انتهاكات تطغى على وعود الإصلاح.. التقرير السنوي عن حالة حرية التعبير في مصر ٢٠٢٢

Date : الإثنين, 1 مايو, 2023
Facebook
Twitter

 

إعداد: وحدة الرصد والتوثيق بمؤسسة حرية الفكر والتعبير

محتوى

منهجية

مقدمة

الجزء الأول: قراءة في حالة حرية التعبير خلال عام ٢٠٢٢

  • الحوار الوطني.. ولادة متعثرة.

 

‏الجزء الثاني: أنماط انتهاك الحق في حرية التعبير خلال عام ٢٠٢٢

أولًا: الحقوق الرقمية

ثانيًا: حرية الصحافة والإعلام

ثالثًا: الحرية الأكاديمية والحقوق الطلابية

رابعًا: حرية الإبداع

خامسًا: حرية التظاهر والتجمع السلمي

 

خاتمة وتوصيات

 

 

منهجية

اعتمد التقرير على قراءة وتحليل السياسات العامة للسلطات المصرية، بمختلف أجهزتها، تجاه الحق في حرية التعبير بصوره المختلفة، خلال عام ٢٠٢٢. ‏كذلك اعتمد التقرير على عرض أبرز أنماط الانتهاكات في ملفات حرية التعبير المختلفة: حرية الصحافة والإعلام، حرية الإبداع والتعبير الفني، الحرية الأكاديمية والحقوق الطلابية والحقوق الرقمية، إضافة إلى الحق في التظاهر والتجمع السلمي خلال عام ٢٠٢٢. بالاستعانة بقواعد بيانات وحدة الرصد والتوثيق بمؤسسة حرية الفكر والتعبير خلال عام ٢٠٢٢ في ملفات عمل المؤسسة، فضلًا عن القضايا التي تولتها وحدة المساعدة القانونية بالمؤسسة خلال عام 2022. إلى جانب الاعتماد على شهادات محامين خارج المؤسسة عملوا على قضايا أخرى. وأيضًا شهادات ضحايا الانتهاكات التي وثَّقتها المؤسسة عبر وحدة الرصد والتوثيق، ويقدم التقرير تحليلًا لأنماط الانتهاكات الواقعة خلال العام عن طريق المتابعة المكثَّفة والتدقيق البحثي واستخلاص الأنماط المستحدثة للانتهاكات في كل ملف من ملفات حرية التعبير مقارنة بأنماط الانتهاكات التقليدية التي رصدتها المؤسسة خلال عملها في السنوات الأخيرة.

 

مقدمة

 

يمكن ملاحظة تغيير ملموس في الخطاب السياسي للسلطات المصرية منذ منتصف عام ٢٠٢١، وتحديدًا بعد الانتقادات الدولية الواسعة التي واجهتها السلطات المصرية على خلفية بيان الدول الأعضاء بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على هامش دورته الـ٤٦ في مارس [1]٢٠٢١.

 

حثَّ بيانُ الدولِ الحكومةَ المصرية على ضمان مساحة للمجتمع المدني ورفع القيود المفروضة على وسائل الإعلام والمنصات الرقمية ووقف سياسات حجب المواقع الإعلامية المستقلة والإفراج عن جميع الصحفيين المحبوسين، وضمان حرية عمل المدافعين عن حقوق الإنسان دون خوف من الترهيب أو المضايقة أو أي شكل من أشكال الأعمال الانتقامية بما يشمل رفع قرارات حظر السفر وقرارات تجميد الأموال الصادرة ضدهم.

 

سارعت السلطات المصرية، منذ هذا التاريخ، من أجل تحسين صورتها فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان، وتحديدًا على المستوى الدولي، بهدف تخفيف حدة الضغوط الدولية التي تتعرض لها، وتعظيم فرص الاستدانة الخارجية التي ارتفعت معدلاتها بشكل لافت في السنوات الأخيرة.

 

ففي سبتمبر من نفس العام (٢٠٢١) أطلقت اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان، وهي لجنة حكومية يرأسها وزير الخارجية -شُكِّلت بقرارٍ من رئيس الجمهورية في سبتمبر ٢٠١٩- الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، في مؤتمر بحضور ورعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي أعلن خلال المؤتمر أن عام ٢٠٢٢ “عام المجتمع المدني”.

وفي أكتوبر ٢٠٢١ أوقف الرئيس العمل بقانون الطوارئ، ما استدعى رفع حالة الطوارئ للمرة الأولى منذ عام ٢٠١٧. وقد روجت لذلك الحكومة آنذاك باعتباره خطوة مهمة أولى على طريق تلبية استحقاقات الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التي جاءت رغم كل الانتقادات الموجهة إليها، بسبب كيفية إقرارها وغياب قضايا حقوقية مهمة عن مضمونها، جيدة، إذا ما التزمت الدولة بتنفيذ ما جاء فيها.

 

انتهى عام ٢٠٢١ على توقعات باستمرار الجهود الحكومية الرامية  إلى تحسين شروط واقع حقوق الإنسان في مصر، وبالفعل عاد رئيس الجمهورية في ٢٦ إبريل ٢٠٢٢، ليطلق دعوته -في إفطار الأسرة المصرية-  إلى حوار سياسي، يجمع كل فصائل المعارضة، دون إقصاء أو تمييز، بهدف الوصول إلى توافق حول أولويات العمل الوطني خلال المرحلة المقبلة. كما قرر الرئيس إعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي، بعد إضافة عضوين إليها، وتوسيع دائرة اختصاصها لتشمل المحبوسين احتياطيًّا على ذمة قضايا رأي بالإضافة إلى الغارمين والغارمات.

 

بذلت لجنة العفو الرئاسي مجهودات كبيرة على مدار الأشهر السبعة الماضية، أسفرت عن إخلاء سبيل قرابة 1000 سجين رأي، والعفو الرئاسي عن ١٢ محاكمًا في قضايا سياسية.

 

ومع نهاية عام ٢٠٢٢ ترى مؤسسة حرية الفكر والتعبير أن التغيير الذي طرأ على السياسة المصرية، لم يتعدَ مجرد خطاب للاستهلاك الدولي قبل المحلي، وأنه لم تكن هناك لدى السلطات المصرية أية إرادة حقيقية في تغيير واقع حقوق الإنسان في مصر، أو في خلق انفراجة سياسية حقيقية وفتح المجال العام. ما عبَّرت عنه مجمل السياسات والممارسات التي انتهجتها السلطات المصرية تجاه حقوق الإنسان، وبوجه خاص الحق في التعبير الحر عن الرأي.

 

فرغم مجهودات لجنة العفو الرئاسي منذ إعادة تفعيلها قبل سبعة أشهر، فإن خطواتها كانت شديدة البطء، انتقائية، ويتحكم أكثر من جهاز أمني بشكل كامل في تحديد من يخرج من السجن، بينما اقتصر دور لجنة العفو على ترشيح القوائم بعد استقبال طلبات المواطنين والجهات الحقوقية. هذا التباطؤ في إنهاء ملف سجناء الرأي كان أبرز أسباب تردد وتراجع الحركة المدنية الديمقراطية في الانفتاح على المشاركة في الحوار الوطني، وهو ما سوف نتناوله لاحقًا بالتفصيل.

 

على العكس، استمرت الممارسات الأمنية والقضائية في ملاحقة أصحاب الرأي والصحفيين والمبدعين، والتنكيل بالمعارضين السياسيين والتضييق على عموم المواطنين، وخصوصًا في كل ما يرتبط بحراك ما، في المجال العام سواء التقليدي أو الافتراضي.

أدت تلك الممارسات إلى زيادة حصيلة المحبوسين والمحاكمين على ذمة قضايا رأي، بما تقدره مؤسسة حرية الفكر والتعبير بأنه تخطى بنسبة كبيرة أعداد المخلي سبيلهم أو الصادرة لهم قرارات عفو من قِبَل رئيس الجمهورية.

 

وبعد مرور ١٥ شهرًا على إطلاق الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، لم تلتزم السلطات المصرية، بمختلِف أجهزتها، بالتعهدات والالتزامات التي قطعتها على نفسها في الإستراتيجية. فعلى مستوى السياسات، لم يناقش البرلمان بعدُ قانون الحق في الحصول على المعلومات، رغم تعهد الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وكذلك قانون الأحوال الشخصية، ولم يُقِر البرلمان التعديلات المنتظرة على قانون الإجراءات الجنائية فيما يتعلق بالحبس الاحتياطي. أما على سبيل الممارسة، فلم يتغير شيء على الإطلاق، فقد استمرت نفس العقلية الأمنية بديلًا من التدخلات السياسية والحوار.

 

ومع نهاية عام ٢٠٢٢ ما زالت الولادة القيصرية للحوار الوطني متعثرة، حبيسة الإجراءات التحضيرية. إذ لم تتعامل السلطة بجدية مع الضمانات التي أعلنتها الحركة المدنية الديمقراطية، الكيان السياسي المعارض الأهم للنظام المصري وممثل المعارضة في الحوار الوطني، كضرورة للمشاركة في الحوار الوطني. وعلى الجانب الآخر استمرت الحكومة المصرية في إقرار عدد مهم من السياسات العامة، بشكل منفرد وسلطوي، وبلا انتظارٍ للحوار الوطني، فيما بدا وكأنه تفريغ للحوار الوطني من أي مضمون حقيقي وجاد. كان من بينها إقرار تعديلات قانون الإجراءات الضريبية الموحد، ومناقشة قانون العمل في البرلمان بهدف إقراره، فضلًا عن السياسات المالية والمصرفية والاقتصادية الأخرى التي تم إقرارها.

 

 

الجزء الأول: الحوار الوطني.. ولادة متعثرة

بعد دعوة رئيس الجمهورية، في إبريل الماضي، إلى حوار سياسي، وعبر مفاوضات بين الجهة الراعية للحوار (متمثلة في مكتب رئيس الجمهورية) وقيادة الحركة المدنية الديمقراطية، أسفرت المفاوضات عن تشكيل مجلس أمناء الحوار الوطني، باعتباره الجهة المنوط بها تنظيم وتحضير سير وفعاليات ومخرجات جلسات الحوار الوطني، واختيار نقيب الصحفيين السابق، ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، منسقًا عامًّا بمجلس الأمناء.

 

خلال ستة أشهر من العمل، عقد خلالها مجلس الأمناء ١٨ جلسة، اهتم أغلبها بتنظيم الأمور الخاصة بعمل مجلس الأمناء، مثل: إقرار لائحة عمل المجلس ومدونة سلوك جلسات الحوار، فضلًا عن اختيار المقررين العموم ومساعدتهم في المحاور الثلاثة العامة وكذلك في  لجان الحوار، التي تم الاتفاق على أن تكون 19 لجنة، مقسمة كالتالي: خمس لجان تحت المحور السياسي، ست لجان تحت المحور المجتمعي وثماني لجان تحت المحور الاقتصادي، يتولى إدارة النقاش داخلها 44 مقررًا ومساعدًا، بينما تنوعت الموضوعات بشكل واسع داخل كل لجنة إذ بلغ عددها ٨٣ موضوعًا.

 

بالنسبة إلى مجلس أمناء الحوار، اتسم عمله بالبطء الشديد، إذ انتهى عام ٢٠٢٢ دون تحديد جدول انعقاد جلسات الحوار الوطني، وشغلته التوافقات الداخلية بين أطرافه، حول طبيعة التمثيل النسبي لكل طرف داخل كل محور وكل لجنة. كذلك يمكن القول إن المجلس هو مجرد جهة تنظيمية لعملية سير وإجراءات الحوار الوطني، بينما يتوقف القرار السياسي بشأن تطور الحوار على الجهات التنفيذية المعنية بالاتصال مع القوى السياسية. أما بالنسبة  إلى الحركة المدنية الديمقراطية، فرغم ترحيبها الكبير وتحمسها الشديد وتفاعلها الإيجابي مع دعوة الحوار الوطني التي أطلقها رئيس الجمهورية، وما تلاها من إجراءات، من خلال المشاركة في عضوية لجنة العفو الرئاسية، والمشاركة الواسعة في إعداد وتنظيم الحوار الوطني، عبر التوافق على تشكيل مجلس أمناء الحوار الوطني وترشيح المشاركين من كل حزب وكذلك المستقلين لحضور الجلسات في اللجان المختلفة، ومن قبل التوافق على أسماء المقررين العموم والمساعدين للمحاور واللجان العامة والفرعية – فإن الحركة المدنية طالبت السلطة السياسية بمجموعة من الضمانات التي ترى أنها تبرز جدية الدولة وحسن نواياها تجاه مطالبات الانفتاح السياسي وفتح المجال العام. كان على رأس تلك الضمانات: إنهاء ملف سجناء الرأي، وكما ذكرنا سابقًا، تسبب التباطؤ الشديد في إنهاء هذا الملف في خلق تردد واسع بين أطراف الحركة المدنية حول مدى جدية السلطة السياسية في دعوتها  إلى الحوار الوطني.

 

من بين تلك الضمانات أيضًا: توقف الحكومة عن إقرار السياسات العامة وطرح مشروعات القوانين على البرلمان لإقرارها، انتظارًا للحوار الوطني وما قد يسفر عنه من رؤًى وأفكار وسياسات ومشروعات قوانين، قد تعبر عن توجهات جديدة للدولة بهدف تحسين الأوضاع على مستوى المحاور الثلاثة: الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.

‏إلا أن السلطة تجاهلت ذلك بشكل كامل، بل وعمدت خلال الأشهر الستة الماضية، أي منذ الدعوة إلى الحوار الوطني، إلى تمرير عدد من السياسات العامة والقرارات المهمة في مجالات عدة وخصوصًا في المجال الاقتصادي، وأقرت جميعها بشكل منفرد، دون إجراء أي حوار مجتمعي مع الفئات صاحبة المصلحة أو القوى السياسية والمجتمعية، ودون انتظار الحوار الوطني، فيما يعتبره كثير من المراقبين تفريغًا متعمدًا للحوار الوطني من أي مضمون حقيقي له.

 

‏أما بالنسبة  إلى السلطة السياسية، فلا توجد، حتى الآن، مؤشرات حقيقية حول جديتها في خلق حوار وطني حقيقي ينتج منه انفتاح سياسي يساعد على إعادة ترسيم المسار بعد الفشل الكبير الذي أحرزته السلطة الحالية على مختلف الأصعدة. بل استمرت السلطات المصرية في ممارساتها المنتهِكة لحقوق الإنسان، وإحكام القبضة الأمنية على المجال العام سواء الافتراضي أو التقليدي. فضلًا عن استمرارها في إقرار السياسات العامة دون حوار ودون انتظار الحوار كما أوضحنا سابقًا.

 

الجزء الثاني: أنماط انتهاكات حرية التعبير

أولًا: الحقوق الرقمية

مقدمة (الرقابة الذاتية):

تواجه الحكومات صعوبة في حجب أو منع تطبيقات التواصل الاجتماعي المختلفة، مثل: فيسبوك وتويتر وتيك توك وغيرها. ويرجع ذلك إلى ارتباط تلك التطبيقات بشبكات الاقتصاد والأعمال العالمية. وبالتالي تصبح تكلفة حجبها، بشكل كامل، مرتفعة جدًّا، اقتصاديًّا وسياسيًّا على الحكومات.

على الجانب الآخر انتهجت السلطات المصرية في السنوات الأخيرة مجموعة من الإجراءات تشمل قوانين وتشريعات وممارسات، تقوم بها الحكومة ضد فئات واسعة من مستخدمي تطبيقات التواصل.

لا يمثل هؤلاء المستخدمون خطرًا سياسيًّا بالضرورة، بل قد تستهدف الأجهزة الأمنية محتوًى ترفيهيًّا. بكلمات أخرى تهدف الحكومة إلى منع الأفراد في المجمل من التعبير عن أفكارهم سواء كانوا معارضين سياسيين أو صناع محتوى ترفيهي أو اجتماعي أو حتى تعليمي. لا فرق في نوع المحتوى، فالكل يتعرض للقمع والتعسف والملاحقة، كما توضح الانتهاكات التي رصدتها مؤسسة حرية الفكر والتعبير في هذا الملف لعام 2022.

وتسعى الحكومة من خلال تلك الإجراءات إلى تقييد مساحة التعبير التي تتيحها هذه التطبيقات للمستخدمين. كما تهدف إلى تقليل دور تلك التطبيقات في التأثير في السياسة وصناعة القرار في الدولة. وتسعى أيضًا إلى الحد من تداول المعلومات خارج إطار الرواية الرسمية للدولة، لتصبح الدولة بأجهزتها المختلفة هي المصدر الرئيسي والوحيد لكل ما يدور في مصر من أحداث. يمكن القول إن تلك الإجراءات أدت إلى خلق حالة متزايدة من الخوف والحذر عززت الرقابة بكافة أشكالها على الفضاء الإلكتروني.

 

في سياق الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، أصدرت السلطات التشريعية عددًا من التشريعات التي من شأنها تقييد استخدام الإنترنت والتحكم فيه، التي يمثلها قانون جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018[2]، الذي يفرض عقوبة الحبس والغرامات المالية على جرائم أخلاقية نسبية، ويصعب معرفة أركانها. ومنها: جريمة الاعتداء على قيم الأسرة المصرية وخدش الحياء العام. أما قانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم 180 لسنة 2018[3] فقد أعطى للجهات القضائية والأمنية والمجلس الأعلى للإعلام صلاحية حجب المواقع والحسابات التي  يزيد عدد متابعيها على خمسة آلاف متابع لاعتبارات أمنية تمس الأمن القومي، أو  في حالات نشر أخبار كاذبة أو ازدراء الأديان والعقائد السماوية. كذلك تعديل أحكام القانون رقم 10 لسنة 1972[4] فيما يخص الفصل بغير الطريق التأديبي، وأخيرًا كان قرار منع النشر الذي أصدرته غرفة شركات ووكالات السفر والسياحة.

 

ففي مايو 2022 أصدرت غرفة  شركات ووكالات السفر والسياحة قرارًا بمنع العاملين في قطاع السياحة من نشر أي وقائع سلبية تمس السائحين، وحذرت العاملين من نشر أي مقاطع مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي لبعض الممارسات غير اللائقة وغير المقبولة التي يواجهها بعض السائحين أثناء تواجدهم في مصر، وذلك حتى لا يصل انطباع سلبي  إلى من يشاهد تلك الممارسات وحتى لا تتأثر السياحة. وحتى لا تتم الإساءة إلى سمعة الدولة. جاءت تلك القرارات عقب القبض على مرشدين سياحيين على خلفية تصويرهم ونشرهم مقطع فيديو يوضح بعض المضايقات لسائحات عند منطقة الأهرامات.[5]

وبذلك تخالف غرفة السياحة حق المواطن في التعبير والنشر وتداول المعلومات عبر الإنترنت. وهو ما يتماشى بالفعل مع السياسات التي تتبعها الأجهزة الأمنية التي تسعى إلى القضاء على أي مصدر للمعلومات وتأميم كافة فضاءات التعبير.

تهدف تلك الحزمة من القوانين إلى وضع المزيد من  القيود على استخدام الإنترنت وعلى المستخدمين وتستهدف كل من يعارض سياسات السلطة سواء بشكل مباشر ومقصود أو بشكل غير مباشر وغير مقصود في كثير من الأحيان. كما تهدف تلك الإجراءات  إلى التحكم في المحتوى الذي يمكن تقديمه من خلال منصات التفاعل الاجتماعي.

 

بالاضافة إلى التشريعات والقرارات، تمثل ممارسات وانتهاكات الأجهزة الأمنية عاملًا مهمًّا في تقييد استخدام تطبيقات التواصل  في مصر. في هذا السياق كان تعيين حمادة الصاوي نائبًا عامًّا في سبتمبر 2019 تحولًا محوريًّا في تعامل الأجهزة الأمنية مع الفضاء الإلكتروني عامة ومواقع التواصل بشكل خاص. فقد نشط الصاوي في استهداف مستخدمي منصات التواصل وقاد حملة على كل من يقدم محتوى ترى النيابة العامة أنه يهدد أخلاق الأسرة المصرية. وبذلك أعطت النيابة العامة لنفسها سلطة الوصاية على وتقرير قيم المجتمع والأسرة العامة والمحاسبة عليها.[6]

 

أدت تلك الإجراءات إلى تقييد منصات التواصل الاجتماعي وخلق رقابة على مستويات مختلفة، فعلى الرغم من ارتباط مفردات “المراقبة” بالأجهزة الحكومية والأمنية، فإن الواقع يكشف عن عدة مستويات من مراقبة محتوى مواقع التواصل الاجتماعي، تبدأ بإدارات تلك المواقع نفسها، ثم المستخدمين الذين يتمكنون من الإبلاغ عن المحتوى الذي يرونه مخالفًا، أو لا يرغبون في وجوده لأسباب يحددونها، ثم المراقبة التي تمارسها أطراف خارجية حكومية أو غير حكومية، لأهداف متنوعة سياسية وأمنية واقتصادية ومجتمعية، وأخيرًا الرقابة الذاتية خوفًا من القمع والبطش.[7]

 

على غرار ذلك، يمكن رؤية مدى ما تعرضت له مساحات التعبير على مواقع التواصل الاجتماعي في عام 2022 ومدى استمرارية السلطة في انتهاج واستخدام سياسات تهدف إلى تضييق الخناق على أي منصة قد تتيح لمستخدميها مساحات للتعبير عن آرائهم وإنتاج محتوًى.

وقد رصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير 101 حالة انتهاك للحقوق الرقمية في عام 2022. وبالمقارنة مع عام 2021، فقد رصدت المؤسسة 70 انتهاكًا. بذلك شهد عدد الانتهاكات زيادة بأكثر من 44% عن العام الماضي. ويشير ذلك إلى مزيد من القيود على حق الأفراد في التعبير واستخدام الفضاء الإلكتروني، وتكثيف متصاعد ومستمر للإجراءات والممارسات التي تقوم بها السلطة والتي تهدف إلى محاصرة صناعة المحتوى وتبادل المعلومات في الفضاء الإلكتروني.

تعد الانتهاكات الأمنية وحجب المواقع أكثر الانتهاكات شيوعًا فيما يخص الحقوق الرقمية في 2022. فقد رصدت المؤسسة 76 حالة قبض بواقع 76% من الحالات التي رصدت هذا العام. وبالمقارنة بالعام 2021 نجد أن حالات القبض زادت من 35 حالة إلى 76 حالة، أي أن عدد حالات القبض قد زاد بأكثر من الضعف.

ويشير ذلك إلى زيادة نشاط الأجهزة الأمنية في ملاحقة وترصُّد مستخدمي تطبيقات التواصل الاجتماعي ومزيد من التضييق الذي يشهده الفضاء الإلكتروني. وقد تنوعت تلك الوقائع ما بين القبض بسبب نشاط معارض للحكومة مثل نشر فيديو أو منشور على فيسبوك ويوتيوب أو نشر محتوًى على تيك توك أو الانضمام إلى مجموعة على الفيسبوك تدعو إلى التظاهر. تلا الانتهاكات الأمنية، استخدام سلاح الحجب من قبل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والتي مثلت 12% من الانتهاكات. حيث تم حجب 12 موقعًا متنوعًا بدعوى نشر أخبار كاذبة أو الدعوة والتحريض على العنف والكراهية أو التمييز والعنصرية ضد المواطنين، أو  الطعن في أعراض الأفراد والسب والقذف لهم، أو ازدراء الأديان والعقائد السماوية. كذلك إذا تم تأسيس مواقع إلكترونية وإدارتها، أو إدارة مكاتب أو فروع لمواقع إلكترونية تعمل من خارج الجمهورية، دون الحصول على ترخيص بذلك من المجلس وذلك وفقًا للقانون رقم 180 لسنة 2018.

فيما يتعلق بجهة الانتهاك، تصدَّرت الجهات الأمنية قائمة الجهات المعتدية على الحقوق الرقمية للأفراد، حيث سجلت المؤسسة ارتكاب الأجهزة الأمنية ما لا يقل عن 76 انتهاكًا خلال 2022، بما يمثل 76% من الانتهاكات. يليها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام. حيث سجلت المؤسسة ارتكاب المجلس 14 انتهاكًا. يليه الانتهاكات القضائية والتي سجلت 8 حالات انتهاك. ثم النقابة العامة للأطباء وقد سجلت حالتي انتهاك، وأخيرًا غرفة شركات ووكالات السفر والسياحة التي سجلت حالة واحدة بإصدار قرار منع النشر.

 

 

 

ثانيًا: التيك توك يعيد احتلال المجال العام

يشير مفهوم المجال العام إلى “المساحة التجريدية التي يتناقش من خلالها المواطنون والجماعات المجتمعية المتباينة، ويتجادلون حول مختلف القضايا والاهتمامات العامة”. وفقًا لهذه الرؤية فإن المجال العام يفترض وجود مناقشات مفتوحة لكل الاهتمامات العامة، التي يمكن من خلالها أن يوظف الجدل العقلاني المنطقي للتأكد من تحقيق المصالح العامة. وبالتالي يجسد المجال العام  بشقيه الفيزيائي والإلكتروني ويعبر عن حرية التعبير والحوار والمناقشة، ويؤكد على حق المشاركة بحرية في صنع القرار السياسى في المجتمع، ويشجع المهمَّشين على الانخراط في الحوار العام حول مختلِف القضايا والموضوعات.[8]

 

وعلى الرغم من أن المجال العام  أحد أهم محددات الديمقراطية، فإنه يخضع في مصر منذ 2013 لتقليص وتحجيم مستمر. فقد سيطرت السلطات المصرية المختلفة على أية محاولة لاستغلال أو المشاركة في المجال العام من خلال تشريعات وممارسات. فمن بين التشريعات التي ضيَّقت المجال العام: قانون منع التظاهر والتجمع السلمي،[9] قانون حماية المنشآت العامة[10]، وضوابط التصوير الهاوي[11] وغيرها من القوانين. وتسعى تلك القوانين وغيرها كثير في كل المجالات إلى إحكام قبضة الدولة بكافة أجهزتها على المجال العام، ليصبح ملكًا للدولة، تتحكم فيه بشكل كامل وتحدد من يشارك وكيف يشارك.

 

في السنوات الأخيرة ظهرت تطبيقات تواصل اجتماعي ونشطت، وخصوصًا تيك توك الذي نشط في مصر في 2020 ليغير مفاهيم الدولة وتصورها السائد عن المجال العام الفيزيائي والإلكتروني. حيث أتى تيك توك ليعيد احتلال المجال العام عن طريق إعادة تشكيل العلاقة بين المواطن والتواجد في المجال العام الفعلي والإلكتروني. تيك توك هو تطبيق تسجيل فيديوهات قصيرة لا تتعدى 15 ثانية. يستطيع أي شخص من خلاله تسجيل فيديو وإنشاء محتوى. ثم يقوم التطبيق بالترويج لهذا المحتوى لدى المستخدمين الآخرين. وقد تمثل فيديوهات التيك توك أي شيء. وينتشر تيك توك بين الفئات السنية الأصغر.

ويربط التطبيق بين الفضاء العام والفضاء الإلكتروني. حيث تنتشر على التطبيق فيديوهات يتم تصويرها في الأماكن العامة مثل التحديات بين المستخدمين عن طريق: الرقص في الشوارع أو الوقوف أمام أقسام الشرطة، تصوير مشاهد تمثيلية، تجمعات لأنشطة مختلفة في الشارع. ويتعارض ذلك مع رؤية أجهزة الأمن للشارع وتواجد المواطنين فيه. لا يؤدي تيك توك فقط إلى تغيير التصور السائد عن الشارع المصري، بل أيضًا إلى تحدي القيم السائدة التي يفرضها المجتمع وترعاها الدولة. فمع انتشاره بين الفئات السنية الأصغر وسهولة إنشاء محتوى، نجد أنه يساعد على انتشار قيم وأفكار مختلفة عن الأفكار المجتمعية السائدة. بذلك تدرك الدولة أن التيك توك يقوض سلطتها الفعلية والمعنوية ويهددها.

 

ومع إدراك الأجهزة الأمنية لما يمثله تيك توك من خطر وتهديد للسلطة الأمنية على الشارع المصري، تطور استهداف مستخدمي التيك توك. فبعد أن كانت الحكومة تستهدف الراقصات وفتيات التيك توك بدعوى حماية الأخلاق وقيم الأسرة المصرية والمجتمع، اتجهت الملاحقة إلى أي محتوًى قد يؤدي بشكل مباشر أو غير مباشر إلى التقليل من سيطرة الأجهزة الأمنية وانتقاد سياسات الدولة خاصة في ظل سوء الأوضاع الاقتصادية والسياسية. حيث بلغت الانتهاكات ضد مستخدمي التيك توك 22 انتهاكًا ما يمثل 22% من الانتهاكات الرقمية في عام 2022. ولا تنحصر الانتهاكات على المحتوى الذي ينتقد الدولة وسياساتها أو ممارسات الأجهزة الأمنية. فنجد أن حوالي 77% من الانتهاكات لمستخدمي التيك توك هي حالات قبض على محتوى تمثيلي. يلي ذلك القبض على أصحاب المحتوى الساخر، ثم المحتوى الذي ينتقد ممارسات الأجهزة الأمنية.

 

ويوضح ما رصدته المؤسسة من انتهاكات يتعرض  لها مستخدمو التيك توك أن الأجهزة الأمنية هي الفاعل الرئيسي في هذا الملف. وهو ما يدل على إدراك الأجهزة الأمنية مدى خطورة تيك توك في السيطرة على المجال العام. كما تسعى الأجهزة الأمنية دائمًا إلى إثارة الخوف والقلق لدى المستخدمين الآخرين وإرسال رسائل مفادها أنه ليس من حق الجميع نشر ما يريدون من محتويات  وليس من حقهم التعبير عن آرائهم ولو حتى بشكل ساخر وكوميدي. وأن القيود على المحتوى تضعها الأجهزة الأمنية وتتحكم فيها.

 

وتعد حادثة باتمان حلوان هي الحالة الأشهر في سياق كيف يعيد التيك توك تشكيل العلاقة بين الأفراد وبين المجال العام وإدراك الأجهزة الأمنية مدى خطورة ذلك. حيث ألقت قوات الشرطة في يوليو 2022 القبض على 4 أشخاص جميعهم أقل من 20 عامًا على خلفية دعوتهم إلى فعالية “باتمان حلوان”: كريم محمد رفعت محمد عزيز، أنس محمود مصطفى زهران، مازن رضا محمد عزيز، وإسلام نجدي محمد عزيز. فعالية باتمان حلوان هي فعالية بدأت على التيك توك  ثم انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة بشكل واسع في بداية شهر يوليو 2022. وشارك في التدوين في الفعالية كثير من المستخدمين.

 

تدعو الفعالية إلى ارتداء زي شخصية باتمان الشهيرة والتجمع أمام محطة مترو أنفاق حلوان يوم 13 أغسطس 2022 للتنافس على لقب باتمان حلوان. وقد رأت الأجهزة الأمنية في تلك الفعالية تهديدًا أمنيًّا وسياسيًّا خوفًا من التجمعات الجماهيرية وسيطرة المواطنين على الشارع، وهو ما تحاربه السلطة تحديدًا، خصوصًا مع تزامن الدعوة مع ذكرى فض اعتصام رابعة. وقد ظهر المتهمون أمام نيابة أمن الدولة في القضية رقم 440 لسنة 2022. وهو ما يؤكد خوف الأجهزة الأمنية وإداركها للتهديد الذي يمثله التيك التوك.[12]

 

كما ألقت الأجهزة الأمنية  القبض على مُجندينِ: عبد الله محمد إبراهيم عبادة (22عامًا)، وهشام عبد الحميد محمد عبد الحميد (21 عامًا). وذلك على خلفية قيام أحد أصدقائهم بتصوير ونشر مقطع مصور على تطبيق تيك توك داخل سيارة خدمتهم دون علمهم. أُلقي القبض عليهما بتاريخ 23 يونيو 2022 من مقر أداء الخدمة العسكرية بمطروح، تعرضوا للإخفاء القسري لعشرة أيام كانوا محتجزين خلالها في جهاز الأمن الوطني حتى أول ظهور لهم في نيابة أمن الدولة العليا بتاريخ 3 يوليو 2022 على ذمة القضية 440 لسنة 2022، باتهامات الانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة. وتمثل تلك الحادثة تحديًا للرموز الأمنية والسياسية للأجهزة الأمنية وإعادة تشكيل العلاقة بين المواطن وتلك الرموز.[13]

 

ثالثًا: أنماط الانتهاكات

 

استمرت السلطات المصرية خلال عام 2022 في انتهاك وملاحقة نشاط مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي باعتبار هذه الوسائل آخر المساحات المتاحة للمواطنين للتعبير عن أفكارهم وآرائهم. وتتم ملاحقة المستخدمين على خلفية تبنيهم أنواعًا مختلفة من المحتوى: سياسية واجتماعية واقتصادية وحتى ترفيهية وساخرة. وتتنوع الانتهاكات التي رصدتها مؤسسة حرية الفكر والتعبير في هذا الملف كما يلي:

 

منصة تيك توك:

– استمرار استهداف صانعات المحتوى على تيك توك (أحكام قضائية على فتيات تيك توك):

رصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير إصدار ثلاثة أحكام قضائية ضد صانعات المحتوى على تيك توك. وتنوعت تلك الأحكام ما بين: السجن، تأييد الحكم بالسجن، أو رفض الاستشكال على حكم سابق. وقد وجهت المحكمة إليهن تهمًا، من بينها: الاتجار بالبشر والتعدي على قيم الأسرة المصرية والتحريض على الفسق والفجور.  ففي إبريل 2022، أمرت محكمة جنايات القاهرة الدائرة 15 جنوب القاهرة بالسجن 3 سنوات وغرامة 200 ألف جنيه على حنين حسام في القضية رقم 4917 لسنة 2020 جنايات الساحل، والمقيدة برقم 2106 لسنة 2020 كلي شمال القاهرة. وفي 13 مايو 2022، أيدت محكمة جنح مستأنف الطفل الحكم الصادر ضد نانسي أيمن صبحي والشهيرة بـ موكا حجازي. وكانت محكمة جنح الطفل بالجيزة قد حكمت في 24 فبراير 2022 بحبس نانسي أيمن سنة عن تهمة اعتياد ممارسة الدعارة مع الرجال مقابل أجر مادي، وسنتين عن تهمة الإعلان عن نفسها بإحدى طرق العلانية بما يتضمن الإغراء والدعوة إلى ممارسة الفجور. وأخيرًا في 19 يونيو 2022 رفضت محكمة جنايات القاهرة استشكال مودة فتحي رشاد الشهيرة بمودة الأدهم على الحكم الصادر في 20 يونيو 2021 بالسجن المشدد 6 سنوات مع غرامة 200 ألف جنيه على خلفية تهم، من بينها: الاتجار بالبشر، الاعتداء على قيم الأسرة المصرية، استدراج فتيات واستغلالهم وذلك بالاشتراك مع آخرين، تلقي تحويلات بنكية من إدارة التطبيق، نشر فيديوهات تحرض على الفسق.[14]

وكانت الحملة الأمنية ضد هؤلاء الفتيات قد بدأت في 21 إبريل 2020 حيث شملت الحملة أكثر من 19 فتاة ومساعديهم.

حيث ألقت قوة من الشرطة القبض على حنين حسام على خلفية نشرها فيديو تدعو من خلاله إلى استخدام تطبيق لايكي بمقابل مالي. ووجهت إليها النيابة تهمًا، من بينها: الاعتداء على المبادئ والقيم الأسرية في المجتمع المصري، والاتجار بالبشر واستخدام فتيات في أعمال منافية لمبادئ وقيم المجتمع للحصول على مكاسب مادية، وذلك على ذمة القضية رقم 4971 لسنة 2020 جنح الساحل. وفي 11 يونيو 2021 أحالت النيابة العامة  حنين حسام ومودة الأدهم إلى المحكمة الاقتصادية. وشمل قرار الإحالة إلى جانب الفتاتين 3 أشخاص آخرين: محمد عبد الحميد زكي، محمد علاء الدين أحمد، وأحمد سامح عطية. ووجهت إليهم النيابة تهم: الاتفاق مع الفتيات ومساعدتهم على نشر مقاطع فيديو مخلة بالآداب.. وفي 27 يوليو 2021 قضت محكمة جنح القاهرة الاقتصادية بحبس حنين ومودة الأدهم و3 آخرين سنتين وغرامة 300 ألف جنيه.[15]

 

– القبض على خلفية نشر محتوى اجتماعي ترفيهي متنوع:

ألقت الأجهزة الأمنية القبض على مستخدمي تيك توك على خلفية محتوى متنوع، مثل: نشر مقاطع غنائية أو تمثيلية أو ساخرة. وفي هذا السياق في 28 يونيو 2022 ألقت قوات الشرطة القبض على الأمير فهيم أحمد، وهو طالب في كلية التجارة يبلغ 20 عامًا. كان الأمير فهيم، قد نشر فيديو غنائيًّا له على تيك توك وهو يغني أغنية “مسارح وسيما” وهي أغنية ذات معنى سياسي. ظهر الأمير فهيم أمام النيابة في 6 يوليو، أي بعد اختفاءٍ لأكثر من أسبوع على ذمة القضية 440 لسنة 2022. ووجهت إليه النيابة تهمًا، من بينها: الانضمام إلى جماعة إرهابية، نشر أخبار كاذبة، واستخدام حساب على مواقع التواصل الاجتماعي بغرض ارتكاب جريمة. وقد أخلي سبيله في 24 أكتوبر 2022.[16]

وفي 21 يونيو 2022 ألقت قوات الأمن القبض على كلٍّ من: أشرف عشري، أحمد عشري، محمد سامي قطب، حسني محمود عثمان، أسامة كمال، ومحمد رجب عبد المجيد  من الإسكندرية، على خلفية مشاركتهم في مقطع فيديو على تيك توك تجاوز عدد مشاهداته 6 ملايين مشاهدة. يحاكي ذلك المقطع أحد مشاهد مسلسل “رحيم” بطولة الممثل المصري ياسر جلال الذي قام بتجسيد دور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مسلسل الاختيار 3.  وتعرَّض المتهمون للاختفاء القسري لأكثر من 3 أسابيع قبل أن يظهروا في نيابة أمن الدولة في 7 يوليو 2022 على ذمة القضية 440 لسنة 2022. وقد وجهت النيابة إليهم تهمًا، من بينها: الانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة. وقررت حبسهم احتياطيًّا وإيداعهم سجن أبي زعبل.[17]

 

– القبض على خلفية محتوى ينتقد الأجهزة الأمنية:

ألقت الأجهزة الأمنية القبض على محمد شريف عبد العليم على خلفية نشره فيديو على تيك توك لأمين شرطة يعتدي على شخص في الشارع في منطقة السيدة زينب. وفي 30 أكتوبر 2022 قررت نيابة أمن الدولة احتجازه 15 يومًا على ذمة التحقيق بتهم نشر أخبار كاذبة على ذمة القضية 1635 لسنة 2022 حصر أمن دولة. [18]

وفي 12 يوليو ألقت قوات الأمن القبض على محمد علي كامل علي (31 عامًا) الذي يعمل خبازًا من أمام منزله في المنيا. وقد تم اقتياده إلى مقر الأمن الوطني في المنيا والتحقيق معه بسبب نشره فيديو على تيك توك بعنوان: “تبادل الاتهامات بين أمين شرطة ومأمور مركز العمرانية”. ظل كامل قيد الاحتجاز في مقر الأمن الوطني، حتى ظهر أمام نيابة أمن الدولة في 18 يوليو 2022 على ذمة القضية 440 لسنة 2022. ووجهت إليه النيابة تهمًا، من بينها: الانضمام إلى جماعة ارهابية ونشر أخبار كاذبة.[19]

 

– القبض على خلفية الدعوة إلى تجمع:

تمثل حادثة باتمان حلوان أهم وقائع هذا القسم وقد تم تسليط الضوء عليها في الجزء السابق.

 

فيسبوك بوك والمواقع الأخرى:

– القبض بسبب أنشطة معارضة:

تستمر الأجهزة الأمنية في ملاحقة أي نشاط معارض يقوم به مستخدمو مواقع التواصل المختلفة وخاصة الفيسبوك. قد يتمثل ذلك النشاط في شكل تدوينة أو بوست أو فيديو يعارض أو ينتقد سياسة الدولة أو أيًّا من قراراتها.

في هذا السياق تم القبض على أسامة رزق رزق عامر البالغ من العمر 40 عامًا في سبتمبر 2022 ويعمل مدرسًا ويوتيوبر. وتم اقتياده من منزله في دمياط  إلى مقر أمن الدولة وذلك على خلفية نشره فيديو على قناته التعليمية “أجيال الأندلس” ينتقد فيه جمع التبرعات للمدارس الخاصة والحكومية. وذلك بعد قرار منع الوزارة ذلك. ظل عامر محتجزًا في أمن الدولة في دمياط لمدة 18 يومًا حتى عُرض على نيابة أمن الدولة يوم 3 أكتوبر 2022. ووجهت إليه النيابة تهمة الانضمام إلى جماعة إرهابية وتمويلها. وقررت حبسه 15 يومًا على ذمة القضية 1654 لسنة 2022 حصر أمن دولة.[20]

وألقت قوات الأمن القبض في 2 يوليو 2022 على الناشطة آية كمال ووالدها من منزلها في الإسكندرية. أطلقت قوات الأمن سراح والدها. بينما تم اصطحاب آية إلى مقر أمن الدولة في أبيس في الإسكندرية. وتعرضت للاستجواب بشكل غير قانوني امتد حوالي 12 ساعة على خلفية نشرها منشورات على صفحتها على الفيسبوك. بعد احتجازها بيومين ظهرت آية كمال في نيابة أمن الدولة في 5 يوليو 2022 على ذمة القضية 93 لسنة 2022. وجهت إليها النيابة تهمًا، من بينها: الانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة. وتمت مواجهتها بمنشورات على صفحتها على الفيسبوك.[21]

لم تكن هذه المرة الأولى التي تلقي فيها قوات الأمن القبض على آية كمال. ففي 2013 تم إلقاء القبض عليها أول مرة على ذمة القضية المعروفة إعلاميًّا ببنات 6 الصبح. وحكم ضدها بالسجن 11 عامًا، إلا أنه أخلي سبيلها في محكمة الاستئناف. وفى مارس 2020 تم إلقاء القبض عليها للمرة الثانية وحققت معها النيابة على ذمة القضية 558 لسنة 2020 أمن دولة بتهم الانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة. وظلت قيد الحبس الاحتياطي لأكثر من عام حتى تم إخلاء سبيلها نظرًا إلى ظروفها الصحية السيئة.

في نفس السياق أُلقي القبض على الناشط السياسي شريف الروبي في 15 سبتمبر 2022 من مدخل أحد الفنادق الموجودة بمحيط منطقة أحمد حلمي، وتم أخذه إلى مبنى أمن الدولة في العباسية على خلفية نشره منشورات على صفحته على الفيسبوك يتناول فيها أحد المختفين قسريًّا ويتحدث عن الأوضاع داخل السجون ومعاناة سجناء الرأي السياسيين الذين يتم إطلاق سراحهم. عُرض الروبي على نيابة أمن الدولة في 17 سبتمبر 2022 وقررت النيابة حبسه 15 يومًا على ذمة القضية 1634 لسنة 2022. شريف الروبي هو أحد الناشطين السياسيين الذين تم الإفراج عنهم في 30 مايو 2022 بعد قرار رئيس الجمهورية بتفعيل لجنة العفو.[22]

أيضًا ألقت قوات الشرطة القبض على المحامي نبيل أبو شيخة في 11 إبريل 2022 من منزله في شبين القناطر التابعة لمحافظة القليوبية. وذلك بعد نشره تدوينات على صفحته على فيسبوك يسخر فيها من أداء الممثل ياسر جلال الذي قام بدور الرئيس السيسي في مسلسل الاختيار 3. حققت نيابة أمن الدولة مع أبو شيخة في 12 إبريل 2022 في القضية رقم 93 لسنة 2022 حصر أمن دولة. ووجهت إليه اتهامات، من بينها: الانضمام إلى جماعة ارهابية ونشر أخبار كاذبة.[23]

أما أحمد محمد موسى عبد الخالق، فقد ألقت قوات الأمن القبض عليه في 19 مارس 2022 من منزله في الجيزة على خلفية نشره تدوينات على صفحته على الفيسبوك عن غلاء الأسعار وتردي الأوضاع المعيشية. حققت نيابة أمن الدولة مع عبد الخالق في 3 إبريل 2022 في القضية رقم 330 لسنة 2022 حصر أمن دولة، أي بعد اختفاء حوالي أسبوعين. ووجهت إليه تهمًا، من بينها: الانضمام إلى جماعة إرهابية، التحريض على فعل إرهابي، ونشر أخبار كاذبة.[24]

كذلك ألقت الأجهزة الأمنية في 5 إبريل 2022 القبض على الحسيني فرغلي عثمان مفادي، أثناء جلوسه في مقهًى في حي السلام في القاهرة وذلك بعد نشره مقاطع مصورة على قناته على اليوتيوب تتعلق بسد النهضة. وفي 7 إبريل 2022 حققت معه نيابة أمن الدولة في القضية 330 لسنة 2022 ووجهت إليه تهمًا، من بينها: الانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة.[25]

وفي 7 مايو 2022 قامت قوات الشرطة بالقبض على اثنين من المرشدين السياحيين بعد نشر مقطع مصور يبين تحرش عدد من الصبية بسائحات أجنبيات عند الأهرامات في محافظة الجيزة. قام أحد المرشدين بتصوير ذلك المقطع ومشاركته في إحدى المجموعات الخاصة بالمرشدين السياحيين على واتسآب، ثم قام شخص آخر بمشاركة هذا المقطع على فيسبوك. أدى ذلك إلى القبض على المرشدين. كما أدى ذلك إلى أن أصدرت غرفة وكالات السفر والسياحة قرارًا بمنع التصوير والنشر على مواقع التواصل الاجتماعي لأي وقائع سلبية تمس قطاع السياحة حتى لا يصل انطباع سلبي إلى من يشاهد تلك الممارسات، وهو ما يسيء إلى سمعة البلاد.  وإحالة أي عامل يخالف ذلك إلى التحقيق والمساءلة القانونية. [26]

تستمر الأجهزة الأمنية في ملاحقة ومراقبة نشاطات الأفراد على مواقع التواصل الاجتماعي. حيث ألقت الأجهزة الأمنية القبض على عضو حزب الدستور هيثم البنا في 30 يناير 2022 من منزله في المنيل في القاهرة. وذلك بعد أن قام البنا بمشاركة تدوينات على حسابه على تويتر تتعلق بذكرى ثورة يناير. اختفى البنا حوالي 9 أيام حتى ظهر أمام نيابة أمن الدولة متهمًا في القضية رقم 41 لسنة 2022 حصر أمن دولة. وجهت إليه النيابة تهمًا، من بينها: الانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة وأمرت بحبسه 15 يومًا على ذمة التحقيق[27] وتم الإفراج عنه لاحقًا في 24 إبريل 2022. [28]

وفي 8 يناير 2022 ألقت قوات الشرطة القبض على المحاسب إيهاب سعيد أحمد سعفان من منزله في محافظة الشرقية. واختفى سعفان لمدة ثلاثة أسابيع خضع خلالها للاستجواب غير القانوني حول نشاطه وتدويناته على الفيسبوك وتويتر، وتعرَّض خلاله للتعذيب بالضرب والصعق بالكهرباء في مقر الأمن الوطني في الزقازيق. في 31 يناير 2022 عُرض سعفان على نيابة أمن الدولة في القضية رقم 41 لسنة 2022 حصر أمن دولة. ووجهت إليه النيابة تهمًا، من بينها: الانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة، وذلك بالرغم من نفي سعفان تلك التهم وتأكيده على دعمه للرئيس السيسي وأنه ليس لديه أي نشاط سياسي.[29]

تشير الانتهاكات السابقة إلى عدم اقتصار تعقب وملاحقة  نشاط مستخدمي تطبيقات التواصل الاجتماعي من جانب أجهزة الأمن على التدوينات والمنشورات المعارضة لسياسة الدولة أو ممارسات أجهزة الأمن، بل تمتد الملاحقة بشكل عشوائي إلى مواطنين ليس لهم أي نشاط سياسي أو معارض. كما يتم استهداف منشورات ساخرة وهزلية أو منشورات حول أوضاع المعيشة والأسعار أو منشورات تعليمية. وأيضًا تستهدف الأجهزة الأمنية محتوى يؤكد ويناصر سياسة الدولة، وهو ما يمكن اعتباره مستوًى عشوائيًّا وغير عقلاني من الملاحقة. وبشكل أساسي تهدف الأجهزة الأمنية إلى بث الرعب والخوف لدى مستخدمي الإنترنت وتحجيم أية مساحة متاحة لتداول المعلومات والتعبير عن الرأي بأي شكل من الأشكال.

– القبض على خلفية الانضمام إلى مجموعة على الفيسبوك:

طالت ملاحقة الأجهزة الأمنية مستخدمي تطبيقات التواصل الذين ينضمون إلى مجموعات على الفيسبوك. ففي فجر 25 سبتمبر 2022 ألقت قوات الأمن القبض على عبد السلام عبد الغني عبد السلام، الذي يبلغ 55 عامًا ويعمل مهندسًا، من منزلة في 6 أكتوبر. فتشت القوات المنزل، ثم تم اقتياد عبد السلام إلى مقر الأمن الوطني في 6 أكتوبر حيث تم التحقيق معه بخصوص انضمامه إلى مجموعة “حقنا” على الفيس بوك، وهي مجموعة دعت إلى التظاهر يوم 11 نوفمبر أثناء انعقاد مؤتمر قمة المناخ في شرم الشيخ. وتم سؤاله عن علاقته بالمنشورات في المجموعة وأعضاء المجموعة. ظل عبد السلام قيد الاختفاء القسري لأكثر من أسبوعين حتى 10 أكتوبر 2022 حيث عُرض على  نيابة أمن الدولة للتحقيق معه في القضية رقم 1691 لسنة 2022 حصر أمن دولة. وجهت إليه النيابة اتهامات الانضمام إلى جماعة إرهابية وإذاعة ونشر أخبار كاذبة والانضمام إلى مجموعة على الفيس بوك تدعو إلى التظاهر. على خلفية ذلك قررت النيابة حبسه 15 يومًا على ذمة التحقيق.

وفي 24 أكتوبر 2022 ألقت قوات الأمن القبض على جابر محمود محمود بدوي من منزله في سيدى جابر في الإسكندرية. وذلك على خلفية نشره بوست يدعو فيه إلى التظاهر يوم 11/11 في جروب ثورة 11/11 قمة المناخ. تم التحقيق معه في 7 نوفمبر 2022 عن الانضمام إلى المجموعة والنشر فيها. وقررت نيابة أمن الدولة في جلسة الاثنين 28 نوفمبر 2011 تجديد حبس بدوي 15 يومًا علي ذمة التحقيق في القضية رقم 1977 لسنة 2022 حصر أمن دولة ووجهت النيابة إلى بدوي  تهمًا، من بينها: الانتماء إلى جماعة إرهابية وتمويل جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة والاشتراك في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب فعل إرهابي والترويج لفعل إرهابي والتحريض على ارتكاب فعل إرهابي. جابر محمود محمود بدوي، قهوجي يبلغ من العمر 48 عامًا.[30]

– القبض على خلفية مناظرة دينية:

ألقت قوات الأمن القبض على هشام أحمد فؤاد في نوفمبر 2022 بعد عدة أيام من مناظرة دينية له مع الشيخ أحمد كريمة على قناة على اليوتيوب تُدعى “الفكر الحر” في 31 أكتوبر 2022. بعد المناظرة ظهر كريمة في مقطع فيديو يدعو المحامين إلى تقديم دعاوى قضائية ضد قناة الفكر الحر وصاحبها، وضد هشام أحمد فؤاد. وفي 6 نوفمبر نشر هشام على حسابه على فيسبوك  فيديو يوضح فيه أنه في خطر ولن يستمر في النشر. وفي 7 نوفمبر ظهر باسم سام، صاحب قناة الفكر الحر في فيديو يوضح أن جهاز الأمن الوطني قام باستدعاء هشام فؤاد. وقد تم حذف كل المحتوى والفيديوهات من قناة هشام المصري على اليوتيوب. وفي ديسمبر 2022 ظهر باسم سام في فيديو على قناته “الفكر الحر” وصرح أن هشام المصري قد أطلق سراحه بعد تعرضه للاعتقال والاختفاء القسري لمدة شهر تقريبًا بعد تعرضه للتحقيق في أمن الدولة وقد تلقى أوامر بعدم ظهوره مرة ثانية على اليوتيوب أو وسائل التواصل الاجتماعي وحذف القناة الخاصة به. هشام أحمد فؤاد الشهير بهشام المصري لديه قناة على اليوتيوب ينشر من خلالها أفكاره المناهضة للأديان السماوية ويتابعها أكثر من 18 ألف شخص.[31]

 

استمرار حجب المواقع:

تستمر سياسة المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ضد حرية التعبير وحرية تداول المعلومات. فقد استمر المجلس في استخدام سلاح حجب التطبيقات والمواقع الإلكترونية. من وجهة نظر المجلس لا يتوافق محتوى تلك التطبيقات والمواقع مع سياسة الدولة والأجهزة الأمنية ويدَّعي المجلس أن هذه المواقع تبث الأخبار الكاذبة وتحرض على العنف والعنصرية. كما يستخدم المجلس مجموعة فضفاضة من الحجج والتي لا يمكن الاستدلال عليها. بالاضافة إلى ذلك لا ينشر المجلس قوائم بأسماء المواقع المحجوبة.

على غرار ذلك أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في 19 إبريل 2022 قرارًا بحجب 12 موقعًا وحسابًا على مواقع التواصل الاجتماعي. لم يذكر المجلس هذه المواقع، إلا أنها تنوعت ما بين حسابات على مواقع التواصل، وصفحات، وقنوات على اليوتيوب، وتطبيق إلكتروني. وقد تعددت حجج الحجب، فطبقًا للمجلس تبث تلك المواقع أخبارًا كاذبة وتدعو وتحرض على العنف والكراهية وتتضمن سبًّا وقذفًا لمواطنين وازدراء للأديان.[32]

بالإضافة إلى ذلك، قام المجلس في 7 إبريل 2022 بغلق حساب محمود المهدي على فيسبوك وإنستجرام، وهو فنان وممثل، كان متزوجًا بالفنانة منة عرفة. وذلك على خلفية خرقه أكواد ومعايير إعلامية وبث منشورات تمثل سبًّا وقذفًا، والإساءة إلى مهنة الفن والقائمين عليها، حسبما أشار البيان. وقد قام المجلس بغلق الحسابات بناءً على شكوى تقدم بها نقيب المهن التمثيلية أشرف زكي إلى المجلس ضد محمود المهدي يتهمه فيها بالتشهير والطعن في الأعراض ونشر إساءات ضد عدد من الفنانين ومنهم إلهام شاهين..[33]

 

ثانيًا: حرية الصحافة والإعلام

‏استمرت السلطات المصرية في وضع قيود على حرية الصحافة والإعلام خلال عام 2022. وبالرغم من إفراج السلطات المصرية عن عدد من الصحفيين المحبوسين ضمن بضع مئات أفرجت عنهم السلطات عن طريق لجنة العفو التي أعيد تفعيل دورها مع دعوة الرئيس إلى الحوار خلال إفطار الأسرة المصرية، فإن السياسات الأمنية التي تتحكم في طريقة تفاعل الحكومة مع الصحافة والإعلام خلال السنوات السابقة لا زالت مسيطرة على تفاعلات الحكومة. حيث لم تتوقف الأجهزة المختلفة في انتهاكها حرية الصحافة والإعلام، مستخدمة في ذلك الوسائل التي أصبحت معتادة خلال الأعوام التسعة الماضية وعلى رأسها: القبض على الصحفيين، وحجب المواقع الصحفية المستقلة وتقديم بلاغات ضد الصحفيين العاملين بتلك المواقع، كما شهد العام واقعة جديدة لم تسجل المؤسسة مثلها من قبل وهي  تقديم القناة الأولى الحكومية بلاغًا إلى إدارة الفيسبوك ضد إحدى المواد الإعلامية المنشورة لرئيس حزب سياسي سابق على إحدى المنصات التابعة لموقع المنصة المستقل، ما أدى إلى حذف موقع التواصل الاجتماعي للحوار قبل أن تتراجع القناة عن شكواها لاحقًا.

 

وبرز خلال عام 2022 مدى توسيع أجهزة الأمن دائرة استهداف الصحافة فلم تكتفِ الأجهزة الأمنية بتضييق الخناق على عمل الصحفيين بل اضطلعت باستهداف مواطنين قاموا بنشر ڨيديوهات عن تعذيبهم داخل أحد أقسام الشرطة في محافظة القاهرة، بعد نشر جريدة الجارديان البريطانية تقريرًا تناول محتوى تلك الڨيديوهات. وبدلًا من فتح تحقيقات قضائية جادة حول الوقائع الواردة في مقاطع الڨيديو، جرى تقديم كل من ظهر في تلك المقاطع إلى نيابة أمن الدولة العليا باتهامات نشر أخبار كاذبة قبل أن تأمر بحبسهم احتياطيًّا، ليحصلوا فيما بعد على أحكام قضائية وصلت إلى السجن 15 عامًا، ما يزيد من دائرة استهداف الصحافة عبر استهداف المصادر.

 

وبشكل عام فقد رصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير ما لا يقل عن 63 انتهاكًا تعرَّض لها المجتمع الصحفي والإعلامي خلال 47 واقعة مختلفة، في 2022، كان على رأسها حالات القبض على الصحفيين، أو مصادر صحفية، والتي وصل عددها إلى 23 حالة على الأقل منها 9 حالات لأشخاص كتبت عنهم الصحافة. ويليها  القرارات والإجراءات القضائية الصادرة ضد الصحفيين بواقع ثماني حالات، في اثنين منها تم الحكم على صحفيين بالسجن في قضايا تتعلق بالنشر بالرغم من منع المادة 71 من الدستور توقيع أية عقوبة سالبة للحرية في “الجرائم التي ترتكب بطريق النشر والعلانية”.

 

 

 

 

أبرز أنماط انتهاكات حرية الصحافة والإعلام خلال 2022:

 

أولًا: حالات القبض والاستيقاف

 

يعد القبض على الصحفيين على خلفية عملهم الصحفي واحدًا من أبرز الانتهاكات ضد حرية الصحافة وأكثرها شيوعًا، حيث تستخدم السلطات المصرية الحبس الاحتياطي كأداة لعقاب أي صحفي يخرج عن الرواية الرسمية للحكومة حول أي ملف أو أن ينتقد سياساتها عبر وسائل عمله الصحفي. وتعد مصر واحدة من أبرز دول العالم التي تجعل من العمل الصحفي عملًا خطيرًا. خلال عام 2022 وثقت مؤسسة حرية الفكر والتعبير القبص على ما لا يقل عن 14 صحفيًّا بالإضافة إلى تسعة مواطنين على خلفية نشر الجارديان تقريرًا عن فيديوهات تُظهر تعذيب بعضهم في قسم شرطة السلام. وجاءت أبرز الوقائع كالتالي:

 

  • القبض على الصحفيين في ماسبيرو، صفاء الكوربيجي وهالة فهمي:

ألقت قوات الأمن القبض على الصحفية صفاء الكوربيجي[34] في 20 إبريل الماضي، من منزلها في حي المقطم، وذلك على خلفية مشاركتها في حركة الاحتجاج ضد إدارة الهيئة الوطنية للإعلام عبر مقاطع فيديو مصورة كانت تنشرها على حسابها على فيسبوك. عُرضت الكوربيجي في اليوم التالي على نيابة أمن الدولة العليا متهمة بالانضمام إلى جماعة محظورة ونشر أخبار كاذبة على ذمة التحقيقات رقم 441 لسنة 2022 حصر نيابة أمن الدولة العليا.

 

وفي نفس السياق ألقت قوة من الشرطة القبض على الإعلامية هالة فهمي[35]، كبير مقدمي البرامج بالتلفزيون المصري، قبل أن تعرض على نيابة أمن الدولة العليا في 24 إبريل الماضي متهَمة بالانضمام إلى جماعة محظورة ونشر أخبار كاذبة، على ذمة التحقيقات في القضية رقم 441 لسنة 2022 حصر نيابة أمن الدولة العليا. ويعود استهداف فهمي إلى عدة تدوينات وفيديوهات تنتقد بعض السياسات الحكومية. كما نشطت فهمي قبل القبض عليها في حركة الاحتجاج على الأوضاع داخل التلفزيون المصري “ماسبيرو”.

ورصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير الأحداث التي شهدتها ماسبيرو خلال عام 2022 وما نتج منها من انتهاكات للحقوق الأسساسية للصحفيين والعاملين في ماسبيرو عبر تقرير “العقوبة أولًا.. تقرير حول الانتهاكات ‏الأمنية والإدارية لحق العاملين بماسبيرو”.

  • القبض على الصحفي محمد فوزي مسعد[36]: في 15 مايو الماضي ألقت قوة من الشرطة القبض على مسعد من منزله في حي  الهرم. ظهر مسعد لأول مرة في 29 مايو داخل نيابة أمن الدولة، للتحقيق معه في القضية رقم ٤٤٠ لسنة ٢٠٢٢ أمن دولة عليا، متهمًا، بنشر أخبار كاذبة والانضمام إلى جماعة إرهابية وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي. وبحسب محاميه تمت مواجهته بمنشورات على صفحته الشخصية ينتقد من خلالها عدم الإفراج عن كل الصحفيين المحبوسين. أفرج عنه لاحقًا في 7 فبراير 2023 ضمن جهود لجنة العفو.

 

  • القبض على صحفيين على خلفية نشرهم فيديو حول أنشطة مشبوهة في محيط أكشاك أمان التابعة لوزارة الداخلية:

في 21 مايو ألقت قوة من الشرطة القبض على مراسل المصري اليوم، في الإسماعيلية هاني عبدالرحمن[37] ومراسل جريدة الوفد محمد جمعة بعد ساعات من نشرهما فيديو على فيسبوك يتحدثان فيه عن ممارسة أعمال مخالفة للقانون، كتعاطي المواد المخدرة في محيط أكشاك شركة “أمان” التابعة لوزارة الداخلية على الطريق الدائري في محافظة الإسماعيلية. وخلال احتجازهما نشرت وزارة الداخلية على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك فيديو يتضمن ما أسمته: اعترافات للصحفيين حول قيامهم بـ”فبركة هذه الفيديوهات مقابل مبالغ مالية”. وحسب الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، وجهت نيابة أمن الدولة العليا إلى الصحفيين اتهامات بـ”الانضمام إلى جماعة إرهابية وإذاعة أخبار كاذبة وإساءة استخدام حساب على مواقع التواصل الاجتماعى”. وقررت نيابة أمن الدولة حبس صحفيين 15 يومًا على ذمة التحقيقات في القضية رقم 1436 لسنة 2022 حصر أمن دولة عليا. أخلت النيابة سبيل الصحفيين في 3 أغسطس الماضي.

 

  • القبض على الصحفي أحمد فايز: ألقت قوة من الشرطة القبض على فايز من منزله فجر الخميس 10 نوفمبر. وجهت إلى فايز اتهامات بـ”الانضمام إلى جماعة إرهابية، باستخدام حساب خاص على مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لارتكاب جريمة إرهابية، وارتكاب جريمة من جرائم تمويل الإرهاب، والاشتراك في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب جريمة إرهابية، والتحريض على ارتكاب جريمة إرهابية، ونشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة”، على ذمة التحقيقات في القضية رقم 2070 لسنة 2022 حصر نيابة أمن الدولة العليا، وكان فايز نشر عبر صفحة على فيسبوك باسم “العراف-أحمد فايز”: “عرفت من مصدري أن أخونا اللي عامل إضراب عن الأكل والشرب جوَّا السجن اتعلق له محاليل بالقوة الجبرية عشان يفضل عايش”، في ما بدا إشارة إلى الناشط المسجون علاء عبد الفتاح، المضرب كليًّا عن الطعام في ذلك التوقيت. تم حبسه في سجن بدر 1. أخلي سبيله لاحقًا في 16 مارس 2023.

 

 

 

  • القبض على الصحفي مجدي الجندي[38]: ألقت قوة من الشرطة القبض على الجندي يوم 18 يونيو 2022، بسبب منشور له عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أشار فيه إلى تعرض سيدة بالإسماعيليةللتخدير بشكَّة دبوس، أثناء ركوبها سيارة أجرة، ظل مختفيًا قسريًّا في إحدى مقرات الأمن الوطني بمحافظة الإسماعيلية وتم إرسال تلغرافات إلى النائب العام ووزير الداخلية بشكوى لنقابة الصحفيين، إلى أن ظهر لأول مرة أثناء العرض على النيابة بتاريخ 4 يوليو، تم التحقيق معه حول  الخبر السابق ذكره. واتهامه بالتهم المعتادة: الانضمام إلى جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها ونشر أخبار وبيانات كاذبة، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، على ذمة القضية  رقم 440 لسنة 2022 أمن دولة عليا، ظل محبوسًا بسجن أبي زعبل، حتى صدر قرار إخلاء سبيله في 22 سبتمبر 2022 بضمان محل إقامته.

 

 

ثانيًا: استمرار ملاحقة الصحافة المستقلة

 

تستمر السلطات المصرية في ملاحقة الصحافة المستقلة التي لا زالت تعمل من داخل مصر عبر عدة طرق، أبرزها الحجب والملاحقات الأمنية والقضائية لصحفيي تلك المواقع، وقد رصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير خلال 2022 استدعاء السلطات القضائية أربعًا من صحفيات موقع مدى مصر: لينا عطالله، بيسان كساب، رنا ممدوح، وسارة سيف الدين، للتحقيق في اتهامهن بـ”نشر أخبار كاذبة من شأنها تكدير السلم العام وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة، وسب وقذف نواب حزب مستقبل وطن في البرلمان، والإزعاج باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي” في حين وجهت تهمة إضافية إلى رئيسة تحرير الموقع لينا عطاالله، بإنشاء موقع دون ترخيص، قبل أن تصدر أمرًا بإخلاء سبيل الصحفيات الأربع بكفالة قيمتها 20 ألف جنيه لرئيسة التحرير وخمسة آلاف جنيه لكل من الصحفيات الثلاث الأخريات وفق شهادة محاميهم.

 

جاء التحقيق بعدما تقدم مئات من نواب وأعضاء حزب مستقبل وطن، صاحب الأغلبية البرلمانية، ببلاغات ضد صحفيات مدى مصر، على خلفية نشر الموقع خبرًا في 31 أغسطس الماضي، نُقل عن مصادر داخل الحزب، عن رصد أجهزة رقابية في الدولة تورط قياديين في الحزب في “مخالفات مالية جسيمة” قد تؤدي إلى إبعادهم عن مناصبهم.

 

اتهم مقدمو البلاغات تلك الأسماء، لورود أسمائهن كمساهمات في كتابة عدد اﻷربعاء قبل البلاغ، من نشرة “مدى” الإخبارية، والذي احتوى خبرًا عن القصة الصحفية، وذلك على الرغم من أن أيًّا من الصحفيات لم تساهم في كتابة الخبر. كان “مدى مصر” قد علم باستدعاء واحدة من الصحفيات الثلاث، للتحقيق أمام نيابة الأقصر، إثر بلاغ مقدم هناك، ما أوضح وجود بلاغات في أماكن مختلفة، وهو يُعد “آلية قديمة” تستهدف الإنهاك والتشتيت، عبر زيادة صعوبات وضغوط الحضور أمام جهات التحقيق المختلفة، قبل أن يقوم فريق الدفاع بتقديم طلب إلى النيابة العامة بحصر التحقيق في كل البلاغات على مكان واحد فقط.

 

 

وفي سياق آخر فقد رصدت المؤسسة حجب السلطات المصرية ثلاثة [39]روابط لموقع المنصة خلال 72 ساعة تقريبًا بدءًا من الخميس 14 يوليو 2022، حيث حجبت السلطات المصرية موقع المنصة مساء 14 يوليو. أولًا، حجبت عنوان بروتوكول الإنترنت (IP) الخاص بالشركة المستضيفة المسؤولة عن نطاق الموقع. ثم حجبت عنوانًا بديلًا في صباح 16 يوليو بعد إطلاقه بثلاث ساعات فقط. أما العنوان الثالث فتم حجبه مرارًا حتى صار العدد الإجمالي لمرات حجب الوصول إلى الموقع 15 مرة.

 

جاء الحجب عقب قيام المنصة بتطوير موقعها بتصميم وموضوعات جديدة، وبالتزامن مع نشر مقالات رأي لعدد من الصحفيين والسياسيين، منهم حافظ المرازي وليليان داوود وأحمد الطنطاوي. في اليوم الذي تم فيه حجب الموقع، كانت المنصة قد نشرت مقالًا للطنطاوي عن غياب الآليات الرقابية التي تتيح محاسبة رئيس الجمهورية. ونشرت أيضًا عددًا من الموضوعات، منها موضوع يوثق عودة رجل شرطة مدان بتعذيب وقتل المواطن مجدي مكين إلى عمله، ويرصد كيف قام هذا الشُّرطي بتزوير محررات رسمية متعلقة بعمله في إحدى أقسام الشرطة لكي يخفي جريمته بالمخالفة للقانون. وأُطلق سراح الشرطي في وقت سابق بعد حصوله على عفو رئاسي. ليصل عدد المواقع الإخبارية المحجوبة في مصر إلى ما يقرب من 129 موقعًا إخباريًّا على الأقل. وهو ما يفاقم انتهاك الحق في الحريات الإعلامية وحق المواطنين في المعرفة والوصول إلى المعلومات واستخدام الإنترنت وهي كلها حقوق محمية بالمواد: 57 و65 و68 و71 من الدستور المصري.

 

وفي نفس السياق كشفت هيئة تحرير موقع “درج”، عن تعرض الموقع للحجب في مصر دون سابق إنذار، في 23 نوفمبر 2022، ولم يسبق هذه الخطوة أي تبرير أو مراسلة. وأضافت هيئة التحرير، في بيان لها[40]: “لم تتواصل معنا أي جهة مصرية تستوضح ما نشرنا، ونحن ننتظر توضيحًا لأسباب الخطوة”.

 

وقالت ديانا مقلد رئيس تحرير موقع “درج” الصحفي إنهم اكتشفوا حجب الموقع من خلال الزملاء غير القادرين على الوصول للموقع  بين 25 لـ 26 نوفمبر الماضي بدون معرفة أو إنذارمسبق ولم نبلغ بأي إجراء. وأضافت لمؤسسة حرية الفكر والتعبير أن الحجب للموقع بشكل كامل والحجب تم من مصر فقط.

مشيرة إلى أن إدارة الموقع تعتقد أن الحجب سببه تغطيتنا للوضع الحقوقي في مصر من إضراب علاء عبدالفتاح وقمة المناخ “كوب 27″، وإضراب الصحفيين وتحقيق الجيوش الإلكترونية على السوشيال ميديا الذي تم نشرها قبل الحجب، والتي تشمل تغطيتنا للملفات الحقوقية في كل الدول وليس مصر فقط، وبالطبع نحن نخمن من خلال المواد التي نشرت قبل الحجب لأنه لم نتلقَ أي رد رسمي.

 

 

وفي سياق متصل باستهداف الصحافة المستقلة فؤجى المسؤولون عن موقع المنصة في 12 مايو 2022 بحجب[41] فيديو حوار مع رئيس حزب الكرامة السابق أحمد الطنطاوي بعد شكوى من القناة الأولى الحكومية تتهم المنصة بسرقة مادة مملوكة لها حصريًّا، عبارة عن مقطع 24 ثانية من خطاب السيسي في حفل إفطار الأسرة المصرية أذاعتها ضمن حوارها مع الطنطاوي. وهو الأمر الذي يخالف القانون والأعراف الإعلامية السائدة فيما يتعلق بخطابات الرئيس، كما أنه يعد نهجًا حديثًا، لم تسجل المؤسسة من قبل واقعة شبيهة لها. وتقدمت المنصة  بثلاث شكاوى ضد القناة الأولى المصرية إلى كلٍّ من رئاسة الجمهورية والهيئة الوطنية للإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، لاحقًا تراجعت القناة الأولى عن شكواها ضد الموقع وهو ما أدى إلى رفع الحجب عن الحوار قبل أن يتم حجب الموقع بالكامل، وتعد تلك الواقعة هي الأولى من نوعها حيث لم يسبق أن استخدم التلفزيون المصري للتضييق على عمل المواقع الصحفية والمستقلة. وقد أصدرت وحدة الرصد والتوثيق ورقة تحت عنوان: “سين وجيم حول حذف حوار السياسي أحمد الطنطاوي مع موقع المنصة من فيسبوك، بعد بلاغ من القناة الأولى المصرية[42]“.

 

ثالثًا: أحكام مشددة على الصحفيين

التنكيل المستمر في التعامل مع الصحفيين لم يتوقف عند حد القبض والحبس لسنوات احتياطيًّا على ذمة قضايا نشر فقط، بل وصل إلى حد إصدار أحكام قضائية مشددة على بعضهم، ففي 28 يونيو 2022 حكمت محكمة جنايات القاهرة، الدائرة الأولى إرهاب، على الصحفية علياء نصر الدين حسن عواض وشهرتها “علياء عواد” بالسجن 15 عامًا في اتهامها في القضية رقم 4459 لسنة 2014 جنايات حلوان والمقيدة برقم 321 لسنة 2014 كلي جنوب القاهرة والمعروفة إعلاميًّا باسم “كتائب حلوان” حيث اتهمت بالانضمام إلى جماعة إرهابية والترويج لأغراضها، وإذاعة ونشر مقطع الفيديو المصور الخاص بـ”كتائب حلوان”[43].

 

بينما قضت محكمة جنايات أمن الدولة العليا طوارئ بحبس المذيع بقناة الجزيرة مباشر مصر، أحمد طه القاضي[44]، غيابيًّا بالسجن المشدد 15 عامًا، في اتهامه بنشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة من شأنها الإضرار بالمصالح القومية بالبلاد في القضية رقم 1059 لسنة 2021 جنايات أمن الدولة طوارئ التجمع الخامس، والمقيدة برقم 707 لسنة 2021 كلي القاهرة الجديدة، والمتهم فيها رئيس حزب مصر القوية، عبدالمنعم أبو الفتوح، ونائبه محمد القصاص.

 

رابعًا: حظر النشر، منع تناول قضايا بكافة وسائل الإعلام

 

يعتبر تداول المعلومات والأخبار عن القضايا التي تنظرها المحاكم أداة أساسية لتمكين المجتمع من الاطلاع على سير العدالة، ضمن الحق في المعرفة، سواء مارست هذا الحق الصحافة ووسائل الإعلام، أو قام به المواطنون عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو غيرها من وسائل الاتصال. ويمكن تعريف حظر النشر بأنه قرارٌ بمنع تناول واقعة ما في كافة وسائل الإعلام: مقروءة، مرئية، أو مسموعة، من كافة الجهات المعنية بالقضية، سواء في ذلك الصحافة والنيابة والقضاة والمحامون. يطبق حظر النشر بنصوصٍ مباشرة في القانون المصري أو بقرارٍ يصدر عن: سلطة التحقيق، مكتب النائب العام، أو المحكمة، أي الهيئة القضائية التي تنظر في هذه القضايا. ورغم تعزيز الدستور هذا الحق في المادة 68، إذ نصت على: “المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة، حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية، وينظم القانون ضوابط الحصول عليها وإتاحتها وسريتها، وقواعد إيداعها وحفظها، والتظلم من رفض إعطائها، كما يحدد عقوبة حجب المعلومات أو إعطاء معلومات مغلوطة عمدًا – فإن عام 2022 شهد حظر نشر في ثلاث قضايا مختلفة اتسمت بقضايا رأي عام، أُدين في اثنتين منها عاملان في الجهاز القضائي بالدولة[45].

 

فقد قررت محكمة استئناف القاهرة حظر النشر[46] في قضية آثار شقة الزمالك التي يحاكم فيها المستشار السابق أحمد عبدالفتاح وزوجته لاتهامهما بالاتجار في الآثار، والذي أمرت النيابة بإخلاء سبيله وإدراج اسمه وزوجته على قوائم الممنوعين من السفر.

 

كما أصدرت محكمة جنايات الجيزة برئاسة المستشار بلال محمد عبدالباقي، قرارًا بحظر النشر[47] في قضية مقتل الإعلامية شيماء جمال، والمتهم فيها كل من أيمن حجاج (قاضٍ بمجلس الدولة) وحسين الغرابلي، والمنسوب إليهما فيها قتل الإعلامية عمدًا مع سبق الإصرار، وتم إرسال القرار إلى محكمة استئناف القاهرة برئاسة المستشار محمد حسين عبدالتواب التي قامت بإخطار المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام.

في حين قررت محكمة جنايات المنصورة حظر النشر في قضية مقتل الطالبة نيرة أشرف أمام باب جامعة المنصورة.

 

خامسًا: المجالس الإعلامية  تزيد القيود على حرية الصحافة

 

استمرت المجالس الإعلامية في فرض مزيد من القيود على حرية الصحافة والإعلام تحت دعاوى فضفاضة واتهامات تندرج تحت حرية التعبير، حيث رصدت المؤسسة[48] قرارين لكلٍّ من نقابة الإعلاميين والهيئة الوطنية للإعلام ضد اثنين من المذيعين. حيث أصدرت نقابة الإعلاميين قرارًا عاجلًا بإيقاف مقدم برنامج “الماتش” على قناة صدى البلد، هاني حتحوت، ومنعه من الظهور على الشاشات المصرية إلى حين التحقيق معه، وفقًا لبيان النقابة رقم 5 لسنة 2022، لمخالفته ميثاق الشرف الإعلامي ومدونة السلوك المهني وعدم تقنين أوضاعه مع النقابة، حيث ذكر البيان قيام المرصد الإعلامي التابع للنقابة برصد تجاوزات مهنية وخرق لميثاق الشرف الإعلامي ومدونة السلوك المهني. يأتي ذلك عقب تصريحات لحتحوت خلال برنامجه ينتقد فيها رئيس نادي الزمالك مرتضى منصور ويرد على هجومه عليه. لاحقًا وفي 24 فبراير 2022، أصدر نقيب الإعلامين، طارق سعدة، القرار رقم 7 لسنة 2022 بإيقاف حتحوت لمدة أسبوعين يبدأ في 25 من شهر فبراير وينتهي في 12 مارس 2022 حسب القرار، امتثل حتحوت للتحقيق في مقر النقابة وأقرَّ بما هو منسوب إليه من مخالفة لميثاق الشرف الإعلامي في باب الواجبات الفقرة (5) والتي تنص على احترام آداب الحوار الإعلامي وتجنب الدخول في ملاسنات وخلافات شخصية. كما خالف حتحوت مدونة السلوك المهني (البند التاسع) الذي ينص على الالتزام بعدم الدخول في ملاسنات أو مشاحنات إعلامية وعدم استخدام مساحات النشر أو أوقات العرض في طرح خلافات شخصية أو معارك أو مصالح خاصة.

 

وعلى جانبٍ آخر أصدرت الهيئة الوطنية للإعلام في 8 فبراير 2022 قرارًا بإيقاف المذيع ببرنامج صباح الخير يا مصر، على القناة الأولى، حسام حداد، عن العمل وإحالته إلى التحقيق لما بدر منه في إحدى حلقات البرنامج تعقيبًا على مشاركة النادي الأهلي في كأس العالم للأندية، حيث عبَّر عن أن النادي الأهلي لا يمثل مصر في تلك البطولة بل يمثل نفسه ثم ينسب إلى مصر، كما أضاف متسائلًا هل يجب على جمهور الزمالك تشجيعه، قبل أن يجيب بالرفض. وهو الأمر الذي صنفته الهيئة على أنه يغذي التعصب الكروي.

 

في حين قررت الهيئة الوطنية للإعلام إيقاف ٨ إعلاميين بقطاع القنوات الإقليمية بسبب تظاهرهم داخل مقرات العمل تضامنًا مع زملائهم المفصولين عن العمل واعتراضًا على الظروف الحالية داخل القنوات. وقررت الهيئة إيقاف ٤ عاملين من القناة الثامنة عن العمل احتياطيًّا لمدة ٣ أشهر إلى حين انتهاء التحقيقات معهم مع صرف نصف أجورهم، وهم المحرر طارق ضوي محمود وسحر محمد مختار وسامي أحمد محمد والمخرجة سهام عبدالحميد، بالإضافة إلى 4 آخرين بالقناة السادسة لنفس الأسباب، وهم مقدم البرامج طلال سيف والمخرج إبراهيم أبو زينة والمعدة ناني حسين وعبير عبدالعزيز. والذين تم مد فترة إيقافهم ثلاث شهور أخرى إلى حين البدء في التحقيقات بدون وجود إثبات كتابي لذلك، بحسب ما صرحت به المذيعة ناني عبداللطيف للمؤسسة.

 

 

ثالثًا: الحرية الأكاديمية والحقوق الطلابية

استمرت إدارات الجامعات من جهة والأجهزة الأمنية من جهة أخرى  في تأميم المجال العام داخل الجامعات ومحاصرة الأفكار والأنشطة بكافة أشكالها خلال عام ٢٠٢٢. عبر استهداف أعضاء هيئة التدريس، والباحثين في الخارج، والطلاب، على خلفيات عديدة، من بينها: التعبير عن الرأي، معارضة السياسات الحكومية، الانتماء إلى تيارات سياسية معارضة للسلطة السياسية، الاشتباك مع نقاط بحثية شائكة لا تفضلها الجهات الأمنية، الخروج عن الأعراف والقيم الجامعية السائدة، والاشتراك في الأنشطة الطلابية بالنسبة إلى الطلاب.

 

أدت تلك الملاحقات إلى تراجع الجامعة كفضاء لبناء الشخصيات والكوادر المثقفة التي تشارك وتهتم بالشأن العام، كما أثرت في دورها في المساهمة في تشكيل رؤية الدولة وصنع القرار، وكذلك دورها كمؤسسة للبحث العلمي.

 

وقد رصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير 7 حالات انتهاك في ملف الحقوق الطلابية، و9 حالات في ملف الحرية الأكاديمية خلال عام ٢٠٢٢. وتصدرت إدارات الجامعات قائمة جهات الاعتداء بواقع 4 انتهاكات على 4 من أعضاء هيئات التدريس بجامعات مختلفة، و3 انتهاكات ضد طلاب.

كما شهد هذا العام استمرار حبس الأكاديمي أحمد التهامي أستاذ مساعد العلوم السياسية، كلية الدراسات الاقتصادية والسياسية بجامعة الإسكندرية، احتياطيًّا على ذمة القضية رقم ٦٤٩ لسنة ٢٠٢٠ حصر أمن دوله عليا طوارئ، منذ عام 2020.

 

‏كذلك شهد العام المنصرم اعتياد أنماط انتهاكات جديدة، تمثلت في تغلغل الجامعة في الحياة الشخصية والخاصة للطلاب خارج الجامعة، ومراقبة حساباتهم على تطبيقات التواصل الاجتماعي، ومعاقبتهم على التعبير عن رأيهم. فقد قامت جامعتان بفصل اثنين من الطلاب على خلفية منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي.

 

انتخابات اتحاد الطلاب.. سيناريو متكرر

فرضت السلطات المصرية منذ عام  2013 قيودًا شديدة على حرية العمل الطلابي، وحاصرت الأنشطة الطلابية بكافة أشكالها في الجامعات والكليات. أما انتخابات اتحادات الطلاب، فكانت تنتهي أغلبية مقاعدها بالتزكية لصالح مرشحي قوائم موالية للنظام السياسي.

 

شهد شهر نوفمبر من عام ٢٠٢٢ بداية التجهيز لانتخابات الاتحادات الطلابية، بفتح باب الترشح وسحب وتقديم الاستمارات يوم 24 نوفمبر 2022. وأعلنت النتائج في ديسمبر 2022.

أجريت الانتخابات بشكل رسمي وفقًا للائحة الطلابية التي تم وضعها فى 2017، والتي تحدد شروطًا للترشح من بينها: أن يكون  للمرشح نشاط طلابي موثق في الجامعة أو الكلية أو المعهد في مجال اللجنة المرشح لها، عدا طلاب السنة الدراسية الأولى، ألا يكون قد سبقت مجازاة المرشح تأديبيًّا، أو سبق الحكم عليه بعقوبة جنائية أو مخلة بالشرف أو بالأمانة، ما لم يكن تم رد الاعتبار له. ألا يكون منتميًا إلى أي تنظيم أو كيان أو جماعة إرهابية مؤسسة على خلاف القانون. [49]

 

تعكس تلك البنود تعسفًا وتضييقًا على حق الطلاب في الترشح والمشاركة في الاتحادات الطلابية. حيث تعطي مجالًا أوسع  لإدارات الجامعة في استخدام سلطتها في إقصاء الطلاب المعارضين والمستقلين من الانتخابات. كما تعطي للجامعة سلطة اتهام الطلاب بالانتماء إلى جماعة إرهابية. نتج من ذلك إقصاء من لا ترغب الجهات الأمنية في ترشحه من الأساس. كما أدت إلى  إضعاف الحركة الطلابية في الجامعة. ونتيجة للائحة 2017 عامة وشروط الترشح بشكل خاص، أصبحت انتخابات اتحادات الطلاب مجرد انتخابات شكلية لا تمثل الطلاب ولا تمثل حقوقهم. ولا تساهم في النقاشات العامة أو صناعة القرار.

 

وجاءت نتائج انتخابات اتحادات الطلاب في 2022 لتعكس حالة الفراغ داخل الجامعات. حيث لم يعد هناك مجموعات طلابية تمارس النشاط السياسي. ولم يعد هناك نشاط طلابي يسمح بخلق كوادر طلابية راغبة وقادرة على الترشح لشغل مناصب داخل الاتحادات الطلابية. فقد سيطرت قائمة “طلاب من أجل مصر”  الموالية للسلطة على اتحادات الجامعات والكليات. إذ انتهت الجامعات في  بداية ديسمبر 2022 من انتخاب رئيس اتحاد طلاب الجامعة ونائبه بالاقتراع السري. حيث تم انتخاب 92 رئيسًا لاتحاد الطلاب ونوابهم على مستوى 46 جامعة، ما بين جامعات حكومية وخاصة وأهلية وتكنولوجية. كما انتهت الجامعات من انتخاب 890 رئيس اتحاد ونائبه على مستوى 445 كلية بمختلف الجامعات. وقد اكتسحت أسرة “طلاب من أجل مصر” (الموالية للسلطة) الأغلبية العظمى من مقاعد الاتحادات الطلابية على مستوى الجامعات في السباق الانتخابي بالكليات. وأكد الدكتور عمرو مصطفى المنسق العام لأسرة طلاب من أجل مصر على مستوى الجامعات أن طلاب الأسرة حصلوا على أغلبية المقاعد في العديد من الاتحادات، بنسبة تخطت الـ 98% بمختلف الكليات داخل الجامعات.[50]

 

فى نفس السياق شهد العام 2022 أيضًا غياب التغطية الإعلامية والصحفية لانتخابات اتحادات الطلاب. حيث اكتفت أغلب الصحف بنشر  النتائج النهائية التي يتم فيها انتخاب رؤساء الاتحاد ونوابهم على مستوى الكليات والجامعات فقط، ولم تنشر أي معلومات تفصيلية خلال المراحل المختلفة للانتخابات من بدايتها[51]. وقد أدى غياب التغطية التفصيلية العميقة للانتخابات إلى عدم القدرة على تحليل ورصد سمات وتطورات العملية الانتخابية في الجامعات.

 

 

  • الباحثون في الخارج، حبس ومنع من السفر

شهد عام 2022 استمرار السلطات المصرية في ملاحقة الباحثين المصريين القادمين من الخارج، إما من خلال إصدار أحكام قضائية ضدهموإما بمنعهم من السفر.

ومن أبرز تلك الحالات، باحث الماجستير أحمد سمير. ففي 4 يوليو 2022 أصدرت محكمة جنح أمن دولة طوارئ حكمًا في القضية رقم 774 لسنة 2021 جنح أمن الدولة طوارئ، والمقيدة برقم 877 لسنة 2021 حصر نيابة أمن الدولة العليا، بحبس الباحث أحمد سمير سنطاوي لمدة ثلاث سنوات، بتهمة نشر أخبار كاذبة. جاء الحكم بعد إلغاء حكم سابق في 22 يونيو 2021 في نفس القضية بالحبس 4 سنوات وغرامة مالية 500 جنيه.

وفي 29 يوليو 2022 أصدر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قرارًا بالعفو عن سبعة سجناء رأيٍ، كان من بينهم الباحث أحمد سمير. وبالرغم من قرار العفو عن سمير فإن سلطات مطار القاهرة منعته في 27 أغسطس 2022 من السفر إلى النمسا لاستكمال دراسته للماجستير، حيث توجه ثلاثة ضباط إلى سمير فور وصوله المطار وأخبروه بأنه ممنوع من السفر دون أية توضيحات أخرى. في اليوم التالي توجه سنطاوي إلى مصلحة الجوازات للاستفسار عن منعه من السفر، قبل أن يتم إخباره بشكل ودي من قبل الموظف المسؤول بمنعه من السفر بناءً على تعليمات من إحدى الجهات الأمنية وهي الأمن الوطني. وعندما طلب سنطاوي من الموظف رؤية القرار أخبره الموظف بأنه لا يوجد قرار رسمي بذلك. وفق شهادة سمير للمؤسسة.[52]

 

  • فصل من الجامعة بسبب مخالفة القيم الجامعية وازدراء الأديان

في 12 سبتمبر 2022 قررت دائرة فحص طعون التأديب بالمحكمة الإدارية العليا، رفض الطعن المقدم من الدكتورة منى البرنس محمد رضوان، وأيدت حكم محكمة القضاء الإداري الصادر بعزل الدكتورة من وظيفتها في الجامعة مع الاحتفاظ بالمعاش أو المكافأة.

وذكرت المحكمة في حيثيات الحكم أن الحكم صدر على خلفية تهمتين، الأولى: نشر الدكتورة منى عدة فيديوهات ترقص فيها على صفحتها الشخصية على فيسبوك، مع إصرارها على تكرار نشر مقاطع جديدة، بما يحط من هيبة أستاذ الجامعة ورسالته ومسؤوليته عن نشر القيم. والتهمة الثانية: الخروج على التوصيف العلمي للمقررات الدراسية ونشر الأفكار الهدامة التي تخالف العقائد السماوية، من خلال الطعن في ثوابت الدين في المحاضرات بالقول: إن إبليس تعرض للظلم أو أنه عبَّر بحرية عن أفكاره ورغباته.[53]

وكانت جامعة قناة السويس قد أصدرت في 15 مايو 2018 قرارًا برقم 187 بعزل منى البرنس من وظيفتها مع الاحتفاظ بالمعاش بعد تحقيقات استمرت 14 شهرًا. بدأت تلك التحقيقات بإحالة البرنس إلى التحقيق بعد نشر مقاطع رقص لها. وقد تمت مواجهتها بعدد من التهم من بينها: نشر مقاطع رقص، السفر دون إذن الجامعة، ازدراء الأديان والعيب في الذات الإلهية.[54]

ويعكس الحكم بعزل البرنس من الجامعة ما يتم فرضه على أعضاء هيئة التدريس من وصاية أخلاقية ومجتمعية تؤدي إلى ملاحقتهم وفصلهم من عملهم، كما تنتهك حقوقهم الأساسية في التعبير عن أنفسهم بشكل يرى المجتمع والسلطة والجامعة أنه مخالف لما يجب أن يكون عليه عضو هيئة التدريس.

انتهاكات إدارية مستمرة ضد المعارضين

 

  • ‏حرمان من تمثيل القسم في مجلس الكلية

في 23 أكتوبر 2022 استبعدت كلية العلوم جامعة حلوان الدكتور يحيى القزاز الأستاذ في قسم البيولوجيا من تمثيل القسم في مجلس إدارة الكلية. وتم تجاوزه في الترتيب، ما يمثل مخالفة للوائح الجامعة، فالمادة 40 من قانون تنظيم الجامعات، تنظم تشكيل مجلس الكلية، إذ تنص على:

“يؤلف مجلس الكلية أو المعهد التابع للجامعة برئاسة العميد، وعضويته: وكيلي الكلية، رؤساء الأقسام، أستاذ من كل قسم، على أن يتناوب العضوية أساتذة القسم دوريًّا كل سنة بترتيب أقدميتهم في الأستاذية…”[55] وذلك بحجة خضوعه للتحقيق أمام نيابة أمن الدولة.

 

وتعود انتهاكات الجامعة ضد القزاز إلى يوليو 2019 حينما تم التحقيق معه بحجة انقطاعه عن العمل. وقد قدم وقتها القزاز ما يفيد أنه كان محبوسًا احتياطيًّا على ذمة القضية 1305 لسنة 2018 حصر تحقيق. كما أحالت الجامعة القزاز إلى مجلسي تأديب في 2018 و2020 بتهم الانضمام إلى جماعة إرهابية وإهانة رئيس الجمهورية على مواقع التواصل الاجتماعي.[56]

 

  • مجالس تأديب على خلفية انتقادات للإدارة

في 27 يوليو 2022 قرر مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بالمعهد التكنولوجي العالي بالعاشر من رمضان، معاقبة منار طنطاوي الأستاذ المساعد بقسم الهندسة الميكانيكية بالمعهد، فرع السادس من أكتوبر، بخصم 15 يومًا من راتبها على خلفية الدعوى التأديبية المقامة ضدها برقم 18 لسنة 2021. وتضمنت الدعوة اتهامات لطنطاوي بالإساءة إلى المعهد  وعميده من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وبعض القنوات الفضائية المعادية للوطن. وذلك بعد أن رفض عميد المعهد السماح لطنطاوي بالعودة إلى منصبها الرسمي كرئيس لقسم الهندسة الميكانيكية، بالإضافة إلى منعها من الحصول على درجة الأستاذية بالرغم من استيفائها كافة الشروط الفنية والقانونية لذلك.

بدأت القضية عندما طلبت الطنطاوي الحصول على حقها القانوني في رئاسة قسم هندسة الميكانيكا بالمعهد التكنولوجي باعتبارها أقدم أستاذ مساعد داخل القسم. رفض عميد المعهد طلبها بسبب أنها زوجة سجين رأي سابق (الصحفي هشام جعفر).[57]

أما بالنسبة إلى أيمن منصور ندا أستاذ الرأي العام والاتصال السياسي والرئيس السابق  لقسم الإذاعة والتلفزيون بكلية الإعلام، جامعة القاهرة، فقد صدر قرار  في 31 مايو 2022 بتجديد إيقافه عن العمل لمدة ثلاثة شهور للمرة السادسة على التوالي بالرغم من عدم استدعائه للمثول أمام أية جهة تحقيق أو حتى مجلس التأديب.

ويتعرض ندا للعديد من الانتهاكات الإدارية والقضائية والأمنية بعد نشره عددًا من المقالات على صفحته على  فيسبوك، انتقد خلالها إدارة الدولة لملف الإعلام كما انتقد وضع الإعلاميين المتصدرين للإعلام المصري، مثل: أحمد موسى، وعمرو أديب. كما نشر عدة مقالات ينتقد فيها إدارة جامعة القاهرة وما ترتكبه من فساد تحت رئاسة محمد عثمان الخشت. وبالتوازي مع الملاحقات القضائية والأمنية فقد أوقفت الجامعة ندا عن العمل في 29 مارس 2021 لمدة 3 شهور، وعلى مدار أكثر من 18 شهرًا تم تجديد الإيقاف كل 3 شهور. لم تتوقف إدارة الجامعة عند ذلك بل قامت بحذف اسم ندا من كافة الكشوف في الكلية، سواء في مجلس الكلية أو مجلس القسم، وتم حذف اسمه من كل الرسائل الجامعية التي أشرف عليها. وذلك طبقًا لشهادة ندا.

كما أحالت جامعة القاهرة ندا إلى التأديب في سبتمبر 2021 في الدعاوى أرقام: 14، 15، 17، 18، 19، 20، 21 لسنة 2021، بسبب  ما نشره من مقالات تنتقد فساد إدارة الجامعة، مدللًا عليه بالمستندات والوثائق.[58] وقد دفعت تلك الانتهاكات ندا إلى تقديم استقالته كأستاذ في جامعة القاهرة في 9 يونيو 2022 اعتراضًا على سوء إدارة الجامعة وفسادها.

في نفس السياق أحالت أكاديمية مصرية أستاذتين (نتحفظ على ذكر اسميهما بناءً على طلبهما) إلى التحقيق والذي بدأت إجراءاته في 17 مارس 2022 على خلفية اتهامات، منها: استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لنشر عبارات تفيد التشكيك في مؤسسات الدولة والمشروعات القومية، واتهام الدولة بالفشل في مواجهة المشكلات الراهنة وإظهارها بمظهر المتستر على الفساد، واتهام الأجهزة الأمنية بارتكاب جرائم الإخفاء القسري لمواطنين، في تعدٍّ واضح على حقهم في التعبير.[59]

 

انتهاكات قضائية:

فضلًا عن الانتهاكات الإدارية، تعرض أيمن منصور ندا، أستاذ الرأي العام والاتصال السياسي في كلية الإعلام بجامعة القاهرة، على خلفية انتقاده للإعلام المصري، لانتهاكات قضائية.

ففي 31 مارس 2022 حكمت محكمة القاهرة الدائرة 27 جنوب، بمعاقبة ندا بالحبس لمدة عام مع إيقاف التنفيذ وغرامة 20 ألف جنيه، وذلك في القضية رقم 9840 لسنة 2021 جنح التجمع الخامس. على خلفية اتهامه بالخوض في عرض رانيا هاشم المكلفة بعضوية المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، واستخدام حساب على موقع فيسبوك في ارتكاب الجرائم. كما قررت المحكمة براءة ندا من جميع الاتهامات الأخرى التي شملت: نشر أخبار كاذبة حول الإعلام المصري وسب المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام وعدد من أعضائه، وكذلك رفضت المحكمة الدعوى المدنية المُقامة من كرم كامل إبراهيم جبر المكلف برئاسة المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ضد ندا.

وفي 28 إبريل 2022، قررت محكمة الجنايات (الدائرة 27 جنوب جنايات القاهرة)، إحالة القضية رقم 16036 لسنة 2021 جنح التجمع الأول، والمقيدة برقم 18 لسنة 2021 حصر تحقيق نيابة استئناف القاهرة، المُقامة ضد ندا، إلى محكمة استئناف القاهرة لنظرها أمام دائرة أخرى. ويأتي قرار المحكمة بإحالة القضية نظرًا إلى أن نفس المحكمة قد أصدرت حكمًا بحبس ندا لمدة عام مع إيقاف التنفيذ على ذمة قضية تتضمن وقائع وجرائم مشابهة للقضية الحالية، وهي القضية رقم 9840 لسنة 2021 جنح التجمع الخامس.

وكانت النيابة العامة قد وجهت إلى ندا اتهامات تتعلق بإهانة الإعلام المصري، وسب كرم جبر المكلف برئاسة المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، واستخدام حسابه على الفيسبوك في ارتكاب تلك الجرائم.

وكان ندا قد تعرض للحبس في سبتمبر 2021، حينما أمرت النيابة العامة بحبس ندا على ذمة التحقيقات في القضية رقم 23 لسنة 2021 حصر استئناف القاهرة، والمتهم فيها باتهامات، من بينها: سب وقذف عدد من قيادات جامعة القاهرة، في سياقِ نشرِه عدةَ مقالات على حسابه على “فيسبوك” يتهم فيها إدارة الجامعة بالفساد. أخلت النيابة سبيله في 17 نوفمبر من نفس العام.[60]

تُبرِز تلك الانتهاكات ما يتعرض له الأكاديميون في حال قاموا بالتعبير عن آرائهم ، أو عارضوا السياسات الحكومية القائمة، حتى وإن كان في مجال اختصاصهم الأكاديمي والعلمي. وجاءت استقالة ندا لتعبر عن مدى ما تعرض له من ملاحقة وتعسف.

 

ثانيًا: الحقوق الطلابية

 

على مستوى الحقوق الطلابية، رصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير 7 حالات انتهاك، تضمنت استمرار استهداف الطلاب على خلفية نشاطهم الطلابي في الجامعة، حتى بعد تخرجهم، من خلال إصدار أحكام قضائية ضد طلاب كانت لهم أدوار قيادية في النشاط الطلابي والاتحادات الطلابية، عن طريق فصل الطلاب من الجامعة، وإصدار قرار بمنع دخول الطلاب إلى الجامعة طبقًا لنوع الملبس، وأخيرًا استمرار حبس الطلاب وتدويرهم على ذمة قضايا جديدة.

 

 

  • استمرار استهداف الطلاب على خلفية نشاطهم الطلابي (أحكام على طلاب اتحاد مصر):

في 29 مايو 2022 أصدرت الدائرة الثالثة بمحكمة أمن الدولة العليا طوارئ، حكمًا على 4 قيادات طلابية سابقة: أدهم قدري (رئيس اتحاد طلاب جامعة سوهاج، سابقًا)، عمرو أحمد خطاب (أمين حركة طلاب مصر القوية السابق)، معاذ الشرقاوي (نائب رئيس اتحاد جامعة طنطا، سابقًا)، عمرو الحلو (رئيس اتحاد جامعة طنطا الأسبق والفائز بمنصب نائب رئيس اتحاد طلاب مصر قبل إلغائها من قِبَل وزير التعليم العالي) في القضية رقم 1059 لسنة 2021 جنايات أمن دولة طوارئ، التجمع الخامس، والمقيدة برقم 707 لسنة 2021 كلي القاهرة الجديدة، والمتهم فيها رئيس حزب مصر القوية عبد المنعم أبو الفتوح، ونائبه محمد القصاص.

وأصدرت المحكمة حكمًا غيابيًّا على جميع الطلاب بالحبس 15 عامًا، باستثناء معاذ الشرقاوي والذي حكم عليه حضوريًّا بحضور المحامي بـ10 سنوات. ووجهت المحكمة تهمًا إلى الطلاب الأربعة، من بينها: الانضمام إلى جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، تلقي تدريبات عسكرية، حيازة أسلحة وذخائر، وحيازة مطبوعات. ويعد هذا الحكم نهائيًّا ولا يمكن الطعن عليه نظرًا إلى صدوره عن محكمة أمن الدولة العليا طوارئ وهي محكمة استثنائية يحال إليها المتهمون في ظل سريان حالة الطوارئ، إلا أنه يمكن لرئيس الجمهورية إلغاء الحكم أو تخفيفه أو إعادة المحاكمة أو التصديق عليه.

لم يكن الحكم على الطلاب الأربعة هو الاستهداف الأول لهم،  فقد أدرجت محكمة جنايات القاهرة الأربعة على قوائم الإرهاب في فبراير 2018، بعد مذكرة مقدمة من النائب العام يطلب فيها إدراجهم، على خلفية اتهامهم في القضية رقم 440 لسنة 2018 حصر نيابة أمن الدولة العليا طوارئ. جدير بالذكر أن قرار الإدراج على قوائم الإرهاب قد نسب الطلاب الأربعة إلى مناصبهم القيادية في الاتحادات الطلابية بالرغم من تخرج أغلبهم وهو ما يشير إلى الدوافع الحقيقية لاستهداف هؤلاء الطلاب الذين كان لهم نشاط ملحوظ داخل الجامعات باعتبارهم قيادات الاتحادات الطلابية المنتخبة.

  • فصل الجامعة للطلاب:

قامت جامعة بنها بفصل الطالب مختار وليد ربيع في غير اختصاصها. ففي 6 أغسطس 2022، قرر عميد كلية الطب البشري بجامعة بنها، فصل الطالب مختار وليد ربيع لمدة شهر. وجاء في قرار الكلية أن الفصل جاء نتيجة ثبوت ارتكاب الطالب مخالفة التعدي بالسب بالألفاظ على طالبة أخرى تدعى مريم إبراهيم بالفرقة السادسة على تويتر. وجاء هذا القرار على خلفية مشاجرة بين الطالب مختار والطالبة مريم على تويتر.[61]

فى سياق آخر، قرر مجلس تأديب الطلاب بكلية الطب البشري، جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا في 20 أغسطس 2022، فصل الطالب مينا السيد عطاالله بخيت، الطالب بكلية الطب البشري. وذلك بتهمة ازدراء الدين الإسلامي والإساءة إلى الإسلام وللنبي محمد (ص) والسيدة عائشة واعتراف الطالب بذلك كتابة.[62]

تشير تلك الوقائع إلى تدخل إدارات الجامعات في حياة الطلاب الشخصية خارج الحرم الجامعي، ومحاولة فرض الرقابة والوصاية الأخلاقية. بل تسعى الجامعة إلى ممارسة دور يتخطى اختصاصاتها، كما تؤسس لفكرة المراقبة المستمرة الشاملة. فمع مجيء عام 2014 شهد الفضاء الفعلي للجامعة تضييقات وملاحقات أدت إلى إلغاء معظم الأنشطة الطلابية في الجامعات وشيوع حالة من الخوف داخل الجامعة بين الطلاب. لم تكتفِ الجامعة بذلك بل امتدت سلطتها لتراقب تدوينات الطلاب على تطبيقات التواصل الاجتماعي لتحاصرهم في كل اتجاه وتعاقبهم بما لديها من أسلحة، مثل: الفصل والحرمان من التعليم.

 

  • قرارات تمنع دخول الطلاب بسبب ملبسهم:

مع بداية العام الدراسي الجديد أصدر رؤساء جامعتي كفر الشيخ ودمياط قرارات بمنع دخول الطلاب الذين يرتدون الشورت أو أي ملابس مثيرة مثل الفيزون. وأكد الدكتور عبدالرازق دسوقي رئيس جامعة كفر الشيخ أنه أصدر تعليمات بمنع الطلاب الذين يرتدون أي سلاسل أو ملابس بها قَطْع. معتبرًا أن ذلك ضمن قواعد وإجراءات الحفاظ على الحرم الجامعي وفرض الانضباط. بينما أضاف الدكتور السيد دعدور رئيس جامعة دمياط أنه سيمنع دخول أي طالبة تُفرِط في استخدام مساحيق التجميل.[63]

تمثل تلك القرارات قيودًا على حرية الطلاب في التعبير وحريتهم الشخصية. فالملبس من أساسيات الحرية الشخصية التي يكفلها الدستور لكل مواطن وتكفلها مواثيق حقوق الإنسان المختلفة لكل إنسان.

 

  • استمرار حبس الطلاب:

تستمر الأجهزة الأمنية في حبس الطلاب بشكل غير قانوني وتدويرهم على ذمة قضايا جديدة على خلفية نشاطهم الطلابي وانتماءاتهم السياسية. في هذا الملف نسلط الضوء على عمر الحوت.

ففي 26 سبتمبر 2022 قررت محكمة جنايات الزقازيق (غرفة المشورة)، تجديد حبس عمر محمود الحوت، لمدة 45 يومًا على ذمة القضية رقم 24978 لسنة 2021 جنح أبو حماد. وكانت قوات الأمن قد ألقت القبض على عمر الحوت في 2014 من محل عمله على خلفية نشاطه الطلابي في جامعة الزقازيق وذلك على الرغم من انقطاعه عن ممارسة أي نشاط طلابي أو سياسي قبل عام ونصف من القبض عليه. ومنذ القبض عليه تم إدراج الحوت في ست قضايا مختلفة حتى بعد صدور عدة قرارات إخلاء سبيل، وتمثل القضية رقم 24978 لسنة 2021 جنح أبو حماد آخر القضايا التي تم تدويره على ذمتها. ووصلت فترة حبسه الاحتياطي إلى أكثر من 8 سنوات.[64]

 

رابعًا: حرية الإبداع

استمرت السلطات المصرية والجهات الفاعلة في المشهد الإبداعي في مصر خلال 2022، في التقييد على المبدعين والعمل الإبداعي، حيث سجلت المؤسسة ما لا يقل عن 30 انتهاكًا ضد حرية الإبداع. وتصدرت نقابة المهن الموسيقية قائمة الجهات التي استهدفت المبدعين خلال 2021 بفضل استمرارها في استهداف مطربي المهرجانات، والراب، بواقع 9 انتهاكات. وتصمم نقابة المهن الموسيقية على فرض حدود معينة على نوع الكلمات التي يغنيها مطربو المهرجانات والراب بحيث تكون “مناسبة” ولا تحمل ألفاظًا “غير لائقة”، كما ألزمتهم النقابة بعدم الغناء بواسطة “فلاشة” وضرورة تواجد ما لا يقل عن 6 عازفين خلال أية حفلة، وهو ما يختلف مع أنواع الموسيقى التي يقدمونها، ويعد تدخلًا في شكل العمل الفني المقدم. وبالرغم من وجود نقيب للمهن الموسيقية جديد فإن النقيب الجديد يمشي على خطى النقيب السابق في استهداف مطربي المهرجانات والراب.

ولم تكن النقابات الفنية هي الفاعل الأبرز في الانتهاكات ضد المبدعين، فقد برزت الأجهزة الأمنية خلال عام 2022 في انتهاكات لحرية الإبداع عبر طرق مختلفة، منها: القبض على مبدعين ومنع مبدعين غير مصريين من دخول مصر، ومداهمة مقرات دور نشر على خلفية ندوات تقيمها.

 

 

 

في هذا القسم سنحاول إلقاء الضوء على أهم الانتهاكات التي يتعرض لها المبدعون وتأثيرات ذلك في حرية الإبداع.

 

أبرز أنماط الانتهاكات:

التوسع في الانتهاكات الأمنية ضد المبدعين:

تستهدف السلطات الأمنية المبدعين بمختلف أنواعهم لأسباب تتعلق بنشر أعمال فنية تنتقد سياسات حكومية، أغلبها في المحور الاقتصادي في محاولة منها لمنع أي تعبير عن سخط مباشر أو غير مباشر من سياسات الحكومة وهو ما يبرز في استهدافها مبدعين هواة ينشرون فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة تطبيق تيك توك، حيث استهدفت الأجهزة الأمنية في 31 مارس 2022 ثلاثة من المعروفين بـ”ظرفاء الغلابة”: عطية محمد عبدالعزيز رشوان، عنتر فهمي رشوان محمد، حمادة محمود سيد عيد، على خلفية نشرهم فيديو ساخرًا يعيدون فيه تمثيل وأداء أغنية قدمها الفنان أكرم حسني من قبل في برنامجه الساخر “أسعد الله مساؤكم” يتناول فيها قضية غلاء الأسعار بشكل ساخر، حيث تم استدعاؤهم إلى قسم شرطة منفلوط.

 

لم يعرض ظرفاء الغلابة على أية جهة تحقيق حتى تم عرضهم في 18 و19 إبريل 2022 على نيابة أمن الدولة العليا متهمين على ذمة التحقيقات في القضية رقم 440 لسنة 2022 حصر أمن دولة. وجهت إلى المتهمين اتهامات بالانضمام إلى جماعة إرهابية أسست على خلاف أحكام الدستور والقانون، ونشر أخبار كاذبة. في 7 مايو 2022 قررت نيابة أمن الدولة العليا إخلاء سبيل ظرفاء الغلابة.

 

وفي سياق آخر رصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير في 10 سبتمبر 2022 القبض على الفنان التشكيلي أمير عبدالغني[65] من منزله بوسط البلد واقتياده إلى مكان مجهول. ظل أمير قيد الاختفاء القسري حتى ظهر في نيابة أمن الدولة العليا يوم 19 سبتمبر، حيث أمرت نيابة أمن دولة بحبسه 15 يومًا على ذمة التحقيقات في القضية رقم 1635 لسنة 2022 حصر نيابة أمن الدولة العليا. واجهت نيابة أمن الدولة العليا عبدالغني باتهامات من بينها: الانضمام إلى جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ونشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة. واجهت النيابة عبدالغني بتسعة منشورات على أحد الحسابات على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك تعود إلى 2015 عن غلاء الأسعار عامَّةً والبنزين بشكل خاص ومنشورات أخرى تعود إلى 2018 و2020.

 

في حين ألقت قوة من الشرطة القبض على المخرج حسني صالح، لاتهامه بنشر أخبار كاذبة على خلفية تدوين على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك يستغيث من هجوم مسلحين مجهولين على فريق عمل مسلسل “حلم الأسمرات” أثناء التصوير وسرقة بعض معدات التصوير.

 

 

وفي الأول من أغسطس 2022 منعت السلطات المصرية المغنية الفلسطينية ناي البرغوثي، من دخول مصر بعد انتظار 8 ساعات في مطار القاهرة دون إبداء أية أسباب. كما أجلت دار الأوبرا المصرية حفلين للبرغوثي إلى أجل غير مسمى.

 

 

وفي سياق مختلف داهمت[66] قوة من قسم شرطة عابدين ومباحث المصنفات الفنية مقر شركة المرايا للثقافة والفنون بوسط البلد، في سبتمبر 2022.. قضت قوة الشرطة في عملية تفتيش المقر ما يقارب السبع ساعات، تم فحص خلالها تراخيص الشركة والعقود بين المؤلفين والشركة، كما فحصوا عددًا من أجهزة الكمبيوتر. بعد الانتهاء من عملية التفتيش تحفظت القوة على عشرة كتب وجهاز الكمبيوتر الخاص بأحد العاملين في الشركة واقتادت مدير الشركة يحيى فكري، إلى قسم عابدين، الذي مكث فيه حتى عرضه على نيابة عابدين صباح اليوم التالي.

 

تم عرض يحيى فكري على نيابة عابدين، ووجهت النيابة إلى يحيى، عدة اتهامات من بينها: اختلاف عناوين بعض الكتب المنشورة عن العقود الموقعة مع مؤلفي تلك الكتب، إصدار مجلة “مرايا” دون ترخيص من الهيئة الوطنية للإعلام (مع العلم أن المجلة كانت تصدر برقم إيداعٍ ككتابٍ وجارٍ العمل على ترخيص المجلة بالفعل وعلى وشك الانتهاء من الترخيص)، وجود بعض الكتب من غير مطبوعات الدار محملة على أحد أجهزة الكمبيوتر المحمول الخاصة بالدار في صيغة PDF، فى المحضر رقم 5426 إداري عابدين. أخلت النيابة سبيله بضمان محل إقامته قبل أن يطلق سراحه مساء نفس اليوم.

 

ويرجح أن استهداف الشركة أمنيًّا كان بسبب ندوة نقاشية نظمتها الشركة في مبنى القنصلية الفرنسية لمناقشة كتاب “شبح الربيع” للكاتب والناشط السياسي علاء عبد الفتاح، المضرب عن الطعام منذ ما يزيد على 200 يوم.

 

 

ومع استمرار استهداف الإبداع  ومطاردة الخيال تم استدعاء الشاعرة أمينة عبدالله، والتحقيق معها على خلفية نص أدبي، حيث قامت نيابة الدرب الأحمر بمحكمة جنوب القاهرة  في 16 أكتوبر 2022 بالتحقيق مع الشاعرة أمينة عبدالله،  كاتبة ديوان “بنات الألم” بعدما تقدم أحد المحامين ببلاغ إلى النيابة العامة يتهم الشاعرة بازدراء الأديان وسب الذات الإلهية في عبارات يحملها الديوان المنشور منذ ٢٠١٩ وقد وجهت إليها النيابة تهمة ازدراء الدين الإسلامي وسب الذات الإلهية وتقرر عرضها على النيابة  لاستكمال التحقيقات معها لورود تحريات الأمن الوطني، ومن ثم صدر قرار عن نيابة حوادث جنوب القاهرة بإخلاء سبيلها بكفالة مالية 5 آلاف جنيه في التحقيق  رقم 80 لسنة ٢٠٢٢ إداري الدرب الأحمر، ٣٧ لسنة ٢٠٢٢ حصر تحقيق.

 

 

النقابات الفنية تحاصر الإبداع:

رصدت المؤسسة ارتفاعًا ملحوظًا في انتهاكات النقابات الفنية ضد المبدعين وتحديدًا الموسيقيين، وذلك بواقع 9 انتهاكات، وانتهاك واحد لنقابة المهن السينمائية، وذلك من بين 31 انتهاكًا رصدتها المؤسسة خلال العام ضد حرية الإبداع. بدأت بوقف مغني المهرجانات، عمر كمال، وإحالته إلى التحقيق في 15 فبراير الماضي بسبب ما بدر من المطرب عبر وسائل التواصل الإعلامي حسب القرار. كان كمال قد ذكر خلال بث مباشر عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك ردًّا على تعليق أحد المتابعين والذي قال فيه: “هاني شاكر هيمرجحك” ليجيب بـ”مفيش حد يقدر يمرجحني يا قلبي، مفيش حد بيعرف يمرجحني، أنا بشتغل وفرقتي في كل حتة جوه وبره وفوق وتحت، يمرجحك إنت يا كوكو”. لتصدر النقابة بعدها مباشرة بيانًا رفضت فيه “أي تجاوز أو تطاول على رمز فني وقيمة أثْرَت على مدى تاريخها الأغنية المصرية وعاصرت عظماء وظلت رمزًا للعطاء والتفاني مثل الفنان هاني شاكر نقيب المهن الموسيقية وترفض النيل والتلفظ على شخصه من أي طامح أو حالم بالنيل منه حيث تاريخه ممتد ومثمر في الحفاظ على أصالة وريادة الأغنية المصرية”.

كما أضاف البيان رفض وإدانة النقابة “ظهور أي مطرب مصري على وسائل السوشيال ميديا ظهورًا غير لائق حديثًا وحركةً، والتلفظ بكلمات لها دلالات موحية وغير أخلاقية تحط من قيمة وقدر الفنان المصري” في انحراف واضح لدور النقابة المعني بحماية حقوق العاملين بالمهنة وليس فرض أية وصاية أخلاقية وطريقة للتحدث والتفاعل لأعضائها على مواقع التواصل الاجتماعي. كما تشير الواقعةإلى ما يبدو اتخاذ النقابة ونقيبها مسارات غير مهنية تنم عن عداء واضح وشخصي لهذا النوع من الموسيقى ومقدميها.

 

وفي نفس السياق رصدت المؤسسة أيضًا إعلان إدارة مسرح الزمالك تراجعها عن إقامة حفلٍ لمطرب المهرجانات “مسلم” والذي كان مقررًا له الجمعة 11 مارس، بعد تصريحات وكيل نقابة المهن الموسيقية بعد الإعلان عن الحفل، التي قال فيها إنه سيُجرى اتخاذ عدد من الإجراءات، منها: إبلاغ إدارة المسرح، ثم إخطار الشرطة وتحرير محضر رسمي بالمخالفة، بالإضافة إلى احتمالية إصدار النقابة قرارًا بمنع أعضائها من التعامل مع المكان.

وقالت إدارة المسرح إنه فور طرح بوستر الحفل تم التواصل مع نقابة المهن الموسيقية، الذين طلبوا إلغاء الحفل لعدم توفيق مسلم لأوضاعه في النقابة.

 

تغيير النقيب لم يوقف الاستهداف

 

وعلى الرغم من تولي مصطفى كامل دوره كنقيب للمهن الموسيقية[67] خلفًا لـ هاني شاكر، فإن سياسة استهداف مطربي الراب ومغني المهرجانات لم تتوقف، حيث أصدر كامل عدة قرارات بعد تسلمه موقعه، ما يفيد باستمرار نفس النهج السابق في التعسف ووضع قيود على مطربي المهرجانات، حيث شمل القرار إلزام مطربي الراب بوجود ستة عازفين كحد أدنى خلال أي حفل. وألزم كامل مطربي المهرجانات والراب بأن تكون كلمات أغانيهم “مناسبة خالية من أي ايحاءات غير لائقة”.

وواجه كامل الاعتراض على تلك القرارات بالاستدعاء للتحقيق والإيقاف حيث أوقف مطربي الراب مروان بابلو وعفروتو، بعد اعتراضهم على هذا النوع من الوصاية.

ولا يبدو أن تغير رأس النقابة سيكون له تأثير في سياساتها تجاه أنواع الفن المعاصر وهو ما يزيد أوضاع الإبداع سوءًا بعد شبه سيطرة حكومية على مقاليد الصناعة.

 

 

معرض الكتاب، منعُ دارٍ على الأقل من المشاركة وإنهاء تواجد أخرى

أقيم معرض القاهرة الدولي للكتاب في نسخته الـ53، في 26 يناير 2022. ويعد المعرض موسمًا لدور النشر والمكتبات حيث تكثف من إنتاجها الثقافي استغلالًا لحالة الرواج التي يخلقها المعرض، إلا أن مؤسسة حرية الفكر والتعبير قد رصدت منع الهيئة العامة للكتاب: دار عصير الكتب، من المشاركة في المعرض، بينما أنهت تواجد مركز نهر النيل للنشر بعد ستة أيام من انطلاق المعرض، دون إبداء أية أسباب. وأبلغت إدارة المعرض دار النشر “عصير الكتب” رفضها المشاركة في تلك النسخة من المعرض دون أن يسبَّب قرارُ الحرمان من المشاركة بأية أسباب.

يأتي هذا القرار بعد حملة صحفية اتهمت الدار بنشر عدد من الكتب والمطبوعات لعدد من الكتاب المرتبطين بالتوجه الإسلامي، بالرغم من تقديم الدار عدة توضيحات إلى هيئة الكتاب حول هذا الأمر وفقًا لتصريحات مسؤولي الدار لموقع القاهرة 24[68]. والذين أضافوا أن الدار راجعت خلال الفترة الماضية جميع المطبوعات التراثية الدينية التي أصدرتها للتأكد من خلوها من أية توجهات أو أفكار تدعم ما أسمته بـ”التطرف الديني” وحذفت عددًا كبيرًا من تلك الكتب من منصتها الإلكترونية. كانت الدار قد أصدرت بيانًا في 25 نوفمبر الماضي طالبت فيه وزارة الداخلية والجهات المسؤولة بالتحقيق في الاتهامات التي وجهت إليها خلال الفترة الماضية. بينما أضاف البيان الذي نشره مدير الدار، محمد شوقي، على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك[69]، أن عصير الكتب دار نشر مصرية والقائمين عليها ولاؤهم الأول والأخير لمصر ومشروعها الوطني وأن الدار ملتزمة بالخط الوطني المصري واحترام فلسفة الدولة المصرية.

وحول أسباب منع الدار من المشاركة في المعرض، قال رئيس اتحاد الناشرين المصريين، سعيد عبده، في تصريحات لموقع رصيف 22[70]، إن دار الكتب لم تشارك في الدورة الحالية لمعرض القاهرة الدولي للكتاب بناءً على الاتهامات التي وجهتها الدار وصاحبها عبر فيسبوك إلى الهيئة العامة للكتاب والقائمين عليها، والتي ترتب عليها إحالة الدار إلى اللجنة التأديبية في الاتحاد.

وفي نفس السياق وبعد ستة أيام من انطلاق المعرض أصدر مركز نهر النيل للنشر بيانًا عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” أعلن فيه إنهاء تواجد المركز بمعرض الكتاب للعام الحالي 2022 بناءً على قرار شفهي تم إبلاغهم به من قِبَل إدارة المعرض. وأضاف البيان، أن إدارة المعرض لم تقم بتسليم المركز أية مذكرات رسمية تقدم تبريرًا للقرار، كما لم يطلب توقيع المركز على أية أوراق أو محاضر ولم يتواصل مع المركز أي مسؤول من إدارة المعرض، كما فشلت جميع المحاولات لفهم واستجلاء هذا القرار وفقًا للبيان.

 

 

 القضاء الإداري يؤيد قرار شطب المهن التمثيلية لخالد أبو النجا وعمرو واكد

في 5 يناير 2022 أصدرت الدائرة الثانية بمحكمة القضاء الإداري قرارًا برفض الطعن المقدم من الفنان خالد  أبو النجا والفنان عمرو واكد  على قرار  نقابة المهن التمثيلية إنهاء عضويتهم بالنقابة[71].

كانت نقابة المهن التمثيلية قد أصدرت بيانًا[72] في 27 مارس 2019 أعلنت فيه إلغاء عضوية الفنانين الاثنين على خلفية مواقفهم المناهضة للنظام الحالي والتي كان آخرها قبيل صدور القرار، حضورهم جلسة استماع بمجلس الشيوخ الأمريكي، والتي تناولت أوضاع حقوق الإنسان في مصر. واتهم بيان النقابة آنذاك الفنانين بالخيانة العظمى للمواطن والشعب المصري والاستقواء بالخارج ضد الإرادة الشعبية ودعم أجندة المتآمرين ضد أمن واستقرار مصر حسب وصف البيان.

وجاء هذا القرار دون إجراء أية تحقيقات داخلية قبلها بما يخالف القانون رقم 35 لسنة 1978 بشأن إنشاء النقابات واتحاد نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية، والذي يُلزم الجهات الإدارية كافة باتخاذ إجراءات التحقيق اللازمة قبل توقيع أي جزاء على أي عضو بها.

وألزمت المادة 63 و64 من نفس القانون، الجهة الإدارية بتشكيل لجنة لتولي التحقيق قبل إصدار أي جزاء ضد عضو النقابة، كما ألزمت نفس المواد بتشكيل مجلس تأديب يتكون من 5 أعضاء، ويكون من حق الفنان اختيار واحدًا من الأعضاء داخل اللجنة، كذلك يشترط القانون إعلام العضو بموعد التحقيق ويقر أحقيته في إحضار محامٍ وشهود، مع ضمانة حق الاستئناف على قرارات اللجنة أمام مجلس تأديب استئنافي بأعضاء أكثر خبرة وهو ما لم يتم العمل به.

بالإضافة إلى ذلك فقد جاءت قرارت إنهاء العضوية بالمخالفة للمادة 12 من نفس القانون، حيث حددت حالات إلغاء عضوية الأفراد التي لم يكن من بينها أيٌّ من الوقائع محل القرار. بالإضافة إلى ذلك كانت الاتهامات الجسيمة التي أوردها القرار ضد الفنانين كالخيانة العظمى والاستقواء بالخارج ضد الإرادة الشعبية بسبب رأي الفنانين السياسي المخالف لرأي القائمين على إدارة النقابة.

 

المجلس الأعلى للإعلام يفرض وصايته على المحتوى الإبداعي

يستمر المجلس الأعلى للإعلام في فرض وصايته على الإبداع حيث رصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير إصداره قرارين يوقف من خلالهم عرض إعلان لشركة دايس للمنتجات القطنية على القنوات المصرية في 3 إبريل 2022. وقال بيان المجلس[73] إن وقف الإعلان جاء نتيجة مخالفته عددًا من المعايير التي حددها المجلس للإعلانات والبرامج ضمن الأكواد، وتحديدًا مخالفة كود الأعمال الدرامية والإعلانية خاصة بند رقم (4) الذي ينص على عدم اللجوء إلى الألفاظ البذيئة وفحش القول والحوارات المتدنية والسوقية والمادة (16) من لائحة الجزاءات التي تنص على أن استخدام ألفاظ تؤذي مشاعر الجمهور مخالَفة تقتضي توقيع الجزاء على المخالف.

بالإضافة إلى استياء الجمهور وخاصة نقابة الأطباء وذلك لما تضمنه الإعلان من محتوًى يتعارض مع آداب وأخلاقيات المجتمع المصري، كما يتعارض مع الآداب العامة والذوق العام، وفقًا لنص الإعلان.

كانت نقابة الأطباء قد قدمت شكوى إلى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام تطالب فيها بوقف إعلان نتيجة ظهور الطاقم الطبي والمواطن المصري بشكل لا يليق. ويتضمن الإعلان مشهدًا تمثيليًّا لأحد المواطنين يطلب الكشف الطبي، ويقوم الطبيب والممرضة بالسخرية من ملابسه الداخلية الممزقة، قبل أن ينتهي الإعلان بالدعاية لماركة الملابس الداخلية الخاصة بالشركة، وهو الأمر الذي يقع في إطار حرية الإبداع.

وعلى جانب آخر أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في 2 إبريل 2022  قرارًا بوقف عرض الحلقة الأولى من مسلسل دنيا تانية[74] لعدم حصوله على تصريح من جهاز الرقابة على المصنفات الفنية. ويأتي القرار على خلفية شكوى قدمها رئيس جهاز الرقابة على المصنفات الفنية خالد عبدالجليل، الذي أكد في شكواه وفقًا لبيان المجلس على أن الحلقة الأولى من المسلسل تم فرض الرقابة عليها ولكن قناة النهار تحايلت وبثت الحلقة متضمنة المشاهد المحذوفة.

وأكد المجلس وفق بيانه على التنبيه على جميع القنوات الحاصلة على حق العرض، بعدم إذاعة أي مصنف غير حاصل على ترخيص بالعرض، بالإضافة إلى أنه لن يتوانى في تطبيق المعايير التي يتضمنها الكود الإعلامي المعلن عنه، وأنه سيطبق النصوص الواردة في قانونه حال المخالفة. وتتضمن المشاهد والتي كانت سببًا في وقف الحلقة اكتشاف بطلة المسلسل خيانة زوجها مع أختها.

وفي سياق مختلف في 7 سبتمبر 2022 قرر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إصدار قواعد تنظيمية لعمل منصات المحتوى الإلكترونية، مثل: Netflix و shahid.

وتشمل القواعد التنظيمية[75] التزام المنصات المشار إليها بالأعراف والقيم المجتمعية للدولة، والقيام بالإجراءات اللازمة حال بث مواد تتعارض مع قيم المجتمع، ومن الجدير بالذكر أن أعداد المشاركين في مصر شهدت زيادات كبيرة وغير مسبوقة.

 

 

خامسًا: حرية التظاهر والتجمع السلمي

للمرة الثالثة على التوالي يدعو المقاول المصري محمد علي، وعدد من الشخصيات السياسية المحسوبة على التيار الإسلامي، إلى التظاهر ضد سياسات الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، وهي الدعوة التي لم تلقَ أية استجابة بعكس الدعوتين السابقتين، فلم نرصد خروج أية احتجاجات في أي منطقة. صاحبت دعوات التظاهر تلك انتشار أمني كثيف في أغلب الشوارع والميادين الرئيسية في القاهرة وعدد من المحافظات مع انتشار توقيف المواطنين والتفتيش في هواتفهم المحمولة وحساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي والقبض عليهم في حالة العثور على أي تدوينات أو صور تشير إلى معارضة نظام الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي أو سياساته وهي نمط الانتهاك الذي بدأ في الظهور لأول مرة مع الدعوة الأولى التي أطلقها المقاول محمد علي، للتظاهر ضد الرئيس في 20 سبتمبر 2019، وما لبثت حتى أصبحت نمطًا اعتياديًّا يصاحب أي دعوات إلى التظاهر، أو في ذكرى الأحداث الكبرى كذكرى ثورة الخامس والعشرين من يناير.

وبالرغم من عزوف المواطنين عن المشاركة في تلك الاحتجاجات فإن مؤسسة حرية الفكر والتعبير سجلت ما لا يقل عن 624 حالة قبض جاء أغلبها بشكل عشوائي من الشوارع التي ينتشر فيها قوات الأمن، وبدأ استهداف المواطنين على خلفية تلك الدعوات بداية من النصف الثاني من شهر أكتوبر 2022 واستمر ظهور المقبوض عليهم أمام نيابات أمن الدولة حتى نهاية العام. بينما انتشرت حالات القبض في محافظات: القاهرة، الجيزة، الإسكندرية، القليوبية.

واجهت نيابة أمن الدولة العليا المقبوض عليهم باتهامات، من بينها: الانضمام إلى جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، ونشر أخبار كاذبة، والاشتراك في جريمة من جرائم الإرهاب، وأخيرًا استخدام حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي بغرض نشر أخبار كاذبة، في التحقيقات في القضايا: 1893 لسنة 2022، 1691 لسنة 2022، 1977 لسنة 2022، و2070 لسنة 2022 حصر نيابة أمن الدولة العليا.

ولم توضح نيابة أمن الدولة اسم الجماعة الإرهابية المذكورة في الاتهامات، ولم تحدد الأخبار الكاذبة التي تم نشرها. ولم تقدم النيابة أي دليل على صحة الاتهامات محل التحقيق، لكنها اعتمدت فقط على تحريات الأمن الوطني، وهو ما يشير إلى تواطؤ نيابة أمن الدولة مع الأجهزة الأمنية بغرض حبس المقبوض عليهم لتعبيرهم عن آرائهم.

وتقيد مصر حق المواطنين في التظاهر والتجمع السلمي، عن طريق القانون رقم 107 لسنة 2013 والمعروف باسم “قانون التظاهر” والذي أقره الرئيس السابق عدلي منصور في نوفمبر من عام 2013، وسط اعتراضات حزبية وحقوقية ترى أن القانون كبَّل بشكل تام حق المواطنين في التظاهر والتجمع السلمي بشكل فعلي، إذ استخدمت السلطات المصرية -وفقًا للقانون- القوة في فض أي تظاهرات أو  تجمعات للمواطنين منذ وقتها وإلى الآن. كما سمح لها القانون بملاحقة الداعين إلى التظاهرات والمشاركين فيها وأقر سلب المواطنين حقهم في التظاهر والتجمع السلمي. وزيادة في التأكيد على أن القانون هو مجرد وعاء تشريعي الهدف منه تقنين الاعتداء على الحق وليس تنظيمه، فقد رفضت الأجهزة الأمنية في أوقات سابقة طلبات للتظاهر من أحزاب سياسية تقدمت لتسيير تظاهرات وفقًا للقانون رغم اعتراضها عليه.

 

 

 

خاتمة وتوصيات:

 

بعد  مرور ما يقرب من عام على دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي القوى السياسية والمجتمعية إلى الحوار بهدف إجراء إصلاحات سياسية وقانونية، ترى مؤسسة حرية الفكر والتعبير، أن تلك الدعوة فرغت من مضمونها بعدم اتخاذ خطوات جدية سواء على مستوى إقرار سياسات تهدف إلى إنهاء ملف المحبوسين على خلفية سياسية أو المضي قدمًا في إقرار سياسات تعمل على فتح المجال العام وإتاحة الحق في التعبير لكل المواطنين مهما كانت آراؤهم، أو على مستوى عدم التوقف عن استهداف المواطنين على خلفية تعبيرهم عن آرائهم.

 

وتؤكد المؤسسة على أن كل التحركات من قبل السلطات المصرية خلال عامي 2021 و2022 ليست كافية لإبراز جدية السلطة الحالية في الحوار من أجل إصلاحات سياسية حقيقية تساهم في معالجة الوضع الحقوقي والسياسي المتردي الذي وصلت إليه مصر، كما ترى حرية الفكر والتعبير أنه لا معنى لأية حوارات تدعو إليها السلطة السياسية في نفس الوقت الذي لا تنعكس تلك الدعوة على الممارسات الحقيقية لأجهزتها المختلفة على الأرض.

 وبناء على هذا:

  • ندعو لجنة العفو المشكَّلة من قبل رئيس الجمهورية إلى إعلان المعايير التي من خلالها تقوم بعملها.
  • يجب على الأجهزة الأمنية التوقف عن استهداف المواطنين على خلفية تعبيرهم عن آرائهم أيًّا كانت صورها.
  • ندعو رئيس الجمهورية إلى العفو عن جميع من صدرت عليهم أحكام من قبل محكمة أمن الدولة العليا طوارئ على خلفية تعبيرهم عن آرائهم.
  • يجب على السلطات المصرية التوقف عن حجب المواقع الصحفية ومنع القيود التي تُكبِّل المواقع المستقلة.
  • ندعو النائب العام إلى الأمر فورًا بإخلاء سبيل جميع المحبوسين احتياطيًّا على ذمة قضايا الرأي والتوقف عن استهدافهم قضائيًّا.
  • إلغاء الأحكام القضائية ضد صانعات المحتوى والتوقف عن ملاحقة مستخدمي تطبيقات التواصل الاجتماعي لأسباب سياسية أو أخلاقية.
  • إلغاء قرارات نقابة المهن الموسيقية بوقف عدد من مطربي المهرجانات عن الغناء.
  • رفع الحجب عن المواقع الإلكترونية والتي وصل عددها إلى 559 موقعًا ورابطًا من بينها 130 موقعًا إخباريًّا على الأقل جرى حجبها بداية من مايو 2017 وإلى الآن.

للاطلاع على التقرير بصيغة PDF

[1] أكثر من 30 دولة تدين انتهاك الحريات في مصر أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. موقع فرانس-24 بالعربية، نشر في 12 مارس 2021. آخر زيارة: 10 فبراير 2022، //bit.ly/3aaw Itm.

[2] "قانون رقم 175 لسنة 2018 لمكافحة جرائم تقنية المعلومات"، الجريدة الرسمية، العدد 32 مكررًا، 14 أغسطس 2018، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط:  https://www.cc.gov.eg/legislation_single?id=386006

[3] "قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 180 لسنة 2018"، الجريدة الرسمية، العدد 34 مكررًا، 27 أغسطس 2018، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط:

https://manshurat.org/node/31481  

[4] "تعديل بعض أحكام قانون الفصل بغير الطريق التأديبي وقانون الخدمة المدنية بالقانون رقم 135 لسنة 2021"، الجريدة الرسمية، العدد 29 مكررًا، 28 يوليو 2021، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط:

 https://manshurat.org/node/73132

[5] رامي حسين، "رقم واتسآب لاستقبال فيديوهات الإساءة للسائحين"، الدستور، 25 مايو 2022، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط:

 https://www.dostor.org/4093126

[6] "التقرير السنوي لحالة التعبير في مصر 2021"، مؤسسة حرية  الفكر والتعبير، 22 فبراير 2022، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط:

https://afteegypt.org/research/monitoring-reports/2022/02/22/29120-afteegypt.html

[7] "جدل عالمي: آليات وضوابط مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي"، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 23 فبراير 2017، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط:

https://futureuae.com/ar/Mainpage/Item/2515

[8] أماني المهدي، "المجال العام من الواقع الفعلي إلى العالم الافتراضي: معايير التشكل والمعوقات"، المركز الديمقراطي العربي، مارس 2018، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط:https://democraticac.de/?p=53184#_ftn15 




[9] "قانون تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية رقم 107 لسنة 2013"، الجريدة الرسمية، العدد 47 مكررًا، 24 نوفمبر 2013، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط:

https://manshurat.org/node/6547




[10] "تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية واختصاص القضاء العسكرى بالجرائم التي تقع عليها"، الجريدة الرسمية، العدد 43 مكررًا، 27 أكتوبر 2014، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط:

https://manshurat.org/node/6563

[11]فاطمة السروجي، "كل ما يجب أن تعرفه عن ضوابط التصوير الشخصي في الأماكن العامة"، الأهرام، 8 أغسطس 2022، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط:

 https://gate.ahram.org.eg/News/3632582.aspx

[12] علاء عمران، "القبض على باتمان حلوان.. ضبط 4 متهمين بإطلاق دعوة معركة 13 أغسطس"، مصراوي، 6 يوليو 2022، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط: https://bit.ly/3wQG1JS

[13] "حبس مواطنين على خلفية نشرهم فيديوهات على تيك توك"، الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، يوليو 2022، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط:https://bit.ly/3Yj7rno

[14] وحدة المساعدة القانونية، مؤسسة حرية الفكر والتعبير.

[15] "عزلة مستمرة.. التقرير السنوي عن حالة حرية التعبير في مصر 2020"، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، فبراير 2021، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط:

https://afteegypt.org/research/monitoring-reports/2021/02/24/21038-afteegypt.html

[16] "محلك سر.. التقرير ربع السنوي الثالث عن حالة حرية التعبير في مصر"، مرجع سابق.

[17] وحدة المساعدة القانونية.

[18] "حبس مواطن بسبب نشره فيديو لأمين شرطة يعتدي على مواطن"، صفحة المفوضية المصرية لحقوق الإنسان على الفيسبوك"، 30 أكتوبر 2022، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط: https://bit.ly/3HsoiO3

[19] الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، يوليو 2022، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط: https://bit.ly/3HNomJx

[20] الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، أكتوبر 2022، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط:https://bit.ly/3X2JnEd

[21] وحدة المساعدة القانونية:

"القبض على آية كمال للمرة الثالثة"، الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، يوليو 2022، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط: https://bit.ly/3jraX0m

[22] "بيان مشترك: حبس شريف الروبي للمرة الرابعة"، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، 20 سبتمبر 2022، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط:https://afteegypt.org/advocacy/2022/09/20/32287-afteegypt.html

[23] "بسبب تهكمه على مسلسل الاختيار: حبس المحامي نبيل أبو شيخة"، الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، إبريل 2022، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط:https://bit.ly/3HvIP46

[24] "محكمة الجنايات تجدد حبس أحمد موسى عبد الخالق"، وحدة المساعدة القانونية، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، سبتمبر 2022، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط:

https://afteegypt.org/legal-updates-2/legal-news/2022/06/05/30941-afteegypt.html

[25] "لنشره مقاطع مصورة عن سد النهضة: محمكة الجنايات تجدد حبس الحسيني فرغلي"، وحدة المساعدة القانونية، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، يونيو 2022، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط:

https://afteegypt.org/legal-updates-2/legal-news/2022/06/13/30863-afteegypt.html

[26] مصطفى عطية، "بعد ضبط الأطفال: القبض على مصور وناشر فيديو التعرض للسائحات بالهرم"، الشروق، 7 مايو 2022، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط: https://bit.ly/3DA7Bij

[27] "لكتابته على تويتر: حبس هيثم البنا"، الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، فبراير 2022، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط: https://bit.ly/3Jw96ly

[28] شيماء عمار، "إخلاء سبيل الناشط السياسي هيثم البنا بقرار من النيابة العامة"، بوابة الشروق، 24 إبريل 2022، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط: https://bit.ly/3HOkacw

[29] الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، فبراير 2022، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط:https://bit.ly/3JwfCIT

[30] "نيابة أمن الدولة تجدد حبس جابر محمود بدوي"، وحدة المساعدة القانونية، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، 16 نوفمبر 2022، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط: https://afteegypt.org/legal-updates-2/2022/11/16/32764-afteegypt.html

[31] "إطلاق سراح هشام المصري"، قناة الفكر الحر على اليوتيوب، 3 ديسمبر 2022، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=6CehPDpbVGo

رسالة هشام المصري الأخيرة 

https://www.facebook.com/watch/live/?ref=watch_permalink&v=1299389750820840

"هشام المصري: هل أوعز الأزهر باعتقال ناشط ملحد عقب مناظرة مع داعية شهير؟"، رصيف 22، 16 نوفمبر 2022، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط:https://bit.ly/3XXBv8u




[32] "حجب 12 موقعًا للإساءة وامتهان الأديان"، صفحة المجلس الأعلى للإعلام على الفيسبوك، 19 إبريل 2022، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط:

https://www.facebook.com/scmediaeg/posts/292084659753953

[33] "الدعوة للحوار لا توقف آلة القمع"، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، 11 أغسطس 2022، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط:

 https://afteegypt.org/research/2022/08/11/31910-afteegypt.html

سارة نعمة الله، "الأعلى للإعلام يغلق حسابات محمود المهدي زوج منة عرفة لهذا السبب"، الأهرام، 4 مايو 2022، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط:

https://gate.ahram.org.eg/News/3504081.aspx

[34] شهادة من محاميها عبر الإنترنت.

[35] وحدة المساعدة القانونية، مؤسسة حرية الفكر والتعبير.

[36] شهادة من محاميه عبر الإنترنت.

[37] وحدة الرصد والتوثيق، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، "محلك سر" | التقرير ربع السنوي الثالث عن حالة حرية التعبير في مصر (١ يوليو - ٣٠ سبتمبر.. ٢٠٢٢) نشر في 15 نوفمبر2022، تاريخ آخر زيارة 25 يناير 2023، https://afteegypt.org/research/2022/11/15/32735-afteegypt.html







[38] شهادة من محاميه عبر الإنترنت.

[39] مؤسسة حرية الفكر والتعبير، 28 منظمة مجتمع مدني تدين استمرار حجب موقع المنصة وتدعو السلطات المصرية لرفع الحجب عن عشرات المواقع الإخبارية، نشر في 14 سبتمبر2022، تاريخ آخر زيارة 10 يناير 2023 https://afteegypt.org/advocacy/2022/08/02/31748-afteegypt.html




[40] موقع درج، حجب موقع "درج" في مصر من دون توضيح الأسباب، نشر في 23 نوفمبر 2022، تاريخ آخر زيارة 8 يناير 2023، https://daraj.media/100727/







[41] مؤسسة حرية الفكر والتعبير، 28 منظمة مجتمع مدني تدين استمرار حجب موقع المنصة وتدعو السلطات المصرية لرفع الحجب عن عشرات المواقع الإخبارية، نشر في 1 أغسطس 2022، تاريخ أخر زيارة 15 يناير 2023، متاح عبر الرابط https://afteegypt.org/advocacy/2022/08/02/31748-afteegypt.html







[42] سين وجيم حول حذف حوار السياسي أحمد الطنطاوي مع موقع المنصة من فيسبوك، بعد بلاغ من القناة الأولى المصرية، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، 7 يوليو 2022، تاريخ آخر زيارة 14 يناير 2023، https://afteegypt.org/advocacy/position-papers/2022/07/07/31342-afteegypt.html.

[43] شهادة من محاميها عبر الهاتف.

[44] السجن 15 عامًا لـ مذيع الجزيرة مباشر وإدراجه على قوائم الإرهاب، القاهرة 24، 25 مايو 2022، تاريخ آخر زيارة: 14 يناير 2023، https://www.cairo24.com/1588063.

[45] جيهان فادي، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، لدينا ما نخفيه! ورقة عن حظر النشر في القضايا المتهم فيها موظفون رسميون في مصر، نشر في 8 إبريل 2021، تاريخ آخر زيارة 8 يناير 2023، https://afteegypt.org/research/research-papers/2021/04/08/21462-afteegypt.html







[46] وحده الرصد والتوثيق، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، التقرير الربع سنوي الأول عن حالة حرية التعبير في مصر، نشر في 28 إبريل 2022، تاريخ آخر زيارة 13 يناير 2023، .https://afteegypt.org/research/monitoring-reports/2022/04/28/30272-afteegypt.html#_ftnref6




[47] صابر المحلاوي، مصراوي، حظر النشر في قضية مقتل الإعلامية شيماء جمال، نشر في 24 يونيو 2022، تاريخ آخر زيارة 25 يناير 2023، https://bit.ly/3iG5hzg




[48] وحده الرصد والتوثيق، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، التقرير الربع سنوي الأول عن حالة حرية التعبير في مصر، نشر في 28 إبريل 2022، تاريخ آخر زيارة 13 يناير 2023، .https://afteegypt.org/research/monitoring-reports/2022/04/28/30272-afteegypt.html#_ftnref6




[49] "قانون تنظيم الجامعات"، الجريدة الرسمية، العدد 46 مكررًا، 22 نوفمبر 2017، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط:

https://manshurat.org/node/22653

[50] محمود سعد، "إسدال الستار على الانتخابات الطلابية في الجامعات.. واكتساح لـ"من أجل مصر"، الأهرام، 8 ديسمبر 2022، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط:

 https://gate.ahram.org.eg/News/3871594.aspx

[51] حمود سعد، "إسدال الستار على الانتخابات الطلابية في الجامعات.. واكتساح لـ"من أجل مصر"، مرجع سابق.

" بالأسماء.. اعلان نتائج اتحاد الطلاب في عدة جامعات بمحافظات الجمهورية"، مصراوي، 8 ديسمبر 2022، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط:https://bit.ly/3JEX8G6

محمود زيدان، "هاجر أشرف رئيسًا.. طلاب من أجل مصر تحصد اتحاد جامعة كفر الشيخ"، صدى البلد، 8 ديسمبر 2022، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط:

https://www.elbalad.news/5559586

رفيق محمد ناصف، "بالأسماء تعرَّف على رؤساء الاتحادات الطلابية بعد إعلان نتائج الانتخابات"، الوطن، 9 ديسمبر 2022، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط:

https://www.elwatannews.com/news/details/6368823?t=push

[52] شهادة من الباحث أحمد سمير سنطاوي بتاريخ يوليو 2022.

[53] محلك سر.. التقرير ربع السنوي الثالث عن حالة حرية التعبير في مصر، مرجع سابق.

[54] محمود ناجي، "ازدراء الأديان ذريعة لقمع الحرية الأكاديمية"، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، ديسمبر 2020، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط:

 https://afteegypt.org/research/research-papers/2020/12/30/20594-afteegypt.html

[55] "المادة 40 من قانون تنظيم الجامعات"، الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية، 2006، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط: https://bit.ly/3WZNEsa

[56] "حلقة جديدة من اضطهاد الدكتور يحيى القزاز"، درب، 23 أكتوبر 2022، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط: https://bit.ly/40jcN3W




[57] "مجلس تأديب المعهد التكنولوجي يعاقب منار طنطاوي لمطالبتها برئاسة قسم الهندسة"، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط:

https://afteegypt.org/legal-updates-2/legal-news/2021/08/02/24279-afteegypt.html

[58] شهادة من أيمن منصور ندا لمؤسسة حرية الفكر والتعبير بتاريخ يونيو 2022.

[59] وحدة المساعدة القانونية بالمؤسسة.

[60] شهادة من أيمن منصور ندا لمؤسسة حرية الفكر والتعبير بتاريخ يونيو 2022.

[61] "جامعة بنها تقرر فصل أحد طلاب كلية الطب لمدة شهر"، صفحة تدوين على الفيسبوك، 18 أغسطس 2022، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط:https://bit.ly/3HlKM3b

[62] صافي رضوان "جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا تصدر قرارًا بفصل طالب بكلية الطب فصلًا نهائيًّا"، مرسال 24، 3 سبتمبر 2022، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط: https://bit.ly/3YiVAWF

[63] محمود حامد، "جامعتان تمنعان الشورت والفيزون والمكياج"، صفحة المنصة على الفيسبوك، 24 سبتمير 2022، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط:https://bit.ly/3wKHSA9

[64] "جنايات الزقازيق تجدد حبس عمر الحوت 45 يومًا"، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، 26 سبتمبر 2022، تاريخ الاطلاع 1 فبراير 2023، متاح على الرابط:https://afteegypt.org/legal-updates-2/legal-news/2020/07/05/19657-afteegypt.html

[65] وحده المساعدة القانونية بالمؤسسة.. https://afteegypt.org/creators-detained-ar/2022/12/07/32998-afteegypt.html




[66] مكتبة المرايا للثقافة والفنون، يحيى فكري أمام نيابة عابدين بسبب محضر "مصنفات فنية"، نشر في 27 سبتمبر2022، تاريخ آخر زيارة  23 يناير 2023، https://bit.ly/3R280jj




[67] سارة رمضان، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، بين الراب والمهرجانات.. معاداة الموسيقى المعاصرة في مصر، نشر في 30 يونيو 2022، تاريخ آخر زيارة 25 يناير 2023 https://afteegypt.org/research/research-papers/2022/06/30/31313-afteegypt.html







[68] محمود شومان، التفاصيل الكاملة لمنع عصير الكتب من معرض الكتاب.. ومفاوضات الـ 1%، موقع القاهرة 24، 1 يناير 2022، تاريخ آخر زيارة: 14 مارس 2023، https://bit.ly/3OpjLhK.

[69] بيان الدار المنشور على حساب مديرها على موقع فيسبوك، 25 نوفمبر 2021، تاريخ آخر زيارة: 15 مارس 2023 https://bit.ly/3McUCoL

[70] ياسمين محمد، إغلاق ومنع ومصادرة، معرض القاهرة للكتاب يردد أغنيته المعهودة، 1 فبراير 2022، تاريخ آخر زيارة: 15 مارس 2023، https://bit.ly/3rBMBSu.

[71] أحمد عبد الهادي وأحمد الجعفري، القضاء الإداري يؤيد شطب عمرو واكد وخالد أبو النجا من نقابة المهن التمثيلية، اليوم السابع، 5 يناير 2022، تاريخ آخر زيارة: 15مارس 2023، https://bit.ly/3Oooss6

[72] بيان - "المهن التمثيلية" تلغي عضويتي عمرو واكد وخالد أبو النجا للخيانة العظمى، موقع في الفن، 27 مارس 2019، تاريخ آخر زيارة: 15 مارس 2023، https://www.filfan.com/news/98720..

[73] الأعلى للإعلام يوقف عرض إعلان دايس، الصفحة الرسمية للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، فيسبوك، 3 إبريل 2022، تاريخ آخر زيارة: 20 فبراير 2023، https://bit.ly/3vAk3dX.

[74] الأعلى للإعلام حذف مشاهد زنا المحارم من مسلسل "دنيا تانية"، الصفحة الرسمية للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، 2 إبريل 2022، تاريخ آخر زيارة: 20 فبراير 2023، https://bit.ly/3buQbsB.

[75] حسام حربي، "الأعلى للإعلام": إلزام "Netflix" و"ديزني" بتراخيص وقواعد تنظيمية، مصراوي، 7 سبتمبر 2022، تاريخ آخر زيارة: 20 فبراير 2023، https://www.elwatannews.com/news/details/6286389.