابة على الإنترنت في مصر أصبحت ممارسة منتشرة. لا تقتصر المواقع المحجوبة  على المواقع الإخبارية فقط، بل أيضا مواقع حقوق الإنسان، وأدوات تجاوز الحجب، والمدونات، ومنصات النشر، ومواقع الحركات السياسية، والشبكات الاجتماعية، ومواقع ويكي، وغيرها من أنواع المواقع.

وفقا لمؤسسة حرية الفكر والتعبير فإن حجب المواقع الإعلامية ينتهك المادة 57 من الدستور، التي تنص على أنه لا يجوز تعليق وسائل الاتصال العامة بشكل تعسفي. وأكدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير على أن الحجب ينتهك قرارات عدد من المحاكم الإدارية ، فضلا عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وعدد من قرارات ومواثيق الأمم المتحدة الملزمة للحكومة المصرية.

في الآونة الأخيرة، نشرت مؤسسة حرية الفكر والتعبير تقريرًا بحثيًا آخر حول حجب صفحات الجوال المسرّعة (AMP) في مصر، مما أثر على ملايين المواقع الإلكترونية الأخرى التي تستخدمه. يعمل AMP على تحسين أداء صفحات الويب على الهواتف المحمولة، مما يوفر تجربة أسرع وأفضل لمستخدمي الهواتف الذكية. في مصر، اعتمد العديد من أصحاب المواقع الإلكترونية المحجوبة على الـ AMP كاستراتيجية للتحايل على الرقابة. نظرًا لأن AMP يعرض روابط بديلة للروابط الأصلية التي تظهر في نتائج محرك بحث جوجل، حيث يتم إعادة توجيه المستخدمين إلى نطاق بديل، مما يؤدي إلى التحايل على حجب الموقع الأصلي. من خلال حجب  AMP، لا تجعل السلطات المصرية التحايل على الرقابة على المواقع المحجوبة أكثر صعوبة فحسب، ولكنها تؤثر أيضًا على ملايين المواقع الأخرى التي تستخدم AMP فقط لغرض توفير أداء أفضل على الويب لمستخدمي الهواتف الذكية.هذه واحدة من العديد من الحالات التي أدت فيها ممارسات الرقابة في مصر إلى أضرار جانبية.

في عام 2016، سجل  المرصد المفتوح لاعتراض الشبكات(OONI) إبطاء بروتوكول نقل النص التشعبي الآمن (HTTPS) للخدمات التي استضافها مركز بيانات تابع لشركة DigitalOcean موجود في فرانكفورت، مما أدى إلى عدم إمكانية الوصول إلى العديد من الروابط. وكجزء من هذا التقرير، كشف  المرصد المفتوح لاعتراض الشبكات(OONI) أيضًا عن  وجود حملة إعلانية. حيث وجد أن الشركة المصرية للاتصالات المملوكة للدولة تستخدم أجهزة الفحص العميق للحزم (DPI) أو أجهزة شبكات شبيهة لعمل هجمات من النوع الرجل في الوسط (Man-in-the-Middle) وذلك بهدف حقن محتوى مدر للدخل (إعلانات بالعمولة) أو لأغراض خبيثة (البرمجيات الخبيثة)

في الآونة الأخيرة، توسع مختبر المواطن Citizen Lab في هذا النوع من البحث من خلال التحقيق في استخدام أجهزة الفحص العميق للحزم (DPI)  ، تم انتهاجها من قبل شركة Sandvine / Procera لأغراض خبيثة أو مشكوك فيها ، واستُخدمت في كل من مصر وتركيا وسوريا. وكجزء من بحثهم، وجدوا أنه يتم استخدام صناديق وسيطة ( middleboxes) في مصر لاختراق الاتصالات غير المُعمّاة للمستخدمين وإعادة توجيهها إلى المحتوى المدر للدخل، مثل الإعلانات بالعمولة وأكواد برمجية لتعدين العملات الرقمية المعماة. كما وجد “مختبر المواطن” أن الأجهزة، التي تتطابق مع بصمة Sandvine PacketLogic، كانت تستخدم لحجب عشرات المواقع السياسية ومواقع حقوق الإنسان والأخبار في مصر، بما في ذلك هيومن رايتس ووتش، ومراسلون بلا حدود، والجزيرة، ومدى مصر، هفبنجتون بوست العربية.

المنهجية: قياس الرقابة على الإنترنت في مصر

لقياس الرقابة على الإنترنت في مصر، استخدمنا برنامج(OONI Probe) بشكل يومي عبر العديد من نقاط الخدمة المحلية. برنامج OONI Probe هو برنامج حر ومفتوح المصدر مصمم لقياس أشكال مختلفة من اعتراض الشبكات.

تشمل اختبارات OONI Probe الرئيسية التي أجريناها كجزء من هذه الدراسة ما يلي:

و حيث أن الحكومة المصرية أمرت بحجب 21 موقعًا إخباريًا، فإن اختبار “Web Connectivity test “ كان أساسًا لهذا البحث لجمع بيانات قياس أداء الشبكة لكشف المواقع التي تعرضت للحجب وكيفية حجبها وأي مقدمين لخدمة الإنترنت يقومون بالحجب.

تم تصميم اختبار (Web Connectivity test ) لقياس ما إذا كان يتم حجب مواقع الويب من خلال التلاعب في نظام أسماء النطاقات (DNS)  أو حجب حزمة بروتوكولات الإنترنت (TCP / IP) أو بواسطة (HTTP transparent proxy ). يتم إجراء هذا الاختبار تلقائيًا من خلال نقطتي اتصال مختلفتين، الأول من جهاز المستخدِم والثانية من نقطة رصد غير خاضعة للرقابة، إذا كانت النتائج من كلتا نقطتي المقارنة متطابقتين، فمن المرجح أن يكون موقع الويب المختبر قابلاً للوصول إليه. وإذا اختلفت النتائج، تعتبر نتيجة القياس “غير طبيعية”.

تؤكد منهجية OONI الحالية فقط على حجب موقع ما في حالة عرض صفحة وب تُخبر المستخدم بأن الموقع محجوب، و في الحالات التي لا يعرض فيها مقدمو خدمات الإنترنت هذه النوعية من الصفحات؛ يتم تحليل قياسات الشبكة ذات الصلة عبر فترة من الزمن، وذلك بفحص ما إذا كانت الأنواع المحددة من حالات الفشل في الدخول إلى الموقع المعني مستمرة أم لا، إضافة إلى أسباب حدوث هذا الفشل (بمعنى استبعاد النتائج الإيجابية غير الحقيقية).

كان الاختبار يقتصر في الغالب على عناوين الروابط المضمنة في قوائم الاختبار العالمية والمصرية لـ”مختبر المواطن” وهي قوائم تتكون من مجموعة الروابط لمختلفة التي تقع ضمن 30 فئة والتي يتم اختبارها من حيث الرقابة عليها بواسطة مشاريع قياس مثل OONI. خلال هذا البحث، قمنا بتحديث قائمة الاختبارات المصرية عدة مرات لضمان أن ما يتم اختباره هو فعلا المواقع المحجوبة. وكجزء من هذه الدراسة، تم قياس 1808 عنوان رابط، مُتَضمّنة في قوائم الاختبار العالمية والمصرية لـ”مختبر المواطن”.

في محاولة لتحديد المعدات التي تم استخدامها لممارسة الرقابة على الإنترنت في مصر، أجرينا اختبار HTTP Invalid Request Line واختبار HTTP Header Field Manipulation . وهما اختباران تم تصميمهما بهدف تحديد وجود صناديق وسيطة (middleboxes ). ويُذكر أنه في مرات سابقة مكّن هذان الاختباران من تحديد معدات الرقابة في بلدان مختلفة حول العالم.

بالإضافة إلى اختبارات OONI Probe، قمنا أيضًا بإجراء اختبارات زمن الوصل ” latency tests” وهو اختبار يُشير إلى مقدار الوقت الذي المُستغرق للحصول على حزمة من البيانات من نقطة معينة إلى أخرى، واختبارات أخرى لقياس الشبكة عبر جهاز راسبيري باي في مصر. ولرصد إمكانية الوصول إلى منصات المراسلة الفورية الشائعة خلال فترة من الوقت، أجرينا اختبارات OONI على WhatsApp و Facebook Messenger و Telegram، وهي اختبارها تم تصميمها لقياس إمكانية الوصول إلى هذه التطبيقات وواجهات الويب الخاصة بها.

في ضوء زيادة معدلات الرقابة على مدار العام الماضي، قررنا رصد إمكانية الوصول إلى أدوات تجاوز الحجب والرقابة على الإنترنت، وهناك العديد من مواقع أدوات تجاوز الرقابة المدرجة في قائمة الاختبار العالمية ل”مختبر المواطن”، والتي قمنا بقياسها من خلال اختبار( Web Connectivity test)، أيضًا اختبارات Vanilla Tor  و Tor Bridge Reachability، والتي تم تصميمها لقياس حجب شبكة Tor وجسور Tor.

جُمعت بيانات قياسات الشبكة من خلال كل هذه الاختبارات، و بعد ذلك تم معالجة هذه البيانات وتحليلها بناءً على مجموعة موحدة من الاستدلالات لكشف الرقابة على الإنترنت والتلاعب في حركة مرور البيانات. وقمنا بتحليل كل قياسات شبكة OONI Probe التي تم جمعها من مصر خلال الفترة من يناير 2017 إلى مايو 2018.

تحديات الدراسة

أظهرت نتائج هذه الدراسة بعض التحديات.

يرتبط التحدي الأول بفترة الاختبار. حيث تتضمن هذه الدراسة تحليلاً لمئات الآلاف من قياسات الشبكة التي تم جمعها من الشبكات في مصر خلال الفترة من يناير 2017 إلى مايو 2018. إلا أنه لم يتم فحص عمليات الرقابة التي قد تكون حدثت قبل و / أو بعد فترة التحليل كجزء من هذه الدراسة.

يرتبط التحدي الآخر في هذه الدراسة بكمية وأنواع الروابط  التي اُختيرت من حيث الرقابة عليها. أُجري اختبار (Web Connectivity test ) لقياس إمكانية الوصول إلى 685 عنوان URL هم الأكثر ملائمة للسياق المصري و 1،123 موقعًا ذي وزن دولي.  اُختيرت كل هذه الروابط وتصنيفها بالتعاون مع أفراد من المجتمع على مدار السنوات الماضية. نحن نقر بأن بعض الروابط قد تكون صنفت على نحو خاطئ، وربما يكون اختيار الروابط متحيزًا، وأن عينة اختبار الروابط قد تستبعد العديد من المواقع الأخرى المحجوبة في مصر. ولذلك، فإننا نشجع الباحثين وأفراد المجتمع على مواصلة مراجعة قوائم الاختبار هذه والإسهام فيها للمساعدة في تحسين الأبحاث والتحليلات المستقبلية.

وأخيرًا، في حين  جُمعت قياسات الشبكة من نقاط مراقبة محلية متعددة في مصر، لم تُشغّل اختبارات برمجية OONI على نحو ثابت عبر جميع الشبكات. لذلك قمنا باقتصار معظم تحليلنا على الشبكات الأكثر استخداما في جمع القياسات (ما يسمح بتحليل البيانات بشكل أكثر دقة خلال فترة من الزمن) : فودافون مصر (AS36935)، لينك دوت نت  (AS24863)، تي إي داتا (AS8452) و نور (AS20928).

النتائج

مواقع الوب المحجوبة

لا يبدو أن مزودي خدمة الإنترنت المصريين هم من يقومون بحجب الصفحات (على الأقل ليس لأي من المواقع التي تم اختبارها)، مما يحد من قدرتنا على تأكيد أحداث الرقابة بثقة مطلقة.

لفحص حجب مواقع الويب، قمنا بتحليل كل قياسات اتصال الإنترنت الخاصة بشبكة OONI والتي تم جمعها من نقاط الرصد المحلية في مصر في الفترة ما بين يناير 2017  ومارس 2018. وكجزء من تحليلنا، فحصنا المواقع التي أظهرت تشوهات في الشبكة، سواء كانت تلك التشوهات ثابتة ومستمرة مع مرور الوقت أم لا، وما إذا كانت تلك المواقع لديها معدلات تعطّل عالمية عالية (كجزء من الجهود لاستبعاد النتائج الإيجابية غير الحقيقية). بشكل عام، أظهر 1،054 رابط تشوهات في أداء الشبكة وعلامات على التدخل في الشبكة طوال فترة اختبار هذه الدراسة. ومع ذلك، كان بالإمكان الدخول إلى العديد من هذه المواقع في بعض الأوقات خلال فترة اختبارها، مما يشير إلى أن بعض حالات الفشل في الدخول إلى الموقع كانت إما إيجابيات كاذبة أو أن هذه المواقع تعرضت للحجب المؤقت فقط.

ضيّقنا نطاق تحليلنا على الروابط التي أظهرت استمرارية في كمية كبيرة من التشوهات في الشبكة (على سبيل المثال فشل بروتوكول HTTP)  بالمقارنة مع إجمالي عدد المرات التي تم اختبارها خلال وقت الدراسة. قمنا بعد ذلك بتصفية العديد من الروابط التي انتهت صلاحيتها أو نطاقاتها. ربما حُجبت هذه الروابط ، لكننا قررنا استبعادها من هذه الدراسة لأنها، في كل الأحوال، لم تعد تعمل (مما يحد من تأثيرها المحتمل على الرقابة). هكذا تبقى لنا  181 عنوان URL أظهرت باستمرار نفس أنواع التشوهات في معظم الأوقات التي تم اختبارها فيها عبر العديد من مزودي خدمة الإنترنت على مدار فترة الدراسة، مما يشير بقوة إلى أنها كانت غير متاح الوصول إليها في مصر.

وشمل الـ181 رابط  ثلاث نطاقات إسرائيلية (isa.gov.il, iaf.org.il, mod.gov.il)  لا يبدو أنها تعرضت للحجب من قبل مقدمي خدمة الإنترنت المصريين، وإنما من قبل إسرائيل. لا يوجد استراتيجية مشتركة للثلاث مواقع تُوضّح كيفية حجبهم، حيث لا يستجيب اسم الخادوم ( nameserver) الخاص بـ isa.gov.il إلى عناوين IPs المصرية، كما أن الوصول إلى iaf.org.il  محظور في مصر عناوين الـIPs، بينما يبدو أنه يتعذر الوصول إلى موقع mod.gov.il  في مصر بسبب القيود ذات الأساس الجغرافي.

باستثناء هذه المواقع الإسرائيلية الثلاثة، يبدو أنه حُجب 178 رابط على الأرجح من قبل مقدمي خدمة الإنترنت المصريين، نظراً إلى كونها كانت محل اختبار لمئات المرات عبر شبكات متعددة وفي كل مرة كشفت عن نسبة عالية من أوجه فشل الوصول لها. ويبدو أن هذه المواقع يتم حجبها في المقام الأول من خلال استخدام تقنية الفحص العميق للحزم Deep Packet Inspection (DPI) التي تم استخدامها لإعاقة  الاتصالات، مما يؤدي إلى فشل استجابة HTTP.

يبدو أن الرقابة على الإنترنت في مصر خلال العام الماضي أصبحت منتشرة بدرجة كبيرة حيث أن العديد من أنواع المواقع قد حُجبت. يوضح الرسم البياني أدناه أنواع المواقع التي أظهرت أكبر قدر من الأداء الشبكي غير الطبيعي، وبالتالي يُحتمل أن تكون قد حُجبت.

كانت معظم المواقع الخاضعة للرقابة هي المواقع الإخبارية ، يليها عدد من مواقع أدوات تجاوز الحجب، ومواقع حقوق الإنسان، والعديد من المدونات والمواقع التي يتضمن محتواها نقدا سياسيا.

في مايو 2017، أمرت الحكومة المصرية بحجب 21 موقعًا إخباريًا، لكن تحليلنا يشير إلى أن الأرجح أنه تم حجب أكثر من 100 موقع إخباري على مدار العام الماضي. كذلك مثّل عدد كبير من المواقع التي تُقدّم محتوى متعلق بحقوق الإنسان والآراء التي تعبر عن النقد السياسي نسبة عالية من حالات الأداء غير الطبيعي على الشبكة، مما يُشير إلى أن الرقابة قد تكون ذات دوافع سياسية.

كون العديد من مواقع أدوات تجاوز الحجب قد أظهرت أيضا معدلا عاليا من المشاكل على الشبكة، فإن ذلك يرجح أن مقدمي خدمات الإنترنت في مصر قد حاولوا تعزيز الرقابة من خلال جعل تجاوز الحجب أكثر صعوبة.

تجدر الإشارة إلى أن المخطط أعلاه يحمل أوجه قصور، لاسيما أنه يُشير إلى كمية وأنواع مواقع الوب التي تم اختبارها كجزء من هذه الدراسة. في حال اُختيرت عينة مختلفة من المواقع، فمن المحتمل أن يكون الشكل مختلفًا. ومع ذلك، فإن الهدف من هذا الشكل هو توضيح أنواع المواقع التي شملت أكبر قدر من التشوهات ضمن حدود مواقع الويب المُحدّدة التي اختُبرت.

تبحث الأقسام التالية بمزيد من العمق في فئات المواقع الأربعة (الأخبار وحقوق الإنسان والنقد السياسي و تجاوز الرقابة) التي أظهرت أعلى نسبة من الأداء غير الطبيعي على الشبكة كجزء من هذه الدراسة، والتي لذلك يرجح أن تكون قد تعرضت للحجب أثناء فترة الاختبار والتحليل لهذه الدراسة.

المواقع الإخبارية

تُشكّل المواقع الإعلامية الغالبية العظمى من المواقع التي وجدنا أنها محظورة كجزء من هذه الدراسة.

من بين الـ 178 رابط المحجوبين، كان 111 منها ينتمي إلى المواقع ذات الطابع الإخباري. وقد تم اختبار هذه الروابط مئات المرات، وفي كل مرة أظهرت نسبة عالية من حالات فشل HTTP طوال فترة الاختبار. القائمة الكاملة للمواقع الإخبارية المحظورة، والتي توضح عدد مرات اختبارها مقابل عدد المرات التي أظهرت فيها حالات فشل HTTP، متاحة هنا.

تتضمن الروابط المحجوبة مواقع إخبارية مصرية محلية، بالإضافة إلى مواقع إعلامية دولية. وتشمل هذه المواقع: مدى مصر، الجزيرة، شبكة رصد الإخبارية، ساسا بوست، العربي الجديد، ديلي نيوز إيجيبت، هافينغتون بوست بالعربية، أخبار البورصة، المصريون ومصر العربية، وغيرها الكثير. بشكل عام، يبدو أن أكثر من 100 موقع إعلامي قد تم حجبه طوال فترة الاختبار، وتقتصر هذه النتيجة على عينة صغيرة نسبيا من المواقع الإعلام التي اختُبرت.

تجدر الإشارة إلى أننا عثرنا على العديد من المواقع الإخبارية المحجوبة التركية مثل turkpress.co وturk.life  و arab-turkey.com  و الايرانية alalam.ir ، مما يشير إلى أن المخاوف السياسية والأمنية قد أثرت على الأرجح على قرارات الرقابة. كما تتضمن المواقع الاخبارية المحجوبة صحيفة ساخرة (alahraam.com) وموقع أخبار مملوك لقطر  (qtv.qa)، ضمن مواقع إخبارية إقليمية ودولية أخرى.

كذلك حُجب موقع جريدة الأخبار اللبنانية بعد نشر أنباء متعلقة باستقالة مدير المخابرات العامة المصرية. كما حُجب موقع “في الفن“، وهو أكبر موقع يقدم أخبار السينما، بعد نشر أخبار عن ضرب تركي آل شيخ (مستشار في الديوان الملكي في المملكة العربية السعودية) لمطربة مصرية. كذلك حُجب موقع القاهرة 24 الإخباري بعد نشره تقريرا عن الهجوم على هشام جنينه، أحد معارضي النظام الحالي.

تعذّر الوصول إلى الموقع الإخباري “صوت الأمة” مؤقتًا في يونيو 2017. وبالنظر إلى القياسات ، فقد يكون الموقع قد تعرض لهجمات الحرمان من الخدمات (DDoSed). كما أن عددًا من المواقع الإعلامية الأخرى لم يكن من الممكن الوصول إليها بشكل مؤقت طوال فترة الاختبار. تظهر أحدث قياسات OONI أنه يمكن الوصول إلى بعض المواقع الإعلامية المحجوبة في السابق (مثل مدى مصر)، بينما تظل مواقع إخبارية الأخرى (خاصة الدولية منها) محجوب (مثل الجزيرة).

في محاولة لتجاوز الرقابة، استخدمت بعض المواقع الإلكترونية المحجوبة نطاقات بديلة، لكن ذلك لم يكن فعالًا دائمًا. استخدمت صحيفة المصريون نطاق elmesryoon.com بدلاً من almesryoon.com وأظهرت قياسات OONI الأخيرة أن الوصول إليه أصبح متاحا (على شبكة واحدة حيث تم اختباره). من ناحية أخرى، استخدمت ديلي نيوز ايجيبت نطاق thedailynewsegypt.com بدلاً من dailynewsegypt.com، ولكن يبدو أن مقدمي خدمة الإنترنت في مصر قاموا بحجب هذا النطاق أيضا.

لدراسة تأثير عمليات الرقابة هذه، أجرت مؤسسة حرية الفكر والتعبير مقابلات مع بعض العاملين في المؤسسات الإعلامية المصرية التي حُجبت مواقعها. تقول لينا عطا الله، رئيسة تحرير موقع مدى مصر (التي تم حجبها لأول مرة في مايو 2017):

“كنا نعمل بشكل طبيعي وفجأة لم نتمكن من الوصول إلى موقع مدى. في الوقت نفسه، ظهرت أنباء على مواقع مؤيدة للنظام بأنه تم حجب مجموعة من مواقع الوب. وفي نهاية المطاف، أصبح واضحًا أن سياسة الحجب كانت سياسة منهجية ولا تقتصر على مجموعة من المواقع، حاولنا التواصل مع هيئات مختلفة، مثل نقابة الصحفيين، والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات. وأنكر كل طرف مسئوليته عن الحجب. حتى الآن، لا يوجد اتصال مباشر مع أي سلطة أو هيئة رسمية، ولا يوجد من أعلن مسئوليته عن الحجب. وفي نفس الوقت، نواصل العمل ونستخدم المنصات البديلة، مثل الشبكات الاجتماعية. “

كما فوجئ العاملون في جريدة مصر العربية  بحجب موقعهم. يقول رئيس التحرير، عادل صبري:

“يوم 24 مايو 2017، رأينا فجأة حملة على برامج التوك شو تطالب بحجب مواقع وب، كما نشر خبر على موقع جريدة “اليوم السابع”، قائلاً إنه تم حجب 21 موقعًا، بما في ذلك موقع مصر العربية “.

يقول عادل صبري من مصر العربية:

هذا الحجب منع 70% من جمهور الموقع من الوصول إليه. وقد كان لذلك آثار اقتصادية على أدائنا، حيث قامت بعض الشركات والبنوك بسحب إعلاناتهم من على موقعنا. كذلك أدى حجب موقعنا إلى خوف الكثير من المصادر من التعامل مع صحفيينا”

وتظهر أحدث قياسات OONI أن هذا الموقع الإخباري لا يزال محجوبا في مصر.

وبالمثل، فإن حجب الموقع الإخباري “البداية” كان له تأثير على جمهوره وعلى عمل صحفيوه. يقول رئيس التحرير خالد البلشي:

“كان عدد قراء موقعنا الإخباري يصل في العادة إلى عدة آلاف في اليوم. بعد الحجب، أنتج فريقنا محتوى لا يمكن الوصول إليه من قبل الغالبية العظمى من جمهورنا، وهو أمر محبط بشكل عام”.

إلا أن ملابسات حجب البداية كانت مختلفة مقارنة بالمواقع الإخبارية المصرية الأخرى. يقول خالد البلشي:

“تلقيت اتصالاً من زميل يعمل في صحيفة قريبة من الدولة قال لي إن هناك تعليمات لمهاجمتي. لقد وجدت مقالا يهينني بسبب مقال لم أكتبه. وعندما أنكرت أنني كاتب هذا المقال، تلقيت الأخبار من زميل لي أنه تم حجب موقع البداية.”

منذ ذلك الحين، قدم خالد البلشي شكوى إلى نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رداً على حجب الموقع. يقول:

“بعد أن حُجبت”البداية”، حجبت السلطات أيضا موقع “مصريات” الذي يقدم محتوى مرتبط بالنساء، وتديره نفيسة الصباغ. أعتقد أن الموقع تم حجبه فقط لأن رئيسة التحرير هي زوجتي، حيث أن الموقع ليس سياسيا  “.

وبحسب لينا عطا الله من “مدى مصر”، يمكن تفسير حجب المواقع الإعلامية بسياقين:

“الأول هو سياق المجال العام الذي تحاول السلطات الحد منه، والثاني مرتبط بالإنترنت كمساحة افتراضية تسمح بتداول المعلومات. أعتقد أن هناك مجموعة من الممارسات التي تقوم بها السلطات لاحتواء المساحة المفتوحة التي يوفرها الإنترنت، وحجب المواقع الإلكترونية جزء منه. “

كذلك يقول خالد البلشي من “البداية” أن حجب المواقع هو جزء من عقلية نظام لا يقبل أصواتاً مخالفة لما تقوله السلطات.

“هذا الحجب يتماشى مع السياسات الحالية للدولة، تماماً كما أغلقت منظمات المجتمع المدني، وقيدت حركة العمال، وأغلق المجال العام وعُرقلت وسائل الإعلام”.

حُجب موقع كورابيا لأول مرة في يوليو 2017، وهو موقع إخباري يغطي أخبار كرة القدم محليا وعالميا. وبحسب محرري الموقع:”يعمل في المؤسسة أكثر من مائة صحفي ومراسل ومحرر كلهم أصبحوا مهددين بعد أن وصلنا جميعاً لطريق مسدود ودخلنا مرة أخرى في نفق مظلم، لا نرى نهايته ولا نعلم من المسؤول عن هذه القرارات. “

قبل بضعة أشهر، أعلنت كورابيا على حسابها الرسمي على فيسبوك أنها ستعلق موقعها على الويب. وتظهر أحدث قياسات OONI أن موقع كورابيا لا يزال محجوبا، على الرغم من تعليق أنشطته.

و أعلن موقع “البديل” الإخباري المحجوب أنه لن يُعلّق العمل بموقعه فحسب، بل أيضا كافة منصاته  على وسائل التواصل الاجتماعي وأنه لن ينشر أي محتوى بعد الآن، سواء كان مكتوبًا أو مرئيًا. كما علق الموقع الإخباري المحجوب “البداية” أيضا عمله في الشهور الأخيرة، ولكن دون إعلان رسمي.

أُقيمت ثلاث دعاوى قضائية ،نُظرت جميعها أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة،الأولي أقامتها مؤسسة حرية الفكر والتعبير وما زالت الدعوى منظورة أمام المحكمة في أنتظار صدور تقرير قانوني حول موضوع القضية والثانية رُفعت من قبل موقع مدى مصر والثالثة من قبل قناة الشرق التليفزيونية. وقد تم رفع الدعاوى ضد وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والهيئة القومية لتنظيم الاتصالات. وتطالب الدعاوى القضائية السلطات بتوضيح سبب حجب مواقعها والكشف عن الجهات المسئولة عن الرقابة. في 22 أبريل عام 2018، رفضت المحكمة  دعوى قناة الشرق لأن القناة غير مسجلة قانونًا (وبالتالي لا يحق لها رفع دعوى قضائية). ولا تزال دعوى “مدى مصر” قيد النظر.

على الرغم من رفض الدعوى القضائية التي رفعتها قناة الشرق، إلا أن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات كشفت أن حجب موقعها الإلكتروني جاء بناءً على طلب من لجنة مراقبة وتنظيم أموال جماعة الإخوان المسلمين. وشمل الطلب الاستيلاء على الكيانات والأموال التابعة للمجموعة، فضلاً عن حجب 16 موقعاً و16 قناة تلفزيونية وجريدة “المصريون”.

حقوق الإنسان

تشير قياسات OONI إلى أن مواقع حقوق الإنسان قد حُجبت هي الأخرى في مصر.

الجدول التالي يلخص مقدار التشوهات في الشبكة التي ظهرت في كل موقع مقارنة بعدد المرات التي تم اختبارها فيه. تشير النسبة العالية من التشوهات، إلى جانب سهولة الوصول إلى تلك المواقع من نقاط الرصد العالمية، وإلى أن المواقع المدرجة في الجدول أدناه قد حجبت في مصر.

عدد مرات الاختبار عدد التشوهات الروابط
210 165 http://www.sinaihr.org
186 161 http://www.qantara.de
196 153 http://liberties.aljazeera.com/
177 152 http://www.ec-rf.org
177 150 http://www.mom-rsf.org
173 137 http://www.jatoeg.org
151 136 https://www.reporter-ohne-grenzen.de
159 122 https://www.sinaihr.org/
176 116 https://www.hrw.org/
212 86 http://www.anhri.net

منظمة سيناء لحقوق الإنسان منظمة غير حكومية تراقب وتوثق انتهاكات حقوق الإنسان في منطقة سيناء المصرية. قد يكون وراء حجب موقعهم دوافع سياسية، نظراً للصراع الدائر في شبه جزيرة سيناء بين المتشددين الإسلاميين وقوات الأمن المصرية.

ومن مواقع حقوق الإنسان الأخرى المحجوبة في مصر الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، وهيومان رايتس ووتش، ومنظمة مراسلون بلا حدود، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، ومرصد الصحفيين ضد التعذيب. يبدو أن حجب هيومن رايتس ووتش قد بدأ بحلول الأول من أكتوبر / تشرين الأول 2017، وقد يكون الدافع وراء ذلك هو نشر تقرير عن التعذيب في السجون المصرية.

يقول محمد لطفي، المدير التنفيذي للمفوضية المصرية للحقوق والحريات (ECRF)

“تم حجب موقعنا في صباح يوم 5 سبتمبر 2017. كنا أطلقنا للتو حملة ونشرنا تقريرًا عن حوادث” الاختفاء القسري “في مصر، قبل بضعة أيام من الحجب. حاولنا أن نتعامل على الفور مع الوضع ونقلنا محتوانا إلى خادوم ونطاق آخر غير محجوب بعد أسبوعين من الحجب “.

وبحسب لطفي:

“السلطات لديها مشكلة مع تداول المعلومات على الإنترنت ولذلك فهي تحاول السيطرة عليها بعد أن قد سيطروا بالفعل على وسائل الإعلام والصحف التقليدية. لا أعتقد أن السلطة ستنجح في ذلك “.

النقد السياسي

وجدنا أن العديد من المواقع الإلكترونية والمدونات التي تعبر عن أفكار سياسية تعرضت للحجب خلال فترة الاختبار.

الجدول التالي يوضح كم تشوهات الشبكة التي وجدت في كل موقع مقارنة بعدد المرات التي تم اختبارها فيه.

عدد مرات الاختبار عدد التشوهات الروابط
212 152 http://baheyya.blogspot.com
207 138 http://www.manalaa.net
184 86 http://medium.com
426 355 http://ikhwanonline.com/
205 172 http://6april.org
197 167 http://fakartany.com
207 161 http://www.ikhwanonline.com/new/Default.aspx
198 160 http://www.gwady.net
206 158 http://revsoc.me

كانت إحدى المدونات الأولى في مصر – مدونة منال وعلاء – من بين المواقع المحجوبة. دعمت هذه المدونة أنشطة التدوين منذ إنشائها في عام 2004، واستضافت مدونات مصرية أخرى وقدمت الدعم الفني عند بدء التدوين في مصر. وهناك مدونة أخرى تقدم التعليقات والتحليلات على السياسة المصرية كانت من بين تلك التي تم حجبها، إلى جانب منصة التدوين الشهيرة medium.com وموقع إلكتروني يناقش مجموعة متنوعة من القضايا السياسية المصرية.

في عام 2008، نشأت حركة شباب 6 أبريل كمجموعة ناشطة مصرية لدعم العمال الذين كانوا يخططون للإضراب في 6 أبريل. لكن محكمة مصرية حجبت أنشطتها قبل أربع سنوات. وكان موقعهم من بين المواقع التي حُجبت، إلى جانب موقع آخر يقدم محتوى الاشتراكي. ويبدو أن موقع fakartany.com قد تم حجبه باستخدام القاعدة المعتادة.

ويبدو أن موقع fakartany.com الذي يعمل كمساحة تفكير افتراضية قد تم حجبه باستخدام القاعدة المعتادة التي تقوم بالحجب بناءًا على رقم التعريفي الخاص ببروتوكول الإنترنت (IP) في تقريبا نفس موقع الاتصال حيث تم رصد أجهزة الفحص العميق للحزم (DPI) – بناءًا على اختبارات من أجهزة راسبيري باي  في مصر – على عكس مواقع الوب  الأخرى، لم يتم رصد حقن RST، ولكن تم إسقاط الحزم. هذا منطقي من الناحية الهندسية، للحد من الضغط على أجهزة الفحص العميق للحزم (DPI)، أو لحجب خدمة متصلة بالرقم التعريفي (IP) ذات اتصال  HTTP/HTTPS غير طبيعي. هذه الحالة تسلط الضوء على بعض التفاوت في قواعد تصفية الشبكة المستخدمة من قبل مزودي خدمة الانترنت في مصر.

للإشتراك في نشرة مؤسسة حرية الفكر والتعبير الشهرية

برجاء ترك بريدك الالكتروني أدناه.